يمكن أن يؤثّر المرض القلبي في أي جزء من كافة أجزاء الجهاز القلبي الوعائي – العضلة القلبية Myocardium والصمامات والشرايين التاجية وجهاز التوصيل والشرايين والأوردة والتامور؛ ويمكن أن نطلق على إصابة أي من هذه المناطق اسم المرض القلبي أو القلبي الوعائي.Cardiovascular Disease
تعدّ عملية تشخيص المرض القلبي معقّدة؛ وقبل البدء بها، تذكّر أنه يمكن أن يحدث نمطٌ أو أكثر من المرض القلبي الوعائي أو المشاكل القلبية الوعائية في الوقت نفسه وفي الشخص نفسه؛ وفي الحقيقة، تكون هذه الحالة موجودة غالبا؛ غير أنه قد تطغى مشكلةٌ على أخرى، وقد تكون هذه المشكلة هي السبب الرئيسي للأعراض، أو يكون لها التأثير الأساسي في صحتك العامة أو مدة عمرك.
عند وجود أكثر من مشكلة، يمكن أن تكون الاضطرابات مرتبطة بسبب كامن واحد؛ فعلى سبيل المثال، يمكن أن يحدث «تصلّب الشرايين» الناجم عن ترسّبات اللويحات الكولستيرولية (التصلّب العصيدي) في شرايينك التاجية (شرايين العضلة القلبية نفسها) والسباتية (شريانان يحملان الدم إلى الدماغ) والأبهر (الشريان الرئيسي الناشئ من القلب) وشرايين الساقين؛ وهكذا، يمكن أن تصاب بالسكتة (الأذية الدماغية) والعرج (ألم الطرف أو تعبه) بسبب نقص الجريان الدموي الناجم عن التصلّب العصيدي.
ومن خلال المعرفة بحدوث بعض المشاكل، يجب على الطبيب أن يجمع بين أدلة المرض المرافق حتى لو وجد عرضٌ واحد أو مشكلة واحدة؛ فلنفترض – مثلا – أن طبيبك اكتشف وجود أم دم (أنورسما أو توسع الأوعية الدموية) في الأبهر البطني وأوصى بإجراء عملية جراحية لتصحيحها، فإن الخبرة تشير إلى وجود داء في الشرايين التاجية في أكثر من %50 من المصابين بأمهات الدم الأبهرية، حتى ولو لم يؤد إلى أعراض الذبحة؛ وبما أن داء الشرايين التاجية يمكن أن يجعل من جراحة أم الدم خطرة، يمكن أن يوصي طبيبك بإجراء اختبارات لمعرفة إمكانية وجود داء خطير في الشرايين التاجية؛ ولذلك، فإن البحث عن هذا الداء ومعالجته أولا يجعلان عملية أم الدم أقلّ خطرا، ويمكن أن يكون لذلك أهمية بالنسبة إلى متوسّط العمر بعد إصلاح أم الدم.
من مشاكل التشخيص الأخرى هو أن بعض أنماط المرض القلبي يمكن أن تؤدي إلى نمط آخر فعليا، وهذا بدوره قد يصبح هو المشكلة الرئيسية؛ فداء الشرايين التاجية – على سبيل المثال – قد يؤدي إلى نوبة قلبية يمكنها أن تؤذي العضل القلبي إلى درجة تضعف معها قوة الضخ القلبي؛ وبعدئذ، لا تصبح هناك أعراض أخرى مرتبطة مباشرة بالشرايين التاجية (مثل الذبحة)، وإنما قد تعاني من أعراض ناجمة عن ضعف الضخ البطيني (مثل قصور القلب الاحتقاني).
