يمكن أن يضطرب نظم القلب بطرق مختلفة؛ واستنادا إلى طبيعة المشكلة، يمكن أن يتطلبّ التدبير أدوية أو نواظم أو صدمة كهربائية على جدار الصدر (إزالة الرجفان أو تقويم نظم القلب Cardioversion) أو وضع مزيل رجفان داخلي مقوّم للنظم أو جراحة أو قساطير تزيل النظم الشاذّة؛ ويناقش هذا الموضوع الأصناف المختلفة لمعالجة اضطراب النظم القلبي.
الأدوية Medications
تدعى الأدوية التي تعالج اضطرابات النظم باسم مضادّات اضطراب النظم Antiarrhythmics؛ ويستعمل الأطبّاء كافة مضادّات النظم تقريبا في معالجة النّظم السريعة أو غير المنتظمة، عدا الأتروبين Atropine والإيزوبروتيرينول Isoproterenol اللذين يعطيان وريديا في الحالات الإسعافية لزيادة سرعات القلب البطيئة.
تؤثّر مضادّات اضطراب النظم بطرق مختلفة؛ فبعض هذه الأدوية قد تفيد في نمط من اضطرابات النّظم، في حين يكون غيرها مناسبا لاضطراب آخر في النظم؛ وبالمقابل، يمكن أن يستجيب شخصان مصابان باضطراب النظم نفسه بشكل مختلف للدواء نفسه؛ ولذلك، يتطلّب اختيار الدواء الصحيح تشخيصا دقيقا لاضطراب النظم وفهما لآليته.
تؤثّر معظم مضادّات اضطراب النظم من خلال تغيير السلوك الكهربائي للقلب؛ فتعديل التوصيل الكهربائي يبدّل الحالة التي تجعل اضطرابات النظم تبدأ أو تستمر، وبذلك ينقص حدوثها أو شدّتها.
تعدّ المبادئ المتعدّدة للمعالجة بمضادّات اضطراب النظم هامة جدا لفهم كل من المرضى والأطبّاء.
يمكن أن تؤدّي كافة مضادّات اضطراب النظم إلى تأثيرات جانبية؛ وفي الواقع، يعدّ الميل إلى تحريض اضطرابات النظم من أخطر التأثيرات الجانبية لمضادّات اضطراب النظم؛ فمع أنّ مضادّات اضطراب النظم يمكن أن تفيد 9 مرضى من بين عشرة، لكنها قد تفاقم الحالة لدى واحد منهم.
لقد أصبح اختصاصيو أمراض القلب أكثر إدراكا في الوقت الراهن حول أن الأدوية التي تعطى لمساعدة المرضى قد تؤذيهم أو تزيد من خطر الوفاة فعليا. وقد ظهر ذلك في دراسة على مضادّات اضطراب النظم في ضحايا النوبة القلبيّة المصابين باضطرابات النظم؛ فقد كان معدّل الوفاة أعلى لدى الذين تلقّوا بعض مضادّات اضطراب النظم من الذين أعطوا حبوبا وهمية.
يجب أن يكون الدواء مبرّرا على نطاق واسع وفائدته موثّقة قبل أن يصفه الأطبّاء للمرضى؛ كما ينبغي أن تكون هناك أسباب قاطعة لاستعمال مضادّات اضطراب النظم لديك، وأن تلاحظ بدقّة استجابتك له عند البدء به.
لا تتطلّب كافة اضطرابات النظم المعالجة، فبعضها يؤدي إلى أعراض مثل الخفقان ويكون أقلّ خطرا من الدواء الذي يستعمل في علاجها. وقد يشجّعك الطبيب على عدم القلق بشأن بعض اضطرابات النظم كالتقلّصات البطينية الباكرة «المبتسرة» (ضربة فائتة أو زائدة أو قويّة)؛ كما يجب تجنّب العوامل التي تؤثّر في نظم قلبك وسرعته، مثل التبغ والكحول والكافيين.
