على مدار العقود القليلة الماضية، ظهرت تقاليع غذائية واختفت، ولكن النصائح الطبية المعتادة بشأن ما يشكل أسلوب الحياة الصحي ظلت كما هي: وهي أن تتناول أطعمة منخفضة الدهون، وتكثر من ممارسة التمارين الرياضية… ولا تفوت أية وجبة مطلقًا. وطوال هذه الفترة نفسها، فإن مستويات السمنة حول العالم قد ارتفعت للغاية.
إذن، هل هناك مقاربة مختلفة مبنية على دليل مثبت – مقاربة تعتمد على العلم؟ حسنًا، إننا نعتقد أن هناك طريقة أخرى: الصوم المتقطع.
الصوم قد يبدو قاسيًا وصعبًا، وجميعنا يعرف أن اتباع حمية غذائية، أيًّا كان نوعها، أمر محكوم عليه بالفشل بوجه عام، لكن خبراء الصحة يؤكدون أنه ليس هناك شيء يمكنك أن تقدمه لجسمك أكثر نفعًا من الصوم.
اقرأ بقية مواضيع حمية الصيام المتقطع
حمية الصيام المتقطع في سؤال وجواب
كيف تجعل حمية الصيام المتقطع تنجح معك؟
الصوم ما بين فكرة قديمة وطريقة حديثة
إن الصوم ليس أمرا جديدًا، فإن جسمك مصمم لكي يصوم. فلقد تطور الجنس البشري في وقت كان الطعام نادرا خلاله، ونحن نتاج سنوات طويلة من وفرة الطعام أو المجاعات.
والسبب وراء استجابتنا الجيدة للصوم المتقطع قد يكون محاكاته للبيئة التي ولد فيها الإنسان المعاصر، وهو أمر بعيد كل البعد عن تناول ثلاث وجبات يوميًّا.
إن الصوم المتقطع قد يعيد اتصالنا بجوانبنا الإنسانية؛ فهو ليس طريقة لإنقاص الوزن فحسب، وإنما للتمتع بالصحة والسعادة والرفاهية على المدى الطويل. والعلماء بدءوا لتوهم في اكتشاف وإثبات كيف يمكن أن يكون الصوم أداة قوية.
حمية الصوم : الإمكانية والوعد
إننا نعرف أن النصيحة التقليدية باتباع حمية غذائية بالنسبة للكثيرين لا تجدي نفعاً. وحمية الصوم هي بديل مختلف تماماً؛ فلديها إمكانية تغيير طريقة تفكيرنا المتعلقة بتناول الطعام وإنقاص الوزن.
• حمية الصوم تتطلب منا ألا نفكر فحسب فيما نأكل، وإنما في الأوقات التي نأكل فيها أيضًا.
• ليست هناك قواعد معقدة عليك اتباعها: فالإستراتيجية مرنة، ومفهومة، يسهل تطبيقها.
• ليس هناك إنقاص كبير للسعرات الحرارية اليومية التي تحصل عليها، لذا فليس هناك الملل أو الإحباط أو الحرمان الذي يميز الحميات الغذائية التقليدية.
• صحيح أنه يقتضي الصوم، ولكن ليس كما تعرفه، فهو لن ” يجوعك ” في أي يوم.
• سوف تظل تستمتع بالأطعمة التي تحبها: أغلب الوقت.
• بمجرد أن تنقص وزنك، فإن الالتزام بالبرنامج الأساسي سوف يعني ألا تكتسب الوزن الذي أنقصته مرة أخرى.
• إنقاص الوزن هو ميزة واحدة من مزايا حمية الصوم. ولكن المكسب الحقيقي الذي ستجنيه من ورائه هو التمتع بالصحة على المدى الطويل؛ حيث يقلل مخاطر إصابتك بالأمراض: ومنها السكر وأمراض القلب والسرطان.
• سوف تفهم أنه ليس حمية غذائية، ولكنه أكبر من ذلك بكثير: فهو إستراتيجية دائمة لحياة صحية ومديدة.
الصوم المتقطع هو أفضل طريقة
السبب وراء الصوم المتقطع – والذي يعني باختصار تقليل كمية السعرات الحرارية التي تتناولها لفترة قصيرة ولكن بصرامة – هو أننا نأمل أن يساعدك ذلك في أن ” تخدع ” جسمك فيعتقد أنه على وشك مواجهة مجاعة، وأنه بحاجة للدخول في حالة الإصلاح والصمود.
وسبب استجابة أجسامنا للصوم بهذه الطريقة هي أننا نشأنا في وقت كان المعتاد فيه هو وفرة الطعام أو ندرته؛ فأجسامنا مصممة لتستجيب إلى الضغوط والأزمات؛ لأنها تجعله أكثر صحة وقوة. والمصطلح العلمي لهذا الأمر هو الإنهاض: فما لا يقتلك يجعلك أكثر قوة.
فوائد الصوم
• إنقاص الوزن
• تقليل نسبة IGF-1 : وهو ما يعني تقليل خطر إصابتك بعدد من الأمراض المقترنة بالتقدم في السن: مثل السرطان.
• تنشيط جينات إصلاح الخلايا استجابة إلى مسبب الضغط هذا.
• إعطاء البنكرياس استراحة، الأمر الذي يعزز كفاءة الأنسولين الذي يفرزه استجابة لارتفاع جلوكوز الدم. وزيادة حساسية الأنسولين من شأنها أن تقلل خطر إصابتك بالسمنة، ومرض السكري، وأمراض القلب، وتراجع القدرات المعرفية.
• تحسن الحالة المزاجية بوجه عام والشعور بالرضا. وقد يكون ذلك نتيجة إفراز المخ نسبة أكبر من العامل التغذوي العصبي، والذي نأمل أن يشعرك بمزيد من البهجة؛ وهو ما يجعلك بشكل عام أكثر قدرة على الصوم.
علم الصوم
في هذه الأيام نحن نأكل طوال الوقت. وأصبح الصوم – أي التوقف طواعية عن تناول الطعام – من الأمور المستغربة، ناهيك عن كونه غير صحي. وأغلبنا يتوقع أن يتناول الطعام ثلاث مرات على الأقل في اليوم، كما أننا نتناول كميات كبيرة من الوجبات الخفيفة ما بين الوجبات الرئيسية. وما بين الوجبات الرئيسية والخفيفة نظل أيضًا: نشرب كوب قهوة باللبن من هنا، ونأكل بسكويتًا من هناك، أو ربما مخفوق اللبن لأنه ” صحي أكثر “.
فيما مضى، كان الآباء ينصحون أبناءهم بعدم تناول الطعام فيما بين الوجبات الرئيسية. ولكن هذه الأيام ولت منذ زمن. فلقد أثبت البحث الذي أجري مؤخرا في الولايات المتحدة – والذي درس عادات تناول الطعام لدى 28000 طفل و36000 شخص بالغ على مدار الثلاثين عامًا الأخيرة – أن الوقت بين ما وصفه الباحثون على استحياء بأنه ” مرات تناول الطعام ” انخفض ليصل إلى ساعة تقريبًا في المتوسط. بتعبير آخر، على مدار العقود القليلة الماضية، انخفض الوقت الذي نقضيه ” دون تناول الطعام ” إلى حد كبير؛ ففي السبعينيات من القرن العشرين، كان البالغون يقضون ما يقرب من أربع ساعات ونصف الساعة دون تناول الطعام، وكان من المتوقع أن يتناول الأطفال الطعام كل أربع ساعات.
