ماذا يعني فرط النشاط؟
من الطبيعي أن يكون لدى الأطفال الصغار نشاط زائد، بمعنى أن يكون لديهم طاقة لا نهائية، وألا يضعوا المنطق في اعتبارهم عندما يتصرفون. ولكن عندما يستخدم الناس فرط النشاط كمؤشر على خلل عصبي أو نفسي فهم يعنون بذلك اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه. ووفقا للتعريف التقليدي له يتضمن اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه ثلاثة أشياء رئيسية وهي: قلة التركيز والاندفاعية وفرط النشاط، وهذا معناه أن الطفل المصاب باضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه يكون لديه:
1) قدرة ضعيفة على التركيز والاحتفاظ بانتباهه عند القيام بمهام لا تستحوذ على جانب خرافي من اهتمامه
2) صعوبة في السيطرة على دوافعه، مثل الدافع بأن يصيح بصوت عال وهو في الفصل أو الدافع بأن يقفز من فوق سور الجراج
3) صعوبة في أن يجلس هادئا دون أن يتململ أثناء وجوده في الفصل المدرسي أو على طاولة العشاء.
ويجب أن تكون هذه المشكلات حادة للغاية لدرجة تجعلها تؤثر على حياة الطفل، فالطفل الذي تسير أموره في المنزل والمدرسة على ما يرام لا يعاني من اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه، حتى وإن كان لديه طاقة لا نهائية ويظل يتحرك مثل البهلوان الصغير داخل الفصل المدرسي أو يقضي أوقاتا طويلة وهو شارد في أحلام يقظته. وهناك نقطة أخرى أيضا يتضمنها تعريف اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه وهي أن تلك المشكلات يجب أن تظهر قبل أن يبلغ الطفل السابعة من عمره.
تواجه الأطفال المصابون باضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه وأسرهم صعوبات بالغة، فالأطفال يقعون طوال الوقت في مشكلات وآباؤهم وأمهاتهم، يجدون أنفسهم يصرخون فيهم ويعاقبونهم أكثر مما كانوا يودون، وغالبا ما تكون علاقات الصداقة الخاصة بهم قصيرة. وتكون النتيجة المعروفة هي أن تسيطر عليهم مشاعر الحزن والوحدة وعدم تقدير الذات والغضب.
اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه ADHD
الاضطراب الفرعي الخاص بقلة الانتباه: يعاني الأطفال المصابون بهذا النوع الفرعي من صعوبة التركيز والحفاظ على الانتباه، ويكونون غير منظمين ويسهل تشتيت انتباههم، ولكنهم لا يكونون اندفاعيين بشكل خاص أو مصابين بفرط النشاط. يعاني هؤلاء الأطفال من الكثير من المشكلات التي يعاني منها الأطفال المصابون بالاضطراب التقليدي لفرط النشاط وقلة الانتباه، ولكن قد لا يلاحظ الآباء هذه المشكلات لأن أطفالهم لا يسببون الكثير من الإزعاج، ويكون أكثر هؤلاء الأطفال من البنات (أحيانا ما يطلق على هذه الحالة اضطراب نقص الانتباه ولكن هذا المصطلح يكون مربكا لأنه ينطبق على اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه التقليدي).
هل اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه موجود؟
كل الأخصائيين تقريبا يتفقون على أن «بعض» الأطفال يعانون من خلل بأمخاخهم يجعلهم يعانون بشدة من فرط النشاط والاندفاعية وقلة الانتباه، ولكن ما يختلف عليه الخبراء هو عدد هؤلاء الأطفال. ووفقا لتعريف
الطب النفسي التقليدي لهذا الاضطراب فهناك عدد كبير من الأطفال في الولايات المتحدة، ما بين %5 و %10، يعانون من اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه، ولكن من الصعب أن نصدق أن كل هذا العدد من الأطفال يعاني من خلل بالمخ.
