قرارات الرضاعة
تريدين إرضاع طفلك، وطفلك يريد الرضاعة، فكلاكما لديه غريزة قوية إلى الكيفية التي تتم بها الرضاعة بنجاح. كما أن هناك الكثير جدا من الناس أصدقاء وعائلة ووسائل إعلام وبالطبع أطباء ينصحونك بما عليك فعله. فمن المفيد الاستماع إلى الجميع، ولكن عليك في النهاية فعل ما يمليه عليك قلبك، أو ما تمليه عليك إرادتك، بأنه الخيار الأفضل. وربما يكون أهم شخص يجب عليك الاستماع إليه هو وليدك.
يعلم الرضيع الكثير عن النظام الغذائي
فهو يعلم عدد السعرات الحرارية التي يحتاجها جسمه، وما يمكن لجهازك الهضمي التعامل معه. وإن لم يحصل الرضيع على الكمية الكافية من اللبن، فسوف يبكي على الأرجح للحصول على المزيد. وإن كان يوجد في الزجاجة كمية أكبر من الكمية التي يشعر بأنه سوف يتناولها، فلسوف يتوقف عن الرضاعة على الأرجح. ثقي في وليدك. وغالبا، تتم عملية الرضاعة بنجاح أكبر عندما تتبعين الإشارات التي يرسلها طفلك: دعيه يأكل حتى الشبع عندما يشعر بالجوع، ودعيه يتوقف عن الرضاعة عندما يشعر بالشبع. وبهذه الطريقة، سوف تضيفين إلى ثقتك في نفسك، وإلى شعوره بالسعادة، وإلى حبه للناس، وسوف تغذين جسمه.
بناء على ذلك، فإن وظيفتك الأساسية هي فهم الإشارات التي تصدر عن وليدك عندما يشعر بالجوع. وهناك بعض الأطفال الذين يسهل فهمهم بسلاسة، إذ يشعرون بالجوع بصفة دورية يسهل التنبؤ بها، ويشعرون بالراحة بمجرد الشبع. إلا أن هناك رضعا آخرين يصعب التعامل معهم؛ فيبكون في فترات غير منتظمة، أحيانا بسبب الجوع، وأحيانا بسبب الانزعاج والقلق. وهؤلاء الأطفال يختبرون في الواقع صبر آبائهم وثقتهم في أنفسهم. وإن شعرت بأنك لا تستطيعين فهم الإشارات التي تصدر عن الطفل، فلا تلومي نفسك، ولكن اطلبي المساعدة من الأصدقاء وأفراد العائلة المخضرمين، وبالطبع من طبيب طفلك.
القدرة الطبيعية على الرضاعة ومص الثدي
يرضع الأطفال بحماسة لسببين: أولهما لأنهم جوعى، وثانيهما لأنهم يحبون المص. فإن كنت ترضعين طفلك ولكنك لا تعطينه الفرصة الكافية للمص، فإن رغبته في المص لن تلبى، ومن ثم سيحاولون مص شيء آخر مثل قبضة يدهم أو إصبع الإبهام أو الملابس. ويشعر بعض الرضع بهذه الحاجة الملحة أكثر من غيرهم. وفي بعض الأحيان، ينتهي الحال بالأطفال الذين يرضعون صناعيا بالإفراط في الرضاعة لأنهم يستمرون في المص، وتظل الرضعة الصناعية تسري في الزجاجة. ولكن عندما تمتلئ معدتهم على آخرها، يلفظون اللبن أو يقشطونه (بقدر كبير جدا) أو يخرجونه في صورة براز كثير ومائل للسيولة. وعلى نحو أقل حدة، يعاني الأطفال الذين يرضعون طبيعيا من المشكلة نفسها. وفي هذه الحالات، من الحكمة أن تسمحي لطفلك بالحصول على ما يبدو لك أنه كمية معقولة، ثم تعطيه سكاتة لإرضاء رغبته في المزيد من المص.
