نظام غذائي نباتي صرف/خالص قد يؤدي لنقص تلبية حاجة بعض الأفراد لفيتامين ب12. إذا اخترت أن تتبع نظامًا غذائيًّا نباتيًّا خالصًا، فمن الواجب أن تتناول مكملات غذائية متعددة الفيتامينات أو أي مصدر آخر لفيتامين ب12 مثل حليب الصويا المعزز. فيما عدا ذلك، ستجد القوائم النباتية الغذائية غنية بالكالسيوم وتحتوي على قدر كافٍ من الحديد المستمد من الخضراوات الخضراء والبقوليات؛ فهي تحتوي على قدر كافٍ من البروتين، كما أن كثافتها الغذائية عالية للغاية.
تقترح ملاحظاتي أن الأشخاص النباتيين قد لا يؤمنون أنفسهم؛ سواء بتناول مكمل غذائي يحتوي على ب12، أو العديد من الفيتامينات، أو من خلال تناول الأطعمة المعززة بفيتامين ب12. خيار آخر لمن يكرهون تناول الفيتامين هو إجراء تحليل دم بصفة دورية. ويجب التأكد من نسبة حمض الميثيلمالونيل (MMA) لقياس ما إذا كانت نسبة ب12 في جسمك كافية بالنسبة لك أم لا.
هل النظام الغذائي النباتي صحي أكثر من نظام غذائي يحتوي على قدر ضئيل من المنتجات الحيوانية؟
الدليل يرجح أن نظامًا غذائيًّا شبه نباتي أو نباتيًّا خالصًا هو الأفضل. ففي دراسة مشروع الصين كورنيل أكسفورد، سجلت انخفاض معدلات الإصابة بالسرطان مع تقليل المشاركين استهلاكهم للأطعمة الحيوانية لوجبة واحدة أسبوعيًّا بصفة دائمة. أما تقليله عن هذا المستوى فلا تتوافر عنه بيانات كافية. وتشير بعض الدراسات الأصغر إلى أن إدخال بعض الأسماك لنظام غذائي نباتي له مزاياه، وهو ما ينتج عن زيادة نسبة دهون DHA من الأسماك. ومن الممكن تحقيق الميزة نفسها عند اتباع نظام غذائي نباتي صارم من خلال تضمين بذور الكتان المجروشة والمكسرات التي تحتوي على الأوميجا 3؛ مثل عين الجمل. إذا أردت أن تجني ميزة تضمين دهن DHA الموجود في الأسماك في النظام الغذائي، وتظل ملتزمًا بنظام نباتي، يمكنك أن تتناول حمض DHA المستخلص من طحالب بحرية.
سواء كنت شخصًا نباتيًّا خالصًا أم لا، يجب أن تهيمن النباتات على نظامك الغذائي لكي تتمتع بصحة مثالية وتقلل خطر إصابتك بالسرطان لأقل حد ممكن. فأي نظام غذائي نباتي قد يكون صحيًّا أو غير صحي، وهو الأمر الذي يتوقف على اختيارات الأطعمة، ولكن نظامًا مشابهًا للنظام الذي يتبعه أغلب الأمريكيين؛ وهو النظام الذي يحتوي على كمية كبيرة من المنتجات الحيوانية، لا يمكن أن يكون صحيًّا. وبالنسبة للأشخاص غير المستعدين للتوقف عنها، يجب تقليل المنتجات الحيوانية 340 جرامًا أو أقل أسبوعيًّا. وإلا فسترتفع احتمالات إصابتك بالأمراض كثيرًا. وكثيرون من مرضاي يختارون تناول أطعمة نباتية فقط في منازلهم، وتناول منتجات حيوانية كنوع من التدليل مرة أو اثنتين أسبوعيًّا عند خروجهم.
لاحظ طبيبي أن بشرتي تحولت للون الأصفر ونصحني بتقليل الأطعمة التي تحتوي على الكاروتين؛ كالمانجو والجزر والبطاطا.
تحول لون البشرة للون الأصفر الفاتح ليس بمشكلة، فهذا علامة على تتبع نظام صحي. بل على العكس، فأي شخص ليست لديه نسبة من الكاروتين في دمه وتظهر على بشرته لا يتناول طعامه بشكل جيد، ومثل هذا النمط في تناول الطعام يعرضه لاحتمال وخطر الإصابة بالسرطان؛ بما في ذلك سرطان الجلد. أنا لا أشرب عصير الجزر، ولكن بشرتي لونها أصفر فاتح؛ خاصة عندما أقارنها مع بشرة الأشخاص الذين يتبعون النظم الغذائية التقليدية. وعندما يتبع مرضاي نظامًا غذائيًّا غنيًّا بالعناصر الغذائية يتحول لون بشرتهم للون أفتح أيضًا.
