يسعى معظم المدخّنين – %85 في الحقيقة – إلى محاولة التوقّف عن التدخين أو يودّون الامتناع عنه؛ لكنّ %90-75 منهم يعودون إلى التدخين بعد محاولة واحدة؛ وقد يكون الخوف من الإخفاق سببا في الامتناع عن مجرّد محاولة الإقلاع عن التدخين؛ غير أنه قد يكون من المفيد أن تتذكّر أنّ الشخص يحاول التوقّف عن التدخين أربع مرّات أو أكثر وسطيا قبل أن يفلح في الامتناع عنه تماما؛ ولا يعدّ التفكير في العودة إليه إخفاقا، لكنه فرصة لتتعلّم كيفية تجنّب العودة إلى التدخين مستقبلا؛ وينجح القليل من الناس في التوقف عن التدخين من دون القيام بتغيير أو السعي إلى العون من الآخرين.
تغيير موقفك
غالبا ما تعتمد المحاولة الجادّة للتوقف عن التدخين على التعرّف إلى مضار التدخين وأنها أسوأ من فوائده؛ وستجد أن ذلك يساعدك على خلق صورة سيئة جدّا للسجائر.
رغم أنّك قد تنظر إلى منتجات التبغ كأصدقاء يساعدونك في أي ظرف ويكونون معك حيثما كنت، لكن فكّر بالتكلفة المرعبة لهذه الصداقة؛ فهذه المنتجات هي عدو قاتل مستخف؛ وبالمقابل، فكّر بالنتائج الإيجابية للبعد عنها بدلا مما تقدّمه لك؛ فإذا كان لديك أطفال، فإنّ التفكير بما قد يتعرّضون له من التدخين يشكلّ أقوى حافز لك.
يمكن أن تساعد نفسك على الإقلاع عن التدخين إذا فكّرت بما يسبّبه التدخين لك من إعاقة لأهدافك الحياتية الأخرى؛ فقد شجّعت السّمعة الاجتماعية للتدخين الكثير من الناس على الابتعاد عنه، حيث لا يدخّن سوى %28 من الأمريكيين اليوم. وقد لا تحتاج إلى التأمّل كثيرا لتعلم أن التدخين يجعلك أقلّ قبولا في العديد من الأوساط والحلقات الاجتماعية.
إنّ من عناصر برنامج الامتناع الناجح عن التدخين تغيير أفكارك ومواقفك المرافقة للتدخين؛ لذلك، ابدأ بالتخلّص من منتجات التبغ ومنافض السجائر في منزلك؛ وهذا ما يجعل الاستجابة للرغبة بالتدخين أمرا غير متيسّر.
فكّر بالأوقات التي تدخّن فيها والمحرّضات على ذلك، ثم تعرّف إلى السلوكيّات التي يمكن اللجوء إليها لاستبدال التدخين؛ فعلى سبيل المثال، إذا كنت تشعر بالرغبة في التدخين خلال المحادثات الهاتفية، ابحث عن شيء آخر غير التدخين لاستبدال هذه السلوك به؛ ويمكن أن يكون تصرّف بسيط كافيا لمساعدتك على ذلك، مثل الخربشة على دفتر صغير بجوارك.
استعدّ للإقلاع عن التدخين
عندما تكون مستعدا للتوقف عن التدخين تماما، حدّد موعدا محدّدا لذلك؛ وأتح المجال لأسرتك وأصدقائك لمعرفة طريقة مساعدتك ودعمك بالأقوال والأفعال؛ وابتعد عن الأماكن التي يدخّن فيها الآخرون، لا سيّما في الأسابيع والشهور الأولى بعد توقّفك عن التدخين؛ وإذا كنت تدخّن عادة خلال حفلات الشراب، عندئذ قد تحتاج إلى الامتناع عن الشراب لفترة من الزمن، فالكحول يضعف إرادتك وتصميمك، وكثيرا ما يؤدي إلى النّكس (عودة التدخين).
اختر طريقة الامتناع الأكثر ميلا إلى النجاح؛ ولكن ليس هناك طريقة وحيدة مفضّلة لذلك؛ فأفضل طريقة هي تلك التي تعتقد أنّها مناسبة لك؛ ويمكنك أن تطلب من مهني الرعاية الصحية مساعدتك على تقييم خياراتك.
هناك عدة طرق فعّالة في مساعدة الناس على إيقاف التدخين، ولكن من أكثرها استخداما هي طريقة الإقلاع فجأة وتماما Stopping «Cold Turkey»، لأنّ قرار التوقّف عن التدخين لا يكون فعالا إذا اتخذ تلقائيا، بل إنّ أكثر الاستراتيجيّات نجاحا هي الناتجة عن التخطيط، وهي تقوم على:
• اختيار تاريخ أو حدث محدّد للإقلاع عن التدخين.
