تصرَّف بجنون
جميع الأشخاص الناجحين يتصرفون بجنون؛ حيث يتحركون ويحدثون فارقًا
احرص على أن تحدث المساهمة التي تقدمها كل يوم في العمل فارقًا للأشخاص الذين يأخذونها بعين الاعتبار (كعملائك، وزملائك، ورئيسك في العمل، إلخ).
عندما تكون مثل أي شخص آخر، فإنه لن يلاحظك أحد وستعتمد إمكانية اختيارك لأى وظيفة على اختيار عشوائى.
ومع التسليم بالافتراض القائل بأن كل إنسان فريد من نوعه فإنه لن يكون من الصعب جدًا أن تحدث فارقًا. ولكن حتى في هذه الحالة، فإن العديد يكافحون لتمييز أنفسهم عن الآخرين. هب أن هناك قائمة مكونة من ستة أشخاص مرشحين لإحدى الوظائف فلا يمكنك أن تقدم نفس ما يقدمه الخمسة الآخرون – فسوف تحتاج إلى بعض الخبرات والإنجازات والصفات المختلفة التي تفصلك عن حشد المرشحين “العاديين”.
ففى أي شىء تقوله أو تفعله، هناك فرصة للتميز وتطوير أسلوبك الفريد الخاص بك. ويصبح هذا الأسلوب هو نقطة البيع الفريدة الخاصة بك. على سبيل المثال؛ يمكنك أن تميز نفسك من خلال…
- خبراتك التخصصية الفريدة
- مهاراتك الفريدة في العلاقات
- شخصيتك الفريدة
- خبرتك الفريدة في صناعة معينة
- قدرتك الفريدة على تحفيز أعضاء الفريق
- سجل إنجازاتك الفريدة لتحقيق النتائج.
فالتحدى الذي يواجهك في حياتك المهنية هو أن تجعل سجل إنجازاتك مميزًا ليضعك بمعزل عن تلك المراكز المزدحمة بالعادات المتبعة. فسوف تحتاج إلى اكتساب ومعرفة العوامل الرئيسية التي تميزك وتدعم أسباب اختيارك.
وعند الاستعداد لإحداث فارق، ينبغى أن تطرح على نفسك هذه الأسئلة الأساسية: “بأى طريقة، أُحدث اختلافًا في وظيفتى الحالية (أو دراساتى)؟”، “بأى طريقة أحدثتُ اختلافًا في وظائفى السابقة؟”.
تقول “باتريشيا هالاجوينا”، إحدى مضيفات الطيران الخبيرات بالخطوط الجوية الفلبينية: “حتى عندما أكون مشغولة، فإننى أخصص وقتًا للذهاب إلى العملاء لعلمى أن هذا يجعلهم يشعرون بالأهمية”. وهى مميزة جدًا عن بقية مضيفات الطيران في العديد من شركات الطيران الأخرى اللاتى يتحركن مع الأحداث ويتبعن الروتين حرفيًا. فإن إحداث فارق يتعلق بما هو أبعد من الروتين وأداء المهمة الحالية التي بين يديك.
وإليك المزيد من الأمثلة…
- إنك تتمتع بقدرة فريدة على كسب المزيد من العملاء المتسمين بالنفور.
- إنك تتمتع بقدرة فريدة على تحديد مشاكل الجودة الرئيسية وحلها.
- إنك تتمتع بخبرة فريدة بإضفاء الشعور بالراحة على العملاء الذين يشعرون بالتوتر.
- إنك تتمتع بموهبة فريدة على تثبيت برامج الحاسب المعقدة.
- إنك تتمتع بطريقة فريدة على إنجاز الأمور بشكل سريع.
- إن الجودة الرائعة العالية لعملك فريدة من نوعها.
- إنك مميز في الطريقة التي تقيس بها حجم أي مشكلة وتحديد السبب الرئيسي لها.
عندما تكون مثل أي شخص آخر فإن القليل من الناس فقط هم الذين سيتذكرونك. ولكنك ستصبح جديرًا بالذكر من خلال الصفات والمساهمة التي تميز بها نفسك عن الآخرين.