أما الآن، فقد قلت هذه المدة إلى ثلاث ساعات ونصف الساعة بالنسبة للبالغين، وثلاث ساعات للأطفال، وهذا لا يتضمن كل المشروبات والمأكولات.
إن فكرة أن تقليل كمية الطعام المتناول وزيادة عدد الوجبات على مدار اليوم ” أمر طيب ” يعود لحد ما إلى مصنعي الوجبات الخفيفة ومروجي كتب الحميات الغذائية، ولكنها تلقى دعمًا أيضًا من المؤسسات الطبية؛ فهم يرون أنه من الأفضل أن تتناول الكثير من الوجبات الصغيرة، لأن هذه الطريقة تضمن عدم الشعور بالجوع وعدم التهام أطعمة غنية بالدهون. وأنا أحترم وجهة النظر تلك، وهناك بعض الدراسات التي تقترح أن هناك فوائد صحية لتناول وجبات صغيرة بانتظام، طالما أن الحال لا تنتهي بك في آخر المطاف إلى تناول مزيد من الطعام. ولكن للأسف، فإن هذا هو ما يحدث بالضبط على أرض الواقع.
في دراسة وجد أنه مقارنة بالوضع من ثلاثين عامًا مضت، فإننا لا نأكل أكثر من 180 سعرا حراريًّا في الوجبات الخفيفة فحسب – أغلبها على هيئة مشروبات باللبن، أو مخفوقات اللبن، أو مشروبات غازية – ولكننا نأكل كميات أكبر في الوجبات الرئيسية أيضًا – بمتوسط 120 سعرا حراريًّا في اليوم. بعبارة أخرى، لم تعد الوجبات الخفيفة تعني أننا نتناول كميات أقل من الطعام في الوجبات الرئيسية، ولكنها فقط تحسن شهيتك لتناول مزيد منه.
إن تناول الطعام على مدار اليوم أصبح أمرا عاديًّا للغاية الآن، بل إنه أصبح الشيء المفترض عمله، لدرجة أن فكرة القيام بالعكس أصبحت صادمة.
معتقدات خاطئة عن حمية الصوم
عندما تبدأ في الصوم، سوف تكتشفت بعض الأمور غير المتوقعة عن نفسك، ومعتقداتك، وتوجهاتك الخاصة بالطعام.
• سوف تكتشف أنك في كثير من المرات تتناول الطعام وأنت في غنى عن ذلك، وتفعل ذلك لمجرد توفر الطعام أمامك، أو لأنك تخشى أن تشعر بالجوع في وقت لاحق، أو من باب العادة فحسب.
• قد تفترض أنك عندما تشعر بالجوع، فإنه سيتراكم ويتراكم حتى يصبح غير محتمل، فتضطر لأن تغمس رأسك في وعاء كبير من المثلجات. ووجدت بدلاً من ذلك أنه من الممكن تجاوز الشعور بالجوع. وبمجرد أن تجوع حقًّا، فإنك لا تخاف هذا الشعور.
• قد تعتقد أن الصوم سوف يجعلك مشتت الذهن، وغير قادر على التركيز، ولكنني سوف تكتشف أنه يقوي حواسك ومخك.
الشيء الذي لا يقتلنا يجعلنا أكثر قوة
هناك عدد من الباحثين الذين ألهموني بطرق مختلفة، أبرزهم الدكتور ” مارك ماتسون ” الذي يعمل في المعهد الوطني للشيخوخة في بيثيسدا بولاية ماريلاند. فقبل ذلك بعامين، كتب مقالاً مع ” إدوارد كالابريز ” في مجلة نيو ساينتست بعنوان: ” عندما يكون القليل من السم مفيدًا لك “؛ حيث استوقفني هذا المقال ودفعني للتفكير.
” قليل من السم مفيد لك ” طريقة مثيرة لوصف نظرية الإنهاض: فكرة أنه عندما يتعرض الإنسان – أو أي كائن حي – لضغط أو سم، فقد يجعله ذلك أكثر قوة. والإنهاض ليس مجرد صورة أخرى من فكرة أن ” الالتحاق بالجيش سوف يجعل منك رجلاً “، بل إنها أصبحت تفسيرا بيولوجيًّا معترفًا به عن كيفية سير الأمور على مستوى الخلية.
خذ – على سبيل المثال – أمرا بسيطًا مثل ممارسة التمارين الرياضية؛ فعندما تمارس تمارين رفع الأثقال، فإن ما تفعله في واقع الأمر يضر عضلاتك، ويسبب تمزقات بسيطة في العضلات. ولكنك إذا لم تسرف في ممارسة هذه التمارين، فإن جسمك يستجيب من خلال إصلاحها فتصبح عضلاتك أكثر قوة.
والخضراوات مثال آخر على ذلك؛ فجميعنا يعرف أننا يجب أن نأكل الكثير من الخضراوات والفاكهة لأنها تزخر بمضادات الأكسدة، ومضادات الأكسدة مفيدة لأنها تخلص الجسم من خطر الجذور الحرة التي تجول في أجسامنا فتلحق بها الأذى.
المشكلة في هذا التبرير المقبول على نطاق واسع عن كيفية ” عمل ” الخضراوات والفاكهة أنه خاطئ قطعًا، أو على الأقل غير مكتمل؛ فمستويات مضادات الأكسدة الموجودة في الخضراوات والفاكهة، أقل من أن تحدث التأثير العميق الذي تفعله بوضوح، كما أن محاولات استخلاص مضادات الأكسدة من النباتات ثم إعطاءها لنا بصورة مركزة على هيئة مكملات غذائية لتعزيز الصحة لم تكن مقنعة عندما تم اختبارها في التجارب طويلة المدى. فالبيتا – كاروتين عندما تحصل عليه من الجزر، يكون مفيدًا لك دون شك. ولكن عند استخلاص البيتا كاروتين من الجزر، وإعطائه على هيئة مكمل غذائي لمرضى السرطان، فإنه يزيد حالتهم سوءًا في واقع الأمر.
هناك مفتاح مختلف تمامًا لحل لغز آلية عمل الخضراوات عند التفكير فيها من منطلق نظرية الإنهاض.
فكر في هذا التناقض الواضح: كثيرا ما ترتبط المرارة في الحياة البرية بالسم – شيء يجب تجنبه. وتنتج النباتات عددًا كبيرا مما يعرف بالمواد الكيميائية النباتية، وبعضها يعمل كمبيدات طبيعية للحشرات لمنع الثدييات أمثالنا من تناولها. وحقيقة مرارة طعمها هي إشارة تحذير واضحة: بأن ” نبتعد من هنا ” ؛ مما يجعل هناك أسبابًا وجيهة متعلقة بتطورنا وراء عدم حبنا أو تجنبنا الأطعمة المرة. إلا أن بعض الخضراوات المفيدة بالنسبة لنا: كالكرنب، والقرنبيط، والبروكلي، وغيرها من العائلة الصليبية، مرة للغاية لدرجة أن كثيرا منا لا يحبونها مطلقًا.
وحل هذا التناقض هو أن هذه الخضراوات مرة المذاق لأنها تحتوي على مواد كيميائية قد تكون سامة. والسبب في أنها لا تلحق بنا الضرر أن هذه المواد الكيميائية توجد في الخضراوات بجرعات منخفضة مما لا يجعلها سامة. وبدلاً من ذلك نجدها تنشط استجابة للتفاعل مع الضغط وتُعمل الجينات التي تحمي الجسم وتعالجه.