قل لطبيبك إن لون بشرته لا ينم عن صحة. إلا أنني مازلت لا أنصح بتناول فيتامين إيه أو جرعات عالية من البيتا كاروتين في المكملات الغذائية. ففيتامين إيه والبيتا كاروتين عندما يتم الحصول عليهما من المكملات الغذائية مرتبطان بزيادة معدل الوفاة.
ماذا عن القول إن أسلافنا كانوا صيادين وكانوا يكثرون من تناول اللحم؟
بالطبع كانت هناك شعوب اتبعوا نظمًا غذائية غنية باللحوم، وكان هناك أشخاص اتبعوا نظمًا غذائية تسيطر عليها الأطعمة النباتية. كانوا يستميتون للحصول على السعرات الحرارية، لذلك تناولوا أيًّا ما كانت أيديهم تصل إليهم. والسؤالان اللذان يجب أن نطرحهما هنا هما: ما المدة التي عاشوها وهم يتبعون هذا النظام الغذائي؟ ما النظام الغذائي الذي يمدهم بأفضل حماية ضد الإصابة بالأمراض، ويمنحهم أعظم فرصة لعيش عمر مديد في العصر الحديث؟
أنا شخصيًّا أريد أن أبلي بلاءً أفضل مما فعل أسلافي. ونظرة شاملة وتفسير منطقي للدليل العلمي يدعم الاستنتاج بأنه يمكننا حماية أنفسنا من الأمراض إذا ما اتخذنا خيارات محددة خاصة بالأطعمة. ولكننا نبقى محافظين على فسيولوجيتنا البدائية؛ فسيولوجية تعتمد على الإكثار من تناول الخضراوات وهو أمر متعلق بشرح قدرتنا على العيش على نظام غذائي تهيمن عليه الأطعمة النباتية.
من بين الباحثين القلائل في مجال علم الأنثروبولوجي وعلاقته بالطعام على مستوى العالم الدكتورة “كاثرين ملتون” بجامعة كاليفورنيا ببيركلي التي درست ثقافات شعوب بدائية لم يتأثروا بالتكنولوجيا الحديثة. وقد خلصت إلى أن النظام الغذائي للشعوب البدائية والرئيسيات تهيمن عليها الأطعمة النباتية لحد كبير. الفارق الأساسي بين النظم الغذائية التقليدية ونظامنا الغذائي الخاص هو استهلاكهم لأطعمة نباتية عالية الكثافة وانخفاض تناول أطعمة غنية بالدهون ومنخفضة السعرات الحرارية كالجبن والزيت، فضلًا عن الحبوب المعدلة.
لدينا فرصة فريدة في التاريخ البشري؛ فقد أصبحت لدينا منتجات طازجة وصلت إلى مخازن أطعمتنا من مختلف أنحاء كوكب الأرض. ويمكننا الاستفادة من هذا التنوع الوفير للخضراوات الطازجة لكي نتبع نظامًا غذائيًّا يحتوي على قدر أكبر من المواد الكيميائية النباتية من ذي قبل. لدينا الفرصة لاتخاذ قرارات تتعلق بما نأكله لم تكن متاحة لأسلافنا في عصر ما قبل التاريخ. ولحسن الحظ، أصبحنا نتمتع بالمعرفة التي كانت تنقصهم، ويمكننا استخدام هذه المعرفة لنعيش حياة أطول من ذي قبل.
أشعر أنني بحال أفضل عندما آكل أطعمة غنية بالبروتين، وتحتوي على قدر كبير من المنتجات الحيوانية. فهل هذا يعني أن هذه التوصية باتباع نظام غذائي يعتمد على الأطعمة النباتية لا يناسبني؟
لدي آلاف المرضى يتبعون نظمًا نباتية أو شبه نباتية. لقد لاحظت وجود نسبة صغيرة للغاية ذكروا في البداية أنهم يشعرون بأنهم يكونون بحال أفضل عند تضمين قدر كبير من المنتجات الحيوانية في نظمهم الغذائية، وأن حالتهم تسوء عند اتباع نظام نباتي. وكل هذه الشكاوى تقريبًا تختفي مع الوقت عند اتباع النظام الغذائي الجديد. وأنا أؤمن بأن الأسباب الرئيسية في ذلك هي ما يلي.
نظام غذائي يحتوي على قدر كبير من المنتجات الحيوانية يفرض عبئًا سامًّا على الأجهزة التي تقوم بطرد السموم من الجسم. وكما هي الحال مع الإقلاع عن الكافيين والتدخين والمنشطات، يعاني كثيرون أعراض انسحاب لفترة قصيرة؛ عادة ما تتضمن الإجهاد والضعف العام، والصداع، أو ليونة البراز. وفي 95% من هذه الحالات، تختفي هذه الأعراض في غضون أسبوعين.
