تعتبر مشكلة النشاط المفرط لدى الأطفال من أكثر المشكلات صعوبة بالنسبة للوالدين. فالطفل ذو النشاط المفرط يمارس سلوكيات كثيرة بشكل قهري لا هدف لها ولا معنى دون أن يستطيع التحكم في نشاطه، وبالتالي فهو يسبب إزعاجاً وضيقاً كبيرين لمن حوله. وعادة ما تنقصه المهارة الاجتماعية فيصبح مرفوضاً بين أقرانه.
وترتبط بمشكلة النشاط المفرط مشكلة أخرى هي: نقص قدرة الطفل على التركيز على الأعمال المطلوبة منه أو التي في متناوله، وكنتيجة لذلك يتعرض هذا الطفل لغضب والديه وقسوتهم، وأيضاً لغضب مدرسيه والمحيطين به.
تعرض الطفل المفرط النشاط لرفض الآخرين ينعكس سلباً على تقديره لذاته وثقته بنفسه، حيث يدخل في دائرة من التفاعل السلبي المدمر لنفسه ولعلاقاته مع الآخرين. لذلك فهو يحتاج لمعاملة خاصة من قبل والديه، لتجنب النتائج السلبية المترتبة عن تعاملهما العفوي والتلقائي معه كرد فعل للغضب والإحباط اللذين يشعران به.
وتمس مشكلة النشاط المفرط الأطفال الذكور أكثر من الإناث (بنسبة 5 إلى 1).
أهم صفات الطفل المفرط النشاط
– الاندفاع وسرعة الانفعال والتهور، فهو تنقصه القدرة على الضبط الذاتي، لذلك قد تنتابه نوبات من الغضب الحاد لأسباب تافهة. نجده يتقلب ما بين الضحك والبكاء، يميل للعدوانية، ولا يستطيع التعبير عن نفسه بوضوح.
– سريع التحول من نشاط إلى نشاط آخر، وعدم قدرته على إنهاء المهمة التي بدأها. لذلك تتفاقم لديه مشكلة الانضباط في المدرسة والدراسة وإنجاز الواجبات، ويتعرض لصعوبات في التعلم والاستيعاب.
– يتشبث بأشياء بالية وتالفة، ويلعب بأشياء خطيرة كمفاتيح الكهرباء وعلبة الكبريت. يقفز ويندفع نحو الشارع، وقد يقوم بعض ورفس ودفع الأطفال الآخرين.
– يتصف بالعناد وعدم الطاعة، فقد يترك مائدة الطعام ليلعب ويعبث. كما لديه صعوبات في النوم.
أسباب النشاط المفرط
إن الأسباب المؤدية لمشكلة النشاط المفرط لا تزال موضوعاً لأسئلة لم تكتمل الإجابة عنها بعد. فهناك عوامل جسمية فسيولوجية طبية، وعوامل وراثية حيث تبين أن آباء الأطفال ذوي النشاط الزائد كانوا هم أيضاً من ذوي النشاط الزائد، وتوجد أيضاً عوامل نفسية واجتماعية، ومن أهم تلك العوامل الآتي:
– الاضطرابات النفسية للوالدين، والخلافات الزوجية.
– تعامل الوالدين السلبي مع سلوكيات الطفل المزعجة، كالميل للعقاب البدني والصراخ والسخرية والتلاعب بالحب والتهديد والمقارنة بأطفال آخرين يميلون للهدوء.. والتعامل معه كطفل غير عادي ومرفوض.
أهم الطرق الإيجابية والمفيدة للتعامل مع الطفل المفرط النشاط
– قدم له الحنان والعطف.
– الطفل المفرط النشاط اعتاد على أن يُعاقب على أشياء سواء قام بها أو لم يقم بها، وعادة القسوة غير مفيدة معه، لذلك ركز على سلوكياته الجيدة أو المرغوب فيها واعمل على الثناء عليها وتشجيعها، وفي هذه الحالة تكون قد ركزت انتباهك على سلوكه الإيجابي لا سلوكه السلبي، وكما سبق وبينت فالطفل دائماً يسعى للحصول على انتباهك واهتمامك به.
– تقنية «الاتفاق المشروط» مفيدة عند التعامل مع الطفل المفرط النشاط، حيث يلتزم هو بأداء بعض الأعمال المتفق عليها، كترتيب غرفته مثلاً، مقابل تقديم مكافأة له عند إنجازه العمل المتفق عليه.
– النشاط البدني يتيح له فرصة استهلاك الطاقة الزائدة، لذلك أعنه على ممارسة الرياضة أو اللعب المجهد، كالقفز على وسائد مطاطية والسباحة والجري وكرة القدم والجودو..
