هل عليّ حقًا أن أمتنع عن أكل الشوكولاتة؟ لا شيء يشبه الشوكولاتة. عندما يتعلق الأمر بالفخامة الحصرية وجاذبية المتعة، يصعب أن يغلب شيء طعمها وقوامها ورائحتها وشكلها.
يستهلك الشخص الواحد في المتوسط 4.5 كيلوجرام (10 أرطال) من الشوكولاتة في العام. بل عادة أكثر. انظر إلى ما نأكله من الشوكولاتة في يوم الأم، ويوم الأب، وفي الأعياد، ورأس السنة، ناهيك عن بقية المناسبات. نحن نعلم كم نفرط في أكل أي شي! لكن لماذا كلما فكرنا في الأشياء التي علينا عملها لتحسين صحتنا، كان نصيبنا اليومي من الشوكولاتة دائمًا الضحية الأولى للثورة الصحية؟
س: لماذا الشوكولاتة ضارة؟
ج: هي ليست ضارة.
س: هل الشوكولاتة الداكنة أفضل من البيضاء؟
ج: الشوكولاتة البيضاء ليست شوكولاتة حقًا.
س: أليست الشوكولاتة مجرد دهن وسكر؟
ج: بلى، تتألف من عناصر كثيرة أخرى.
س: هل من الممكن أن تكون الشوكولاتة مفيدة؟
ج: الشوكولاتة مفيدة دائمًا. نحن من يجعلها ضارة أحياناً.
شريحة من الجنة
تُصنع الشوكولاتة من بذور شجرة الكاكاو. عادة ما تُسمَى هذه حبوب الكاكاو. لكن مع أن شكلها يشبه الحبوب وتخرج من حوصلة، فليست حبوبًا. إنها بذور.
لآلاف السنوات عُدَّت المنتجات المصنوعة من الكاكاو قيمة وحصرية. إلى حد أن بذور الكاكاو كانت تستعمل كنوع من العملات عند شعوب الآزتك القدماء. وكانوا كذلك ينفقونها لصنع مشروب ساخن، أي أنهم كانوا يشربون نقودهم حرفيًا إن زادت عن حاجتهم.
سمّى عالم النباتات السويدي كارل لينيوس -الذي وضع الاسم العلمي للكثير من الأشياء- شجرة الكاكاو ثيوبروما كاكاو، وهي تأتي من الكلمة الإغريقية ثيو التي تعني إله، و بروما التي تعني الشراب، أي الكاكاو شراب الآلهة. كان شعب المايا في أمريكا الوسطى يعتقد بأن الشوكولاتة الساخنة هي الشراب الذي اصطفته الآلهة، مثل السوما في أساطير الآلهة الهندوسية، والأمبروزا في أساطير آلهة الإغريق. لكن، عكس المشروبات الأسطورية الأخرى التي كانت صفتها سرًا لا يصل إليها إنسان ، فقد سرّب الإله كوتزلكواتل وصفة الكاكاو إلى شعب المايا.
متعة الشوكولاتة الساخنة
لشيوع الشوكولاتة وشعبيتها العظيمة سبب آخر وهو طلب المتعة (المسمى الهيدونية). وشرب الشوكولاتة وأكلها ممتع بدنيًا وعقليًا بلا شك.
غالبًا لم يكن الكاكاو لذيذًا جدًا في البداية. مزيج المكونات الذي نسميه الشوكولاتة اليوم مختلف تمامًا عن مشروب الكاكاو المر الذي كان يُحتسى في القرن السابع عشر. لقد كان كوب الشوكولاتة المعتاد، غالبًا، أبشع كثيرًا من أي كوب قهوة سريعة التحضير الآن.
لكنه كان ساخنًا. وفي عالم ليس فيه تدفئة مركزية، كان إحساسًا لطيفًا أن تشعر بدفء جوفك. كما كان ذا رغوة. وقد ظلت الرغوة مدة تُعد أفضل ما فيه. حتى شعوب المايا كانت حريصة على أن يكون لمشروب الشوكولاتة رغوة لذيذة ماتعة، إذ كانوا يصبونها من الإناء إلى الكوب ثم من الكوب إلى الإناء وهكذا.
مع تزايد شاربي الشوكولاتة، تطور صنع الشراب إلى ما يفوق المقبول. أضيفت توابل مثل القرفة والفانيليا والفلفل الحار. ثم جاء السكر. كان شعب المايا يستعمل العسل أحيانًا، لكن بعد إضافة قصب السكر تحول الكاكاو إلى الشوكولاتة ذات النجومية التي هي عليها الآن.
تبين لنا أن الشوكولاتة نظام لإيصال السكر متعدد الجوانب والوظائف للغاية. وكما سنبين في فصول تالية، التمتع بأي شيء حلو سمة عالمية بين الناس. على ألا يكون شديد الحلاوة. ولهذا فالشوكولاتة مثالية تقريبًا. أكثر الشوكولاتة المعاصرة لا تعدو أن تكون غشاءً رقيقًا من الشوكولاتة على حشو غليظ من السكر. لكن لأن في الشوكولاتة مواد كيميائية شديدة المرارة، من السهل أن نداري مادة شديدة الحلاوة مثل اللبن المخلوط بالشعير، وراء الشوكولاتة الداكنة. وفجأة صار الناس يتلذذون بطعم مالتيزرز Maltesers المشابه لطعم أمريكان وبرز American Whoppers سواء كانوا يحبون الحلوى أم لا. لكن على النقيض، قليلون من يحبون هذا الحشو الحلو وحده.
