التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

طلب المساعدة لتقليل الضغوط العامة

يتفاخر العديد منا بقدرتهم على الاعتناء بالأمور بأنفسهم. ولقد عُلمنا منذ نعومة أظفارنا أن نعتمد على أنفسنا، وأنه عندما يجب اتخاذ القرار الصحيح، يجب ألا نثق بأي شخص إلا أنفسنا. وربما نشعر بالنفور من البحث خارج أنفسنا؛ لأننا لا نثق بأن أي شخص آخر قد يقدم لنا فائدة حقيقية، ولأننا نشعر بالكثير من الفخر لقدرتنا الخاصة على التعامل مع أي شخص. ولكن، في عدد من المرات نكتم شعورنا بالفخر، ونقوم بشيء ربما نجده صعبًا: طلب المساعدة.

التحدي

يرى العديد من الناس أن طلب المساعدة علامة على الضعف، وعندما نفرط في اللجوء إلى طلب المساعدة، فإنها ربما تصبح دعامة نستخدمها عندما تكون هناك أشياء يمكننا القيام بها، ويجدر بنا القيام بها بأنفسنا. ولكن العديد منا يمرون بأوقات في حياتهم يحتاجون فيها إلى طلب المساعدة. وربما يتعلق هذا بموقف عملي أو حياتي، أو بصحتنا الانفعالية الخاصة. وربما نطلب المساعدة من زملائنا في العمل، أو أصدقائنا، أو المتخصصين. وربما لا تكون المعلومات أو المساعدة التي نحصل عليها مفيدة بالقدر الذي كنا نرجوه، سيكون من الضروري وقتها أن نقوم بتحليلها من ناحية احتمال دمجها في موقفنا، أو لا. ولكننا لن نصل أبدًا إلى هذا القرار إذا كنا غير مستعدين للتنازل من وقت لآخر وطلب المساعدة. إن معظم الناس يجدون الإطراء في أن يطلب الآخرون منهم المساعدة أو النصيحة، ويجب ألا نفترض أننا عبء عليهم، كما يجب ألا نفترض أن طلب المساعدة يعني أننا لا نستطيع التعامل مع حياتنا، ويتمثل التحدي في أن ندرك الحاجة إلى طلب المساعدة أحيانًا، وتحديد المسائل التي ربما نطلب المساعدة فيها، والبحث عن الأشخاص الذين ربما نطلب منهم المساعدة بشكل منطقي، والثقة بقدراتنا، والاستفادة من تلك المساعدة في حياتنا. إنك لا تعيش في جزيرة منعزلة، وسوف تحتاج إلى المساعدة في حياتك من وقت لآخر. وربما يكون الأمر أقل إيلامًا مما تعتقد، عندما تترك شيئًا ما وتطلب المساعدة فحسب.

الحقائق

إن طلب المساعدة مهارة يجب تعلمها. وربما تأتي بنتائج عكسية وتجعلك لا تشعر بأي إحساس جيد تجاه الطلب، إذا لم تستخدمها بشكل مناسب. وفي كثير من الأحيان، يجب عليك التأكد من قيامك بالطلب حتى يتسنى لك الحصول على المساعدة التي تحتاج إليها بالفعل، وليس ما يرى الشخص الآخر أنك تحتاج إليه. وهذا يعني أنه يجب عليك أن تفكر فيما تطلبه وأفضل طريقة لصيغة الطلب. وإذا بدا أنك لا تسمع ما تريد أن تسمعه، فعليك أن تعيد صياغة سؤالك بشكل مهذب مع تحديد طلب المساعدة بشكل أفضل؛ بحيث تحصل على ما تريد.

يعتبر طلب المساعدة من أحد معالجي الصحة العقلية المتخصصين أحد المجالات التي ربما تكون الأكثر صعوبة. إذا كانت الضغوط تؤثر عليك جسديًّا أو تسبب لك الاكتئاب، فربما قد حان الوقت لزيارة أحد المتخصصين. وربما يكون من الصعب أن تطلب المساعدة من شخص غريب، وربما يجعلك هذا تشعر بالضعف أو الخجل من أنك لا تستطيع التعامل مع المشكلة وحدك. تذكر أن الحاجة إلى المساعدة والاعتراف بالحاجة ليسا من علامات الضعف المعنوي؛ فنحن نتحمل المسئولية تجاه أنفسنا وأحبائنا في طلب المساعدة المتخصصة إذا اعتقدنا أننا في حاجة إليها. وربما تشعر بالنفور من تلقي العلاج لأنك تتساءل عما سيظنه الناس بك. في الحقيقة، ليس هذا من شأنهم لكي يعرفوه، ويجب أن يكون الأشخاص الذين تشاركهم هذه المعلومات، قادرين على فهم أهمية العلاج وما يمكن أن يفعله لك. ورغم أن ثقافتنا تعلمنا أحيانًا أن نكون أشخاصًا أقوياء، فإن هناك أوقاتًا نضطر فيها إلى طلب المساعدة. ضع في الاعتبار أنك لن تتردد في اللجوء إلى أحد المحامين طلبًا للمساعدة في الأمور القانونية، أو أحد المحاسبين للمساعدة في حساب ضرائبك. ولا تعد زيارة أحد المعالجين المتخصصين أمرًا مختلفًا عن هذا بالفعل.

