وجبتان أو ثلاث وجبات يومياً؟
بعد أن يكمل الطفل ستة أشهر سوف يكون قد بدأ بالفعل في تناول الحبوب المصنعة ومجموعة متنوعة من الفاكهة والخضراوات والفاصوليا، وربما يكون قد بدأ أيضا في تناول وجبة أو اثنتين أو ثلاث وجبات من الأطعمة الصلبة بصفة يومية. ومن المكونات الشائعة لوجبات طفل يشعر بالجوع إلى حد ما: الحبوب المصنعة للإفطار، والخضراوات والتوفو أو الفاصوليا الناضجة للغداء، والحبوب المصنعة والفاكهة للعشاء. ولكن لا توجد قواعد ملزمة، فالأمر كله يعتمد على ما يلائم الأم وشهية طفلها.
على سبيل المثال، يمكن أن تقدم الأم لطفل لا يشعر بالجوع الشديد فاكهة على الإفطار، وخضراوات وتوفو أو فاصوليا على الغداء، والحبوب المصنعة فقط على العشاء. أما الطفل الذي تميل طبيعته إلى الإمساك، فيمكن تقديم الخوخ المجفف له كل ليلة مع الحبوب المصنعة، بالإضافة إلى نوع آخر من الفاكهة على الإفطار أو الغداء، وربما تودين تقديم الفاصوليا والخضراوات على العشاء لوليدك مع بقية أفراد العائلة، والحبوب المصنعة والفاكهة على الغداء.
يبدأ الكثير من الأطفال الذين يرضعون طبيعيا، وبعض الأطفال الذين يرضعون صناعيا، في تناول الأطعمة الصلبة بدءا من الشهر السادس، فجهازهم الهضمي واهتمامهم بالطعام يكون أكثر نضجا عما كانوا في الشهر الرابع؛ ولذا يمكنك إدخال أطعمة جديدة إلى النظام الغذائي لهؤلاء الأطفال بسرعة أكبر، مع زيادة عدد الوجبات في اليوم إلى ثلاث.
الأطعمة التي يتناولها الأطفال بأيديهم
في الوقت الذي يصبح فيه عمر الأطفال من ستة إلى سبعة أشهر، يكون بإمكانهم استخدام أيديهم للإمساك بالطعام ووضعه في أفواههم. وكما هي العادة مع معظم الأشياء، ما إن يستطيع الأطفال فعل ذلك، تزداد رغبتهم في القيام به. فتناول الطعام بأيديهم ووضعه في أفواههم يجعلهم يستعدون لاستخدام الملعقة بأنفسهم في قرابة العام الأول. وإن لم يسمح للأطفال بإطعام أنفسهم بواسطة أيديهم، يقل طموحهم على الأرجح نحو تجربة استخدام الملعقة. من أول الأطعمة التقليدية التي يمكن أن يتناولها الأطفال بأيديهم: كسرات الخبز القديمة أو التوست (الخبز المحمص)، المصنوعة من القمح الكامل، كما أن الكعك الجاف من الاختيارات الرائعة التي يمكن تقديمها للطفل من أجل مصها أو مضغها، خاصة إذا كان في مرحلة التسنين. فعندما يبتل الخبز أو التوست بلعاب الطفل تدريجيا ويفقد صلابته، فإنه يحتك بفمه ويذوب لدرجة كافية تجعله يشعر بأنه يحرز تقدما. وبالطبع، يئول معظم كسرات الخبز الذائبة هذه إلى يديه ووجهه وشعره، مع نثر جزء كبير منها أيضا على أثاث المنزل، ولكن اعلمي أن البسكويت المخصص للأطفال في مرحلة التسنين يشتمل – في العادة – على قدر كبير من السكر؛ وهو ما يجعل الأطفال يميلون إلى اشتهاء الحلوى؛ ولذا من الأفضل أن تسمحي لطفلك بالاعتياد على الاستمتاع بالأشياء غير المحلاة بإفراط.
وعندما يبلغ معظم الأطفال الشهر الثامن أو التاسع، فإن أجسامهم تطور تناسقا بين العين واليد بشكل كاف يجعلهم يلتقطون الأشياء الصغيرة بأصابعهم. وفي هذه المرحلة يمكنك البدء بوضع قطع من الفاكهة أو الخضراوات الناضجة وقطع التوفو على صينية الكرسي المرتفع الخاص بطفلك؛ مما يسهل عليه التقاطها (وهذا أيضا هو العمر الذي ينبغي لك التأكد دوما فيه من خلو الأرضيات من أي مخاطر اختناق محتملة. ومن القواعد العملية الواجب اتباعها: الشيء الذي يمكن وضعه في بكرة مناديل تواليت وينفذ منها يمثل خطورة اختناق على طفلك).
