عادة تبدأ مشكلة رفض الطعام لدى الطفل بعد السنة الأولى من عمره. وهي من المشاكل الشائعة حيث يميل الطفل إلى تناول أغذية معينة أو يأكل كميات أقل مما ينبغي بالنسبة لسنه أو قد يرفض الطعام تماماً في بعض الأحيان..
تتناسب كمية الغذاء التي يحتاجها الطفل مع معدل نموه، على سبيل المثال: يزيد وزن طفل عمره ستة أشهر كيلو غراماً واحداً كل ثمانية أسابيع، بينما ينمو طفل عمره ثمانية عشر شهراً بسرعة أبطأ فهو يستغرق ستة أشهر ليزيد وزنه كيلو غراماً واحداً، وبالتالي لا يحتاج جسمه إلى الكثير من الغذاء. والطفل في سن ما بين سنة واحدة إلى ثلاث سنوات يميل إلى كثرة الحركة رغبة منه في إشباع فضوله لاكتشاف محيطه، ويميل كذلك إلى المعارضة وقول كلمة (لا)، وقد يرفض الطعام رغبة منه في تأكيد ذاته.. وتساهم الأم دون قصد منها في تفاقم هذه المشكلة، كيف يحدث ذلك؟
ترتبط مواقف إطعام الرضيع بعلاقته بأمه وحالتها النفسية، فعندما ترضعه أو تطعمه وهي منزعجة أو حزينة، فإن عملية الإطعام ترتبط لديه بالانزعاج والحزن، بالمقابل عندما ترضع الأم طفلها وهي في حالة سعادة وسكينة فإن عملية الإطعام ترتبط لديه بالسعادة والراحة. كما يساهم قلق الأم وشكواها الدائمة أمام الطفل، وإصرارها على أن يأكل أكثر من حاجته في تفاقم مشكلة رفضه للطعام.
من الأهمية بمكان أن تقدم الأم الحنان والحب لطفلها أثناء إرضاعه أو إطعامه كي ترتبط لديه أوقات الأكل بمشاعر الراحة والأمان. فاضطراب الأكل يعبر عن مشكلة نفسية عند الطفل، وعن خلل في نظامه الأسري.
فقد يكون رفض الطفل للطعام دافعاً لا شعورياً لمعاناته من معاملة قاسية أو قلقة أو مفرطة في الحماية يتلقاها من أمه، أو غيرة من أخ جديد، أو خلافات مستمرة بين الأبوين..
يرغب الطفل من خلال عملية تناوله لأكله في جذب انتباهك، والشعور باستقلاليته. لذلك فإن طريقتك في التعامل مع موضوع إطعامه تلعب دوراً مهماً في خلق مشكلة رفضه للطعام.
الأسباب التي تساهم فيها الأم في تواجد مشكلة رفض الطعام وتفاقمها
● إن قلق الأم وخوفها المبالغ فيه عندما يرفض طفلها الطعام، ينتقل للطفل فيربط بين مواقف الأكل ومشاعر الانزعاج، وهذا يزيد الأمر سوءًا.
● عندما تبدأ الأم في إطعام رضيعها فإن عدد الرضعات سينقص تدريجياً، وحين يرفض الرضيع وجبة الأكل قد تلجأ الأم إلى إعطائه الحليب مقابل الوجبة لتتحاشى بكاءه. هذا الأسلوب في التعامل يساعد الطفل على الدخول في مشكلة رفض الطعام.
● قد يكون من أسباب ضعف شهية الطفل، تناوله المبالغ فيه للحليب.
● عندما تقدم للطفل البسكويت والحلوى والشوكولا وغير ذلك، أو تترك تلك المأكولات السريعة في متناول يده، فإنه سيفقد شهيته عندما تقدم له الوجبات الرئيسية.
● عندما يرفض الطفل الطعام فتسارع إلى تقديم الخيارات البديلة له، كتقديم المأكولات ذات القيمة الغذائية المنخفضة. أو تتوسل إليه ليتناول وجبة طعامه أو ليكملها، كل ذلك يجعله يتلاعب بك لأنه نجح في جذب اهتمامك، فتتصاعد المشكلة نحو الأسوء.
● عدم انتظام أوقات الطعام يربك مزاج الطفل، وقد يؤدي به إلى فقدان شهيته للأكل.
● استخدام الأطعمة ذات القيمة الغذائية المنخفضة كمكافأة للطفل عندما يكمل وجبته، أو مساومته بها، يساعد على بروز مشكلة رفضه للأكل.
● قد يفقد الطفل شهيته للطعام في فترات التسنين، وفي فترات مرضه، وعند تعرضه لصدمة عاطفية كميلاد طفل جديد أو بداية دخوله للمدرسة..
● إصرارك على أن يأكل الطفل أكثر من حاجته، قد يؤثر على رغبته في تناول الطعام فينزعج في الفترات التي تجمعك به من أجل تناول الوجبات.
● سوء تنظيم أوقات وجبات الطعام.
● شعورك بالقلق الشديد عند حلول أوقات وجبات طفلك، فهو يلتقطها بسرعة وتِؤثر سلباً على رغبته في الطعام.
● استخدامك للتهديد كوسيلة لترغيبه في إكمال وجبته، كقولك له: سأذهب بك للطبيب، أو ستموت إن لم تأكل.. يجعله يكره الطعام.
