أخبرني المعلِّمون بأني يجب أن أُوقف على الفور تأدية وقوف الرأس، ووقوف الكتفين، ووضعية المحراث؛ وهي وضعيات يتم التأكيد عليها في يوغا إينغار التي هي ممارستي بالدرجة الأولى. والواقع، لقد كنت أزيد باطِّراد مقدار الوقت الذي كنت أبقى أثناءه في وضعية وقوف الرأس وكنت قد وصلت في الأشهر الأخيرة إلى عشر دقائق في اليوم. أخبرني المعلّم في الـ KYM بأن وقوف الرأس وغيره من الآسانا التي طلبوا مني التوقف عن أدائها قد تكون السبب وراء مشكلتي أو أنها تسهم بها وذلك بضغط عنقي وعمودي الفقري وهو أمرٌ لم أكتشفه من تلقاء نفسي. ولمعالجة المشكلة، أوصوا بسلسلة من انحناءات الظهر الخلفية اللطيفة وغيرها من الوضعيات المصمَّمة لفتح صدري. وخطر لي بعد بضعة أيام وأنا جالس في محاضرة عن العلاج باليوغا بأنه ولأول مرة خلال شهر لم تُصَب ذراعي بخدر ولا لمرة واحدة طوال اليوم.
وبالنظر إلى الماضي، أدركت بأنني لم أكن أبداً أستمتع حقاً بوقوف الرأس، ووقوف الكتفين، ووضعية المحراث (انظر الشكل 1.5). كانت وضعية المحراث تحديداً تجعلني أشعر برهاب الانغلاق، وهو إحساس لم أختبره كثيراً من قبل. ورغم أني كنت أجدها بغيضة، إلا أني حاولت فقط أن أحتملها وأن أؤديها مع باقي طلاب الصف من أجل ما تتضمنه من منافع. كان رهاب الانغلاق الذي شعرت به إشارة واضحة على أن شيئاً ما غير صحيح. ومن الطريف أن وقوف الرأس نادراً ما يُعلَّم من قِبَل ديسيكاتشار وزملائه لأسباب تتعلّق بالسلامة. ولكن إذا كان من الممكن تأديته بأمان، فإن وقوف الرأس بالنسبة للكثير من الناس يمكن أن يكون بالفعل مفيداً للغاية وهو السبب الذي يُسمَّى من أجله أحياناً بملك الآسانا.
الشكل 1.5:(أ) وقوف الرأس
الشكل 1.5:(ب) وقوف الكتفين
الشكل 1.5:(ج) وضعية المحراث
لا تفعل ما يؤذي
تقابل الأهيمسا ahimsa – الياما yama الأولى من نواهي باتانجالي وأساس اليوغا – المبدأ الرئيس المرشد للطب كما هو ملفوظ بوضوح من قِبَل أبقراط: أولاً لا تفعل ما يؤذي. يعني هذا بالتعبير العملي أن تلزم دائماً جانب السلامة لدى تأديتك لليوغا. انطلق ببطء، واحترم حدود جسدك، واستمع لحكمته الفطرية. كلما مارست اليوغا أكثر، كلما ملكت إمكانية الدخول أكثر إلى تلك الحاسة البديهية التي تخبرك بما هو مفيد لك وما هو غير ذلك. لقد كان جسمي بالطبع يتحدث إليّ ولكني اخترت أن أتجاهل ما كان يقوله لي. كان يحب أن يُعلي صوته من خلال متلازمة المخرج الصدري (TOS) ليلفت انتباهي.
وكما هو الحال مع أي تمرين جسدي، فإن ممارسة وضعيات اليوغا لا تخلو من المخاطرة. فقد تُجهد عضلة، أو تلهب مفصلاً، أو تقع وتؤذي نفسك. ولكن إذا ما أُدِّيت بعناية، فإن اليوغا تُعتبر من ناحية السلامة واحدة من أكثر أشكال النشاط الجسدي التي يمكنك أن تسعى في طلبها. إذا اتبعت التدابير الوقائية الأساسية، وحصلت على إرشادات جيدة، وأدَّيت تدريبك بإدراك ووعي، فإن المخاطر صغيرة وخاصة عند مقارنتها بالمنافع المحتملة. قد تكون تلك “شروطاً” كبيرة بالطبع إذا كنتَ من ذلك النوع من الأشخاص الذي يصبح تنافسياً في صف يوغا.
بعض التدريبات اليوغية هي غير ملائمة لكل شخص، وهذا صحيح على نحوٍ خاص بالنسبة للأناس الذين يأتون إلى اليوغا بسبب حالات صحية. فالكثير من المشاكل الطبية المختلفة تجعل احتمال الإصابة من جراء تدريبات يوغية معينة كبيراً جداً. يتحدث الأطباء عن مثل تلك التدريبات على أساس كونها من الموانع. إذا كان لديك أي شك بشأن ملاءمة أية وضعية أو تقنية تنفس أو أي تدريب آخر، فاحرص على أن تتكلم مع طبيبك ومع معلِّم يوغا حسن الاطّلاع؛ والزم دوماً جانب الحيطة. سنستعرض موانع الاستعمال بتفصيل أكثر في الفصول المتعلقة بالحالات الطبية المختلفة في القسم الثالث من الكتاب. ومع ذلك، فإن الكثير من هذا يتعلّق بالحسّ السليم. إذا كان شيءٌ يؤذيك فلا تفعله. وإذا أصبحت وضعية ما غير مريحة، فاخرج منها على الفور.
