التصنيفات
الصحة العامة

مشاكل وأضرار أدوية الحساسية مضادات الهستامين والعلاج البديل لردود الفعل التحسسية

كثيراً ما ابتلينا بالحساسية على مر التاريخ، حتى إن مخطوطات من مصر القديمة قد تحدثت عن هذا، وقد كان تطور الجهاز المناعي نقطة تحول في التطور الذي ساعد على ضمان بقائنا؛ لكن هذا التطور صاحبته بعض التعقيدات.

لقد أشير إلى أن الأنواع المختلفة من الحساسية تمثل “إخفاق” الجهاز المناعي، لكن الوضع ربما لا يكون بهذا الشكل؛ حيث يؤمن الكثيرون بأن ردود الفعل التحسسية تساعد أصلًا على القضاء على الطفيليات، التي كانت تعتبر مشكلة أكبر قبل أن نعيش في بيئات نظيفة، وكانت تهدد صحة الإنسان تهديدًا خطيرًا. ومن الممكن أن تكون أنواع الحساسية التي تسبب لنا المشكلات اليوم هي بقايا تطور ذلك النظام الدفاعي الطفيلي، ويتم توجيهها الآن بشكل غير مباشر ضد الأشياء غير الضارة الموجودة في البيئة، مثل حبوب اللقاح، أو غبار الطلع. وهناك نظرية بديلة تقول إن ردود الفعل التحسسية تطورت للمساعدة على تخليص الجسم من السموم أو حمايته منها، والدليل على ذلك هو حقيقة أن معظم أعراض الحساسية تساعد على طرد مسببات الالتهاب من الجسم، سواء أكان هذا عن طريق العطس، أو جريان الأنف، أو العيون الدامعة، أو الإسهال في حالة حساسيات الطعام.

وتؤثر حمى القش، أو حساسية الأنف، على نحو 8 % من البالغين في الولايات المتحدة، وهي السبب وراء أكثر من 11 مليون زيارة لعيادات الأطباء سنويًّا، ونحاول التأقلم مع مسببات الحساسية مثلما نتأقلم مع الكثير من الصعوبات الحياتية: عن طريق التجاهل؛ لكن لسوء الحظ إن حبوب اللقاح من الأعشاب والأشجار تطير إلينا بفعل الرياح؛ ومن ثم يصعب تجنبها.

كيف تعمل أدوية مضادات الهستامين؟

تطلق ردود الفعل التحسسية المواد الكيميائية المخزنة داخل خلية مناعية متخصصة تسمى الخلية البدينة، أو الصارية، وتشبه القنبلة الموقوتة؛ إذ إنها تنتظر مسبب الحساسية لتفجيره والفتك به، وبعد تفعيلها تنفتح لتطلق بسرعة مخزونها من المواد الكيميائية الفعالة، ومن بينها الهستامين، وبمجرد أن تصل مضادات الهستامين Antihistamines إلى مجرى الدم، فإنها ترتبط بمستقبلات خاصة في الأوردة الدموية، والعضلات الملساء وغيرها، مسببة أعراضًا تحسسية كالحكة، والاحمرار، والصداع، وجريان الأنف، وضيق التنفس العرضي، وصدور صوت أزيز عند التنفس.

وترتبط مضادات الهستامين بالمستقبلات نفسها، وتوقف هذه الأعراض؛ لكن هذا في حال وصولها إلى هناك أولًا. ولتحقيق الاستفادة القصوى، ينبغي استخدام مضادات الهستامين قبيل بداية رد الفعل؛ فبمجرد أن يبدأ رد الفعل، يظل تعاطي مضاد الهستامين فعالًا؛ لكنه لا يكون فعالًا بقدر تعاطي الجرعة الوقائية منه.