التغذية الذاتية، والمحاولة في مرحلة مبكرة
يعتمد العمر الذي يبدأ فيه الأطفال تناول الأطعمة بأنفسهم اعتمادا كبيرا على سلوكيات الكبار معهم. فبعض الأطفال يتمكنون بفاعلية من تناول الطعام بأنفسهم باستخدام ملعقة قبل بلوغ العام الأول. وهناك آباء آخرون يقسمون بأن ابنهم البالغ من العمر عامين لا يستطيع إطعام نفسه بنفسه على الإطلاق. فالأمر كله يعتمد على الوقت الذي تعطيهم فيهم الفرصة. ويبدو أن معظم الأطفال يكونون طموحين لاستخدام الملعقة في فترة تتراوح من تسعة أشهر إلى اثني عشر شهرا، وبالتمرين على استخدامها يستطيع عدد كبير منهم أن يبلي بلاء حسنا دون مساعدة من الآخر عندما يبلغون من العمر خمسة عشر شهرا. وفي الواقع، يبدأ الأطفال في الاستعداد نوعا ما لإطعام أنفسهم بالملعقة منذ أن يكون عمرهم ستة أشهر، عندما يمسكون بأيديهم رقائق الخبز وغيرها من الأطعمة التي يتناولونها بأيديهم. عند تسعة أشهر، عندما تقدم لهم أطعمة مقطعة، يريدون التقاط كل قطعة ووضعها في أفواههم. ولكن الأطفال الذين لم يسمح لهم البتة بإطعام أنفسهم بأيديهم فيميلون إلى التأخر في استخدام الملعقة.
في الفترة بين الشهر العاشر والاثني عشر، يحاول معظم الأطفال انتزاع الملعقة من أيدي آبائهم. ولكن لا تظني أن هذا السلوك يشبه لعبة شد الحبل؛ ولذا عليك إعطاء الطفل الملعقة وإحضار ملعقة أخرى لنفسك. فسريعا سوف يكتشف طفلك أن إطعام نفسه أكثر تعقيدا من مجرد اقتناء الملعقة. وربما يستغرق الأمر أسابيع حتى يتعلم الطفل كيفية وضع مقدار ضئيل من الطعام في الملعقة، وأسابيع أكثر ليتعلم ألا يقلبها في المسافة بين الطبق وفمه.
إحداث الفوضى
عندما يشعر الأطفال بالملل من محاولة تناول الطعام، ويبدءون في تقليب الأكل وسكبه، سيجب عليك إبعاد الأطباق عن متناولهم، مع ترك القليل من كسرات الخبز على الطاولة ليكتشفوها. حتى وإن حاولوا بجد إطعام أنفسهم بصورة صحيحة، فلسوف ينتج عن ذلك فوضى عارضة، ويجب عليك في هذه الحالة تقبل الأمر. وإن شعرت بالقلق على سجادة الأرضية، فيمكنك وضع مفرش بلاستيكي كبير أسفل كرسي الطفل المرتفع. ولسوف تجدي نفعا مع الطفل تلك الملاعق المخصصة لهم، ذات التجويف الواسع الضحل، والمقابض المنعطفة. أو يمكنك إعطاؤه ملعقة صغيرة عادية.
التوقف عن السيطرة
عندما يكون بمقدور طفلك البالغ من العمر عاما واحدا إطعام نفسه بنفسه، دعيه يتولى المسئولية بالكامل. فليس من الكافي فحسب تقديم الملعقة له وإتاحة الفرصة لاستخدامها؛ إذ عليك أن تمنحيه سببا إضافيا لاستخدامها بالتدريج. ففي البداية، سوف يحاول بالفعل استخدامها لأنه يريد فعل الأشياء بنفسه. ولكن بعد أن يرى مدى صعوبة وتعقيد المهمة، سيميل إلى الاستغناء عن الأمر برمته، إن استمررت في إطعامه سريعا على أية حال. وعندما يبدأ في امتلاك القدرة على وضع مقدار ضئيل من الطعام في فمه، دعيه يقضي بضع دقائق أمام الطعام في بداية الوجبة، عندما يكون في أكثر حالات جوعه. وبعد ذلك، سوف تدفعه شهيته إلى المحاولة بنفسه. وكلما أبلى الطفل بلاء حسنا في إطعام نفسه، طال الوقت الذي يستغرقه في كل وجبة لتناول الطعام.
