أنا أعلم أنه لعلاج الأمراض الحادة والصدمات، لا يوجد ما هو أفضل من أدوات ومعرفة الطب التقليدي الحالية. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالأمراض المزمنة، ووباء سكري السمنة، فلدينا بوضوح مشكلة عالمية ضخمة لنتعامل معها. نحن نعلم أن نهجنا الحالي للوقاية والعلاج لا يصلح، لأن الملايين الإضافيين يتأثرون كل عام. علاج مرض السكري بالأدوية أو الإنسولين هو مثل مسح الأرض بينما لا تزال المياه تتدفق من الصنبور.
باعتبارنا أطباء، نحن مدربون على تقديم الدواء أو الجراحة لحل مرض السكري (والأمراض عمومًا)، عندما تشمل الأسباب الحقيقية رداءة جودة النظام الغذائي، ونقص التغذية، والاختلالات الهرمونية، ومسببات الحساسية، والميكروبات، واختلالات الجهاز الهضمي، والسموم، ومشكلات الطاقة الخلوية، والتوتر. نحن نعتقد أن علاج عوامل الخطر، مثل ارتفاع نسبة السكر في الدم، والكوليسترول، وضغط الدم، مع الأدوية سوف يساعد. لكننا لا نتعلم كيفية تحديد ومعالجة الأسباب الحقيقية للمرض.
الأطباء (والمرضى) لا يطرحون أبدًا السؤال الأكثر أهمية: لماذا مستوى نسبة السكر في دمك، وضغط دمك، أو نسبة الكوليسترول في دمك عالية جدًا، ولماذا الدم لزج جدًا، ومن المرجح أن يتخثر؟
في الحقيقة، مرض السكري وارتفاع السكر في الدم، وضغط الدم، والكوليسترول هي ببساطة من الأعراض التي تنتج عن تفاعل مشكلات في النظام الغذائي، ونمط الحياة، والسموم البيئية مع قابليتنا الوراثية الفريدة من نوعها.
لماذا يؤدي خفض نسبة السكر في الدم إلى نتائج أسوأ؟
نتائج صادمة جديدة ينبغي أن تجعلنا نشكك في نهجنا الذي عفا عليه الزمن لعلاج مرض السكري والمتمثل ببساطة في خفض نسبة السكر في الدم باستخدام الدواء أو الإنسولين. تضمنت دراسة ACCORD المنشورة في مجلة New England Journal of Medicine في عام 2008، 10.000 مريض مصاب بمرض السكري، والذين تلقوا علاجًا مكثفًا أو علاجًا منتظمًا، لخفض نسبة السكر في الدم. تمت مراقبة هؤلاء المرضى، وتم تقييم مخاطر إصابتهم بالنوبات القلبية والسكتة المخية والموت .
المثير للدهشة أن المرضى الذين انخفضت نسبة السكر في دمهم كانوا أكثر عرضة لخطر الموت. في الواقع، أوقفت المعاهد الوطنية للصحة الدراسة بعد ثلاث سنوات ونصف السنة، لأنه من الواضح أن الانخفاض العنيف لمعدل السكر في الدم أدى إلى المزيد من الوفيات والنوبات القلبية.
كيف يمكن لهذا أن يحدث إذا كان ارتفاع نسبة السكر في الدم، كما نعتقد، سبب كل شرور مرض السكري؟ لماذا يؤدي خفض نسبة السكر في الدم إلى نتائج أسوأ؟
قد يفاجئك هذا، لكن العديد من الأساليب المستخدمة لخفض نسبة السكر في الدم، مثل الإنسولين أو الأدوية التي يتم تناولها عن طريق الفم لخفض نسبة سكر الدم، في الواقع تجعل المشكلة أسوأ من خلال زيادة مستويات الإنسولين. على عكس ما يعتقده معظم الناس، فإن مرض السكري من النوع الثاني، ومرض سكري السمنة، هي أمراض ناتجة عن الإفراط في الإنسولين، وليس عن شحه. الإنسولين هو المحرك الحقيقي للمشكلات في مرض سكري السمنة.
مقاومة الأنسولين insulin resistance: السبب الحقيقي لمرض سكري السمنة
عندما يكون نظامك الغذائي مليئًا بالسعرات الحرارية عديمة الفائدة الغذائية وبوفرة من السكريات سريعة الامتصاص، والسعرات الحرارية السائلة (المشروبات الغازية والعصائر والمشروبات الرياضية أو مشروبات الفيتامينات)، والكربوهيدرات المكررة (الخبز، والمكرونة، والأرز، والبطاطس)، تصبح خلاياك مقاومة ببطء أو خدرة لآثار الإنسولين، وستحتاج إلى المزيد والمزيد منه للحفاظ على توازن مستويات السكر في الدم. تعرف هذه المشكلة بمقاومة الإنسولين. وارتفاع مستوى الإنسولين هو أولى العلامات على وجود مشكلة. للأسف، معظم الأطباء لا يفحصون ذلك أبدًا. وكلما ارتفعت مستويات الإنسولين، كانت مقاومة الإنسولين أسوأ. مع تفاقم المشكلة، يبدأ جسمك في فقدان العضلات، واكتساب الدهون، ويصاب بالالتهاب، ويشيخ بسرعة ويتدهور حاله. في الواقع، مقاومة الإنسولين هي أهم الظواهر إلى شيخوخة سريعة و مبكرة وجميع الأمراض الناجمة عنها، بما في ذلك أمراض القلب والسكتة المخية والخرف والسرطان.