ومع التسليم بأننا نعيش في عالم يوجد به العديد من الأشخاص غير الجديرين بالثقة على نحو واضح، كالذين يفشلون في الوفاء بوعودهم، فإن بعض الأشخاص الناجحين ببساطة يُحدثون فارقًا من خلال الجدارة بالثقة بنسبة 100% . فهم يفعلون ما يعدون به، ولا يخذلون أي شخص. فهم يصبحون جديرين بالثقة تمامًا في مجتمع يوجد به الكثير من الأشخاص الذين لا يمكن الوثوق بهم في تحويل أقوالهم إلى أفعال.
والشىء الرئيسي الذي يتعلق بالتصرف بجنون (التحرك لإحداث فارق) هو تلك الأشياء البسيطة التي من الممكن أن تُحدث فارقًا كبيرًا. وفى عالم التجارة، فإن العملاء يأخذون الأمور الكبيرة على أنها أمور مسلم بها، ولكنهم في الغالب يحكمون عليك من خلال الأشياء البسيطة.
منذ سنوات قليلة مضت، كنت أتحرك في إجراءات الطلاق. وكنت بحاجة إلى محامٍ ليساعدنى. وفى المملكة المتحدة، هناك إجراء قانونى مقبول وهو أنك تستطيع أن تجلس مع أحد المحامين جلسة مبدئية لمدة نصف ساعة خالية من الأتعاب قبل الالتزام بالتعامل معه، ولذا قررت أن أجلس مع ستة محامين مختلفين قبل اختيار أحدهم ليمثلنى. وقد تم شطب اثنين منهم على الفور من قائمتى لأنهما لم يردا على مكالمتى لأحدد معهما موعدًا للقائهما، فالأشياء الصغيرة تُحدث فارقًا كبيرًا. وكان من بين المحامين الأربعة الباقين محامٍ ظل ينظر إلى ساعته طوال جلستنا المستمرة لنصف ساعة، ومحامٍ ظل يتحدث طوال الوقت دون أن يبدى أي اهتمام بظروفى الشخصية. أما المحامى الثالث فقد طلب بطاقة هويتى وإثبات عنوانى قبل حتى أن يسمح لى بالدخول إلى مكتبه. أما المحامى الرابع، والذى تعاقدت معه، فقد أجلسنى وقدم لى مشروبًا منعشًا وأنصت باهتمام لكل ما كان يجب علىّ قوله.
فالأشياء البسيطة تحدث فارقًا كبيرًا. فإذا كنت محاميًا وتقرأ هذا الموضوع، فأنا أنصحك بأن تتصرف بجنون وأن تقدم لعميلك كوبًا من الشاى! (فمحامٍ واحد فقط من بين أربعة هو الذي مثلنى في قضيتى).
أفكار عملية مفيدة
● ركز على تطوير “عرض بيعك المميز” الخاص بك.
● أعد كتابة ما يلى باستخدام نفسك كمثال:
● “كمدير للعمليات، فقد أحدثت اختلافًا من خلال تحسين الكفاءة التنفيذية للعمليات وتقليل النفقات”.
● “عندما تقلدت قيادة الفريق، كانت المعنويات منخفضة. وقد أحدثت اختلافًا من خلال التأكيد كثيرًا على بناء الفريق لرفع المعنويات”.
● “كخريج متدرب جديد، لقد أحدثت اختلافًا من خلال إنجاز مشروع صعب بنجاح للتخلص من بعض القصور في نظامنا الجديد”.
اسلك الطريق الذي لا يسلكه الكثيرون
كان هناك طريقان متشعبان في الغابة، وقد أخذت الطريق الذي يسلكه القليل من الناس، وذلك هو الذي أحدث الاختلاف كله
عند الشروع في أي شىء، تجنب اختيار الطرق المتبعة في العادة والتى خاضها أي فرد آخر. فإن التميز يأتى عندما تبتكر طريقك الخاص أو تختار طريقًا لم يطرقه الكثيرون.
