قسّم العلماء الطعام كل حسب تركيبه الكيميائي إلى ستة أقسام (الماء، البروتينات، السكريات، الدهون، الفيتامينات وأخيراً العناصر المعدنية).
اعتماداً على ذلك، تحتوي المادة الغذائية مهما كان نوعها ومصدرها على هذه المواد بنسب مختلفة، الخبز على سبيل المثال يتكون بصورة رئيسية من السكريات بينما اللحوم تتكون بصورة كبيرة من البروتينات، والفواكه بشكل عام غنية بالماء والسكريات والفيتامينات.
يحتاج الجسم في كل مرحلة من مراحل الحياة إلى هذه المواد الست، ولكن هذه الحاجة تختلف في نوعيتها وكميتها حسب عوامل مختلفة منها (العمر، الجنس، العمل والمناخ وغير ذلك). على سبيل المثال يحتاج الطفل الصغير إلى كمية أكبر من البروتينات مقارنة بالشيخ الكبير، لأن البروتينات أساسية في عملية النمو.
الماء
يعتبر الماء من أهم المكونات الغذائية لا يستطيع الإنسان العيش بدونه أكثر من ثلاثة أيام، بينما يستطيع العيش من دون طعام حتى ثلاثة أسابيع، لا يوجد كائن حي لا يدخل الماء في تركيبه.
يشكل الماء حوالى 70–75% من وزن الطفل، ولدى الإنسان البالغ أقل من ذلك بقليل، بكلام آخر ثلثا وزن الإنسان ماء.
وظائف الماء في الجسم أكثر من أن تحصى، فهو يدخل في تركيب أنسجة الجسم بنسب مختلفة باعتباره وسيطاً ناقلاً تذوب العناصر الغذائية فيه، مثل الفيتامينات والأملاح والأحماض الأَمينية والجلوكوز وغيرها، كما ويساعد الماء على هضم وامتصاص ونقل واستخدام المواد الغذائية، ويلعب دوراً هاماً في التخلص من السموم والفضلات الموجودة في الجسم وهو ضروري لإنتاج الطاقة ونقل الأوكسجين عن طريق الدم من الرئة إلى أنسجة الجسم.
يتواجد الماء في المفاصل لمنع الاحتكاك والتآكل، هذا غيض من فيض فوظائف الماء أكثر من أن تحصى.
تتساءل الأمهات كثيراً، متى نبدأ في إعطاء الماء للرضيع؟
أكثر الأطباء يفضّلون تقديم الماء عندما نبدأ في تقديم الطعام الصلب إلى الطفل، أي في مرحلة الفطام بين الشهر الخامس والسادس، ونعني هنا بالفطام بداية إعطاء الطعام ولا نعني إيقاف حليب الأم، قبل هذا العمر لا ضرورة لتقديم الماء لأن الحليب معظمه مكوّن من الماء.
والآن أي أنواع الماء أفضل؟ ماء الحنفية أو الماء المعبأ في زجاجات؟
يجب أن نتذكر أن أفضل ماء هو الذي لا رائحة ولا لون ولا طعم له، ففي حالة ماء الحنفية يجب توخي الحذر لأنه في بعض البلدان غير صالح للشرب.
على كل الأحوال يفضّل غلي الماء وتبريده قبل تقديمه للرضيع، سواء كان من الحنفية أو من الزجاجة.
البروتينات
هي المواد التي يبني فيها الجسم نفسه وتشبه شبكة الحديد في الإسمنت المسلح، وتعتبر البروتينات المادة الأولية لبناء كل خلية في الجسم ومسؤولة عن ترميم وتجديد الأنسجة التالفة.
تنمو أعضاء الجسم بتركيب ملايين بل مليارات البروتينات فوق بعضها البعض حتى يكتمل نمو العضو، بعد ذلك تقوم البروتينات بتعويض التالف من هذا البناء مع مرور الزمن، أو بسبب إصابة خارجية أو داخلية يعطي كل غرام من البروتين عند هضمه في الجسم 4 حريرات من الطاقة.
عقد اللؤلؤ:
إن تركيب جزء البروتين يشبه عقد اللؤلؤ، وكل لؤلؤة فيه مؤلفة مما يسمى الحمض الأميني، هذا يعني أن البروتين مؤلف من عدد كبير من الجزيئات الصغيرة المسماة الأحماض الأمينية التي يستطيع الجسم تصنيع بعض الأحماض ذاتياً، لكنه لا يستطيع تصنيع بعضها الآخر.
وكون الأحماض الأمينية ضرورية ولا غنى للجسم عنها، فإن تلك الحموض التي لا يستطيع الجسم تصنيعها ينبغي الحصول عليها من الغذاء، ولهذا تسمى الأحماض الأمينية الأساسية Essential Amino Acids.
بعد تناول الطعام وعند وصول البروتين إلى الأمعاء تقوم الخمائر Enzymes وهي مواد تفرزها جدران الأمعاء بهضم البروتين، ونعود هنا إلى قصة العقد، الخمائر تقوم بفصل حبات اللؤلؤ كل واحدة على حدة، بهذه الطريقة يمكن امتصاص حبات اللؤلؤ الواحدة بعد الأخرى عبر جدران الأمعاء وصولاً إلى مجرى الدم.