ارتفاع مستويات الإنسولين يشير إلى جسمك بزيادة الوزن حول منطقة البطن، ويصبح شكلك أكثر شبهًا بالتفاحة مع مرور الوقت. الإنسولين، هرمون تخزين الدهون، يحفز كذلك المزيد من الالتهاب والإجهاد التأكسدي، وعددًا لا يحصى من الآثار التراكمية، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستوى الكوليسترول، وانخفاض مستوى كوليسترول HDL، وارتفاع الدهون الثلاثية، وانخفاض الدافع الجنسي، والعقم، وانخفاض سيولة الدم، وزيادة خطر الإصابة بالسرطان، والزهايمر، والاكتئاب.
نقص السكر في الدم غالبًا ما يكون من الأعراض المبكرة لمقاومة الإنسولين. إذا كنت تفوت وجبات الطعام، أو تتناول كثيرًا من السكر أو الكربوهيدرات المكررة، سوف تواجه تقلبات في نسبة السكر في الدم، والتي ستجعلك تشعر بالقلق، وتعكر المزاج، والتعب، ويمكن أن تتسبب حتى في اضطراب خفقان القلب ونوبات الذعر. سيؤدي التهام كعكة كبيرة بالقرفة أو تجرع عبوة صودا سعة 20 أوقية إلى حدوث ارتفاع كبير في السكر والإنسولين وزيادة سريعة في مستويات الطاقة، يليه تدهور لا مفر منه مع انخفاض نسبة السكر في دمك. في نهاية المطاف تصبح خلاياك مقاومة جدًا للأنسولين، لدرجة أن السكر في دمك يتراكم ويفشل بنكرياسك في إنتاج ما يكفي من الإنسولين لمكافحة ارتفاع نسبة السكر في الدم وخلاياك الخدرة. هذا هو الوقت الذي تعبر فيه الخط وصولًا لمرض السكري.
يمكن الوقاية من مرض سكري السمنة، وعلاجه، وعكسه. لكن الأدوية أو الإجراءات الجديدة والأفضل ليست هي الحل. مرض سكري السمنة لن يتم علاجه بواسطة الحبوب أو الجراحات. الأدوية المهيمنة مثل أفانديا تقصر من الوفاء بوعودها، وغالبًا ما تتسبب في الضرر. ازدادت عمليات تدبيس المعدة الجراحية من 10.000 إلى 200.000 سنويًا في العقد الماضي. لكن كم من ال 1.7 مليار مواطن الذين يعانون من زيادة الوزن في العالم يمكنهم الخضوع لعمليات تدبيس المعدة؟ وكم من هؤلاء سيستعيدون معظم الوزن الذي فقدوه؟
أدواتنا الحالیة لحل المشكلات وطرق التشخیص وطرق علاج المرضی لا تزال قائمة علی أفكار من القرن التاسع عشر والقرن العشرین حول أصول المرض، وتتغاضی عن الشبكة المعقدة للظروف البيولوجية والاجتماعیة والسیاسیة والاقتصادیة لجذور وبائنا المزمن الحالي.
الأمراض المزمنة تنتج عن اختلالات في توازن بيولوجيتنا التي تحدث نتيجة التفاعلات بين جيناتنا وبيئتنا. يجب علينا أولًا أن نركز على الأسباب (سوء النظام الغذائي، والإجهاد، والسموم، والميكروبات، ومسببات الحساسية) التي تزعج نظامنا بأكمله. ويجب أن نفهم ونعمل مع شبكة نظمنا البيولوجية التي تصبح غير متزنة، بسبب الآثار البيئية التي نعيش فيها. يجب علينا استخدام خريطة جديدة للاسترشاد في التعامل مع الأمراض المزمنة، خريطة تقوم على نموذج جديد لعلاج الأمراض المزمنة. وتسمى هذه الخريطة الطب الوظيفي. إنها وسيلة لمعالجة الأسباب، وليس فقط عوامل خطر الإصابة، لعلاج النظام بأكمله، وليس فقط الأعراض، لإيجاد الصحة، وليس فقط علاج المرض. في الواقع، إذا كنت تركز على إيجاد الصحة بدلًا من علاج المرض، فإن المرض غالبًا ما سيعالج نفسه. المرض يذوي كأثر جانبي، وأنت تستعيد الصحة.