جاءت الثورة التالية عندما اكتشف مهندسو الكاكاو طرائق لجعل الشوكولاتة الصلبة صالحة للتخزين والإنتاج بكميات كبيرة لكن لينة بما يكفي لتذوب في الفم مباشرة، في الوقت نفسه.
اكتساب الصلابة
تُخمَر حبوب الكاكاو وتُحمَص كالقهوة. بعدها تُترك في أكياس كبيرة في غرفة ساخنة، مما يتيح لزبد الكاكاو الأبيض أن يذوب ويتقاطر من الحبوب. تُجفَف المواد الصلبة المتبقية في الأكياس بعد ذلك وتُطحن لتصير مسحوق الكاكاو، أو ما يُعرف اختصارًا بالكاكاو.
أكثر الكيميائيات، ومضادات الأكسدة، والطعم المر، تكون في مسحوق الكاكاو. هذا ما كان يُصنع به شراب الشوكولاتة أصلًا. وكان زبد الكاكاو يُعد منتجًا لا فائدة منه ولا طعم له. لكن لزبد الكاكاو خصائص مثيرة للاهتمام. إذ يمكن تخزينه فوق العام ولا يفسد. وله قوام ناعم ورائحة محببة. بل كان يجمد في درجة حرارة الغرفة متخذًا شكل الإناء الذي وُضع فيه. وفوق هذا، يسهل إسالته بتسخينه فوق درجة حرارة جسم الإنسان قليلًا.
يبدو لنا الآن، بأثر رجعي، أن طريقة الانتفاع به واضحة للعيان. لكن هذا لم يتضح تاريخيًا حتى عام 1847 عندما فكر جوزف فراي في إعادة مزج زبد الكاكاو بمسحوق الكاكاو. ثم أضاف بعض السكر لتحسين المذاق، فوُلد لوح الشوكولاتة.
ليس معروفًا لنا أكان الرجل ذا رؤية بعيدة أم حريصًا على عدم الإهدار. لكن مساهمته الثورية في فنون المطبخ هي تقريبًا أهم مساهمة من إنجلترا، وتفوق السمك مع البطاطا، وجبن الشيدر.
تتحقق هذه الكيمياء المثالية من ترابط جزيئات الدهون بقوة وكثافة معًا. يجعل هذا الشوكولاتة صلبة في درجة حرارة الغرفة، كالزبد. وكالزبد، تذوب الشوكولاتة عند تدفئتها. لكن هذا يحدث بطيئًا جدًا، وفوق نطاق حرارة قريب من درجة حرارة الجسم (بين 34-38 درجة مئوية أو 93-100 فهرنهايت). يتيح هذا للشوكولاتة أن تلين بطيئًا ولا تسيل فجأة، مما يخلق إحساس ذوبان محببًا لا يكون إلا للدهون عندما تدفأ إلى درجة حرارة قريبة من حرارة الجسم في أفواهنا. كما أن هذا يُبقي أصابعنا نظيفة مدة الثواني التي نحمل فيها الشوكولاتة إلى شفاهنا. هذا مختلف جدًا عن الثلج، الذي يكون جامدًا في لحظة وفي التالية يصير بركة. مَصُّ الثلج تجربة مخالفة تمامًا للتجربة الدافئة الرائعة التي تكون عند ترك الشوكولاتة تذوب في فمك.
ذوبان الشوكولاتة و/أو جمودها بهذا اليسر يعني أننا نستطيع صبها في قوالب بأي شكل تقريبًا (حتى في هيئة بيضة مجوفة) وتجميدها، حتى تصل إلى شفاهنا على الأقل. كما نستطيع صنع نافورة شوكولاتة سائلة أو قلعة شوكولاتة جامدة، وهو أمر غير ممكن مع أي مادة طهو أخرى تقريبًا. حتى الزبد الذائب لا يعود إلى هيئته الأولى تمامًا أبدًا.
تأثير الشوكولاتة على المخ
وراء اتساع شعبية الشوكولاتة الواسعة، بعيدًا عن الفخامة والمتعة التي تذوب في الفم، سبب آخر مهم، وهو أنها كانت تعد دواءً نادرًا معدِّلًا للحالة الذهنية، وكانت تباع تحت هذا الوصف.
بعض تأثيرها هذا نفسي بلا شك. كلنا نشعر شعورًا طيبًا بعد أن نستمتع بهذه اللذة الفخمة. لاتباع الهوى قليلًا (أو الإحساس به) أثر في تحسين المزاج وتغيير كيمياء المخ. وهذه هي نفس الحال مع الشوكولاتة.
إضافة إلى علم النفس، في الشوكولاتة حقًا مواد كيميائية لها آثار مجرَبة على المخ وطريقة عمله. فكما أن القهوة هي ركوبة الكافيين، توصل الشوكولاتة إلى المخ دواءً آخر قويًا اسمه ثيوبرومين. تركيب هذه المادة يماثل الكافيين بنسبة 98%. لذا فله نفس أثر الشاي والقهوة التنبيهي على المخ، إذ يساعدنا على التركيز ويحسن مزاجنا ويخلق إحساسًا بالتفاؤل.