بكلام آخر يتحول البروتين بفعل الخمائر الهاضمة إلى أحماض أمينية حرّة غير مرتبطة ببعضها تدخل عبر جدران الأمعاء إلى الأوعية الدموية حيث تطفو حبات اللؤلؤ في التيار الأحمر القاني، لتصل في نهاية رحلتها إلى واحد من أهم المصانع في الجسم، ألا وهو الكبد.
يعيد الكبد صياغة حبات اللؤلؤ في عقود جديدة رائعة تتناسب واحتياجات السوق الكبير، وبكلام آخر يصنع الكبد من الأحماض الأمينية بروتينات جديدة حسب حاجة الجسم، حيث تنطلق البروتينات الجديدة من الكبد عبر الأوعية الدموية إلى خلايا الجسم المختلفة لتؤمن لها الحياة والنمو والتجديد.
الطمع ضر ما نفع: يعتقد بعض الناس أن الإفراط في تناول بعض المواد الغذائية المفيدة يكون زيادة في الفائدة وتقوية الجسم، وهذا مفهوم خاطئ.
إن تناول كميات كبيرة من البروتين تزيد عن الحاجة يرهق الجسم ويسبّب له الضرر، فعلى جهازا الإطراح الأساسية وهما الكبد والكلية أن يعملا في مثل هذه الحالة أكثر من المعتاد حتى يتخلّصا من الفائض الغذائي، وأحياناً يتراكم هذا الفائض أو منتجاته الاستقلابية مسبباً آلاماً وأمراضاً.
إن 10–15% من الحريرات الموجودة في غذاء الطفل يجب أن تكون من مصدر بروتيني.
مدخرات قليلة:
من ناحية أخرى يجب التذكير أن مدخرات الجسم من البروتين قليلة، عند حرمان الطفل من البروتين لفترة طويلة فإن الاحتياطي يبدأ بالنفاد، عندها يأخذ الجسم حاجته من البروتين لأعضاء مهمة جداً للحياة مثل القلب والدماغ من أنسجة أخرى أقل أهمية، وأول هذه الأنسجة العضلات، لذا نرى ضموراً عضلياً شديداً عند الأطفال في المناطق المصابة بالمجاعات، من هنا نرى ضرورة تزويد الطفل بوجبات غنية بالبروتين وبشكل متكرر.
الأحماض الأَمينية الأساسية:
يعتبر بعض البروتينات أفضل من بعضه الآخر من الناحية الغذائية، وحتى نفهم ذلك علينا التذكّر أن البروتينات مؤلفة من الأحماض الأمينية ويحتاج الجسم إلى اثنين وعشرين حمضاً أمينياً مخلفاً، من هذا العدد حتى يستطيع الجسم تركيب ثلاثة عشر حمضاً، أي صناعة محلية داخل الجسم، أما التسعة الباقين فلا يستطيع صناعتها لذا يحتاجها من الخارج مع الطعام المأكول (لدى الأطفال عددها عشر).
الأحماض الأمينية الأخيرة تسمى الأحماض الأمينية الأساسية والأطعمة التي تحتويها تسمى البروتينات الكاملة.
الطعام الذي يحتوي على بروتينات كاملة هو اللحوم على اختلاف أنواعها، كذلك السمك، البيض والحليب ومشتقاته، هذا لا يعني أن الاقتصار على تناول هذه الأطعمة يحمل الفائدة الكبرى، لأنها تحتوى إضافة إلى الأحماض الأمينية المفيدة مواداً أخرى الإكثار منها ضار مثل الدهون، بعض الأغذية النباتية غنية بالبروتين مثل الحبوب والفاصوليا والبازلاء والعدس.
أفضل مصادر البروتين: بما أن الطفل في الفترة الأولى من تناوله الطعام لن يكون قادراً على تناول أكثر من بضع ملاعق من الطعام، لذا يجب اختيار أكثر الأطعمة غني بالبروتين وأسهلها هضماً.
وهي فيما يلي مرتبة حسب أفضليتها:
– الأسماك بأنواعها المختلفة
– البيض
– الحليب، ومشتقاته مثل الجبن واللبن
– البقوليات، مثل العدس والحمص والفول
– لحم الدجاج وغيره من الطيور
– اللحوم الحمراء، مثل الغنم والبقر
– المكسرات مثل الجوز واللوز والفستق
– الحبوب مثل القمح والذرة
السكريات
تتكون جميع جزيئات المواد السكرية من ثلاثة عناصر فقط هي (الكربون، الهيدروجين والأكسجين) تتضمن السكريات المواد النشوية والسكاكر وألياف السلّيلوز.
يعطي كل غرام من السكريات عند حرقه في الجسم 4 حريرات من الطاقة، بشكل عام يحتاج الطفل تحت عمر السنة إلى 100 حريرة في اليوم لكل كيلو غرام من الوزن، فإذا كان وزنه 5 كلغ فإنه سيحتاج إلى 500 حريرة يومياً.
يحتاج الطفل إلى 70% من الحريرات لاستمرار الحياة وإلى 30% للنمو وزيادة الوزن، فمن المعروف أن خمس حريرات تزيد الوزن غرام واحد.