الصوم والإنهاض
بمجرد أن تبدأ في النظر إلى العالم بهذه الطريقة، فإنك تدرك أن العديد من الأنشطة التي نظنها في البداية كريهة: مثل تناول خضراوات مذاقها مر، أو ممارسة رياضة الركض، أو الصوم المتقطع، بعيدة كل البعد عن كونها مضرة؛ فالتحدي في حد ذاته يبدو جزءًا من الفائدة؛ فحقيقة أن تجويع النفس لفترات طويلة أمر يبدو مضرًّا للغاية على صحتك لا يعني أن الصوم لفترات قصيرة مضر لك بعض الشيء بضرورة الحال، بل إن العكس هو الصحيح في حقيقة الأمر.
لقد أوضح هذه النقطة جيدًا الدكتور ” فولتر لونجو ” : مدير معهد لونيجفيتي إنستيتيوت بجامعة جنوب كاليفورنيا؛ فهو يبحث في الأساس عن سبب الشيخوخة، ويركز على وجه الخصوص على الأمور التي تقلل خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالشيخوخة مثل السرطان والسكر.
لم يدرس ” فولتر ” الصوم منذ سنوات طويلة فقط، ولكنه مواظب عليه أيضًا؛ فهو يطبق بحثه وينجح في اتباع نظام غذائي قليل البروتينات، وغني بالخضراوات – ذلك النظام الذي يستمتع به أجداده في جنوبي إيطاليا. فربما ليس من الغريب أن نجد أجداده يعيشون في جزء من إيطاليا ترتفع فيه نسبة الأشخاص المسنين بشكل يثير الدهشة.
بالإضافة إلى اتباعه نظامًا غذائيًّا قاسيًا إلى حد ما، فإن ” فولتر ” لا يتناول وجبة الغداء ليحافظ على وزنه. الأكثر من ذلك، أنه مرة كل ستة أشهر تقريبًا يدخل في حالة مطولة من الصوم تستمر عدة أيام. ونظرا لكونه إيطاليًّا طويلاً ونحيفًا ومفعمًا بالطاقة، فإنه يعد مثالاً ملهمًا للشخص الصائم.
وسبب تحمسه الشديد للصوم هو أن بحثه – وأبحاث الآخرين – أثبت العديد من المزايا الصحية القابلة للقياس التي تعود منه؛ فالامتناع عن تناول الطعام لفترات قصيرة جدًّا ينشط عددًا مما يعرف بجينات الإصلاح، والتي – كما شرح – تحقق مزايا على المدى الطويل. وقد قال لي: ” هناك العديد من الأدلة المبدئية التي تقترح أن الصوم لفترات مؤقتة قد يحدث تغيرات تستمر لفترات طويلة، والتي قد تكون مفيدة في مقاومة الشيخوخة والأمراض. خذ أي شخص، واطلب منه أن يصوم، وبعد أربع وعشرين ساعة سيحدث تغيير جذري.
وحتى لو أخذت مجموعة من العقاقير – عقاقير تمنحك القوة – فإنك لن تحقق شيئًا ولو القليل من المزايا التي تعود عليك من الصوم؛ فجمال الصوم يكمن في أن جميع فوائده متناسقة”.
الصوم وإطالة العمر
لقد أجريت أغلب الدراسات الأولية طويلة المدى عن مزايا الصوم على القوارض. وقد أمدتنا هذه الدراسات بأفكار مهمة عن آليات الجزيئات التي تدعم مزايا الصوم.
في دراسة مبكرة أجريت عام 1945، منع الطعام عن الفئران يومًا كل أربعة أيام، أو يومًا كل ثلاثة أيام، أو كل يوم بعد يوم، فوجد الباحثون أن الفئران التي منع عنها الطعام عاشت فترة أطول من المجموعة المرجعية، وأنه كلما زادت فترات صيامها، عاشت حياة أطول. كما وجدوا أيضًا أنه على العكس من الفئران التي تتبع نظامًا غذائيًّا قليل السعرات الغذائية بصفة دائمة، لم تخر قوى الفئران الصائمة.
منذ ذلك الوقت، أكدت دراسات عديدة – بالنسبة للفئران على الأقل – أهمية الصوم. ولكن ما الفائدة من الصوم؟ وما آليته؟
يمكن ل ” فولتر ” متابعة الفئران المعدلة وراثيًّا – والتي تعرف باسم الفئران القزمة أو فئران لارون، والتي تحمس لأن يريني إياها. وهذه الفئران، رغم صغرها، فإنها حافظت على الرقم القياسي لطول العمر في الثدييات. بتعبير آخر، فإنها تعيش لفترة طويلة بشكل يثير الدهشة.
إن الفأر العادي لا يعيش لهذه المدة – ربما عامين فقط – ولكن فئران لارون تعيش ضعف هذه المدة تقريبًا؛ فهي تعيش لما يقرب من أربع سنوات عندما تحصل على سعرات حرارية منخفضة. أما بالنسبة للبشر، فقد يساوي ذلك العيش لما يقرب من 170 عامًا.
ليس العمر المديد الذي تعيشه فئران لارون هو الأمر الوحيد المدهش فيها، وإنما تمتعها بالصحة أغلب حياتها الطويلة؛ فهي ببساطة لا تبدو معرضة للإصابة بالسكر أو السرطان، وعندما تموت فإن ذلك يحدث بصور طبيعية أغلب الوقت. وقد قال لي ” فولتر ” إنه عند تشريح الجثة من المستحيل أن يعثر على سبب للوفاة.
السبب وراء صغر هذه الفئران وطول عمرها خضوعها لتعديل وراثي جعل أجسامها لا تستجيب لهرمون يسمى IGF-1 أو عامل النمو الشبيه بالأنسولين. وكما يشير الاسم، فإن هذا البروتين يعمل على تعزيز نمو كل خلية تقريبًا في جسمك. بتعبير آخر، يجعل خلاياك نشطة دومًا؛ فأنت بحاجة إلى كميات كافية من هرمون IGF-1 وغيرها من عوامل النمو وأنت في مرحلة الصغر والنمو، ولكن ارتفاع نسبتها في وقت لاحق من الحياة يؤدي إلى تزايد الشيخوخة واحتمالات السرطان. وكما قال ” فولتر “، فإن الأمر أشبه بالقيادة وأنت تضع قدمك على دواسة السرعة، وتدفع السيارة لتستمر في أداء عملها طوال الوقت. ” تخيل الأمر: بدلاً من أن تأخذ سيارتك بين الحين والآخر إلى الجراج وتغير أجزاءً ومستلزمات فيها، فإنك تستمر في القيادة دون توقف. قطعًا، سوف تتعطل السيارة بالطبع “.
تركز أبحاث ” فولتر ” على محاولة التعرف على طرق الاستمرار في القيادة قدر المستطاع وبأقصى سرعة ممكنة: مع الاستمتاع بالحياة في الوقت نفسه. وهو يعتقد أن الإجابة تكمن في الصوم المتقطع. وسر نجاح الصوم أنه يحث الجسم على تقليل كمية هرمون IGF-1 التي ينتجها.
والدليل على أن هذا الهرمون يلعب دورا مهمًّا في تطور العديد من الأمراض المرتبطة بالشيخوخة ليس قائمًا في القوارض المعدلة وراثيًّا فحسب مثل فئران لارون، ولكن في البشر أيضًا؛ فعلى مدار السنوات السبع الأخيرة، و ” فولتر ” يجري أبحاثه على المزارعين في الإكوادور الذين يعانون خللًا جينيًّا يسمى متلازمة لارون، أو التقزم من نوع لارون. وهي حالة نادرة للغاية تصيب أقل من 350 شخصًا في كل أنحاء العالم، فالأشخاص الذين يعانون متلازمة لارون يحدث لديهم خلل في مستقبل هرمون النمو (GHR) وانخفاض ملحوظ في نسبة هرمون IGF-1. وفئران لارون المعدلة وراثيًّا لديها نوع مماثل من خلل مستقبل هرمون النمو.