في سباقات الخيل، كل من المركبين الكافيين والثيوبرومين، لأنهما محسِّنا أداء. أكثر شاربي الشاي والقهوة وآكلي الشوكولاتة يتفقون على هذه الخصائص المحسنة للأداء، فلوح الشوكولاتة أو كوب الشاي هو ما يعينهم على تخطي خمول الساعة الثالثة عصرًا.
يشارك الثيوبرومين أيضًا الكافيين بعض الخصائص الأخرى. مثلًا، كلاهما قد يسبب الحموضة لبعض الناس، بإرخاء عاصرة المعدة التي تُبقي حمض المعدة داخلها، مما يدع له طريقًا ليرتد إلى الأعلى مُحدثًا تلك الحُرقة المعروفة في أعماق الصدر (والتي لا شأن لها بالقلب، والحمد لله).
الثيوبرومين، كالكافيين، سام جدًا للكلاب. تكفي حتى قطعة صغيرة من الشوكولاتة الداكنة لإحداث أعراض شديدة، بل قاتلة، للكلاب. قد يكون هذا دليلًا دامغًا على أن الشوكولاتة حقًا دواء يغير المخ.
السبب وراء كون الشوكولاتة الداكنة سامة للكلاب هو أنها لا تملك في كبدها الإنزيم الذي يكسر الثيوبرومين والكافيين، فتجتمع أقل الجرعات سريعًا. أما الإنسان فعلى النقيض من هذا عنده ما يكفي ويزيد من هذا الإنزيم، لذا فأقل من 10% من الثيوبرومين الذي نأكله يصل إلى دورتنا الدموية، ناهيك عن مخنا. لذا فنحن البشر لدينا مناعة فعليًا من تسمم الشوكولاتة.
لا تملك القطط هذا الإنزيم كذلك، لكن القطط آكلات لحوم شديدة الانتقائية، فأهون عليها أن تلعق العرق من ذراعك من أن تلمس الشوكولاتة. أما الكلاب فهي كالبشر تأكل أي شيء يُقدم إليها تقريبًا. لكن حتى لو لم تكن الشوكولاتة سامة للحيوانات، لماذا نضيع الشوكولاتة القيمة على حيواناتنا الأليفة؟
لا توجد مستويات الثيوبرومين العالية إلا في المنتجات المصنوعة من مسحوق الكاكاو، أما المصنوعة من زبد الكاكاو الغني بالدهون فبها كميات أقل كثيرًا. هذا يعني أن الشوكولاتة الساخنة المصنوعة من مسحوق الكاكاو فيها الثيوبرومين أكثر مما في شراب الشوكولاتة، (المصنوع أصلًا من قطع شوكولاتة الحليب المصنوعة بزبد الكاكاو).
ولأن لوح الشوكولاتة الداكنة جلُه كاكاو وأقلها زبد الكاكاو، يحوي من الثيوبرومين ما يكفي لتغيير حال مخك. لكن على الرغم من أن الشوكولاتة الهولندية تبدو داكنة، فهي تحوي قدرًا أقل من الثيوبرومين، لأن الطريقة الهولندية تزيل بعض الثيوبرومين مع المرارة.
في شوكولاتة الحليب قدر أقل من الثيوبرومين، فهي تُصنع بنحو ربع مسحوق الكاكاو (لذا فمن أراد تحصيل نفس إحساس قطعة من الشوكولاتة الداكنة، فعليه أكل أربعة أضعافها من شوكولاتة الحليب). تُصنع الشوكولاتة البيضاء من زبد الكاكاو الخالص وليس بها ما يُذكر من الثيوبرومين. في الشاي وثمرة الكولا بعض الثيوبرومين كذلك، وهو ما يفسر دفقة التنبه التي تُحدثها مشروبات الكولا الغازية.
وبسبب أوجه الشبه العديدة بين الكافيين (في الشاي والقهوة) والثيوبرومين (في الشوكولاتة)، يكون من لا يشربون الشاي والقهوة أكثر حساسية عادة تجاه أثر الشوكولاتة الداكنة المحفز للمخ. حينما وصلت الشوكولاتة إلى أوروبا في عصر النهضة قبل القهوة والشاي وجدت لها موطئ قدم، فلم يكن عجبًا ما أثير حولها من ضجة مبكرة.
عُدت الشوكولاتة قديمًا شرابًا نسائيًا، وعُدت القهوة شرابًا رجاليًا. ولا شك في أن النساء أكثر حساسية قليلًا من الرجال تجاه آثارها، خاصة عندما يحملن. النساء كذلك أكثر حساسية تجاه الكافيين في القهوة والشاي. لكن القهوة أمَر، حتى مقارنة بالكاكاو الساخن. وعادة ما يكون النساء أشد حبًا للحلوى من الرجال.
وليس عجبًا كذلك أن يُستثار الأطفال بما في الشوكولاتة من ثيوبرومين أكثر من البالغين. هذه الدفقة من النشاط هي أحد الأسباب العديدة التي تجعلنا ضعافًا أمام الشوكولاتة، إذ نتذكر أثرها القوي على مزاجنا منذ كنا صغارًا.