سوف تستيقظ في كل دقيقة وكل يوم خلال حياتك وأنت تتخذ خيارات. ومعظم هذه الخيارات ستكون بسيطة، كالاختيار بين أن تقول “نعم” أو “لا” للقيام بتمارين رياضية “لو كنت تقوم بها في الأساس”. ومن الممكن أن يتعلق الاختيار بأى شىء تفعله أو تقوله أو حتى تفكر فيه (على فرض أنك مدرك). ومن الممكن أن يتعلق بالطعام الذي تتناوله والصحيفة التي تقرؤها والبرامج التي تشاهدها على التلفاز. والأكثر والأهم من هذا، هو أن الخيارات التي تتخذها تُحدث تأثيرًا هائلًا على مهنتك. فهذه الخيارات تميزك عن الآخرين، خاصة عندما تختار الطريق الذي لم يطرقه الكثيرون.
فبالنسبة للمتزلج على الجليد، قد يعنى هذا الانطلاق لما هو أبعد عن “منطقة التزلج”. ويعنى بالنسبة للسائح استكشاف إحدى المدن القديمة بنفسك بدلًا من اعتلاء أتوبيس سياحى ومعرفة المعلومات من خلال مرشد سياحى تقليدى يتحدث بأكثر من لغة.
ومثل هذه المغامرة سوف توسع عقلك وتثير نشاطك، وتتطلب نشاطًا ذهنيًا وتظهر أنك على استعداد لخوض المخاطر. وسوف تعنى أن تتجنب العادات التقليدية المتبعة وتغامر في منطقة مجهولة.
يتجنب الكثير من الناس الأمور غير المألوفة. فهم يتبعون القطيع ويخوضون الطريق الذي “يخوضه الكثيرون”. ويتخذون عادة أو روتينًا ثابتًا، ويؤدون أعماله بشكل آلى دون حتى أن يستغرقوا لحظة واحدة للتفكير. فالإنسان الآلى لا يتخذ أي خيارات؛ حيث إنه مبرمج على الاستجابة بطريقة معينة. ونحن البشر نخاطر بفعل نفس الشىء؛ حيث إننا نسمح لأنفسنا بلا وعى منا بأن نصبح مبرمجين مثل الإنسان الآلى ونعبر الطرق المبرمجة سلفًا.
وفى غياب مثل هذا الاختيار الواعى، فإن الحياة تصبح سهلة، فالمخاطرة تبدو منخفضة والطاقة المطلوبة ضعيفة. فإذا كنت تريد لنفسك أن تخوض رحلة خلال مناطق الراحة الخاصة بك، فعليك حينئذ أن تخوض الطرق التي يخوضها الكثيرون، فطوال هذه الطرق السريعة هناك القليل من المخاطرة والقليل من الاختيارات لأن هناك طلبًا ضعيفًا على طاقاتك الفكرية. ولكن مثل هذه الطرق سوف تقودك في النادر إلى الوظيفة التي تريدها، ناهيك عن الحياة المهنية التي ترغب فيها. فليس هناك طريق سهل. وأنا أحب التحدى القائل: “هل ينبغى أن أستدير يمينًا أم شمالًا؟”عندما لا تكون هناك إشارة واضحة. وهذا هو السبب في أننى مواطن بريطانى وأعيش في الفلبين.
فلكى نحقق تقدمًا في وظائفنا، يجب أن نفحص اختياراتنا عن قرب صغيرة كانت أم كبيرة مع نظرة لاختيار طرق نحو النجاح لم يسبقنا إليها أحد. وهذا يعنى البحث في مناطق جديدة والقيام باكتشافات جديدة لصالح فريق العمل والمؤسسة ككل. ويمكن تطبيق هذا الأمر على أي وجه من عملنا، وهو يعد أمرًا حيويًا بالنسبة للابتكار الإبداعى والتطور.
