القوام الصحيح هو الوضع الذي تكون فيه أقواس العمود الفقري موجودة بشكل قائم صحيح، أي انحناء أسفل الظهر للداخل، وانحناء أعلى الظهر (الصدر) للخارج، وانحناء العنق للداخل، ويكون المرء مسيطراً على عضلاته منقبضة لا مرتخية وخاصة إن كان واقفاً أو جالساً. لأنه بعد الوقوف أو الجلوس بفترة وجيزة ترتخي العضلات مما يؤدي إلى زيادة أو نقصان في انحناء هذه الأقواس (شكل 8)، والذي يضع الأربطة والمفاصل السطيحة تحت مد زائد وهي في نهاية مداها، وكذلك إزاحة النواة اللبية من المركز إلى أحد الجوانب وبالتالي ظهور الألم.
شكل 7: وقوف صحيح
شكل 8: وقوف خاطئ
لمعرفة القوام الصحيح للعنق، انظر لعنق أي شخص من الجانب وهو واقف، أو جالس، تجد تقوساً طبيعياً تجاه الداخل، وذلك فوق أعلى الظهر مباشرة، وأعلى منطقة الأكتاف. ولابد من الحفاظ على هذا التقوس في كل وقت وفي أي وضع تكون، سواء كان ذلك أثناء الوقوف، أو الجلوس، أو الرفع، أو الاستلقاء وذلك بالالتزام بالأوضاع الصحيحة والتي نبينها فيما يلي:
وضع الوقوف
وضع الوقوف الصحيح، هو الوضع الذي تكون فيه أقواس العمود الفقري في وضعها الصحيح. ويعتبر الوقوف (من غير حركة) لفترة طويلة، من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث آلام العنق، لأن العضلات الداعمة للعنق والعمود الفقري عامة تتعب فترتخي، مؤدية إلى زيادة انحناء أسفل الظهر للداخل، وهذا بالتالي يؤدي إلى مد العنق للأمام، مسببة آلاماً في العنق (شكل 8). ولتتجنب ذلك وتقف بطريقة صحيحة وبدون آلام، قم بأداء ما يلي (شكل 7):
1. عدّل وضع أسفل ظهرك أولاً، فإذا لم تصحح انحناء أسفل ظهرك للداخل فلن تتمكن من تعديل وضع عنقك.
2. شد عضلات بطنك للداخل.
3. ارفع أسفل صدرك قليلاً للأعلى.
4. أرجع عنقك أفقياً للوراء قليلاً.
5. أعد تكرار ما سبق كثيراً مادمت واقفاً.
6. تحرّك في مكانك بدلاً من أن تبقى واقفاً.
7. عدّل وضع عنقك أثناء تأدية أي عمل (شكل 9، 10).
شكل 9: وضع صحيح
شكل 10: وضع خاطئ
إحذر حمل الأشياء الثقيلة فوق رأسك (شكل 11)، لأنها تزيد من الضغط الداخلي للغضروف، وتكمن الخطورة أثناء لف أو ثني أو مد الرأس للأمام.
شكل 11: لا تحمل الأشياء الثقيلة فوق رأسك.
وضع الجلوس
بعد الثورة الصناعية، أصبحت معظم الأعمال من جلوس (إطالة الجلوس) والذي يعتبر أسوأ وضع مؤثر على العنق خاصة والعمود الفقري عامة حتى وإن كان الوضع صحيحاً، فكيف إذا كان خاطئا. فمن المعلوم أن هناك الملايين ممن يعانون من مشاكل العنق نتيجة للجلوس لفترات طويلة في العمل أو البيت أو حتى وراء مقاعد الدراسة… الخ. فأكثر الأسباب المؤدية لآلام العنق خلال الجلوس هي بسبب الوضع الخاطئ (شكل 13)، وبسبب ثبات الجسم وقلة حركته أثناء الجلوس. فبعد أن نجلس بفترة غالباً ما نمد عنقنا للأمام، لأن العضلات الداعمة للعنق تتعب فترتخي. فالنتيجة النهائية للجلوس الطويل هو الجلوس بطريقة خاطئة، لأن أجسامنا غير مهيأة للجلوس لساعات طويلة. فإذا ما بقينا مادين عنقنا للأمام أثناء الجلوس لفترة طويلة فإن الأربطة الداعمة للعنق تمد مداً زائداً. وإذا ما اتخذنا هذا الوضع عادة يومية فربما يؤدي ذلك إلى الأذية والضرر البالغ للغضروف نفسه، الذي بين فقرات العنق مؤدياً إلى ظهور الآلام في العنق وما حوله.
