التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

مشكلة الخجل لدى الأطفال

الخجل هو خوف مرتبط بوجود الآخرين، الخوف من تقييمهم السلبي، ويؤدي إلى مشاعر الانزعاج والضيق، ومن ثم إلى تجنب الآخرين والانسحاب عنهم.

فالخجل هو خوف وانزعاج يظهر في المواقف الاجتماعية، المواقف التي يكون الطفل فيها مركزاً لانتباه الكبار أو الأقران خاصة الغرباء منهم أو غير المألوفين، وهي مواقف تحتمل ظهور أحكام تقييمية كالاستحسان أو النقد أو السخرية أو الاستنكار..

فالخجل يظهر في شكل عدم التوافق مع الآخرين إما في مواقف معينة مع الغرباء غالباً، أو بشكل مستمر وعام كما في حالة الفوبيا الاجتماعية، حيث يبلغ الخوف أشده ويبتعد الطفل عن العفوية والتصرف التلقائي الطبيعي.

ويرتبط الخوف من الآخرين بصفات سلبية في الشخصية، كنقص الثقة بالنفس وشدة الحساسية وضعف المهارة في التعامل مع الأقران والشعور برفضهم والميل للحزن.

وقد تتفاقم مشكلة الخجل عندما يدخل الطفل إلى المدرسة ويواجه أطفالاً آخرين، ليتحول الأمر إلى انطواء وانسحاب وشعور بالنقص، وقد تظهر لديه مشكلة التلعثم في الكلام أو التأتأة، والنقص في القدرة على التعبير عن النفس، ومن ثم عدم القدرة على المشاركة في القسم والتعامل مع الأقران.

لقد بينت الكثير من الدراسات أن بوادر الخجل تظهر في الأشهر الأولى من عمر الأطفال الذين يكون تعلقهم بأمهاتهم غير آمن، خوفاً من انفصالها عنهم وفي نفس الوقت هم أكثر خوفاً من الغرباء، تعلق نصفه بالقلق أو المقاوم. تظهر البوادر على شكل ميل للخوف من المثيرات الجديدة أو غير المألوفة. وتنبئ هذه البوادر بمشاكل الخجل والانسحاب في المراحل التالية.

وقد بينت بعض الدراسات أن الطفل الصغير الخجول قد يتعرض للإساءة في المدرسة من قبل الأطفال المتنمرين، الذين يجدون فيه طفلاً ضعيفاً وجباناً لا يستطيع الدفاع عن نفسه وينكمش مرتعداً. وحسب هذه الدراسات فإن الطفل الضحية يتصف بالانسحاب والقلق والسلبية، وأنه قد يرى المدرسة مكاناً غير آمن فيكرهها ويصاب بالاكتئاب، كما تبين أن الحماية الشديدة من قبل الأمهات هي السبب المباشر الأقوى لأن يكون الطفل ضحية لأقرانه.

تحديد أسباب الخجل

– الوراثة تلعب دوراً كبيراً في شدة الخجل لدى الأطفال، فالاستعداد للخجل تظهر بوادره في الأشهر الأولى من عمر الرضيع. فالجينات تنقل الصفات الوراثية من الوالدين إلى الجنين.

– الأساليب السلبية في تربية الطفل وأهمها الحماية الزائدة من قبل الأم خوفاً عليه، وما يترتب عنها من تذبذب في المعاملة وتلاعب بالحب وصراخ واستياء وسخرية.. وجميعها أساليب قد تؤدي إلى خلق شخصية تميل للخجل والخوف والحزن.

– القمع المستمر لتلقائية الطفل التي تميل للعب، ووضعه في خانة المخطئ والمتهم.

– الخلافات الزوجية التي تهدد الاستقرار النفسي للأطفال، والمعاملة القاسية من قبل أحد الوالدين.

طرق التعامل مع الطفل الخجول

– تجنب الحماية الزائدة والخوف المبالغ فيه على الطفل.

– تجنب الأساليب السلبية الأخرى في التعامل مع الطفل، كالقسوة والتذبذب والتلاعب بالحب والاستهزاء وكثرة التعليق والانتقاد..

– تدريب الطفل على الاعتماد على النفس تدريجياً حسب سنه.

– تنمية ثقة الطفل واعتزازه بنفسه، ولا يكون ذلك إلا باحترامه وتقدير مشاعره. ومن مظاهر الاحترام عدم استعمال الأساليب السلبية في التربية كالسخرية وكثرة الانتقاد والصراخ والألفاظ المهينة..

– إتاحة الفرص للطفل للاختلاط بالآخرين داخل المنزل وخارجه، سواء كانوا من أفراد العائلة أو أصدقاءً للأسرة، وإتاحة الفرص له لدعوة أصدقائه إلى المنزل أو خروجهم معه صحبة أحد والديه أو إخوته.

– تشجيعه على مصاحبتك لحضور المناسبات العامة أو زيارة الأصدقاء، وعلى التحدث أمام الكبار، وتجنب الاستهزاء به أو زجره أمامهم.

– اجعل طفلك يعي المعنى السلبي للخجل، وأنه لا يصح لنا كأشخاص نعتز بأنفسنا، أن نخشى الآخرين أو أن نعطي المواقف الاجتماعية أهمية أكثر مما تستحق، كي لا نرتبك ونفقد العفوية في التعامل والقدرة على التعبير عن ذواتنا.

– مساعدة الطفل الخجول على الانضمام لمجموعات اللعب داخل النادي والمدرسة، ليتعلم مهارات التعامل مع أقرانه.

– الطفل الخجول شديد الحساسية لتعليقات الآخرين، ومن المفيد له أن ينمي هوايات كالموسيقى أو الرسم.. كي يتمكن من التواصل مع مشاعره السلبية والإيجابية.

– ممارسة الطفل الخجول للرياضة بأنواعها واللعب الموجه، تساعده على التواصل مع مشاعره السلبية كالغضب والحزن والغيرة والألم..

– عدم مقارنة الطفل الخجول بغيره من الأطفال الأكثر جرأة اجتماعياً، كي لا يتزعزع تقديره لذاته.

– عدم وصفه بالخجول كأن يقال له، أنت خجول أكثر من اللازم، كي لا تترسخ صفة الخجل لديه.

– الحوار والإنصات إليه لمساعدته على التعبير عن نفسه، وعن أية إساءة قد يتعرض لها داخل المدرسة أو خارجها.

– ترك مساحة من الحرية للطفل، وتجاهل بعض تصرفاته غير المحتملة، ليكتشف نفسه ويتعلم من تجربة الخطأ والصواب.

– استخدام أسلوب الإيحاء الإيجابي ليرى نفسه شجاعاً، ويصبح أكثر جرأة.

– اختيار المدرسة المناسبة، ومراقبة اختياره لأصدقائه، فللأصدقاء تأثير كبير على بعضهم البعض.

– التعاون مع المدرس وإدارة المدرسة لتدريب الطفل الخجول على المواجهة والجرأة، بأن تتاح له فرص داخل القسم للتحدث أمام مجموعة التلاميذ والاشتراك في أنشطة المدرسة من تمثيل ومسرح وحفلات..

– محاربة ظاهرة التنمر التي يتعرض لها الطفل الضحية داخل المدرسة، بالتعاون بين الوالدين والمدرس والإدارة.

تأليف: د. فاطمة الكتاني