إلى جانب الثيوبرومين، شبيه الكافيين، تحوي الشوكولاتة قدرًا ضئيلًا من السيروتونين. السيروتونين موجود بصورة طبيعية في مخنا وتستعمله خلايا المخ لتبادل الإشارات فيما بينها. عندما تنخفض مستويات السيروتونين نصير عرضة للمزاج المكتئب أو المتوتر. على الجانب الآخر، زيادة السيروتونين تحسن المزاج، جزئيًا بزيادة إحساسنا بالرضا. لسنا على يقين بأن السيروتونين الذي في الشوكولاتة يُحدث أي أثر فينا. كثير من الأطعمة الأخرى تحوي السيروتونين، مثل الموز. لكننا لا نستطيع القول بأننا بعد أكل الموز نحس بما نحس به بعد أكل الشوكولاتة.
بل إن الشوكولاتة تحوي الأنانداميد، وهي مادة مرتبطة بالمادة الفعالة في القنب، لكن القدر اللازم من الشوكولاتة لتبلغ نفس أثر القنب ينوء به أشد محبي الشوكولاتة.
بسبب آثار الكيميائيات التي في الشوكولاتة على مخنا وشبه تلك الآثار بآثار الكافيين، اعتقد الكثيرون أن الشوكولاتة تسبب الإدمان مثلها. فصُنِّفت حالة سُمِّيت هوس الشوكولاتة، خاصة في النساء، ورُبطت بالشره الشديد نحو الشوكولاتة. ومثل الكافيين، قد يكون بعض هذا إدمانًا كيميائيًا وبعضه نفسيًا.
سهل أن نجادل في الأسماء ومعانيها، فاشتهاؤنا الشوكولاتة ليس إدمانًا حقًا إن لم يكن له آثار سلبية شديدة على صحتنا، أو حالتنا العقلية، أو حياتنا الاجتماعية. فالشوكولاتة، في أسوأ الفروض، إدمان ناعم أو عادة سيئة، إن أردنا تيسير الوصف. فهذا على الأقل شيء نستطيع قبوله عندما ننظر إلى لوح شوكولاتة. لكن العادات السيئة يصعب الكف عنها، وهذا حق خاصة في حال الشوكولاتة. من المعروف أن إبعاد الشوكولاتة (أي ما يسمى بالتوقف المفاجئ) يجعلنا نشتهيها ونحبها أكثر عندما تختفي. لذا، فمن الصعب ألا ننتكس في التزامنا بالتوقف عنها ونعود إلى تناول ألواحها اللذيذة.
الشوكولاتة دواء
سبب آخر لحفاظ الشوكولاتة على شعبيتها هو أنها لم تقتل ملايين الناس، مثل الآثام الكيميائية الأخرى كالتدخين والكحول والمخدرات وسواها من الآثام القديمة التي لا نفكر أبدًا في إعطاء أطفالنا منها كالشوكولاتة. بل إن الشوكولاتة تأتي ولها عطر الزهور.
جاءت فكرة “الخصائص الصحية” للشوكولاتة، جزئيًا من الفكرة القديمة أن السمنة علامة القوة والصحة الطيبة. من السهل فهم سبب اعتقادنا هذا في وقت كان المتشردون الجوعى يموتون فيه من العدوى أو من الجوع. كانت دهون زبد الكاكاو مصدرًا ناجعًا للسعرات في العديد من الحروب، على الرغم من أنها الآن غير مرغوبة في حربنا ضد محيط خصرنا.
لكن حتى في عالمنا المعاصر زائد السمنة، حيث يُدين الجميع أكل الشوكولاتة، ربط عدد من الدراسات استهلاك الشوكولاتة بتحسن الصحة، شاملًا انخفاض معدلات ضغط الدم العالي وأمراض القلب. بل لو وسعنا النطاق لوجدنا أن الفائزين بجائزة نوبل كانوا، في أثناء بحوثهم التي فازت بالجائزة، يتناولون كميات شوكولاتة أكبر من متوسط أقرانهم. لا يُثبت الارتباط السببية قطعًا، لكنه يعطي العلماء معلومة تستحق البحث والدرس (وهم يأكلون الشوكولاتة).
منذ زمن بعيد، كان يُظن أن الكاكاو نفسه يحوي مواد كيميائية سحرية ترتبط بخصائص تحسين الصحة. وكما ناقشنا سابقًا، جزء من هذا يعود إلى الثيوبرومين. لكن مسحوق الكاكاو فيه محتوى عالٍ من كيميائيات غنية بالطعم تُعرف بالفلافانولات، وهي تساهم في إحداث طعم الشوكولاتة ورائحتها السحريين.
جولة في الشوكولاتة الداكنة
عادة يوصى بأنه كلما كانت الشوكولاتة أغمق، كانت أنفع للصحة. ولا ننسى أن شراب شوكولاتة المايا كان كله داكنًا كالقمر، إذ كان مصنوعًا من مسحوق الكاكاو فقط.
