الذعر الليلي
كثيرا ما نرى طفلا في الثالثة أو الرابعة ينهض جالسا في الفراش وعيناه متسعتان وهو يبكي أو يتحدث بشكل فيه كثير من الارتباك، وعندما يذهب أبواه لتهدئته يقاومهما ويبكي بصوت أعلى، وبعد عشر أو عشرين دقيقة يهدأ، وفي الصباح لا يستطيع الطفل أن يتذكر ما حدث. حوادث الذعر الليلي غالبا ما تحدث في النصف الأول من الليل؛ وهو الوقت الذي تكون معظم فترات النوم العميق فيه، ويبدو أن السبب في ذلك هو عدم نضج المخ، ولكن معظم الأطفال يتغلبون عليها بحلول الخامسة أو السادسة من العمر، وهي لا تشكل مصدرا للخطورة؛ ولكنها تكون مزعجة للأبوين. وفي بعض الأحيان يحرك التوتر هذه الحوادث؛ مثل أن يكون الطفل قد انتقل –مثلا- إلى فصل جديد في مدرسته. دائما ما يساعد التخلص من مسببات التوتر الشديد -إن أمكن- في حل هذه المشكلة، وفي بعض الحالات الشديدة قد تساعد الأدوية في حل المشكلة أيضا.
المشي والتحدث أثناء النوم
هاتان المشكلتان تتشابهان كثيرا مع الذعر الليلي، فهما تبدآن عندما يكون الطفل في مرحلة النوم العميق، ولا يتذكرهما الطفل عندما يستيقظ، وهما لا تمثلان -في حد ذاتهما- مصدرا للخطورة، ولكن المشي أثناء النوم قد يؤدي إلى حدوث إصابات إذا تعثر الطفل في شيء ما، أو سقط من فوق السلم. حواجز الأمان أو حتى وضع قفل على باب غرفة الطفل قد يكونان كل ما يتطلبه الأمر للحفاظ على سلامة الطفل، ونادرا ما يحتاج الطفل إلى تناول الأدوية أو يستفيد منها.
الأرق
صعوبة الاستغراق في النوم:
غالبا ما يقاوم الأطفال الصغار النوم؛ لأنه من الصعب أن يودعوا كل الأشياء الممتعة التي يقومون بها، أو لأنهم لا يحبون أن ينفصلوا عن أبويهم عندما يحين وقت النوم، أما بالنسبة للأطفال الأكبر سنا والمراهقين فأكثر أسباب الأرق شيوعا هو وجود جهاز تليفزيون في حجرة النوم. قد يبدو في البداية أن التليفزيون يجعل من الخلود إلى النوم عملية أسهل، ولكن سريعا ما تتحول مشاهدة التليفزيون قبل النوم إلى عادة يصعب الإقلاع عنها، فبدلا من أن يسترخي الطفل ليخلد إلى نوم يحصل منه على الراحة يبقى مستيقظا حتى يعجز –ببساطة- عن أن يبقي عينيه مفتوحتين، وهي مرحلة تعدو مرحلة الإرهاق الطبيعي بكثير.
وأفضل علاج لهذه المشكلة هو الإبقاء على وجود جهاز التليفزيون خارج حجرة النوم، أو وضعه خارج الحجرة إذا كانت تحتوي بالفعل على واحد. بالطبع سيغضب الطفل كثيرا، ولكن لا مجال للتهاون أو الاستسلام. ولكي نساعد الطفل على التخلص من اعتماده على مشاهدة التليفزيون قبل النوم يمكنك أن تجرب أن تقرأ له بصوت عالٍ، أو تستخدم الكتب المسجلة، فبإمكان الطفل أن يستمع إليها وهو مغمض العينين، ويخلد إلى النوم أثناء استماعه للحكايات أو القصائد المألوفة بالنسبة له.
وبالنسبة للمواد الدوائية فهي إما لا تعمل بشكل فعال في تحفيز النوم لدى الأطفال أو يمتد تأثيرها فقط لفترة مؤقتة. قد يصف الأطباء الأدوية لعلاج الأرق الناتج عن حالات مرضية أخرى؛ مثل اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه.
الاستيقاظ في منتصف الليل
الأطفال الذين يستيقظون في منتصف الليل ويعجزون عن العودة إلى النوم مرة أخرى يعانون من شكل آخر من أشكال الأرق. بالنسبة للأطفال الصغار غالبا ما يشكل هذا الأمر نوعا من الاعتياد. أما بالنسبة للأطفال الأكبر سنا فقد يؤثر الاكتئاب على النوم، وربما يكون الأمر راجعا إلى الحالات الطبية المزمنة؛ مثل أنواع الحساسية المختلفة. وقد يكون الطفل يعاني من متلازمة تململ الساقين التي تؤدي إلى آلام بالساقين، وانعدام القدرة على النوم، وهناك عدد قليل من الأطفال يستيقظون في منتصف الليل وتكون لديهم رغبة قهرية في تناول الطعام.