إذا كنت تعاني من حالات صحية معينة أو تتناول أدوية يمكن أن تؤثِّر في سلامتك في وضعية معينة، فأعلِم معلِّم اليوغا بالأمر. فاتِح المعلِّم قبل بدء الصف الدراسي، أو إذا كان الوقت أو الخصوصية يشكِّلان أهمية، فاسأل إن كان بوسعك أن تشرح له الأمر كتابياً أو هاتفياً. إذا كنت لا تشعر بارتياح إزاء إعطاء تفاصيل حالتك للمعلِّم فيمكنك أن تقول: “أنا معرَّض للدوار بسبب ما أتناوله من دواء ولهذا فأنا بحاجة لأن أخرج من الوضعيات ببطء”، من دون أن تضطر إلى كشف نوع الدواء أو المرض الذي تتعالج منه.
إنّ جزءاً كبيراً من إبقاء نفسك آمناً مع اليوغا هو في التآلف مع كيفية شعورك أثناء التدريب وبعده على حدّ سواء. قد يؤلمك جسمك على سبيل المثال في اليوم التالي لتدريب قوي. لا بأس بقليل من الوجع في العضلات ولكنه يجب أن يزول سريعاً. ومع ذلك، لا يجب أبداً أن تؤلمك المفاصل أكثر من المعتاد سواء خلال التدريب أو بعده. إذا آلمتك بالفعل، فتلك إشارة إلى قيامك بشيء خاطئ، كأن تكون قد راصفت عظامك على نحوٍ رديء مثلاً، أو قمت بأكثر مما أنت مستعد له حالياً. قد يشعر بعض الطلاب بشعور جيد جسدياً بعد تدريب ما، ولكنهم قد يشعرون بأنهم مشتتون أو مهتاجون أو غير قادرين على النوم. تلك إشارة من جديد على الإفراط في الأمور ويجب أن تحثّك على التفحص الفوري الدقيق لتدريبك.
فكرة مفيدة
إنه لأمرٌ شائع أن تقل حاجة الناس إلى الدواء عندما يبدأون بممارسة اليوغا بانتظام. يجب أن تكون حريصاً تحديداً إذا كنت تأخذ أدوية لضغط الدم العالي أو داء السكر، لأن الجرعة التي كانت فيما سبق فعالة يمكن أن تؤدي إلى انخفاض خطِر في مستوى ضغط الدم أو سكر الدم. يحدث التغيير بشكلٍ عام تدريجياً على مدى أسابيع أو أشهر، ولكنه قد يحدث في وقتٍ أبكر من ذلك إذا تقدَّمت في تدريبك بسرعة. لا يُنصَح بإيقاف أي دواء أو تغيير الجرعة دون التكلّم مع طبيبك. ولكن إذا كنت متيقظاً للتغيّرات في ضغط دمك أو في مستويات سكر الدم وأعلمت طبيبك بها، فقد تساعد في تفادي مشاكل محتملة.
المحاولة بكثير من الجدّ والنشاط
خلال إقامتي في بون، وأثناء دراستي في معهد إينغار، انتسبت لصف يوغا مع براشانت إينغار نجل المعلِّم البارع المشهور. أخبرنا براشانت بأننا إذا نظرنا فيما حولنا إلى مئات من صور والده المحيطة بالمحترف فسنرى “وضعيات عديدة، ووجهاً واحداً”، وقد عنى بذلك أنه بغضّ النظر عن الوضعية التي أدَّاها، فإن تعبير وجهه لم يكن يتغير أبداً. كان غورورجي – كما يشير إليه براشانت – يُظهر دوماً نوعاً من الاسترخاء الداخلي حتى لدى تأديته لأصعب الآسانا. ولكن حين جال براشانت بين الطلاب وهم يحاولون تأدية الوضعية البسيطة نسبياً التي كان يعلِّمهم إياها في ذلك اليوم، فقد رأى “وضعية واحدة، ووجوهاً عديدة”، حيث كشَّر الطلاب وجحظت عيونهم وقد أجهد كل منهم نفسه بطريقته الخاصة الفريدة للإتيان بها على نحوٍ صحيح.
غالباً ما يلحّ الطلاب لبلوغ الشكل الخارجي لآسانا معينة – في محاولةٍ منهم لمحاكاة معلِّميهم أو صورة من مجلة – حتى إن كان جسدهم ونَفَسهم يخبرانهم بأنهم ليسوا جاهزين بعد لهذه الحركة. لا يُعتبر ذلك عملاً متوازناً كما أنه ليس متآلفاً، بل هو فرض شيء من الخارج. يقول معلّم الفيني يوغا وعامِل الجسم bodyworker ليسلي كامينوف بأن الوصول إلى ما يُسمَّى بالشكل التقليدي (الكلاسيكي) للوضعية هو ببساطة أمرٌ غير عملي للكثير من الناس. فنتيجة للاختلافات المتعلّقة بالتشريح، فإن وضعيات اليوغا التي تُؤدَّى بسهولة من قِبَل بعض الناس هي بكل بساطة مستحيلة للبعض الآخر. يقول: “يعذِّب بعض الناس أنفسهم دون داع بشأن عدم قدرتهم على تأدية آسانا معينة دون أن يدركوا بأن ذلك هو شيء متأصِّل في أبعاد جسمهم أو شكلهم”. إذا كنت مثلاً تملك رِجلين أو ذراعين ثخينتين، أو إذا كانت أطرافك قصيرة نسبة إلى جذعك، فقد لا تتمكن أبداً من أن تشبك يديك خلف ظهرك في التواءات معينة، أو أن تضع رِجلاً خلف الأخرى في وضعية النسر. إن محاولة جعل المستحيل يحصل هو بمثابة مشروع للإحباط والإصابة. إذا وجدت نفسك مثبطاً، فهذا أيضاً يقدِّم فرصة لبناء الإدراك (الوعي) من خلال دراسة النفس. يمكنك أن تسأل: “لماذا أنت قلق إلى هذا الحد بشأن مدى إتقانك لوضعية معينة؟ هل لهذا علاقة بمظهرك؟ هل تشعر بأنك تتنافس مع الآخرين؟” إن هموماً كتلك لا علاقة لها بتاتاً باليوغا الحقيقية ويمكنها أن تُضعف قوتها الشفائية. يعتقد ليسلي بأن ما هو أهم بكثير من الشكل الخارجي، هو إن كنت، كنتيجة لممارستك اليوغا، قد أصبحت قادراً على التنفس بفعالية أكبر أو على التحرّك فيما حولك بطريقة خالية من الألم.