إن المزارعين الذين يعانون متلازمة لارون قصيرون بطبيعتهم كثيرا: فكثيرون منهم يقل طولهم عن 120 سنتيمترا. ولكن أكثر شيء مثير للدهشة لديهم هو أنهم – مثل فئران لارون – لا يصابون بالأمراض الشائعة مثل السكر والسرطان. في الواقع، يقول ” فولتر ” إنه بالرغم من خضوعهم للدراسة لسنوات عديدة، فلم تقابل الباحثين أية حالة وفاة واحدة جراء الإصابة بالسرطان. إلا أن أقاربهم، الذين يعيشون منهم تحت السقف نفسه، والذين لا يعانون متلازمة لارون، يصابون بالسرطان.
المحبط لكل من يتمنى أن يطلعنا هرمون IGF-1 على سر طول العمر، أننا نجد المصابين بمتلازمة لارون – على العكس من الفئران – لا يعيشون عمرا طويلاً للغاية؛ فهم يعيشون عمر ا طويلاً، ولكنه ليس طويلاً أكثر من المعتاد. ويعتقد ” فولتر ” أن أحد أسباب ذلك أنهم يميلون للاستمتاع بالحياة بدلاً من أن يشغلوا أنفسهم بأسلوب معيشتهم. فكما أوضح فولتر: ” فإنهم يدخنون، ويتبعون حميات غذائية غنية بالسعرات الحرارية، ثم ينظرون إلي ويقولون: ” هذا غير مهم؛ فلدي مناعة “.
ويرى ” فولتر ” أنهم يفضلون فكرة الاستمتاع بالحياة التي يريدونها والموت في سن 85، أكثر من عيش الحياة بمزيد من الاهتمام وتجاوز المائة من العمر. وهو يحب أن يقنع بعضهم باتباع أسلوب معيشة صحي أكثر حتى يرى ما سيحدث، ولكنه يعرف أنه لن يعيش فترة كافية حتى يرى النتائج.
الصوم وجينات الإصلاح
بالإضافة إلى تقليل مستويات هرمون IGF-1 التي تنتشر في الجسم، يبدو أن الصوم ينشط عددًا من جينات الإصلاح. وسبب حدوث ذلك ليس مفهومًا تمامًا، ولكن النظرية الناشئة تقول ما يلي: طالما أن لدينا الكثير من الطعام، فإن أجسامنا تهتم أساسًا بالنمو، وممارسة العلاقة الحميمة، والتكاثر. والطبيعة لا تضع لنا خططًا طويلة المدى؛ فهي لا توجه استثماراتها في طول العمر. وبمجرد ما نتكاثر، يصبح من الممكن التخلص منا. إذن ما الذي يحدث إذا قررت الصوم؟ حسنًا يصاب الجسم في البداية بصدمة، وتتجه إشارات إلى المخ تذكره بأنك جائع، وتحثك على البحث عما تأكله؛ فيقرر الجسم أن السبب وراء عدم تناولك الطعام بالكم والكيف نفسيهما الذي اعتدته هو أنك الآن في حالة مجاعة. وفيما مضى، كان هذا الأمر معتادًا للغاية.
في المجاعة: ليس هناك مغزى من إهدار الطاقة على النمو أو ممارسة العلاقة الحميمة. بدلاً من ذلك فإن أفضل الأمور التي يمكن للجسم عملها إنفاق مخزونه الثمين من الطاقة على الإصلاح، فيحاول أن يحافظ عليك في حالة جيدة حتى تعود أوقات الرخاء مرة أخرى. ونتيجة لذلك، فإنه بالإضافة لإبعاد قدمك على دواسة السرعة، فإن جسمك يضع نفسه في حالة خلوية مماثلة لحالة الجراج. وهناك يتم ترتيب كل آليات الجينات الصغيرة لتبدأ في عمل بعض أعمال الصيانة السريعة التي تم تأجيلها حتى الآن.
أحد الأمور التي يفعلها تقليل السعرات الحرارية، على سبيل المثال، تنشيط حالة تسمى التهام الذات؛ وهي عملية يقوم خلالها الجسم بتكسير الخلايا الشائخة والمتعبة وإعادة تدويرها. ومثلما هي الحال مع السيارة، من المهم أن تتخلص من الأجزاء التالفة أو الشائخة إذا كنت تود أن تحافظ على سير العمليات داخل الجسم بشكل جيد.
ويعتقد ” فولتر ” أن غالبية الناس الذين يتجاوز مؤشر كتلة أجسامهم 25 يستفيدون من الصوم، ولكنه يعتقد أيضًا أنك إذا خططت للقيام بذلك لأكثر من يوم، فيجب أن تفعل ذلك في مركز جيد؛ فكما يقول: ” الصوم لفترات طويلة هو تدخل سافر. فإذا أحسنت القيام به، فقد يعود عليك بالنفع. وإذا أسأت استخدامه. فقد يضرك كثيرا “. عندما يطول الصيام أيامًا عديدة، ينخفض ضغط الدم لديك وتحدث إعادة برمجة لعملية التمثيل الغذائي. وبعض الناس يفقدون الوعي، وهذا الأمر غير شائع الحدوث، ولكنه يحدث.
أحد مجالات البحث التي خاضها ” فولتر ” هي نتائج الصوم على السرطان، وتزداد فعالية هذا الأمر عند الصوم لفترات طويلة وليست متقطعة. وكما أشار، فإنك في المرة الأولى التي تجرب الصيام فيها لبضعة أيام، فقد تعاني بعض الشيء؛ فأجسامنا معتادة على الحصول على كميات كبيرة من الجلوكوز وارتفاع نسبة الأنسولين، ومن ثم فإنه يحتاج لبعض الوقت حتى يتأقلم. عندئذ لا يصبح الأمر بهذه الصعوبة “.
لم أكن متحمسًا لأسمع كلمة “أخيرا”، ولكن عند ذلك الوقت عرفت أنني يجب أن أجرب الأمر، وكان ذلك تحديًا اعتقدت أنني سأفوز فيه – تحدي العقل في مواجهة المعدة؛ وهو تحدٍّ لا مثيل له.
الصوم وإنقاص الوزن
إحدى طرق إنقاص الوزن هي أن تصوم لفترة طويلة، ولكنني لا أنصح بهذا الصوم كنظام لإنقاص الوزن، لأنه من غير الممكن المداومة عليه. وفي حالة عدم الجمع بينه وبين ممارسة التمارين الرياضية المفعمة بالنشاط، فإن من يصومون لفترات طويلة يفقدون عضلاتهم إلى جانب الدهون. وعندما يتوقفون عن الصوم (كما عليهم أن يفعلوا في النهاية)، فإنهم أغلب الظن يعيدون اكتساب الوزن الذي أنقصوه من جديد.
لحسن الحظ أن هناك الصوم المتقطع، الذي يعد أقل قسوة، وهذا النوع من الصوم يساعد على إنقاص الوزن بثبات، كما أنه من الممكن المداومة عليه دون أن تفقد عضلاتك.
هل الأمر مرتبط بالسعرات الحرارية فقط؟
إذا تناولت 500 أو 600 سعر حراري ليومين كل أسبوع، ولم تسرف لحد كبير فيما تأكل ما تبقى من الأسبوع، فسوف تنقص وزنك بطريقة ثابتة.