إحدى المشكلات المتعلقة بتشخيص اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه هو أنه يعتمد على إجابات الآباء والأمهات والمدرسين على أسئلة قابلة لأن تفسر بأشكال مختلفة، فعلى سبيل المثال يبدو أحد المعايير في أن الطفل «غالبا ما يعاني من صعوبة في تنظيم المهام والأنشطة المختلفة». ولكن تعبيرات مثل «غالبا» و«صعوبة» و«مهام وأنشطة مختلفة» ليست محددة. هل كلمة «غالبا» تعني مرة في اليوم أم طوال اليوم؟ هل إصلاح الدراجة – وهو شيء يسهل على كثير من الأطفال المصابين باضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه – فعله يندرج تحت كلمة «المهام» أم أن هذا المصطلح ينطبق فقط على الواجبات المدرسية؟ والواجبات المدرسية في حد ذاتها «من المفترض» أنها من الأنشطة التي تنطوي على الصعوبة، فإذا كان أحد الأطفال يعاني من صعوبة في إكمال الواجب المدرسي الخاص بالمستوى المتقدم لمادة التفاضل والتكامل، فهل يجب أن نأخذ ذلك في الاعتبار؟ ليس من الغريب أن يختلف الآباء والمدرسون غالبا في تقييمهم لطفل معين بوصفه يتسم بفرط النشاط أم لا، فليس هناك أسلوب محايد تماما للوصول إلى هذا التشخيص.
ولذا بالرغم من أن هناك العديد من الأطفال يعانون من مشكلات بالمنزل والمدرسة، ومن أن مشكلاتهم تلك تتوافق مع تعريف اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه، فليس من الواضح كم من هؤلاء الأطفال يعاني من خلل بأمخاخهم. أنا أشك في أن معظمهم يمتلك أمخاخا سليمة بشكل كامل، ولكنهم ببساطة لا يستطيعون تنفيذ كل ما نطلب من أطفالنا فعله هذه الأيام، وهو أن يجلسوا هادئين يستمعون إلينا وينفذوا التعليمات الخاصة بأنشطة القراءة والكتابة طوال اليوم.
هل أساليب التربية الخاطئة تتسبب في اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه؟
ليست هناك دلائل على أنها تتسبب في ذلك، فبعض الآباء والأمهات الذين رزقوا بأطفال يعانون من اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه
لديهم مهارات تربوية رائعة، والعديد منهم لديهم مهارات متوسطة والقليل منهم تكون مهاراتهم محدودة. والطفل المدلل، الذي لم يتعلم أن يسمع كلمة «لا» على طلباته أو أن ينتظر حتى يحصل على ما يريد، قد يبدو وكأنه يعاني من اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه. بينما معظم الأطفال المصابين بهذا الاضطراب يكبرون وسط قدر معقول من الانضباط والقواعد والحدود، ولكنهم مع ذلك لا يتعلمون كيف يسيطرون على أنفسهم بطريقة طبيعية.
الحالات التي تتشابه مع اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه: العديد من المشكلات قد تتشابه مع هذا الاضطراب، بعضها يكون داخل الطفل مثل النوبات التشنجية التي تفقده وعيه لثوان معدودة عدة مرات في اليوم، والبعض الآخر يتمثل في الظروف الخارجية المحيطة به مثل المنهج المدرسي الذي ربما يكون صعبا للغاية أو سهلا للغاية بالنسبة له. وغالبا تكون مجموعة من المشكلات المختلفة تأتي من اتجاهات عدة في نفس الوقت، مثل أن يكون الطفل يعاني من مشكلات شعورية ومشكلات في التعلم، ويعيش في منزل مفعم بجو من التوتر، وتفتقر الفصول المدرسية التي يحضرها إلى السيطرة.
تتضمن بعض الحالات التي تتشابه مع اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه ما يلي:
• المشكلات المرضية النفسية بما في ذلك الاكتئاب والقلق واضطراب الوسواس القهري، وردود الأفعال تجاه الصدمات والأحداث المحزنة وغيرها.
• مشكلات السمع والرؤية.
• إعاقات التعلم، فمثلا الأطفال الذين يواجهون صعوبات في القراءة غالبا ما يسيئون التصرف داخل الفصول المدرسية. وفي معظم الأحوال تظهر إعاقات التعلم مصاحبة لاضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه، ولكن في أحيان أخرى يتم تشخيص هذه الإعاقات خطأ على أنها اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه.
• اضطرابات النوم: الأطفال المنهكون أكثر من اللازم غالبا ما يفتقرون إلى الانتباه وربما يتصرفون باندفاعي.
• المشكلات الطبية مثل النوبات التشنجية أو الآثار الجانبية للأدوية.