تصنيف:
تصنّف السكريات إلى سكاكر أحادية مثل سكر العنب Glucose وسكر الفواكه Fructose، وسكاكر ثنائية مثل سكر الحليب Lactose وسكر القصب Sucrose (هو سكر المائدة المستعمل يومياً) وسكاكر متعددة التركيب مثل النشاء Starches وألياف السلّيلوز Cellulose.
تعتبر المواد السكرية المصدر الرئيسي للطاقة من أجل قيام الجسم بكل وظائفه، وخاصة وظائف الدماغ، كما أنها ضرورية أيضاً لاستقلاب المواد الغذائية الأخرى.
يتم صنع السكريات من قبل جميع النباتات الخضراء، وتعتبر الحبوب والفواكه والخضار والأرز والبطاطا والبقوليات من المصادر الأساسية للسكريات، ويمكن صنع بعض السكريات داخل الجسم من الأحماض الأمينية ومن الدهون.
السلّيلوز:
إن دور ألياف السلّيلوز المتواجدة في الحبوب والخضار والفواكه مفيد للغاية، هي غير قابلة للهضم لذا تبقى على حالها في الأمعاء وهي بذلك تقوم بعدة وظائف أولها: تجعل البراز طرياً، وتسرّع حركة الأمعاء.
وبذلك تمنع حدوث الإمساك عند الرضيع، كما أنها تعطي الشعور بالشبع والامتلاء، وللحصول على أفضل النتائج يفضّل إعطاء الطفل الحبوب والفواكه والخضار بقشرها، أو على الأقل مقشرة جزئياً.
يشير الكثير من الدراسات إلى أن تناول الأطعمة التي تحتوى على ألياف يمنع حدوث بعض الأمراض الخطيرة في منتصف العمر مثل سرطان القولون وتناذر القولون المتهيّج والسمنة.
النشاء:
مادة سكّرية معقّدة، نجدها بكثرة في الحبوب (القمح، الأرز) وفي البطاطا والبقوليات، ويتم هضمه بواسطة خميرة تدعى أميلاز Amylase.
يفرز أميلاز من الغدد اللعابية في الفم وفي غدة البنكرياس في البطن، ويتم تحويل الجزء المعقد منه إلى جزيئات سكر صغيرة تدعى سكر الشعير والتي بدورها تتحول إلى سكر الجلوكوز، يباع النشاء في الأسواق على شكل مسحوق ناعم (بودرة) وهو لا طعم له ولا رائحة يستعمل في تحضير بعض الأطعمة.
سكر العنب:
عند دخول المواد السكرية إلى الأمعاء تهضم وتتحول إلى سكاكر أحادية، فتجري مع تيار الدم إلى الكبد، بعد امتصاصها من الأمعاء يعتبر الكبد المصنع الأكبر في الجسم وفيه تتحول جميع السكاكر الأحادية إلى سكر العنب (الغلوكوز) الذي يعتبر مادة الوقود الأساسية لمعظم خلايا الجسم، يخزّن الكبد الفائض من سكر العنب على شكل مادة تسمى غليكوجين Glycogen لاستعماله وقت الحاجة، ويستطيع الكبد أن يصنع سكر العنب عند عدم توفّره في الغذاء من مواد غذائية أخرى مثل الأحماض الأمينية وبعض الدهون.
تتم المحافظة على مستوى مناسب من سكر العنب في الدم بواسطة تناسق رائع بين عمل مجموعة من الهرمونات تشمل هرمون الأنسولين الذي يفرزه البنكرياس، وهرمونات الغدّة الكظرية Adrenal Gland، وهرمونات الغدة النخامية Pituitary Gland، وهرمون غلوكاكون Glucagon.
سكر الحليب:
يدخل سكر الحليب في تركيب معظم حليب الثدييات بما فيهم الإنسان، ويؤلف القسم الأعظم من السكريات التي يتناولها الرضيع. تقوم الأمعاء الدقيقة بإفراز خميرة تهضم سكر الحليب وتحوّله إلى سكر العنب وسكر Galactose، إذا لم يتم هضم سكر الحليب في الأمعاء الدقيقة فإنه يمر إلى الأمعاء الغليظة حيث تقوم الجراثيم الموجودة بتحويله إلى أحماض عضوية، غاز الهيدروجين وأول أكسيد الكربون والميثان، هذه المواد تسبب آلاماً بطنية وإسهالاً، تكون الخميرة الهاضمة لسكر الحليب Lactose كافية حتى السنة الثالثة من العمر وتنقص تدريجياً مع التقدّم بالعمر، ففي منتصف العمر يكاد يكون إفرازها من الأمعاء معدوماً لدى كثير من الناس، لذا تناول كمية كبيرة من الحليب (أكثر من 50 غرام سكر حليب) يمكن أن يسبّب إسهالاً وآلاماً بطنية.
في حالات الإسهالات الشديدة الطويلة الأمد عند الأطفال، تتناقص هذه الخميرة لذا ينصح بإعطائهم حليباً خالياً من سكر الحليب حتى لا تزداد الإسهالات شدة.
الدهون
تمد الدهون الجسم بكميات مركّزة من الطاقة، فيخزّنها الجسم في مختلف الأنسجة ولكن بشكل رئيسي تحت الجلد، وهي تشكل عازلاً يمنع فقدان حرارة الجسم، ويعتبر وجود الدهون في الوجبة شيئاً ضرورياً وهي تضفي على الطعام طعماً شهياً وشكلاً مغرياً.