ولكن هل هناك أي دليل على أن الصوم المتقطع يقوم بأكثر من ذلك؟ لقد اطلعت مؤخرا على دراسة مذهلة تقترح أن الوقت الذي تأكل فيه لا يقل أهمية عما تأكله.
في هذه الدراسة، أجرى علماء من معهد سولك للدراسات الحيوية أبحاثًا على مجموعتين من الفئران وأطعموا المجموعتين أطعمة غنية بالدهون. كانت جميع الفئران تحصل على كمية الطعام نفسها بالضبط، الفارق الوحيد أن الفئران في المجموعة الأولى كان الطعام متاحًا أمامها طوال الوقت، فكانت تأكل كلما رغبت في ذلك – مثلما نفعل. بينما كانت الفئران في المجموعة الثانية مضطرة لتناول طعامها في غضون ثماني ساعات فقط. وكان ذلك يعني أنها لا تأكل طوال ست عشرة ساعة في اليوم؛ أي إنها كانت تصوم كرهًا.
بعد 100 يوم، حدث اختلاف كبير بين المجموعتين. فالفئران التي كانت تأكل أطعمة غنية بالدهون عانت ارتفاع الكوليسترول وارتفاع جلوكوز الدم، كما أنها عانت أمراض الكبد. أما الفئران التي اضطرت للصوم طوال ست عشرة ساعة في اليوم ازدادت أوزانها بمقدار أقل (28% أقل)، وعانت أمراض الكبد بنسبة أقل، رغم أنها كانت تتناول كمية الطعام ونوعيته. كما انخفضت لديها نسبة الالتهابات المزمنة، وهو ما يقترح انخفاض خطر الإصابة بعدد من الأمراض من بينها أمراض القلب والسرطان والسكتة الدماغية وألزهايمر.
يبرر باحثو معهد سولك هذا الأمر بأنه طوال الوقت الذي تتناول الطعام خلاله، ترتفع نسبة الأنسولين في الجسم ويدخل الجسم في حالة من تخزين الدهون. وبعد ساعات قليلة من الصوم يتوقف الجسم عن حالة تخزين الدهون وتنشط آليات حرق الدهون. ومن ثم إذا كنت فأرا تجتر بصفة مستمرة، فسوف يستمر جسمك في تصنيع الدهون وتخزينها؛ مما يؤدي إلى السمنة وأمراض الكبد.
والآن، أتمنى أن تكون قد اقتنعت مثلي بأن الصوم له العديد من المزايا الصحية، فضلاً عن مساعدته في إنقاص الوزن. لقد كنت مدركًا بعض هذه الأمور قبل أن أهتم حقًّا بالصوم، ورغم أنني تشككت فيها في البداية، فقد اقتنعت برسوخ الدليل. ولكن هناك مجال دراسة كان مفاجأة بالنسبة لي: وهو البحث الذي يوضح كيف يمكن للصوم أن يحسن الحالة المزاجية ويحمي المخ من الخرف، وتراجع القدرات المعرفية. كان هذا أمرا جديدًا عليَّ تمامًا، وغير متوقع، ومثيرا للغاية.
الصوم والمخ
المخ – كما قال ” وودي ألين ” ذات مرة – هو ثاني عضو محبب لقلبي، بل إنه قد يكون أحب عضو لي، فبدونه لا شيء في الجسم يؤدي عمله. فالمخ – وهو كتلة رمادية اللون تميل للون الزهري ويشبه قوامها قوام حلوى التبيوكة ويزن حوالي 1.3 كيلوجرام – وصف بأنه أعقد شيء في الكون المعروف. وهو يمكننا من البناء، ونظم الشعر، والتحكم، وحتى فهم أنفسنا؛ الأمر الذي لم ينجح في عمله أي مخلوق آخر.
كما أنه آلة لتوفير الطاقة ذات كفاءة عالية للغاية؛ حيث يقوم بكل هذا التفكير المعقد ويحرص على أداء أجسامنا وظائفها على نحو جيد رغم استخدامه كمية الطاقة نفسها التي يستخدمها مصباح كهربي بقوة 25 وات. وحقيقة أن المخ مرن للغاية وقادر على التكيف بطبيعته تجعل الأمر مأساويًّا عندما يصيبه خلل ما. أنا أعرف أنه مع تقدمي في السن تصبح ذاكرتي معرضة للخطأ. وقد حاولت تعويض ذلك باستخدام عدد من حيل الذاكرة التي تعلمتها على مدار السنين، ورغم ذلك، أحيانًا ما أجد نفسي أعاني لأتذكر الأسماء والتواريخ. الأسوأ من ذلك هو الخوف من أن يأتي يوم وأفقد عقلي تمامًا، فأصاب بنوع من الخرف. من الواضح أنني أريد أن أحمي مخي على حالته قدر المستطاع ولأطول فترة ممكنة. ولحسن الحظ، يبدو أن الصوم يحمي مخي إلى حد كبير.
كان الرجل الذي ذهبت إليه وتحدثت معه عن مخي هو ” مارك ماتسون “. و ” مارك ” – رئيس معمل العلوم العصبية بالمعهد الوطني للشيخوخة – أحد أبرز العلماء في مجاله؛ وهو دراسة شيخوخة المخ. وقد وجدت عمله ملهمًا حقًّا؛ حيث يقترح أن الصوم قد يساعد على مقاومة بعض الأمراض مثل ألزهايمر والخرف وفقد الذاكرة.
رغم أنه كان من الممكن أن أستقل سيارة أجرة لأذهب إلى مكتبه، فإنني اخترت أن أذهب إليه سيرا على قدمي. فأنا من محبي السير، فهو لا يحرق سعرات حرارية فحسب، ولكنه يحسن الحالة المزاجية، وقد يساعد أيضًا في الحفاظ على الذاكرة. من الطبيعي – مع التقدم في السن – أن ينكمش المخ، ولكن إحدى الدراسات اكتشفت أن شق الحصين لدى الأشخاص الذين يواظبون على السير – وهو منطقة في المخ مهمة للذاكرة – يتمدد. مما يجعل مخاخ الأشخاص الذين يواظبون على السير عند تصويرها بالرنين المغناطيسي تبدو – في المتوسط – وكأنها أصغر عامين من مخاخ من يحبون كثرة الجلوس.
إن مرض ألزهايمر يصيب ما يقرب من 26 مليون شخص في كل أنحاء العالم، وسوف تتفاقم المشكلة مع تقدم سكان العالم في العمر. ونحن في أمسِّ الحاجة لأساليب جديدة للتعامل معه؛ لأن مأساة ألزهايمر وغيرها من أنواع الخرف تتلخص في أنه بمجرد أن يتم تشخيص الحالة، يكون من الممكن تأجيل – لا منع – التدهور الذي لا مفر منه. ومن المحتمل أن تسوء حالتك للحد الذي تحتاج فيه لرعاية مستمرة لسنوات عديدة. وفي النهاية، قد لا تتعرف على وجوه من كنت تحبهم في يوم من الأيام.
الصوم والحالة المزاجية
أحد الأمور التي أخبرني بها ” فولتر لونجو ” وغيره من العلماء قبل أن أبدأ في الصوم طوال أربعة أيام، أنه سوف يكون قاسيًا في البداية، ولكن بعد بعض الوقت، سوف أبدأ في الشعور بمزيد من البهجة؛ وهو ما حدث فعلاً. وبالمثل، تفاجأت عندما اكتشفت مدى الإيجابية التي شعرت بها وأنا مواظب على الصوم المتقطع. فقد توقعت أن أشعر بالتعب وتعكر المزاج في أيام صومي، ولكن هذا لم يحدث مطلقًا. فهل هذا التحسن في الحالة المزاجية هو مجرد تأثير نفسي: أن الأشخاص الذين يصومون بشكل متقطع وينقصون أوزانهم يشعرون بالرضا عن أنفسهم، أم أن هناك تغيرات كيميائية تؤثر في الحالة المزاجية؟
وفقًا لما قاله “مارك ماتسون”، فإن أحد الأسباب التي تجعل الأشخاص يجدون الصوم المتقطع من السهل نسبيًّا القيام به هو تأثيره على العامل التغذوي العصبي المشتق من المخ.
