التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

مشكلة الألبان للأطفال وحلولها

لا زال سؤال: “هل يجب أن يشرب طفلي كوباً من اللبن كل يوم أم لا؟” يمثل قضية بالنسبة لكثير من الآباء. ولعلك مثل الكثير من الناس قد نشأت وفي مخيلتك أن جميع الأطفال يحتاجون لشرب اللبن، ومن الأفضل أن يكون ذلك كل يوم، لكي تنمو أجسادهم. وسيدهشك أن تكتشفي أن المزيد والمزيد من الناس يؤثرون اليوم أن يقللوا استهلاك اللبن ومنتجات الألبان أو يمتنعوا عنها تماماً.

صحيح أن اللبن يزود الأطفال (والكبار أيضاً) بالكثير من العناصر الغذائية، مثل البروتين، والكالسيوم، والكربوهيدرات، إلا أن هناك عوامل متعددة تجعل اللبن ومنتجات الألبان غذاءً غير مثالي للاستهلاك اليومي. وفي واقع الأمر، فإن استهلاكه بطريقة اعتيادية يمكن أن يتسبب في بعض المشكلات الصحية. لماذا؟

يحتوي اللبن ومنتجات الألبان الأخرى على أنواع خاصة من الدهون، والبروتينات، والسكريات. وكثيراً ما تحتوي أيضاً على مضادات حيوية، وهرمونات، ومركبات سامة مضافة اصطناعياً. وهذه المكونات يمكن أن تحث على إنتاج الكثير من المخاط، وتثير حالات من الحساسية، بل يمكن أن تسبب حالة عدم تحمل اللاكتوز ومشكلات صحية أخرى مختلفة.

وفضلاً عن هذا، فإن وجود بعض هذه المكونات جنباً إلى جنب مع استخدام طرق الإنتاج الحديثة ووجود الملوثات البيئية يجعلنا ننصح بتقليل استهلاك منتجات الألبان أو حتى منعه كلياً. وإذا كنت قد شربت اللبن عندما كنت طفلة، فمن المرجح أنه كان من نوعية أكثر جودة بكثير من الموجود الآن، ولعل اللبن الذي كان يشربه والداك في طفولتهما أفضل من الذي كنت تشربينه أنت.

ومع وجود كل تلك الحملات الترويجية والإعلانية من وسائل الإعلام لمنتجات الألبان، قد يكون من الصعب عليك أن تتقبلي فكرة أن اللبن ليس بكل هذه الروعة والفائدة العظيمة. وإذا فكرت في الأمر، فستدركين أن البشر هم المخلوقات الوحيدة التي تستمر في شرب اللبن حتى بعد انقضاء مرحلة النمو المبكرة التي خصص شرب اللبن لها؛ أي بعد مرحلة الرضاعة التي تنتهي عند سن سنتين، والتي نفطم أطفالنا الرضع بعدها بصورة طبيعية ونقدم لهم بدلاً من اللبن أطعمة أخرى. وعلى أي حال، فإن الغرض من ألبان الحيوانات هو أن تشربها صغار الحيوانات لا البشر.

ويصر كثير من البشر على شرب لبن البقر للحصول على الكالسيوم؛ غير مدركين أنه توجد مصادر غذائية أخرى للكالسيوم.

ما مصادر الألبان؟

مصادر واضحة:

•    اللبن الحليب
•    الزبادي
•    الجبن
•    الكريمة وصلصات الكريمة
•    الزبد
•    اللبنة (الكريمة المختمرة)
•    اللبن الرائب (اللبن المختمر)
•    الآيس كريم أو الأطباق الحلوة الأخرى المصنوعة باللبن أو الكريمة أو الزبد (مثل الكريم كاراميل، والكسترد، والمهلبية)

مصادر مختفية للألبان:

•    حبوب الإفطار المحتوية على مسحوق اللبن (راجعي قائمة المحتويات على العبوة)
•    أنواع الحساء التي أساسها الكريمة
•    المخفوقات البروتينية التي أساسها اللبن وقوالب البروتين
•    الشيكولاتة باللبن
•    صلصات المكرونة المشتراة من المتاجر (مثل صلصة البستو) المحتوية على اللبن أو جبن البارميزان