استخدامات شائعة لمضادات الهستامين

غالبًا ما تستخدم مضادات الهستامين لتخفيف أعراض الأنواع المختلفة من حساسية الأنف والعينين الموسمية أو المزمنة، ومن انسداد الأنف وجريانها، والحكة في العينين وكثرة الدموع بهما، التي تعتبر جميعًا السمة المميزة لهجوم الحساسية. ويستخدم بعض المرضى هذه الأدوية في محاولة لعلاج أعراض مشابهة تصيبهم عند مرضهم بنزلات البرد والإنفلونزا الشائعة، لكن فائدتها في هذه الحالات تكون طفيفة.

وعلى الرغم من ذلك، هناك دواعي استعمال شائعة أخرى لمضادات الهستامين، ويمكن القول إن استخدامها الأهم هو لعلاج صدمة الحساسية؛ وهي ردة الفعل التحسسية الأخطر، ويمكن لمرضى الأنواع الحادة من الحساسية تجاه الأطعمة المعينة، أو الحشرات، أو الأدوية أن يمروا بردة الفعل المهددة للحياة هذه، التي يميزها هبوط مفاجئ في ضغط الدم، وانسداد مجرى الهواء بالتزامن مع إيجاد صعوبة في التنفس، وفي هذه الحالة يكون العلاج ضروريًّا لإنقاذ المريض من الموت، وذلك باستخدام أدوية فعالة مثل إبينيفرين (أدرينالين) والكورتيكوستيرويدات، بالاقتران مع حقن السوائل وريديًّا بصورة مكثفة؛ إذ يمكن للجرعات الكبيرة من مضادات الهستامين التي تعطى عن طريق الوريد المساعدة أيضًا على تحجيم ردة الفعل التحسسية وإنقاذ حياة المريض.

من الممكن أن يكون سبب داء الشرى (الأرتكاريا) – الطفح الجلدي – هو التعرض لمحفز مؤجج (مثل نبات السماق السام)، أو تناول طعام معين، أو التوتر، أو يمكن أن يحدث دون سبب واضح، ويمكن للطفح الجلدي أن يظهر في جميع أنحاء الجسم، وعادة ما يكون مصحوبًا بحكة شديدة. وتوفر مضادات الهستامين درجة من الراحة من الحكة المستمرة، بينما في الوقت نفسه تسهل الحصول على القسط الكافي من النوم الذي يحتاج إليه المريض.

إن ما يدعم استخدام مضادات الهستامين هو الدعاية أكثر من البحث؛ حيث يتم إقناع الكثير من المرضى الذين يعانون الأرق – والذين لا يستطيعون الحصول على المنومات الأغلى ثمنًا (والضارة) – باستخدام العقاقير المتاحة دون وصفة طبية, مثل سيمبلي سليب، ويونيسم، وتالينول بي إم، وغيرها من العقاقير التي تحتوي على الديفينهيدرامين (بينادريل) الذي يعتبر من الجيل الأول لمضادات الهستامين، وذلك بجرعات مختلفة. صحيح أن هذا المركب يسبب النعاس؛ لكن هل النوم الذي يوفره للمريض بجودة النوم الطبيعي نفسها؟ يجيب معظم الخبراء ب لا؛ ففي النهاية عادة ما لا يكون النوم بعد تعاطي بينداريل جيدًا جدًّا، إضافة إلى ذلك إن معظم مستخدميه يعانون آثارًا جانبية له من جفاف الحلق، واحتباس البول، وزيادة الشعور بالخمول والتشوش الذهني في اليوم التالي.

مشكلات أدوية الحساسية (مضادات الهستامين)

تعتبر مضادات الهستامين من أقدم العقاقير التي لا تزال تستخدم حتى يومنا هذا، وقد اكتشفت عام 1937 على يد “دانيال بوفه”، الذي حاز لاحقًا جائزة نوبل مكافأة لعمله. ومن بين أكثر العقاقير التي تباع دون وصفة طبية مبيعًا في الولايات المتحدة أدوية البرد والحساسية، التي يتضمن الكثير منها مضادات الهستامين، وكونها متاحة دون وصفة طبية يجعل المرضى يعتقدون خطأ أنها آمنة تمامًا، وهو أمر غير صحيح ببساطة؛ ذلك أن العديد من آثارها الحادة لا تظهر إلا بعد سنوات من الاستخدام.