ولوضع أسفل الظهر تأثيراً مباشراً على وضع العنق خاصة، والعمود الفقري عامة. فإذا ما جلست جلسة خاطئة بحني أسفل ظهرك للخارج بدلاً من الداخل، فيصعب عليك تعديل وضع عنقك، بل سوف تمد عنقك تلقائياً للأمام. ولتفادي المشاكل المترتبة من الجلوس، سواء في المكتب، أو أمام الكمبيوتر، أو أثناء الطباعة، أو أثناء قيادة أو ركوب السيارة، أو الحافلة، أو القطار، أو الطائرة، أو أثناء القراءة، أو مشاهدة التلفاز، أو أثناء الخياطة، أو أثناء الجلوس على الأرض.. الخ، اتبع الآتي:
1. قلل من جلوسك بقدر ما تستطيع.
2. أدي بعض الأعمال التي يمكنك تأديتها من وقوف، وكرر هذه العملية خلال فترة العمل.
3. اجلس بطريقة صحيحة (شكل 12، 13).
شكل 12: جلوس صحيح
شكل 13: جلوس خاطئ
4. حافظ على انحناء أسفل ظهرك للداخل (شكل 14)، فما لم تصحّح وضع أسفل ظهرك فلن تصحّح وضع عنقك (شكل 15، وانظر كذلك شكل 12، 13).
شكل 14: جلوس صحيح
شكل 15: جلوس خاطئ
5. للحفاظ على الإنحناء للداخل في أسفل الظهر، استخدم وسادة الظهر(lumbar roll) وهي مصنوعة من الإسفنج، أو لِف فوطة صغيرة أو أي قماش بحيث يكون قطرها الصافي لو ضغطتها من 4 – 6 سنتيمتر (انظر الأشكال 12, 14).
6. حافظ على الوضع الصحيح لعنقك، ولا تبقى طويلاً في وضع واحد (شكل 15, 16, 17, 18).
شكل 16: الوضع الصحيح والخاطئ للعنق.
شكل 17: وضع خاطئ.
شكل 18: جلوس خاطئ.
7. كرر أداء التمرين رقم 1 و2 صفحة 44 و45، كل نصف ساعة على الأقل خلال فترة جلوسك.
8. اقطع جلوسك بين وقت وآخر، وامشِ لبضع دقائق.
9. لا تجلس على كرسي أو أريكة (كَنَبا) زائد الليونة.
10. لا تطيل الجلوس أثناء جلوسك على الأرض، واستند على الحائط (أو على المسند) فالجلوس على الأرض من غير استناد إلى الحائط سيء للظهر وبالتالي للعنق (شكل 19، 20).
شكل 19: جلوس صحيح
شكل 20: جلوس خاطئ
11. إذا جلست على كرسي بدون ظهر أو على الأرض من غير استناد على الحائط، اجلس بطريقة صحيحة ولا تطيل الجلوس (شكل 21).
شكل 21: جلوس خاطئ.
12. عدّل مقعد سيارتك واستخدم مسند الرأس (شكل 22، 23)، فأثناء الحوادث غالباً ما يرجع الرأس بقوة للخلف مسبباً إزاحة أو انزلاق الغضروف، ومداً زائداً للأربطة، مؤدياً إلى ألم شديد وربما كسوراً في فقرات العنق أو قَطْْعاً في الحبل الشوكي، وقد يؤدي ذلك إلى الشلل الكامل. واحذر من ركوب أطفالك سيارات التصادم الكهربائية bumper car، فقد يتعرضون لمعظم الأعراض السالفة.
شكل 22: جلوس صحيح.
شكل 23: جلوس خاطئ.
13. لا تجلس والظهر مقوس للخارج والعنق ممدوداً للأمام، وخاصة بعد الانتهاء من أي مجهود مضن أو عمل شاق، لأن الأربطة تكون سهلة المط مما يؤدي إلى ظهور الآلام، واجلس بطريقة صحيحة.
