التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

الإرشاد التربوي للأطفال ومشكلات السلوك الاجتماعي

النمو جملة من التغيرات تشمل كل علاقة داخل الطفل وخارجه. وهذه التغيرات تشمل البناء والوظائف، ولا بد هنا من التفريق بين النمو والتطور. فالنمو تلقائي وطبيعي، أما التطور فمكتسب، ويكون في المهارات والقدرات والخبرات.

النمو في اللغة من نما ينمو، أي زاد وكبر. والنمو في الاصطلاح العلمي سلسلة من التغيرات المتتابعة التي تبدأ بالتكوين الأول للجنين، وتسير نحو اكتمال النضج بصورة تدريجية.

يتضح النمو من خلال الزيادة الكمية والنوعية التي تظهر من خلال النضج في البنية الجسدية والإدراكية للطفل؛ هذه الزيادة تتناول مختلف الجوانب، ففي المجال الجسمي يزداد الطول والوزن، كما يزداد حجم الأعضاء الداخلية كالقلب والمعدة والرئتين، وفي المجال اللغوي يزداد عدد المفردات التي يعرفها الطفل، ويستخدمها، وتزداد قدرته على التفكير والفهم، ويتسع مدى اهتمامه، وتزداد الذاكرة سعةً ومدى. يتجه النمو إلى تشكيل بنائي، ويتجه الكائن الطفل شيئاً فشيئاً لتحقيق النسب النظامية في العلاقات. فإذا كان تخيل الطفل تغلب عليه الصفة الإيهامية، فإنه مع تقدم النمو تتقلص نسبة التعبير اللغوي، كما تقل نسب التقلب الانفعالي ويحل محلها الثبات الانفعالي.

إن هذه الفروق والتغيرات في النسب تجعل المسافة بين الرشد والطفل مسافة كيفية، وتؤكد على خطأ فكرة اعتبار الطفل رجلاً مصغراً.

يولد الطفل مزوداً ببعض السلوكيات الارتكاسية المرتبطة بالنوع، وبتأثير عامل النمو تتفتح صفات جديدة لم تكن مكتملة حين الولادة كالصفات الغريزية الأولية وظهور الأسنان اللبنية، وعلى المستوى المعرفي ظهور دافع الاستطلاع، وظهور القدرة على الاستدلال وحل المشكلات والقدرة على التجريد، وفي الجانب الوجداني يتم استقرار النسق الأخلاقي والقيمي.

الانفصال النفسي

يبدأ انفصال الرضيع عن أمه، ووجوده المستقل لحظة مولده. وعدم وعي الطفل بذاته في هذه المرحلة يعتبر مشكلة أساسية، ولكي ينمو مثل هذا الوعي يجب أن يصبح الطفل أولاً متعلقاً بأمه برباط الحب ذي الأهمية الكلية. تشكل الأم لقاءات الطفل المبكرة مع عالمه. تلك اللقاءات التي ستمنحه الوعي الاجتماعي، ويمكن الحديث عن الطفل كشخص عندما يعي ذاته كفرد منفصل فقط أي كوجود اجتماعي. ولكي يصبح فيما بعد شخصاً له وجوده الخاص يجب أن يعزل ذاته جزئياً على الأقل عن حماية أمه، ويظهر وجهة نظر خاصة به. وكسفينة الفضاء التي يجب أن تجبر نفسها على الخروج من تأثير الجاذبية الأرضية للقيام برحلتها، فإنه يجب على الطفل أن يتحرك خارج مدار الأمن الكائن حول أمه والاندفاع بقوة لإيجاد المكان الخاص به في هذا العالم.

تعتبر السنة الأولى من حياة الطفل حرجة، وذلك بالنسبة لنمو تعلق الطفل بأمه. فأثناء هذه السنة يُظهر جميع الأطفال تقريباً روابط قوية مع الأم أو مع من يقوم مكانها. فالكائنات البشرية تتميز بطفولة عاجزة طويلة الأمد لا تستطيع البقاء على قيد الحياة دون حماية مستمرة. وارتباط الطفل بالأم مسألة ذات أهمية حيوية، حيث يعتمد الطفل الوليد على الوجود المثير والمحبوب للأم، ليس فقط من أجل بقائه الجسمي بل من أجل سلامته النفسية أيضا. ً لذلك يقوم الطفل بتنمية رباط حب يربطه بأمه، ويربط أمه به.