المشكلات الصحية الناتجة عن استهلاك منتجات الألبان

•    حالات الحساسية والاستهداف:

إحدى أكثر الشكاوى المرتبطة باستهلاك منتجات الألبان شيوعاً هي زيادة عدد الأطفال الذين يصابون بحالات الحساسية و/أو الاستهداف لمنتجات الألبان. تتم استثارة الكثير من الاستجابات، المشتملة على أعراض مرضية، في الجهاز الهضمي و/أو الجهاز المناعي بفعل بروتين يسمى “الكازين” يوجد في لبن الأبقار. وحينما تتدهور حالة الجهاز الهضمي للطفل (الأمر الذي يمكن أن يحدث لعدد كبير من الأسباب المختلفة)، فقد لا يتحلل الكازين بالكامل قبل أن يمتص خلال جدار الأمعاء ليصل إلى مجرى الدم. وهذا يمكن أن يؤدي إلى نشوء أعراض مثل السعال، والطفح الجلدي، والانتفاخ.

وكذلك، فإن وجود بروتين غير مهضوم في الدم يحث الجهاز المناعي على التعامل مع مواد غير ضارة بصفة عامة، مثل حبوب اللقاح والغبار، باعتبارها ضارة. وهذه الاستجابات المبالغ فيها من جانب جهاز مناعة شديد التنبه يمكن أن تثير حالات تحسسية مثل الربو وحمى القش. ومن الغريب أن الكازين غير المهضوم، ويسمى كازومورفين، يثير أيضاً مشاعر “طيبة” في المخ؛ ونتيجة لذلك، فإننا نرغب في المزيد من الألبان، مما يخلق دائرة خبيثة. وهكذا فإن الطفل الذي يعاني من الحساسية للألبان قد يشتاق لأطعمة منتجات الألبان ويطلب المزيد منها

بالنسبة لبعض الأطفال، يمكن أن تبدأ حساسيتهم للألبان وهم أجنة في بطون أمهاتهم، ثم تزداد حينما يدخلون مرحلة الرضاعة الطبيعية، وذلك إذا كان النظام الغذائي للأم يحتوي على منتجات الألبان، أو يمكن أن تبدأ إذا كانوا يرضعون لبناً صناعياً أساسه اللبن البقري. وبالنسبة لأطفال آخرين، قد يكون السبب الرئيسي وراء الحساسية للألبان هو الاستهلاك المفرط لمنتجات الألبان مثل الجبن في الشطائر، والبيتزا، والبرجر بالجبن، والحبوب المضاف إليها اللبن، والشيكولاتة باللبن، والأطباق الحلوة المحتوية على اللبن. وعادة ما لا يمكن معرفة أن طفلاً ما يعاني حساسية للألبان إلا بعد استبعاد منتجات الألبان من نظامه الغذائي.

•    نقص المناعة:

من المعروف أن منتجات الألبان تسبب تكوين المخاط، وينتج هذا أساساً عن إفراز الهستامين الذي يحفزه بروتين الكازين الموجود في منتجات الألبان. وهذا المخاط الزائد يؤدي إلى سد الجيوب الأنفية، والأذنين، والمسالك التنفسية، مما يجعل من الصعب على الجهاز المناعي أن يتخلص من أي فيروسات أو بكتريا تغزو الجسم. وهذا يعمل على إضعاف وسائل الدفاع الطبيعية بالجسم وزيادة التعرض لنزلات البرد وغيرها من حالات العدوى (كالتي تصيب الأذنين أو الصدر) والتهابات الحلق المتكررة، وحتى نوبات الصداع.

