صراع الطفل من أجل ارتداء ملابسه، هي طريقة يعبر بها عن حاجته لتأكيد ذاته واستقلاليته. ويظهر هذا الصراع بعد نهاية العام الثاني وبداية الثالث مع ميلاد ذات الطفل، فقد يرغب في ارتداء ملابسه بنفسه ويرفض ارتداء ملابس من اختيار والدته، أو يميل إلى قطعة معينة من ملابسه ويصمم على ارتدائها باستمرار، أو يصر على اختيار ما يرغب هو في ارتدائه حتى وإن كان غير مناسب حسب ما تراه والدته…
إنها مواقف قد تتكرر يومياً وتسبب الكثير من الضيق والانزعاج للأم، وتحتار كيف تتصرف معه، وفي غياب الهدوء والحزم قد يؤدي تكرار مثل تلك المواقف إلى أزمة في العلاقة بين الأم والطفل وإلى استمرار الصراع الذي يؤزم الطفل نفسياً على المدى الأبعد. فمهما بدت المشكلة بسيطة إلا أنه لا بد للأم من اتخاذ موقف حاسم كي لا يتطور الأمر إلى صراع يومي بينهما قد يصل إلى حد استخدام الطفل للركل والصراخ وإلى إصابته بنوبات غضب. وفي مثل هذه الحالات لا بد من استخدام السلطة الحازمة، أساليب التحذير والتفسير ومن ثم إعطاء الأوامر والاستبعاد المؤقت.
سؤال: ماذا سنرتدي اليوم؟ إياك أن توجهه لطفلك لأنه سيفهم أنك لا تستطيع التحكم في الأمور وغير قادر على اختيار ما يناسبه، وسيقع هو في حيرة باعتباره صاحب القرار وهو من عليه القيام بعملية الاختيار. فالطفل الصغير يحتاج إلى سلطة حازمة، وإلى أن يفهم أنك أنت سيد الموقف.
من المهم تشجيع طفلك على ارتداء ملابسه بنفسه، فأنت تساعده وتشرح له ماذا تفعل كي يتعلم هو، ومن ثم سيتقن عملية الارتداء.
ويبدأ الطفل بالتعاون معك في ارتداء ملابسه في سن 12 شهراً تقريباً، حيث يمكنه وضع رجله في حذائه وذراعه في كم القميص. وفي سن 18 شهراً يمكنه خلع جواربه وحذائه. وفي السنتين يكون أكثر تعاوناً فهو يتمكن من خلع ملابسه بنفسه، ويصبح أكثر تحكماً بحركة يديه. وفي سن 4 – 5 سنوات يستطيع ارتداء ملابسه وخلعها باستثناء غلق الأزرار وربط خيوط الحذاء، ويستمتع بعملية اللبس والخلع. وفي سن ما بعد 5 سنوات يتمكن الطفل من اتقان عملية ارتداء ملابسه، مع وجود فروق فردية بين الأطفال في ذلك.
من المفيد أن تسمح لطفلك بالاختيار بين 2 – 3 قطع من ملابسه، خاصة بالنسبة للطفل العنيد، فالاختيار سيعطيه شعوراً بالاستقلالية وبأنه مقبول لديك. وإياك أن تعرض عليه خيارات كثيرة، أو أن تفرض عليه ما يرتديه عنوة ففي مثل هذه المواقف قد تواجهين مشاكل كثيرة معه. وفي حالة لاحظت أن طفلك يرغب باستمرار ارتداء قطعة معينة من ملابسه، فمن الأفضل إخفاؤها عن ناظريه، وفي نفس الوقت لا تعرض عليه خيارات بل حدد له ملابس من اختيارك وهيئها له قبل نومه..
ومن المهم استخدام أسلوب الثناء عندما يرتدي طفلك ملابسه دون صراع معك أو مشاكسة، وأيضاً يمكن استخدام أسلوب الدعابة والمرح عند مساعدته في ارتداء ملابسه، كي تكون أوقات ارتداء الملابس فرصاً لتوطيد العلاقة بينكما، تعبر فيها عن مدى حبك وحنانك وتقبلك له.
موقف ارتداء الملابس كأية مواقف أخرى تجمعك بطفلك تحتاج منك إلى هدوء وصبر، كي لا تتحول تلك المواقف إلى صراع يزداد فيها الطفل صعوبة.
تأليف: د. فاطمة الكتاني