عندما تناضل لفعل ما جسدك ليس مستعداً له بعدْ أو مهيَّئاً بصورة آلية لتأديته فأنت تعرّض نفسك للإصابة. يقول معلِّم اليوغا روجر كول بأنك إذا لم تُجبر جسدك على تأدية الوضعيات، فأنت ستمنع 99 بالمائة من إصابات اليوغا. لأجل السلامة، يجب أن تكون القاعدة: بطيء وسلس. ابنِ ما تفعله مع الوقت وكن صبوراً. وحتى إذا اعتقدت – أو اعتقد غيرك – بأنك يجب أن تتقدم بسرعة أكبر من سرعتك الحالية، فباستطاعتك أن تتحرك إلى الأمام فقط عندما يشير جسمك ونفسك إلى أن الوقت ملائم.
فكرة مفيدة
يشدِّد باتانجالي في مجموعة حكم اليوغا Yoga Sutras على ضرورة موازنة الجهد (ستهيرا sthira) مع السهولة (سوكها sukha)، والثبات مع الاسترخاء. غالباً ما يكون النَّفَس الإشارة الأكثر وثوقاً الدالة على كيفية أدائك من هذه الناحية. يجب أن تكون قادراً طوال فترة تدريبك على أخذ أنفاس بطيئة وعميقة ومنتظمة. إذا كنت تقوم بأكثر مما يجدر بك فسينعكس ذلك على نحوٍ شبه دائم بشكل أنفاس سريعة وأحياناً غير منتظمة. إذا تبعت نفَسك بدقة، فإن هذا لن يهدِّئ عقلك فحسب، بل يمكنه أيضاً أن يبقيك بعيداً عن المشاكل.
الاشتغال على الحافة
في أي من وضعيات اليوغا التي تبقى فيها لأكثر من بضع ثوان، يتعيّن عليك بشكلٍ عام أن تتحرك في الوضعية إلى أن تواجه أول مقاومة لتحرّك إضافي. يجدر بك أن تتوقف عند هذه المرحلة وتتنفّس ببطء وعمق وسلاسة. وبعد فترة قصيرة قد ينطلق شيء مشيراً إليك بأنه لا بأس من التحرك بعمقٍ أكثر داخل الوضعية. يمكن تكرار هذه العملية عدة مرات. يشير اليوغيون إلى هذه العملية بالاشتغال أو اللعب على “الحافة”، تنشأ مقاومة الحركة غالباً من العضلات التي تشدّ بشكلٍ انعكاسي لتمنع الإصابات. كلما تحركت بشكلٍ سريع وقوي أكثر، كلما كان احتمال انقباض العضلة وإحباطها لجهودك أكبر. إنها واحدة من آليات جسمك الوقائية الطبيعية. إذا حاولت أن تشق طريقك عنوة خلال المقاومة فقد تمزِّق ألياف العضلة، أما إذا تنفّست وأرخيت فقد تجد انفتاحاً غير متوقّع.
الألم المفيد مقابل الألم الضار
لا تنطبق فلسفة “لا ألم، لا ربح” على اليوغا. إذا كنت تتألم فتلك إشارة على أنك تقوم بشيء خاطئ، أو أنك ببساطة تقوم بالكثير جداً. ومع ذلك، فإن بعض تدريبات اليوغا الآمنة هي برغم ذلك شديدة جداً. فعلى سبيل المثال، يمكن لأوتار المأبض في مؤخرة فخذيك لدى تمددها في انحناء وقوفي أمامي، أن تسبِّب إحساساً قد يغريك بأن تخرج من الوضعية بسرعة. وعادة إذا ما تراجعت قليلاً وعمَّقت نَفَسك، فسيكون بوسعك أن تعمل لتعميق التمدد وسيكون آمناً أن تستمر في تأدية الوضعية. ولكن إذا شعرت بألم حاد في الجهة الخلفية للركبة خلال تأديتك للانحناء الأمامي فقد يدلّ هذا على ضغط التركيبات الداخلية للمفصل أو شدّ على أربطته المساندة، وأفضل ما يمكن أن تفعله هو الخروج فوراً من الوضعية. إنّ “الاستمرار بالتحرّك” خلال أي ألم مفاجئ أو حاد، أو أي انزعاج ناشئ عن مفصل هو فكرة سيئة. يقول ليسلي كامينوف: “إذا كان مصدر ألمك تركيب مفصليّ، فهذا ليس ألماً مفيداً. فليس هناك ما تريد أن تمطّه أو تغيّره. توقّف، وتحقّق من تراصفك وحاول أن تؤديه بطريقة لا تشعر فيها بألم المفصل ذاك”. أما إذا لم يكن ذلك ممكناً، فتلك دلالة على أنك لا يجب أن تؤدي تلك الوضعية على الإطلاق.
