التصنيفات
داء السكري

معلومات أساسية عن داء السكري

ما مرض السكري؟

السكري هو مرض ينتج عن زيادة نسبة السكر في الدم، ويتم هضم الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات وتحليلها إلى سكريات أو جلوكوز يتم استخدامه بواسطة جسدك لإنتاج الطاقة، والبنكرياس هو عضو يقع خلف الجزء الأسفل من معدتك ويفرز هرمونًا يسمى بالأنسولين. يساعد الأنسولين على إدخال الجلوكوز في خلاياك، ليتم استخدامه في توليد الطاقة، وبالنسبة لمرضى السكري، فهم إما لا يفرزون الأنسولين بالقدر الكافي أو أن الأنسولين الذي يفرزونه لم يعد يؤدي غرضه بشكل جيد، وهذا يعنى أن الجلوكوز المتزايد يتراكم في مجرى الدم.

معلومات عن البنكرياس

يبلغ طول عضو البنكرياس حوالي ١٥ سنتيمترًا (ست بوصات)، ويتراوح وزنه ما بين ٨٥ إلى ١٠٠ جرام ( ٣ إلى ٣.٥ أونصة)، ويوصف في العادة بأنه به ثلاث مناطق: الرأس والقوام والذيل. ويقع رأس البنكرياس على مقربة كبيرة من الجزء الأول من أمعائك الدقيقة (المعى الاثني عشر)، ويمتد قوام وذيل البنكرياس تجاه الطحال.

للبنكرياس وظيفتان رئيسيتان:

– يصنع البنكرياس إنزيمات هاضمة ويفرزها في الأمعاء الدقيقة، وتعمل هذه الإنزيمات على هضم الكربوهيدرات والبروتينات والدهون.

– يطلق البنكرياس هرمونات الأنسولين والجلوكاجون في مجرى الدم، ولهذين الهرمونين آثار متناقضة في الجسم، فالأنسولين يتم إفرازه ردًّا على زيادة معدل السكر في الدم ويسمح بانتقال مادة الجلوكوز من مجرى الدم إلى خلايا الجسد، ويتم تخزين الجلوكوز الذي لا يمكن استخدامه بشكل فوري لتوليد الطاقة على هيئة مادة جليكوجين في العضلات وخلايا الكبد للاستخدام المستقبلي. للجسم سعة محدودة لتخزين مادة الجليكوجين؛ ولهذا فإن الجلوكوز المتزايد سيتم تحويله إلى نوع من الدهون يسمى ثلاثي الجليسريد، ويتم تخزينه كدهون في الجسم؛ ولذا يمكننا قول إن الأنسولين يتم إفرازه حين تتناول الطعام بشكل جيد، وهو يحث على تخزين الدهون؛ ولهذا السبب يطلق على الأنسولين الهرمون المنتج للدهون.

يتم إفراز مادة الجلوكاجون حين تكون مستويات الجلوكوز في الدم منخفضة، كما يحدث في الفترات ما بين الوجبات، وهذا يحث على حرق الدهون الجسدية المخزنة لتوليد الطاقة . تحول مادة الجلوكاجون الدهون والبروتينات إلى جلوكوز وتزيد من مستويات السكر المنخفضة في الدم.

معلومات عن هرمون الأنسولين

حين تتناول طعامًا يحتوي على الكربوهيدرات (أو السكريات)، فهذا يسبب زيادة في مستوى السكر في دمك. وبالتالي يفرز البنكرياس هرمون الأنسولين في مجرى الدم ردًّا على زيادة نسبة السكر في الدم (الجلوكوز). يوجد على سطح معظم الخلايا في الجسم مستقبلات أنسولين تلتحم بمادة الأنسولين بشكل دوري، وتوجد هذه المستقبلات على غشاء الخلية؛ ولهذا السبب فإن الحصول على غشاء خلية صحي أمر غاية في الأهمية إن كنت تريد التغلب على مرض السكري، وحين يكون لدى الخلية هرمون أنسولين متعلق بأحد المستقبلات الموجودة على سطحها، تتمكن الخلية من امتصاص الجلوكوز من مجرى الدم وتنقله إلى داخل الخلية، وتستخدم الخلية الجلوكوز لتوليد الطاقة. وبدون هرمون الأنسولين، يمكن أن تكون هناك كميات هائلة من السكر في مجرى دمك، لكن خلاياك تتضور جوعًا لأنها لا تستطيع الوصول إليه، ومن المثير للاهتمام العلم بأن الخلايا الدماغية وخلايا الكبد لا تتطلب الأنسولين لامتصاص الجلوكوز من مجرى الدم.