يحدّد جزء هام من تدبير النظم مدى النجاح الذي نتوقّعه من الدواء؛ فاعتمادا على الظروف، يمكن قياس الكفاءة بما يلي:
(1) كيفية تأثير الدواء في الأعراض
(2) أو كيفية تغييره لنظم قلبك كما هو ملاحظ من مخطّط كهربائية القلب أو المنظر
(3) أو كيفية منع الدواء لقلبك من التنبّه اصطناعيا وظهور اضطراب في النظم خلال الاختبارات الفيزيولوجية الكهربائية؛ وتكون هذه العملية طويلة ومملّة أحيانا، لكن لا بدّ منها.
لا يوجد دواء مضاد لاضطراب النظم يمكن أن يؤثّر ما لم يوجد في مجرى الدم بمستويات كافية، ومن هنا تأتي فائدة الاختبارات الدمويّة؛ فإذا استمرّ اضطراب النظم وأبدت الاختبارات أنّ مستوى الدواء منخفض، يمكن أن تفيد زيادة الجرعة؛ وتعني الحاجة إلى صيانة المستويات الفعّالة في مجرى الدم أنه يجب استعمال الدواء كما هو موصوف. تجنّب تخطّي الجرعات ما لم يطلب منك ذلك.
مناورة العصب الحائر أو المبهم Vagal maneuvers
وتهدف هذه المناورة إلى وقف اضطراب ضربات القلب عن طريق إجراء محاكاة للعصب المبهم vagus nerves المسؤول عن تتظيم سرعة ضربات القلب وقوة انقباضه.
ثمة طريقة لكي تقوم بهذا وهي حبس النفس أو غمر الوجه في ماء مثلج لمدة ثانية أو ثانيتين.
النواظم Pacemaker
يتطلّب بطء سرعة القلب بشكل شاذ المعالجة (1) إذا أدّى إلى أعراض مثل التعب أو ضيق التنفّس أو الغشية أو السقوط، (2) أو تسبّب نظم القلب في تعريضك لخطر واضح بالنسبة إلى ظهور الأعراض فجأة في المستقبل؛ وتكون المعالجة الفعّالة الوحيدة لبطء القلب هي الناظمة Pacemaker.
صمّمت النواظم أساسا لتستخدم لهدف واحد: الحفاظ على ضربات قلبية كافية عندما يضرب القلب ببطء شديد أو يتوقّف؛ أمّا الآن، فلا تحافظ الأجهزة الأكثر تعقيدا على نبضان القلب بسرعة مقبولة فحسب، بل تحاكي ضربات القلب السوية أيضا من خلال تسريع أو إبطاء سرعة القلب حسب حاجاتك ومستوى نشاطك.
ما هي الناظمة؟
للناظمة جزآن رئيسيّان:
(1) مولّد نبض يحتوي على بطّاريات ودارة إلكترونية
(2) أسلاك (تدعى الاتجاهات أيضا) تحمل إشارة كهربائية من مولّد النبضات إلى العضلة القلبية.
تقع البطّارية والإلكترونيّات والرّقاقة الحاسوبيّة في علبة من التيتانيوم مضادّة للماء بحجم ثلاثة دولارات فضّية مضغوطة؛ وتتكوّن الاتجاهات (الموصلات) من أسلاك مرنة مغلّفة بمادّة عازلة خاصّة مثل مطّاط السيليكون أو متعدّد اليوريثان، كالسلك الكهربائي في المنازل تماما.
تعدّ البرمجة والتقييم جزءا روتينيا من المتابعة؛ ويجري تقييم الناظمة لديك بعد العملية من قبل مبرمج وفي العيادة؛ والمبرمج هو قطعة من أداة شبيهة بالحاسوب متصلة بقارئ شفرة الأنظمة وموضوعة على الناظمة؛ وترسل الدارة الإلكترونية الإشارات وتستقبلها مثل التحكّم عن بعد بالتلفزيون.