ماذا يمكننا أن نفعل؟ ابحث عن المصادر المسببة للتوتر خلال فترة النهار؛ لأنها غالبا ما تؤثر على قدرة الطفل على الخلود إلى النوم أو البقاء نائما، قد يكون السبب وراء ذلك سببا خطيرا؛ مثل التعرض لنوع من أنواع التنمر والمضايقات في المدرسة، أو سببا بريئا؛ مثل الرغبة في مصادقة طفل آخر لا يود أن يدخل في صداقة مع طفلك، حاول أن تقلل من هذا التوتر إذا أمكنك ذلك، ويجب الالتزام بروتين ثابت قبل النوم: أطفئ التليفزيون قبل النوم بساعة أو ساعتين، وحمم طفلك، وساعده على ارتداء ملابس النوم، ودعه يغسل أسنانه، ثم قص عليه حكاية، وقم بتلاوة الأدعية الخاصة بالنوم إذا كان ذلك جزءا من تقاليد أسرتك، ثم أعطه قبلة ودعه ينام. وعليك أيضا أن تجنب طفلك رؤية المشاهد التليفزيونية المزعجة، سواء كان مصدرها البرامج المرعبة، أو البرامج الكرتونية، أو نشرات الأخبار، وحاول أيضا أن تجعل طفلك ينعم بأمسيات هادئة في المنزل، وإذا لم تفلح هذه الطرق المنطقية في حل المشكلة فعلى الطبيب الذي يتابع الطفل أن يتأكد من عدم وجود أسباب طبية لها.
النوم من الشهر الرابع وحتى الثاني عشر
عادات أوقات النوم
للكثير منا عادات يحب اتباعها وقت النوم، فنفضل وضع الوسادة على نحو ملائم أسفل رؤوسنا، وفرش الأغطية بطريقة معينة. وكذلك الأطفال؛ فإذا تعلموا النوم محمولين على يد أمهاتهم أو آبائهم، فستكون تلك هي الطريقة الوحيدة التي يستطيعون الغفو بها. وبعد ذلك، عندما يستيقظون في منتصف الليل، سيتوجب على الأب أو الأم الاستيقاظ مثلهم.
من ناحية أخرى، إذا تعلم وليدك النوم راقدا في سريره بمفرده، فسوف يستطيع فعل ذلك بنفسه في منتصف الليل، (ويمكنك وقتها الاستمرار في نومك). ولذا، حين يكمل طفلك ثلاثة أشهر أو أربعة، حاولي وضعه في سريره عندما يكون مستيقظا، ودعيه يتعلم تنويم نفسه بنفسه. وربما تسمعينه مستيقظا في منتصف الليل (وكل الأطفال يفعلون ذلك)، ولكنه لن يبكي حتى تستيقظي وتنهضي لتأرجحيه؛ سيخلد إلى النوم بمفرده. لمعرفة المزيد عن الأطفال الذين يرفضون الخلود إلى النوم. الاستيقاظ مبكرا من النوم: يفضل بعض الآباء الاستيقاظ مع شروق الشمس والاستمتاع بالصباح الباكر مع أبنائهم. ولكن إن كنت تفضلين النوم في هذا الوقت من اليوم، فإن بإمكانك -على الأرجح- تدريب طفلك على النوم حتى ساعة متأخرة، أو الاستمتاع بوقته في الفراش في الفترة الصباحية. ففي النصف الأول من العام الأول، يكون معظم الأطفال مستعدين للنوم حتى وقت متأخر عن فترة الصباح الباكر التي يصعب الاستيقاظ فيها؛ بين الخامسة والسادسة صباحا. ومع ذلك، اعتاد معظم الآباء الاستماع إلى أبنائهم في نومهم، ثم القفز من الفراش لدى سماع أولى تمتماتهم؛ حتى لا يعطوهم الفرصة للعودة إلى النوم مرة أخرى. ونتيجة لذلك، يجد الآباء أنفسهم مستمرين في النهوض من الفراش قبل السابعة صباحا، عندما يكون الطفل في الثانية أو الثالثة من العمر. والطفل المعتاد على الصحبة في فترة مبكرة من الصباح لفترة طويلة سيطالب بالصحبة نفسها لدى الكبر.
حقائب النوم الخاصة بالأطفال والأفرولات: في الشهر السادس، عندما يبدأ الرضع في التحرك قليلا في أسرتهم، يجد معظم الآباء أنه من العملي وضعهم في حقائب النوم أو الافرولات أثناء النوم، بدلا من وضع الأغطية عليهم؛ (لأنهم يحبون للخارج من أسفل الأغطية). وتأتي الحقائب على شكل ملابس نوم طويلة تغطي الأقدام، ولها أكمام. ويمكن توسيع أنواع كثيرة منها من حيث الطول والعرض عند الأكتاف؛ حتى تناسب الطفل عندما يكبر. أما الأفرولات، فهي عبارة عن رداء سروالي أو بدلة دافئة، وبيد أنها قطعة واحدة فإن كل ساق وقدم في جزء مخصص بها. (وربما تبطن منطقة أسفل القدم بمادة متينة مانعة للانزلاق) وأكثر أنواع الأفرولات المناسبة هو ذلك الذي تنغلق سحابته من أعلى عند الرقبة إلى أسفل عند القدم. ولكن يجب تفحص الجزء الداخلي الخاص بالقدم باستمرار؛ إذ يمكن أن تتجمع فيه الخيوط التي ربما تلتف حول أصابع قدم الطفل وتسبب له الألم.