النوع الأول من مرضى السكري لا يمكنهم أن يفرزوا الأنسولين الكافي، وبالتالي لابد من حقنهم به يوميًّا.

النوع الثاني من مرضى السكري لديهم مستويات طبيعية أو فوق الطبيعية من الأنسولين في مجرى دمائهم، لكن خلاياهم لم تعد تستجيب إلى الأنسولين.

بجانب التحكم في مستويات السكر في الدم، فإن الأنسولين لديه مجموعة من الآثار الأيضية الأخرى على جسمك:

– الأنسولين يحفز الكبد لتخزين الجلوكوز على هيئة جليكوجين

ينتقل معظم الجلوكوز الممتص من أمعائك الدقيقة بعد أية وجبة إلى كبدك مباشرة حيث يتم تحويله إلى جليكوجين ليتم تخزينه، ويتم تخزين بعض الجليكوجين في عضلاتك كذلك. يوجد لدى الأشخاص الذين يمتلكون كبدًا دهنية سعة قليلة لتخزين الجليكوجين في هذه الكبد؛ ولذا فإنهم يحولون المزيد من الجلوكوز إلى دهون. ومن المثير للاهتمام أنه كلما زادت لياقتك، تحسنت قدرة عضلاتك على تخزين الجليكوجين، ويمدك الجليكوجين بمصدر سريع للطاقة حين تحتاج إليها.

– الأنسولين يحفز الكبد على تصنيع الأحماض الدهنية

يمتلك الجسد سعة محدودة لتخزين الجلوكوز على هيئة جليكوجين؛ ولهذا حين يكتمل مخزون الجليكوجين، تحول الكبد أي جلوكوز زائد إلى أحماض دهنية، ويتم دمج الأحماض الدهنية في بروتينات شحمية مثل الكوليسترول مرتفع الكثافة ومنخفض الكثافة. ويحفز الأنسولين الكبد على تصنيع المزيد من الكوليسترول “الضار” منخفض الكثافة بالأخص، ويمكن تخزين الأحماض الدهنية المصنعة بواسطة الكبد بداخله (ما يشجع على استفحال مرض الكبد الدهني) ويتم نقلها إلى الخلايا الدهنية (الخلايا الشحمية)، ثم يتم تحويلها هناك إلى دهون من نوع ثلاثي الجليسريد؛ على هيئة دهون مخزنة، ولذا يمكنك إدراك أن الأنسولين يحفز جسدك على تصنيع الدهون وتخزينها! – الأنسولين يكبح عملية تكسر دهون الجسم

يقوم الأنسولين بهذا الأمر عن طريق كبح الإنزيمات في الخلايا الدهنية المسئولة عن تكسير مخزونات الدهون، وفي الحقيقة، يُمَكِّن الأنسولين الجلوكوز من الدخول إلى الخلايا الدهنية، حيث يتم تحويله هناك إلى دهون من نوع ثلاثي الجليسريد، ولذا، يحفز الأنسولين خلاياك الدهنية على تصنيع المزيد من الدهون. من الواضح أنك في غنى عن وجود كميات هائلة من الأنسولين في جسدك!

– الأنسولين يزيد من احتباس الماء والأملاح

ويزيد الأنسولين من معدل نمو الخلايا العضلية الملساء في جدران الشرايين، وهذا يسبب ضغط الدم العالي واحتباس السوائل أيضًا.

– الأنسولين يحفز الجوع

سيجعلك الأنسولين تشعر تحديدًا بالشهية الشديدة للأطعمة ذات الكربوهيدرات أو السكريات المرتفعة.