وللجيل الأول من مضادات الهستامين سجل تاريخي طويل، ومعظم آثارها الحادة معروفة، ومن بين هذه العقاقير ديفينهيدرامين (بينادريل)، وكلورفينامين (كلور – تريميتون)، وكليماستين (تافيست)، وغيرها. ونظرًا إلى طبيعة البنية الكيميائية لهذه العقاقير، فإنها تخترق الحاجز الدموي الدماغي بسهولة؛ فتؤثر في الجهاز العصبي المركزي؛ ولهذا تسبب عقاقير الجيل الأول من مضادات الهستامين النعاس، حتى إنها قادرة على إفساد القدرة على القيادة كما يفعل الكحول بالدرجة نفسها، أو بدرجة أكبر. ويمكن لهذا الإفساد أن يكون ماكرًا: فقبيل النوم بفعل مضادات الهستامين، يمر المريض بفترة من الاسترخاء تتسم بالتشوش الذهني وضعف القدرة على التفكير؛ وهو ما قد لا يكون واضحًا لدى المريض.

وأدى البحث عن مضادات هستامين أقل تسببًا في الشعور بالنعاس (التي سميت خطأ “غير مسببة للنعاس”) إلى اكتشاف جيل ثانٍ من هذه العقاقير، كان أولها دواء تيرفينادين (سيلدين) الذي أطلق عام 1985 مصحوبًا بضجة كبيرة وحملة إعلانية ضخمة. وفي غضون بضع سنوات، وردت حالات خطيرة من اضطراب ضربات القلب، خاصة عندما يؤخذ العقار مقترنًا بمضادات حيوية معينة. وعند سحب دواء سيلدين من السوق، قيل إنه السبب في وفاة ثماني حالات لأشخاص كانوا يحاولون إيقاف العطس فحسب. ويشتمل هذا الصنف على أدوية أخرى منها فيكسوفينادين (أليجرا)، ولوراتادين (كلاريتين)، وسيتيريزين (زيرتيك)، وبينما تخترق كمية أصغر من هذه العقاقير الحاجز الدموي الدماغي، فإنها لا تزال تسبب الشعور بالدوخة، وتستوجب “الحذر عند القيادة أو استخدام الآلات ذات المحركات”. ولسوء الحظ، يواصل الكثير من مستخدمي هذا العقار القيادة تحت تأثيره؛ وهي مخاطرة محتملة تتعلق بالسلامة العامة، وتزداد مخاطر هذه العقاقير لدى كبار السن، مع آثار محتملة حادة من الشعور بالنعاس حتى اليوم التالي، والدوار، والإغماءات.

● ويمكن لكلا الجيلين من مضادات الهستامين أن يؤثر في الحالة المزاجية والوظائف المعرفية، وأن تسبب الاكتئاب أو تجعله يزداد سوءًا، وأن تتعارض مع التفكير والتركيز؛ ومن ثم ينبغي لمن يعاني الاكتئاب تجنب مثل هذه الأدوية.