يحب الصغار أن يتم تقديم قطع من الطعام الذي يأكل منه آباؤهم، ومع أن بعض الأطفال يسعدون بإطعام أنفسهم، فإنهم يرفضون الطعام نفسه إن حاول آباؤهم إطعامهم إياه، كما يفضل الكثير منهم حشر كل الطعام في أفواههم مرة واحدة. ومن الطرق المفيدة للتغلب على ذلك أن يتم تقديم قطعة واحدة من الطعام في كل مرة منذ البداية.
وبحلول ذكرى مولدهم الأولى يستطيع جميع الأطفال – تقريبا – التعامل مع الأطعمة نفسها، شأنهم شأن بقية أفراد العائلة، سواء أنمت أسنانهم أم لم تنم بعد، ما دامت قطع الطعام المقدمة إليهم مقطعة إلى أجزاء صغيرة مناسبة لهم، وما دمت تتجنبين تقديم الأطعمة الصلبة التي تمثل مخاطر الاختناق إليهم.
الطعام المهروس والمقطع
في مرحلة ما بعد الستة أشهر، سوف تريدين دفع طفلك إلى الاعتياد على تناول الطعام المقطع. ولكن إن استمر طفلك إلى ما بعد هذه السن في تناول الأطعمة المهروسة فقط، فسوف يزداد الأمر صعوبة حتى يتقبل قوام الأطعمة المقطعة. وعلى الرغم من أن الناس لديهم اعتقاد بأن الأطفال لا يمكنهم تناول قطع الطعام إلى أن تنمو أسنانهم، فإن هذا الاعتقاد خطأ؛ إذ يمكنهم تفتيت قطع الخضراوات أو الفاكهة المطهوة، وكذلك كسرات الخبز المصنوع من الدقيق الكامل، أو التوست، باستخدام اللثة واللسان.
يبدو أن بعض الصغار يولدون بميل نحو التقزز من الطعام المقطع أكثر من غيرهم، وربما يميل هؤلاء الأطفال والأكبر سنا إلى القيء بسهولة عند تناول الأطعمة المقطعة لسببين: إما أن آباءهم كانوا يقدمون إليهم الطعام المقطع على نحو مفاجئ أو في وقت متأخر جدا، أو أنهم كانوا يجبرونهم على تناوله في حين أنهم لا يريدون.
وهناك نقطتان مهمتان ينبغي تذكرهما دائما عند الانتقال إلى إطعام طفلك أطعمة مقطعة. أولا: عليك إجراء التغيير بصورة تدريجية، فعندما تقدمين لوليدك الخضراوات المقطعة لأول مرة، ينبغي أن تهرسيها جيدا باستخدام الشوكة. ولا تضعي كمية كبيرة منها في فم الطفل في كل مرة. وحين يعتاد طفلك على هذا القوام، يجب أن تقللي هرس الخضراوات تدريجيا. وثانيا: اسمحي لطفلك بالتقاط مكعب من الجزر المطهو، مثلا، بإصبعيه، مع وضعه في فمه بنفسه، حيث لا يستطيع الأطفال تحمل إفراغ ملء ملعقة كاملة من قطع الطعام في أفواههم، وهم ليسوا معتادين على ذلك.
ومن ثم، ينبغي البدء بإجراء هذا التغيير عند الشهر السادس تقريبا، عن طريق تقديم الأطعمة التي يمكن للطفل أن يتناولها بيده. ويمكنك هرس وتقطيع الخضراوات الناضجة والفاكهة الطازجة والمطهوة بالغلي البطيء التي تعدينها لبقية أفراد العائلة، وتقديمها إلى طفلك، أو يمكنك شراء الأطعمة المقطعة في برطمانات معدة خصيصا للأطفال. ومع أنه ليس عليك تقطيع جميع الأطعمة التي يتناولها طفلك إلى أجزاء صغيرة، فمن المفيد أن يعتاد تناول الأطعمة المقطعة كل يوم.