من الأمثلة الأخرى على حدوث مرض قلبي بسبب مرض قلبي آخر ما يحدث عندما يولد طفل لديه ثقب في الجدار الفاصل بين البطينين الأيمن والأيسر «أي العيب الحاجزي البطيني «Ventricular Septal Defect؛ إذ قد يحدث ارتفاعٌ في ضغط الدم في الشرايين المتجهة إلى الرئة «فرط ضغط الدم الرئوي Pulmonary Hypertension» إذا كان الثقب كبيرا ولم يغلق بشكل جيّد بالجراحة؛ حيث قد يؤدي فرط ضغط الدم الرئوي إلى ضيق التنفّس (الزلّة) وتلوّن الجلد بالأزرق (الزراق)؛ وهكذا، تصبح الزلة والزراق الناجمان عن نقص الأكسجين في مجرى الدم من الأعراض البارزة؛ وفي بعض الحالات، قد يكون هذان العرضان هما الدلائل الأولى على العيب الأصلي.
سوف نتحدث عن مجموعة من الأمور التي يمكن أن تضطرب في كل جزء من الجهاز القلبي الوعائي؛ ولذلك، ضع في حسابك أن المشاكل يمكن – بل غالبا – ما تكون مرتبطة ببعضها البعض.
قصور القلب
يعدّ مصطلح «قصور القلب Heart Failure» كلمة مخيفة، وهو مشكلةٌ خطيرة، لكنها لا تعني أن القلب لا يعمل مطلقا؛ وهذا المرض ليس مرضا نوعيا، فهو يعبّر عن مجموعة من الأعراض الناجمة عن أمراض يصبح فيها القلب عاجزا عن تحريك ما يكفي من الدم لتلبية متطلّبات الجسم. وهناك درجات مختلفة من قصور القلب، وذلك حسب نوع المشكلة ومدة وجودها.
ومما يدعو للأسف شيوع قصور القلب وتزايد وقوعه، حيث يصيب 2 إلى 3 من بين كل 100 شخص في الولايات المتحدة أو أكثر من 4 ملايين شخص؛ ويكون تأثير هذا المرض المنتشر كبيرا؛ فبصرف النظر عن المعاناة الناجمة عن الأعراض، يتطلّب %35 من كافة الأشخاص المصابين بقصور القلب دخول المستشفى (الاستشفاء (Hospitalization سنويا.
يعدّ قصور القلب السبب الأكثر شيوعا للاستشفاء في الأشخاص بعد عمر 65 سنة؛ ويكلّف ذلك البلد كثيرا من النفقات؛ ففي عام 1999، كلّف قصور القلب جهاز الرعاية الصحية 183 بليون دولار؛ ورغم تقدّم الرعاية الطبية، يموت %15 من كافة المصابين بهذا المرض خلال سنة، وزهاء %50 من المصابين بأعراض متقدّمة منهم خلال سنة أيضا.
راجع طبيبك إذا لاحظت العلامات والأعراض التالية لقصور القلب الاحتقاني:
- تعب وضعف وعدم القدرة على الجهد.
- ضيق التنفّس بعد بدء الجهد مباشرة.
- ضيق التنفس الذي يوقظك من النوم.
- تورّم ساقيك أو كاحليك أو قدميك.
- زيادة الوزن بسرعة (1 باوندا (454 غراما) في اليوم مثلا على مدى 3 أيام متتالية).
- امتلاء أوردة العنق (توسّعها).
أسباب قصور القلب
- داء الشرايين التاجية
- أمراض العضل القلبي (اعتلال العضل القلبي)
- ارتفاع ضغط الدم (فرط ضغط الدم)
- أمراض الصمامات القلبية
يمكن أن ينجم قصور القلب عن خلل في قدرة القلب على الضخ بكفاءة، بما في ذلك أمراض القلب الولادية (الخلقية) وأمراض الصمامات وأمراض العضلة القلبية (مثل تلك الناجمة عن النوبة القلبية)؛ وهذه الأمراض ليست هي قصور القلب، بل هي التي تنجم عنه؛ فقد تكون مصابا بمرض قلبي خلقي أو بمشاكل في الصمامات أو بنوبة قلبية من دون أن تكون مصابا بقصور القلب؛ لكن عندما تحول إحدى هذه المشاكل دون ضخ قلبك ما يكفي من الدم لجسمك، يقال إنك مصاب بقصور القلب.