يعد الوقت الذي يستطيع فيه الطفل إنهاء طبقه المفضل بالكامل في عشر دقائق هو الوقت المثالي لإنهاء دورك معه. وفي هذه المرحلة، كثيرا ما يفسد الآباء الأمر. فيقولون: «يمكن لابنتي تناول حبوب القمح بنفسها، وكذلك الفاكهة على نحو جيد، ولكن لا يزال علي إطعامها الخضراوات والبطاطس». إن هذا السلوك خطير إلى حد ما. فإن كانت الابنة قادرة على تناول أحد الأطعمة، فبالطبع لديها مهارة كافية لتناول أطعمة غيره. وإن استمررت في إطعامها الأصناف التي ليست لديها مشكلة معها، فلسوف تساعدينها على زيادة الفجوة في التمييز بين الأصناف التي تحبها والأصناف التي تريدين أنت أن تتناولها. وعلى المدى الطويل، سوف يسد ذلك شهيتها عن الأصناف التي تطعمينها إياها. ولكن إن فكرت في تقديم وجبة غذائية متزنة لطفلك، تضم الأطعمة التي يحبها بالفعل في هذه الآونة، مع السماح له بإطعام نفسه بنفسه بالكامل، فإن احتمالات حصوله على وجبة متزنة جيدة ترتفع من أسبوع لآخر، حتى وإن كان سيتجاهل أحد الأطعمة في بعض الوجبات.
لا تقلقي بشأن آداب المائدة
يريد الأطفال أن يأكلوا بأنفسهم، بحنكة ونظام أكبر. ويريدون أن يرتقوا من الأكل بأيديهم إلى استخدام الملعقة، ومن استخدام الملعقة إلى استخدام الشوكة، حينئذ يشعرون بأنهم أهل لهذا التحدي، تماما كما يريدون تجربة جميع الأشياء الصعبة الأخرى التي يرون أن الآخرين يفعلونها.
رأي طبيب:
لقد أشرت إلى أهمية السماح للأطفال بتعلم إطعام أنفسهم بأنفسهم في مرحلة ما بين الشهرين الثاني عشر والخامس عشر؛ لأن هذا هو العمر الذي يريدون فيه تجربة أي شيء. ولكن افترض أن أما ما تمنع وليدها من فعل ذلك في هذا العمر، ثم تجدها تقول بينما هو في شهره الحادي والعشرين: «أيها الأخرق الكبير، لقد آن أوان إطعام نفسك بنفسك». فيرد عليها ابنها على الأرجح بقوله: «أوه، كلا! لقد اعتدت أن تطعميني، وكذلك لا أستطيع إطعام نفسي». بيد أن محاولة الطفل في هذه المرحلة المتقدمة لأن يستخدم الملعقة لم تعد تثير اهتمامه. وفي الواقع، إن شعور الطفل بما هو ملائم يتعارض مع محاولته التعلم، كما أن الآباء يكونون قد فقدوا فرصتهم الذهبية بحلول هذا الوقت دون إتاحة الفرصة له. من ناحية أخرى، لا تأخذي على محمل الجد اعتقادك بأن هناك سنا واحدة ملائمة لتعليم طفلك. ولا تقلقي عندما لا تجدين طفلك يتقدم بصورة كبيرة، ولا تحاولي فرض التعليم عليه؛ فلن ينتج عن ذلك سوى المزيد من المشكلات. إنني فقط أريد التأكيد على أن الأطفال يريدون تعلم هذه المهارة، بل ويمكنهم فعل ذلك بسهولة أكبر مما يدرك الكثير من الآباء.
تباطؤ النمو بعد سن ستة أشهر
ربما يبدأ الطفل في تناول الأطعمة الصلبة بحماس في البداية، ثم يفقد جزءا كبيرا من شهيته على حين غرة. وقد يكون من أسباب ذلك أنه لا ينمو سريعا وهذا طبيعي. أو ربما يكون التسنين مزعجا له.
وعلى الرغم من أن أحد الأطفال يترك جزءا كبيرا من طعامه الصلب، فإن طفلا آخر يبدأ في رفض رضعته الصناعية أو لبن الثدي. فبعد ستة أشهر، يرفض بعض الأطفال الطعام بصفة عامة. ولكن إن سمحت لهم بتناول الطعام الصلب بأيديهم، بدلا من إعطائهم إياه بالملعقة، فإن ذلك سيحل المشكلة.