من الأكثر شيوعًا أن فترة التكيف المؤقت تستمر لأقل من أسبوع؛ وقد تشعر خلاله بالإرهاق أو الصداع أو وجود غازات، أو تعاني أعراضًا أخرى متوسطة الشدة نظرًا لتراجع جسمك عن عاداتك السامة القديمة. لا تقنع نفسك بوهم أنك “تحتاج لمزيد من البروتين”. فننقص البروتين لا يؤدي إلى الإرهاق. حتى القوائم النباتية تمدك بحوالي 50 جرامًا من البروتين لكل 1000 سعر حراري، وهي كمية كبيرة. وحده التوقف عن تناول أطعمة خطيرة تحفزك هو ما يسبب لك إحساسًا مؤقتًا بالإرهاق.
تتم ملاحظة وجود الغازات وليونة البراز في بعض الأحيان أيضًا عند التحول لنظام غذائي يحتوي على قدر كبير جدًّا من الألياف، وأيضًا أنواع مختلفة من الألياف لم يتعامل الجهاز الهضمي معها من قبل. فعلى مدار سنوات عديدة، والجسم يعدل انقباضات الأمعاء المتعلقة بالهضم عند انخفاض نسبة الألياف في النظام الغذائي. وهذه الأعراض أيضًا تتحسن مع الوقت. ومضغ الطعام بشكل جيد جدًّا، وحتى ضرب السلطة في الخلاط، يساعد على تجاوز هذه الفترة. وبعض الناس عليهم تجنب البقوليات في البداية، ثم استخدامها بكميات صغيرة، وإضافة المزيد منها بشكل تدريجي خلال فترة من الوقت لتدريب الجهاز الهضمي على التعامل مع هذه الألياف الجديدة وهضمها.
يحتاج بعض الناس لمتطلبات متزايدة من الدهون، ونوع النظام الغذائي النباتي الذي كانوا يتبعونه فيما مضى لم يكن غنيًّا بأنواع معينة من الدهون الأساسية بالنسبة لهم بالقدر الكافي. وقد يحدث ذلك بالنسبة لمن يتبعون نظامًا غذائيًّا نباتيًّا يتضمن تناول قدر كبير من القمح منخفض الدهون ومنتجات الحبوب. وفي كثير من الأحيان يكون من المفيد إضافة بذور الكتان المجروشة أو زيت بذور الكتان إلى النظام الغذائي لإمداد الجسم بالأوميجا 3. وبعض الناس خاصة النحفاء يحتاجون لقدر أكبر من السعرات الحرارية وقدر أكبر من الدهون للحفاظ على أوزانهم. وعادة ما يتم “علاج” هذا الأمر من خلال تضمين المكسرات النيئة وزبدة المكسرات النيئة والأفوكادو وغيرها من الأطعمة الصحية الغنية بالعناصر الغذائية، والغنية أيضًا بالدهون والسعرات الحرارية. وحتى هؤلاء الأشخاص النحفاء سوف تتحسن صحتهم كثيرًا ويقل احتمال إصابتهم بأمراض تنكسية إذا ما قللوا اعتمادهم على أطعمة حيوانية، وأكثروا من تناول الدهون نباتية المصدر؛ كالمكسرات بدلًا من ذلك.
هناك أيضًا عدد نادر من الأفراد يحتاجون لتركيزات أعلى من الأطعمة البروتينة والدهنية في هذا النظام الغذائي بسبب مشكلة في الجهاز الهضمي؛ مثل مرضى كرون، ومتلازمة الأمعاء القصيرة وغيرها من الحالات الطبية غير الشائعة. كما أنني قابلت أيضًا مرضى في حالات نادرة أصبحوا نحفاء أكثر من المطلوب وعانوا سوء التغذية بسبب ما أعتبره نظامًا غذائيًّا مثاليًّا وغنيًّا بالعناصر الغذائية. في مثل هذه الحالات، تكون هناك حاجة لتناول قدر أكبر من المنتجات الحيوانية لتقليل كمية الألياف وإبطاء وقت بقائها في الأمعاء، والمساعدة على امتصاص وتركيز الأحماض الأمينية الموجودة في كل وجبة. وعادة ما تحدث هذه المشكلة بسبب خلل في الجهاز الهضمي أو صعوبة في عملية الامتصاص. لقد رأيت عددًا محدودًا من هذه الحالات طوال الأعوام العشرين الماضية. بعبارة أخرى، لا يحتاج واحد بين مائة شص في تقديري لتناول منتجات حيوانية بانتظام في نظامه الغذائي. ويبقى على هؤلاء الأفراد اتباع تعليماتي العامة للوصول لصحة مثالية، كما يمكنهم تعديل احتياجاتهم الفردية من خلال إبقاء استهلاكهم للأطعمة الحيوانية عند معدلات منخفضة نسبيًّا.