فى خطابه بحفل التخرج يخبرنا “ستيف جوبز” كيف ترك الدراسة بالكلية وعندئذ اختار الالتحاق بصف دراسى لتحسين الخطوط. فقد سلك الطريق الذي لم يخضه سوى القليل وأحدث هذا الأمر كل الفارق لعالم أجهزة الكمبيوتر وله شخصيًا؛ فمــن خــلال دراسة تحسين الخطوط، تعلم الكثير عن خطوط الكتابة وأدواتها وكذلك عن مقدار الفراغ الذي يترك بين مجموعات الحروف. فقد تعلم ما يجب أن يتعلمه عن تحسين الخطوط. ونتيجة لهذا، وبعدها بعشر سنوات ابتكر فكرة وضع أنواع مختلفة من أنماط الخطوط في نص الكمبيوتر وجعل شاشة الكتابة رائعة المنظر. وقد كان جهاز “أبل ماكنتوش” الذي اخترعه، هو أول جهاز كمبيوتر به العديد من واجهات الكتابة وأنماط الخط ذات المسافات المناسبة. ونقتبس من خطابه هذه المقولة: “إن وقتك محدود، فلا تضيعه في عيش حياة إنسان آخر. ولا تنخدع بالأمور المسلم بها – والتى تتمثل في العيش بنتائج تفكير الآخرين”.
وقد سئلت المطربة الراحلة “إيرثا كيت” ذات مرة عما تنسب إليه نجاحها، فردت قائلة: “إننى لا أتبع القطيع، ولكنى أخوض طريقى الخاص”.
أفكار عملية مفيدة
● قم برحلة إلى مكان ما لم تزره من قبل – قد يكون مكانًا في الريف أو حديقة لم تطأها قدماك من قبل. وعندئذ تمش لفترة طويلة وتأمل
بعناية الطرق التي خضتها قليلًا في حياتك: في الماضى والحاضر والمستقبل. فأنت على طريق كهذا في هذه اللحظة وبعقل نشيط راجع الاختيارات التي تتخذها كأن تصبح مطلوبًا لدى الآخرين مثلًا.
ضع وظيفتك في نموذج ثلاثى الأبعاد
جميع الوظائف ثلاثية الأبعاد. ولا يكفى أن تقصر نفسك على البعد الأول فقط – ألا وهو المهام الموجودة في وصف الوظيفة
لكى تحقق أقصى درجات النجاح في عملك، يجب أن تكون واضحًا بشأن “كيفية”وظيفتك و “ماهيتها”و “سببها”.
من المغرى أن تؤكد أن توصيفات وظيفتك مجرد مضيعة للوقت، ولكن ربما يكون الأكثر واقعية أن تقول إنها تقدم رسمًا تفصيليًا موجزًا للمهام التي تدور في عقل رئيسك في العمل بشأن المهام الخاصة بوظيفتك. ومعظم توصيفات الوظائف التي رأيتها مملة ولا تحدث أية استجابة تحفيزية.
فجميع الوظائف ثلاثية الأبعاد:
- البعد الأول – عناصر الوظيفة كما يتم وصفها. وهذه هي المهام التي يجب عليك أداؤها. فإنها تقدم الأساس لـ “كيفية” أداء وظيفتك.
- البعد الثانى – النتائج التي يجب عليك تحقيقها يومًا بعد يوم. وهذه هي المشاركة القابلة للقياس التي تحدثها نتيجة لجهودك. وهى تقدم الأساس لـ “ماهية” وظيفتك.
- البعد الثالث – الهدف العام من وظيفتك. وهذا هو الذي يرتبط بأهداف الشركة وينبغى أن يكون قوة تحفيزية رئيسية. وهو يمثل “السبب” الرئيسي لوظيفتك.
ومعظم توصيفات الوظائف تصف “البعد الأول” فقط – المهام التي يجب أداؤها. ومجرد التوجه نحو أداء المهام ليس كافيًا. فإنه يحول الموظفين إلى كائنات آلية.
فليست هناك فائدة من ركل أي كرة (“البعد الأول”) ما لم تكن تطمح إلى إحراز هدف أو منع هدف (“البعد الثانى”) ومن ثم تساعد فريقك في الفوز بالمباراة والدورى في النهاية (“البعد الثالث”).
فالأشخاص الناجحون لا يؤدون فقط المهام المنوطة بهم، ولكنهم يضعون في عقولهم المشاركات ثلاثية الأبعاد اللازمة لضمان تحقيق المستقبل الناجح للشركة. وباستخدام هذه الطريقة “ثلاثية الأبعاد” فإنهم يطورون طريقتهم تدريجيًا لإنجاز هذا الأمر. وبهذه الطريقة، فإن وظيفتهم تتطور من خلال سلسلة من التغييرات البسيطة.