● وهناك المزيد من الآثار الأكثر سلبية، التي تنذر بالسوء، نسبت إلى هذه الأدوية الشائعة؛ فقد كشفت دراسة أجريت على أكثر من ثلاثة آلاف رجل وامرأة تتجاوز أعمارهم الخامسة والستين عن وجود رابط بين الاستخدام طويل المدى لأدوية مضادات الكولين – من بينها بينادريل وغيره من عقاقير الجيل الأول من مضادات الهستامين – وبين خطر الإصابة بالخرف؛ (حيث تعمل مضادات الكولين على إيقاف عمل الأسيتيل كولين؛ وهو ناقل عصبي في المخ، وتتضمن هذه العقاقير مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، بالإضافة إلى الأنواع الأقدم من مضادات الهستامين)؛ فتناول هذه العقاقير مدة تعادل ثلاث سنوات أو أكثر زاد من خطر الإصابة بالخرف بنسبة 54 %. ومن بين الآثار البارزة الأخرى لمضادات الكولين التي ترتبط بالجيل الأول من مضادات الهستامين انخفاض ضغط الدم، والهذيان، والتغيرات السلوكية. وبالنسبة إلى الرجال – خاصة أولئك الذين يعانون تضخمًا في غدة البروستاتا – يمكن لهذه الأدوية أن تسبب احتباس البول بصورة حادة ومزمنة، أيضًا تؤدي هذه العقاقير في حالات نادرة إلى فشل حاد بالمثانة والكلى.

● وهناك آثار ضارة أخرى لمضادات الهستامين ظهرت، لكنها لا تزال قيد التحري والدراسة، وهي مقلقة؛ فهناك مجموعة من الأدلة على وجود رابط بين استخدام مضادات الهستامين وتكون أورام المخ، خاصة الأورام الدبقية؛ التي تعتبر أكثر الأورام الدماغية الأساسية شراسة وشيوعًا، وتم تحديد القليل من العوامل الخطرة التي تسببها. وعلى الرغم من ذلك، أوضح العديد من الدراسات أن مستخدمي مضادات الهستامين بانتظام على المدى الطويل هم أكثر احتمالية ثلاث مرات ممن لا يستخدمونها في الإصابة بهذه الأورام، بصرف النظر عن تاريخهم المرضي مع الربو/ الحساسية، ولعل هذه المعلومات هي الأكثر إثارة بالنظر إلى حقيقة أن العلاقة العكسية بين أنواع الحساسية والورم الدبقي هي إحدى أكثر العلاقات ثباتًا في علم الأورام الدماغية؛ ما يجعلني أتساءل إن كان لأشكال الحساسية المختلفة أثر وقائي بشكل ما تبدده مضادات الهستامين.

وتكلفة علاج الحساسية بالعقاقير، متضمنة تكلفة العقاقير المتوافرة دون وصفة طبية، تزيد على 6 مليارات دولار في السنة، ويمكن للفرد الواحد الذي يتعاطي عقاقير الجيل الثاني من مضادات الهستامين أن ينفق من 8 دولارات إلى أكثر من 200 دولار في الشهر.

خيارات الطب التكاملي لعلاج حالات الإصابة بالحساسية

هناك العديد من الأساليب الفعالة لعلاج الأشكال المختلفة للحساسية التي لا تعتمد على مضادات الهستامين، ولعل أكثرها وضوحًا هو التجنب؛ أي تقليل التعرض لمسببات الحساسية عن طريق اتباع استراتيجية المنطق السليم، هناك أيضًا مرشحات الجسيمات من الهواء عالية الكفاءة، التي تستخلص الجزيئات من الهواء عن طريق تمريرها عبر مرشحات ذات ثقوب ميكروسكوبية دقيقة، وهي تعمل بكفاءة أعلى مع مسببات الحساسية خفيفة الوزن، مثل وبغ الحيوانات الأليفة، ولا تعمل بكفاءة كبيرة مع المسببات الأثقل وزنًا كمعظم أنواع غبار الطلع.