وبشكلٍ عام، فإن أي انزعاج في تمددات اليوغا يجب أن يكون معتدلاً إلى متوسطاً وأن يكون واقعاً بشكلٍ أساسي في جوف العضلة لا قرب المكان الذي تتصل فيه الأوتار بالعظام. وحيث إنّك قد لا تعرف مكان وجود العضلات، وأقل منه مكان اتصال أوتارها، فمن الأفضل أن تتحدث مع معلّم يوغا حول أية عوارض لا تكون واثقاً منها؛ وأن تلزم في هذه الأثناء جانب الحيطة. وبينما تعمِّق وعيك مع الممارسة المستمرة، ستصبح قادراً أكثر فأكثر على أن تقدِّر بنفسك أي الحركات هي آمنة لك وأيها ليست كذلك.
وخلافاً للاعتقاد السائد، فإن الأناس المرنين هم أكثر احتمالاً لخطر الإصابة في اليوغا، حيث يصيبون أنفسهم أحياناً بتحريك مفاصلهم لحدّ أبعد بكثير مما هو آمن. ففي تمرين انحناء الظهر على سبيل المثال، يمكن لشخص بعمود فقري قَطَني متحرك أن يقوِّس أسفل ظهره إلى درجة غير صحية بينما لا يأتي بحركة كافية لمنتصف وأعلى ظهره. كما أن الكثير من الطلاب المرنين يملكون وعياً جسدياً ضعيفاً، فهم يتحركون ولكنهم لا يستطيعون بالضرورة أن يشعروا بما يفعلونه على نحوٍ جيد. يمكن أن يسهم هذا في سوء تراصفٍ خطِر للمفاصل. وعاملٌ خطر آخر هو أن عضلات الطلاب المرنين تميل لأن تكون ضعيفة، والعضلات الضعيفة لا يمكنها أن تحمي المفاصل جيداً، وقد تكون حساسة أكثر تجاه التّمزّق. بدلاً من محاولة الدخول بأقصى قدر من العمق في كل وضعية، يجب على الأشخاص ذوي المرونة العالية أن يتراجعوا قليلاً عن الآسانا المتقدّمة ويركِّزوا بدلاً من ذلك على بناء المقدرة.
المحافظة على السلامة في صف يوغا
انتبه لضغط النِدّ. لا أحد يرغب في أن يشعر بأنه لا يستطيع أن يقوم بما يقوم به غيره. وفي حين أنها طبيعية، إلا أن مشاعر كتلك لا مكان لها في ممارسة اليوغا. تتمحور اليوغا حول التآلف مع مشهدك الطبيعي الداخلي وليس حول التباهي أو القلق بشأن ما سيفكِّر به الآخرون. إن الرغبة في المثابرة في وضعية يخبرك جسمك أنها ليست ملائمة (أو ليست ملائمة بعد) لك يجب أن تثير فيك بعضاً من دراسة النفس svadhyaya الجدِّية. إذا أحسست بأنك أفضل حالاً من دون تأديتك لوضعية معينة، فشارك المعلّم مخاوفك. باستطاعتك دوماً أن تؤدِّي وضعية أخرى ريثما تنتهي بقية المجموعة. سيقترح المعلِّمون الجيدون بديلاً. إذا لم يرِدك المعلِّم أن تؤدِّي وضعية محددة أو تدريب تنفس، فذاك مطلب بجدر بك أن تقدِّره. خاصةً إذا كنت جديداً على اليوغا ولم تطوِّر بعدْ نوع الوعي الجسدي الذي يأتي من الممارسة المتواصلة، فإن المعلِّم الجيد سيكون أفضل منك في تقدير مدى ملاءمة تدريب يوغا معين لك.
وفي حين أن الصفوف يمكن أن تكون شكلاً رائعاً من الطب الوقائي، إلا أن الكثير منها غير ملائم لشخص يعاني من مرض مزمن أو مشكلة حادة وخطيرة. يستطيع بعض المعلِّمين، وتحديداً ذوي الخبرة الطويلة، أن يكيِّفوا ما يقومون بتعليمه ليتوافق مع الأفراد ذوي التحديات الصحية الخاصة. ولكن قبل أن تفترض أنّ هذا ما سيحصل وتنتسب مباشرة إلى صف يوغا، تواصل مع المعلّم لتعرف إن كان الصف مناسباً لك.
فكرة مفيدة
غالباً ما تحدث إصابات اليوغا خلال الانتقالات من وضعية إلى أخرى. من الطبيعي أن تعير الكثير من الانتباه خلال الوضعية، ولكن ما إن يقول المعلِّم بوجوب الخروج منها فإن الجميع يُكمل بطريقة غير واعية تقريباً. لأجل السلامة، اجذب قدراً من الانتباه إن لم نقل الكثير منه إلى الانتقالات كما إلى الوضعيات نفسها.
سلامة تعديلات اللمس باليد
يُصاب طلاب اليوغا على نحوٍ متكرر عن طريق التعديلات العدوانية بإفراط، وذلك عندما يحاول معلّم ذو خبرة غير كافية عادةً أن يتملّق أو يُرغم أجسادهم على الدخول في وضعية يوغا معينة. لقد أذيت نفسي بتلك الطريقة في صفوف اليوغا. ومرة أخرى، فإن الأكثر عرضةً للخطر هم الطلاب ذوو المرونة العالية. أنت تملك الحق دوماً لأن ترفض بتهذيب إذا كنت لا تشعر بالراحة لدى محاولة الأستاذ تعديل وِضعيتك.