إن الصمت ليس بالفكرة المثلى إذا كنت تشعر بأنك في حاجة إلى المساعدة. وهناك حقائق تدعم طلب المساعدة والعواقب السلبية لعدم القيام بذلك. وبحسب دراسة حديثة قامت بها مؤسسة “أوفيس تيم”، وهي مؤسسة رائدة في التوظيف تركز على الموظفين ذوي المهارات العالية:

–  أشارت نسبة 37% من المشاركين في الاستطلاع إلى أن عدم طلب المساعدة هو أكبر خطأ يرتكبه الموظفون في التواصل في مجال العمل.
–  أشارت نسبة 25% إلى أن عدم البقاء على اتصال بالآخرين هو أكبر الأخطاء.
–  أشارت نسبة 22% إلى أن عدم شكر الآخرين على ما قدموه من مساعدة هو أكبر الأخطاء.
–  أشارت نسبة 13% إلى تحطيم الروابط مع المستخدمين السابقين على أنه أكبر الأخطاء التي ارتكبوها في التواصل وطلب المساعدة.

الحلول

هناك مجموعة متنوعة من المصادر التي يمكنك طلب المساعدة منها، اعتمادًا على ما تحتاج إليه وما تشعر به حيال الشخص الذي تطلب منه المساعدة، وتتضمن هذه المصادر:

–  مشرفك أو رئيسك في العمل، فيما يتعلق بأعباء العمل أو التساؤل عن مشروعات معينة؛
–  أحد زملاء العمل الذي يمكنه أن يسديك النصيحة أو مساعدتك على تحمل بعض العمل في مشروع تعلق فيه؛
–  أحد الأصدقاء، فيما يتعلق بموقف في حياتك الشخصية لأي شيء بدءًا من توصيلة بالسيارة إلى موعد معين، إذا كانت وسيلة تنقّلك معطلة، إلى قرض مالي؛
–  أحد أفراد الأسرة، مثل الزوج/الزوجة، أو الوالد/الوالدة، أو أحد الأشقاء، الذين ربما يكونون قادرين على تقديم المساعدة في موقف معين يتضمن حياتك الشخصية؛
–  أحد المتخصصين، مثل طبيبك أو معالجك، إذا كنت تشعر بصعوبات في التعامل مع الأشياء التي تقع تحت سيطرتك.

قم بواجبك العقلي قبل طلب المساعدة، وضع قائمة بالأشخاص الذين تذهب إليهم لطلب المساعدة اعتمادًا على هذا الواجب, وتتضمن هذه الخطوات:

–  عدد احتياجاتك على قطعة من الورق، واذكر الكيفية التي ربما تتغير من خلالها هذه الاحتياجات مع مرور الزمن.
–  حدد الاحتياجات التي يمكنك وتريد أن تقوم بها بنفسك، واحذفها من القائمة.
–  حدد نوعية الاحتياجات التي يجب أن يقوم الآخرون بتلبيتها.
–  عدد الأشخاص الذين يمكنهم المساعدة على تلبية تلك الاحتياجات، واربطهم بالاحتياجات. وضع أيضًا مهارات هؤلاء الأشخاص الذين يمكنهم مساعدتك، وقدراتهم، وخبراتهم، ومدى إتاحتهم.
–  حدد نوعية الاحتياجات التي تجب تلبيتها من خلال مقدم رعاية صحية متخصص.

يعد العمل إحدى البيئات التي ترتفع فيها احتمالات طلبك للمساعدة، ويعني هذا أن تطلب من مشرفك أو رئيسك في العمل المساعدة بصورة متكررة. ويجب على الرئيس الجيد أن يبدي الاستعداد لتقديم المساعدة، وأن يقوم بكل ما يستطيع القيام به من أجل تلبية احتياجاتك. ولكن، لكي تسير العملية على أفضل وجه ممكن، ها هي ذي بعض القواعد البسيطة لطلب المساعدة في العمل:

–  قم بكل شيء تستطيع القيام به من أجل اجتياز المشكلة. قم بأي شيء يمكنك القيام به مع زملائك في العمل قبل أن تطلب المساعدة من المستويات الأعلى في المؤسسة.
–  اطلب المساعدة بشكل خاص بعيدًا عن العاملين الآخرين، إذا كان ذلك ممكنًا. كن كتومًا، واختر ساحتك بعناية.
–  خصص وقتًا لتقديم طلبك بشكل مسبق؛ بحيث تعرف أنك ستحظى بالانتباه المطلوب. لا تطلق طلب المساعدة على شخص ما فجأة.
–  إذا اعتقدت أنك بحاجة إلى المساعدة، فاطلبها حالما تتخذ قرارك. قد تجد من المغري أن تنتظر ريثما تقوم بحل المشكلة بنفسك، ولكن هذا قد يجعل الأمور تزداد سوءًا فحسب. لا تنتظر حتى تقدم طلبًا مذعورًا.
–  قدم الطلب الأساسي مبكرًا، ولا تَحُم حول الموضوع من أجل الحصول على المساعدة.
–  تعرف على ماهية الأمور التي ربما تحتاج إليها، وامنح الشخص الآخر بدائل يختار منها. ويمكنك دائمًا إنهاء الطلب عن طريق سؤال الشخص الآخر عما إذا كانت لديه أية أفكار أخرى، أم لا.
–  حدد المشكلة، وأخبر الشخص الآخر بالحل الذي فكرت فيه. اطلب مساعدة محددة، وكن واضحًا حيال قبولك لتنفيذ بدائل أخرى.
–  اجعل طلبك مثيرًا للاهتمام وقدمه بشكل استباقي، ولا تجعله سلبيًّا أو تقدمه بصورة مؤلمة.
–  كن مستعدًّا لقبول المساعدة التي تتلقاها، وتحدث في وقت لاحق عن كيفية عمل هذه المساعدة معك. كن إيجابيًّا في إفادتك واشكر الشخص الآخر على ما قدمه من مساعدة.