لا تعني التغذية المثلى ما تتناوله من الغذاء فقط وإنما ما لا تتناوله أيضاً. فمنذ 1950 وجدت أكثر من 3500 مادة غذائية مصنعة طريقها إلى السوق مع مبيدات ومضادات حيوية ومخلفات هرمونية منتجة من الأغذية الخام كالحبوب واللحم. تعتبر معظم هذه الكيميائيات مواد مضادة للمغذيات (Anti- nutrients) حيث أنها توقف امتصاص واستخدام المغذيات أو تسرع إخراجها. وقد ولت تلك الأيام التي كان فيها الحصول على توازن بين المغذيات في الغذاء يعني ببساط الغذاء الصحي. واليوم لا تكتمل المعادلة إلا بتجنب الكيميائيات الضارة والتوقي من تلك التي لا يمكن تجنبها.
نتجت معظم الأمراض الحالية عن زيادة مضادات المغذيات كما عن قلة التغذية. وخذ السرطان كمثل الذي يرتبط ثلاثة أرباع مسبباته بزيادة مضادات المغذيات التي إما أن تكون كيميائيات مسببة للسرطان أو جذور حرة زائدة ناتجة عن التدخين. وهنالك العديد من المشاكل الصحية، من التهاب المفاصل إلى الإرهاق المزمن، يسببها تراكم مضادات المغذيات بما يزيد عن قدرة الجسم في إزالة آثارها. وعندما يتجاوز حدّ هذه المواد خط دفاع الجسم تتراكم السموم (كالمبيدات) في الأنسجة الدهنية وتصبح العقاقير الشائعة، وحبوب تخفيف الألم، سامة تدريجياً. وحتى منتجات الجسم الثانوية غير المؤذية التي يستفاد منها في توليد الطاقة من الكربوهيدرات، تأخذ هي الأخرى بالتراكم مسببة آلام العضلات والشعور بالوهن والإرهاق.
ويستهلك سنوياً في المملكة المتحدة وحدها أكثر من ربع مليون طن من كيميائيات الغذاء، و83 مليار سيجارة، و80 مليون وصفة لمسكنات الألم، و50 مليون وصفة لمضادات حيوية إضافة إلى أكثر من 50000 مادة كيميائية تُرمى إلى البيئة من قبل المصانع، و400 مليون ليتر من المبيدات ومضادات الأعشاب ترش فوق الأغذية والمراعي.
تشكل هذه المواد بمجموعها كم هائل من الملوثات الكيميائية التي تعمل وتتماسك على تهديد الصحة العالمية والبيئية.
تقويم العجز
وحتى الأغذية المحسَّنة الخالية من المضافات الاصطناعية ليست بالضرورة محايدة. فأي مادة غذائية تزودك بالمغذيات المفيدة للجسم بما يفوق ما موجود بالغذاء العادي هي بالضرورة مضادة للمغذيات، والعيش على مثل هذه الأغذية يسرق تدريجياً مغذيات الجسم الحيوية. ومما يذكر أن ثلثي الوحدات الحرارية في غذاء الإنسان الغربي العادي تأتي من هذه الأغذية.
أما الثلث الباقي فيكون من الغذاء المحضر لتعويض العوز لهذا العجز الغذائي، وكذلك لمحاربة بقية مضادات المغذيات ابتداءً من التلوث بعوادم السيارات مضادات الحشرات.
هذا ولا يعرف على وجه الدقة ما هي المغذيات المختصة التي تحتاجها لتقارع مضادات المغذيات هذه، إلا أنه من المؤكد أن كمياتها تفوق مستويات RDA. ولتأخذ فيتامين C مثلاً، فكم يحتاج المدخن من هذا الفيتامين يومياً ليحافظ على مستوى ثابت منه في دمه مقارنة بغير المدخن، مع الافتراض بمباشرة الإثنين بأخذ نفس الغذاء الحاوي على RDA بالتساوي؟ والجواب هو أكثر من 200 ملغ، أي أربعة أمثال مستوى RDA، كما أثبتت ذلك أبحاث Schectman وزملائه في كلية الطب، جامعة وسكنسن. وهذا المثال يصلح أيضاً بحالة مفرطي تناول الكحول، فقد يحتاج السكير إلى ما لا يقل عن 500 ملغ من فيتامين C يومياً، ست مرات مستوى RDA، لكي يحافظ على مستوى الفيتامين في دمه مقارنة بغير متناولي الكحول. وماذا بعد حول التلوث؟ فإن كنت تسكن أو تشتغل داخل المدينة فما هي مقدار حاجتك من مضادات التأكسد لتحصينك ضد مضادات المغذيات؟ إنها دون شك أكبر من مستويات RDA، وفي حال فيتامين C الذي يبطل مفعوله بوجود ما لا يقل عن 50 مادة كيمياوية غير مرغوب بها، ومن ضمنها دخان عوادم السيارات، فقد يكون أخذ 1000 ملغ منه يومياً مقداراً مناسباً تماماً.