وضع الراحة
لابد أن تتأمل كثيراً في الوضع الذي تتخذه أثناء الراحة، في أي مكان تكون، وخاصة في البيت. انتبه للوضع الذي تتخذه أثناء مشاهدة التلفاز (شكل 16)، فمن الخطأ أن تستلق على ظهرك وأنت واضع رأسك على طرف الأريكة (شكل 24) أو على (المسند) حيث يكون الرأس منثنيا كثيرا. ويا حبذا لو استلقيت على بطنك واضعاً يديك تحت فكك متكئا بفكك ورأسك على يديك (شكل 25)، أو استلق على ظهرك وضع تحت رأسك وسادة منخفضة، أو على الأقل اجلس بطريقة صحيحة مواجهاً التلفاز بحيث تكون عيناك في مستواه (شكل 16). كذلك صحّح وضع عنقك أثناء القراءة فلا تقرأ وأنت مستلق على ظهرك واضعاً رأسك فوق طرف الأريكة (الكنبة) أو فوق (المسند) أو فوق وسادتين (شكل 26)، فإن كنت من محبي القراءة وأنت مستلق فاستخدم وسادة منخفضة أو اقرأ وأنت مستلق على جانبك.
شكل 24: وضع خاطئ.
شكل 25: وضع صحيح.
شكل 26: وضع خاطئ.
وضع النوم
يعتبر الألم بسبب طريقة النوم الخاطئة أو الوسادة الخاطئة شائعة، فقد يكونا مصدراً للألم أو الصداع عند الاستيقاظ من النوم صباحاً، فكم من شخص جلس الصباح بآلام في عنقه أو تيبس بحيث لا يستطيع حتى تحريكها. فأغلب الآلام التي يشتكي منها بعض الناس ناتجة من طريقة النوم الخاطئة (شكل 27) أو بسبب الوسادة وقد يكون بسبب الفراش غير الجيد.
شكل 27: طريقة نومٍ خاطئة.
فالنوم على الوجه خاطئ (شكل 28)، لأنه يسبب الأذية للأربطة والغضاريف والمفاصل السطيحة، حيث يكون الرأس ملتفاً إلى أقصى مدى وعضلات العنق مرتخية تماما. ولا بأس بالنوم على الظهر أو على إحدى الجانبين شرط استخدام الوسادة المناسبة (شكل 29، 30، 31).
شكل 28: وضع خاطئ، لا تنم على وجهك.
شكل 29: وضع صحيح، نم على وسادة منخفضة.
شكل 30: وسادة مناسبة.
شكل 31: وضع خاطئ، لا تنم على أكثر من وسادة.
فقد تكون الوسادة سبباً لمعاناة الكثير من الناس، فالوظيفة الأساسية للوسادة هي دعم العنق والرأس والمحافظة على العنق في وضعه الصحيح، وإن لم تكن كذلك فلن تحافظ على الشكل الصحيح للعنق وبالتالي ظهور الألم. فارتفاع الوسادة لابد أن يكون مناسباً، بحيث يملأ الفراغ بين الرأس والكتف في حال النوم على أحد الجانبين (شكل 30)، أما في حال النوم على الظهر فارتفاعها لابد أن يملأ الفراغ بين الرأس وأعلى الظهر والكتفين بدون أن ترفع الرأس للأعلى، لذا استخدم وسادة منخفضة (شكل 29) واحذر النوم بأكثر من وسادة لكي لا ترفع الرأس للأعلى (شكل 32). بالإضافة لارتفاع الوسادة، يشترط أيضاً في الوسادة الجيدة أن تكون طرية بحيث تشكل دعامة للعنق وتشكل مكاناً للرأس يأخذ شكله فيها. ولا يفضل استخدام الوسادة المصنوعة من الإسفنج البلاستيكي، أو من المطاط، لأنها غير مطاوعة، ولا تسمح للرأس من إحداث فراغ ومكان له فيها، كذلك حين دوران الجسم أثناء النوم فهي لا تسمح للرأس بأن يأخذ شكله الجديد فيها. ويفضل استخدام الوسادة المصنوعة من مواد طبيعية مثل القطن أو أي مواد أخرى بالشروط السالفة.
شكل 32: وضع خاطئ، لا تنم على أكثر من وسادة.
ولزيادة دعم العنق يحبذ استخدام وسادة العنق، وهي بِلَفِ فوطة (شكل 33) بحيث يصبح قطرها في حدود 8 سنتيمتر ووضعها في أحد أطراف الوسادة من الأعلى، بين الوسادة وغطائها (شكل 34)، وتشبيك الفوطة بمشبك في الوسادة.
شكل 33: وسادة العنق.
شكل 34: وسادة العنق داخل الوسادة.