يشير قصور القلب إلى الأعراض التي تحدث عندما يضعف العضل القلبي، أو عندما يكون عبء العمل على العضل القلبي كبيرا جدّا بحيث لا تكفي قوة الضخ لتلبية حاجات الجسم؛ وفي كلتا الحالتين، يحدث أمران:
.1 لا يستطيع قلبك ضخّ ما يكفي من الدم لتزويد الأنسجة بالتغذية والأكسجين وطرح الفضلات حسب الحاجة.
.2 يتشكّل ضغطٌ خلفي في أوردتك لأن قلبك لا يضخ الدم بشكل كاف عبر شرايينك؛ وبكلمة أخرى، مع تراجع قدرة الضخ القلبي، يصبح القلب عائقا شيئا فشيئا.
أعراض قصور القلب
تؤدي هاتان النتيجتان لتراجع وظيفة الضخ إلى كافة الأعراض المرافقة لقصور القلب: ضيق التنفّس (الزّلّة) والتعب الجهدي، وضيق التنفّس خلال الراحة لا سيّما بالاضطجاع (الزلة الاضطجاعية) بسبب تراكم السوائل في الرئتين، وتورّم القدمين والساقين والجذع أو تراكم السوائل فيها، والتعب العام. وبما أن الكثير من أعراض قصور القلب تنجم عن احتقان الأنسجة والرئتين بالسوائل، لذلك فإنها تدعى قصور القلب الاحتقاني غالبا.
في قصور القلب الخفيف، قد لا تظهر أية أعراض خلال الجلوس والراحة؛ كما قد لا تعاني من ضيق التنفّس إلا عند القيام بالجهد أو النشاط الفيزيائي؛ أما في قصور القلب الشديد، فقد تعاني من ضائقة Distress حتى خلال الراحة، بما في ذلك ضيق التنفّس وشحوب لون الجلد وبرودة الذراعين والساقين وظهور لون أزرق على الشفتين والأصابع والأباخس (أصابع القدم) (الزراق)؛ ويمكن أن تصبح هذه الأعراض أسوأ بالاضطجاع.
في قصور القلب الشديد، تكون عرضة لمختلف اضطرابات النظم القلبي أيضا، وقد تشكو من الخفقان أو الغشي؛ وهناك عرضٌ آخر يظهر في قصور القلب المتقدّم يدعى تنفّس «تشاين ستوكس Cheyne-Stokes» الذي يتصف بفترات متناوبة من بطء التنفّس مع توقّفه وفترات من التنفّس السريع والعميق.
قصور الجانب الأيسر أو الأيمن من القلب
يمكن أن تسمع من الطبيب عن قصور القلب الأيمن أو الأيسر، وذلك حسب الجهة الأكثر تأثّرا من القلب؛ ففي قصور القلب الأيسر، ينقص الجريان الدموي إلى الجسم وتتراكم السوائل في الرئتين؛ ويحدث ذلك لأن الجهة اليسرى من القلب تصبح عائقا شيئا فشيئا مثل السدّ، وتكون الرئتان هما المستودع الرئيسي خلفه؛ ويكون الاحتقان في الرئتين هو المسؤول عن الإحساس بضيق التنفّس الذي يشيع في قصور القلب الاحتقاني.
كما يؤدي قصور القلب الأيمن إلى نقص الجريان الدموي، لكن المستودع في هذه الحالة هو بقية الجسم، لذلك يحدث التورّم في الساقين وأحشاء البطن بما في ذلك الكبد؛ ويمكن أن يؤدّي قصور القلب الأيمن إلى ألم في الجهة اليمنى العلوية من البطن نتيجة الاحتقان (التحفّل) الكبدي Liver Engorgement، بالإضافة إلى نقص الشهية والغثيان والتطبّل (انتفاخ البطن).