على سبيل المثال؛ يستأجر الكثير من مدراء المطاعم النُّدُل والنادلات لتنفيذ المهام (حسبما يقتضيه وصف الوظيفة) من تنظيف الطاولات وتلقى الطلبات وتقديم الوجبات على الطاولات وتحصيل الحساب قبل مغادرة أي زبون. فهذه طريقة فردية بتركيز منفرد على المهمة. وهكذا يكون هناك مجال صغير للتغيير. وربما تستعين بأجهزة المايكروويف ذاتية الخدمة وتطلب من الزبائن الضغط على زر رقم 37 للحصول على الدجاج والأرز الساخن. فإن التكنولوجيا متاحة لتنفيذ هذه المهام أحادية الأبعاد دون تدخل النُّدل.
ويذهب أفضل مدراء المطاعم لما هو أبعد من الطريقة أحادية الأبعاد. فمن خلال تطبيق الطريقة “ثلاثية الأبعاد”، فإنهم يهدفون إلى أن يغادر كل زبون المطعم وهو مستمتع بتجربة إيجابية مذهلة. ولتحقيق هذا الأمر، فإن هؤلاء المدراء يمنحون النُّدل والنادلات أقصى درجات الحرية لتطوير وظيفتهم ليخرج كل زبون من المطعم وهو يشعر بالسعادة التامة. ومع تحقيق مثل هذه النتائج الإيجابية، فإن الزبائن يعودون إلى المطعم مرارًا وتكرارًا. ولذا فإننى قد التقيت في عدة مناسبات بنُدُل قد طوروا وظائفهم على الطاولة لتشمل العروض السحرية والكوميدية والتمثيل المسرحى والرقص والعلاج (النصيحة) والاستشارات (الإنصات) وكذلك تقديم المعلومات الخاصة بإعداد أي طبق.
وسوف أعطيك مثالًا واحدًا فقط: في “بينانج” بماليزيا، كنت أبحث عن مطعم لأتناول فيه عشائى. وكما يحدث غالبًا في آسيا، كانت هناك نادلة تقف خارج كل مطعم وبيدها قائمة بالأطعمة التي يتم تقديمها، محاولة جذب الزبائن إلى الداخل. وكانت هناك نادلة من هؤلاء هي التي جذبت نظرى، وكان اسمها “نى نى”. هتفت “نى نى” قائلة: “إنك تبدو كالصياد”. فجاء ردى المندهش، وأنا لم أفهم تمامًا هكذا: “معذرة؟”. فقالت موضحة: “تبدو كأنك شخص تحب السمك”. فأكدت لها أننى أحبه بالفعل، وعندئذ أخبرتنى بأن لديهم بعض الأسماك الطازجة الرائعة في قائمة تلك الليلة. فمن خلال طريقتها “ثلاثية الأبعاد”، باعت لى “نى نى” بفعالية تجربة إيجابية للعشاء. فقادتنى إلى الداخل وقدمتنى إلى “تشان ليونج بيم”، النادل الخاص بى لهذه الليلة. وقام بحركة مسرحية وهو يضع فوطة المائدة على حجرى. فقد نفض الفوطة بطريقة أنيقة ولوح بها فوق رأسه كما لو كانت علمًا قبل أن يضعها ببراعة على حجرى. فمعظم النُّدل يضعون فوطة المائدة على حجرك بطريقة تقليدية تمامًا (“البعد الأول” المهمة). بل إنه حتى بعض النُّدل لا يفعلون ذلك، بل إنك أنت من تفعله لنفسك. فإن ما فعله كل من “نى نى” و “تشان ليون بيم” كان تطوير وظيفتيهما إلى شكل ممتع من الخدمة المسرحية. وقد حاز مطعمهما إعجابى في تلك الليلة.
هذا هو أحد الأمثلة للطريقة “ثلاثية الأبعاد” لتطوير أي وظيفة:
- البعد الأول – مهمة تقديم الوجبات (الكيفية الأساسية التي تؤدى بها وظيفتك).