بعض التعديلات هي في حدّ ذاتها أكثر خطورة من الأخرى. يعتقد روجر كول بأن التعديلات في وضعية اللوتس هي مخاطرة خاصة للركبتين، ويقترح بأن تسمح فقط بالتعديل إذا كنت واثقاً من معرفة المعلِّم لما يفعله. ويقول إن مصدراً شائعاً آخر للإصابة هو عندما “يساعد المعلمون الأناس بالضغط على ظهرهم في الانحناء الأمامي”، وهو تعديل يرى روجر بأنه لا يجب أن يُفعل تقريباً أبداً. ويقترح عليك إذا وجدت أنه يتم تعديل حركتك في انحناء أمامي، أن تحني ركبتيك بسرعة مخفِّضاً بذلك احتمال الإصابة.
إن أكثر أنواع التعديلات سلامةً هي ليست حقاً تعديلات على الإطلاق، وإنما عبارة عن لمس باليدين من أجل جلب وعي الطالب إلى منطقة معينة من الجسم. يصف توم ألدن المرة الأولى التي اشتغل بها مع ب. ك. س. إينغار في الهند. ضرب إينغار بيده بخفة وسرعة على فخذ توم الخارجي، وقد “جلبت لمسته الوعي، وجلب اتجاه لمسته اتجاه الفعل، لقد أيقظ هذا ذكائي”. هذا مختلف كثيراً – وأكثر أمناً – من ليّ معلِّم لجسمك ليدخله بشكلٍ أعمق في وضعية ما.
اليوغا في الظروف الحارّة والرطبة
لأن الحرارة تسهِّل جزئياً استرخاء العضلات علاوة على تهدئتها للعقل والجهاز العصبي، فإن اليوغا تُمارَس بشكلٍ عام في غرفة دافئة. ولكن بعض الأنواع وخاصة بيكرام Bikram وصفوفاً أخرى يُعلَن عنها بأنها “يوغا ساخنة” يتم فيها تسخين الغرفة إلى درجة حرارة تزيد عن المئة درجة فهرنهايتية. وحيث إنّ بعض الأجسام تميل لأن تعرق بغزارة في هذه الصفوف، فهي تصبح بسرعة غرفةً رطبة أيضاً. وفي حين أن الحرارة والرطوبة قد تسهِّلان الدخول بشكلٍ أعمق في الوضعيات، إلا أنهما تزيدان أيضاً خطر الإصابة بالتجفاف والنوبات القلبية، وهما خطرتان تحديداً لمرضى التصلّب المتعدد، والصرع، ومتلازمة الإعياء المزمن، وألم الليف العضلي، والحالات الالتهابية مثل الذأب أو داء كرون، بالإضافة إلى خطرهما على أية امرأة حامل. كما أن الحرارة قد تزيد من مدى تمدد الأربطة وهو ما قد يؤدي إلى الإصابة. لحسن الحظ أن الجسم يتأقلم مع الظروف الحارة والرطبة مع الوقت. الطريقة الأكثر أماناً لتحقيق هذا هي عن طريق التهيّؤ ببطء على مدى عدة أسابيع. ولكن إذا انقطعت لمدة شهر أو اثنين عن ممارسة اليوغا الساخنة، فقد تحتاج إلى أن تبدأ العملية بأكملها من جديد مرة أخرى.
إذا كنت في الخمسين من عمرك أو أكثر ولم تكن تمارس الرياضة بانتظام، فقد يتعين عليك أن تخضع لاختبار إجهاد قبل البدء باليوغا الساخنة أو أي أسلوب نشيط آخر، لأن التدريب الرياضي الشديد قد يُحدث نوبة قلبية مفاجئة. كلما كانت لديك عوامل خطرة أكثر للإصابة بنوبة قلبية – مثل التدخين، أو داء السكر، أو ضغط الدم العالي، أو الكولستيرول المرتفع، أو تاريخ عائلي قوي للنوبات القلبية المبكِّرة – وكلما كان تدريبك أقوى، فإن الخضوع للاختبار يصبح أكثر أهمية. أما إذا كان تدريبك لطيفاً مثل الفيني يوغا viniyoga أو اليوغا المتمّمة Integral yoga، فإن هذا الاختبار قد لا يكون ضرورياً.
تحذير
من السهل أن تُصاب بالتجفاف عندما يكون الجو حاراً ورطباً. لمنع هذه المشكلة المحتملة الخطيرة جداً، فمن الضروري شرب كميات وافرة من السوائل ليس فقط أثناء صف اليوغا الساخنة، بل قبله وبعده أيضاً. لا يسمح بعض معلّمي اليوغا الساخنة للطلاب بأن يشربوا الماء خلال الصف، وهي سياسة غير آمنة برأيي. وحيث إنّ الكحول يمكن أن تؤدّي إلى تجفاف خفيف، فإن شربها في الليلة السابقة لصف اليوغا الساخنة يمكن أن يزيد الخطر. غالباً ما يكون معدّل سرعة القلب العالي بثبات هو الدلالة الأولى على حدوث التجفاف، ولهذا فقد يتعيّن عليك أن تراقب نبضك خلال الصف وبعده. وما لم تكن مفتقداً جداً للّياقة البدنية (وفي تلك الحالة يجب أن تبدأ بأسلوب يوغا أقل شدة)، فإن معدل سرعة قلبك يجب أن ينخفض خلال دقائق من إيقافك التمرين تقريباً إلى ما كان عليه قبل البدء، هذا إذا كنت قد حصلت على ما يكفي من السوائل.