توجد الفلافانولات الأساسية كلها تقريبًا في الكاكاو الصلب المستعمل لصنع مسحوق الكاكاو. أكثر الشوكولاتة الداكنة التي نأكلها اليوم يكون 70-80% منها من جوامد الكاكاو، أي فيها أعلى قدر من الفلافانولات.
صحيًا، يبدو هذا أفضل كثيرًا من شوكولاتة الحليب، التي قد يصل محتوى الكاكاو فيها -في أسواق الولايات المتحدة- إلى نحو 10%، لكن في أكثر الدول الأخرى يبلغ 20%.
على الجانب الآخر، الشوكولاتة البيضاء مبنية على زبد الكاكاو فقط. فليس فيها جوامد كاكاو، أي ليس فيها فلافانولات. بعض الناس لا يعدون الشوكولاتة البيضاء شوكولاتة أصلًا، بل سكرًا ودهنًا فقط.
كثير من هذه الفلافانولات الغنية بالطعم في الكاكاو ذات قدرة على التأثير في الحواس بل وفي أجسامنا مباشرة كذلك. مثلًا، أُجريت تجربة قُسِّم المشاركون فيها عشوائيًا إلى مجموعتين، واحدة تأخذ شوكولاتة داكنة مركزة في قرص، وأخرى تأخذ قرصًا غير فعال أو وهمي. بهذا لم يكن لدى أحد فكرة إن كان تناول شوكولاتة أم لا. ثم قورنت ردود الفعل. فتبين أن المحظوظين الذين أخذوا أقراص الشوكولاتة أدوا أفضل قليلًا في الأمور المهمة مثل الذاكرة وضغط الدم، وتجلط الدم، ووظائف الأوعية الدموية.
يثبت هذا أن لفلافانولات الشوكولاتة أثرًا حيويًا محتملًا. لكنه لا يعني أن الشوكولاتة ستُؤتي نفس الأثر في الحياة. في أكثر الدراسات، يتم تناول كميات كبيرة جدًا لإثبات حدوث الأثر الحيوي، ولا يتأتى تناول هذه الكميات بأكل الشوكولاتة العادي (أو على الأقل دون التأثير السلبي البالغ على محيط خصر آكليها). من الممكن أن تتراكم آثار الجرعات اليومية القليلة من الشوكولاتة في الأمد البعيد، لتُحدث نفس النفع. لكن تلك الدراسات لم تُجرَ قط، ولن تُجرى أبدًا، في مثل مصنع شوكولاتة ويلي وُنكا.
يزعم بعض العلماء أن الشوكولاتة قادرة على خفض معدلات الكوليسترول في الدم. زبد الكاكاو نباتي بلا شك، لذا فهو لا يحوي إلا قليلًا من الكوليسترول، إن احتوى أصلًا. بعض فلافانولات الشوكولاتة مثل الإبيكاتيشين قد تخفض مستويات الكوليسترول حقًا، لكن نكرر أن هذا يحدث عند تناول جرعات كبيرة فقط.
صحيح أيضًا أن زبد الكاكاو (أي الدهن الذي يقطر من حبوب الكاكاو ثم يُضاف إليها مرة أخرى ليجعلها تجمد) يحوي كميات لا بأس بها من الدهون أحادية اللاتشبع، خاصة حمض الزيتيك وحمض الستياريك. هذه هي نفس الدهون المرتبطة بخفض الكوليسترول والفوائد الصحية لحمية البحر المتوسط الغنية بالزيتون والمكسرات.
لكن المشكلة الكبيرة هي أن زبد الكاكاو فيه أيضًا كثير من الدهون المشبعة، ومع الدهون المشبعة التي في اللبن المضاف إلى معظم شوكولاتة الحليب، تقل منفعة الشوكولاتة العادية قليلًا جدًا تجاه مستوى الكوليسترول ومحيط خصرنا.
الشوكولاتة كشيء ضار
يرى كثيرون أن الشوكولاتة ضارة غالبًا لهم. ليست إثمًا لكن لها ضرر محتمل على الأقل. لعل هذا يضيف إلى إغرائها، إذ يمنحنا إثارة المشاكسة المرتبطة بارتكاب خطأ. لكن كيف تسنى لشيء ذي بهاء كالشوكولاتة أن يصير ذا سمعة سيئة كتلك؟
الشوكولاتة الساخنة عندما وصلت إلى أوروبا في البداية كانت تُعد باهرة، جميلة، غريبة، حصرية، جذابة. لكن بعد هدوء الشغف الأول، تواردت قصص وفيات وأطفال يولدون بجلد داكن بلا سبب. كان هذا التوصيف مجرد رهاب الغرباء، لكن كان معلومًا أيضًا جيدًا أن بقع الشوكولاتة محال غسلها. بدأ الناس يتساءلون أكانوا يلعبون بالنار كل هذا الوقت. لكن بعيدًا عن تنفير المستهلكين، لم تضف جاذبية الجانب المظلم الغامضة للشوكولاتة إلا مزيدًا من السحر عليها.
في خمسينيات القرن العشرين، خرجت أبحاث تقول إن أعدادًا من رجال الأعمال الأمريكيين يموتون بأزمات قلبية، وهو ما صار سريعًا سبب وفاتهم الأول. العجيب أن هذا لم يحدث في مدة ما بعد الحرب في أوروبا، ربما لأنهم لم يملكوا من الطعام إلا قليلًا. لذا فقد كان الاستنتاج واضحًا: “نظام الغذاء الأمريكي” هو الملوم.
