التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

مشكلة العناد لدى الأطفال: طرق التعامل مع الطفل العنيد

يعتبر العناد من اضطرابات السلوك الشائعة لدى الأطفال، حيث يمر معظمهم بها خلال تدرجهم في النمو، وقد يستمر هذا النوع من السلوك لدى بعض الأطفال ليصبح عادة مترسخة لديهم، وهنا قد يتحول الأمر إلى مشكلة تحتاج إلى تدخل أخصائي نفسي لمساعدة الوالدين على التعامل معها وعلاجها.

فالعناد قد يعد صفة طبيعية يعبر بها الطفل عن ذاته واستقلاليته، ويبدأ في الظهور في نهاية العام الثاني وبداية العام الثالث من عمر الطفل وذلك نتيجة إدراكه انفصاله عن الأم، وإحساسه بذاته وميله للاستقلالية. وقد يصبح العناد مشكلة لو تعاملت معه كمرب بطريقة سلبية واعتبرته تحد واستفزاز لك.

الطفل العنيد يصر على التصرف بالطريقة التي تحلو له، رافضاً تنفيذ ما يؤمر به. مثلاً، يصر على أن تشتري له أمه لعبة ما، أو يرفض أن يرتدي معطفه.. وغالباً يكون هذا التصرف الخاطئ أو غير المرغوب فيه، تعبيراً عن الرفض تجاه من يأمره ورغبة في إثبات ذاته.

يتحول العناد الطبيعي غالباً إلى مشكلة حقيقية بسبب رد فعلك تجاه سلوكيات طفلك المعبرة عن العناد، فبقدر إصرارك عليه ليقوم بتنفيذ أوامرك، بقدر إصراره هو على التمسك برأيه وتنفيذ ما يرغب فيه، وقد يستسلم مكتسباً بعض الصفات السلبية كالخوف والانطواء. فللعناد جانب إيجابي إذا عرفت كيف تتعامل معه واعترفت بحق طفلك في المعارضة، فالعناد قد يحمل في مضمونه صفات القيادة والإبداع. فالتعامل بقسوة مع عناد الطفل ليرضخ دون فهم الأسباب والدوافع، هو ما يحول الأمر إلى مشكلة معقدة.

يختلف العناد في درجته وشدته من طفل لآخر حسب تركيبته الشخصية. لذلك قد يحتار المربي في كيفية التصرف مع طفله المعاند، هل يضربه أويهدده؟ أم هل يتساهل معه ويتركه يفعل ما يريد؟.. في الحقيقة غالباً ما يكون الآباء والأمهات هم المسؤولون عن تحويل الأمر إلى مشكلة وتضخيمها. وبصفة عامة يميل الأطفال الصغار للعناد من أجل لفت نظر والديهم إليهم طلباً للاهتمام والحب.

أهم أسباب استمرار سلوكيات العناد لدى الطفل

– يلعب العامل الوراثي دوراً في تحول سلوكيات العناد لدى الطفل إلى صفة دائمة نسبياً، فإذا كان أحد الوالدين يتصف بالعناد فإن انتقال هذه الصفة إلى بعض الأبناء يصبح أكثر احتمالاً.

– تلعب طريقة تعاملك الخاطئة مع سلوكيات طفلك العنيدة دوراً أساسياً في استمرار تلك السلوكيات. فعندما تستعمل أسلوب الصراخ والضرب والتهديد لإجبار طفلك على الإذعان لطلبك، والتنازل عما يرغب فيه. فإن الموقف يتحول إلى معركة، الكل فيها خاسر حيث يصبح الطفل أكثر ميلاً للعناد نظراً لشعوره بالإحباط والخوف.

– هدف الطفل هو الحصول على حبك واهتمامك. فعندما تركز انتباهك على سلوكيات طفلك العنيدة باللوم والأوامر والتوبيخ، وتتجاهل سلوكياته الإيجابية، قد يزداد عناداً ليلفت نظرك إليه.

– التساهل المفرط تجاه سلوكيات طفلك العنيدة بتلبية جميع طلباته، رغبة منك في تحاشي صراخه وإصراره، يجعل تلك السلوكيات أكثر حدة، وتصبح أسلوبه الناجح لتحقيق جميع رغباته.

– عندما يتحول اهتمامك عن طفلك بسبب قدوم مولود جديد، أو انشغالك عنه لأسباب أخرى. في مثل هذه الحالات قد يشعر بعدم تقبلك له، فيسوء طبعه ويزداد عناده.

