هناك مجموعة أخرى من العناصر الغذائية الدقيقة التي تتطلب الاهتمام.. هذه المجموعة مكونة من عناصر معدنية ضرورية.. وهي ضرورية لأن الجسم في حاجة إليها لأداء بعض وظائفه بشكل صحيح، وأنه لا بد من الحصول عليها من الطعام الذي نتناوله، لأن الجسم لا يستطيع أن يصنعها. تكون المعادن% 4 فقط من الوزن الكلي للجسم، وبالرغم من ذلك فأهميتها تفوق التصور.
ما هذه المعادن الضرورية؟
المعادن هي عناصر، بمعنى – كما شرحنا سابقاً – أنه لا يمكن أن تنقسم إلى مواد أصغر منها أو أبسط. وعلى خلاف الفيتامينات التي نحصل عليها من مصادر حية، فإن المعادن نحصل عليها من موارد غير حية. ولهذا السبب نطلق على المعادن المواد غير العضوية.
عادة ما يتم تناول المعادن كمركبات – (إما مع معادن أخرى أو مع مواد عضوية) – على عكس العناصر التي تؤخذ مفردة إما في الطعام أو في المكملات الغذائية. أثناء عملية الهضم تتحرر العناصر المعدنية من مركباتها، حتى يستطيع الجسم أن يمتصها، ويستعملها بداخله.
هناك مجموعتان من المعادن التي يحتاج إليها كل إنسان، أولاً، العناصر التي تؤخذ بكميات كبيرة – (المعادن الكبرية) – وثانياً، معادن تؤخذ بكميات صغيرة جداً – (المعادن الصغرية) – وتسمى أحياناً العناصر النادرة Trace Elements تعتبر المعادن الكبرية، هي المعادن الأساسية لأنها تكون الجزء الأكبر من وزن الجسم. يحتاج الجسم إلى كل من المعادن الكبرية بمقدار يزيد عن (100 مغ) يومياً في الطعام أو في المكملات الغذائية. تشمل المعادن الكبرية كلاً من الكلسيوم والمغنزيوم والكلوريد والصوديوم والفوسفور والكبريت.
المعادن الكبرية و الصغرية Macro & Micro-minerals
المعادن الكبرية هي التي يحتاج الجسم منها أكثر من (100 مغ) يومياً، في حين أن المعادن الصغرية يحتاجها الجسم بكميات أقل من ذلك.
أما المعادن الضرورية الأخرى فتشمل; الحديد والزنك والسيلينيوم والمنجنيز والكروم والكوبالت والموليبدينوم واليود والفلور والنحاس وكلها عبارة عن معادن صغرية Micro-minerals. هذه المعادن يحتاج إليها بكميات صغيرة عادة أقل من (100 مغ) يومياً. ولكن لا يعني ذلك أبداً أنها أقل أهمية بالنسبة للصحة العامة. بعض العناصر النادرة مثل السيليكون والفاناديوم لها أهمية في الصحة الحيوانية، ولكن يعتقد أن لها أهمية لصحة الإنسان أيضاً.
الأدوار المهمة والكثيرة التي تلعبها المعادن
تلعب المعادن طيفاً كبيراً من الأدوار التي تدعو إلى الإعجاب في داخل الجسم. فالكلسيوم على سبيل المثال، يلعب دوراً في تكوين وصلابة العظام والأسنان، وينظم عمل الهرمونات، ويشارك في تنظيم المقوية العضلية، وتكون الخثرة الدموية، وأعمال كثيرة أخرى.. تنظم المعادن عمليات مختلفة كثيرة في الجسم، فيُحتاج إليها لأداء وظيفة الدماغ، وتنظيم حركة السوائل في الجسم، وأداء التوازن الحمضي القاعدي، ونمو العظام، وتساعد وظيفة الإنزيمات، وتحمل الأكسجين في الدم، كما تساعد في تكوين الحموض الدهنية، وتساعد هضم البروتينات.. الخ.
بعض المعادن توجد في الجسم على شكل كهارل، أي أملاح موجودة في سوائل الجسم، وهي تساعد على التعادل الكهربائي. الكهارل Electrolyte التي تسمى هوابط cations تحمل شحنة موجبة، في حين أن الصواعد anions تحمل شحنة سالبة.. لا بد من وجود نوع من التناسب بين الهوابط والصواعد حتى يكون الجسم في حالة توازن في جميع الأوقات.