•    عدم تحمل اللاكتوز في الأطفال المعرضين له:

رغم أنه كثيراً ما يتم الخلط بين حالة عدم تحمل اللاكتوز وبين الحساسية (الاستهداف) للألبان، فإنها ليست حالة استجابة من جهاز المناعة؛ وإنما هي مجرد عدم قدرة على هضم اللاكتوز، الذي هو نوع من السكر يوجد في معظم الألبان الحيوانية ومنتجات الألبان. ففي الأحوال العادية، تحتوي القناة الهضمية في الإنسان على إنزيم يسمى اللاكتاز (تقوم بتصنيعه بكتريا معوية “نافعة”). هذا الإنزيم يعمل على تحليل اللاكتوز أثناء عملية الهضم. ولكن في حالة غياب هذا الإنزيم لسبب من الأسباب، فإن اللاكتوز يبقى داخل القناة الهضمية، فيتخمر ويسبب تراكم الغازات، أو انتفاخ البطن، أو الإسهال، أو ألماً في البطن، ويحدث هذا في غضون ساعتين من شرب اللبن أو تناول أحد منتجاته. ومع ذلك، يمكن أن يتناول بعض الأشخاص المصابين بعدم تحمل اللاكتوز كميات قليلة من منتجات الألبان دون أن تصيبهم هذه الأعراض.

وجدير بالذكر أن مستويات اللاكتاز في القناة الهضمية للإنسان تتناقص طبيعياً بدءاً من سن سنتين فصاعداً، مما يقلل قدرة الجسم على هضم منتجات الألبان بشكل سليم. كما أن بعض الأطفال تحدث لديهم حالة قصيرة الأمد من عدم تحمل اللاكتوز إثر الإصابة بعلل معينة، أو بنوبة من الإسهال، أو بعد فترة علاج بالمضادات الحيوية. وهذا يرجع أساساً إلى أن دورة الإسهال أو العلاج بالمضادات الحيوية يمكن أن تقضي على البكتريا المنتجة للاكتاز، مما يجعل الجسم غير قادر مؤقتاً على هضم اللاكتوز. ولو حدث هذا، فمن الأفضل أن يتجنب الطفل شرب اللبن أو تناول منتجاته لمدة أربعة أو خمسة أيام إلى أن تتم استعادة مستويات اللاكتاز.

إذا اشتبهت في إصابة طفلك بحالة عدم تحمل اللاكتوز، فأفضل طريقة لدراسة هذا الاحتمال هي أن تجعليه يتجنب جميع منتجات الألبان لمدة أسبوع؛ فإذا تحسنت أعراضه، ثم تكررت عند إعادة إعطائه تلك المنتجات ضمن غذائه، فالأرجح أن تلك حالة عدم تحمل للاكتوز. ولكن لأن تلك الأعراض كثيراً ما تلتبس بأعراض حالات أخرى، فقد يجري طبيب طفلك اختبار دم، أو اختبار براز، أو اختبار نفس ليتأكد من التشخيص الأولي.

ويستلزم علاج مشكلة عدم تحمل اللاكتوز لدى الطفل استبعاد جميع منتجات الألبان من نظامه الغذائي أو إعطاءه مكملاً من إنزيم اللاكتاز للمساعدة على هضم تلك الأطعمة؛ وبالنسبة للحالة الأخيرة، عليك أن تستشيري أخصائي الأطفال الذي يعالج طفلك. وكأخصائية تغذية، أوصي أيضاً بإعطاء كورس علاجي من مكملات المعززات الحيوية (البروبيوتيكس probiotics) التي تساعد البكتريا النافعة على الازدهار وأداء دورها لصالحك.

•    التعرض للسموم:

في الحيوانات (وفي البشر أيضاً) تتراكم السموم، التي تبتلع مع الطعام والشراب، أو تستنشق، أو تحقن، أو تمتص، في أماكن تخزين الدهون بالجسم. ومنتجات الألبان، لكونها عالية المحتوى من الدسم، يغلب عليها الاحتواء على تركيزات عالية من السموم؛ ومع الأسف فإن بعض مستويات السموم قد توجد في منتجات الألبان الخالية من الدسم. إن تعرض الأطفال للسموم، لاسيما في مقتبل العمر، يمكن أن يصيبهم بالكثير من المشكلات الصحية.