إن كنت تقدمين اللحوم إلى وليدك، فينبغي أن تستمري في هرسها أو فرمها إلى أجزاء صغيرة ناعمة، فمعظم صغار الأطفال ينفرون من قطع اللحم لأنهم لا يستطيعون مضغها بسهولة. وفي كثير من الأحيان يمضغون قطعة من اللحم لوقت طويل دون إحراز أي تقدم فيما يخص تفتيتها، كما أنهم لا يتمتعون بجرأة محاولة ابتلاع قطعة كبيرة من اللحم، كما يفعل الكبار عندما ييئسون من قدرتهم على هرسها بأسنانهم، وقد يؤدي ذلك إلى ميلهم إلى القيء.
أما البطاطس والمكرونة والأرز، فهي من الأغذية المفضلة لدى معظم الأطفال، ويمكن تقديمها إليهم بجانب غيرها من الأطعمة الأخرى. ولكن حاولي إطعام طفلك المكرونة المصنوعة من الحبوب الكاملة، والأرز البني، لأنهما يحتويان على كمية أكبر من الألياف والفيتامينات، بالمقارنة مع المنتجات المكررة بصورة أكبر.
تجهيز طعام طفلك
إن إعداد الطعام لطفلك يسمح لك بالتحكم في المكونات وطريقة التجهيز، ناهيك عن توفير المال، ويمكنك استخدام الطعام الطازج المزروع بطريقة عضوية، كما أنه أسهل مما تتخيلين.
يمكنك مثلا إعداد كمية هائلة من أي طعام صحي تختارينه، ثم هرسه ليصبح قوامه كما يحب طفلك في الوقت الحالي. وإن أردت، يمكنك إضافة أي سائل لجعله طريا، مثل الماء أو لبن الثدي أو اللبن الصناعي. وبعد ذلك، تقومين بتجميد كميات بحجم الوجبة الواحدة في آنية مكعبات الثلج أو على صاج الخبز، ثم تخزنين هذه الوجبات في أكياس بلاستيكية، مع وضعها في الفريزر لحين استخدامها. ولكن اعلمي أن الأطعمة الخاصة بالأطفال أقل من عام واحد يجب ألا يتم إضافة توابل إليها.
ويمكنك إعادة تسخين كل كمية على حدة في آنية سلق البيض متعددة الفجوات، أو في الغلاية المزدوجة، أو في المايكرويف. ولكن تأكدي من تقليب الطعام جيدا أثناء التسخين، مع اختبار درجة الحرارة قبل إطعام وليدك، خاصة إن كنت تسخنينه في المايكرويف، حيث إن المايكرويف يعمل على تسخين أجزاء، وليس الكمية بأكملها، فيمكن أن تكون ملعقة من الطعام باردة، والأخرى شديدة السخونة.
حين يبدأ طفلك في تناول الأطعمة العادية التي يتناولها الكبار، ينبغي أن تقللي من استخدام الملح والسكر، فخبرات الطفل الأولى مع الطعام تؤصل لفكرته عما يعد مذاقه شهيا وما هو غير ذلك، ولذا فمن الأهمية بمكان أن يبدأ طفلك بتناول الأطعمة الصحية (ويعتبر ذلك سببا آخر يدعو إلى تجنب الأطعمة المعالجة، التي ترتفع فيها نسبة الأملاح بصورة كبيرة)، وتعد الأداة الصغيرة التي تمسك باليد لفرم وهرس الأطعمة ذات نفع لأن يشاركك طفلك الطعام الذي تتناولينه.
أطعمة الأطفال التجارية
عندما تم إنتاج أطعمة الأطفال لأول مرة، كانت تحتوي على خضراوات فقط، أو فواكه فقط، أو لحوم فقط. ومنذ ذلك الحين، اتجهت الشركات نحو خلط الخضراوات بالنشويات، والفاكهة والنشويات، واشتمال الوجبات الرئيسية الجاهزة على نشويات وخضراوات ولحوم. وفي أغلب الأحيان، تتمثل النشويات في الأرز المكرر أو الذرة المكررة أو القمح المكرر. ولكن تكرير أي حبوب يعمل على خفض نسبة الفيتامينات والبروتينات والألياف فيها.
ومن أجل جعل الأطعمة شهية للأطفال ولآبائهم، اتجهت شركات تصنيع أطعمة الأطفال إلى إضافة السكر والملح، وذلك منذ سنوات طويلة. ولكن بسبب شكاوى الأطباء وخبراء التغذية والآباء، تم إيقاف هذه التقنية إلى حد كبير.