اكتسبت الدهون في الفترة الأخيرة سمعة سيئة في عالم التغذية، ومردّ ذلك إلى دور الدهون وبالتحديد الكوليسترول (أحد أشكالها) في أمراض تصلّب الشرايين وخاصة شرايين القلب عند البالغين، ولكن ما هو صحيح في غذاء الكبار ليس من الضروري أن يكون صحيحاً في تغذية الرضيع.
إن حليب الأم الذي هو الغذاء المثالي والمتكامل يحتوي على 40% من حريراته على الدهون، وهو فوق ذلك غني بالكوليسترول.
وظيفة الدهون:
إن الدهون ضرورية للنمو الطبيعي عند الطفل وهي البطارية التي تختزن الطاقة في الجسم، حيث إن حرق غرام واحد من الدهون في الجسم يعطي 9 حريرات، هو أكثر من ضعف ما تعطيه السكاكر والبروتين، إضافة إلى ذلك إن الدهون ضرورية لبناء الخلايا العصبية في المخ والنخاع الشوكي والأعصاب المحيطة، وهي تدخل كعنصر أساسي في تركيب الهرمونات، كذلك هي جزء من جدران الخلايا ولا سيما جدار الخلايا الحمراء في الدم، الدهون فوق كل ذلك هي السفينة الناقلة للفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون وهي فيتامين أ A، فيتامين د D، فيتامين هـ E، فيتامين ك K.
تركيب الدهون:
تكون الدهون على شكلين: مشبّعة وغير مشبّعة وهذا يعتمد على التركيب الكيميائي لكل منها، يحتوي جزء الدهن على كلابات صغيرة تدعى الروابط، عندما تكون كل هذه الكلابات محمّلة أو مرتبطة بذرات أخرى وغالباً الهيدروجين يسمى الدهن مشبّعاً، وإذا كان بعض هذه الكلابات فارغة يسمى الدهن عندها غير مشبّع.
تأتي الدهون مشبّعة بشكل رئيسي من المصادر الحيوانية (اللحوم، البيض، الحليب ومشتقاته) وكثرتها ضارة إذ تسبب ارتفاع الكوليسترول وأمراض الأوعية التاجية القلبية وذلك لفترة ما بعد الطفولة، أما الدهون غير المشبّعة فغالبيتها نباتية المنشأ مثل (زيت الذرة وزيت الزيتون) تكون الزيوت غير المشبّعة غالباً سائلة في حرارة الغرفة، العنصر الأكثر فائدة للبدن في الدهون هي الأحماض الدهنية.
كما في البروتينات هناك أحماض دهنية أساسية لا يستطيع الجسم تركيبها لذا يحتاجها مع الغذاء الداخل إلى الجسم، وتوجد كذلك حموض دهنية غير أساسية يستطيع الكبد تركيبها داخل الجسم من مواد أخرى.
إن حليب الأم يحتوي على 40–50%من الحريرات من مصدر دهني وحوالى 44% من هذه الدهون هي مشبّعة، كما يجب أن نعرف أن تركيب حليب الأم يتغير مع تقدّم الرضيع في العمر، من هذه التغيرات تناقص نسبة الدهون فيه، مما يعني أن الدهون بكافة أنواعها المشبّعة وغير المشبّعة ضرورية لنمو الطفل في السنوات الأولى من العمر، لذا كان من الضروري إعطاء الطفل حليباً كامل الدسم في السنوات الثلاث الأولى من العمر وفي نفس الوقت عدم الإفراط في إعطاء الدهون المشبّعة مثل (السمن الحيواني والزبدة الحيوانية والدهن الحيواني الموجود في لحم الغنم والبقر) وينصح بإعطاء الزيوت النباتية مثل (زيت الزيتون والزبدة النباتية المنشأ).
إن حليب الأم أغنى بالأحماض الدهنية الأساسية من حليب البقر، مما دفع الشركات المصنّعة للحليب إلى إضافة بعض الزيوت النباتية إلى منتجاتها تعويضاً لهذا النقص.
الكوليسترول:
كما ذكرنا سابقاً اكتسب الكوليسترول سمعة سيئة في السنوات الأخيرة، حتى أصبح العدو الأكبر لكثير من الناس إذ يرون فيه المسبّب الرئيسي لأمراض الأوعية الدموية، والأخيرة تعتبر من أهم الأمراض المؤدية للوفاة في عصرنا الحالي، لذا درجت الكثير من الشركات الغذائية على كتابة عبارات مثل خال من الكوليسترول في مكان بارز على العبوة حتى يطمئن المستهلك ويقبل على شراء مصنوعاتها.
السؤال المهم: هل ينطبق على الرضيع ما ينطبق على البالغ من مفاهيم التغذية؟
قبل الإجابة على هذا السؤال ينبغي أن نعرف أن الكوليسترول يلعب دوراً هاماً في استقلاب الجسم، هو يدخل في تركيب الغلاف العازل للمخ والأعصاب ويساعد في صنع عصارة المرارة التي تزيد من امتصاص الدهون في الغذاء، الكوليسترول ضروري لتركيب الهرمونات الجنسية وهرمونات الغدة الكظرية وفيتامين (D). إن أعظم فترات نمو الدماغ والأعصاب عند الإنسان تقع في السنتين الأولتين من العمر، هذا النمو يحتاج إلى الكوليسترول كمادة فعالة.