في السنوات الأخيرة، أصبحت الأبقار معرضة أكثر لسموم عديدة، وجميع هذه السموم تصل في النهاية إلى اللبن الذي تنتجه. إذ تحقن الأبقار بالهرمونات لكي يزداد إنتاجها من اللبن وتزداد بالتالي أرباح المزارعين؛ كما تعطى جرعات منتظمة من المضادات الحيوية لمعالجة حالات العدوى أو للوقاية منها؛ وتغذى بحشائش وأعلاف أخرى (خاصة الذرة) تم رشها بالمبيدات والأسمدة الكيميائية بكثافة. ونتيجة لذلك، انخفضت جودة اللبن وجميع منتجاته بشكل ملحوظ. ولاشك أن اللبن العضوي ذو جودة أفضل بكثير، ولكن هذا يعتمد بدرجة كبيرة على معايير اللوائح المطبقة في هذا الشأن في الدولة التي ينتج فيها.

•    حالات الالتهاب:

تحتوي منتجات الألبان على دهون مشبعة، ولكي يتم تمثيل هذا النوع من الدهون في الجسم، يجب أن يمر من خلال الجهاز الليمفاوي، وهو جهاز ترشيح يشكل أساس الكثير من وظائف الجهاز المناعي. إلا أن الإفراط في تناول الدهون المشبعة يتسبب في انسداد الجهاز الليمفاوي، مما يجعلنا أكثر عرضة للمرض. كما أن الدهون المشبعة تعزز إنتاج المواد الالتهابية التي تجعل الجسم عرضة للتورم أو التهيج. ونتيجة لهذا، يمكن أن تتفاقم حالات الالتهاب، مثل الربو، والإكزيما، وحمى القش، وغيرها كثير بسبب استهلاك منتجات الألبان.

وكذلك فإن المحتوى الدهني في منتجات الألبان يجعلها تشعر الإنسان بالامتلاء السريع، مما يمكن أن يفسد شهية الأطفال فلا يقبلون على تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية التي يحتاجونها. وفضلاً عن هذا، فإنه يسهم في زيادة الوزن وزيادة استهلاك السعرات الحرارية.

الأعراض المرتبطة باستهلاك منتجات الألبان

•    أزيز الصدر، السعال

•    مشكلات الجيوب الأنفية، كثرة احتقان الأنف

•    التهاب الحلق المتكرر

•    كثرة إفراز المخاط

•    كثرة نزلات البرد، وحالات العدوى

•    حالات عدوى الأذنين المتكررة أو انسداد الأذنين

•    تأخر الكلام

•    الربو، حمى القش

•    مشكلات جلدية مثل الإكزيما، والطفح، والبقع الجلدية

•    نوبات الصداع

•    انتفاخ البطن، الإمساك

محتوى اللاكتوز في منتجات ألبان مختارة

مرتفع

•    لبن البقر (لاسيما اللبن المقشود)
•    لبن الماعز أو الضأن

متوسط

•    القشدة الطازجة
•    الزبادي اليوناني
•    الجبن الطازج، غير المختزن (مثل الموتزاريلا، والجبن القشدي، والريكوتا)
•    جبن الحلوم
•    الزبادي (إذ يتحول بعض محتواه في اللاكتوز إلى حمض اللاكتيك بفعل المستنبتات البكتيرية)

منخفض

•    أصناف الجبن الصلب المختزن (مثل الشيدر، والبارميزان، والجبن السويسري)
•    الزبد (يحتوي على كميات ضئيلة من اللاكتوز)

هل تعلمين؟

دأب مربو الأبقار على إعطاء الأبقار هرمون نمو منتجاً بأسلوب الهندسة الوراثية، ويسمى منشط نمو الأبقار rBST (ويسمى أيضاً rbGH أو “بوزيلاك”)، بانتظام لزيادة إنتاجها من اللبن، إلا أنه يمكن أن يجعلها أكثر عرضة لالتهاب الضرع ومن ثم تزداد الحاجة لإعطائها المضادات الحيوية.

وكذلك، تحتوي ألبان الأبقار التي عولجت بهرمون rBST على هرمون آخر هو عامل النمو 1 الشبيه بالأنسولين، الذي اعتبر ذا صلة ببعض المشكلات المعوية وبالسرطان عند البشر.