– الأنسولين يعوق نمو العضلات

وهذا لأنه يعوق إفراز هرمون النمو المطلوب لبناء كتلة عضلية جديدة، ويُعتقد أن هرمون النمو أيضا يؤخر علامات الشيخوخة.

أنواع داء السكري

توجد أنواع ثلاثة من داء السكري:

النوع الأول: تتراوح نسبة مرضى السكري في هذا النوع ما بين ١٠٪ إلى ١٥٪، وهو مرض مناعي ذاتي يدمر البنكرياس ويجعله غير قادر على إنتاج كميات مناسبة من الأنسولين. ينتج نظامك المناعي في العادة أجسامًا مضادة لمحاربة البكتيريا الضارة والفيروسات؛ إلا أنه وفي هذه الحالة، ينتج أجسامًا مضادة للبنكرياس، وبالتالي فإنه يتطلب علاج المرضى بالأنسولين يوميًّا من أجل البقاء. عادة ما يظهر المرض في الطفولة قبل سن الثامنة عشرة، إلا أنه قد يظهر أيضًا في سن الرشد.

النوع الثاني: هذا نوع أكثر شيوعًا من المرض، وهو المسئول عن ٨٥٪ إلى ٩٠٪ من حالات مرضى السكري. وفي هذا النوع، ينتج الجسم الأنسولين الكافي، لكن الخلايا لا تستجيب إليه بالشكل المناسب. وتتسبب متلازمة إكس (المعروفة أيضًا بالمتلازمة المقاومة للأنسولين) بارتفاع مستويات الأنسولين في الدم وهي إشارة من الإشارات الدالة على وقوع النوع الثاني من السكري، وقد كان يطلق على هذا النوع الثاني من السكري مرض السكري لمستهل الرشد لأنه يظهر في الأغلب لدى لأشخاص الذين تتخطى أعمارهم الأربعين؛ ولكن هذا الاسم تم إسقاطه لأن هذه الحالة شُخصت بشكل مستمر لدى الأطفال.

سكري الحمل: هذا نوع مؤقت من السكري يحدث بنسبة تتراوح ما بين ٣٪ إلى ٨٪ من النساء الحوامل اللاتي لم يصبن بالسكري من قبل. وعادة ما يزول هذا المرض بعد الولادة، لكن النساء المصابات بهذا النوع أكثر عرضة للإصابة بالنوع الثاني من السكري لاحقًا في حياتهن. فمنذ عام ٢٠٠٠، تضاعف عدد النساء الحوامل المصابات بسكري الحمل في نيو ساوث ويلز أربعة أضعاف، وتتزايد خطورة مرض سكري الحمل بزيادة الوزن، ووجود تاريخ للإصابة بمتلازمة تكيس المبايض وتاريخ عائلي للإصابة بالنوع الثاني من السكري.

تتم السيطرة على أغلب حالات مرض سكري الحمل، عن طريق القيام بتحسينات للحمية الغذائية، مثل تجنب السكر وتناول القليل من الكربوهيدرات (البذور، والنشويات، والحبوب). وإن لم يستجب السكري لهذ التغييرات، فستضطر المرأة المصابة إلى حقن الأنسولين طوال مدة الحمل. وإهمال سكري الحمل يزيد من خطورة ولادة طفل كبير الحجم (وهذا قد يتطلب ولادة قيصرية)، وتتضاعف احتمالية إصابة هذه المرأة بمرض تسمم الحمل عن الحوامل الأخريات.

وهناك نوعان آخران نادران من السكري واللذان لا يتناسبان مع أي من هذه التصنيفات؛ وهما السكري الوراثي والناتج جراء تناول المخدرات، بالإضافة إلى السكري الذي يأتي نتيجة مرض البنكرياس.