• إخبار الآخرين بنيتك في التوقّف عن التدخين في التاريخ المحدّد لزيادة التزامك به.
• وجود احتفال أو مراسم لذلك اليوم الذي ستقلع فيه عن التدخين.
يتفق معظم الباحثين والأطبّاء والمقلعين عن التدخين Ex-smokers على أنّه كلّما كان قرار الإقلاع عن التدخين أكثر متانة ووضوحا، زاد احتمال نجاحك في تنفيذه. وهناك عدد من الطرق المختلفة للتوقّف عن التدخين، بما في ذلك المعالجة البديلة عن النيكوتين (اللّبان أو اللصاقات أو النشوقات) وبرامج المساعدة الذاتية والبرامج الجماعية والأشكال الأخرى للمداوة.
المنتجات البديلة عن النيكوتين
يعود جزء من الصعوبة في التحرّر من عادة استعمال منتجات التبغ إلى طبيعة الإدمان في النيكوتين، وهذا ما يجعلك بحاجة إلى مساعدة إضافية للتغلّب على تأثيره فيك، حيث يبدأ الانقطاع عن النيكوتين خلال ساعات من آخر سيجارة. وقد تشتمل أعراض الانقطاع Withdrawal على الشوق والإثارة Agitation والقلق والصداع والاكتئاب والتململ وصعوبة التركيز؛ ورغم أنّه من المفضّل التوقّف عن التدخين بشكل مفاجئ عادة، لكن قد يكون من الأسهل الانقطاع عن النيكوتين بالتدريج.
ويمكن تحقيق ذلك باستعمال لبان النيكوتين Nicotine Gum أو لصاقات النيكوتين أو نشوقاته Inhalers أو البخّاخ الأنفي. وتقلّل هذه جميعا أعراض الانقطاع بتحرير مستويات منخفضة من النيكوتين في دورانك الدموي.
تكون المنتجات البديلة عن النيكوتين أكثر فعالية عندما تستخدم كجزء من برنامج الإقلاع عن التدخين؛ ويمكن أن يصف لك طبيبك بخّاخ النيكوتين الأنفي أو النشوق مع تعليمات خاصّة لاستعماله؛ كما يمكنك شراء لبان النيكوتين أو اللصاقات من دون وصفة الطبيب.
يستطيع لبان النيكوتين مساعدتك على الانقطاع عن النيكوتين إذا استخدمته بشكل صحيح. ويكون ذلك بمضغه إلى حين الشعور بإحساس ناخز في فمك (بعد نحو 10 ثوان)، ثمّ اجعله بين خدك ولثتك. كرّر المضغ والإبقاء بين الخد واللثة لمدة 30 دقيقة تقريبا. ويختلف عدد مرات استعمال اللبان وكميته حسب الفترة التي انقضت وأنت تدخّن، ولذلك استعمل عددا كافيا من قطع اللبان للحدّ من الشوق إلى التدخين، بحيث تستطيع التحكّم بنفسك. ويستغرق تخفيف استعمال اللبان إلى حين التوقّف عنه نحو 6-3 شهور.
كما تساعد لصاقات النيكوتين Nicotine Patches على إقلاعك عن التدخين بإنقاص أعراض الانقطاع؛ وتتمثّل المزيّة الرئيسيّة التي تقدّمها اللصاقات على لبان النيكوتين في سهولة استعمالها، فالنيكوتين يتحرّر ببطء من خلال جلدك ويدخل مجرى الدم؛ وعندما تنقص جرعة اللصاقة، تنقص مستويات النيكوتين. وتعتمد قدرتك على الامتناع عن استعمال التبغ على التعديل السلوكي الذي تتبعه.
يوصل البخّاخ الأنفي للنيكوتين Nicotine Nasal Spray هذا المركّب إلى بطانة أنفك بشكل رذاذ Mist دقيق، ويمتصّ جسمك النيكوتين من خلالها، ثم يدخل مجرى الدم. وحتى يكون الاستخدام صحيحا، أمل رأسك للخلف قليلا ولا تستنشق خلال ضغط البخّاخ. ويمكنك تطبيق جرعة من الرذاذ في كل منخر.Nostril ويبدأ معظم الناس بجرعة واحدة في الساعة. وتشتمل التأثيرات الجانبية على التهييج الأنفي والعطاس وسيلان الأنف، وتخمد هذه الأعراض بعد بضعة أيام من استعمال الرذاذ. وتدوم الفترة النموذجية للمعالجة نحو 12-6 أسبوعا، حيث تخفّف الجرعات إلى مقدار بسيط يوميا في نهاية هذه الفترة.