كيف تعمل الناظمة؟
تستطيع الناظمة في أبسط أشكالها أن تتحسّس ضربات قلبك وتستجيب وفقا لذلك؛ فإذا اكتشفت أنّ سرعة القلب بطيئة جدا أو لا توجد ضربات قلبية، تصدر الناظمة إشارات كهربائية صغيرة جدا تؤدّي إلى تنبيه القلب حتّى يتقلّص؛ أما إذا تحسّست الناظمة تسرّعا زائدا في القلب، يصبح تأثيرها «حسب الطلب» وتتوقّف إلى حين ظهور حاجة إلى عملها؛ وعندما يتباطأ القلب كثيرا أو يتوقّف، تستأنف الناظمة عملها الناظم.
تبرمج الناظمة بحيث تعرف سرعة القلب المقبولة أو التي يجب أن تبدأ عملها دونها؛ كما يمكن برمجة الوظائف الأخرى، مثل قوّة الإشارة ومدى تحسّسها في اكتشاف ضربات قلبك الطبيعية. وهناك نواظم أخرى أكثر تعقيدا تقدّم المزيد من الخدمات، مثل زيادة السرعة استجابة للتمرين أو الجهد.
النواظم المزدوجة الحجيرة
تتكوّن النواظم المزدوجة السلك أو المزدوجة الحجيرة Dual-chamber من مولّد نبضات وأسلاك لكل من الأذين الأيمن والبطين الأيمن. ويمكن أن يتحسّس هذا النمط من النواظم عندما تصدر الناظمة الذاتية للقلب (العقدة الجيبية) الإشارات بسرعة.
في المصابين بإحصار القلب التام، لا تصل الرسالة الصادرة عن العقدة الجيبية البطينين، لأنّها تحصر عند العقدة الأذينية البطينية؛ ولكن بوجود ناظمة مزدوجة الحجيرة، يتحسّس مولّد النبضات رسالة العقدة الجيبية، ثم يؤدّي إلى تقلّص القلب من خلال إرسال إشارة إلى البطين؛ وهذا ما يحافظ على التتابع السوي لضربات القلب (الضربة الأذينية أولا، تتبعها البطينية)، ويمكن تعديل سرعة الناظمة حسب سرعة العقدة الجيبية.
تسرع العقدة الجيبية في إصدار إشاراتها عندما تجهد نفسك؛ وبذلك، إذا كان لديك ناظمة مزدوجة الحجيرة، تخبرها العقدة الجيبية لتنبّه البطينين ليضربان بشكل أسرع أيضا؛ ويضمن تسارع الضربات القلبية قيامك بالمستوى الطبيعي للنشاط.
يعاني بعض الذين لديهم جهاز أحادي السلك (حيث ينبّه البطين فقط) من شعور مزعج بنبضان رقبي أو امتلاء صدري أو غشي عندما تقوم الناظمة بعملها (يدعى متلازمة الناظمة)؛ ويمكن تجنّب هذه المشاكل باستعمال الأجهزة المزدوجة الحجيرة.
النواظم المستجيبة للسرعة
يفتقر بعض الأشخاص إلى عقدة جيبية سويّة يمكن أن تتعقّبها الناظمة المزدوجة الحجيرة؛ فإذا كنت مصابا بالرجفان الأذيني أو بعدم انتظام أو بطء في العقدة الجيبية، يمكن أن تستفيد من الإنظام المحرّض بالنشاط، وتحاكي هذه الملامح سرعات القلب السوية خلال الأنشطة إلى حد بعيد.
يمكن أن تتحسّس النواظم المستجيبة للسرعة Rate-responsive Pacemakers النشاط الفيزيائي (الجسدي)، مثل المشي أو صعود السلالم، وتغيّر سرعة القلب؛ وعندما يلاحظ المتحسّس أنكّ جالس أو في حالة من الراحة، يحافظ على سرعة بطيئة للقلب؛ وكما أنّ القلب السوي يتسرّع خلال المزيد من النشاط ويبطئ خلال الراحة، تغيّر الناظمة سرعتها حسب النشاط الذي تتحسّسه.