- البعد الثانى – التركيز على ما يجب إنجازه يومًا بيوم (أن يمر كل زبون بتجربة إيجابية في تناول العشاء بطريقة مسرحية أنيقة).
- البعد الثالث – الوضوح بشأن سبب إنجاز هذا العمل (فالزبائن السعداء يجذبون المزيد من العمل).
عندما يؤدى الموظفون المهام المنوطة بهم بطريقة منعزلة وآلية، فإنهم يتوقفون عن التفكير فيما يفعلونه. ومن ثم يتوقفون عن الخيال. ويفقدون رؤية النتائج المرغوبة، وهذا أمر خطير. ولكن بمجرد أن تبدأ في التفكير بشأن وظيفتك وكيفية أدائها بشكل أفضل، فإنك تبدأ عملية تطبيق طريقة “ثلاثية الأبعاد”.
وبمعنى آخر؛ فلكى تحقق طموحاتك وتعظّم من إسهاماتك، يجب أن تذهب لما هو أبعد من وظيفتك “كما يتم وصفها بالضبط”. وعندما تحقق هذا، فإنك سوف تكون مطلوبًا بشدة من قبل أصحاب العمل لسبب بسيط وهو أنك تجذب الكثير من العمل وتحسن من كفاءته.
أفكار عملية مفيدة
● فى معظم الأوقات، اطرح على نفسك هذه الأسئلة المهمة:
“ما الذي يتعلق به عملى؟”.
“ما الذي أفعله هنا؟”.
“ما سبب وجودى هنا؟”.
“كيف أستطيع أداء الأشياء بشكل أفضل؟”.
● اربط هذه الأسئلة بالأبعاد الثلاثة المذكورة آنفًا، وأجب باستمرار عن أسئلة الطريقة والماهية والسبب التي تتعلق بعملك. وعندئذ استخدم خيالك (فى شكل “ثلاثى الأبعاد”) في تطوير وظيفتك إلى شىء أفضل بالنسبة للجميع.
أحدِثْ صدى لدى الآخرين
عندما تمس قلب أي شخص وروحه، فإنك بذلك تُحدِث صدى لديه
لكى تصل إلى التزام صادق، يجب أن تصل إلى قلبك وتسعى لإحداث صدى لدى الطرف الآخر.
هناك اتجاه، خاصة في الولايات المتحدة، لاستخدام العبارة التي تقول: “ما تقوله يُحدث صدى لدىّ” بدلًا من العبارة القائلة: “إننى أتفق مع ما تقوله”، فهناك فرق مهم بينهما، فالموافقة هي النتيجة لعملية تفكير منطقية وتمثل قبول الأفكار أو الآراء المفضلة لدى شخص آخر. أما الصدى (فى السياق النفسى) فإنه يتخطى ما هو أبعد من ذلك ليشمل الانسجام العاطفى. فهناك عنصر عاطفى أيضًا. فجملة: “ما تقوله يُحدث صدى في نفسى” توضح رنين التناغم العاطفى والشعور المنعكس في العبارة القائلة: “هذا الشخص يتحدث نفس اللغة التي أتحدث بها، ويسير على نفس الطول الموجى الخاص بى”.
وفى هذا السياق، فهناك كلمة تتعلق بهذا الأمر وهى “التناغم”، فعندما يكون هناك رنين، فهذا يقتضى وجود تناغم ووحدة، فهناك عنصر عاطفى وروحى خاص بأى رنين. ويحدث الصدى عندما تمس أي وتر وينعكس هذا مرة أخرى من خلال التكرار. والفرق الرئيسي بين الاتفاق والصدى أن السابق منهما يميل لأن يكون “رسميًا” في حين أن الأخير يميل لأن يكون أكثر عفوية وتلقائية.
ويحدث التنافر عندما لا يحدث تناغم إيجابى. فتصدر كلمات مزعجة وتتولد المشاعر السلبية. ويرتبط التنافر بعدم الانسجام والاختلاف كما يرتبط الصدى بالانسجام والاتفاق.