تفادي السقطات
من المحتمل أن تسقط في أثناء وضعيات اليوغا، وتحديداً في أثناء وضعيات التوازن مثل وقوف الرأس أو وضعية الشجرة. وهو أمرٌ ذو أهمية خاصة لأي شخص واهن الجسم أو مُصاب بترقق العظم ويمكن أن يكسر وركاً أو أي عظم آخر. يجب على الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نزفية أو تعداد صفيحات منخفض، وأولئك الذين يتناولون أدوية لتسييل الدم (مثل الهيبارين أو الورفارين)، أن يُظهروا الحذر أو يتجنّبوا وضعيات التوازن كلياً، لأن السقطة يمكن أن تسبّب إصابات داخلية خطيرة ونزيفاً. كما يمكن للسقطة بالطبع أن تؤذي شخصاً قريباً منك.
إن زيادة عرض وِقفتك في وضعيات مثل التاداسانا (انظر الشكل 2.5ب) يمكن أن يقلل خطر الوقوع. استراتيجيةٌ أخرى لعدم الوقوع تتمثّل في تأدية وضعيات التوازن مثل وضعية الشجرة وظهرك قريب من حائط، أو أن تلامس الحائط بخفة بأصابعك، حيث يمكنك أن تستخدمه لإعادة اكتساب توازنك (انظر الشكل 2.5ج). إذا كان التوازن يمثِّل مشكلة بالنسبة لك، فإن معظم وضعيات الوقوف يمكن أن تُؤدَّى أمام حائط أو منضدة. وبالإضافة لذلك، ستكون أكثر استقراراً في وضعيات التوازن إذا تعلَّمت أن ترسِّخ قدميك مباشرة وأن توزِّع الثقل بالتساوي بين القدمين الأمامية والخلفية، وعلى السطح الأمامي والخلفي والداخلي والخارجي لباطن كل قدم.
الشكل 2.5: (أ) تاداسانا
الشكل 2.5: (ب) تاداسانا تتباعد فيها القدمان بقدر عرض الوركين
الشكل 2.5: (ج) وضعية الشجرة مع أصابع تلامس الحائط
البراناياما والتأمل
من وجهة نظر سيكولوجية (نفسية)، تُعتبر تدريبات التنفس المُنفَّذة على نحوٍ غير صحيح واحدة من أخطر وسائل اليوغا. تشمل تقاليد اليوغا قصصاً لأناس عانوا من انهيارات نفسية بعد ممارستهم تدريبات تنفس قوية دون إشراف صحيح، وتحديداً أولئك الذين يحاولون أن يفعلوا الكثير في وقتٍ قصير، رغم أن مدى شيوع ذلك هو غير معروف. ووفقاً لآديل بالكيفالا، “البراناياما هي للجهاز العصبي كما هو تدريب الآسانا الجسدي للجهاز العضلي الصَقَلي”. يقول بأن الآسانا المفرطة الشدة يمكنها أن تتلف العضلات والعظام والغضروف، كما يمكن لتدريب البراناياما البالغ الشدة أن يتلف الأعصاب. وباستثناء التدريبات الأبسط مثل تدريبي الأوجايي Ujjayi والبراماري Bhramari، فيجب تأدية البراناياما فقط تحت إشراف معلّم خبير.
وكما البراناياما، فإن التأمل قد لا يكون ملائماً (أو حتى ممكناً) للأشخاص الذين هم قلقون جداً أو مكتئبون. هناك مشاهدات لأناس أُصيبوا بانهيارات نفسية بعد فترات طويلة من التأمل. يجب على أي شخص يعاني من اكتئاب سريري، أو أُصيب سابقاً بالفُصام أو بأيّ مشاكل نفسية خطيرة أخرى، أن يستشير خبير صحة عقلية قبل البدء بتدريب تأمل. وكما هو الحال في البراناياما، فإن بعض الأناس الذين يعانون من صعوبة في التأمل بسبب الاضطراب والقلق أو التفكير المتواصل بهمومهم قد يكون الأمر أسهل عليهم إذا أبقوا أعينهم مفتوحة. كما أن تمارين التأمل الموجَّهة قد تكون أسهل من الجهود التي يتم توجيهها من قِبَل الشخص نفسه.
قد يصبح بعض الأشخاص الذين هم عادةً غير معرَّضين للقلق قلقين إذا حاولوا أن يتأملوا (من الشائع أيضاً أن يختبر الطلاب فيضاناً من الانفعالات عندما يكونون في الشافاسانا أو في أية وضعيات مرمّمة أخرى، أو عند تأديتهم للآسانا مثل انحناءات الظهر الخلفية، أو الانحناءات الأمامية، أو الالتواءات). التأمل هو المكان حيث الصدمات النفسية المحجوزة يمكن أن تُطلق، وقد تكون النتائج غير مريحة للغاية. إنّ ما تتعلمه خلال التأمل يستطيع أن يساعدك في أن تسمو فوق الأحداث المؤلمة في حياتك ويقودك إلى درجة من السعادة والهدوء لم تبلغها من قبل. إذا برزت المشاكل، فقد يكون من المفيد أن تعمل مع أستاذ يوغا خبير في التأمل ومع معالج نفسي إذا احتاج الأمر.