لقد توسّعت تكنولوجيات المتحسّسات بسرعة. ويمكن أن تعتمد النواظم على متحسّس واحد أو مجموعة من المتحسّسات، وذلك حسب الصناعة والنموذج؛ ويكون لكلّ متحسّس أو مجموعة من المتحسّسات القدرة على زيادة سرعة القلب استنادا إلى مقدار نشاط المريض، وتعديل ذلك وفقا لحاجاته.
فأحد أنماط النواظم على سبيل المثال يتحسّس حركة الجسم؛ فعندما تبدأ الحركة بسرعة، تستنتج الناظمة أنك تمشي أو تجري أو تصعد السلالم أو تقوم بتمرين أو جهد آخر، فتزيد الناظمة من سرعة القلب حسب مقدار النشاط المعني.
هناك ناظمة أخرى تتحسّس عمق التنفّس وسرعته؛ فعندما يصبح التنفّس سريعا وعميقا، تستنتج الناظمة أنك تجهد نفسك، فتزيد من سرعة القلب.
تتحسّس ناظمة أخرى درجة حرارة الدم داخل البطين؛ فعندما تقوم بجهد ما، ترتفع حرارة الدم قليلا نتيجة توليد الخلايا العضلية العاملة للحرارة، فتزيد الناظمة سرعة القلب مع زيادة درجة الحرارة.
يحتاج بعض المرضى إلى خاصيّة التحوّل من الإنظام المزدوج الحجيرة إلى الإنظام البطيني الأحادي الحجيرة عندما يتغيّر النظم القلبي إلى رجفان أذيني؛ ولذلك، تتكيّف الناظمة مع هذا التغيّر وتسجّل الحدث.
لقد أدّت التكنولوجيا إلى تحسّن هائل في القدرات التشخيصية وفي مقدار المعلومات التي تخزّنها النواظم؛ فقد أصبح للنواظم الكثير من الملامح الخاصّة التي تعطي معلومات إضافية حول الناظمة ونظام الاتجاهات والوظائف التشخيصية الخاصّة.
زرع الناظمة
يعدّ تركيب الناظمة إجراء جراحيا بسيطا إلى حدّ ما يستغرق نحو ساعة تقريبا؛ فإذا لم تكن موجودا في المستشفى، يجرى دخولك له صباح اليوم السابق لزرع الناظمة أو في المساء؛ وينبغي ألا تأكل أو تشرب شيئا بعد منتصف الليل؛ ويغرز لك قثطار وريدي لإعطاء السوائل والأدوية؛ ويراقب قلبك باستمرار من خلال تخطيط كهربائية القلب قبل زرع الناظمة وخلاله وبعده.
ينظّف صدرك بصابون خاص مضاد للجراثيم (معقّم)، ويحلق عند الضرورة؛ ثمّ يوضع جهاز خاص بالتصوير بالأشعة السينية أعلى منك لمساعدة الطبيب على وضع أسلاك اتجاهات الناظمة بشكل صحيح؛ ويقوم الجرّاحون بتبنيج مكان الشق بمخدّر موضعي تحت عظم القص تماما، ويمكن أن تعطى أدوية إضافية من خلال قثطار وريد للمساعدة على الاسترخاء.
وتجرى اختبارات لضمان وجود الأسلاك في الموضع الأفضل بالنسبة إلى الإنظام القلبي؛ ويقوم الأطبّاء بإدخال أسلاك الاتجاهات في وريد واقع تحت عظم القص باتجاه الجهة اليمنى من قلبك؛ وبعد توضيع الأسلاك بشكل صحيح، يجري وصلها بمولّد النبضات الذي يوضع في جيب تحت الجلد والنسيج الدهني لجدار الصدر؛ وتبرمج الناظمة بحيث يكون المنبّه قويا بما يكفي لإنظام قلبك، لكن من دون أن يكون قويّا جدّا ليسبّب إضاعة طاقة البطّارية.