من الصعب على أي شخص حتى وإن كان طبيبا ماهرا أن يدقق ويمحص كل الاحتمالات، وقد يكون من المغري أن يشخص المشكلة على أنها اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه ويصف لها الدواء. ولكن الأدوية المعتادة لهذا الاضطراب عادة ما تحسن الانتباه لدى معظم الأشخاص سواء كانوا يعانون من اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه أم لا، ولذا لا يعني تحسن الطفل باستخدام دواء معين أنه يعاني بالضرورة من هذا الاضطراب. وعلى الجانب الآخر قد تزيد هذه الأدوية من سوء بعض الحالات الأخرى أو قد توهم الآباء والأطباء أنهم يساعدون الطفل، في حين أن مشكلته الأساسية لا تزال في انتظار حل. فمثلا قد يتمكن الطفل الذي يعاني من إحدى إعاقات التعلم من الجلوس بشكل أكثر هدوءا عندما يتناول دواء معالج لاضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه، ولكن ذلك لا يعني أنه أصبح يتعلم بشكل أفضل. لذا من المهم أن يتوخى الآباء والأطباء الحذر عند تشخيص اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه ويأخذوا ما يكفيهم من وقت.
هل هو اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه أم اضطراب ثنائي القطب؟
يتزايد عدد الأطفال في عمر الدراسة الذين يشخص الأطباء إصابتهم بالاضطراب ثنائي القطب الذي اعتاد الناس على تسميته بالهوس الاكتئابي. ويتميز هذا المرض لدى البالغين بالتعرض لنوبات تشنجية محددة ومعروفة، ترتفع خلالها الطاقة وتتوهج الحالة المزاجية (الهوس) بالتبادل مع نوبات أخرى تتراجع فيها الطاقة والحالة المزاجية (الاكتئاب). أما لدى الأطفال فربما تكون هذه النوبات المتسلسلة قصيرة للغاية، وقد تظهر نوبة الهوس في شكل غضب عارم. وبشكل عملي غالبا ما يصعب أن نحدد ما إذا كانت المشكلة هي نوبات غضب حادة، أم اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه المصاحب لنوبات غضب وعنف، أم أنه فعلا اضطراب ثنائي القطب.
إن الأدوية المعالجة للاضطراب ثنائي القطب قوية، وغالبا ما يكون لها آثار جانبية حادة. فالريسبريدرون مثلا، وهو أحد هذه الأدوية، يتسبب في زيادة الوزن بشكل رهيب ويزيد من خطورة الإصابة بالسكر. تستطيع العقاقير ذات التأثيرات النفسية أن تحدث فارقا كبيرا في حياة الأطفال الذين يحتاجونها بحق، ولكنها يجب أن توصف فقط من قبل الأطباء الذين تلقوا تدريبات خاصة مثل الأطباء النفسيين أو أطباء الأطفال المتخصصين في مشكلات النمو والسلوك.
كيف يشخص الأطباء اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه؟
لا يوجد تحليل للدم أو تصوير إشعاعي للمخ يبين هذا المرض، لذا يكون على الأطباء أن يعتمدوا على المعلومات التي يقدمها الآباء والمدرسون بالإضافة إلى ملاحظاتهم الشخصية. ولكن هذه الملاحظات لا تكون دقيقة في كل الأحيان، فغالبا ما يتصرف الأطفال المصابون باضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه بأفضل الصور أثناء وجودهم في عيادة الطبيب. (يستطيع الأطفال المصابون باضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه أن يتصرفوا بشكل لائق، ولكن ما يعجزون عنه هو التصرف بهذا الشكل اللائق بانتظام).
يجب أن يحصل الطبيب الذي يشخص اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه على معلومات على الأقل من أحد الأبوين وأحد معلمي الطفل سواء من خلال المقابلة الشخصية أو الإجابة عن الاستبيانات أو من خلال تقديم وصف مكتوب. ويجب على الطبيب أن يراجع التاريخ النفسي للطفل وتاريخ نموه ويراجع تاريخ العائلة ويعقد مع الطفل مقابلة ويقوم بالكشف الطبي الكامل عليه. ولكن الطبيب الذي يخرج بتشخيص لاضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه بعد أن يقضي فترة وجيزة مع الطفل لم يستعن في تشخيصه بكل ما توصل إليه الطب من تطورات.