عملية تعلق الطفل بأمه

يتفاعل معظم الأطفال في حوالي الشهر من العمر تقريباً مع أمهاتهم على نحو يختلف عن تفاعلهم مع الناس الآخرين، ويعتقد معظم العلماء أن هذا نتيجة الوضع الغذائي للطفل، والفكرة هنا هي أن تجربة الرضاع عند الطفل تُكوِّن أولى خبراته في عملية المشاركة الاجتماعية، وتمنحه الفرصة ليتعلم حب الوجود مع الآخرين، كما تعطيه الأساس لبناء علاقاته الاجتماعية بالإضافة إلى ذلك فإن ارتباط الأم بالمساعدة وبالتحرر من الجوع والألم والبرد يحدث في داخل الطفل حاجة عاطفية أساسية إلى الأم بحيث تغدو أكثر دفعاً له من حاجاته الجسمية البسيطة. وبتعبير آخر أن الحب المبكر الذي يتعلمه الطفل هو نوع من الحب الكاذب يبغي من ورائه الحصول على بعض المغانم.

يبين عالم الأخلاق الاجتماعية “تور نارد لورنز” أن فراخ الإوز تتعقب غريزياً أول جسم كبير متحرك تشاهده، وذلك في مرحلة حرجة من حياتها تلي عملية الفقس مباشرةً، ومن المظاهر المثيرة للاهتمام في عملية الدفع أن سلوك التعلق قد يظهر دون أن يتلقى الفرد طعاماً أو أي إثابة.
وفي حوالي الشهر الرابع من العمر يسلك الطفل عموماً بالطريقة الودية ذاتها تجاه جميع الناس، وذلك كما كان يفعل سابقاً إلا أنه يستجيب لأمه على نحو أكثر وضوحاً، فهو يبتسم ويناغي لها، ويقتفي أثرها بعينيه أكثر مما يفعل ذلك مع الآخرين، وعلى الرغم من قدرته على تمييزها في هذه السن إلا أنه لا يوجد رباط معها يجعله يسلك بطريقة يحتفظ فيها بتقارب حميم معها على وجه خاص، ذلك الرباط الذي يبين المعنى الحقيقي للتعلق، ويبدو سلوك التعلق في أفضل صورة لدى بكاء الطفل ومحاولته اللحاق بأمه عندما تغادر الغرفة التي يوجد فيها.
كما يتضح هذا السلوك أيضاً في عجز أي كائن عن استرضائه أو تهدئته.