عندما تنخفض شهية طفلك بعد ستة أشهر، ربما يكون هذا هو الوقت المناسب للالتزام بجدول تناول الطعام في اليوم على ثلاث وجبات خلال فترة النهار، سواء أكان الطفل لا يزال يرضع طبيعيا أو صناعيا خلال وقت النوم. وإن لم تتحسن شهية الطفل مع هذا الجدول، فمن الأهمية بمكان الذهاب به إلى الطبيب للتأكد من أن صحته على خير ما يرام.
رفض الخضراوات
إن رفضت ابنتك البالغة من العمر عاما واحدا تناول الخضراوات التي كانت تحبها الأسبوع المنصرم على حين غرة، فدعيها تأكل كما تشاء. فإن لم تحدثي جلبة بشأن ذلك اليوم، فإنها سوف تأكلها مرة أخرى على الأرجح، في الأسبوع أو الشهر القادم. ولكن إن ضغطت عليها، فسوف تدفعينها دفعا إلى الوصول إلى قرار اعتبار هذا الطعام عدوا لها. ولسوف تحولين نفورها المؤقت منه إلى كره دائم. وإن رفضت نوع الخضراوات نفسه مرتين على التوالي، فامسحيه من قائمة طعامها لمدة أسبوعين على الأقل.
من الطبيعي أن يشعر الآباء بالضيق حال شراء نوع من الطعام، وإعداده، وتقديمه، ثم يقوم الأبناء المشاغبون العنيدون برفضه، رغم أنهم كانوا يحبونه منذ أيام قليلة مضت. وعلى الرغم من أنه من الصعب عليهم ألا يشعروا بالغضب ويتصرفوا بتسلط وديكتاتورية مع الأبناء في مثل هذه الأوقات، فإنه من الصعب أيضا على مشاعر الأبناء أن يتم إجبارهم على تناول شيء لا يريدونه. ولذا، إن رفضت ابنتك نصف طبق خضراواتها لفترة كما هو شائع في العام الثاني، فقدمي لها الأطباق التي تحبها بالفعل. هذا هو التصرف الحكيم الجيد للاستفادة من المجموعة المتنوعة الرائعة للخضراوات الطازجة والمجمدة والمعلبة التي نستخدمها. وإن رفضت جميع الخضراوات لفترة، لكنها أقبلت على تناول الفاكهة، فدعيها تأكل كميات إضافية من الفاكهة. فإن حصلت على قدر كاف من الفاكهة واللبن (لبن الصويا أو لبن الأبقار)، بالإضافة إلى القمح عالي الجودة، فلن يفوتها أي من العناصر الغذائية الموجودة في الخضراوات.
تناول كميات أقل والتدقيق في اختيار الأطعمة في العام الأول
في مرحلة ما قرابة العام الأول، يميل الأطفال إلى تغيير شعورهم حيال الأطعمة. فيصبحون شديدي التدقيق في اختيارها، ويقل شعورهم بالجوع؛ وهذا ليس مفاجئا. فإن هم استمروا في الأكل واكتساب الوزن بالطريقة التي اعتادوها بينما كانوا لا يزالون صغارا، لتحولوا إلى كتل من اللحم تمشي على الأرض. فالآن، يبدو أنهم يشعرون بأن لديهم الوقت الكافي للنظر إلى الوجبة على طاولة الطعام وطرح التساؤلات بينهم وبين أنفسهم: «ما الطعام الذي يبدو شهيا اليوم، وما الطعام الذي لا يبدو شهيا؟» يا له من تناقض في الأسلوب، شهدوه في ثمانية أشهر فحسب! لقد كانوا خلال الفترة السابقة يتضورون جوعا عندما يقترب وقت الوجبة، ويئنون على نحو مثير للشفقة بينما يربط الآباء الصدرية حول أعناقهم، ويميلون للأمام مع كل قضمة. لم يكن يهمهم في تلك الآونة ما كانوا يأكلونه؛ فلقد كانوا شديدي الجوع لدرجة تدفعهم إلى عدم الاهتمام.