إذا كان الرضيع أو الطفل سينام في غرفة دافئة، أي يمكنك النوم فيها مع شعورك بالراحة لدى ارتدائك قميصا قطنيا أو التغطية بغطاء قطني، فإن حقيبة الطفل أو الأفرول يجب ألا يكون أكثر دفئا من الغطاء القطني. أما إذا كانت الغرفة باردة، أي يحتاج الشخص البالغ فيها إلى بطانية من الصوف الجيد أو الأكريليك، فإن طفلك سيحتاج إلى حقيبة نوم أو أفرول أثقل إلى جانب البطانية.
التغيرات في النوم: عند سن أربعة أشهر تقريبا، ينام معظم الأطفال ليلا بصفة أساسية، وربما يستيقظون مرة أو مرتين، مع الحصول على غفوتين أو ثلاث خلال اليوم. وبالقرب من انتهاء العام الأول، تقل فترات الغفوة عند معظم الأطفال إلى مرتين خلال اليوم. وتختلف فترات النوم الإجمالية من طفل لآخر؛ فبينما ينام بعضهم ساعات قليلة تبلغ عشر ساعات أو إحدى عشرة ساعة إجمالية، فإن آخرين ينامون كثيرا حتى خمس عشرة أو ست عشرة ساعة يوميا. وتدريجيا، يقل وقت النوم الإجمالي خلال العام الأول.
بعد تسعة أشهر تقريبا، يبدأ الكثير من الأطفال الذين كانوا ينامون كثيرا في الاستيقاظ في منتصف الليل، وطلب الاهتمام من الآخرين. ويحدث هذا التغير في الوقت نفسه تقريبا الذي يبدأ فيه الأطفال في اكتشاف أن شيئا ما أو إحدى لعبهم ما زالت موجودة حتى ولو كانت متوارية أسفل الملابس. ويطلق علماء النفس على هذا التقدم الفكري مصطلح «ديمومة الشيء». ومن وجهة نظر الطفل، يعني المصطلح أن غياب الشيء عن العين لم يعد يشير إلى غيابه عن الذهن. (سوف تعرفين أن طفلك يشهد هذا التقدم عندما لا تستطيعين أخذ الأشياء منه بسهولة كسابق عهدك: سوف تخبئينها وراء ظهرك، لكن طفلك سيواصل اللحاق بها؛ للحصول عليها).
يحدث الشيء نفسه في منتصف الليل؛ فعندما يستيقظ طفلك ويجد نفسه وحيدا، فهو يعرف أنك بالجوار، حتى ولو لم يرك، ولذا يبكي مفتقدا الصحبة. وأحيانا توجيهه إلى النوم بسهولة سيكون كافيا لاسترداد شعوره بالسكينة؛ وفي أحيان أخرى ربما يتوجب عليك الذهاب بنفسك إليه وحمله؛ لطمأنته أنك فعلا بالجوار. وإن وضعته في فراشه مرة أخرى قبل أن ينام بالكامل، تتاح أمامه الفرصة لتجربة الخلود إلى النوم بنفسه.
اضطرابات النوم
يواجه الكثير من الأطفال مشكلات في الخلود إلى النوم أو البقاء نائمين. وهذه الاضطرابات تبدأ غالبا مع إصابتهم بمرض بسيط، مثل نزلة برد أو عدوى في الأذن، إلا أنها قد تستمر فترة طويلة بعد الشفاء من العدوى. والخطوة الأولى للتغلب على ذلك تكمن في استرجاع عادة الطفل المتعلقة بالنوم في فراشه، مع وجود الأب أو الأم في البداية، ثم بمفردهم تدريجيا مع الوقت. ومن الأشياء التي تقدم قدرا كبيرا من المساعدة لإعادة تأهيلهم على هذا النحو، اتباع بعض العادات التي تبعث على الراحة، مثل قراءة القصص والأدعية والصلوات والقبلات.
في بعض الأحيان، يجد الآباء الذين يقضون ساعات يومهم في العمل صعوبة في وضع وليدهم في الفراش مساء، فكثيرا ما أسمع أحد الأبوين يقول: «عندما أعود إلى المنزل في السابعة وتنام ابنتي في الثامنة، لا نستطيع أن نقضي أي وقت معا»، وفي هذه الحالات، أظن أن أرق الطفل ليس مشكلة بقدر ما يعتبر حلا، فهو طريقة لقضاء بعض الوقت مع الوالدين. وقد يكون تغيير الجدول اليومي للأبوين، إن أمكن، حلا أفضل.