ولقد تبين لبعض الباحثين أن ثلث الأطفال الذين تناولوهم بالدراسة يظهرون سلوك التعلق والاحتجاج المعتدل والثابت من جراء الانفصال في الشهر السادس، في حين أظهر باقي الأطفال هذا السلوك في الشهر التاسع، كما تبين لهؤلاء الباحثين أن التعلق الأول يتجه نحو الأم ويتجه في أحيان نادرة جداً نحو بعض الشخصيات المألوفة الأخرى. وقد أظهر ربع الأطفال تعلقاً بأفراد آخرين من الأسرة خلال الشهر الأول الذي يلي تكوين أول صلة عاطفية عندهم. وتعلق جميع الأطفال عدا قليل منهم بشخص آخر على الأقل “الأب عادة” عندما بلغت أعمارهم السنة والنصف بينما تعلق معظمهم بعدد أكبر من الآخرين “الأطفال الأكبر عادة”، وتتقدم التعلقات الإضافية سريعاً عند بعض الأطفال، فتبدو وكأنها تتضاعف تلقائياً مع أول تعلق تمت ملاحظته، كما بينت نتائج الدراسة أن عدد الأشخاص الذين يتعلق بهم الطفل، يرتبط بعدد الأفراد الذين يتفاعل معهم، كما تبين عموماً أن الأفراد الذين يوفرون آثاراً ضخمة للطفل حتى ولو لم يكونوا معنيين بحاجاته الأساسية، كالحاجة العضوية مثلاً، يصبحون مجالاً لتعلق الطفل بهم.
لهذا ليس من المستغرب أن يبدي الأطفال حالات من الخجل أو الخوف في حضور الغرباء وذلك بعد أسابيع قليلة من تشكل التعلق الحقيقي الأول. وتعتبر المرحلة التي تتكون فيها تعلقات الطفل الأولى مرحلة حساسة، فقد يؤدي تفرق الروابط العاطفية أو التدخل فيها إلى انعكاسات خطيرة، وإن وجود شخص أو أكثر إلى جانب الطفل أثناء الأشهر الثمانية عشرة الأولى من حياته أمر هام جداً، وهذا يعني وجود مستمر لشخص واحد على الأقل ليوفر الرعاية والإثارة الغنية للطفل، والتي تأخذ شكل الرؤية والسمع واللمس. فالأطفال عموماً غير قادرين قبل نهاية السنة الثالثة على الشعور بالأمن في أمكنة غريبة، حيث حلت شخصيات أخرى معروفة محل الأم كالأقارب أو المعلمات، ففي هذه السن فقط يبدأ الطفل في تكوين شخصيات مستقلة ومنعزلة جزئياً، كما يبدأ العمل الفعلي وانفصال الطفل النفسي الأول عن الأم.

الفرق بين الجنسين في نمو الاستقلال

على الرغم من أن البنات يتعلمن خدمة أنفسهن في حوالي العمر ذاته الذي يتعلم فيه الصبيان ذلك، إلا أنهن أكثر ميلاً إلى إظهار سلوك التعلق من الصبيان، إذ يظهرن حاجة أكبر إلى التعلق الجسمي بوالديهم، وقد يعود هذا الاختلاف إلى السلوك الذي يتوقعه المجتمع من كل جنس. فالسلوك التواكلي للبنات مقبول في كثير من المجتمعات، أما الغلمان فيجب أن يؤكدوا استقلالهم من الوجهتين الجسمية والعاطفية. إن الانفصال المبكر بين الطفل وأمه هو الذي يحدث قبل الأوان يسبب ولا شك تمزقاً لصحة الطفل الانفعالية وإن سلوك الطفل ذي السبع سنوات يتغير طبقاً لنوع الرعاية اليومية التي تلقاها أثناء مرحلة الرضاعة. ويوجد نوعان من الخبرة المبكرة مرتبطان بسلوك القلق المتبدي في الطفولة المتأخرة. ويتجسد النوع الأول من هذه الخبرة في الرعاية اليومية غير الأمية، حيث يقوم أفراد آخرون عوضاً عن الأم برعاية الطفل، وذلك قبل نهاية العام الثاني من حياته. أما النوع الثاني من هذه الخبرة فيتجسد في عدم ثبات الشخص القائم برعاية الطفل اليومية، كأن يعنى بالطفل شخص ما لفترة معينة ثم يستبدل به آخر لفترة أخرى. وقد تبين أن هؤلاء الأطفال يتصفون بكثرة الطلبات وبشدة التعلق، كما أنهم أكثر عرضة لقلق الانفصال من الأطفال الذين تلقوا الرعاية على أيدي أمهاتهم في منازل أسرهم. ويتضح نمط هذا القلق عند البنات بشكل خاص أما الغلمان فتوجد غالباً نزعة معاكسة، إذ يبدون ظاهرياً على الأقل أقل عصبية وشعوراً بالذنب، إلا أنهم يتسمون بدلاً عن ذلك بسرعة الاستثارة والعدوان وعدم الثقة واللامبالاة بالعقاب.