الدفاع عن النفس ضد الكيميائيات
لقد سمح بالكيميائيات المصنفة أن تدخل السلسلة الغذائية طالما أنها لا تسبب أي أخطار صحية. ولم يؤخذ بالحسبان حالة مضادات المغذيات. فالتارترازين أو E102، وهو من العوامل الملونة للغذاء الشائعة الاستعمال، يُعد حالة خاصة. فقد عرف عنها منذ وقت طويل بأنها تسبب فرط حساسية لدى بعض الأطفال. ولكي يعرف الدكتور Neil Ward وفريقه من جامعة Surrey السبب في ذلك تم إعطاء مجموعتين من الأطفال مشروبين متماثلين يحتوي أحدهما على التارترازين ثم قيس مستوى المعادن قبل وبعد أخذ المشروب فوجد أن الأطفال الذين أخذوا التارترازين أصبحوا أكثر نشاطاً مع نقص واضح في مقدار الزنك في دمائهم وزيادته في البول. وقد كان الاستنتاج أن التارترازين قد سرق من الأطفال الزنك وأن هذا النقص يرتبط بخطر متزايد في سلوك وطبيعة عمل الجهاز المناعي.
إن التارترازين هو واحد من مئات الكيميائيات المضافة للغذاء التي جرى فحصها بهذه الطريقة فيما التساؤل هو عما يجب أن تخضع له الكيميائيات من مستوى أمان قبل أن يسمح بأن تضاف للغذاء؟ أم هل أن بقية المضافات بريئة حتى يثبت العكس؟ ومع أن التشريعات الخاصة بإجازة الأغذية المصنعة أصبحت أكثر صرامة إلا أن اختبارات الأمان الخاصة بتأثير مضادات المغذيات لا تزال غير موجودة على قائمة التشريعات.
مشكلة مبيدات الحشرات (Pesticide):
لا تخبرك العلامات اللصيقة على الغذاء كل شيء. فما عدا بعض المواد العضوية، تحتوي جميع الأغذية على آثار وبقايا من مبيدات الحشرات وتحتوي كمية الفاكهة والخضار التي يستهلكها الفرد في السنة ما يعادل غالون واحد من مبيدات الحشرات التي رشت بها.
وأول عائلة من مبيدات الحشرات مبيدات الحشرات كانت الكلورينات العضوية Organochlorines التي تبين بأنها على درجة عالية من السمية وصعوبة التحلل مما أدى إلى تحريمها واستبدالها بالفوسفات العضوي Organophosphates الذي يتوفر منه الآن مئات الأنواع. ويصرف في المملكة المتحدة أكثر من 400 مليون باوند سنوياً على هذه المبيدات للحشرات أي ما يوازي 23.5 طناً أو 420 غرام لكل شخص.
وكأسلافها تعتبر عائلة الفوسفات العضوية من المواد المسببة للسرطان والمطفرة (Mutagenic)، كما أنها سامة للدماغ والجهاز العصبي. وأن أكثر من 40% من مبيدات الحشرات المستخدمة حالياً قد أثبتت بأنها مسببة للسرطانات، ومرتبطة بالتشوهات الولادية والعقم، وأن التعرض لمبيدات الحشرات يرتبط بالاكتئاب ووهن الذاكرة وتقلب المزاج مع جيشان عاطفي، ومرض باركنسون. ويضيف البروفسور William Rea أعراضاً أخرى كالربو والأكزيما وصداع الشقيقة وتتلازم مع اضطراب الإمعاء والتهاب الأغشية المخاطية. إن التعرض الشديد لمبيدات الحشرات يبدو أكثر انتشاراً مما يُصور لنا. ففي عام 1994 أجريت دراسة مسحية على الجزر فوُجد أن بعض الناس تحتوي أجسامهم على مستويات ترسبية من مبيدات الحشرات تفوق 25 مرة حد الأمان (Safety Level). وفي عام 1995 وجد أن 10% من الخس يحتوي على مستويات من مبيدات الحشرات تفوق حد الأمان.