تتحدد نسبة الكوليسترول في الدم من مصدرين:
الأول: كمية الكوليسترول التي يصنعها الكبد. والثاني: الكوليسترول الموجود في الطعام. يعتبر الحليب والجبن والزبدة والبيض والدهون الحيوانية من الأغذية الغنية بالكوليسترول.
بعد كل ذلك هل من الحكمة إطعام الطفل وجبات قليلة الكوليسترول؟
هنا يجب أن نتذكر أن حليب الأم هو الحليب المثالي للرضيع من كل النواحي وعماد تغذيته منذ بدء البشرية حتى الآن، فهو يحتوي على الكوليسترول وبكميات لا بأس بها، بناءً على ما سبق نستطيع القول إن الكوليسترول مادة هامة في تغذية الرضيع يجب توفرها بكمية معقولة تتناسب مع تلك التي في حليب الأم. إن تغذية قليلة الكوليسترول لا بد وأن تكون مؤذية لأنها تحرم الطفل من مادة ضرورية للنمو.
هضم الدهون:
يبدأ هضم الدهون في المعدة بإفراز خميرة الليباز Lipase، ثم يستمر في الأمعاء الدقيقة بإفراز عصارة البنكرياس وعصارة الكبد، لدى الأطفال حديثي الولادة وفي الشهر الأول من العمر تكون نسبة خمير الليباز في عصارة الكبد قليلة، كذلك المواد الهاضمة للدهون في عصارة الكبد. يحتوي حليب الأم على خمائر تزيد من إفراز عصارة الكبد المساعدة لهضم الدهون ويتم امتصاص الدهون المهضومة من الأمعاء الدقيقة. إن سوء امتصاص الأحماض الدهنية من الأمعاء يؤثر سلباً على امتصاص الكالسيوم لأنها تتحد معه مكوّنة صابوناً غير قابل للذوبان وبالتالي للامتصاص.
نقص الدهون في التغذية:
إن نقص الدهون بشكل عام ونقص بعض الأحماض الدهنية الأساسية مثل حمض لينوليك (Linoleic acid) أو حمض أراكيدونك (Arachidonic acid) يسبّب تقشّر الجلد وتساقط الشعر والإسهال وتباطؤ شفاء الجروح. هناك بعض الدلائل يشير إلى أن نقص الأحماض الدهنية الأساسية لفترة طويلة قد يضعف مناعة الرضيع، هذه الأعراض تظهر عند الأطفال الذين يتغذون على حليب قليل الدسم لأي سبب من الأسباب، أو الأطفال الذين يعالجون بواسطة تغذية وريدية لوقت طويل.
يمكن أن يؤدي أي نقص بسيط لحمض لينوليك (Linoleic acid) إلى اضطرابات في الرؤية واضطرابات سلوكية، وهذا يحدث في الإسهالات المصاحبة لبعض أمراض الكبد ومرض التليّف الكيسي (Cystic fibrosis). إن حليب الأم والحليب الصناعي يحتويان على كميات كافية من الأحماض الدهنية.
ولكن الحليب البقري الطبيعي غير المعدّل يحتوي على كميات أقل، إلا أنه لم تظهر دلائل حتى الآن تشير إلى أن الأطفال الذين يعتمدون على الحليب البقري غير المعدّل يظهرون أعراضاً لنقص الأحماض الدهنية.
الفيتامينات
الفيتامينات هي مواد غذائية هامة، لا تشبه المواد الغذائية الكبيرة كالسكريات والبروتين والدهون كونها تعطي الطاقة للجسم، بل هي المواد الغذائية التي يحتاجها الإنسان بكميات صغيرة تحسب بالغرام والميكروغرام لإكمال العمليات الكيميائية الحيوية التي تجري داخل الخلية على مدار الساعة. نحن نحتاج الفيتامينات كي تستمر حياتنا طبيعية دون علة أو مرض، حيث يحتاج الجسم إلى 13 فيتاميناً مختلفاً وبنسب متفاوتة، وبكميات قليلة جداً.
حتى الأطفال أصحاب الشهية الضعيفة وتكون كمية الطعام التي يأكلونها قليلة يحصلون على ما يكفيهم شرط أن يكون هناك تنويع في أصناف الطعام، أي خضار وفواكه وحبوب وغيرها.
يدّخر الجسم بعض الفيتامينات في الأنسجة الدهنية (وهي الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون (A، D، E، K) لذا يستطيع الجسم الاعتماد على مدخراته لفترة طويلة ولو اختفت هذه الفيتامينات من الطعام إلى حين، الفيتامينات الأخرى (C ومجموعة B) مدخراتها قصيرة العمر، لذا وجب تناولها في فترات متقاربة. إن بعض الفيتامينات هش سريع الكسر كالزجاج، أحدها فيتامين (C) إذ إنه يفقد قيمته الغذائية بالغليان أو الحفظ لمدة طويلة، إن استخدام درجات حرارة أقل من درجة الغليان واستخدام أفران المايكرويف في المطبخ يحافظ على الكثير من الفيتامينات، وتبقى الأطعمة التي تؤكل طازجة مثل الخضار والفواكه من أفضل مصادر الفيتامينات، تليها المجمّدة ثم أخيراً المعلّبة.