وغالبا ما سيعمل طبيب الأطفال أو طبيب الأسرة مع المعالج أو الطبيب النفسي لتشخيص اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه، وقد تتضمن عملية التشخيص إجراء فحوصات نفسية وتقييم مفصل لمستوى الطفل التعليمي.
العلاجات الخاصة باضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه
هناك أنواع كثيرة من العلاجات يستطيع الأطفال المصابون باضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه أن يستفيدوا منها، ومعظم الأطفال يحتاجون إلى أكثر من وسيلة علاجية واحدة. فمن الخطأ مثلا أن نعالج الطفل باستخدام الأدوية من دون أن نحاول تغيير الأسلوب الذي يتعامل به الآباء والمدرسون مع سلوكه الصعب.
وتشخيص اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه لا يعني أننا يجب أن نعطي الطفل أدوية مباشرة. وعلى الجانب الآخر، هناك العديد من الدلائل على أن الأدوية هي أكثر الطرق الفعالة في علاج الأعراض الأساسية لاضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه، مثل: قلة الانتباه والاندفاعية والنشاط الزائد. فعلى سبيل المثال أثبتت إحدى الدراسات الكبرى أن الأطفال الذين تناولوا أدوية بجانب العلاجات النفسية لم يظهروا تحسنا أفضل بكثير على صعيد الأعراض الأساسية لاضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه من الأطفال الذين تناولوا الأدوية فقط.
ولكن الاستشارات النفسية والعلاجات الأخرى التي لا تعتمد على الأدوية لا تزال مهمة لسببين، أولهما: أنها تساعد الأطفال على التكيف مع المشكلات التي يتسبب بها اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه، مثل: صعوبة تكوين صداقات، أو كيفية التعامل مع الشعور بالإحباط. وثانيهما: أن العلاجات غير المعتمدة على الأدوية لها أهمية في مساعدة الأطفال في التغلب على مشكلات التعلم والمشكلات السلوكية التي غالبا ما تصاحب اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه، ولكنها لا تكون جزءا من أعراضه الأساسية، فأدوية اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه لا تعالج إعاقات التعلم لدى الأطفال الذين يحتاجون إلى نوع من التعليم الخاص.
أدوية اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه
تتمثل الأدوية التي تستخدم غالبا في علاج اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه في المنبهات، وتؤدي المنبهات – مثلها مثل مادة الكافيين – إلى زيادة الانتباه من خلال تحفيز الأجزاء التي تكون نشطة بالمخ أثناء فترات الانتباه المصحوب بالتركيز. ومثلها مثل الكافيين أيضا تؤدي المنبهات
إلى زيادة ضربات القلب، ويمكن أن تخلق إحساسا بالقلق أو التوتر والانزعاج. ويخلط البعض ما بين المنبهات والمهدئات أو المواد المخدرة، ولكنهما تختلفان كثيرا من حيث كيفية عملهما وكيفية تأثيرهما على المخ. المادتان المنبهتان الأساسيتان هما: مادة ميثيل الفينيدات (وهي توجد في أدوية: ريتالين Ritalin وكونسيرتا Concerta وميتاديت Metadate وغيرها من الأدوية)، ومادة أمفيتامين (وتوجد في أدوية مثل: آديرال Adderall وديكستروستات Dextrostat وديكسيدرين Dexedrine وغيرها). وهناك أدوية أخرى غير الأدوية المنبهة تستخدم أحيانا مع مرضى اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه، ولكن المنبهات تنجح مع كل ثمانية من بين عشرة أطفال.
هل المنبهات آمنة؟
العديد من الآباء يخشون استخدام الأدوية المعالجة لاضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه، ومن المنطقي أن يكون لدينا تخوفات من أي دواء يؤثر على كيفية عمل المخ لدى الطفل خاصة إذا كان الطفل سيتناوله لسنوات. ولكن العديد من المخاوف التي تراود الآباء مبنية على معلومات خاطئة، فمثلا لم يثبت أن المنبهات يمكن إدمانها مثل المواد المخدرة كالهيروين والكوكايين. فالأطفال الذين يتوقفون فجأة عن تناول المنبهات لا تظهر لديهم رغبات ملحة لتناولها أو يصابون بأي أعراض انسحابية. وهناك بعض الأشخاص يتناولون المنبهات بصورة خاطئة للوصول إلى حالات مزاجية متوهجة مثل تلك التي تنتج عن تناول المخدرات، ولكن الأطفال الذين يتناولون المنبهات لعلاج اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه يقولون إنهم يشعرون أنهم أكثر هدوءا وليس العكس.
