تحدثنا في العدد السابق عن اضطراب فرط النشاط الزائد وقلة التركيز عند الأطفال
والكبار، وتحدثنا عن الأعراض والتشخيص، في هذا العدد نتحدث عن مآل الاضطراب وعلاجه.
الخصائص التي تحدد مآل الاضطراب:
1 – هناك خصائص فردية عند الأطفال تساعد على تحديد مآل الاضطراب، مثل مستوى الذكاء،
فكلما كان الطفل أكثر ذكاً، فهذا يعني أن التحسن مع الزمن أفضل من الأطفال الذين
مستوى ذكائهم متدن.
2 – شدة الأعراض: فكلما كانت الأعراض الشديدة، فالتحسن أقل، حيث إن هناك تناسباً
طردياً بين شدة الأعراض والتحسن، فاذا كانت الأعراض بسيطة وخفيفة فإن التحسن يكون
أفضل مع مرور السنوات، وفي الكبر.
3 – الاضطرابات النفسية المصاحبة للاضطراب، فكلما كانت هناك اضطرابات نفسية وعقلية
مصاحبة لهذا الاضطراب بصورة أشد، فهذا يعني أن التحسن لن يكون بصورة جيدة، بل على
العكس، فإن الاضطراب قد يسوء، وكذلك الاضطرابات النفسية والعقلية سوف تصبح أشد،
لذلك كلما كان هناك اضطراب عقلي شديد مثل أعراض ذهنية فإن مصير ومآل الاضطراب يصبح
أسوأ.
4 – الوضع العائلي والأسري للطفل: فكلما كانت هناك اضطرابات نفسية أو عقلية في
العائلة أو كان أحد الوالدين مصاباً بهذا الاضطراب، فإن المآل يكون اسوأ منه مقارنة
بحالة الأطفال الذين عائلاتهم تخلو من الاضطرابات العقلية والنفسية، وكذلك لا يوجد
تاريخ مرصي لهذا الاضطراب في العائلة، كذلك اذا كان وضع العائلة مستقرا ولا توجد
مشاكل عائلية فإن هذا يساعد على تحسن مآل المرض، خاصة اذا كانت العائلة تعي مشكلة
الطفل وتحاول أن تساعد في إيجاد حل لمشكلة الطفل، ومحاولة تخفيف الاعراض التي يمكن
تخفيفها عن طريق المساعدة في العلاج السلوكي للطفل، ومحاولة وضع نظام في المنزل
يساعد الطفل على التخلص من بعض من سلوكياته التي يستطيع أن يتخلص منها الطفل
بمساعدة الوالدين وأفراد العائلة.
5 – العلاج: وهذا أمر مهم جداً في حالة الطفل المصاب بهذا الاضطراب، فنوعية العلاج
ومدته والمتابعة الجيدة مع الفريق الطبي المعالج يساعد مساعدة جادة في تحسين حالة
الطفل، وكذلك الحرص من الأهل على العلاج ومتابعة علاجه بجدية فكل هذه الأمور
المتعلقة بالعلاج تساعد بشكل جيد جدا على حسن المآل للاضطراب مع مرور السنوات.
6 – اذا اجتمعت العوامل السلبية في حياة الطفل، مثل عدم انتباه العائلة وكذلك وجود
اضطرابات عقلية أو نفسية في العائلة وكذلك عدم متابعة العلاج بصورة دقيقة وكذلك
انخفاض مستوى الذكاء عند الطفل فكل هذه الأمور تلعب دورا سلبيا في تحسن الطفل،
ويصبح مآل الاضطراب سلبيا، حيث لا يحدث تحسن يذكر على حالة الطفل، بل يزداد الأمر
سوء مع مرور السنوات ويصبح الطفل يعاني من هذا الاضطراب المزعج والمؤلم للطفل
ولوالديه ولجميع من يحيط به.تشخيص الاضطراب أقل كثيرا مما هو في الواقع، حيث تشير
الدراسات على أن واحدا بين كل ثلاثة اشخاص يعانون من هذا الاضطراب الذي يتم تشخيصه،
بينما الباقون لا يتم تشخيصهم ولا يحصلون على أي مساعدة من أي نوع، وكذلك فان اثنين
من كل ثلاثة أشخاص يعانون من هذا الاضطراب لا يتم تشخيصهم ابدا وكذلك لا يتم علاجهم
أو مساعدتهم اطلاقاً.
– هذا الأمر غاية في الأهمية، فعدم تشخيص الأطفال أو الكبار الذين يعانون من هذا
الاضطراب لا يتم بصورة جيدة، فكما ذكرت الدراسات بأن فقط واحد بين كل ثلاثة أشخاص
ممن يعانون من هذا الاضطراب يتم تشخيصه وعلاجه، بينما الباقون لا يتم تشخيصهم ولا
علاجهم، وهذا يعني بأن هناك الكثيرين ممن يعانون من هذا الاضطراب لا أحد يعرف عن
مرضهم أي شيء.. وهذا الأمر في الولايات المتحدة الامريكية، حيث أجريت الدراسات التي
أعطتنا هذه المعلومات، واعتقد بأن الأمر أكثر سوءاً في دول العالم الثالث، حيث نقص
المتخصصين في الطب النفسي للأطفال، وكذلك عدم وجود وعي بهذا الاضطراب بين العاملين
في حقل الصحة النفسية بوجه عام، مما يقود إلى أن الكثيرين ممن يعانون من هذا
الاضطراب في دولنا العربية لا يحصلون على أية مساعدة أو علاج، هذا الأمر ينعكس على
كثير من العائلات التي يوجد بها أطفال أو كبار بالغون يعانون من هذا الاضطراب، حيث
يكون سلوكهم غير طبيعي، ويظن الكثيرون بأن هؤلاء الأشخاص هم سيئون ولا يفكر احد
بأنهم ربما يعانون من مرض مثل هذا الاضطراب، خاصة اذا علمنا بأن نسبته ليست قليلة
بين عامة الناس، فنسبة حدوثه بين الأطفال الذين في سن الدراسة بين 3 إلى 7٪ وهذه
نسبة عالية بكل المقاييس، فبين كل مائة طفل يوجد ما بين ثلاثة إلى سبعة أطفال
يعانون من هذا الاضطراب الذي يهدد مستقبل الطفل، وربما يقود إلى اعاقته في حياته
المستقبلية، بكل الأعراض التي ذكرناها عند الشخص البالغ الذي يعاني من هذا الاضطراب
وكيف يؤثر على علاقته بالآخرين، وكيف لا يستطيع تكوين علاقات سوية، ولا أن ينتظم في
عمل بشكل جيد ولا يستطيع التعامل مع من يعملون معه بصورة جيدة، وكذلك تقلب المزاج
الذي قد يوقعه في مشاكل وكذلك الاندفاعية والتهور في سلوكياته التي قد تجعله عرضة
لمشاكل قانونية..!