ولا شك أن المستهلكين الواعين بمشكلة الإفراط في إعطاء الهرمونات للأبقار يلحون في طلب الحصول على لبن خالٍ من الهرمونات. إلا أنه، حتى يومنا هذا، لا توجد اختبارات تفرق بين اللبن المأخوذ من أبقار عولجت بالهرمونات والمأخوذ من أبقار لم تعالج بها، ومن ثم لا يجد المستهلكون بديلاً عن تصديق ما يقوله منتجو الألبان في هذا الشأن. ويستخدم هرمون rBST في الولايات المتحدة وفي كثير من دول العالم. ورغم أن استخدامه ممنوع في أوروبا وكندا، إلا أنه كثيراً ما يجد طريقه إلى داخل تلك الدول بشكل غير قانوني. وتستخدم هرمونات إضافية في بعض الدول الأخرى تحت أسماء مختلفة وبكميات متفاوتة.

تلميح: لبن الصويا لا يصلح للصغار

رغم أن لبن الصويا بديل ملائم وسهل للبن البقري، فإننا لا ننصح به لإطعام الرضع وصغار الأطفال؛ فمن المعروف أنه يحتوي على إستروجينات نباتية؛ وهي مواد شبيهة بالهرمونات يمكن أن تؤثر على النمو والتطور الجنسي للطفل.

وفضلاً عن ذلك، فإن الصويا يمكن أن تثير استجابة تحسسية، خاصة إذا استهلكت بصفة منتظمة.

بالنسبة للأطفال، من الأفضل جعل استهلاك لبن الصويا وغيره من منتجات الصويا مقتصراً على مناسبات نادرة أو تجنبه تماماً.

حلول وبدائل لمشكلة الألبان

بعد أن تعرفت على الآثار الضارة الناجمة عن الاستهلاك المنتظم لمنتجات الألبان، تأملي خياراتك للحد من هذه الآثار:

•    استبعاد منتجات الألبان تماماً من النظام الغذائي لطفلك
•    تقليل استهلاك طفلك من منتجات الألبان
•    استخدام بدائل الألبان ومنتجاتها

اللبن

تحتوي جميع ألبان الحيوانات على بروتينات لبنية ولاكتوز. وبالتالي تعتمد مزاياها وعيوبها، وكذلك نسبة الدسم فيها، على نوع الحيوان وعلى عملية معالجة اللبن. فإذا لم تكن لدى طفلك أي استجابات سلبية واضحة تجاه اللبن الحيواني، يمكنه أن يستمر في شرب اللبن كامل الدسم حتى سن سنتين أو ثلاث سنوات، وبعد ذلك يكون اللبن الحيواني اختياراً. ولكن هناك العديد من اختيارات الألبان غير الحيوانية، التي تصنع من مصادر نباتية مثل اللوز، والأرز، والشوفان، وجوز الهند. وهذه البدائل لذيذة الطعم وتحقق فوائد غذائية كثيرة للصغار والكبار على السواء.

اختاري لبن الماعز

يتميز لبن الماعز بأنه أكثر قابلية للهضم، مما يفيد الأطفال الذين تكون أجهزتهم الهضمية ضعيفة أو حساسة. وهو مشابه من الناحية الغذائية للبن البقري، ولكنه لا يسبب تكون المخاط بنفس الدرجة؛ كما أنه أقل تسبباً في الحساسية؛ وهو يحتوي بطبيعته على دسم أقل. وكذلك، ونظراً لأن صناعة ألبان الماعز لم تتخذ صبغة تجارية كالتي اتخذتها صناعة ألبان الأبقار، فإن الماعز لا يعالج بالمواد الضارة، التي تصل في النهاية إلى اللبن الذي ينتجه، بنفس القدر مثل الأبقار. إلا أن لبن الماعز له بعض العيوب، وهي أنه يحتوي على صوديوم أكثر مما يوجد في اللبن البقري، كما يحتوي على مادة ترتبط بفيتامين ب12، مما يعوق امتصاصه. وكذلك يتصف لبن الماعز بمذاق مميز قد لا يحبه جميع الأطفال (وإن كان الكثيرون منهم يحبونه متى تعودوا عليه).