فكرة مفيدة
إذا تعلمت أن تعير انتباهك بدقة، فإن نوعية النَّفَس تكون في أغلب الأحيان دلالة عمّا إذا كان تدريب البراناياما ملائماً. أعِر انتباهاً دقيقاً على وجه التحديد للنَّفَس التالي بعد تجريبك لتدريب ما. لِنقل مثلاً بأنك أطلت مدة الزفير وهو أمرٌ معروف لتأثيراته المهدِّئة. إذا انتهى بك الأمر أن اضطررت لأن تلهث أو تشد بأية طريقة في النَّفَس التالي، فتلك إشارة أكيدة بأنك كنت عدوانياً جداً ويجب أن تتراجع قليلاً. والمجال الآخر الرئيس لصدى عملك هو عقلك. إذا وجدت نفسك شاعراً بالاضطراب أو التشتت بعد التمرين، فثمة خطأ ما. ينصح معظم الخبراء في حالات كتلك أن تنهي تدريبك لليوم وأن تسترخي ببساطة بأداء شافاسانا طويلة أو أي تدريب مجدِّد آخر. يمكنك في اليوم التالي أن تجرب مرة أخرى مخفِّضاً من شدة التدريب. إذا نمت نوماً رديئاً أو شعرت باضطراب في اليوم التالي، فقد تحتاج لفرصة أطول. وكما هو الحال دوماً، عندما تكون في حيرة من أمرك، استشر معلماً متمرِّساً.
اليوغا أثناء الطمث (الدورة الشهرية)
يعتقد الكثير من معلِّمي اليوغا أن تأدية وضعيات الانقلاب خلال فترة الحيض هو أمرٌ ممنوع.
وفي حين أن رأيهم هذا قد ينطوي على حكمة، إلا أن نصيحتهم ترتكز أساساً على التخمين الناشئ عن التعلّم. لقد حُذِّرت النساء لسنوات بأنهن إذا انقلبن رأساً على عقب خلال فترة حيضهن، فإن الدم يمكن أن يتسرّب من قناتي فالوب ويسبِّب الانتباذ البطاني الرحمي، وهي حالة مؤلمة تنمو فيها عناقيد صغيرة من الخلايا الرحمية في التجويف البطني. وقد تبين بأن هذا “الطمث الرجوعي” يحدث لدى أكثر من 90 بالمائة من النساء؛ واللواتي لم يُصَب معظمهن أبداً بالانتباذ البطاني الرحمي.
أنا أعتقد أنه من الأفضل الإحجام عن الانقلاب عندما يكون التدفق غزيراً. فبصرف النظر عن أية اعتبارات أخرى، فإن هذا هو الوقت التي تكون فيه التشنجات مؤلمة ومستويات الطاقة منخفضة. بالنسبة لمعظم النساء، تحدث هذه الأعراض على نحوٍ غالب في الأيام القليلة الأولى من الدورة، رغم أنها تتفاوت كثيراً. يبدو أن الانقلابات الموجزة التي تستمر لدقيقة أو أقل مثلاً، وتحديداً إذا أُدِّيت في وقتٍ لاحق من الدورة، هي أقل احتمالاً لأن تتسبّب بمشاكل من تلك المستمرة لفترة أطول. أحد البدائل للانقلابات القياسية هو الوضعيات التي تضع الرأس في مكان أخفض من القلب ولكنها تحافظ على مستوى الحوض، مثل وضعية الجسر المُسنَدة (انظري الشكل 3.5). هذه الوضعية هي مرمّمة أيضاً ويمكن أن تُؤدَّى بأمان في الأوقات الأخرى التي تكون فيها الطاقة منخفضة.
الشكل 3.5: يمكن لوضعية الجسر المُسنَدة على وسادة أن تزوِّد التأثيرات المهدِّئة لوضعيتيّ وقوف الرأس ووقوف الكتفين دون أن تؤثر في الدفق الحيضي.
فكرة مفيدة
ربما ما هو أكثر إقلاقاً من الانقلاب خلال الطمث هو الإصرار على المحافظة على تدريب قوي بغضّ النظر عن كيفية شعورك. إذا كنت تعبة ومتوجّعة، فإن جسمك يخبرك أن تهوِّني عليه. نصيحتي هي أن تحجمي عن كل الآسانا القوية – تحيات الشمس، ووضعيات الوقوف، وانحناءات الظهر الخلفية غير المُسنَدة، وتوازنات الذراع، والانقلابات – مفضِّلةً عليها تدريباً مرمّماً أكثر.
إذا أردت أن تؤدِّي الانقلابات خلال حيضك بالرغم من الشك بشأن المخاطر، فيبدو من المنطقي أن تعدِّلي تدريبك اعتماداً على أعراضك وردّ فعل جسمك للانقلاب. وخاصةً إذا كنت ممارسةً محترفة أو أنك طوَّرت وعيك الداخلي، فلاحظي ما يحدث لمستوى طاقتك أو لدفقك الحيضي عندما تنقلبين. إذا تآلفت ولم تلاحظي أية مشاكل أو أي انزعاج إضافي خلال الوضعية أو خلال الساعات التالية لها، فأنا أشك بأنك قد تُحدثين أي تلف طويل الأمد. إن توقفاً قصيراً في الدفق متبوعاً بنزيف طبيعي لا يقلقني كثيراً. ومع ذلك، إذا لاحظت أية عوارض فتراجعي.
اليوغا خلال الحمل وبعده
من الأفضل أن تحضري صفوفاً (أو أن تدرسي على انفراد) مع معلِّم ذي خبرة بالعمل مع النساء الحوامل، أو أن تحضري واحداً من صفوف الحمل المتخصصة المتزايدة العدد. من الجوهري أيضاً لأجل صحة الجنين أن تتجنّبي التجفاف والحماوة المفرطة. وهكذا، إذا كانت امرأة حامل قد اعتادت على تدريب بيكرام Bikram أو “يوغا ساخنة” قبل حملها، فيجب أن تبدِّل إلى تدريب أكثر اعتدالاً إلى أن تضع مولودها.