أول نظرية، وأكثرها شهرة، في ذلك الوقت كانت أن الدهن الزائد في طعام الأمريكيين كان يسمم الجميع. كان رجال الأعمال هؤلاء يأكلون كثيرًا من الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة كالزبد ودهن الخنزير والبيض واللحم البقري وزبد الكاكاو الذي في الشوكولاتة بلا شك. لذا، فبجمع هذين الأمرين معًا، خرجت خطة عامة لتغيير طعام الناس. وعلى هذا وُصمت الأطعمة الدهنية ومعها التدخين والملح بشياطين العصر وأسباب موت يمكن تجنبها. في ذلك العالم الجدب قليل الدهن صارت الشوكولاتة سريعًا إثمًا عظيمًا. سنناقش لاحقًا في هذا الكتاب حقيقة كون الدهون المشبعة سببًا لانحدارنا حقًا، لكن إرث قاعدة “السمنة/الدهن” يظل سببًا أساسيًا لشعورنا بشيء من الإثم عند تناول قطعة أخرى من الشوكولاتة.
فيما بعد، ألقى باحثون آخرون باللوم على كل السكر المضاف أو ببساطة الإفراط في الطاقة الغذائية (المعروفة بالسعرات الحرارية) كسبب للسمنة، والسكري، وفي النهاية الأزمات القلبية والسكتات الدماغية. وهنا أيضًا بدت الشوكولاتة الغنية بالسكر والسعرات ذات مسئولية مزدوجة، بلا شك.
المؤكد أنها ستُسمننا نظريًا. تقدم لنا الشوكولاتة طاقة إضافية لا تحتاج إليها حياتنا المعاصرة. قدر السعرات الحرارية التي في الدهن والسكر في لوح شوكولاتة سنكرز مثلًا يكافئ القدر الذي نحرقه في جري نصف ساعة. فإذا أردنا أن نُبقي محيط خصرنا تحت السيطرة، فكل سعر حراري له أثر.
لكن مرة أخرى، في غذائنا الكثير من الأشياء التي تمنحنا نفس السعرات. كثير منها لا ننتبه إليه. في المقابل، تضع الشوكولاتة سعراتها الحرارية أمام أعين الأشهاد ولا تداري شيئًا تحت عباءتها. عادة يكون في كل 100 جم (ثلاث أوقيات ونصف) من الشوكولاتة نحو 500 سعر حراري. من الواضح جدًا أن علينا عدم الإفراط فيها.
متناقضة الشوكولاتة
لا شيء بسيط حقًا كما يبدو. الشوكولاتة عامرة بالدهن والسكر والسعرات الحرارية، لكن بعض الدراسات أظهرت أن من يأكلون الشوكولاتة أكلًا منتظمًا يميلون إلى النحافة أكثر من سواهم. وتُسمَّى هذه متناقضة الشوكولاتة.
أكثر العقلانيين يظنون أن هذه النتيجة المخالفة لكل القواعد ليست سوى عمل علماء مدمنين على الشوكولاتة يرجون أن يبرروا هوسهم بإساءة تفسير البيانات، لكن الأمر دُرس حقًا.
يعرف البدناء أن عليهم تقليل طعامهم، وعادة يكون أول ما يجتنبون الوجبات الصغيرة عالية السعرات، مثل الشوكولاتة. وهم، أي البدناء، أقل ميلًا للاعتراف بأنهم أكلوا شوكولاتة، بسبب شعورهم بالذنب من أكل الطعام “الخطأ”.
لكن قد يجادل البعض بأن مزيج المواد الكيميائية في الشوكولاتة يساعدنا على الشبع سريعًا، فنأكل أقل نتيجة لذلك. قد يكون هذا صحيح حقًا في شأن الشوكولاتة الداكنة خاصة، لأنها عالية الفلافانولات. في تلك الحال، قد يُقال بأننا إن كنا نأكل طلبًا للمتعة، فالشوكولاتة تُوصلنا إلى قمة المتعة أسرع.
المشكلة الحقيقية هي أن الجميع يعرفون أن عندهم دائمًا معدة ثانية تسع الشوكولاتة. سبب هذا أننا لا نأكل لتحقيق الشبع ونيل السعرات الكافية فحسب. أكثرنا ينال العناصر الغذائية اليومية اللازمة من وجبة واحدة، ناهيك عن ثلاث وجبات. لذا فلا بد من أسباب أخرى لإصرارنا على الأكل فوق ما يحتاج إليه جسمنا.
أحيانًا يكون السبب العادة أو النظام اليومي. حان وقت الوجبة أو وقت الراحة، فنأكل. في أوقات أخرى يكون السبب المتعة التي نحصلها من الطعام، وهذا يسمى أكل المتعة. سواء كانت المتعة من الطعام أم من الصحبة أم من الرضا النابع من التزام عاداتنا، يبدو أن الأكل للمتعة هو السبب الشائع للإفراط في الأكل. إضافة إلى هذا، مع زيادة وزننا، تقل متعة الطعام عادة. هذا يعني أننا قد نحتاج إلى أكل المزيد والمزيد من الطعام لتحقيق نفس المتعة السابقة. فلا تعود قطعة واحدة من كعكة الشوكولاتة أو من البسكويت كافية لتحقيق تلك المتعة، ليس لأننا ما زلنا جوعى، بل لأننا ما زلنا نفتقد المتعة.