أما عن الأطفال الأكبر سناً والبالغين، فيعتبر لبن الماعز بديلاً ممتازاً وغنياً بالكالسيوم للبن البقري. ولكن يجب على الآباء الذين يرغبون في إعطاء تركيبة من اللبن الصناعي أساسها لبن الماعز لأطفالهم الرضع أن يستشيروا طبيب الأطفال مسبقاً.

اختاري الأنواع العضوية من اللبن

اللبن العضوي يستحق، بلاشك، أن تدفع فيه ثمناً أعلى. وإذا لم تكوني على يقين من أن اللبن الذي تشترينه عضوياً، فابحثي عن الماركات المحلية، وزوري المزارع لتسألي أصحابها عما يقدمونه لها من أعلاف ومضادات حيوية وهرمونات.

اختاري بدائل اللبن الحيواني

لبن الأرز: مصنوع من الأرز الأسمر والماء المرشح. ويتميز بقوام رقيق جداً يماثل اللبن المقشود، وله حلاوة طبيعية خفيفة. والأطفال في العادة يحبون لبن الأرز، وطعمه جيد جداً مع الحبوب، وفي المخفوقات، والمشروبات المضروبة بالخلاط.

لبن اللوز: مصنوع من اللوز المطحون والماء المرشح وقدر قليل من مادة محلية (عادة ما تكون شراب الأرز الأسمر). ويتميز بطعم قشدي ونكهة المكسرات وهو مصدر رائع للبروتين، والدهن النباتي، والكالسيوم، والمغنسيوم.

لبن الشوفان: مصنوع من الشوفان والماء المرشح. وله قوام قشدي ومذاق “ترابي” يبقى في الفم بعد تناوله. ويكون طعم هذا اللبن أفضل مع الحبوب وفي المخفوقات. كما يحتوي لبن الشوفان على نوع من الكربوهيدرات المركبة، وهو مصدر رائع للطاقة بطيئة الانطلاق، والتي تساعد على منع التقلبات في مستوى سكر الدم.

ملحوظة: تحتوي بعض أنواع الألبان غير الحيوانية على نكهات الفانيليا أو الشيكولاتة، ولكن من الأفضل أن تشتري الأصناف البسيطة بدون إضافات.

الجبن

تعتبر بعض أنواع الجبن، من الناحية الغذائية، أفضل من أنواع أخرى. اختاري أنواع الجبن العضوية كلما أمكن، وتجنبي الأنواع المعالجة المملحة مثل الجبن المقطع إلى شرائح وجبن الشطائر المطبوخ. ومن النصائح المفيدة أن تقرئي تاريخ انتهاء الصلاحية؛ فكلما كان ذلك التاريخ قريباً من تاريخ الإنتاج، كان هذا يعني أن ذلك النوع من الجبن أفضل. ومن الاختيارات الجيدة للأطفال جبن الموتزاريللا، وجبن الحلوم.

جربي البدائل غير اللبنية لحشو الشطائر مثل: جبن الأرز، طحينة الحمص، الأفوكادو المهروس، صلصة طحينة السمسم، الزيتون المفتت، الطماطم المقطعة والأعشاب، الدجاج المقطع مع مطيبات السلطة، زبدة الفول السوداني (ما لم تكن تسبب الحساسية لطفلك)، أنواع أخرى من زبد المكسرات، المربى بدون سكر أو عسل النحل.

الزبادي

صحيح أن الزبادي يمكن أن يكون غذاءً صحياً جداً، إلا أن معظم أنواع الزبادي التي تباع في السوبر ماركت تحوي كميات هائلة من السكر أو المحليات الصناعية بما يجعل أضرارها تتجاوز فوائدها. فالعبوة سعة ست أوقيات من الزبادي بنكهة الفواكه بها ما يصل إلى 4 ملاعق صغيرة من السكر! ماذا تفعلين إذن؟

•    اشتري الزبادي الخالص، أو الحيوي (المحتوي على مستنبتات نشطة تساعد في الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي)؛ ولإكسابه النكهة، أضيفي فاكهة طازجة مقطعة وغيرها من المواد الغذائية الصحية قبل التقديم مباشرة.
•    اقرئي بطاقة المنتج بعناية لتعرفي ما إذا كان به سكر أو محليات صناعية أو غير ذلك من إضافات مثل الألوان والنكهات الصناعية.
•    تجنبي أنواع الزبادي التي تباع خصيصاً للأطفال (مثل الماركات التي تطبع عليها رسوم الشخصيات الكرتونية والصور الهزلية)، فغالباً ما تحتوي هذه الأنواع على أسوأ المكونات.