إن حليب الأم يحتوي على الفيتامينات الضرورية للرضيع، ما عدا فيتامين (K) خلال الأيام الأولى بعد الولادة، لذلك يحقن الوليد بفيتامين (K) بعد الولادة مباشرة. يحتوي الحليب الصناعي على كل الفيتامينات التي يحتاجها الرضيع إذا تناول كمية لا تقل عن 750 مل في اليوم.
تقسم الفيتامينات حسب قدرتها على الذوبان إلى فيتامينات قابلة للذوبان في الدهون وأخرى ذائبة في الماء.
أ – الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون:
1 – فيتامين أ (A):
إن الجرعة اليومية المطلوبة تبلغ 60 ميكروغرام لكل 100 حريرة أو (1500–2000) وحدة يومياً، يخزّن فيتامين (أ) في الكبد وهو لا يتأثر بالحرارة وبالتالي لا يفقد خواصه في الطبخ. يعتبر حليب الأم والحليب البقري والحليب الصناعي والبيض من المصادر الغنية بهذا الفيتامين، الإسهالات المزمنة التي تستمر لفترات طويلة تسبّب نقصاً في هذا الفيتامين تظهر أعراضه بتأخر في النمو، ضعف في مقاومة الأمراض الإنتانية، عمى ليلي وتليّن القرنية (Xerophthalmia). إن تناول كميات كبيرة من فيتامين (أ)، له أضراره إذ يسبّب أعراضاً تسممية، أهمها نقص الشهية، تقشّر الجلد، ازدياد الضغط داخل الجمجمة وتغيّرات في العظام تظهر من خلال الصور الشعاعية، هناك أيضاً طليعة الفيتامين (أ) (Pro vitamin A)، هذه المادة تتحول في الكبد والأمعاء إلى فيتامين (أ)، الذي يتواجد في الخضار الخضراء الغامقة. في الفواكه والخضار الصفراء وفي البندورة.
2 – فيتامين د (D):
نقص هذا الفيتامين يؤدي إلى مرض الكساح Rickets ويظهر هذا المرض على شكل تغيّرات في الهيكل العظمي، مثل انحناء الساقين، اتساع اليافوخ وتأخر التسنين إضافة إلى ضعف في العضلات وتأخر في النمو.
إن الحاجة اليومية من فيتامين (د) (D 2) تتراوح من (400–600) وحدة يومياً ويعتمد ذلك على مقدار تعرّض الطفل لأشعة الشمس لأن فيتامين (د) الموجود في الطعام يتحول تحت الجلد وبفضل الأشعة تحت البنفسجية إلى شكل آخر من فيتامين د (D 3)، هذا الشكل الجديد (D 3) يتعرض في الكبد والكلية إلى تفاعل جديد ليخرج الشكل النهائي والفعال من فيتامين (D) (1–25 dihydroxy–cholecalciferol).
هذا الشكل الفعال يعتبر حالياً أحد هرمونات الجسم البشري. وتتأثر كمية فيتامين (د) الفعال المصنوع في الكلية أو الكبد بعوامل متعددة أهمها كمية الكالسيوم الموجودة في الطعام وهرمونات غدة مجاورة الدرق. نقص فيتامين (د) يؤدي إلى مرض الكساح وتلين العظام ويحدث عادة عند الأطفال المصابين بإسهال مزمن، أو الذين لا يتعرضون لأشعة الشمس وفي نفس الوقت كمية الفيتامين في طعامهم قليلة، لهذا السبب يعطى فيتامين (د) كجرعة يومية إضافية للرضيع في كثير من دول أوروبا الشمالية التي تندر فيها أشعة الشمس. يعطى فيتامين (د) أيضاً للرضع منذ الولادة في دول الخليج العربـي، رغم كثرة أشعة الشمس، إلا أن الناس لا يعرّضون الأطفال للشمس لشدة حرارتها.
إن إعطاء جرعات زائدة عن حاجة الجسم من فيتامين (د) يؤدي إلى أعراض تسممية أهمها زيادة كالسيوم الدم، تأخر النمو، التقيؤ، تكوّن حصيات الكلية (Nephrocalcinosis). يعتبر الحليب، السمك، الكبد وصفار البيض من الأطعمة الغنية بهذا الفيتامين.
3 – فيتامين (E):
من الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون، يحتاج الطفل إلى 5–7 ملغ/يومياً، يخزّن هذا الفيتامين في الأنسجة الدهنية. تلعب خمائر البنكرياس وعصارة الكبد دوراً هاماً في امتصاصه من الأمعاء. تزداد الحاجة إليه عند تناول كميات كبيرة من الدهون غير المشبّعة.