وعلى المستوى العملى، فإن الصدى يعنى أن تضبط نفسك على نفس الطول الموجى للشخص الآخر وألا ترتبط معه بالأفكار فقط (الأفكار التي يعبر عنها بحديثه) ولكن أيضًا بالمشاعر التي تدعم هذه الأفكار. فعندما يكون هناك وضوح وتوازن وصدى في الطريقة التي يتم بها نقل الأفكار والمشاعر في جميع الاحتمالات، فسوف يكون هناك فهم وانسجام مشترك ومفيد. وهذا هو الصدى. أي أن الصوتين يصبحان صوتًا واحدًا، وهذا هو الاتحاد. “إننا نتحدث نفس اللغة”، “إننا على نفس الطول الموجى”.
ولكى تصبح مرغوبًا في أي مؤسسة، فإن الأمر يتطلب منك مثل هذا الصدى. فإنه يتطلب منك اكتساب المهارة التي تتمثل في أنك عندما تدخل أي غرفة تعج بالغرباء، أن تضبط نفسك سريعًا على نفس الطول الموجى الخاص بهم وأن تعكس لهم بوضوح أنك أيضًا على نفس الطول الموجى الخاص بهم. فهذا سيجعلك محبوبًا عندهم ويثير لديهم رد فعل يقول: “كأن هذا الشخص واحد منا”. وسوف يشعرون بالانسجام الذي يمكن أن يتحقق من خلال العمل معك لسبب بسيط وهو أن ما تقوله والطريقة التي تقوله بها تمس أوتارهم العاطفية (والعكس صحيح).
ويتمتع الأشخاص الذين لديهم هذه المهارات الاجتماعية الرائعة بهذه المقدرة الطبيعية على التناغم مع الآخرين. وحتى لو لم تكن هذه المهارة متأصلة لديك، فإنه يمكنك اكتسابها من خلال الإحساس بردود أفعال الآخرين وردود أفعالك تجاههم. ويمكنك التدريب على ذلك من خلال التركيز على جميع الإشارات البسيطة التي يصدرها الناس ومحاولة فهم معانيها الضمنية. وعندئذ ستتمكن من الاستجابة بفعالية. على سبيل المثال: هل يمكنك أن تثق في شخص تدور عيناه في جميع الاتجاهات وهو يحدثك ولا ينظر إليك بينما تتحدث إليه؟ وما الطريقة التي قد تستجيب بها لشخص وهو يصطنع ابتسامة متكلفة على وجهه؟ فإن دوران العين والابتسامات المتكلفة المصطنعة تعد عوائق للانسجام والتآلف ويجب أن تطور حساسيتك تجاه هذه التفاصيل الصغيرة للسلوك البشرى. فإنها تخبرك بالكثير.
وهذه الجوانب الخاصة بلغة الجسد تعكس الألوان العاطفية الخافتة التي تلون السلوك البشرى (مع القوى الروحية التي تحفزه) وإذا فشلت في تطوير حساسيتك تجاهها فإنه ستكون لديك فرصة ضعيفة في أن تنسجم مع الآخرين وتصبح مطلوبًا.
أفكار عملية مفيدة
● عندما تكون في محادثة جادة مع أحد زملائك أو رؤسائك في العمل، اسأل نفسك: “هل ما يقوله يحدث صدى لدىّ؟”، وإذا كانت الإجابة هي “نعم” فإنك على الأرجح ستصل لاتفاق معه عما لو كانت الإجابة هي “لا”.
تصرّف على طبيعتك
أن تتصرف على طبيعتك في أي مؤسسة يعد أمرًا أكثر صعوبة من أن تتصرف بالطريقة التي تريدك المؤسسة أن تتصرف طبقًا لها.
تأمل ما تريد أن تصبح عليه في حياتك وفى عملك وعندئذ ركز تفكيرك على أن تصبح ذلك الشخص.
عندما تحاول أن تتصرف حسبما يريد منك أي شخص آخر، فإنك تصبح مجرد دمية في يد الآخرين و “إمعة” يضرب به المثل كالذى يحاول استجداء رضا رئيسه العنيف. وبفعلك هذا، فإنك ستفقد إحساسك بنفسك وكذلك احترام الأشخاص الحكماء لك الذين سيرونك على طبيعتك: شخصًا غير جدير بالإنصات إليه.