مثل الفيتامينات، اكتسبت بعض المعادن أهمية كبيرة كمضادات أكسدة قوية..، تقوم مضادات الأكسدة بمعادلة الجذور الحرة الضارة بالجسم، قبل أن تجد الفرصة لتخريب خلايا الأنسجة.. هذه ربما كانت إحدى الوسائل التي تحمي بها المعادن الجسم من الإصابة بأمراض القلب، وربما السرطان، وبعض الأمراض المتعلقة بالتقدم في السن.
تأثير أخذ المعادن على نسبة خطورة الأمراض
يؤثر تعاطي المعادن على نسبة خطورة حدوث الكثير من الأمراض وعلى مسارها.. على سبيل المثال، لقد وجد الباحثون أن عوز عنصر النحاس يساهم في ارتفاع ضغط الدم، ويساعد في حدوث الأخماج، وفقر الدم وأمراض القلب، ما يطلق عليه اللانظمية Arrhythmias. كما شبه بعض الباحثين مفعول نقص الزنك وبعض الفيتامينات بالمفعول الضار للإشعاعات، لأن نقص هذه المواد الغذائية يسبب أذية لخيوط الدنا (DNA) ويؤدي إلى أكسدة مخربة للأنسجة، وهذه بدورها تسبب الأمراض.
كما هو متوقع، فإن تناول كميات كافية من المعادن، غالباً ما تخفض نسبة الخطورة لحدوث الأمراض، واختلاطاتها. لقد وجد الكثير من الدراسات أن أخذ مكملات من الكلسيوم يقلل من خطورة حدوث تخلخل العظام، وهو مرض يصيب الملايين من الناس، ويسبب الكثير من الألم والكسور والتشوهات.
لقد بينت دراسات حديثة أن الزنك يثبط نمو الخلايا السرطانية للموثة (للبروستات)، ويبطئ من تطور المرض. وكما كان واضحاً تماماً، وبناء على كثير من الدراسات، وجد أن عنصر السيلينيوم يحمي الجسم من السرطان.. كما وجد أن بيكولينات الكروم Chromium Picolinate – وهو أحد المركبات الفعالة لعنصر الكروم – يحسن من فاعلية الإنسولين، ومن مستويات السكر في المرضى المصابين بداء السكري الكهلي.. وهو ذاك المرض الذي يتظاهر بارتفاع سكر الدم وباختلاطات تطال القلب والكلية والأعصاب.
مكملات المعادن تعوض النقص في الجسم
هناك نقص في مدخول المعادن عن طريق الطعام لدى الكثير من الناس، وربما تكون الأسباب مشابهة للأسباب التي تؤدي إلى نقص الفيتامينات في الغذاء. وهي بشكل عام نقص في أنواع الأغذية المتوازنة والمحتوية على الفيتامينات والمعادن، وربما قللت أنواع الأسمدة الحديثة المستعملة في الزراعة من محتوى المحاصيل من هذه العناصر المفيدة. ولكن الأخبار الحسنة هي أن أخذ المكملات الغذائية يمكنه أن يعوض نقصها في الغذاء.. ولكن يجب أن نؤكد أن هذه المكملات ليست بأي حال بديلاً عن الغذاء الصحي المتوازن، غير أنها تساعد في التعويض عن النقص في حال حدوثه.. وبالتالي يمكن اللجوء إلى المكملات من الفيتامينات والمعادن، كضمان غير مكلف لصحة جيدة.
في الفصول القادمة، سيتم شرح الوظائف الهامة لكل من المعادن الضرورية، وعن كل الأبحاث والدراسات الحديثة التي أثبتت قدرتها الفائقة في محاربة الأمراض، وعن الطرق التي تؤمن لك كفايتك من هذه المعادن.. إن الحديث عن المعادن موضوع شائك معقد، ولكن كلما قرأت عنها تعلمت كيف أن هذه المعادن الضرورية تساعدك على العيش، حياة ترفرف عليها الصحة والسعادة..