الغذاء المُهندس وراثياً
لا تزال تأثيرات الأغذية المهندسة وراثياً على النظام البيئي وصحتنا غير معروفة حتى الآن. ومن أبرز أهداف تقنية الهندسة الوراثية إنتاج نباتات، كفول الصويا مثلاً، مقاومة لأنواع معينة من مبيدات الحشرات. وبعبارة أخرى أنه عند رش هذا النبات بمبيد الحشرات، تموت الحشرات ويتلوث النبات ولكن المحصول يزداد، وندفع نحن المستهلكين الثمن. فيما يجني المزارعون وشركات الكيميائيات الزراعية (التي تمتلك براءات فصائل الصويا الجديدة ومبيد الحشرات الذي تقاومه) الأرباح. ثم يقال بأن هذا التطور التقْني هو لمصلحة الإنسانية. هذا وتقوم مجموعات مناهضة من المستهلكين بحملات لوضع لواصق واضحة تبين إن كان الغذاء مهندساً وراثياً وينصحون ذوي الألباب من المستهلكين أن يتحاشوا هذه المنتجات.
هل تشرب ماءً صالح للشرب؟
ليس الماء مجرد H2O، فالماء الطبيعي يحتوي على كميات معنوية من المعادن: فمياه الينابيع مثلاً تحتوي على 100 ملغ من الكالسيوم في الليتر وأن معدل الإستهلاك اليومي من الماء لا يقل عن الليتر بينما يحتاج الجسم إلى 600 ملغ من الكالسيوم. إذن، فإن مياه اليانبيع تزودك بسدس حاجتك من الكالسيوم، وإن مياه الشرب المعبأة بالقناني ليست بالضرورة مياه ينابيع، كما أن المياه المعاملة صناعياً بالكاربون يُستنزف محتواها من المعادن. وفي المياه المعاملة طبيعياً بالكاربون، ترتبط جزئيات الكاربون بالمعادن الموجودة بالصخور فتنتقل إلى أجسامنا. أما الكاربون في المياه المعاملة صناعياً فهو غير مرتبط. ولكنه يرتبط مع المعادن داخل أجسامنا فيزيلها منه. ولهذا السبب نجد أن الناس الذين يستهلكون الكثير من المشروبات الكاربونية تترقق عظامهم قياساً بالآخرين.
أما مياه الحنفية (Tap Water)، وهي من صنف المياه القليلة العكر (Soaft)، فتزودك بـ 30 ملغ من الكالسيوم في اليوم فضلاً عن ذلك فإنها تحتوي على مستويات عالية من النترات، والميثان ثلاثي الكلور، والرصاص والألمينيوم وكلها مواد مضادة للمغذيات بشكل صارخ. ويزيد مستوى هذه المضادات عن حد الأمان في عموم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. فتحتوي ربع مياه الحنفية في المملكة المتحدة على مبيدات تفوق أعلى تركيز مسموح به (MAC) والمقرر من قبل EC لضمان سلامتنا. وقد دعا الاهتمام بمشكلة التلوث عدداً من الناس إلى الانصراف عن مياه الحنفية إلى مياه القناني، أو المياه المقطرة، أو المرشحة. علماً بأن الترشيح والتقطير لا يزيل الشوائب فقط وإنما عدداً كبيراً من المعادن الطبيعية وهذا يدفع بدوره لسد الحاجة لهذه المعادن عن طريق الغذاء.
خارج المقلاة
إن ما نصنعه بالغذاء في المطبخ يغيِّر التوازن بين المغذيات ومضاداتها. فإن قلي الغذاء بالدهن ينتج ما يسمى بالجذور الحرة (Free Radicals) وهي كيميائيات شديدة التفاعل تدمر الدهون الأساسية في الغذاء وبإمكانها تدمير الخلايا، وزيادة خطر الإصابة بالسرطان، وأمراض القلب والشيخوخة المبكرة إضافة إلى تدميرها المغذيات الأهم كفيتامين A وE وهما يحميانا من هذه الجذور الخطرة.