لكن أحيانًا يكون السبب هو الحل. إذا كانت المتعة هي ما نسعى إليه، فقد يكون بعض الشوكولاتة مكافأة مثالية. وإن كانت من النوع الجيد (ليست شوكولاتة الحليب) وكان فيها شيء من الخصوصية فخير. قد يفسر هذا متناقضة الشوكولاتة جزئيًا، بأن آكلي الشوكولاتة ينالون المتعة التي لا يجدونها في الأطعمة الأخرى، فلا حاجة بهم إلى أكل المزيد لنيل المتعة.
طعام الراحة
كثير منا يأكل عندما يتوتر أو يكتئب. نادرًا ما يكون هذا قرارًا واعيًا من قبيل: “أوه! أنا متوتر؛ سوف أتناول شيئًا”. لكنه شيء يفعله كل منا بين الحين والآخر، كثر ذلك أو قل. وعمل شيء ماتع وإيجابي وفيه مكافأة مثل أكل الشوكولاتة يقاوم اليوم السيئ السلبي الخالي من العائد، ولو لمدة قصيرة.
يجعلنا التوتر السلبي نلتمس الإيجابيات المُرضية. هذا جزئيًا هو الحافز المتزايد على التماس المكافأة (أي الرغبة) وكذلك المتعة الحسية التي نتوقعها عندما تقع أيدينا عليها (أي حب الشيء). لا يكون هذان الشيئان دائمًا نفس الشيء. يأتي الحب أولًا، لكن إذا أحببنا شيئًا صار أرجح أن نرغب فيه ونستجيب للعلامات التي تدفعنا إلى تحصيله. يجعل طعم الشوكولاتة اللذيذ وسهولة تحصيلها مقاومتها صعبة لكونها المكافأة المثالية.
خرجت نظريات عديدة منطقية عن سبب الخصائص المريحة نفسيًا للحلوى مثل الشوكولاتة.
قد تحفز الشوكولاتة سقف الحلق فتنشط كيميائيات المخ المسئولة عن الشعور الطيب؛ السيروتونين والإندورفين. بعض فلافانولات الشوكولاتة قد تكون ذات أثر مباشر على المخ. ذكرت بعض الدراسات أن تناول مشروبات الشوكولاتة يجعل الناس أهدأ، وكلما زادت الفلافانولات والثيوبرومين، كان الأثر أشد.
مثل الماء للشوكولاتة
يومًا ما حاول العلماء إثبات أن الشوكولاتة مريحة نفسيًا حقًا. سُئل المتطوعون للبحث بأن يشاهدوا مقاطع مرئية حزينة ثم أُعطُوا شوكولاتة أو كوب ماء (مملًا).
وكما لعلنا توقعنا، حسنت الشوكولاتة مزاج المتطوعين من فورها بعد المقاطع المرئية الحزينة، أكثر كثيرًا من الماء. لكن المثير هو أن أثر الشوكولاتة استمر بضع دقائق. هذا يعني أن الأمر ليس متعلقًا بكيميائيات الشوكولاتة، لأنها تستغرق أكثر من بضع دقائق لتُهضم وتصل إلى المخ. وعامة كانت الجرعة صغيرة جدًا.
وفوق هذا، عندما أعطى العلماء المتطوعين شوكولاتة داكنة مرة (التي يختلف مذاقها عن شوكولاتة الحليب اللطيفة، لكن فيها الفلافانولات) لم يحدث شيء. لم يحس المتطوعون بتحسن بعد مشاهدة المقطع المرئي الحزين.
الحقيقة، أن العلماء وجدوا أن مجرد إعطاء أحد شوكولاتة كان كافيًا لتحسين مزاج المتطوعين بعد المقطع المرئي. فاستنتجوا أن فعل المتعة، أو استشرافه، هو ما يمنحنا هذه الراحة، وليس أكل الشوكولاتة نفسه. ليست راحة الطعام إلا في العقل، تمامًا مثل الأثر المنشط جنسيًا. وربما هذا شيء طيب، لأن العقل هو الذي يحتاج إلى الراحة في نهاية المطاف.
لهذا أيضًا يفضل الرجال أكل الطعام الفاخر أو شرب الشراب اللذيذ عندما يتوترون، بينما تفضل النساء أكل الحلوى مثل الشوكولاتة والبسكويت (خاصة بسكويت الشوكولاتة)، لأن هذا ما يستشرفون أنه الألذ والأكثر راحة. إن كان في الشوكولاتة شيء حقًا لكان المنطق أن يلجأ الرجال إليها أيضًا.
حب الشباب بسبب الشوكولاتة
لا يكتمل الحديث عن الشوكولاتة من غير ذكر أثرها على الجلد. كل المراهقين تقريبًا يُصابون بحَب الشباب، ونحو ثلث البالغين يعانون منه بين الحين والآخر.