– القواعد الصارمة وغير المرنة التي لا تراعي احتياجات الطفل، قد تجعله أكثر ميلاً للعناد.

– الاهتمام المبالغ برغبات الطفل واحتياجاته، والتدخل المستمر في نشاطه بالتعليق والأوامر، دون ترك مساحة ليمارس فيها نشاطه بمفرده بعيداً عن تدخلك، قد يجعله يميل للتذمر والعناد.

بعد أن بينت الأسباب التي تجعل الطفل أكثر ميلاً للعناد، سأوضح طرقاً للتعامل مع الطفل العنيد لمعالجته وإظهار الجوانب الإيجابية فيه.

أهم الطرق للتعامل مع الطفل العنيد

– إياك أن تفقد أعصابك في مواقف عناد طفلك، لأنك ستسيء له دون أن يتخلى عن عناده. فللصراخ والضرب والتحدي نتائج سلبية تؤدي إلى انكسار الطفل وتحطيم ثقته بنفسه، ومن الأهمية استعمال الحكمة والصبر معه.

– امنح الطفل العنيد خيارات قدر المستطاع ليشعر باستقلاليته وبقدرته على اتخاذ القرار، على سبيل المثال: هل تفضل أن تشرب عصير البرتقال أم عصير الموز؟ وبعد أن يختار اشكره بقولك: «شكراً» أو «اختيارك جيد». وإذا عرض عليك اختياراً ثالثاً اقبله إن كان ممكناً، وإن لم يكن ممكناً أعد خياراتك عليه مرة أخرى. إذا تحداك طفلك ولم يرغب في خياراتك، كرر ما قلته له من خيارات، وإذا استمر في رفضه، قل له: أنا سأختار نيابة عنك، وفي نفس الوقت حافظ على هدوئك وحيادك، واثني عليه إن وافق. إن غضب وأصرعلى عناده تجاهله إلى أن يهدأ وقدم له الخيارات مرة أخرى. إن رفض مرة أخرى استخدم وسائل وضع الحدود التي سبق ذكرها.

– اثن على سلوكيات «الطفل العنيد» الإيجابية الدالة على تعاونه، ورغبته في المطاوعة. وتجاهل أحياناً عناده إن لم يكن مضراً.

– عندما ترفض طلباً للطفل العنيد، حاول أن توضح له الأسباب التي جعلتك ترفض طلبه بطريقة قريبة لفهمه، خاصة عندما يكون رفضك لطلبه فيه حرمان له من رغبة ما، وأنه يمكنه استبدال طلبه بآخر تتفقان عليه.

– لا تنعت الطفل العنيد بالعناد، كي لا تعزز وجود هذه الصفة فيه. ولا تقارنه بأطفال آخرين لا يحملون هذه الصفة، كي لا تزعزع ثقته بنفسه.

– أشعره بالحب والحنان، فهو يحتاج منك إلى التقدير والتعبير العاطفي.

– امنح طفلك العنيد الفرصة ليعبر عن شعوره ومطالبه، ويبدي رأيه.

– لا تبدي قلقك من هذه الظاهرة، كي لا تتحول إلى مشكلة معقدة.

– أفهم طفلك العنيد أن الأم والأب هما صاحبا السلطة في تربية الأبناء، والكلمة الأولى والأخيرة لهما.

– لا تتوقع من طفلك العنيد التغير السريع، فلا بد لك من تبني سياسة النفس الطويل، مراعياً في ذلك الجانب الإيجابي للعناد كالميل للقيادة والإبداع.

– ركز على النواحي الإيجابية التي قد يتمتع بها الطفل العنيد، كالميل للتعاون والإنجاز.

– تجنب المواجهة المباشرة مع طفلك في مواقف العناد، وأجل الحديث معه إلى أن يهدأ كي لا تفقد أعصابك وتقوم بتصرفات تندم عليها فيما بعد.

– يمكنك في بعض الأحيان تدعيم الجانب الإيجابي لعناد طفلك، كقولك له: أراك مصمماً على تناول البطاطا المقلية كل يوم، إنني أحب هذا.

– عندما ترفض طلباً لطفلك العنيد فيحبط، تقبل شعوره بإظهار اهتمامك به، كقولك له: إنني حزين لأنك لم تستطع مشاهدة البرنامج الذي تحبه فقد حان موعد نومك. فالطفل يمكنه تقبل الإحباط عندما يشعر بتقدير والديه له.

تأليف: د. فاطمة الكتاني