ولذا، عندما تقررين شراء أطعمة الأطفال المعبأة في برطمانات، ينبغي قراءة الكتابة الصغيرة الموجودة على ملصقاتها. فإذا ما قرأت على الملصق «فاصوليا بالكريمة» بخط كبير، ربما تقرئين «فاصوليا بنشا الذرة» بخط صغير. ولكن يجب عليك اختيار الفاكهة أو الخضراوات بدون أي إضافات لتكوني واثقة من أن طفلك يحصل على قدر كاف من هذه الأطعمة عالية القيمة، وليس على كمية كبيرة من النشويات المكررة، كما ينبغي لك أيضا تجنب البرطمانات التي تحتوي على سكر أو ملح مضاف.
ولا تبدئي بإطعام طفلك البودنج المحتوي على نشا الذرة، أو الحلوى الجيلاتينية، فكلاهما لا يشتمل على القيم الغذائية السليمة، بالإضافة إلى أنهما يحتويان على قدر كبير من السكر. وبدلا منهما، يمكن تقديم عصير الفاكهة بدون أي إضافات، فالطفل الذي لم يطعم قط السكر المكرر يجد الفاكهة الخالية من إضافات حلوة المذاق، بل ويستمتع بها.
الاختناق بالأطعمة الصلبة
يتعرض كل الأطفال للاختناق قليلا أثناء اعتيادهم تناول الأطعمة المقطعة، تماما كما يقعون عندما يتعلمون المشي. وفيما يلي الأطعمة العشرة الشائعة المرتبطة بمخاطر الاختناق في الأطفال أقل من خمس سنوات:
- الهوت دوج (النقانق)
- المصاصة.
- الفول السوداني.
- العنب.
- الكعك.
- قطع أو شرائح اللحم.
- شرائح الجزر النيء.
- زبدة الفول السوداني.
- قطع التفاح.
- الفشار.
مع ذلك، يمكنك جعل بعض هذه الأطعمة أكثر أمانا عن طريق تقطيعها إلى أجزاء صغيرة مناسبة (مثل العنب والتفاح واللحم)، أو تغيير هيئتها (فزبدة الفول السوداني تكون أكثر أمانا إذا ما تم فردها على الخبز بدلا من تناولها باستخدام الملعقة أو بالإصبع)، ولكن هناك أطعمة ينبغي تجنبها تماما (مثل الهوت دوج والمصاصة)، لأنه لا توجد طريقة لجعلها آمنة، بالإضافة إلى أنها ليست بالأطعمة المغذية على أية حال.
في جميع الحالات تقريبا، يلفظ الأطفال الذين يختنقون بسهولة الطعام، أو يبتلعونه من تلقاء أنفسهم، ولا يكونون في حاجة إلى أية مساعدة. وإن لم يتمكنوا من لفظه خارج أفواههم أو ابتلاعه مباشرة، ينبغي لك التدخل عن طريق سحبه بأصابعك إن كنت ترينه. أما في حالة عدم رؤيته، فيجب أن تضعي طفلك على بطنه على رجلك، مع ضربه بقوة فيما بين لوحي كتفيه لعدة مرات بكف يدك. ومن المفترض أن تحل المشكلة بعد ذلك، ويضحى وليدك مستعدا للعودة إلى استئناف طعامه.
يشعر بعض الآباء بكثير من القلق بخصوص ما يجب عليهم فعله إن اختنق صغيرهم، لدرجة تجعلهم يؤخرون تقديم الأطعمة التي يمكن أن يتناولها بيده، وكذلك الأطعمة المقطعة، إلى أن يكبر ويصبح من الصعب تعليمه. ولكن لا تنجم المشكلة من عدم قدرة صغار الأطفال على المضغ والبلع، وإنما هي نتيجة الاستنشاق العميق المفاجئ أثناء الضحك والقهقهة والبكاء، أو عند المفاجأة، فيعمل الاستنشاق على إرسال الطعام من الفم مباشرة إلى الرئة، مما يعمل على انسداد الشعب الهوائية أو يتسبب في انهيار الرئة.
وحرصا على الأمان، ولأن تناول الطعام ينبغي أن يكون نشاطا اجتماعيا، يجب أن يأكل الأطفال وهم جالسون أمام طاولة الطعام مع أبويهم أو أحد الكبار المسئولين عنهم. ومن الضروري أيضا أن تجعلي وقت الطعام وقت استرخاء وسعادة، بالإضافة إلى تعليم طفلك كيف يمضغ الطعام جيدا. ولا تنسي تقطيع البرجر والهوت دوج والعنب وغيرها من الأطعمة الشبيهة إلى أجزاء أصغر حتى يسهل عليه تناولها.