نتائج الانفصال الخاطئ على الأطفال

بينت الدراسات التي تناولت سلوك الأطفال الأصحاء الذين انفصلوا عن والديهم في السنة الثانية أو الثالثة من أعمارهم، بينت أن هؤلاء الأطفال يميلون إلى إظهار سلوك يمكن التنبؤ به، ففي المرحلة الأولى مرحلة الاحتجاج يستجيب الطفل للانفصال الناتج غالباً عن وضعه في مدرسة الحضانة بالبكاء والغضب، ويطلب عودة أمه، وكله أمل بالنجاح في إعادتها، وقد تستمر هذه المرحلة عدة أيام يغدو بعدها أكثر هدوءاً، ولكن يتضح مع ذلك استمرار انشغاله بأمه الغائبة والشوق إلى عودتها. وفي معظم الأحيان تذبل آماله الحقيقية بعودتها، ويدخل طوراً جديداًَ هو طور اليأس، وتتناوب بعد ذلك الأطوار، فالأمل يغدو يأساً، واليأس يصبح أملاً متجدداً إلى أن يطرأ في النهاية تغير كبير يبدو معه الطفل كأنه نسي أمه. لذلك عندما يراها مرة ثانية يتجمد في مكانه على نحو يثير الدهشة، ولا يبدي اهتماماً بها كأنه لا يميزها، وتسمى هذه المرحلة مرحلة العزل. ويرى “باولبي” أنه من المحتمل أن يتحول الانفصال الطويل الأمد الذي يمتد إلى أكثر من ستة شهور إلى طور من الانعزال الدائم، وذلك إذا حدث هذا الانفصال في مرحلة التكون الاجتماعي للطفل، ويصدق هذا الرأي بشكل خاص في حال عدم تخفيف صدمة الانفصال، وذلك بالرعاية المشددة التي يقوم بها شخص ما يكون مركزاً لنشاطات الطفل. ويرى “باولبي” أن ما يحدث للطفل أثناء الانفصال شبيه بما يحدث للراشد في حال الحداد، فإنه يعيش خبرة “موت الوالدين” ويتجمد بها، ولوحظ أن العديد من الأطفال الذين يعانون من خبرات كهذه يتصفون بالانعزال وعدم الاستجابة للحياة الاجتماعية. ولهذا نرى أن صفات الأطفال الذين عاشوا في مؤسسات اجتماعية هي الضعف الانفعالي العام الذي تجسد في النشاط الزائد، وعدم القدرة على التركيز، والحاجة إلى الحب والعطف والحنان، وعدم الثقة بالنفس، وبمستوى منخفض من القدرة على التحصيل الإدراكي.

الإفساد

إن السبب في العادات السيئة يعود إلى الاهتمام الزائد بالطفل. وبتعبير آخر إن الاهتمام الزائد يفسد الطفل، ويمنحه فرصة السيطرة على والديه، وثمة اتجاهان يتنازعان الوالدين ذوي الحظ السيئ إما التفريط في التسامح حيث يتمركز الطفل حول ذاته، ويغدو مستبداً متعنتاً غير محبوب، وإما الإفراط في التقييد والتسلط والعقاب، فتغدو شخصية الطفل سلبية خانعة تتسم بالانصياع المفرط. وإن الأمهات المتسلطات والأكثر تقييداً من غيرهن يعتقدن بأنه يجب في بعض الأحيان ترك الأطفال في حالة بكاء. ويرين أن جميع الأطفال ميالون إلى العناد والخبث، ويجب معالجة ذلك بحزم شديد، وتلح تلك الأمهات على عدم السماح للطفل بإدمان الدلال، وعلى عدم وجود أي تساهل في تطبيق النظم والقواعد السائدة التي قد تسبب الإدمان، وتعتقد الأمهات المتسامحات من طرف آخر بأن الطفل لا يبكي من أجل لا شيء، فبكاؤه ليس عبثاً وخصوصاً في المراحل المبكرة من عمره.
لذلك يرين وجوب تجنيب الطفل البكاء وعدم الشعور بالسعادة قدر الإمكان، وذلك من أجل صحته الجسمية والنفسية، ويرى “جون وينوسون” أن الفلسفة الكامنة خلف هذا الاتجاه تؤمن بأن بكاء الطفل دليل على تعلقه، وأن من الصعب نشوء ارتباط بين البكاء والسلوك السيئ أو الإفساد، وتوحي الدلائل باستحالة إفساد الطفل أثناء السنة الأولى من حياته إلا ما ندر في الإهمال، لكن يمكن نثر بذور هذا الإفساد بعد هذه السن، وذلك من خلال اتجاهات الوالدين في التنشئة.