هذا ويعتمد التأثير المدمر للقلي على نوع الدهن المستخدم، ودرجة الحرارة، ومدة القلي. ومن المفارقة أن الزيوت متعددة اللاتشبع Polyunsaturated الجيدة والتي تتأكسد بسرعة، تصبح هنا محولة للدهون وغير مستساغة. وعليه إذن فالقلي بالزبدة (دهون مشبعة) أو زيت الزيتون (زيت أحادي التشبع) يعتبر أكثر أمناً. كما أن القلي العميق (Deep frying) أكثر سوءاً من القلي لمدة دقيقتين يتبع بإضافة صلصة مائية ثم تغطية المقلاة لكي ينضج الغذاء بالبخار وبدرجات أقل بكثير من القلي العميق. وتعتبر طرق الشوي والطبخ بالبخار والغلي أو السلق أكثر أمناً من طريقة القلي بأشكالها المختلفة. وإجمالاً فإن زيادة مدة طبخ الغذاء بأي طريقة كانت يقلل من المحتوى الغذائي للغذاء.
ليس غذائك هو المهم فقط وإنما ما يحتوي غذائك أيضاً، ففي منتصف التسعينات هلع الناس من خبر وجود مادة الفثالايت (Phthalates)، التي تستخدم لتنعيم البلاستيك، في تسعة أنواع من أغذية الأطفال، مما يدعو للتساؤل كم من هذه المواد المحطمة للهورمونات تجد طريقها في السلسلة الغذائية التي نستهلكها؟ ولعل الجواب يأتيك عند تفحص متوسط ما تحتويه عربة التسوق العادي من الأغذية المصنعة.
وهذا لا يشمل فقط المنتجات المعلّبة فقط وإنما الطرية الملفوفة بالنايلون والبلاستيك والمشروبات المعلبة بالكارتون المبطن بالبلاستيك. وقد وجد في تحليل لعشرين مُنتج غذائي معلب ومبطن بالبلاستيك، معدلات عالية من مادة Bisphenol-A تزيد بسبعة وعشرين ضعفاً عن المستوى الذي يجعل خلايا سرطان الثدي تشرع بالتوالد.
ما هي حصيلتك من مضادات المغذيات؟
أعطِ نقطة واحدة لكل جواب بنعم
– هل تشرب ماء الحنفية؟
– هل أن أكثر من نصف ما تتناوله من غذاء هو غير عضوي؟
– هل تقضي ساعة أو أكثر كل يوم في زحام المرور؟
– هل تعيش في المدينة؟
– هل تدخن، أو تعيش أو تعمل مع مدخنين؟
– هل تأكل غذاء مقلي عادة؟
– هل تأخذ أكثر من 20 حبة مخفف للألم في السنة؟
– هل تأخذ، كمعدل، دورة تعليمية واحدة في المضادات الحيوية في السنة؟
– هل أن معظم الأغذية التي تتناولها تحفظ أو تمس البلاستيك أو النايلون؟
النتيجة المثالية هي 0. 5 أو أكثر يعني بأنك تأخذ كميات من مضادات المغذيات. إن أي جواب بنعم يؤشر مساحة في غذائك وأسلوب حياتك التي يتوجب التنبه إليها.
ولسوء الحظ، لا يُطالب مصنعي البلاستيك، بإقرار ما يحتويه منتجهم من مواد. كذلك، فإنه مع تزايد عدد الكيميائيات المحطمة للهرمونات لم تصدر حتى الآن قائمة بها تحدد ما يتوجب تحاشيه وما هو آمن. والآن، خير ما ينصح به أن تقلل من كميات الأغذية السائلة والدهنية التي تباع بأغلفة أو علب بلاستيكية وهذا يعني أن القناني والعلب الزجاجية أكثر أمناً من القناني البلاستيكية أو العلب الكارتونية المبطنة به، وأن العلب الورقية أضمن من البلاستيكية. أما البلاستيك الصلب (Hard Plastic) فأقل خطراً، إذن إحفظ الأجبان مثلاً في حاوية بلاستيكية بدل لفها برقاقة بلاستيك.
قلِّل العقاقير الصيدلانية
إن معظم الأدوية الشائعة هي الأخرى مضادات للمغذيات. وفي المملكة المتحدة وحدها توصف سنوياً 461 مليون وصفة طبية بكلفة إجمالية تقارب 3.5 مليار باوند. وأن الفاتورة الدوائية في الولايات المتحدة تزيد عن 58 مليار دولار سنوياً. ويصرف في المملكة المتحدة 577 مليون باوند سنوياً على شراء مخففات الألم كالإسبرين والباراسيتمول.