يقوم فيتامين (E) بعدة وظائف في الجسم منها المحافظة على صلابة الكريات الحمراء في الدم والمحافظة على الأغشية الخلوية أيضاً كعامل ضد الأكسدة (Antioxidant). إن نقص هذا الفيتامين يسبب فقر دم انحلالي عند الأطفال الخدج كما أنه يلعب دوراً في تكوين الشبكية عندهم. لا يوجد حتى الآن دليل قوي على أن جرعات كبيرة من فيتامين (E) تطيل الحياة وتزيد القدرة الجنسية وتقي من حالات التخلف العقلي وأمراض القلب والسرطانات، كما أن وجود هذا الفيتامين في كثير من الزيوت النباتية والحبوب تجعل نقصه عند الأطفال أمراً مستبعداً، ولكن يجب وصفه للأطفال الذين يعانون من أمراض سوء الامتصاص في الأمعاء ويمنع فيتامين (E) حدوث اعتلال عصبـي عند الأطفال الذين يعانون من انسداد القنوات الصفراوية الولادي، كذلك الضعف العضلي في حالات التليّف الكيسي.
4 – فيتامين ك (K):
من الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون، يولد الأطفال من الأمهات الصحيحات الجسم والتغذية، ولديهم مخزون كافي من الفيتامينات ما عدا فيتامين (K)، لذلك يعطى فيتامين (K) حقناً في العضل بعد الولادة مباشرة في كل مستشفيات الولادة. يعتبر فيتامين (K) عنصراً أساسياً في عملية التجلط، ونقصه يؤدي إلى حدوث نزيف دموي. يتواجد فيتامين (K) في حليب البقر، وبالتالي في الحليب الصناعي بكميات كافية، كذلك في الخضار ذوات الأوراق الخضراء وفي الكبد، ينصح بإعطاء الرضّع حقن عضلية من فيتامين (K) في حالات الإسهال التي تطول أكثر من أسبوع.
ب – الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء:
1 – مجموعة فيتامين ب المركبة، وهي تتضمن الفيتامينات التالية:
– فيتامين (B1).
– حمض ريبوفلافين (B2).
– حمض بانتوثينيك (B3).
– حمض النيكوتينيك (B5).
– بيري ووكسين (B6).
– بيوتين (B7).
– حمض الفوليك (B12).
– كوبالامين.
كل هذه الفيتامينات تعمل كخمائر أو خمائر مساعدة في استقلاب الكربوهيدرات والأحماض الأمينية الموجودة في الجسم، دورها حيوي وأساسي ونقص أي من هذه الفيتامينات يؤدي إلى ظهور مرض معيّن، تتواجد هذه الفيتامينات في الحبوب غير المقشرة، البقوليات والفواكه المجففة، في الحليب واللحوم وخاصة الكبد، تمتص هذه الفيتامينات من الجزء الأسفل من الأمعاء الدقيقة ويطرح الفائض عن طريق الكلية.
2 – فيتامين (C):
يعمل هذا الفيتامين كحامل لشاردة الأكسجين والهيدروجين، واستقلاب بعض الأحماض الأمينية واستقلاب الحديد، كذلك يعتبر عنصراً أساسياً للمحافظة على التركيب الطبيعي للأنسجة الداعمة للجسم (Connective tissues)، العظام، الغضاريف، الأسنان، كما يدخل في تركيب الأحماض الأمينية التي يتألف منها الكولاجين (Collagen). يعمل فيتامين (C) كعامل مضاد للأكسدة مثل فيتامين (E) فيتواجد بكثرة في الخضار ولا سيما الخضراء، الفواكه الطازجة ولا سيما الحمضيات مثل الليمون والبرتقال، تعتبر الطماطم وفاكهة الكيوي غنيتين جداً به.
يطرح هذا الفيتامين عن طريق الكلية بسرعة بعد تناوله، لذلك كان من الضروري تناول الأطعمة الغنية به يومياً. يؤدي نقص هذا الفيتامين إلى مرض الإسقربوط Scurvy الذي تبدأ أعراضه بضعف عام، آلام عضلية، نزيف دموي تحت الجلد وفي اللثة وتأخر في شفاء الجروح.
العناصر المعدنية
هي مواد معدنية غير عضوية موجودة في الغذاء، وهي عناصر أساسية في بناء أنسجة الجسم والقيام بوظائفه المختلفة، وتدخل أيضاً في تركيب الهرمونات والخمائر المختلفة الضرورية لاستمرار الحياة.
تقسم العناصر المعدنية إلى ثلاث مجموعات حسب الكميات التي يحتاجها الجسم وتعتبر مواد لا بدّ منها للنمو والتطوّر بالنسبة للطفل.
أ– المجموعة الأولى: ويحتاجها الجسم بكميات كبيرة وتقاس بالغرام مثل: الكالسيوم والفوسفور والصوديوم.
ب– المجموعة الثانية: ويحتاجها الجسم بكميات أقل وتقاس بالملي غرام مثل: الحديد واليود والفلور.
ج– المجموعة الثالثة والأخيرة: ويحتاج الجسم إلى كميات متناهية في الصغر وتقاس بالميكروغرام مثل: النيكل السيلينيوم والكروم.
الكالسيوم:
هو عنصر معدني يعتبر مكوّناً أساسياً للعظام والأسنان ويلعب دوراً هاماً في تقلّص عضلة القلب والقيام بعملها بشكل صحيح وفي تخثر الدم وفي جهوزية الأعصاب ونقل الومضات العصبية.