الإرشاد التربوي للأطفال

تدخل خدمات الإرشاد التربوي للأطفال تحت الخدمات النفسية الفردية التي تضم الإرشاد النفسي والإرشاد المدرسي، لكن هذه الخدمة لها مقوماتها الخاصة ومبادئها، لأنها تتناول فئة محددة من الأفراد، وهم الأطفال في سن ما قبل المدرسة. تضم رياض الأطفال كل طفل يتراوح عمره بين الثالثة والسادسة، أما مفهوم الإرشاد التربوي للأطفال فيعرف بأنه مجموعة الخدمات النفسية التي تقدم للطفل من قبل المربين لمساعدته على فهم أكثر وإدراك الوقائع الجديدة والتفوق عليها، مما يؤدي إلى تحقيق التوافق بينه وبين المحيط الذي يعيش فيه حتى يبلغ أقصى ما يمكن من نمو وتكامل في شخصيته بالاستناد إلى أسس علمية أكثر وضوحاً.

أولاً – أسس الإرشاد التربوي للأطفال

1. الأسس النفسية التربوية: يقوم الإرشاد على أسس نفسية وتربوية تعد أساس عملية الإرشاد، وهي:

أ. الفروق الفردية: إن الفروق الفردية مبدأ وقانون عام، فلكل طفل عالمه الخاص وشخصيته الفردية وحاجاته وقدراته وميوله المختلفة عن الآخرين.

ب. مطالب النمو: يتطلب النمو النفسي السوي للطفل في كل مرحلة نمو عدة أمور يجب عليه أن يتعلمها لكي يكون ناجحاً في حياته. ويلاحظ أن مطالب النمو تحتاج إلى نضج وإلى تعليم. وفي الوقت ذاته فإن عدم تحقيق مطالب النمو أو تأخرها يؤدي إلى نشوء مشكلات تربوية أو نفسية.

ج. الفروق في الطفل الواحد: ليست قدرات الطفل واستعداده وميوله واحدة من حيث درجتها وقوتها أو ضعفها، فالخصائص الجسمية تختلف عن الخصائص الانفعالية.

2. الأسس الاجتماعية: الطفل كائن اجتماعي بالطبع منذ الولادة. وبفضل التنشئة التي تقوم بها الأسرة وتشارك فيها مؤسسات أخرى، مثل الرفاق والروضة والمدرسة، يعيش الطفل ضمن جماعة يتأثر بها، ويؤثر فيها. وبهذه العملية التفاعلية يتكون سلوك الطفل الذي يتسم بالفردية والجماعية معاً.

ثانياً – وظائف الإرشاد التربوي للأطفال

.1 فهم الطفل: إن هدف التربية هو تنمية الشخصية حتى تعبر عن نفسها تعبيراً كاملاً، وتفتيح طاقاتها إلى أقصى حد ممكن. ولكي يتحقق هذا الهدف لا بد من فهم طبيعة الشخصية ودورها الذي تقوم به، كما لا بد للفهم أن يسبق الإرشاد. وفهم الطفل ليس بالعملية السهلة، فهو لا يتوقف على نتائج بعض الاختبارات، بل يتطلب جمع المعلومات الكاملة عن الطفل.

.2 الوظائف الوقائية والإنمائية: وهي تهدف إلى تجنب الإضرار بالطفل، وذلك يأخذ اتجاهين.

