استشارة طبية: “إن والديّ يعيشان بالقرب منا ویریان ابنتي عدة مرات في الأسبوع، وحين يريانها يقدمان عليها بالحلوى ويستسلمان لكل رغباتها، إنني أحبهما، ولكن لا أحب طريقة تدليهما لها”.
إن الأجداد يملكون أفضل ما في الدنيا: فبإمكانهم الاستمتاع ببهجة تدليل الطفلة وإطلاق العنان لرغباتهما دون الاضطرار لمواجهة مأساة التعايش مع العواقب الناجمة عن ذلك، بإمكانهم إبقاؤها مستيقظة خلال وقت إغفائها حتى يتسنى لهما مزيد من الوقت للعب معها، ولكنهم غير مضطرين للتعامل مع القلق الذي يصيبها فيما بعد.
هل تدليل الأجداد لأحفادهم حق غير قابل للنقض؟
إلى حد ما. فلقد أدوا ما عليهم من واجبات في تحمل أعبائك أثناء طفولتك، وفطامك من زجاجة إرضاعك المحببة إليك، وتملقك لتناول السبانخ التي كنت تكرهينها، والنزاع معك على مواعيد النوم. والآن وقد جاء دورك لتحمل العبء، واستحقوا هم تولى مهمة التدليل السهلة. وبينما تقل المخاوف بشأن التدليل في العام الأول عما ستكون عليه فيما بعد، فإن وضع بعض الإرشادات المعقولة من الآن (يتفق عليها الجميع كما نأمل) يعد فكرة جيدة:
● يمكن إعطاء نطاق حرية أوسع للأجداد الذين يعيشون بعيدا عنك، فالجدان اللذان لم يعتادا تدليل الطفلة بشكل شخصي إلا نادرا. حيث لا يريان طفلتك إلا مرتين أو ثلاث مرات في السنة، أو في الإجازات، أو في المناسبات الخاصة. لا يستطيعان تدليل طفلتك ولكن لابد من إعطائهما كل فرصة ممكنة لخوض المحاولة، فإذا أغفلت طفلتك إحدى غفواتها النهارية أو ظلت مستيقظة بعد ميعاد نومها ليلا حين يكون والداك في زيارة لمدة يومين لحضور إحدى المناسبات، أو إذا كانت تحمل أكثر بكثير مما تفضلين أثناء زيارتك لهما في الإجازات، لا تقلقي. دعيها (ودعيهم) تستمتع بتلك المعاملة الخاصة، وتأكدي من أن ابنتك سرعان ما ستعود إلى روتينها الطبيعي مع انتهاء الزيارة.
● إن الأجداد الذين يعيشون بالقرب من روما لابد أن يفعلوا كما يفعل الرومان – لمعظم الوقت. فمن الممكن للجدّين اللذين يعيشان في نفس المدينة، وخاصة اللذين يعيشان في نفس المنزل، أن يبالغا في التدليل، لتصبح الحياة شاقة لا على الأبوين فقط، ولكن على الطفل أيضا، فالإشارات المختلطة، مثل اتفاق الأب والأم على حمل الطفلة مع كل أنين صادر منها، وقيام الجد والجدة بالعكس. يؤدي إلى تنشئة طفلة مضطربة وتعيسة، على الجانب الآخر، سوف تتعلم الطفلة أن القواعد الأساسية يمكن أن تختلف باختلاف المكان، فيمكنها مثلا أن تفتت الطعام على المائدة في منزل الجدة، ولكن لا تستطيع ذلك في المنزل، لذا فحتى الأجداد الذين يعيشون على مقربة منك يحتاجون للسماح لهم ببعض الحرية. في جوانب لها عواقب أقل.
● هناك قواعد أبوية معينة لابد ألا تنتهك. فبما أن الأبوين هما من يعيشان مع طفلهما على أساس يومي، فلابد أن يكونا هما من يقومان بوضع القوانين المتعلقة بالأمور الأهم والأخطر والأجداد، سواء يعيشون بعيدا أو بالقرب منهما، هم من عليهم الالتزام بتلك القوانين حتى إذا كانوا غير متفقين معهما بشأنها. قد يكون موعد النوم هو موضع الخلاف في إحدى الأسر؛ وقد يكون الأطعمة السكرية والمأكولات الجاهزة الضارة في أسرة أخرى؛ وقد يكون كم الوقت المسموح للأطفال قضاؤه في مشاهدة التلفاز في أسرة أخرى (قد لا يمثل مشكلة مع طفل في الشهر السادس أو السابع من عمره، ولكنه سيدخل الصورة في أقرب وقت). وبالطبع إذا كان الوالدان يرغبان في اتخاذ موقف صارم تجاه كل موضوع، فلابد إذن من السماح للأجداد بالتفاوض من وقت إلى آخر.
● هناك حقوق معينة للأجداد لا يجب أن تنتهك. هناك مثلا حق تقديم هدايا قد لا تكون من اختيار الأبوين – إما لارتفاع ثمنها بشكل بالغ، أو لتفاهتها، أو كونها عديمة الذوق في رأي الوالدين. وكذلك تقديم هدايا أكثر مما قد يقدمها الأب والأم. (وإن كان لابد من حظر الهدايا غير الآمنة، والتفاوض بشأن الهدايا التي تنتهك القيم الأبوية قبل شرائها). وبشكل عام، يحق للأجداد منح أحفادهم قدرا أكبر قليلا من كل شيء. الحب، الوقت، الأشياء المادية. ولكن لا يجب أن يصل التدليل إلى حد انتهاك القواعد الأبوية بشكل دائم.
● إذا بالغ الأجداد في تجاوز حدودهم العادلة، أو إذا تجاهلوا أو استهانوا بجميع القواعد التي وضعتها بتأن وتحاولين اتباعها دوما بشكل صحيح، فقد حان الوقت لفتح حوار صادق وصريح. اجعلي الجدال يسير على مستوى ودود ودعابي، اشرحي لهما إلى أي مدى ترغبين أن يقضوا وقتا مع طفلتك (حتى إن سبق لك شرح ذلك)، ولكن انتهاكهم للقواعد التي قمت بتأسيسها يربكها ويفسد جدولها ويفسد توازن الأسرة. أخبريهم بأنك على استعداد لأن تكوني مرنة في أمور معينة، ولكنهم سيضطرون للخضوع للقواعد الموضوعة على الأمور الأخرى. ذكريهم بأنهم حين كانوا يربونك كانوا يضعون قواعدهم الخاصة بهم، وقد جاء دورك الآن لاتباع نفس الطريق. إذا لم يؤت كل ذلك أي نفع، فاتركي هذا الكتاب، وتحولي إلى مصدر آخر لا يمكنهم تجاهله يتحدث عن تدليل الأجداد للطفل.
● إذا تمركزت أي من اختلافاتكم على أمور حياة أو موت (أن يرفض والدك استخدام مقعد السيارة عند التجول في الضواحي، أو تدخن حماتك بينما تحمل طفلتك بين ذراعيها)، شددي على خطورة المشكلة موضحة المخاطر والعواقب الصحية المحتملة لتصرفاتهم باستخدام هذا الكتاب ومصادر أخرى لإضفاء مزيد من الإقناع والموضوعية على قضيتك. فإذا ظلوا لا يرون الأمور كما ترينها، أعلني قانونك (لا رحلات في السيارة معهم بدون استخدام مقعد سيارة، لا تدخين في وجود الطفلة).