فالعامل التغذوي العصبي المشتق من المخ لا يبدو أنه يحمي المخ من الأضرار الناجمة عن الخرف وتراجع القدرات العقلية المرتبط بالسن فحسب، ولكنه قد يحسن أيضًا الحالة المزاجية.
هناك عدد من الدراسات القديمة التي تقترح أن ارتفاع نسبة العامل التغذوي العصبي المشتق من المخ له تأثير مضاد للاكتئاب، وهي تفعل ذلك فعلاً في الفئران على الأقل؛ ففي إحدى الدراسات، حقن الباحثون العامل التغذوي العصبي المشتق من المخ مباشرة في مخاخ الفئران، فوجدوا أن لهذا الأمر تأثيرا مشابهًا للاستخدام المتكرر لمضادات الاكتئاب المعروفة. ووجد بحث آخر أن العلاج بالصدمات الكهربائية، التي من المعروف فعاليتها في علاج حالات الاكتئاب الحاد لدى المرضى من البشر، تنجح – على الأقل جزئيًّا – لأنها تحفز إنتاج نسب أعلى من العامل التغذوي العصبي المشتق من المخ.
يعتقد ” مارك ماتسون ” أنه في غضون أسابيع قليلة من بدء نظام الصوم ليومين كل أسبوع، سيبدأ العامل التغذوي العصبي المشتق من المخ في الارتفاع، مما يقلل التوتر ويحسن الحالة المزاجية. وهو لا يملك حاليًّا البيانات البشرية التي تدعم هذا الادعاء تمامًا، ولكنه يجري تجاربه على متطوعين، ويقوم فريقه خلالها بأخذ عينات من السائل النخاعي بانتظام (ذلك السائل الذي يملأ تجاويف المخ والنخاع الشوكي) لقياس التغيرات التي تحدث في أثناء الصوم المتقطع. وهذه التجربة لا يمكن عملها لضعاف البنية؛ حيث إنها تتطلب إجراء بزل قطني بصفة منتظمة. ولكن كما أوضح لي ” مارك “، فإن العديد من المتطوعين لديه أظهروا بالفعل علامات مبكرة لحدوث تغيرات في القدرات الإدراكية، ومن ثم فقد تحفزوا كثيرا.
و ” مارك ” متحمس لدراسة وتعزيز مزايا الصوم المتقطع، لأنه قلق حقًّا بشأن الآثار المحتملة لمرض السمنة المنتشر حاليًّا على عقولنا وعلى مجتمعنا. وهو يعتقد أيضًا أنك إذا كنت تفكر في الصوم المتقطع، فخير لك أن تبدأ فيه الآن وليس لاحقًا: ” فتراجع القدرات المعرفية المرتبط بالتقدم في السن والذي يحدث عند الإصابة بألزهايمر؛ تلك الأمور التي تحدث في المخ على مستوى الخلايا العصبية وجزيئات الخلايا العصبية، تحدث في وقت مبكر للغاية. فمن المرجح أنها تحدث قبل عقود من بدء المريض في مواجهة مشكلات مع التعلم والذاكرة. ولهذا السبب من المهم أن تبدأ في اتباع حمية غذائية مناسبة في وقت مبكر، وأنت لا تزال صغيرا أو في منتصف العمر، حتى تتمكن من إبطاء تطور هذه العمليات في المخ، وتعيش حتى التسعين من العمر ومخك يؤدي وظائفه بشكل مميز للغاية “.
أنا مقتنع تمامًا بمزايا الامتناع عن تناول الطعام وفوائده بالنسبة للمخ، مثل ” مارك “. ويعد هذا المجال من الأبحاث مثيرا وسريع التطور؛ مما يجعل كثيرا من الناس يتابعونه باهتمام شديد. وبعيدًا عن المخ، فإن للصوم المتقطع آثارا مفيدة قابلة للقياس على مناطق أخرى من الجسم: مثل القلب، والصيغة الدموية، وخطر الإصابة بالسرطان.
الأنسولين: هرمون تصنيع الدهون
عندما نأكل الطعام – خاصة الأطعمة الغنية بالنشويات – ترتفع نسبة جلوكوز الدم ويبدأ البنكرياس – وهو عضو مختفٍ تحت الضلوع بجوار الكلية اليسرى – في إفراز الأنسولين.
والجلوكوز هو الوقود الأساسي الذي تستخدمه الخلايا لتوليد الطاقة، ولكن الجسم لا يحب انتشار نسب عالية منه في الدم. ووظيفة الأنسولين – وهو هرمون – هي تنظيم نسبة السكر في الدم، للتأكد من أنها ليست مرتفعة للغاية أو منخفضة للغاية. وهو عادة ما يفعل ذلك بدقة كبيرة، ولكن المشكلة تحدث عندما تزداد الأعباء على البنكرياس.
الأنسولين هو المتحكم في السكر؛ فهو يساعد في استخلاص الجلوكوز من الدم ثم تخزينه في أماكن معينة، مثل الكبد أو العضلات في صورة ثابتة تسمى الجليكوجين، وذلك لاستخدامه وقت الحاجة إليه. ولكن الشيء الذي لا يعرفه كثيرون هو أن الأنسولين هو المتحكم أيضًا في الدهون؛ فهو يثبط ما يعرف بتحلل الشحم، وهو تكسر دهون الجسم المخزنة. وفي الوقت نفسه، يجبر الخلايا الدهنية على امتصاص الدهون من الدم وتخزينها. وهكذا فإن الأنسولين يجعلك سمينًا. وارتفاع نسبته تؤدي إلى زيادة تخزين الدهون، أما انخفاض نسبته فتؤدي إلى استنفاد الدهون.
المشكلة مع الإسراف المستمر في تناول الكثير من الأطعمة والمشروبات الغنية بالسكر والنشويات – مثلما نفعل بصفة متزايدة – هي أن هذا الأمر يتطلب إفراز المزيد والمزيد من الأنسولين للتعامل مع زيادة الجلوكوز. وحتى حد معين، سوف يتكيف البنكرياس مع ذلك من خلال إفراز كميات متزايدة من الأنسولين. ويؤدي هذا إلى تراكم كميات أكبر من الدهون وأيضًا زيادة خطر الإصابة بالسرطان. ومن الطبيعي ألا يستمر هذا الأمر إلى الأبد. وإذا ظل الجسم يفرز كميات متزايدة من الأنسولين، فسوف تتمرد الخلايا وتصبح مقاومة لآثاره. الأمر أشبه بمناداتك طفلك؛ فقد تظل ترفع صوتك أكثر، ولكن عند حد معين، سوف يكف عن الاستماع لك. في النهاية، تتوقف الخلية عن الاستجابة إلى الأنسولين، فتبقى نسبة الجلوكوز في الدم عالية دومًا، وسوف تجد أنك أصبحت ضمن 285 مليون شخص حول العالم من مرضى السكر من الدرجة الثانية، والتي تعد مشكلة كبيرة ومتزايدة في كل أنحاء العالم. وعلى مدار العشرين عامًا الأخيرة، ارتفعت هذه الأعداد عشرة أضعاف تقريبًا، وليست هناك مؤشرات واضحة تشير إلى انخفاض هذه الأعداد.