– يشعر الطفل المفرط النشاط برفض والديه لسلوكياته المزعجة، ويأخذ ذلك الرفض بشكل شخصي، فيتصور أنه مرفوض لذاته. مما يزيد من قلقه وبالتالي من نشاطه، وهذا ينعكس سلباً على تقديره لذاته. فإحساسه بأنه غير عادي يزيد مشكلته تفاقماً.
– تجنب استفزازه كي تتجنب عدوانيته، فالميل للعدوانية هي إحدى الصفات الغالبة لهؤلاء الأطفال.
– من المهم وضع قواعد قليلة وواضحة ومحددة لتربية هؤلاء الأطفال، وإرساء برنامج أو نظام ثابت ولكنه مرن، بالنسبة لأوقات اللعب والنوم وتناول الطعام والاستحمام وأداء الواجبات المدرسية..
– تدريبه بشكل تدريجي على الالتزام بأداء المهام المطلوبة منه، ومراعاة قدرته المحدودة على المكوث لفترة طويلة في مكان واحد. على سبيل المثال: دعه يجلس على كرسي لمدة 10 دقائق تزداد تدريجياً، وتحديد فترة للمذاكرة تبدأ بعشرين دقيقة..
– جعله يعتاد على اللعب بألعاب هادئة ومفيدة، كألعاب الفك والتركيب والتجميع والتلصيق والرسم والتلوين..
– تجاهل ما أمكن تصرفاته المزعجة التي هي في نفس الوقت ليست مؤذية أو ضارة.
– إبعاد الأشياء الثمينة والقابلة للكسر عن متناول يديه.
– إبعاده عن تناول المشروبات الغازية والمنبهات والسكريات، لأنها تزيد من نشاطه وتهيجه.
– ضرورة استخدام الحزم في تربيته، وتعلم كيف تقول كلمة (لا) بدون قسوة أو عنف.
– دربه على التعاون معك وإنجاز مهمات مناسبة لسنه، وقدم له الثناء والمدح عند قيامه بذلك.
– تحدث معه بطريقة إيجابية، على سبيل المثال: قل له اجمع ألعابك من فضلك، ولا تقل له ما هذه الفوضى دائماً ألعابك مشتتة هنا وهناك. وتوقع منه أن يطيعك ليشعر بأنك تثق به.
– من الضروري التواصل معه بالعين أثناء حديثك معه، كذلك باللمس والربت.. لتساعده على التركيز فيما تقوله له.
– كرر تعليماتك له بطريقة حازمة ولكن ودودة، فالتكرار مفيد ومهم مع هؤلاء الأطفال.
– يميل الطفل المفرط النشاط للعناد، لذلك تجنب مواقف المواجهة معه كي لا يزداد عناده فتتصرف بطريقة تندم عليها، وكن مرناً في تعاملك معه.
– لا تبالغ في تضخيم المتاعب التي يسببها لك كل يوم، ولا تتحدث عن تلك المتاعب بحضوره وتحمله وزرها كي لا يصبح مبرمجاً عليها.
– لا تضيع وقتك وجهدك في محاولة تغيير سماته بالقوة، بل حاول التركيز على الإيجابي من سماته.
– عاقبه على السلوك لا على الشخصية، فلا تنعته بصفات من قبيل: أنت ولد شقي وأنت عدواني، بل قل له تصرفك يزعجني توقف عنه..
– تحدث معه بالأوامر البسيطة وليس بالجمل الطويلة والأسئلة التي قد تربكه، على سبيل المثال: قل له اذهب وأحضر دفترك الآن، ولا تقل ألا تستطيع أن تجد كتابك.
– عندما يكون في حالة اضطراب لن يفهم كلامك، حاول تهدئته قبل أن تناقشه.
– استخدم أسلوب الإبلاغ معه، مثلاً: قل له باقي خمس دقائق وتذهب للنوم، كي يستعد نفسياً للقيام بما يُطلب منه.
– إذا كان في حالة اضطراب وهيجان وسط مجموعة، ووجدت صعوبة في السيطرة على حركاته، حاول أن ترافقه إلى مكان آخر هادئ ليسترخي.
– تواجد الأب ومساندته مهم بالنسبة لهؤلاء الأطفال، خاصة وأن أغلب الأطفال المفرطي النشاط هم من الذكور.
– لا تقارنه بغيره من الأطفال الذين يميلون للهدوء، كي لا يشعر بالإحباط وتتزعزع ثقته بنفسه، فما يقوم به خارج عن إرادته.
– حافظ على هدوء أعصابك وكن ثابتاً في مواجهة نوبات غضبه وهياجه.
– ضرورة التعاون بين البيت والمدرسة من أجل معاملة الطفل المفرط النشاط باحترام. ووضعه في المقاعد الأمامية داخل القسم، وتكليف المدرس له ببعض النشاطات البسيطة للحد من طاقته الزائدة، كمسح السبورة وجمع الدفاتر وإحضار الطباشير..
تأليف: د. فاطمة الكتاني