يقف نظام توقيتٍ معقّدٌ وراء التقلّصات النظمية للقلب؛ فإذا أعيق الضخّ أو أصيب باضطراب، قد لا يستطيع القلب إيصال الدم الكافي إلى الأنسجة؛ وللقيام بهذه المهمة على أكمل وجه، يجب أن ينبض القلب بمعدّل مناسب، وأن تتقلّص حجراته بطريقة متناسقة.
يتقلّص الأذينان للمساعدة على جريان الدم إلى البطينين؛ ثمّ يتقلّص البطينان دافعين الدم إلى شرايين الجسم؛ ويجري تنظيم معدّل هذه التقلّصات وتتابعها بجهاز التوصيل في القلب.
يشبه نظام التوصيل أسلاكاً مجهرية؛ وهو ينقل الدفعات الكهربائية عبر عضل القلب؛ وتنبّه هذه الدفعات العضل القلبي وتدفع الدم في الشرايين.
أجزاء نظام التوصيل
تعدّ العقدة الجيبية وهي مجموعةٌ من الخلايا في الجزء العلوي من الأذين الأيمن، المنشأ السوي للدفعة الكهربائية. إنها تمثّل الناظمة Pacemakerالطبيعية لقلبك. وتسير الدفعة الكهربائية ضمن الخلايا المجاورة لجهاز التوصيل، ويؤدي جريان الدفعة هذا بدوره إلى ظهور تيار كهربائي يمر بعد ذلك من خلية إلى أخرى.
أما الجزء الثاني من نظام التوصيل فهو المسالك الكهربائية في الأذين والتي يسير عبرها التيار الكهربائي في رحلته نحو البطينين.
وأما الجزء الثالث لنظام التوصيل فهو العقدة الأذينية البطينية AV Node، وهي تجمّع خلوي في مركز القلب بين الأذينين والبطينين؛ وتشبه هذه العقدة بوّابةً تبطئ التيار الكهربائي قبل أن تسمح له بعبور البطينين؛ ويضمن تأخّر التوصيل هذا عند العقدة الأذينية البطينية تقلّص الأذينين لفترة قصيرة قبل تقلّص البطينين، مما يسمح بمزيد من الوقت لامتلاء البطينين.
بعد مغادرة التيار للعقدة الأذينية البطينية، يتجه نحو نسيج توصيل متخصّص يدعى جهاز هيس – بوركنجي His-Purkinje System؛ وينشر جهاز المسالك المتفرّعة هذا، الموجود في نسيج التوصيل الكهربائي المخصّص، التيار بسرعة عبر الخلايا العضلية للبطينين الأيسر والأيمن.
تكون الفترة الفاصلة بين بدء الدفعة الكهربائية في العقدة الجيبية واكتمال وصولها عبر نظام التوصيل إلى خلايا العضلة القلبية قصيرةً، حيث تبلغ نحو ثانية وسطياً عندما ينبض القلب بمعدّل 72 مرة / الدقيقة؛ وينجم نحو نصف هذه الفترة عن التأخير المبيّت عند العقدة الأذينية البطينية.
كيف يعمل نظام التوصيل؟
في نظام التوصيل، يمرّ التيار إلى الخلايا المجاورة؛ ويحدث الشيء نفسه في خلايا العضلة القلبية؛ لكن فضلاً عن ذلك، يفعّل التيار الكهربائي الجهاز التقلّصي (التقلص) Contractile Apparatus للخلية العضلية؛ فعندما يتفعّل نظام التقلص هذا، يبدأ فعل الضخ في العضل القلبي؛ وهكذا، يكون نظام التوصيل، من العقدة الجيبية وما بعدها نزولاً، مسؤولاً عن التحكّم بسرعة تقلّص نظم قلبك.
نظام التوصيل هو شبكةٌ تحمل الإشارات الكهربائية عبر القلب. تنشأ الضربة القلبية في العقدة الجيبية أعلى الأذين الأيمن، ثم تسير عبر المسالك الأذينية إلى العقدة الأذينية البطينية؛ وتبطئ هذه العقدة الإشارة القادمة لفترة قصيرة خلال مرورها نحو الشبكة الكهربائية للبطينين، أي جهاز هيس – بوركنجي. ويسمح نظام التوصيل للإشارة الكهربائية بالوصول إلى كافة أجزاء القلب بطريقة متواقتة، بحيث تكون الضربات القلبية متناسقةً وتحدث بمعدّل سوي.
خلافاً لمعظم الخلايا العضلية الأخرى في جسمك، يمكن للخلايا القلبية أن تبدأ دفعاتها الكهربائية الذاتية وتقلصاتها بنفسها؛ ومع أن جهازك العصبي يمكنه تعديل سرعة ضربات قلبك، غير أنه لا يمثّل القوة المسؤولة عن ضرباته (فحتى ولو استؤصل القلب من الجسم، كما في المطعوم (الغريسة) Heart Transplant أو الخلايا القلبية التي تفصل عن بعضها البعض، يمكنه أن يستمر بالتقلّص لفترة من الزمن. وفي الواقع، حتّى إذا أخفقت العقدة الجيبية في العمل، يمكن أن تأخذ مواضع أخرى مكانها كناظمة وظيفية).