القصور بنقص النتاج
ترتبط نتائج قصور القلب لدى بعض الأشخاص بنقص الجريان الدموي أكثر من تراكم السوائل (الاحتقان)؛ وغالبا ما يشير الأطباء إلى ذلك باسم القصور بنقص النتاج Low Output Failure.
• إذا لم تتلقّ كليتاك ما يكفي من الجريان الدموي، لا تنتج بولا كافيا، ويتراكم فائض السائل والماء في جسمك؛ وتزيد هذه الحالة من التورّم (الاحتقان).
• إذا لم تتلقّ عضلاتك كفايتها من الدم، تنقص قدرتها على التحمّل؛ ويؤدي نقص التحمّل إلى التعب السريع عند القيام بالجهد.
• إذا لم يتلقّ دماغك كفايته من الجريان الدموي، يمكن أن تصاب بالدوخة أو الإلتباس.
قصور القلب الناجم عن اعتلال العضلة القلبية
هناك عددٌ من الأسباب لنقص كفاءة الضخّ القلبي؛ وهي تشتمل على مشكلة ميكانيكية (خلقية أو صمامية) أو ارتفاع ضغط الدم المزمن (الذي يزيد عبء العمل القلبي) أو مقاطع تالفة من النسيج العضلي في القلب بسبب داء الشرايين التاجية (النوبة القلبية) والأمراض التي تؤثّر مباشرة في كامل العضل القلبي (اعتلال العضلة القلبية.(Cardiomyopathy
إن اعتلال العضلة القلبية مرضٌ في العضل القلبي؛ ويمكن وصفه بمزيد من التفصيل حسب سببه (إذا كان معروفا) أو نمط العيب الموجود في الضخ؛ فعلى سبيل المثال، يدعى اعتلال العضلة القلبية الناجم عن استعمال الكحول باسم اعتلال العضلة القلبية الكحولي؛ ومع أن اعتلال العضلة القلبية يمكن أن ينجم عن الفيروسات، غير أنه لا يمكن تحديد السبب في كثير من الحالات، وتدعى الحالة عندئذ باسم اعتلال العضلة القلبية المجهول السبب.
تمثّل الوفيات الناجمة عن اعتلال العضلة القلبية نحو %1 من وفيات أمراض القلب في الولايات المتحدة؛ وعلى العموم، تبلغ معدلات الوفيات الناجمة عن اعتلال العضلة القلبية أوجها عند الرجال السود.
معلومة
لقد سمعت عن مخاطر ارتفاع ضغط الدم (فرط ضغط الدم)؛ ولكن ماذا تعرف عن انخفاض ضغط الدم؟
انخفاض الضغط أفضل من ارتفاعه ما دمت تشعر بصحة جيدة؛ لكن عندما تصاب بالإغماء، قد يكون ضغطك الانقباضي (الرقم الأعلى عند قراءة ضغط الدم) منخفضا جدا. ويمكن أن تؤدي المعالجة المكثّفة لارتفاع ضغط الدم أو خلل وظيفة جهازك العصبي إلى انخفاض ضغط الدم؛ ويمكن أن يشير انخفاض ضغط الدم الانبساطي (الرقم الأدنى) إلى وجود اضطراب في الصمامات القلبية أو إلى حالات يمكن أن تقود إلى زيادة الجريان الدموي عبر شرايينك.
عندما ينخفض ضغط دمك كثيرا، يمكن أن تدخل في صدمة، ويستدلّ على ذلك من خلال حدوث الإلتباس وتعرّق الجلد وضعف التنفّس ونقص النتاج البولي وقصور الأعضاء الأخرى؛ ويجب معالجة الصدمة كطارئة طبية.