والسكري مرتبط بزيادة خطر الإصابة بالأزمة القلبية، والسكتة الدماغية، والضعف الجنسي، والعمى، وبتر الأطراف نتيجة قصور الدورة الدموية. كما أنه مرتبط أيضًا بضمور المخ والخرف الشيخوخي. وفي المجمل، فإن الصورة العامة ليست جيدة.
إحدى طرق تجنب الإصابة بالسكري هي الإكثار من ممارسة التمارين الرياضية، وتناول الأطعمة التي لا تؤدي لمثل هذا الارتفاع في جلوكوز الدم، والتي لا تؤثر سلبًا على نسبة الأنسولين. وسوف نعرض المزيد في هذا الصدد في جزء لاحق. وهناك أيضًا دليل أن الصوم المتقطع سوف يساعد في هذا الأمر.
الصوم المتقطع والأنسولين
في دراسة نشرت عام 2005، طلب من خمسة أشخاص أصحاء صغار السن أن يصوموا يومًا بعد يوم؛ أربعًا وعشرين ساعة، طوال أسبوعين 12. وسمح لهم في أيام صومهم بتناول الطعام حتى الساعة العاشرة مساءً، وعدم تناول أي شيء حتى الساعة السادسة من مساء اليوم التالي. وقد طلب منهم تناول الطعام بشهية فيما عدا ذلك للتأكد من عدم فقدهم أي وزن.
الفكرة وراء التجربة هي اختبار ما يعرف بفرضية الجين المزدهر: فكرة أننا ننشأ في بيئة تتسم بتوافر الغذاء أو ندرته، فإن أفضل طريقة لتناول الطعام هي محاكاة هذه الأوقات. وبنهاية الأسبوعين، لم تحدث تغيرات في أوزان المتطوعين أو تراكم للدهون في أجسامهم، وهو ما خطط له الباحثون. ورغم من ذلك، حدث تغير كبير في حساسيتهم للأنسولين.
بمعنى آخر، بعد أسبوعين فقط من الصوم المتقطع، أصبح لكمية الأنسولين نفسها الموجودة في الدم تأثير أكبر على قدرة المتطوعين على تخزين الجلوكوز أو تكسير الدهون.
كتب الباحثون بسعادة أنه: ” عند تعرض الأشخاص الأصحاء لمراحل من كثرة الطعام وندرته، فإننا نغير معدل تمثيلهم الغذائي إلى الأفضل “. وقد أضافوا أيضًا أن ” حسب معرفتنا، فهذه هي أول دراسة تجرى على البشر يتم خلالها زيادة فعالية الأنسولين من خلال الصوم المتقطع مما يساعد على امتصاص الجلوكوز وتكسير الدهون المتراكمة في أنسجة الجسم “.
عادة ما ينصح الأطباء باتباع حمية غذائية صحية للمرضى الذين يعانون ارتفاع جلوكوز الدم، ولكن هذا الأمر يحدث تغييرا طفيفًا في العادة. وبهذا قد يكون للصوم المتقطع تأثير كبير يغير قواعد اللعبة كلها بالنسبة لصحة الأمة.
الصوم والسرطان
أظهر لي صومي الذي استمر أربعة أيام – تحت إشراف ” فولتر لونجو ” – أنه كان من الممكن أن أقلل نسبة عامل النمو الشبيه بالأنسولين ( IGF-1) لدي؛ والذي آمل أن يقلل من احتمال إصابتي بسرطان البروستاتا. ولكنني اكتشفت لاحقًا أن الصوم المتقطع، وتولية مزيد من الانتباه لكمية البروتين التي أحصل عليها، يساعدانني على أن أُبقي نسبة IGF-1 في النسب الصحية. والعلاقة بين النمو، والصوم، والإصابة بالسرطان تستحق معرفتها.
إن الخلايا الموجودة في أجسامنا تتضاعف بصفة مستمرة، فتحل الخلايا الجديدة محل الأنسجة الميتة أو التالفة أو الممزقة. ويعد هذا أمرا محمودًا طالما أن نمو الخلايا تحت السيطرة. ولكن في بعض الأحيان تتغير الخلية، وتنمو بشكل جنوني، فتتحول إلى سرطان. وارتفاع نسبة المحفزات الخلوية في الدم بشكل كبير للغاية مثل IGF-1 يزيد احتمال حدوث هذا الأمر.
عندما ينتشر السرطان، يتاح للمرضى عدة اختيارات هي التدخل الجراحي، أو العلاج الكيميائي، أو الإشعاعي. والتدخل الجراحي يستخدم لمحاولة استئصال الورم، في حين أن العلاج الكيميائي أو الإشعاعي يستخدم لقتله بالسم. المشكلة الأساسية بالنسبة للعلاج الكيميائي والإشعاعي أنه لا ينتقي الخلايا التي يهاجمها، فبالإضافة إلى أنه يقتل خلايا الورم، فإنه يقتل أو يضعف الخلايا السليمة المحيطة به أيضًا. ومن المحتمل أن يضر على وجه الخصوص الخلايا التي تنقسم بسرعة مثل بصيلات الشعر؛ وهو السبب وراء انتشار تساقط الشعر بعد تلقي العلاج.
أوضح ” فولتر لونجو ” أننا عندما نحرم من الطعام ولو لفترات قصيرة، فإن أجسامنا تستجيب بتخفيف سرعة سير كل العمليات التي تحدث في الجسم؛ فيدخل الجسم في حالة الإصلاح أو الصمود، حتى يتوافر الطعام مرة أخرى – وهذا ينطبق على الخلايا السليمة. ولكن الخلايا السرطانية لها قواعدها الخاصة؛ فهي – بطبيعة الحال – لا تخضع لسيطرة الجسم، وسوف تستمر في التكاثر بأنانية تحت أي ظروف. ومن الممكن أن نغتنم هذه ” الأنانية “، نظريًّا على الأقل. فإذا ما صام المريض قبل خضوعه للعلاج الكيميائي، فإن الخلايا السليمة تدخل في حالة من السبات، في حين أن الخلايا السرطانية تواصل نشاطها؛ مما يجعلها أكثر عرضة لتلقي العلاج.
الوقاية خير من العلاج
إن الصوم – سواء لفترة طويلة أو متقطعًا – سوف يقلل مستوى IGF-1، ومن ثم خطر إصابتك بعدة أمراض سرطانية. ولكن ما الدليل الآخر الموجود على أن الصوم المتقطع يقلل خطر السرطان؟ كما ذكرت سابقًا، فإن الدكتورة ” ميشيل هارفي ” بمركز جينيسيس للوقاية من سرطان الثدي تعمل في هذا المجال منذ فترة.
إحدى دراساتها التي أجريت مؤخرا تبحث فيما إذا كان الصوم المتقطع قادرا على تقليل خطر إصابة السيدات بسرطان الثدي. في هذه الدراسة، قسمت 107 متطوعات إلى مجموعتين. وطلبت من المجموعة الأولى أن تتبع حمية البحر المتوسط الصحية، بعد تقليلها إلى 1500 سعر حراري في اليوم. وطلبت من المجموعة الأخرى تناول السعرات الحرارية نفسها تقريبًا في الأسبوع، ولكن بصورة مختلفة؛ ففي يومين من الأسبوع فقط، عليهن تناول 650 سعرا حراريًّا في كل يوم. وبعد ستة أشهر، أنقص من يتبعن الصوم المتقطع بعض الوزن بمتوسط 5.7 كيلوجرام إلى 6.4 كيلوجرام، كما انخفض لديهن أنسولين الصوم ومقاومة الأنسولين كثيرا، فضلاً عن انخفاض نسبة بروتين الالتهابات انخفاضًا ملحوظًا أيضًا. وتقترح الأمور الثلاثة انخفاض خطر الإصابة بسرطان الثدي.