فالحياة المهنية تبنى على الإحساس بقيمة الذات والتى من خلالها تقدر “نفسك” من خلال ما لديك لتقدمه. ولتحقيق هذا، فإن الأمر يتطلب منك أن تطور مجموعة مبادئك ومعتقداتك الخاصة ليتم استخدامها كأساس لاتخاذ القرارات – بغض النظر عن مدى إزعاج تلك القرارات لرؤسائك. فهذا هو جوهر مجالات حياتك كإنسان.
وتخبرنى إحدى عميلاتى، التي تشغل منصب رئيس قسم الموارد البشرية بإحدى الشركات الفرعية التابعة لمجموعة من المؤسسات الضخمة، مراعاة لمبادئها، كيف لم ترضخ لسياسة الدفع المقترحة من قبل مديرها التنفيذى. ولذا فقد أخبرته بأنها ستصعّد المسألة إلى رئيس المجموعة حيث كانت تشعر بأن السياسة المقترحة سوف تتعارض مع كل شىء تؤيده في مكافأة الموظفين. وبالفعل فعلت هذا. فقد كانت استراتيجية تنطوى على قدر كبير من المخاطرة. وقد استمع لها رئيس المجموعة باهتمام ووافقها الرأى وتمت إقالة المدير التنفيذى للشركة الفرعية من منصبه.
إذا أردت أن تكون على شخصيتك الحقيقية؛ فإن هذا سيتطلب منك أن تكتسب درجة عالية من الوعى بالذات وفكرة واضحة عما تريد أن تصبح عليه في الحياة. وهذا لا يتعلق بالطموح فقط (“أريد أن أصبح موسيقيًا ناجحًا”) ولكن يتعلق بالمبادئ أيضًا (“أريد أن أصبح صريحًا وواضحًا”)، وعلى نفس القدر من الأهمية، بالسلوك “إننى أريد دائمًا أن أكون دقيقًا”.
إنك لا تستطيع أن تكون كل شىء في الحياة، وكذا لا تستطيع أن تكون لا شىء. بين الأمرين عدد غير محدود من الاحتمالات. وأنت فقط الذي تستطيع أن تقرر ما تريد أن تصبح عليه (تمامًا) وعندها فقط يمكنك أن تخلق أي فرصة لتحقيق التقدم في حياتك المهنية.
وإذا لم تكن تعرف ما تريد أن تصبح عليه في الحياة، فهناك احتمالية ضعيفة للغاية أن تصبح شخصًا يستحق الاحترام – ومن ثم سيرغب فيك القليلون.
وهاك مثالًا لما قد يريد أي شخص أن يصبح عليه: “إننى أريد أن أصبح مدير مدرسة جديرًا بالاحترام ويسهل على الآخرين التعامل معه. إننى أريد أن أصبح ملهمًا ومتقدمًا ومحترفًا. إننى أريد أن أصبح دقيقًا. وأريد أن أصبح إيجابيًا. وأريد أن أصبح شخصًا منفتحًا على الاقتراحات ومنصتًا جيدًا. وأريد أن أصبح شخصًا يظهر الاحترام للجميع بغض النظر عن خلفياتهم وظروفهم الحالية. وأريد أن أصبح مبادرًا بتحسين مدرستنا. وفوق كل هذا، أريد أن يستفيد طلابنا من التعليم الذي نقدمه ومن ثم تزداد فرص نجاحهم في الحياة. هذا هو جوهر ما أريد أن أصبح عليه في المستوى المهنى”.
أفكار عملية مفيدة
حدد مدى التطوير الذي تريد أن تحققه في شخصيتك والإسهام المستقبلى الذي تريد تقديمه. على سبيل المثال:
تطور الشخصية:
● أريد أن أصبح واثقًا بهدوء ولكن انبساطيًا أو:
● أريد أن أصبح شخصًا جذابًا وغير متحفظ.
المساهمة المستقبلية:
● أريد أن أصبح مدير قسم المبيعات والتسويق بإحدى الشركات الضخمة.
● أريد أن أشتهر بأعمالى الخيرية للمشردين.
أعد كتابة هذا العبارات مع ذكر ما تريد أن تصبح عليه. واستخدم المثال السابق كنموذج تهتدى به.