تعطي منشقة النيكوتين Nicotine Inhaler هذا المركّب بشكل بخار إلى بطانة فمك، حيث يجري امتصاصه؛ لاحظ أن النيكوتين لا يستنشق فعليا. وتكون منشقة النيكوتين بشكل ممسك بلاستيكي Plastic Holder توضع فيه خراطيش Cartridges ذات إسفنج تحتوي على بخار النيكوتين؛ وتقوم أنت بنفخ المنشقة لنثر بخار النيكوتين نحو فمك. وحتى تخرج كمية النيكوتين اللازمة للتخفيف من أعراض الانقطاع، تحتاج إلى النفخ تكرارا؛ وتبقى كلّ خرطوشة نحو 2-1 ساعة. ويمكن أن تحتاج في البداية إلى ست خراطيش في اليوم على الأقل. وتبلغ الفترة المألوفة للمعالجة 12-6 أسبوعا، ويمكن أن تنقص الجرعة في نهاية هذه الفترة باستعمال عدد أقل من الخراطيش يوميا.
كما يمكن أن يساعدك مضاد الاكتئاب »البوبروبيون Bupropion (الزيبان Zyban، الولبوترين Wellbutrin) على إنقاص أعراض الانقطاع عن النيكوتين، ويعينك على إيقاف التدخين؛ فلقد وافقت إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية FDA على وصف هذه الأدوية للإقلاع عن التدخين. وتكون الجرعة المستعملة في ذلك أقلّ من تلك المستعملة في علاج الاكتئاب. ابدأ بحبّة واحدة يوميا لمدة 3 أيّام، ثم حبة مرّتين يوميا. وتكون مدة المعالجة مختلفة، لكنها تبلغ 12-6 أسبوعا في العادة؛ وتشتمل التأثيرات الجانبية على فم جاف وأرق. وينبغي ألاّ تستعمل هذه الأدوية إذا كان لديك صرع أو رضح خطير على الرأس أو سكتة أو مرض آخر محرّض للصرع؛ وبما أنها ليس من منتجات النيكوتين، لذلك يمكن استعمالها بالاشتراك مع المنتجات البديلة عن النيكوتين.
الاستراتيجيّات العامة للإقلاع الناجح عن التدخين
.1 ابتعد عن المواقف الداعية إلى التدخين؛ ولا تذهب إلى حيث تجد نفسك تحث على ذلك.
.2 حلّل عندما تدخّن وفكّر في السبب الذي يحرّض ذلك لديك، ثم تعرّف إلى الأنشطة التي تكون بديلا عن التدخين.
.3 طوّر صورة سلبية عن التدخين؛ فهو كريه وقذر ومقرف، ويؤدي إلى اصفرار أصابعك وأسنانك، ويجعل رائحة نفسك وثيابك كريهة، ويهدر مالك وينفّر أصدقاءك.
.4 ذكّر نفسك بكافة الفوائد التي ستجنيها من الإقلاع عن التدخين.
.5 انظر إلى الإخفاق في الإقلاع عن التدخين كتجارب تزيدك خبرة.
.6 اقرأ واستعمل النشرات والبرامج الصادرة عن رابطة السرطان الأمريكية والرابطة الأمريكية للأمراض التنفّسية ورابطة القلب الأمريكية (أو غيرها).
الاستجابات (ردود الفعل) الرئيسيّة للمخاوف المحيطة بالإقلاع عن التدخين
لقد أخفقت سابقا، وربّما أخفق ثانية.
يستطيع أقلّ من %25 من المدخّنين التوقّف عن التدخين في المحاولة الأولى؛ ويحتاج معظمهم إلى أربع محاولات أو أكثر؛ ويعدّ الإقلاع عن التدخين مثل تعلّم أي شيء جديد: إنه يحتاج إلى عدّة محاولات.
سأعاني من رغبة ملحّة في التدخين.
تدوم معظم فترات الرغبة في التدخين أقلّ من 5 دقائق؛ لذلك، فكّر بما يمكن أن تقوم به إلى حين زوال هذه الرغبة.
سوف أعاني من الهياج (النرفزة) والإحباط.
قلّل ما تريده من نفسك خلال فترة الإقلاع عن التدخين، وأعط نفسك استراحة أو إجازة.
سوف أعاني من عدم القدرة على التركيز.
فكّر بالإقلاع عن التدخين خلال العطلة، حيث تكون حاجتك إلى التركيز قليلة.
لا أستطيع تحمّل الشعور بالقلق إلى هذا الحدّ.
اخرج في نزهات أو فترات من الاستجمام؛ استعمل الأشياء واستعمل يديك في أشياء أخرى.
أحتاج إلى التأثير المنبّه للتدخين.
زد من نشاطك وابدأ برنامجا للتمارين، واسع إلى نموذج من التمارين أكثر انتظاما.