وتعتقد الدكتورة ” هارفي ” أيضًا – من منظور الوقاية من السرطان – أن فائدة الصوم المتقطع الأهم من إنقاص الوزن، هي أنه يقلل كمية السكر الذي يؤدي للإصابة بسرطان الثدي، وهو ما يعني أن الخلايا تنقسم بصورة أقل من المعتاد وأقل عرضة للتحول لخلايا مسرطنة.
اختبارات قد ترغب بإجرائها
قف على الميزان
أول وأكثر الأمور وضوحًا التي سترغب في معرفتها هي وزنك قبل أن تبدأ في هذه المغامرة. في البداية، من الأفضل أن تقوم بها في وقت محدد كل يوم. افعل ذلك قبل أي شيء
في الصباح، عندما يكون وزنك أخف ما يكون؛ مثلما أنا واثق أنك تعرف.
دهون الجسم
مثاليًّا، يجب أن تشتري ميزانًا يقيس نسبة دهون الجسم، وأيضًا وزن الجسم، نظرا لأن ما ترغب حقًّا في رؤيته هو انخفاض نسبة دهون الجسم. وأجهزة قياس الوزن الأرخص تعطي نتائج غير موثوق بها تمامًا؛ فهي تميل لتقليل الرقم الحقيقي، فتعطيك إحساسًا زائفًا بالأمان. ولكن ما تجيد القيام به نسبيًّا هو قياس التغير. بتعبير آخر، قد تخبرك عندما تبدأ، أن كتلة الدهون في جسمك هي 30%، في حين أن الرقم الحقيقي أقرب أن يكون 33%، ولكنها يجب أن تكون قادرة أن تطلعك متى يبدأ هذا الرقم في الانخفاض.
يتم قياس دهون الجسم كنسبة مئوية من وزنك الكلي. وأجهزة قياس الوزن التي يمكنك شراؤها تفعل ذلك بنظام يسمى المقاومة؛ فهناك تيار كهربي صغير يجري في جسمك: ويقيس الميزان مقاومته. وهو يعطي تقديره بناءً على حقيقة أن العضلات وغيرها من الأنسجة مؤشرات أفضل للكهربية مقارنة بالدهون. وتميل السيدات لاحتواء نسبة أكبر من الدهون عن الرجال. فرجل نسبة دهون جسمه تتعدى 25% يعد زائد الوزن. أما بالنسبة للسيدات فيجب أن تكون 30%.
الطريقة الوحيدة لتحصل على قراءة دقيقة تتم من خلال جهاز يسمى مقياس امتصاص الأشعة السينية ثنائي البواعث والذي يرمز له ب DXA ؛ اختصارا للمصطلح الإنجليزي (Dual-emission X-ray absorptiometry). وهذا الجهاز باهظ للغاية، كما أنه يعد غير ضروري بالنسبة لأغلب الناس.
احسب مؤشر كتلة جسمك
سوف يخبرك مؤشر كتلة جسمك بما إذا كنت زائد الوزن. وأحد الانتقادات التي توجه لمؤشر كتلة الجسم هو أن فردًا لديه الكثير من العضلات قد يعطيه مؤشر كتلة جسمه رقمًا عاليًا. ولكن هذا الأمر لا ينطبق على الغالبية العظمى من الناس، مع الأسف.
قس معدتك
إن مؤشر كتلة الجسم مفيد، ولكنه قد لا يكون أفضل مؤشر لصحتك المستقبلية؛ ففي دراسة أجريت على أكثر من 45000 سيدة على مدار ستة عشر عامًا 17 ؛ كانت نسبة الخصر إلى الطول مؤشرا جيدًا لمن سوف تصاب بمرض في القلب.
وسبب أهمية الخصر الشديدة هو أن أسوأ أنواع الدهون هي الدهون الحشوية؛ تلك التي تتراكم داخل المعدة؛ فهذا هو أسوأ نوع لتوزيع الدهون، لأنه يسبب التهابات ويزيد خطر إصابتك بمرض السكري. وأنت لست بحاجة إلى جهاز خيالي ليخبرك بما إذا كنت تعاني دهونًا داخلية أم لا. كل ما تحتاج إليه هو شريط قياس. وسواء كنت رجلاً أو سيدة، يجب أن يقل محيط خصرك بمقدار النصف عن طولك. وأغلب الناس يقللون من حجم الخصر لديهم بمعدل 0.051 متر لأنهم يعتمدون على مقياس السروال. بدلاً من ذلك، قس خصرك من خلال وضع شريط القياس حول سرة بطنك. كن صريحًا مع نفسك، فالتفاؤل هو أن تقف على الميزان وتنتظر لحظات حتى تحصل على قراءته؛ فأنت لا تخدع أحدًا.
فحوصات الدم
يجب أن تكون قادرا على الحصول على فحوصات قياسية خلال زيارتك الروتينية إلى طبيبك الخاص.
الجلوكوز الصومي
لقد اخترت أن أقيس الجلوكوز الصومي لأنه مقياس حقيقي للياقة حتى لو لم تكن معرضًا لخطر الإصابة بالسكري، كما أنه مؤشر جيد لصحتك المستقبلية؛ فالأبحاث توضح أن ارتفاع نسبة الجلوكوز الصومي ولو بنسبة معقولة مرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وحدوث مشكلات معرفية على المدى الطويل.
الكوليسترول
ينبغي أن تقيس نوعين من الكوليسترول: البروتين الشحمي منخفض الكثافة (LDL) (الكوليسترول الضار)، والبروتين الشحمي مرتفع الكثافة (HDL) (الكوليسترول المفيد).
وبوجه عام، يحمل البروتين الشحمي منخفض الكثافة الكوليسترول إلى جدران الشرايين، بينما يطرد البروتين الشحمي مرتفع الكثافة الكوليسترول منها. ومن ثم، من المفيد أن تنخفض نسبة البروتين الشحمي منخفض الكثافة وترتفع نسبة البروتين الشحمي مرتفع الكثافة. وإحدى طرق التعبير عن ذلك هي نسبة البروتين الشحمي مرتفع الكثافة، لإجمالي البروتين الشحمي مرتفع الكثافة، بالإضافة إلى البروتين الشحمي منخفض الكثافة. وأي نسبة تتعدى 0.20 (20%) فهي مفيدة.
الدهون ثلاثية الجليسريد
أنواع من الدهون توجد في الدم، وهي إحدى طرق تخزين الجسم للسعرات الحرارية. وارتفاع نسبتها مرتبط بخطر الإصابة بأمراض القلب.
عامل النمو الشبيه بالأنسولين يعد اختبار عامل النمو الشبيه بالأنسولين أو IGF-1، اختبارا باهظًا وغير متاح لدى جميع الأطباء. وهذا الاختبار يقيس معدل تحول الخلايا ومن ثم خطر الإصابة بالسرطان، وقد يكون أيضًا مؤشرا للتقدم الحيوي في السن. وقد أردت أن أعرف نتائج صيامي يومين أسبوعيًّا على IGF-1 الخاص بي، فاكتشفت أن نسبته تنخفض كثيرا استجابة إلى الصوم أربعة أيام، ولكن بعد شهر من تناول الطعام بصورة طبيعية فإنها تعود لترتفع مرة أخرى إلى حيث كانت من قبل.