ما مدى شيوع مرض السكري؟

السكري هو أسرع الأمراض المزمنة في أستراليا انتشارًا؛ وفي عام ٢٠٠١ كان هو سابع أكبر مسبب للموت. وكشفت الأبحاث في عام ٢٠٠١ أنه يوجد تقريبًا شخص واحد من ضمن أربعة أستراليين إما يعاني السكري أو لديه اختلال في تحمل الجلوكوز، (وهذا يعني أنه سيصاب قريبًا بالسكري). ويعرف اختلال تحمل الجلوكوز أيضًا بمتلازمة إكس ومقاومة الأنسولين؛ وهو علامة للإصابة بالنوع الثاني من السكري، ولقد تنبأت هيئة ديابيتيس أستراليا لعلاج السكري بأنه في عام ٢٠١٠ كان هناك ١.٧ مليون أسترالي يعانون النوع الثاني من السكري. ولا يدرك العديد من الأشخاص أن لديهم السكري لفترة من الزمان حتى يتم تشخيصهم؛ وهذه مشكلة لأن ارتفاع السكر في الدم يمكن أن يكون قد تسبب بالفعل في وقوع ضرر كبير في أجسامهم.

الحقيقة المرعبة هي أنه يتم تشخيص المزيد والمزيد من الأطفال الصغار بالنوع الثاني من السكري، في حين أنه كان من المعتاد لهذا المرض أن يصيب الأشخاص ما بين منتصف العمر وحتى من هم في سن الشيخوخة. السبب الرئيسي لهذا الأمر هو المعدل المتزايد لزيادة الوزن والسمنة لدى الأطفال، وزيادة الوزن حول منطقة البطن تجعل الأطفال أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة إكس، وارتفاع نسبة السكر في الدم، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الكوليسترول وضغط الدم. وهذا أمر مقلق جدًّا لأن بعض الأطفال الذين يتم تشخيصهم بالنوع الثاني من السكري تتدنى أعمارهم تحت العشر سنوات، ومن المتوقع زيادة نسبة الإصابة بالنوع الثاني من السكري لدى الأطفال في العقد القادم، بجانب معدلات زيادة الوزن والسمنة.

حالات السكري حول العالم

لم يعد السكري مرضًا مقتصرًا على الدول النامية فقط، فقد قدرت منظمة الصحة العالمية أنه بحلول عام ٢٠٢٥، ستقع ٨٠٪ من حالات الإصابة بالسكري في الدول المتقدمة. وفي الوقت الحالي، توجد في الهند أكبر نسبة سكان مصابين بالسكري في العالم؛ حيث يعيش هناك ٣٥ مليون مصاب بالسكري، ومن المتوقع أن يزداد هذا الرقم في السنوات العشرين القادمة إلى ٧٥ مليون شخص، ونظرًا لأن الهنود سريعو التأثر بالنوع الثاني من مرض السكري، فهو يصيبهم في سن مبكرة جدًّا عن القوقازيين؛ ولذا فهم يعانون بشدة من مضاعفاته.

وقد أتاح التقدم السريع للصناعة في الهند والصين ودول أخرى للناس الذين يعيشون في المدن أن يتناولوا الوجبات السريعة والمعالجة، ما يؤدي إلى استفحال الأمراض الشائعة في الدول المتقدمة: ففي بعض أجزاء قارة آسيا وجزر المحيط الهادي والبحر الكاريبي والشرق الأوسط ، يؤثر مرض السكري على نسبة تتراوح من ١٢٪ إلى ٢٠٪ من نسبة الراشدين١. وتشير الرعاية الصحية الفقيرة في الدول النامية إلى أنه لا يتم تشخيص مرض السكري في الغالب، أو تتم معالجته بطريقة غير مناسبة، لذا تزداد المضاعفات ومعدلات الوفاة.

توجد جنسيات أسرع في التأثر بالسكري عن غيرها؛ وهذا ينطبق تمامًا على الآسيويين، فالنوع الثاني من السكري يصاب به الصينيون والكوريون واليابانيون رغم وزنهم الجسدي الأقل من القوقازيين، وهذا يعني أنه ليس من المشترط أن يكونوا زائدي الوزن ليصابوا بالمرض، وبغض النظر عن وزنهم، فأرجحية الإصابة بالمرض تزداد بنسبة ٦٠٪ لديهم عن القوقازيين.

تقدر معدلات الوفاة بمرض السكري سنويًّا بما يقارب ٣ ملايين شخص حول العالم؛ وهذا يساوي المعدل العالمي لمرضى الإيدز والملاريا مجتمعين!