بعد الإجراء، يمكن أن تأكل وجباتك الاعتيادية حسب التحمّل؛ وتقدّم الممرّضة أو الطبيب التعليمات اللازمة لك ولعائلتك بشأن الناظمة، مع معلومات حول تحرّي النبض ومستوى النشاط والشق الجراحي والمتابعة ومستوى الفعالية عن طريق الهاتف.
يمكن أن يغادر معظم المرضى المستشفى بعد 2-1 يوم من زرع الناظمة؛ كما يمكن مغادرة المستشفى في اليوم نفسه أحيانا.
التعايش مع الناظمة
قد يبقى الشقّ الجراحي مؤلما قليلا لعدّة أسابيع؛ فبعد زوال التورّم الأوّلي، يمكن أن تشعر أو ترى حدود الناظمة تحت الجلد؛ كما تستطيع الاغتسال أو الاستحمام بعد 48 ساعة من زرع الناظمة.
وستنصح بعدم القيادة لمدّة أسبوعين بعد زرع الناظمة للتأكّد من أنّها تعمل بشكل صحيح، ولتجنّب أيّ انزعاج ناجم عن إعاقة مهاراتك في القيادة؛ كما يجب أن تتجنّب، لمدّة شهر، الأنشطة القوية فوق مستوى الكتف، مثل لعبة الغولف والتنس والسباحة وركوب الدرّاجة ولعبة الكرات الخشبيّة (البولنغ) ورفع أي شي يزيد وزنه على 7 كغ؛ فهذه الأنشطة قد تعرّض للخطر ثباتية أسلاك الناظمة، لأنّها متصلة بإحكام إلى الجدار الداخلي لقلبك.
اتصل بطبيبك عندما تعاني من زيادة التورّم أو من احمرار أو نزح من الشق أو من حمّى تزيد على 100 فهرنهايت (37 سنتيغراد).
ومن دواعي السرور أنك لا تحتاج إلى الكثير لضمان أنّ الناظمة تعمل بشكل صحيح؛ ومن الجدير بالذكر أنّ الأنشطة التي تولّد حقولا كهرطيسية (كهرمغناطيسية) قويّة – مثل اللحام القوسي – قد تعيق عمل الناظمة، لذا يجب تجنّبها؛ كما ينبغي أن تتجنّب الرياضات الاحتكاكيّة أو استعمال البنادق والمسدّسات بالرمي من على الكتف حيث توجد الناظمة؛ ولا تؤدّي أجهزة المراقبة في المطارات إلى ضرر في النواظم، لكنها يمكن أن تتسبّب في إصدار صوت من كاشف المعادن؛ ويعلم فريق الأمن في المطارات عن ذلك ويمكنهم مساعدتك؛ ولا تؤثّر أفران المكروويف في النواظم المعاصرة.
الاستبدال
بما أنّ النواظم تعمل بالبطّاريات، لذلك فهي تنتهي في نهاية المطاف؛ ولا تستطيع دائما التكهن بالوقت الذي يحدث فيه ذلك، لأنّه يعتمد جزئيا على مقدار قيامها بالإنظام فعليا مقابل توقّفها؛ ولكن إذا كانت تنبّه القلب نادرا فقط، يمكن أن تبقى البطّارية لفترة أطول؛ في حين تنتهي بسرعة إذا كانت تحثّ القلب معظم الوقت.
تبقى النواظم نحو 8 سنوات عادة، وذلك حسب الصناعة والنموذج وتواتر الاستعمال؛ ويمكن مراقبة حالة البطّارية، بالإضافة إلى وظيفة الناظمة، عبر الهاتف، وبذلك لا حاجة إلى القيام بزيارات متكرّرة؛ كما تزوّد بمنظومة مراقبة هاتفية خاصة، مما يتيح لك إرسال مخطّط كهربائية القلب والإشارات الخاصّة عبر الهاتف إلى مكتب مراقبة مركزي؛ ويوصى بنقل هذه المعلومات كل 3-2 أشهر.