– الاتجاه الأول: هو الاتجاه الإنمائي. وهو يعني دعم أساليب التفكير والعمل التي تساعد الطفل على النمو الكامل لجميع جوانب شخصيته.

– الاتجاه الثاني: الطريق الوقائي الذي يعني تحديد العوامل التي تؤدي إلى المشكلات بشكل مبكر قبل وصولها إلى مرحلة متطورة.

.3 مساعدة الطفل على تحسين تكيفه: إن الأطفال جميعاً يحتاجون إلى الإرشاد من حين إلى آخر والفرق بينهم هو في مقدار المساعدة، الإرشادية لا في نوع المساعدة ولكن الهدف العام يبقى هو دعم الطفل لحل مشكلاته الخاصة بذاته. ولكن في بعض الحالات يعاني الطفل من سوء تكيف ملحوظ في سلوكه في البيت والروضة. وهنا ينبغي أن تتعاون الأسرة والإرشاد لوضع برنامج لمواجهة المشكلة.

ثالثاً – المسلّمات التي يجب على المربي مراعاتها

يتميز الطفل في مرحلة الروضة بخصائص مختلفة عن الأطفال في المراحل الأخرى، ينبغي للمربي مراعاتها.

.1 الأطفال بطبعهم فضوليون يحبون معرفة أشياء جديدة واكتشاف العالم، وعلينا أن نفسر لهم ونساعدهم على اكتشاف العالم من حولهم.

.2 يختلف الأطفال في سرعة نموهم، أي أن هناك فروق فردية في النمو، وعلى المربي أن يراعي مثل هذه الفروق.

.3 يتميز النمو الجسمي بتسارعه بشكل كبير في هذه المرحلة، ولذلك ينبغي للمربي أن يعلم الأطفال المهارات التي تتناسب مع هذا النمو.

.4 يعد اللعب أهم وسيلة للتعلم. وهذا يتطلب توفير أدوات أو مكان يتيح ممارسة اللعب الحر والجماعي، وهذا ما ينبغي توافره.

.5 يتعلم الطفل بالعمل وليس بشكل نظري. وهذا يتطلب توفير أدوات يقوم الأطفال بتركيبها وتصميمها.

.6 الأطفال اجتماعيون في هذا السن. وهذا يتطلب توفير خبرات اجتماعية تهدف إلى تنمية التفاعل الاجتماعي.

.7 أطفال هذه المرحلة مرنون، ويحبون تغيير الأنشطة. وهذا يتطلب التنويع في الخبرات والأدوات في اللعب والتعليم.

.8 يتعلم الأطفال من خلال الخبرات الأولية من اللمس والشم والتذوق والسمع والبصر، لذلك على المربي تعليمهم من خلال هذه الحواس.

.9 إن معرفة خصائص الطفل في هذه المرحلة تعد أمراً ضرورياً للمربين في رياض الأطفال، كما هي هامة لأي عمل توجيهي أو إرشادي.

رابعاً – أساليب إرشاد الأطفال

كثيرة هي أساليب الإرشاد، فمنها الإرشاد الفردي والإرشاد الجماعي والإرشاد باللعب، ويعد الإرشاد باللعب أفضل أسلوب لإرشاد طفل الروضة. والإرشاد باللعب طريقة شائعة الاستخدام لدى مرشدي الأطفال على أساس أنها تستند إلى أسس نفسية وتربوية واجتماعية. وهي مفيدة في تعليم الطفل وفي تشخيص مشكلاته والأساس الذي يقوم عليه، والإرشاد باللعب هو أن الطفل يقوم وهو يلعب بعملية لعب الأدوار أو تمثيلها، وهو بذلك يعبر عن مشكلاته ومشاعره بشكل عفوي.

.1 أساس الإرشاد باللعب

يقوم على أسس علم نفس النمو وعلم النفس العلاجي، ويستخدم اللعب لدعم نمو الطفل جسمياً وعقلياً وانفعالياً، ولإشباع حاجاته المختلفة. ولذلك يلجأ المربي والمرشد إلى استخدام اللعب كطريقة لضبط سلوك الطفل وتعديله، ويحتاج الإرشاد باللعب إلى مرشد مدرب ومؤهل ويتمتع بخصائص، أهمها القدرة على فهم الأطفال والصبر والمرح والإحساس بالأبوية.