الأطفال المصابون باضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه يسيرون في طريق إدمان الكحوليات وغيرها من المواد الأخرى أكثر من سائر الأطفال، ولكن لا توجد دلائل على أن الأدوية هي السبب. بينما في الواقع قد يتجه الأطفال الذين لا يتلقون علاجا لاضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه إلى الكحول والمخدرات كوسيلة للتعامل مع مشاعر الحزن واليأس التي تتملكهم نتيجة المتاعب التي لا تنتهي في المدرسة أو المنزل أو مع أقرانهم. أما تناول أدوية اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه فربما يخفف من احتمالية أن يلجأ المراهقون إلى المخدرات غير المشروعة.
بالطبع تسبب المنبهات بعض الآثار الجانبية مثل آلام المعدة والصداع وفقدان الشهية، وفي بعض الأحيان قد تسبب مشكلات في النوم، ولكن أغلب هذه الأعراض تكون خفيفة وتنتهي بمجرد أن يتم تعديل الجرعة الدوائية. لا يجب أن يكون الأطفال الذين يتناولون المنبهات مشوشين أو يتصرفون بلامبالاة وفتور، فهذه الأعراض تدل على أنهم يتناولون جرعات زائدة. أستطيع التأكد من أن الدواء يعمل عندما أسأل الطفل كيف يجعلك تشعر، ويجيبني: «أشعر أنني أصبحت نفسي». النقطة الرئيسية التي تمكننا من الاستخدام الآمن للدواء، أي دواء، هي المراقبة عن كثب. فالأطفال الذين يتناولون أدوية لاضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه يجب أن يراجعوا الطبيب أربع مرات في العام تقريبا، ويجب أن تزيد عدد زياراتهم له في البداية خلال فترات تعديل الجرعات الدوائية.
إن الأطفال الذين يبدءون في تناول أدوية اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه ليسوا مضطرين لتناولها طوال حياتهم، ولكن الكثير منهم يختارون أن يستمروا عليها خلال فترات المراهقة. فمع تقدم الأطفال في العمر يبدأ نشاطهم الزائد في التقلص، ولكن الصعوبة التي تواجههم في التركيز تبقى غالبا كما هي، ويظل الدواء مفيدا لهم. أما هؤلاء الذين يتمتعون بقدر كبير من انضباط النفس فيمكنهم أن يسيروا بشكل جيد عندما يتوقفون عن الدواء.
ماذا يحدث للأطفال المصابين باضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه؟
عند تلقي العناية الطبية والتعليم بشكل جيد يستطيع هؤلاء الأطفال أن ينجحوا، وعندما يكبرون ربما تكون الصفات التي تسببت لهم في مشكلات بالمدرسة، مثل التلقائية والطاقة والقدرة على التفكير في أكثر من شيء في وقت واحد، ذات فوائد لهم في العمل. أما الأطفال الذين كانوا يعانون من مشكلات أخرى بجانب اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه، مثل الاكتئاب أو إعاقات التعلم الحادة، فيواجهون ظروفا أصعب، ويحتاجون إلى دعم أكثر.
كيف نتأكد من أن الأسلوب الذي نستخدمه في علاج اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه هو أسلوب ناجح؟
إذا كان الطفل سعيدا بنفسه ولديه أصدقاء ويحب المدرسة فهذا معناه أن أموره تسير على ما يرام. أما الطفل الذي لا يكون راضيا عن نفسه، أو يقول باستمرار إنه «غبي»، أو إن سائر الأطفال لا يحبونه، فهو يحتاج إلى مساعدة أكثر. فمع الوقت قد تتزايد خطورة عدم تقديره لنفسه لتصبح مشكلة أكبر من الاضطراب المصاب به.
ماذا يمكن أن نفعل؟
إذا كنت تعتقد أن طفلك قد يكون مصابا باضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه فتحدث مع الطبيب الخاص به، أو ابحث عن أخصائي آخر يمكن أن يساعدك. ومثلما هو الحال مع أي مشكلة طبية مزمنة أخرى أو مشكلة متعلقة بالسلوك، كلما كنت تعرف أكثر استطعت أن تعمل أفضل مع الأطباء والمدرسين والأخصائيين لدعم نمو طفلك بشكل صحي وسليم.