تؤثر عوامل مختلفة في شدة الإصابة بحب الشباب، منها إصابة إخوتنا وآبائنا به، والتدخين، وحجم الجسم، والتوتر العاطفي. وفوق هذا، يعرف كل مراهق أن الشوكولاتة تسبب حب الشباب له.
من السهل فهم كيف يُمكن أن تبدو الشوكولاتة سبب المشكلة. يأكل المراهقون عادة شوكولاتة أكثر كثيرًا من أي فئة سنية أخرى. وهم أيضًا يصابون بحب الشباب أكثر من أي فئة سنية أخرى. والبنات اللواتي يتعرضن لتوتر أو يكن بدينات خاصة يأكلن الشوكولاتة عادة طلبًا للراحة، وهن كذلك الأكثر عرضة للتأثر سلبًا بمظهر حب الشباب. ولأن علينا أن نوجه أصابع الاتهام نحو شيء ما، تعود الشوكولاتة لتصير المتهم الأرجح (خاصة مع معرفتنا بأن علينا ألا نفرط في أكلها).
أغرقني بزبدة الكاكاو
إحساس الجلد الجاف مريع. ومنظره كذلك. على النقيض، زيادة نسبة الماء في جلدنا تجعل منظره وملمسه أكثر امتلاءً ونعومة وشبابًا. لهذا فمرطبات الجلد عنصر أساسي في كل علاجات الجلد ومستحضرات العناية به، شاملة الدهانات ومستحضرات التجميل والصابون.
بعض المرطبات تؤتي ثمارها بتكوين طبقة زيتية رقيقة على سطح الجلد. يصنع هذا حاجزًا يقلل فقد الماء تبخرًا. تحوي الدهانات المرطبة الأخرى كيماويات تُعرَف باسم المرطبات. تجذب هذه المركبات الماء إلى الطبقة الخارجية الجافة من الجلد وتزيد قدرة الجلد على حبس الماء.
طائفة ثالثة من الدهانات المرطبة تعمل بملء الفجوات والشقوق التي بين خلايا الجلد لتصنع سطحًا ناعمًا لامعًا. تُعرف هذه العملية باسم التطرية وتُسمَّى هذه المرطبات بالمُطريات أو عوامل إصلاح الحواجز؛ إذ إنها تساعد على علاج حاجز الجلد المتضرر. وهي مسئولة عن ملمس جلدنا الناعم اللين بعد الدهان بأي مرطب.
أحد أكثر المطريات شيوعًا هو زبد الكاكاو. إنه نظيف، أبيض، مخملي الملمس، وليس شديد الدهنية، ورائحته طيبة كذلك. من النادر أن تجد أحدًا يتحسس من الشوكولاتة، لذا فزبد الكاكاو نادرًا ما يهيج الجلد كذلك.
لكن المشكلة الكبرى أن زبد الكاكاو يسبب تفشي حب الشباب عند البعض؛ إذ يسد مسام الجلد. لذا فالشوكولاتة قد تسبب حب الشباب، لكن إن وضعتها على وجهك.
اقترح العلماء عددًا من التفسيرات البيولوجية المختلفة للعلاقة بين الشوكولاتة وحب الشباب. يزيد تناول منتجات الألبان، مثل شوكولاتة الحليب، حب الشباب قليلًا، لكن الشوكولاتة ليست مصدرًا كبيرًا للبن. قد يكون السبب سرعة امتصاص السكر عند أكل شيء حلو يرفع الأنسولين، الهرمون المرتبط بتسبيب حب الشباب. تقلل الأنظمة الغذائية قليلة السكر سريع الامتصاص ظهور حب الشباب قليلًا. لكن الشوكولاتة لا تختص وحدها بأي من هذه الخصائص. كل هذه أدلة ظرفية. لا دليل منها يكفي لتنحية الشوكولاتة جانبًا.
في محاولة من الباحثين للوصول إلى دليل قاطع، بلغ الأمر بهم أن أطعموا المراهقين شوكولاتة ليروا إن كانوا يصابون بحب الشباب على إثرها. لكن هذا لم يحدث. بل لا يبدو أن الشوكولاتة تزيد حب الشباب سوءًا. لكن الدراسات التي أُجريت كانت صغيرة جدًا وكان قدر الشوكولاتة فيها ضئيلًا، لذا فلا يمكن استبعاد تأثيرات قليلة في قلة من الأفراد الحساسين. لكن في النهاية، يبدو أن الربط بين الشوكولاتة وحب الشباب ربطًا لا خلاف عليه أسطورة لن تتحقق.
الخلاصة
حب الشوكولاتة ليس ضد الصحة، لكن باعتدال. أفضل طريقة لأكل قليل منها في إطار نظام غذائي صحي هي الاستمتاع بما نأكل بعمق. الشوكولاتة ماتعة حقًا لعجائبها في النعومة والحلاوة والطراوة. كثير من الأشياء الأخرى التي اعتدنا أكلها يوميًا أقل من الشوكولاتة متعة. فلماذا نأكلها؟ لذا، لا تجتنب الشوكولاتة. بل اشترِ النوع الجيد النقي (وهو الأغلى، مما سيجعلك تشتري أقل كذلك) واستمتع بها بتأنٍ وعمق.