سوف يزداد وزني.
في حين يزداد وزن الكثير من المقلعين عن التدخين، لا يحدث ذلك معهم جميعا؛ وتبلغ زيادة الوزن الوسطية بعد التوقّف عن التدخين 8-5 باوندات (4-2 كلغ)؛ وقد يكون من المفيد تناول وجبات خفيفة ضئيلة بالدهون، والبدء ببرنامج تمارين عند التوقّف.
قد لا أكون قادرا على الخلود للنوم.
حتى تحصل على نوم صحّي، لا تقرأ أو تتابع التلفزيون في السرير؛ بل اذهب إلى النوم عندما تكون متعبا؛ ولا تغف خلال النهار، وقم بالتمرين خلال النهار وتجنّب القهوة ليلا؛ وإذا لم تخلد للنوم بعد 30 دقيقة من محاولة ذلك، انهض لفترة من الزمن.
هل تستطيع الإقلاع عن التدخين مرة واحدة (فورا)؟
لا تتمثّل مشكلة التوقّف عن التدخين في لحظة الإقلاع عادة، وإنّما في عدم العودة إليه من جديد؛ فمعظم المقلعين عنه حديثا يخدعون أنفسهم في الاعتقاد بأنّهم يستطيعون تركه فورا، لكن معظمهم لا يستطيعون ذلك. ومن الأفضل ألا تحاول ذلك إن لم تكن قد جرّبت. ويرى الخبراء اليوم أن الوقاية من النّكس (العودة إلى التدخين) هي مفتاح النجاح؛ وحجر الأساس هو التزامك بالبقاء من دون تدخين كلّ يوم؛ لكنّ استراتيجيّات الحيلولة دون النكس مصمّمة لتعزيز التزامك هذا بشكل أفضل.
إنّ مما يساعدك على النجاح وضع أهداف محدّدة قابلة للقياس وتسجيل سلوكك لمراقبة تطوّره والتواصل المتكرّر مع مقدّمي الرعاية الصحية والترتيب للدعم الاجتماعي والتعزيز الإيجابي؛ ويعتمد الكثير من الناس على المكافآت للتشجيع على التقدّم؛ كما أنّ من المهم المحافظة على التيقّظ اليومي لفترة طويلة بهدف تجنّب النكس.
وبصرف النظر عن المساعدة الخاصّة التي قد تحتاج إليها للإقلاع عن التدخين والمحافظة على الامتناع عنه، يمكن أن يعزّز مركز المعالجة المعتمدة على النيكوتين جهودك؛ وفي مثل هذه المراكز، يمكن أن تركّز الاستشارة والوصفات والتعليمات والمتابعة على حاجاتك الخاصّة.
قد يكون الإقلاع عن التدخين أفضل عمل واحد تقوم به لإنقاص خطر المرض القلبي لديك؛ ولكن من المؤكّد أن تعديل عوامل الخطر الأخرى مفيد أيضا، لكن لا شيء أفضل من الابتعاد عن منتجات التبغ؛ فتشارك التدخين مع عوامل الخطر الأخرى يضخّم كثيرا خطر إصابتك بداء الشرايين الإكليلية.
معلومة
أقلع عن التدخين اليوم – لا سيّما إذا كنت دون الخمسين من العمر؛ ففي هذه المجموعة الشابّة من الأعمار، يؤدي التدخين إلى خطر نسب للإصابة بالأمراض القلبية أكثر من الأشخاص بعد الخمسين من العمر؛ كما أنّ النساء اللواتي يدخنّ ويستعملن موانع الحمل الفموية يتعرّضن لخطر مرتفع كثيرا بالنسبة إلى الإصابة بداء الشرايين الإكليلية بالمقارنة مع النساء اللواتي لا يدخنّ ولا يستعملن موانع الحمل الفموية.
معلومة
يعلم المدخّنون أنّ السجائر يمكن أن تقتلهم؛ وفي الواقع، يعبّر أكثر من %80 من المدخّنين عن رغبتهم بالتوقّف عن التدخين، وينجح نحو 1,3 مليون منهم في ذلك سنويا.
يمكن أن ينجح %40-20 من المساهمين في برامج الإقلاع عن التدخين الجيّدة عن ذلك، ويبقون على هذه الحال لمدّة سنة على الأقل؛ ويبدو أنّ برامج التوقّف عن التدخين مفيدة بشكل خاص لدى المدخّنين المفرطين الأكثر إدمانا، مثل أولئك الذين يدخّنون أكثر من 25 سيجارة في اليوم؛ ويمكن أن تزداد معدّلات النجاح بإشراك المداخلات مع بعضها البعض، مثل نصائح الأطبّاء والمتابعة بلبان النيكوتين والتعديل السلوكي.