● وغسل الأنف بمحلول ملحي دافئ (ويكون بإذابة ربع ملعقة صغيرة من الملح في كوب من الماء المقطر) يزيل الجزيئات المسببة للحساسية من الأنسجة المبطنة للأنف، وكثيرًا ما يتم استخدام وعاء نيتي لهذا الغرض، الذي يشبه مصباح علاء الدين؛ لكنه مصنوع من السيراميك، أو الزجاج، أو البلاستيك، وهو سهل الاستخدام على الرغم من أن التعود على طريقة استخدامه قد تتطلب بعض الوقت. ولعل كل ما تحتاج إلى أن تفعل هو سكب المحلول الملحي المعقم داخل وعاء نيتي، ثم الوقوف عند الحوض مع إمالة رأسك بزاوية 45 درجة ناحية إحدى الجهتين، ووضع فوهة الوعاء في فتحة الأنف العلوية، وسكب المحلول ببطء داخل الأنف، ويمكنك أن تبصق أية سوائل تدخل إلى فمك. وبمجرد أن يفرغ وعاء نيتي، تمخط برفق، وأمل رأسك إلى الجهة المقابلة، وكرر العملية نفسها مع فتحة الأنف الأخرى.

● لقد أثبت العديد من المكملات والمستخلصات النباتية فاعليتها في السيطرة على حمى القش، ولعل نبات القراص الكبير يكون أحد أفضل العلاجات الطبيعية، ويفضل استخدامه في شكل كبسولات من مسحوق الأوراق المجففة بالتبريد، وفي دراسة عشوائية مزدوجة التعمية أجريت على نحو مائة مريض، كان نبات القراص الكبير فعالًا مع 57 % من المرضى بإراحتهم من أعراض حمى القش، قال 48 % منهم إن كفاءته تساوي أو تتجاوز كفاءة عقاقير الحساسية التي كانوا يستخدمونها سابقًا، ويعتبر علاجًا للأعراض؛ لا دواءً وقائيًّا من المرض نفسه، وتكون الجرعة المعتادة منه كبسولة أو اثنتين كل ساعتين إلى أربع ساعات حسب الحاجة.

● ظل نبات الأرام (أو البيتازيتس الهجين ) يستخدم لعقود في علاج الأشكال المختلفة للحساسية، والربو، وحالات الصداع النصفي، وهو أحد المستخلصات النباتية الضئيلة التي تم اختبارها سريريًّا مع عقار طبي؛ حيث أجريت دراسة على 132 مصابًا بحمى القش نتج عنها اكتشاف كون خلاصة هذا العشب فعالة بدرجة فاعلية العقار سيتريزين (زيرتيك) نفسها مع ظهور القليل من الآثار الجانبية، بل إن نبات القراص الكبير كان أقل تسببًا في النعاس بفارق كبير عن المستحضر الدوائي. وقد استمرت الدراسة مدة أسبوعين فقط، وتطلبت تناول أربع أو خمس جرعات من العشب يوميًّا؛ لكن النتائج كانت واعدة.

● إن مواد الفلافونويد الحيوي هي مركبات تكسب الكثير من الخضراوات والفواكه ألوانها الزاهية، ولها أيضًا نشاط ملحوظ في الأمراض المختلفة للحساسية؛ حيث تمنع الخلايا الصارية فعليًّا من “الانفجار” وإطلاق الهستامين. ومثلما تفعل مضادات الهستامين، تعمل هذه المركبات بالشكل الأفضل عندما يتم تعاطيها قبل التعرض لمسببات الحساسية؛ فكما أوضحت فيما سبق، دائمًا ما يفضل منع إطلاق الهستامين على محاولة التخفيف من حدة آثاره بمجرد وصوله إلى مجرى الدم، وعلى عكس مضادات الهستامين، نجد أن لمواد الفلافونويد الحيوية آثارًا جانبية قليلة، ويتوافر بعض هذه المواد، مثل مادتي الكيرسيتين والفايستين، في شكل مكملات، (لكن نظرًا إلى سوء التوافر الحيوي لمادة الكيرسيتين، فكثيرًا ما يتم مزجها مع البروميلين – وهو إنزيم يوجد في الأناناس – أو مع فيتامين C لتعزيز امتصاصه عن طريق الفم. ونتيجة كون آثار مواد الفلافونويد الحيوية غير ممتدة المفعول، ينبغي تعاطيها كل أربع أو ست ساعات؛ لكنها تعطي نتيجة جيدة جدًّا مع الكثير من المرضى. ويتوافر دواء كرومولين، وهو أحد مثبتات الخلايا البدينة ذات الصلة بمواد الفلافونويد، في شكل بخاخ أنفي (مثل بخاخ نيزال كروم) وفي شكل رذاذة (لعلاج نوبات الربو)، وأرى أنه آمن وفعال.