يحتوي حليب الأم على الكالسيوم وقابليته للامتصاص من قبل الرضّع تصل إلى 60%، بينما لا تصل هذه النسبة في الحليب الصناعي إلى أكثر من 40% يعتبر الحليب ومشتقاته من جبن ولبن والخضار الخضراء مصدراً جيداً للكالسيوم ويتم امتصاص الكالسيوم في الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة، حيث يطرح الجزء الأكبر منه عن طريق البراز وجزء ضئيل عن طريق البول، بينما 12–25% من كالسيوم الطعام يخزّن في العظام والأسنان والعضلات.
الحديد:
الحديد هو العنصر المعدني الأساسي في تركيب خضاب الدم وهو المادة المسؤولة عن نقل الأكسجين الضروري للحياة من الرئة إلى أنسجة الجسم المختلفة، كما يدخل في تركيب الكثير من الخمائر التي تساعد على إتمام التفاعلات الكيميائية داخل الجسم.
تعتبر اللحوم الحمراء وخاصة الكبد والقلب من المصادر الغذائية الغنية بالحديد، كذلك الحبوب والبقوليات والخضار الخضراء؛ يتم امتصاص الحديد من الأمعاء الدقيقة، من الملاحظ أن الحديد الموجود في اللحوم أفضل امتصاصاً من الحديد الموجود في النبات.
توفّر الوجبة العادية اليومية حوالى 10–20 ملغ من الحديد، يتم امتصاص حوالى 10% فقط من هذه الكمية. تمتص أمعاء الوليد حوالى نصف الحديد المتوفر في الحليب الصناعي، ويطرح الحديد من الجسم بشكل رئيسي عن طريق موت وانسلاخ الخلايا المبطنة للأمعاء. يخسر الجسم الكثير من الحديد في حال حدوث نزيف حاد مثل الجروح الكبيرة، أو النزيف المزمن مثل حالات الإسهالات المزمنة التي تتزامن مع نزيف من الأمعاء.
النحاس (copper):
هو من المعادن التي يحتاجها الجسم بكميات متناهية الصغر، ولكنها ضرورية جداً. يدخل النحاس في المحافظة على وظائف الجهاز العصبي، وتكوين خلايا الدم الحمراء والعظام والمحافظة على سلامة الأوعية الدموية. يتوفر النحاس في كثير من المأكولات وخاصة في المأكولات البحرية، الكبد، الكلية، صفار البيض، الجوز والزبيب، يتم امتصاص النحاس في الجزء العلوي من الأمعاء، وفي الواقع لا يمتص إلا جزء قليل من النحاس الموجود في الطعام، أما المتبقي فإنه يطرح مع البراز، بعد امتصاصه يدخل الدم متّحداً مع الألبومين ويتوزع في الأنسجة المختلفة. يطرح الفائض منه عن طريق القنوات الصفراوية في الكبد. أخيراً يلعب النحاس دوراً هاماً في استقلاب الحديد، وفي تكوين صبغ الميلانين والأنسجة الضامة الليفية (Collagen).
اليود:
هذا العنصر أساسي في صناعة هرمونات الغدة الدرقية، وهو يُمتص به من الأمعاء الدقيقة، ثم يُنقل ليخزّن في الغدة الدرقية. مياه البحار غنية جداً به، تساعد هرمونات الغدة الدرقية على تكاثر الخلايا في الجسم وعلى تطور واكتمال الجهاز العصبي، كذلك نمو وتطوّر العظام والأسنان.
الفوسفور:
يتواجد الفسفور بكثرة – وعادة يترافق مع الكالسيوم – في الحليب ومشتقاته، الأسماك، اللحوم، الفواكه المجفّفة، الحبوب، البقوليات وصفار البيض، يدخل الفسفور في تركيب الكثير من المركبات الكيميائية الأساسية والفردية الموجودة في الجسم، ونجده في العظام والأسنان، كما يتحد مع بعض الدهون مكوّناً مركبات مختلفة، وهو عنصر مهم للغاية في تركيب جدار الخلية والأنسجة العصبية، كما أنه يتحد مع بعض المواد مشكّلاً مركبات تنظّم الطاقة في الجسم أو ترسلها حسب الضرورة على شكل (ATP)، يمتص الفوسفور عن طريق الأمعاء الدقيقة ويطرح الفائض منه عن طريق الكلية.
المغنيسيوم:
يدخل هذا العنصر في الكثير من خمائر الجسم وخاصة تلك التي تتعلق بادخار أو إطلاق الطاقة (ATP). ويتواجد في جميع خلايا الجسم وسوائله. وهو يأتي بالدرجة الثانية بعد البوتاسيوم كشاردة إيجابية داخل الخلية، ويدخل المغنسيوم في عملية التحكم والتحريض العصبي العضلي، وهو أحد مكونات أنسجة العظام والأسنان.
عنصر المغنسيوم مكوّن أساسي في تشكيل مادة الكلوروفيل، وهي المادة الخضراء الموجودة في أوراق النبات والتي تحوّل أشعة الشمس إلى طاقة، ومن هنا يتواجد بكثرة في أوراق النباتات الخضراء.
من المصادر الأخرى للمغنسيوم الحبوب، البقول والفواكه الجافة. يخزّن الجزء الأكبر من المغنسيوم في العظام بنسبة 55%، وحوالى الربع في العضلات والباقي في أنسجة الجسم المختلفة، يمتص المغنيسيوم من الجزء النهائي من الأمعاء الدقيقة ويطرح عن طريق الكلية.