التصنيفات
الصحة العامة

المضادات الحيوية: قواعد الاستعمال | الانتانات

تطال المعالجة بالمضادات الحيوية 30 – 40% من المرضى، وهكذا فهي تحتل المركز الثاني للميزانية الدوائية في المشافي، مع العلم أن ثلث المعالجة المحققة بالمضادات الحيوية هي معالجة غير مكيفة بشكل صحيح سواء كان كمياً أو كيفياً. هذا وإذا كان وصف المضاد الحيوي يحقق بشكل شخصي وغالباً مفيد، فإن المعالجة بالمضادات الحيوية تمثل فعلاً جماعياً مهماً، وذلك لتغييرها للبيئة الجرثومية للمشفى ولمساهمتها بهذا الشكل بتوليد الإنتانات النوزوكوميالية، الاستعمال الجيد للمضادات الحيوية يمر عبر معرفة واحترام قواعد الاستعمال، واتباع سياسة معالجة بالمضادات الحيوية توفق ما بين الفعالية العلاجية والسيطرة على المقاومة الجرثومية والكلفة.

1. اختيار المضاد الحيوي

1. الاختيار بحسب الخصائص الجرثومية:

أ. تحديد الجرثوم المسبب:

يتعلق اختيار المضاد الحيوي بالجرثوم المعزول، أو بالجرثوم المفترض أنه مسؤول عن المرض. هذا ومن غير المهم أخذ عينة للفحص الجرثومي في حال كون التشخيص السريري كافياً:

– توافق سريري – جرثومي جيد (التهاب بلعوم، حمرة، تقيح جلد).

– حساسية العضويات المسببة على مضادات الإنتان العادية (أو إصابة بالتهاب مثانة عند امرأة شابة).

– الجرثوم المتطلب علاجه محدود (المكورات العقدية الحالة للدم B والمسببة لالتهاب البلعوم، كلوستريديام بيرفرينجيس المسؤولة عن الغنغرينة الغازية). من ناحية أخرى فإن أخذ عينة للفحص الجرثومي يعتبر ضرورياً في حالة كون الإنتان شديداً، المريض هشاً، وجود عدة جراثيم ممكن أن تسبب الإنتان، أو في حالة كون حساسية الجرثوم للمضادات الحيوية غير ثابتة (الشك بتجرثم دم، التهاب شغاف القلب الإنتاني، التهاب سحايا، إنتان بولي عالٍ، تجمعات قيحية مختلفة، كل إنتان عند مثبطي المناعة، إنتان نوزوكوميالي، داء السل).

ب. تحديد الحساسية الجرثومية للمضاد الحيوي:

يتعلق اختيار المضاد الحيوي أيضاً بحساسية الجرثوم المسبب له. المعالجة الاحتمالية بالمضادات الحيوية تأخذ بالحسبان:

– معطيات جرثومية عامة، بصورة خاصة معرفة طيفه المضاد للجراثيم والمثبت على زمر جرثومية مرجعية.

– معطيات جرثومية وبيئية محلية انطلاقاً من نسبة مئوية للمقاومة والتي تكون متغيرة من مشفى لآخر وحتى من شعبة لأخرى (مقاومة أكبر في شعبة العناية المشددة منها في شعبة الأمراض الداخلية).

– معطيات سريرية: وجود حالة سريرية خطيرة يفرض استعمال المضاد الحيوي الذي المقاومة الجرثومي له تكون أقل ما يمكن (حالة إنتان نوزوكوميالي بالمكورات العنقودية، حيث يجب معالجته منذ البدء بالغليكوببتيد).

ج. المعالجة بالمضادات الحيوية ذات الخيار الثاني:

بعد تحديد الجرثوم والحصول على اختبار التحسس الجرثومي للمضاد الحيوي، فإنه من المفضل اللجوء إلى تكييف المعالجة بالمضادات الحيوية، هذا يعني اختيار المضاد الحيوي الفعال على الجرثوم المعزول.

2. الاختيار بحسب الخصائص الدوائية:

يجب أن يكون المضاد الحيوي فعالاً في مكان الإنتان (أو العضو المصاب بالإنتان) مما يعني أن تركيزه النسيجي يجب أن يعادل على الأقل التركيز المثبط الأصغر (وإذا كان ممكناً الـ CMB) للجرثوم المسبب.

هذا الشرط يتعلق بعدة عوامل تتداخل في الحركية الدوائية للمضاد الحيوي وتؤثر على وصفه.