● لقد ثبتت قدرة التدخلات القائمة على العلاقة بين العقل والجسم على تعديل الاستجابات التحسسية؛ ففي سياق خاضع للسيطرة، خضع مرضى بالحساسية إلى اختبارات جلدية لتقييم ردة فعلهم تجاه مسببات الحساسية بعد عرض فيلم وثائقي عن التعامل مع الطقس، أو فيلم كوميدي؛ حيث جاءت نتيجة اختبار استجابة الحساسية لجلد أولئك الذين شاهدوا الفيلم الكوميدي أقل بدرجة كبيرة؛ ما أوضح القدرة الكبيرة للمشاعر على التخفيف من حدة آثار التعرض لمسببات الحساسية، الأمر الذي يدعم وجود علاقة بين الجهاز المناعي والانفعالات، والتي هي فحوى مجال دراسة يعرف باسم المناعة العصبية النفسية. ويمكنك الاستفادة من هذه العلاقة في مثل هذه التدخلات كالعلاج بالتنويم المغناطيسي السريري، الذي يمكنه تقليل الاستجابة للحساسية لدى الكثير من الأشخاص.

● ومعظم النقاشات التي تدور حول أثر النظام الغذائي في الحساسية تقتصر على الأشكال المختلفة للحساسية تجاه الطعام، إلا أن ما تتناوله من طعام يمكن أن يؤثر أيضًا في استجابات جسمك لأنواع الحساسية التي يسببها الجو، فالجسم يفعِّل مسارات التهابية مشابهة للعديد من المحفزات الضارة، من بينها العدوى والصدمة. وتعتبر ردود الفعل التحسسية ببساطة استجابات التهابية لمسببات معينة للحساسية باعتبارها عوامل محفزة، عندها تطلق خلايا متخصصة في الجهاز المناعي مركبات – وسائط الالتهاب – لاحتواء العدوى أو مساحة الإصابة، كما تنتقل خلايا مناعية أخرى إلى موضع المشكلة بوصفها تعزيزات. لذلك؛ فإن اتباع نظام غذائي مضاد للالتهاب يقلل من الاستجابة التحسسية عن طريق تثبيط مركبات وسائط الالتهاب. وببساطة، يمكن لإضافة دهون أوميجا 3 إلى النظام الغذائي، في صورة الأسماك الغنية بالدهون أو مكملات زيت السمك، أن يوصِّل إلى هذه النتيجة لدى الكثير من الأشخاص.

الخلاصة

يمكن لمضادات الهستامين إنقاذ الأرواح في حالات صدمات الحساسية وغيرها من ردود الفعل التحسسية الحادة، وهذه هي أكبر قيمة فيها. وسيكون من الحكمة ألا يعتمد مرضى حساسية الأنف وغيرها من أشكال الحساسية على مضادات الهستامين، بل تجربة العلاجات الطبيعية وتغيير نمط الحياة، وكذلك تغيير النظام الغذائي، وعلاج التوتر من أجل السيطرة على الأعراض. ويمكن لهذه المنهجيات أن تؤدي إلى تقليل ردود الفعل التحسسية حتى القضاء تمامًا على الحساسية، وهو ما لا أراه يحدث لدى المرضى الذين يعتمدون على مضادات الهستامين لقمع أعراض الحساسية، بل إنها – مثل سائر العقاقير المثبطة التي تؤخذ على المدى الطويل – تميل إلى تكرار المشكلة التي يفترض بها علاجها.