هناك أسباب أخرى تجعل الأطفال شديدي التدقيق في اختيار الأطعمة، بخلاف عدم شعورهم بالجوع الشديد. إنهم في هذه المرحلة العمرية يبدءون في إدراك: «إنني شخص مستقل الآن، ولدي أفكاري الخاصة»، ولذا يصبحون متأكدين من كرههم للطعام الذي كانوا يشككون في مذاقه من قبل. بالإضافة إلى أن ذاكرتهم تتحسن بالمثل؛ وعلى الأرجح يدركون أن: «الوجبات هنا تقدم بانتظام، وتظل بانتظاري فترة طويلة حتى أحدد ما أريد تناوله»، كما أن التسنين كثيرا ما يسد شهية الطفل، خاصة عندما تكون الضروس الأولى على وشك النمو. ففي هذه الأثناء، ربما يأكل الطفل نصف طعامه المعتاد لأيام، أو قد يرفض بين الحين والآخر تناول وجبة كاملة.
في النهاية، وربما الأكثر أهمية من كل ما سبق، هناك حقيقة تنص على أن الشهية تتغير بصورة طبيعية من يوم لآخر، ومن أسبوع لآخر. وإننا كبالغين نعرف جيدا أننا نشتهي في أحد الأيام كوبا كبيرا من عصير الطماطم، وفي اليوم الذي يليه يبدو حساء البازلاء أشهى. وهذا الأمر نفسه ينطبق على الأطفال وصغار الرضع. والسبب الذي لا يجعلك تلاحظين هذا التباين كثيرا في الرضع أقل من عام واحد هو أنهم يشعرون بالجوع الشديد معظم الوقت لدرجة تجعلهم يقبلون كل ما يقدم إليهم. الاكتفاء من تناول الحبوب: يمل الكثير من الأطفال من تناول الحبوب في مرحلة ما في العام الثاني، خاصة في وجبة العشاء. وعندما يحدث ذلك، لا تحاولي فرض تناولها على الطفل. فهناك الكثير من البدائل التي يمكن تقديمها له، مثل الخبز أو المكرونة. حتى وإن امتنع طفلك عن تناول النشويات على اختلاف أنواعها لبضعة أسابيع، فلن يؤذيه ذلك. فتوقعي أن يختلف ذوق طفلك في الأكل من شهر لآخر. وإن لم تحدثي جلبة بشأن الطعام، فلسوف يحصل ابنك على الأرجح على نظام غذائي متوازن بصورة معقولة من أسبوع لآخر، وإن كان التوازن يتغير من وجبة لأخرى أو من يوم لآخر. ولكن إن استمر نظامه الغذائي غير متوازن لأسابيع، ينبغي لك مناقشة المشكلة مع طبيبه المختص.
اللعب أثناء الوجبات وعدم الاهتمام بتناول الطعام
تلك مشكلة كبيرة يتعرض لها الآباء حتى قبل بلوغ أبنائهم العام الأول. وتحدث لأن الطفل لا يشعر بالجوع والرغبة في تناول الطعام كما كان من قبل، ولاهتمامه الشديد بكل الأنشطة الجديدة المتاحة له؛ مثل تسلق الأشياء، والإمساك بالملعقة، وإحداث الفوضى، وقلب محتويات الكوب رأسا على عقب، وإسقاط الأشياء على الأرض.
يعد اللعب أثناء تناول الطعام على هذا النحو علامة على نمو الأطفال وعلى حرص الآباء أحيانا على أن يتناول الأطفال الطعام أكثر من حرصهم على الأطفال أنفسهم. وهذا السلوك بالطبع غير ملائم ومزعج، ويمكن أن يؤدي إلى مشكلات متعلقة بالتغذية. وإن شهدت ذلك، فليس عليك تحمل عناء لعبهم أثناء الأكل. فالأطفال يتسلقون الأشقاء ويلعبون عندما يشعرون بالشبع جزئيا أو كليا، وليس عندما يكونون جوعى بالفعل. ولذا، فحينما يفقد ابنك اهتمامه بالطعام، يمكنك افتراض أنه قد شبع؛ ومن ثم دعيه ينزل من فوق المقعد وأبعدي الطعام عن الطاولة.
من المفيد أن تكوني حازمة، ولكن لا داعي لأن تثوري وتغضبي. فإن بدأ وليدك في الشكوى والتذمر بعد إبعاد الطعام عن الطاولة وإنزاله من فوق المقعد مباشرة، وكأنه يقول لك إنه لم يكن يقصد أنه ليس جوعان، فامنحيه فرصة أخرى. ولكن في حالة عدم إصدار أي رد فعل ينم عن شعوره بالندم، لا تحاولي تقديم الوجبة مرة أخرى إلا لاحقا. فإن شعر بالجوع فعليا بين الوجبات، فقدمي له مقدارا أكبر قليلا من وجبته الخفيفة العادية، أو قدمي له الوجبة التالية مبكرا عن ميعادها. وبذلك، إن أبعدت الوجبة دائما عندما يفقد اهتمامه بالطعام، فسوف يفعل ما يمكنه للانتباه إلى الطعام عندما يشعر بالجوع بالفعل.