الامتصاص: في حال عدم امتصاص صاد حيوي ما بواسطة الأنبوب الهضمي فإن هذا المضاد لا يمكن وصفه لمعالجة الإنتانات المتعممة. ولكن حتى في حالة إمكانية امتصاص المضاد الحيوي عن طريق الأنبوب الهضمي فإن هذا الامتصاص يمكن أن يتغير (الأطعمة، الحالة الوظيفية للأنبوب الهضمي، الحالة الهيموديناميكية، التفاعل ما بين الأدوية). باستثناء الفلووروكينولون حيث يحتفظ بالطريق الفموي عادة من أجل الإنتانات القليلة الشدة أو لمتابعة معالجة كان قد بدأ بها عن طريق الوريد أو العضل.

الانتشار أو (الاختراق) Diffusion: من المهم معرفة الانتشار النسيجي والخلوي للمضادات الحيوية، الطريقة التي تجتاز بها بعض الحواجز الطبيعية (دموية سحائية، مشيمية، عينية، بروستاتية، عظمية). في حالة التهابات شغاف القلب الإنتانية، فإن المضادات الحيوية ذات التركيزات المصلية المرتفعة يمكن أن تخترق البراعم.

التبدل البيولوجي Biotransformation: هناك صادات حيوية تطرح من دون أي تغير فيها، وصادات حيوية أخرى تطرح بعد تحولها إلى مواد استقلابية ذات فعالية مضادة للإنتان متغيرة.

منتصف الحياة المصلية Demi-vie sérique: إن فترة تعادل 4 مرات لمنتصف الحياة، يجب أن تفصل ما بين جرعة وأخرى، وذلك بالنسبة لمضادات حيوية ذات فعالية مضادة للجراثيم “متعلقة بالزمن” وخالية من فعالية لاحقة مضادة للجراثيم (بيتالاكتامين بالنسبة للجراثيم غرام السلبية، غليكوببتيد بالنسبة للجراثيم غرام إيجابية). وعلى العكس من ذلك فإن الأمينوزيدات ذات الفعالية المضادة للجراثيم “المتعلقة بالجرعة” والتي تملك فعالية لاحقة مضادة للجراثيم، يمكن أن تعطى بفترات أكثر تباعداً: حقنة واحدة كل 12 ساعة من أجل منتصف حياة مقارب لساعتين، حتى أنه بالإمكان إعطاء حقنة واحدة كل 24 ساعة (ما عدا عند الأشخاص الذين عندهم نقص في الكريات البيض أو المصابين بالتهاب شغاف قلب إنتاني).

الطرح: من المهم معرفة طريق الطرح (بولي أو صفراوي)، وذلك لمعالجة إنتان متوضع على هذا المستوى، ومن ناحية أخرى من أجل تعديل الجرعة في حالة قصور أحد هذه الطرق.

التركيزات المصلية: إن معايرات للأمينوزيدات في قمة تركيزها، أو في تركيزها المتبقي، أو للغليكوببتيدات فقط في حالة تركيزها المتبقي، تسمح بالحفاظ على تركيزات مناسبة للمعالجة وغير سمية.

3. الاختيار بحسب المريض:

يجب أن يأخذ المضاد الحيوي بعين الاعتبار وضع المريض الصحي.

عند حديث الولادة والرضيع، يجب تجنب الأدوية الفينيكولية، السيكلينات، السلفاميدات، الفلووروكينولونات، ويجب تفضيل استعمال البيتالاكتامين، الماكروليدات، وفي حالة الضرورة تستعمل الأمينوزيدات فقط.

عند المرأة الحامل فقط البيتالاكتامينات والماكروليدات يمكن أن تستعمل بكل اطمئنان وذلك طوال فترة الحمل.

عند الشخص المسن، يجب الأخذ بالحسبان التدهور الفيزيولوجي في الوظيفة الكلوية (رغم كون الكرياتينين في الحدود الطبيعية). معادلة كوكروفت تسمح بتقدير وظيفة الكلية حسب عمر المريض:

تصفية الكرياتينين = (140 – العمر) × الوزن (كغ) × 1.23 (رجل) أو 1.04 (امرأة)

كرياتينين الدم (ملي مول/ل)

هذا ويجب أن يؤخذ بالحسبان وجود القصور الكلوي أو الكبدي مما يؤدي إلى تجنب استعمال بعض المضادات الحيوية أو إلى تكييف أفضل لجرعتها (الأمينوزيد والقصور الكلوي). وجود حساسية مثبتة وهامة (صدمة تحسسية، وذمة تحسسية) لمضاد حيوي ما، تشكل مضاد استطباب قطعي لإعادة استعمال هذا المضاد. ولكن وجود حساسية على البنيسيللين لا تشكل مضاد استطباب قطعي لاستعمال السيفالوسبورين أو المونوباكتام لأن احتمال حدوث حساسية متصالبة ما بين البيتالاكتامينات ضعيف (5%).