والمعروف أن حامض السالسليك، وهي المادة الفعالة في الأسبرين وبقية مخففات الألم، عامل مهيج معوي – معدي، يزيد من طراوة جدران الامعاء مما يؤدي إلى اختلال في امتصاص المغذيات فيسمح للغذاء غير المهضوم تماماً بالنفاذ إلى المجرى الدموي، ويغير النظام المناعي ويطلق الاستجابة التحسسية ضد الغذاء الاعتيادي الذي يؤدي مع الوقت إلى إضعاف النظام المناعي وتشجيع الالتهابات وحرق الفيتامينات والمعادن الحيوية اللازمة لمناعة صحية، إضافة إلى ما يحدثه من نزف في المعدة أو الامعاء.
والبديل هو الباراسيتامول الذي تؤخذ منه 4 مليارات حبة في عموم العالم سنوياً. ومع أن الباراسيتامول رحيم على الامعاء إلا أنه ليس كذلك على الكبد. وبالنتيجة، ينتهي المطاف بثلاثين ألف شخص (في المملكة المتحدة وحدها) كل سنة إلى المستشفيات. وقد أعلن سنة 1994 في المملكة المتحدة عن 115 حالة وفاة لها علاقة بشكل أو بآخر بالباراسيتامول. ويقول البروفسور Sir David Carter من جامعة ادنبر إن حالة من كل عشر حالات نقل كبد يحتمها الضرر الناشىء عن تناول جرع عالية من الباراسيتامول. وحيث أن عشرين حبة من الباراسيتامول قد تسبب قتلك إلا أن حبة واحدة منها كفيلة بإتعاب الكبد. فإذا تناول أحدهم ست حبات في اليوم دون أخذ المغذيات التي تعين الكبد لإزالة سمومها فإن ذلك سيحجم قدرته في التعامل مع بقية السموم كالكحول مثلاً. لا سيما وأن اتحاد الكحول بالباراسيتامول يشكل خطورة خاصة. إذ أن الأخير يكون نواتج سمية لا يكسرها إلا الكبد عندما يحتوي الجسم على خزين كافي من الحامض الأميني (غلوتاثيون) الذي يصبح الجسم عند نفاذه في مشكلة عويصة.
تمتلك معظم الأدوية والعقاقير تأثيرات مباشرة على حالتك الغذائية فالمضادات الحيوية مثلاً تقضي على البكتيريا المفيدة في امعائك التي تنتج لك كميات مناسبة من فيتامين B، وتسهل الطريق لنمو البكتيريا الانتهازية مما يزيد من خطر حصول الالتهابات. وفي الوقت نفسه قدّر المعهد الوطني للصحة NIH الأمريكي أنه في سنة 2000 سيستهلك العالم ما مجموعه 50000 طن من المضادات الحيوية سنوياً.
وخلاصة القول فإن القرن العشرين قد غيّر تماماً المحيط الكيميائي لكل الأنواع على سطح الأرض، ولنأمل إن يعمل القرن الحادي والعشرين وبنفس الهمة على كنس وتنظيف هذه القذارة.
وسنحتاج جميعاً لمعرفة معنى «التغذية المناسبة» ليس فقط من خلال ما تحتاجه أجسامنا لتكون صحية وإنما ما نحتاج للتصدي أو الوقاية من مضادات المغذيات. وهنالك بعض التغييرات البسيطة التي يمكن أن نجريها على عاداتنا الغذائية وأسلوب حياتنا لتقليل الحِمْل الظرفي أو المحيطي وهي المبادىء الأساسية في تحقيق التغذية المناسبة».
بعض الإرشادات التي تعين في تقليل الحِمْل المحيطي
● اقتن فلتر ماء ثابت (Plumbed in) من النوع الجيد واحرص على تنظيف مرشحته كل ستة أشهر، الفلتر الكامن (Jug Filter) يمكن أن يكون مفيداً أيضاً شرط استبدال الخرطوشة بحسب المعلومات.
● اغسل وقشّر الفاكهة والخضار.
● لا تقلي الغذاء قلياً عميقاً أبداً والجأ إلى المطبخ التجاري بدل القلي.
● اشترِ المشروبات المعبأة بقناني زجاجية وليس بلاستيكية أو كارتونية.
● أعد ترتيب جدول عملك اليومي لتقليل الوقت الذي تقضيه في زحمة المرور.
● لا تحتسي الكحول وتجنب الأمكنة المفعمة بالدخان.
● تجنب الأدوية والعقاقير الطبية ما لم تكن الخيار الأوحد لعلاج مشكلة صحية. وإذا ما اشتكيت من التهابات متكررة أو أوجاع تحرى عن السبب الأصلي بدل الاعتماد على مسكنات الألم أو المضادات الحيوية.