لا يعني ذلك أنه ينبغي لك أن تتوقعي التزام الرضيع بآداب المائدة المثالية. فالأطفال في قرابة العام تكون لديهم حاجة ملحة لغمس أصابعهم في أطباق الخضار، وعصر حبوب القمح الصغيرة في أيديهم، وتحريك قطرات الحليب المتساقطة في صينية تقديم الطعام. ولا يندرج هذا تحت بند اللعب؛ فربما تجدينهم يفتحون أفواههم بحماسة انتظارا للطعام في الوقت نفسه. هم فقط يريدون استكشاف ملمس الأطعمة. ولكن إن حاولوا قلب الأطباق، فأمسكيها بقوة. وإن أصروا، فأبعديها عن متناول أيديهم لفترة أو أنهي الوجبة بالكامل.
البكاء والجوع
لا يعد الجوع هو السبب الشائع وراء بكاء الأطفال، فغالبا ما تقلق الأمهات عندما يبدأ أطفالهن في البكاء بعد الرضعات أو بين الرضعات، فيعتقدن أن كمية اللبن غير كافية. ولكن هذا الأمر عادة ما يكون غير صحيح. وتكمن الحقيقة في أن جميع الأطفال تقريبا تنتابهم نوبات بكاء عادة في فترة الظهيرة أو المساء. والجدير بالذكر أن الأطفال الذين يرضعون صناعيا تنتابهم نوبات من البكاء تماما مثل الذين يرضعون طبيعيا. كما أن الأطفال الذين يتناولون كل كمية اللبن التي يستطيعون الحصول عليها تنتابهم نوبات بكاء تماما مثل الذين لا يتناولون سوى كمية أقل من اللبن، إذا أدركت الأم بشكل واضح أن معظم نوبات البكاء والشكوى لدى الطفل في الأسابيع الأولى ليس سببها الجوع، فإنها لن تتعجل بالطبع في فقدان الثقة في كمية لبن الثدي لديها.
إن الجوع كفيل بأن يوقظ الطفل قبل موعد الرضعة التالية قليلا، ولكن ليس في الساعة الأولى أو بعد ساعتين من آخر رضعة. إذا ما شعر الطفل بالجوع، فقد يرجع السبب إلى ازدياد شهيته فجأة، أو ربما يشير ذلك إلى انخفاض كمية لبن الأم قليلا بسبب التعب أو التوتر. وفي أي من الحالتين، ستكون الإجابة واحدة؛ حيث من المعروف أن الطفل يستيقظ ويرغب في الرضاعة بشكل متكرر لمدة يوم أو عدة أيام قلائل حتى يعتاد ثدي الأم على طلبه وحاجته، ليعود فيما بعد إلى حالته السابقة.
بالنسبة للطفل كثير البكاء، تعتبر الرضاعة الطبيعية هي الحل الأمثل لتهدئته. ويجب تأجيل أي نية في إعطائه لبنا صناعيا، لمدة أسبوعين على الأقل؛ حيث يجب السماح له بالرضاعة الطبيعية كلما أراد وكيفما أراد. وإذا ازداد وزن الطفل بشكل معقول في هذين الأسبوعين، يجب أيضا تأجيل أي نية في إعطائه لبنا صناعيا لمدة أسبوعين آخرين. على الرغم من أنه أحيانا ما يكون إرضاع الطفل عند بكائه أو إصابته بالمغص أمرا مرهقا للغاية، وإذا كان الأمر كذلك، فمن الأفضل أن تتوقف الأم لأخذ راحة من الرضاعة الطبيعية، حاولي استخدام اللبن الصناعي، واتركي مهمة تهدئة الطفل لشخص آخر (مثل الأب أو الصديقة أو الجدة). فبمجرد أن تحصلي على فرصتك للراحة والاسترخاء، يمكنك العودة للرضاعة الطبيعية بعد تجديد طاقتك.