عندما تبدأ الناظمة بإرسال إشارات دالّة على ضعف البطّارية، تعلم بموعد لاستبدال مولّد النبضات؛ ومع أنّه لا يوجد مبرّر للتأخير، لكن لا حاجة إلى الاستبدال مباشرة، لأنّ الجهاز مصمّم للانتظار.
يقوم الأطبّاء بتجديد الناظمة باستبدال مولّد النبضات بالكامل، كما يتفحّصون الاتجاهات الأصلية التي تكون مناسبة للاستعمال المستمر.
إزالة الرجفان وتقويم النظم القلبي
لا يمكن معالجة بعض النّظم القلبية السريعة أو العشوائية بالأدوية بشكل فعّال. وتؤدّي بعض هذه النّظم، كالرّجفان البطيني، إلى نتائج فاجعة (الموت القلبي المفاجئ مثلا)، حيث لا يوجد وقت للبدء بالأدوية؛ كما لا يستجيب بعضها الآخر، مثل الرجفان الأذيني، للأدوية؛ ومن حسن الحظ توفّر شكل بديل للمعالجة في مثل هذه الحالات.
إزالة الرجفان الخارجي وتقويم نظم القلب Cardioversion
يمكن أن يؤدّي تطبيق صدمة كهربائية على القلب عبر جدار الصدر إلى تقويم الرجفان القلبي وتحويله إلى نظم سوي؛ وعندما يجرى ذلك في المصابين بالرجفان البطيني، يدعى هذا الإجراء إزالة الرجفان Defibrillation؛ أمّا في المصابين باضطرابات نظم أقل شدّة، فيدعى تقويم النظم القلبي Cardioversion (تقويم النظم القلبي إلى نظم سوي).
يعتقد أنّ إزالة الرجفان وتقويم النظم القلبي يؤثّران من خلال إيقاف القلب والنظم العشوائي مؤقّتا. وغالبا ما يسمح ذلك باستئناف النظم القلبي السوي من جديد.
يتراوح قدّ أو مقدار الصدمة الكهربائية ما بين 400-20 جول، وهو يزيد على منبّه الناظمة بآلاف المرّات، حيث يمكن أن تؤدّي الصدمة بهذا المدى إلى انتفاض الجسم بقوّة؛ ولكن عندما تجرى إزالة الرجفان في حالة الرجفان البطيني، تكون فاقدا للوعي ولا تشعر بالصدمة.
عندما يجرى تقويم النظم القلبي بشكل انتقائي، يجرى تنويمك مدة 3-2 دقائق بحقن مخدّر عام قصير المفعول؛ ويدلّ تقويم النظم الانتقائي على تقويم النظم القلبي بشكل غير إسعافي، حيث يكون قد رتّب له مسبقا. ومع أنّك يمكن أن تتعايش مع الرجفان الأذيني وتقوم بعملك، لكنّ استعادة النظم السوي بتقويمه Cardioversion يستحقّ المحاولة عندما يكون الرجفان الأذيني حديثا أو مجهول المدّة؛ أمّا عندما يكون الرجفان الأذيني مزمنا، فيندر أن يستجيب لتقويم النظم القلبي، بل يجرى تدبيره بالأدوية عادة.
يصف الأطبّاء الوارفرين عادة لمدّة 3 أسابيع على الأقل قبل محاولة تقويم نظم الرجفان الأذيني، وذلك للوقاية من تشكّل أية جلطة داخل الأذينين المرتجفين، حيث قد تتحرّك بفعل الصدمة الكهربائية وتؤدّي إلى مضاعفات مثل السكتة؛ ويمكن أن يستعمل طبيبك بدلا من ذلك الهيبارين وريديا للحيلولة دون تشكّل جلطة، ويجري تخطيطا لكهربائية القلب عبر المريء للتأكّد من عدم تشكّل جلطات في الأذينين قبل البدء بهذا الإجراء.