أهم الطرق المناسبة للتعامل مع مشكلة رفض الطعام لدى الطفل الصغير
● عندما تبدأ الأم في انقاص عدد الرضعات مقابل تقديم الطعام لرضيعها، عليها الالتزام بتقديم وجبة طعام مقابل رضعة. ففي حالة رفض الرضيع للوجبة، عليها الامتناع عن إعطائه الحليب كبديل، كي لا تدخل في مشكلة رفضه للطعام.
● عودي طفلك على تناول الطعام بمفرده بعد عامه الثاني، واستخدمي في ذلك سياسة النفس الطويل لتدريبه على النظام واستخدام الملعقة والكأس. حددي له مكاناً معيناً ليأكل فيه عند بداية تعلمه كي لا تنتشر الفوضى في البيت، وبعدئذ يمكنه الجلوس مع العائلة على طاولة الأكل.
● عوّدي طفلك على تناول أطعمة صحية بين الوجبات، كقطع من الخضار والفواكه واللبن..
● لا تجعلي الأطعمة ذات القيمة الغذائية المنخفضة في متناول يد طفلك، ولا تستخدميها كمكافأة على حسن تصرفه.
● يمكنك تجنب الكثير من مشاكل الطعام إذا كنت تتمتعين بقليل من الصبر والهدوء، فقد تكون وجبة واحدة يتناولها طفلك في اليوم مع بضع لقيمات من آن لآخر كافية له كي يتمتع بالصحة والعافية.
● يجب أن تنظمي أوقات طعام طفلك ومكان أكله، على سبيل المثال: ممنوع الأكل أمام شاشة التلفاز، يجب غسل اليدين قبل الأكل، والجلوس إلى المائدة أثناء الطعام دون الانتقال من مكان لآخر.
● شجعي طفلك على التعاون معك عند إعداد مائدة الطعام واشكريه على ذلك، ودعيه يشاركك في قرار اختيار الأكلة للعائلة، كي يشعر باهتمامك وفي نفس الوقت تساعديه على أن يستعد نفسياً لتناول الأكل.
● لا تؤنبي طفلك لأنه لم يكمل تناول وجبته، بل قومي بذلك عندما يتجاوز حدود الأدب وهو على مائدة الطعام، كرميه للأكل على الأرض أو صراخه أو ركضه في أرجاء المكان، واستخدمي في هذه الحالات أساليب السيطرة الحازمة، فكثير من الأمهات يعتقدن أن فرض الحدود وقت الأكل يزيد الأمور تعقيداً، فيعملن على مسايرة الطفل، وهنا تزيد الأمور تعقداً.
● يحتاج الطفل إلى ثلاث وجبات في أوقات محددة من اليوم، ووجبتين خفيفتين قبل الظهر وفي المساء. إذا لم يتناول طعامه لا تجبريه على البقاء على المائدة، فالطفل يميل للعناد، وكحل وسط اقترحي عليه أن يأكل ثلاث أو أربع ملاعق من الأكل ثم دعيه يذهب. وإياك أن تعرضي عليه نوعاً آخر من الطعام، يجب أن يفهم أنه لن يحصل على بدائل أخرى.
● لا تعرضي خيارات من الطعام على الطفل الصغير، إذ قد يكون ذلك مدعاة إلى المشاكل، عليه أن يأكل من الصنف الموجود على المائدة.
● لا تجبري طفلك على تناول أكلات معينة لا يرغب فيها، أو قرر فجأة عدم تناولها كالبازلاء أو الملوخية مثلاً، فذلك يجعله ينفر من الطعام. ولكن إذا أخذت هذا الأمر ببساطة ولم تتوتري وتجاهلت رفضه، ستفاجئين به بعد عدة أيام يأكل من نفس الصنف الذي سبق له أن رفضه.
● لا تجبري الطفل على تناول الطعام، ولا تركزي على إكماله للكمية الموضوعة أمامه، كي لا يزيد عناده.
● لا تدخلي في صراع مع إرادة الطفل أو تهددينه بالعقاب، فذلك لن يحل المشكلة. فالطفل لن يأكل إلا إذا شعر بالجوع.
● لا تترجي الطفل أو تستعطفيه ليأكل.
● لا تنزعجي إذا لم يتناول طفلك كميات كبيرة من الطعام، المهم هو النوعية، يكفي قليلاً من الخضروات والفواكه واللحوم واللبن كي يتمتع بالصحة.
● عليك بالصبر وعدم فقد الأعصاب عند رفض طفلك تناول الطعام، فمن المهم التحلي بالمرونة والتعاطف.
● لا ترضخي لرغبات الطفل، ولا تستجيبي سريعاً لطلبه بتغيير الوجبة إذا لم ترق له، فالطفل غالباً ما يتشبث برأيه وليس بالطعام في حد ذاته.
● لا تعاندي الطفل ولا تدخلي معه في جدال إن هو أصَرَّ على رفض صنف معيَّن من الطعام، مثلاً، لا تقولي له: عليكَ أن تأكل الفاصولياء حالاً وإلاّ..
● حاولي أن تجعلي أوقات الطعام مليئة بالمرح والمتعة.
● لا تقلقي ما دام طفلك ينمو بشكل طبيعي، أما إذا لاحظت نقصان في وزنه أو نشاطه أو نموه فيجب في هذه الحالات أن تستشيري طبيباً للأطفال.
● أنت قدوة لأطفالك فاعملي على تناول الأكل الصحي.
تأليف: د. فاطمة الكتاني