إنّ السبب الذي يجعل العقدة الجيبية تسيطر على نظم القلب هو أن المعدّل الطبيعي لتشكّل الدفعة الكهربائية أسرع من المعدّلات في الخلايا الأخرى لجهاز التوصيل والتي تقع تحته، فيسيطر المعدل الأسرع على المعدلات الأبطأ؛ فكلما اتجهت نحو أسفل جهاز التوصيل، يبطئ معدل التقلّص العفوي أو التلقائي. ويكون المعدل في العقدة الجيبية الطبيعية 100-60 ضربة / الدقيقة لدى البالغ؛ أما المعدل في العقدة الأذينية البطينية فهو 60-40 ضربة / الدقيقة، بينما يكون في البطينين 40-20 ضربة / الدقيقة.
رغم أن المعدّل البطيء لتشكّل الدفعة الصادرة عن العقدة الأذينية البطينية يحافظ على حياتك، غير أن قلبك يقوم بوظيفته على نحو أفضل في ظل قيادة العقدة الجيبية؛ فإذا لم تعمل العقدة الجيبية ولا العقدة الأذينية البطينية، يقوم بذلك موضع احتياطي آخر (في البطينين)، لكنه يكون أبطأ ولا يكون مجهزاً للقيام بالوظيفة وحده.
ما هي السرعة (أو المعدّل) السوية للقلب؟
تبلغ السرعة السوية للقلب في البالغ المستريح 100-60 ضربة / الدقيقة؛ تذكّر أن كلمة «سوي Normal» تعني أن معظم الأشخاص يبدون سرعة قلبية ضمن هذا المجال معظم الوقت؛ ولا تشير التغيّرات البسيطة خارج هذا المجال السوي بالضرورة إلى وجود مشكلة؛ ويعتقد بعض الأطباء أن سرعة القلب السوية خلال الراحة هي 90-50 ضربة / الدقيقة.
عندما تجري أو تصعد الأدراج أو تمارس التمارين، تستجيب العقدة الجيبية ويتسرّع قلبك؛ وتزداد دقات قلبك مع زيادة النشاط أو الفعالية لضخ المزيد من الدم إلى عضلاتك.
ويمكن لعدد من الأشياء الأخرى، فضلاً عن الجهد، أن تزيد سرعة قلبك، بما في ذلك الإجهاد الفكري أو العقلي والتبغ والقهوة والكحول وبعض الأدوية الموصوفة من الطبيب أو غير الموصوفة. كما يبطؤ قلبك بشكل سوي خلال النوم وبتأثير بعض الأدوية. ولا تكون سرعات النبض الواقعة في المجال 50-30 ضربة / الدقيقة غريبةً أو شاذة لدى البالغين الأصحّاء خلال النوم.
الجهاز العصبي المستقل (لاإرادي)
تأتي الرسائل التي تحرّض العقدة الجيبية على زيادة سرعتها أو إنقاصها من قبل الجهاز العصبي المستقل. Autonomic Nervous System فهذا الجهاز لديك يتحكّم تلقائياً بعدد من الوظائف في جسمك، مثل ضغط الدم والتنفّس والإفراغ وسرعة القلب. وأنت لا تقرّر بشكل إرادي أو شعوري النفس أو تغيير سرعة قلبك، لأن جهازك العصبي المستقل يهتم بهذه القرارات الحيوية عنك، ويستطيع القيام بتقدير سريع مفاجئ؛ فهو – على سبيل المثال – يمكن أن يجعل العقدة الجيبية تزيد من سرعة القلب ضعفيْ المعدل السوي في غضون 5 ثوانٍ -3.
سرعات القلب الوسطية لدى الأشخاص من مختلف الأعمار
السرعات السوية خلال الراحة | |
عدد الضربات / الدقيقة | الفئة العمرية |
140 | الوليد |
120-100 | الطفل الصغير |
100-60 | البالغ |
أقصى سرعات ممكنة أو محرزة | |
عدد الضربات / الدقيقة | الفئة العمرية |
200 | 25 |
188 | 35 |
176 | 45 |
165 | 55 |
155 | 65 |
ما هي السرعة التي يمكن أن يصلها القلب؟
يبدو أن جسمك يتراجع مع التقدم في العمر؛ ولكن في الحقيقة، يبطئ القلب فعلياً مع التقدم في العمر؛ إن نقص السرعة لا يلاحظ خلال الأنشطة اليومية، وإنّما تنقص السرعة العظمى لقلبك خلال الجهد مع التقدم في العمر؛ فالسرعة العظمى للقلب – على سبيل المثال – في عمر 25 تكون 200 ضربة / الدقيقة تقريباً؛ وفي عمر 65 سنة، تصبح هذه السرعة نحو 155 ضربة / الدقيقة (تبلغ السرعة العظمى لديك 220 ناقص (-) عمرك).
كما يمكن أن تبطؤ سرعة قلبك كنتيجة مرغوبة عندما تكون في حالة صحية جيّدة؛ فقلب الرياضيين غالباً ما ينبض أقل من المعدل السوي لأن التدريب يسمح للقلب بالتقلّص بقوة أكبر ويضخ المزيد من الدم مع كل ضربة؛ ونتيجةً لذلك، لا يحتاج القلب إلى النبض بسرعة لإحداث جريان دموي سوي.