الزبد

“هل أستعمل الزبد أم السمن الصناعي؟”. هذا السؤال يتكرر كثيراً. والإجابة هي: الزبد.

لمَ لا نستعمل السمن الصناعي؟ لأن معظم أنواعه تحتوي على دهون مهدرجة. وكما أوضحنا في قسم “تنقية النظام الغذائي”، فإن هذه الدهون تستعمل أساساً لأنها رخيصة الثمن وتكسب المنتجات الغذائية فترة صلاحية أطول. كما أن هدرجة الزيوت لصنع السمن الصناعي تساعد في جعلها قابلة للبسط وحشو الشطائر. ولكن الجانب السيئ لعملية الهدرجة هو أنها تقضي على جميع فوائد الدهون وتجعلها أكثر ضرراً للجسم.

أما الزبد، فهو عبارة عن دهن لبني نقي لم يتعرض لأية عمليات معالجة ضارة. كما أنه دهن شديد الثبات، وهذا يعني أن تركيبه الكيميائي لا يتغير عند درجات الحرارة العالية المستخدمة في الطهو. وهناك بالطبع جانب سيئ للزبد وهو ارتفاع سعراته الحرارية، بما يمكن أن يتسبب في مشكلات الوزن، وغير ذلك من المشكلات الصحية، فضلاً عن حقيقة أن الزبد المشتق من مصادر غير عضوية يمكن أن يحتوي على سموم كثيرة. ما العمل إذن؟

•    استخدمي الزبد العضوي، أو الزيت النباتي غير المهدرج (مثل زيت زهرة دوار الشمس أو زيت الزيتون؛ راجعي المكونات).
•    استخدمي كميات قليلة من الزبد أو السمن الهندي (المنقى بالتسخين، والمستخدم كثيراً في المطبخ الهندي)؛ وعادة ما يكون السمن الهندي الجيد خالياً من أي آثار لبروتينات اللبن أو اللاكتوز. ويجب ألا تطهي باستخدام السمن الصناعي المهدرج أو الزيوت الصلبة.

وماذا عن الكالسيوم؟

كثيراً ما يسألني الآباء: “كيف يمكن أن يحصل طفلي على الكالسيوم إذا تجنبنا منتجات الألبان؟”. رغم أن هذا قلق طبيعي له ما يبرره، لأن الأطفال يحتاجون للكالسيوم لنمو عظامهم، فإن منتجات الألبان في الحقيقة لا تعتبر مصدراً مثالياً للمعادن.

فرغم أن منتجات الألبان تكون في الغالب غنية بالكالسيوم، إلا أنها فقيرة في المغنسيوم، الذي يحتاجه الإنسان لامتصاص الكالسيوم وإدخاله إلى العظام. والنسبة المثالية بين المغنسيوم والكالسيوم هي 1: 2. كما توجد معادن أخرى مهمة مثل السيلنيوم، والكروميوم، والمنجنيز، وهي مثل المغنسيوم في كونها توجد بنسب أعلى في أطعمة غير منتجات الألبان، لاسيما المصادر النباتية.

والأطعمة التي تحتوي على توازن مثالي من الكالسيوم والمغنسيوم والمعادن الإضافية هي الخضراوات الورقية الخضراء، والبقول، والمكسرات، والبذور.

مصادر غير لبنية للكالسيوم

نورد فيما يلي كميات الكالسيوم بالملليجرام لكل حصة طعام وزنها 100 جرام.