عند الشخص ذو الكريات المحببة الناقصة وذو المناعة المثبطة، فإن المضاد الحيوي يجب أن يكون قاتلاً للجراثيم.

4. الاختيار بحسب الخصائص السمية:

في حال وجود صادين حيويين ذوي فعالية متماثلة، فإنه يجب اختيار المضاد الحيوي الأقل سمية.

5. الاختيار بحسب الخصائص البيئية:

بقدر الإمكان يجب استعمال المضاد الحيوي ذي الطيف الأضيق والمحدود، لأن استعمال المضاد الحيوي الواسع الطيف يؤدي إلى ظهور المقاومة الجرثومية بكثرة. من المفضل استعمال الأمينوبنيسيللينات، السيفالوسبورينات والأمينوزيدات.

6. الاختيار حسب الخصائص الاقتصادية:

يجب اختيار المضاد الحيوي الأقل كلفة في حال كون فعاليته مماثلة لمضاد حيوي آخر أكثر كلفة.

2. الطرق العملية لإعطاء المضاد الحيوي

1. معالجة بصاد حيوي وحيد أم بصادين حيويين:

إذا كانت المعالجة بصاد حيوي وحيد هي الأساس، فإن مرافقة المضادات الحيوية فيما بينها لها عدة أهداف: الحصول على فعالية متضافرة، زيادة سرعة قتل الجرثوم، توسيع الطيف المضاد للجرثوم في حالة إنتان غير معروف السبب أو مسبب من عدة جراثيم، وأخيراً الإنقاص من حدوث طفرات جرثومية مقاومة.

استطباب مرافقة المضادات الحيوية ينصح به حسب:

– الجرثوم المسبب: بروسيللا، بسودوموناس، جراثيم معوية، سيراسيا، سيتروباكتير، أسينيتوباكتير، جراثيم فطرية.

– موضع الإصابة: التهاب شغاف القلب الإنتاني، إنتانات حوضية أو بريتوانية، إنتانات نوزوكوميالية.

– المضاد الحيوي: ريفامبيسين، فوسفوميسين، حمض الفوسيديك، كينولون لأن احتمال اصطفاء طفرات مقاومة كثير الارتفاع في حال استعمال هذه المضادات الحيوية وحيدة.

– المريض: مريض عنده نقص في الكريات البيض أو مثبط المناعة.

2. طريق الإعطاء:

يستطب الطريق الفموي في حالة كون الجرثوم المسبب حساس بشكل عام، إذا كان الإنتان غير شديد، وإذا كان التوفر البيولوجي Biodisponibilité للمضاد الحيوي جيداً.

الطريق الوريدي يكون أكثر مناسبة في حالة الإنتانات الخطيرة: حقن مباشر داخل الوريد، حقن لمدة قصيرة أو مستمر (بنيسيللين G). هذا ويمكن استعمال الطريق داخل العضل بالنسبة للأمينوزيدات، للسيفترياكسون، وللتيكوبلانين، وذلك في حال غياب اضطرابات تخثرية.

3. مدة المعالجة:

مدة المعالجة بالمضادات الحيوية ترتكز على قواعد خبراتية. الاتجاه الحالي هو نحو تقصير مدة المعالجة وذلك لتجنب اصطفاء جراثيم متعددة المقاومة. من هذا المنطلق، بالنسبة لبعض الإنتانات فإنه بالإمكان تحديد مدة معالجة مثلى.

3. مراقبة المعالجة وتكييفها (جدول 1)

تُقوم المعالجة بعد 48 – 72 سا: يجب الامتناع عن تغيير المعالجة الدوائية قبل 48 سا إلا في حالة حصول تغير سريري أو ظهور نتيجة جرثومية فارضان إجراء التغيير. في الحالات الأقل خطورة، فإن مراقبة الاستجابة على المعالجة تعتمد على تطور الصورة السريرية. المراقبة بواسطة الفحوص الجرثومية تفرض نفسها في حالة غياب الاستجابة السريرية المناسبة، أو في الحالات التي نتائج الفحوص الجرثومية لها كانت إيجابية وذلك قبل البدء بالمعالجة بالمضادات الحيوية. في حالة المعالجات ذات الفترة الطويلة، فإن قياس التركيزات المصلية القمية Pic والمتبقية Residuel يجب أن تجرى بشكل روتيني بعد 48 سا ومن ثم مرتين بالأسبوع وذلك بالنسبة للأمينوزيدات أو للغليكوببتيدات، هذه القياسات تسمح بالتأكد من وجود عيارات فعالة وبتجنب العيارات السمية، هذا ويجب تقويم المعالجة بشكل دائم على مستوى الفعالية والسمية.