أحد المخاوف الأهم المرتبطة بممارسة اليوغا أثناء الحمل يتعلّق بالمستويات المتزايدة من هرمون الريلاكسين. يساعد الريلاكسين على إرخاء الأربطة التي تربط العظام العانيّة من أجل تسهيل الولادة، ولكنه أيضاً يؤدي إلى مطّ الأربطة الأخرى في كامل أنحاء الجسد. إذا مارستِ اليوغا خلال هذه الفترة فقد تكتشفين مستويات جديدة من المرونة في جسدك، ولكن هذه المرونة قد يكون لها ضريبة: عدم استقرار المفاصل. يعني هذا بأنه ليس من الآمن أن تناضلي بإصرار نحو حدِّك الأقصى بالطريقة نفسها التي ربما كانت لديك قبل أن تصبحي حاملاً. عوِضاً عن ذلك يتعيَّن عليك أن تجعلي تدريبك لطيفاً وأقل توجُّهاً. ركِّزي على نوعية التجربة، وابقي نَفَسك سلساً، وتخلَّي عن أي مناضلة لدفع نفسك. قد تجد الكثير من النساء صعوبة في ذلك، ولكنه الأفضل لك ولطفلك.
وبالرغم من تفاوت الأطباء فيما يتعلّق بالوضعيات التي يعتبرونها ملائمة أثناء الحمل، إلا أني أقدِّم لك هنا بعض النصائح العامة. إذا كان خطر حدوث إجهاض عالياً، فإن بعض المعلمين يوصون بتجنب الآسانا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. وبعد الأشهر الثلاثة الأولى تجنبي الالتواءات القوية والانحناءات الأمامية التي تكون فيها الرِجلان متقاربتين معاً وهو ما يمكن أن يضع ضغطاً على الرحم. يجب أن تُؤدَّى الانحناءات الأمامية على الأغلب بظهرٍ مقعّر (انظري الشكل 4.5) وذلك من أجل تجنب جلب الحافة السفلى للقفص الصدري باتجاه الرحم. يمكن للوضعيات التي تمط البطن، مثل انحناءات الظهر الخلفية، أن تمطّ أيضاً الخط الأبيض، وهو التركيب الليفي الذي يفصل العضلات المستقيمة في الجهة الأمامية من البطن والتي هي أساساً متمددة بسبب الحمل. أي شيء يتعدّى انحناءات الظهر الخلفية المعتدلة هو ممنوع. تفادي القفز في الوضعيات أو أية حركات مزعجة أخرى طوال فترة الحمل، وخاصة في الأشهر الثلاثة الأخيرة منه. يعتقد معظم المعلمين بأن على النساء أن يؤدِّين فقط وضعيات مثل وقوف الرأس ووقوف الكتفين إذا كان لديهن تدريب مؤسَّس بهذه الوضعيات قبل أن يصبحن حوامل، بينما يوصي بعض المعلمين بتجاوز هذه الوضعيات كلياً. إذا تمت تأدية بعض وضعيات الانقلاب، فقد يتوجّب التخلي عنها في المراحل اللاحقة من الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل.
الشكل 4.5
فكرة مفيدة
لا تستلقي على ظهرك أو بطنك بعد الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. يمكن أداء الشافاسانا على جانبك الأيسر (انظري الشكل 5.5أ) وذلك كي لا تُضعفي عودة الدم إلى القلب عبر الوريد الأجوف، وهو الوريد الكبير الذي يمتد على طول الجانب الأيمن قرب الخط النصفي للجسد. أما الوضعيات الأخرى التي تؤدَّى عادة بشكلٍ منبطح، فيمكن أن تُؤدَّى على وسادة مائلة (انظري الشكل 5.5ب).
الشكل 5.5: (أ) شافاسانا جانبية. هذا البديل للشافاسانا هو أكثر راحة وسلامة من الوضعية القياسية عندما تكونين حاملاً. كما أن وضع بطانية بين الركبتين يجعل الوضعية أكثر راحة.
الشكل 5.5: (ب) ترتيبٌ مائل للوسائد والبطانيات يمنع ضغط الوريد الأجوف في وضعيات تُؤدَّى عادةً بشكلٍ منبطح.
تُعتبر البراناياما الخفيفة ملائمة خلال مراحل الحمل كلّها. توصي جوديث هانسون لاساتر بعدم احتباس النَّفَس مطلقاً وبعدم القيام بأي إرغامٍ من أي نوع. كما أنها لا تنصح بتدريبات التنفس السريعة مثل كابالابهاتي Kapalabhati وبهاستريكا Bastrika. أما التأمل فلا بأس به أثناء شهور الحمل كلّها.
فكرة مفيدة
تحتاج النساء إلى إعادة إدخال تدريب الآسانا ببطء بعد الولادة، لأنهن قد لا يكنّ لائقات بنفس قدر لياقتهن قبل الحمل. ورغم أن مستويات هرمون الريلاكسين تنخفض بسرعة بعد الولادة، إلا أن تأثيرات إرخاء الأربطة تستمرّ لحوالى الثلاثة أشهر. وعليه، يجب أن تكون النساء حريصات على أن لا يُجهدن أنفسهن كثيراً وإلا فهنّ يعرِّضن أنفسهن لخطر الإصابة. يتعيَّن على النساء اللواتي خضعن لعملية قيصرية أن لا يبدأن من جديد بممارسة اليوغا إلا بعد فترة أطول، وخاصة الوضعيات مثل الالتواءات وانحناءات الظهر الخلفية التي يمكن أن تضع ضغطاً على الندبة الجراحية. قد تكون تدريبات النَّفَس والتأمل والآسانا الخفيفة أكثر ملاءمة.