.2 المجالات التي يفيد بها الإرشاد باللعب

أ. الشخصيات الانسحابية: مثل الأطفال الخاملين أو السلبيين أو غير الاجتماعيين فهؤلاء لا يعبرون عن الحب أو العدوان. إن مثل هذا النوع من الأطفال يحتاج إلى مشاركة الجماعة في اللعب، كما أن اللعب مع الجماعة يساعد الطفل على الإقدام والإيجابية والنشاط.

ب. الشخصيات غير الناضجة: هم الأطفال الذين يتمتعون بحماية زائدة من الآباء أدت في النهاية إلى سلوك طفلي، من مظاهره عدم القدرة على تحمل الإحباط ونقص التعاون والدخول في عراك مستمر. ويمكن لهؤلاء خلال اللعب الجماعي تعلم التعاون والتفاهم، وفي النهاية يتعدل سلوكهم.

ج. الأطفال ذوو العادات السيئة: مثل مص الإصبع أو قضم الأظافر ومشكلات الأكل والتلعثم. هذه العادات هي تعبير عن رغبة في الاستقلال والتعبير عن الذات بحرية.

.3 أساليب الإرشاد باللعب

يهيئ المربي الجو النفسي الملائم الذي يسوده التقبل والتسامح، ويصحب الطفل إلى حجرة اللعب، ويتبع الأساليب التالية:

أ. اللعب الحر: وهو غير محدد. وتترك الحرية فيه للطفل كي يختار ما يشاء من اللعب.

ب. اللعب المحدد: وهو لعب موجه ومخطط، وفيه يحدد المربي مكان اللعب، ويختار الألعاب بما يتناسب مع عمر الطفل وخبرته.

ج. اللعب بطريقة الإرشاد السلوكي: وهو يستخدم في حالات مثل الخوف من الحيوانات، وهنا يمكن تحصين الطفل تدريجياً بتعويده اللعب بدمى هذه الحيوانات حتى تتكون لديه الألفة، وتذهب الحساسية والخوف بشكل تدريجي.

مشكلات السلوك الاجتماعي عند الأطفال

هي عبارة عن مشكلات في مخالفة ما يرضي المجتمع ومنافاة قيمه، وعادة ما تكون أشد المشكلات هي:

.1 العناد وعدم الطاعة، أو ما يسمى أحياناً بالعصيان.

.2 نوبات الغضب، وقد تكون رد فعل للإحباط ووجود نموذج عدواني في فعل الآباء.

.3 السرقة وعدم الأمانة، وتحدث بسبب الفقر ونقص الدعم الاقتصادي للأسرة أو أحياناً المرض النفسي.

.4 الغش: وهو سلوك شائع الاستخدام في الصغر. ويتميز صاحب هذه الشخصية بالبراعة في التلاعب والغش وإنكار القيام بهذا العمل الخاطئ.

.5 اللغة غير المناسبة: وتقسم إلى الكلام غير المناسب أو الكلمات الفاحشة المتصلة بالأمور الجنسية، وتكون عند الصغار بدافع اللهو.

.6 التخريب: يشمل التكسير والتدمير للممتلكات. وقد يكون عند الأطفال بدافع اللعب.

.7 الهرب: وقد يكون الهرب من المدرسة أو البيت بسبب شعور بعض التلاميذ بالملل والرتابة.

.8 وقد يحدث بسبب الدفاع عن النفس، وله أخطار كثيرة على مستقبل الطفل التربوي.

أخيراً فإن العلاقة الوالدية مع الطفل هي حصيلة ردود الفعل التي يقوم بها الطرفان إزاء تصرف كل منهما نحو الآخر، وتتوقف طبيعة هذه العلاقة على نوع الاستجابات والمثيرات المقدمة من الأسرة.