الفواكه والخضراوات

التين المجفف 280
البقدونس    260
البروكولي 100
البلح والزبيب 75
المشمش المجفف 67
الكراث 60
الكرنب 60
الكشمش الأسود 60
البرتقال 50
التوت الأسود 35
الجزر 30

المكسرات والبذور

بذور السمسم 700
اللوز 240
بذور اليقطين 150
بذور زهرة دوار الشمس 120
الجوز 99

الأسماك

السردين     700
السلمون المعلب 240

البقول

الحمص (المجفف)    120
الفول 95
الفاصوليا 70

أطعمة أخرى

العسل الأسود    450
خميرة البيرة    210
جنين القمح    72

للمقارنة:

جبن الشيدر (كامل الدسم) يحتوي على 750 ملجم/100 جم، واللبن يحتوي على 103 ملجم/100 جم، واللحم الأحمر يحتوي على أقل من 20 ملجم/100 جم.

خطة عمل بسيطة لتقليل تناول منتجات الألبان

•    قللي استهلاك منتجات الألبان بقدر الإمكان (مرة واحدة فقط أسبوعياً مثلاً)؛ واختاري دائماً الأصناف العضوية من منتجات الألبان إذا كانت متاحة.
•    بالنسبة للأطفال فوق سن سنتين، قللي اللبن البقري إلى مرة أو مرتين فقط أسبوعياً كحد أقصى (إذا كان ضرورياً).
•    يجب التقليل جداً من إعطاء الجبن؛ مع اختيار أنواع الجبن غير المعالج الذي يقل فيه الملح دون غيره.
•    يمكن إعطاء اللبن الزبادي بمعدل مرتين أسبوعياً، ولكن يجب أن يكون عادياً (بدون نكهات) ويحتوي على مستنبتات حية.
•    استخدمي الزبد العضوي لحشو الشطائر والطهو.
•    ركزي في الحصول على الكالسيوم الغذائي من مصادر غير لبنية مثل الخضراوات الورقية الخضراء، أو البقول، أو الحمص، أو المكسرات والبذور.
•    لكي تسهلي تخلص أسرتك من استهلاك منتجات الألبان، قومي بتنويع الاختيارات غير اللبنية التي تقدمينها لهم، وقاومي فكرة تقديم شطائر الجبن أو البيتزا بالجبن، وجربي أنواعاً أخرى لحشو الشطائر.
•    اشرحي لأطفالك أسباب إصرارك على عدم تقديم اللبن والجبن لهم بالقدر الذي اعتادوا عليه، ويمكنك أيضاً أن تشرحي تلك الأسباب لمدرسي أطفالك، ولسائر أفراد عائلتك، ولأطبائهم ولأي شخص آخر قد يتساءل أو يعترض على جهودك لتجنب منتجات الألبان.

الحياة بدون الألبان!

إذا كنت تخشين أن يصاب طفلك بحالات نقص غذائية، بسبب الإقلال من شرب اللبن أو تناول منتجات الألبان، فلا تقلقي. فكثير من الأطفال (ومنهم أطفالي) يعيشون على نظام غذائي خالٍ من منتجات الألبان كما كان يفعل أطفال لا حصر لهم منذ فجر التاريخ، قبل أن يستأنس الإنسان الأبقار، وقبل أن يتحول اللبن إلى سلعة تجارية. وفي واقع الأمر، كثير من الشعوب لديها نظم غذائية خالية من الألبان، وينمو أطفالهم ليصيروا كباراً أصحاء منتجين دون أن يشعروا أن شيئاً ما ينقصهم.

وتؤكد دراسات عديدة ذلك أيضاً؛ فمثلاً، الدراسات التي أجريت على أطفال يعانون حالات من التوحد والذين خضعوا لنظم غذائية خالية من الألبان وخالية من الجلوتين (وذلك لتحسين القدرة على الهضم، والتعلم، وتحسين سلوكياتهم) أظهرت أن هذه القيود الغذائية لم تؤدِ إلى أي تدهور أو انخفاض في معدلات نمو الأطفال ولا مستويات طاقتهم ولا امتصاص أجسامهم للعناصر الغذائية بالمقارنة مع الأطفال الآخرين.

إن جعل الطفل يتعود على تناول قدر أقل من الألبان ليس بالأمر العسير؛ والآباء هم الذين يجدون صعوبة في هذا التحول الإيجابي. وبمجرد أن تستبعدي منتجات الألبان من النظام الغذائي اليومي لأسرتك وتستعملي البدائل، سترين كم هو سهل أن تعيشي بدون منتجات الألبان.