جدول 1 – عناصر المراقبة

المضادات الحيوية الآثار الجانبية الأساسية المراقبة
– البنيسيللينات حساسية

نوبات اختلاجية

الاستجواب

جرعة مناسبة

– السيفالوسبورينات حساسية الاستجواب
– الأمينوزيدات سمية سمعية وكلوية وظيفة الكلية

تركيزها المصلي

معالجة قصيرة الأمد

– الماكروليدات وشبيهاتها عدم تحمل هضمي

تحسس للضياء

تداخل في التفاعل الدوائي

مراقبة اللحف

جرعة مناسبة

– كوتريموكسازول سمية دموية

سمية جلدية

تعداد وصيغة

مراقبة اللحف

– فلووروكينولونات عدم تحمل هضمي

تحسس للضياء

آثار عصبية نفسية

تناذر ألم مفصلي عضلي

مرض في الوتر، وتمزق الوتر

جرعة مناسبة

الحذر في الاستعمال

مراقبة اللحف

مراقبة الحالة العقلية

4. مبادئ استعمال المضادات الحيوية في المشفى

1. المضادات الحيوية تستعمل للمعالجة وللوقاية:

تكون الإنتانات ذات نمطين:

– شائعة خطيرة غير معالجة بعد أو كانت قد عولجت ولكن مع فشل المعالجة.

– نوزوكوميالية عائدة غالباً لجراثيم متعددة المقاومة فارضة بذلك استعمال أدوية ذات طيف واسع. الاستعمال الكثيف للمضادات الحيوية يؤدي إلى اصطفاء الجراثيم المقاومة وذلك اعتباراً من نبيت Commensales.

هذا وإن خصائص المرضى الذين في المشفى (ناقص المناعة)، وتعدد التداخلات الاختراقية (قثاطر بولية، قثاطر وريدية، طعوم)، ونقل العدوى المباشر أو غير المباشر (عن طريق أيدي العاملين في المشفى) ما بين المرضى، كلها عوامل تؤدي إلى حدوث أوبئة في المشفى عائدة إلى هذه الجراثيم المتعددة المقاومة المصطفات بواسطة المضادات الحيوية.

المعالجة بالمضادات الحيوية في المشفى يجب أن توفق ما بين أفضل فعالية علاجية أو وقائية فورية والنتائج بعد الاصطفاء الجرثومي.

المعالجة الوقائية بالمضادات الحيوية للأمراض النوزوكوميالية تمثل بشكل خاص بالمعالجة الوقائية قبل التداخل الجراحي والمتفق عليها بشكل جيد حالياً، بينما التطهير الهضمي الانتقائي في حالة الأمراض الدموية أو في شعب العناية المشددة ما زال أمر قابل للنقاش. المعالجة الوقائية بالمضادات الحيوية للأمراض الشائعة، تطبق على التهاب شغاف القلب الإنتاني، التهاب المفاصل الرئوي الحاد، المكورات السحائية، الغانغرينا الغازية والباستوريللا في حالة عضة حيوان.

2. من الناحية العملية:

إن العمل المشترك ما بين الأطباء الممارسين، الأخصائيين بالأمراض الإنتانية، أطباء المخبر والصيادلة، أمر ضروري جداً، يسمح بوضع بروتوكولات معالجة بالمضادات الحيوية شافية ووقائية من أجل الحالات السريرية الأكثر شيوعاً، وبروتوكولات مراقبة دقيقة للبيئة الجرثومية للشعب المختلفة في المشفى. هذه البروتوكولات تكون من اختصاص لجنة مكافحة الأمراض النوزوكوميالية. استعمال المضادات الحيوية الموضعية من أجل تطهير “مخازن” الجراثيم المتعددة المقاومة (الأنبوب الهضمي، الحفر الأنفية) يمكن أن يكون مهماً في حالات الأوبئة، ولكن يجب أن يرفق بإجراءات صحية أخرى مطبقة بشكل جيد.