يجب قبل تقويم النظم القلبي أن تمتنع عن الأكل مدّة 8 ساعات، حيث يدخل لديك قثطار وريدي في ذراعك وتعطى الأكسجين عبر قناع وجهي؛ كما تعطى مخدّر قصير المفعول عبر الوريد، مما يؤدّي إلى خلودك للنوم مدة 3-2 دقائق؛ وخلال ذلك، يطبّق الأطبّاء الصدمة الكهربائية؛ ويمكن أن تطبّق صدمتان أو ثلاث صدمات عند الضرورة.
بعد تقويم النظم القلبي، تستيقظ وتراقب لعدّة ساعات قبل المغادرة؛ وقد تشعر بالنعاس قليلا، لذلك يجب أن ترتّب للانتقال إلى المنزل قبلا؛ وعندما يستخدم الوارفرين، يحب أن يستمرّ ذلك 4-2 أسابيع؛ ويجب أن تتابع استخدام الأدوية المضادّة للنظم بعد تقويم النظم حسب ما يمليه عليك الطبيب إذا كان هناك احتمال لعودة اضطراب النظم.
إذا لم ينجح تقويم النظم الخارجي المعياري، يمكن إدخال القساطير في القلب للسماح بتقويم النظم الداخلي، والذي ينجح عادة؛ ويعتمد القيام بتقويم النّظم الداخلي على شدّة الأعراض والحالات الطبّية الأخرى.
تجرى معظم حالات إزالة الرجفان وتقويم النظم القلبي في المستشفى أو من قبل فريق الإسعاف؛ وعندما تطبّق رقعتان لاصقتان على جدار الصدر، يمكن أن يتحسّس الجهاز نمط اضطراب النظم؛ ثم يعطي مزيل الرجفان صدمة بطريقة مناسبة؛ ومع أنّ الأجهزة والرّقاقات الحاسوبية قد تخطئ، لكنها قد أدّت إلى تحسّن فائدة الأشخاص الذين يحتاجون إلى إزالة الرجفان الإسعافية.
وهناك نمط خاص من مزيلات الرجفان قد مكّن الأفراد غير المدرّبين على تفسير مخطّطات كهربائية القلب من القيام بإزالة الرجفان المنقذة للحياة في الحالات الإسعافية.
مزيل الرجفان المقوّم لنظم القلب القابل للزرع ICD
Implantable cardioverter-defibrillator
يكون الأشخاص الذين نجوا من توقف القلب الناجم عن الرجفان البطيني أو الذين لديهم عوارض تسرّع قلبي بطيني في خطر من عودة مثل هذه المشاكل، كما قد يعاني المصابون بالتسرّع البطيني من أعراض خطيرة، مثل نقص الوعي، وقد يترقّى التسرّع البطيني إلى رجفان بطيني.
يمكن أن تؤمّن مزيلات الرجفان المقوّمة للنظم التي يمكن غرسها (بدون خطر الرفض) ICDs الوقاية؛ فقد برهنت على كفاءتها بنسبة %99 من الحالات في تحويل النظم الشاذّة؛ ويستطيع اختصاصي أمراض القلب أو اختصاصي الفيزيولوجيا الكهربائية تقييم الحالة لمعرفة ما إذا كانت الأدوية وحدها أم أنّ جمعا من الأدوية ومزيلات الرجفان المقوّمة للنظم التي يمكن غرسها (بدون خطر الرفض) هي أفضل طريقة بالنسبة إليك.
وتعدّ مزيلات الرجفان المقوّمة للنظم التي يمكن غرسها (بدون خطر الرفض) مثلها مثل النواظم، معتمدة على البطّاريات، ومغروسة في الجسم؛ وقد أصبحت أصغر حجما في السنوات الأخيرة، وهي بحجم لوح الصابون حاليا، في حين أنّ الناظمة أكبر من حجم ساعة الجيب. وقد كانت مزيلات الرجفان المقوّمة للنظم التي يمكن غرسها (بدون خطر الرفض) توضع تحت الجلد وعضل البطن، لكن يمكن أن توضع حاليا تحت الجلد في ناحية الترقوة؛ وينبغي أن يؤدّي التقدّم التكنولوجي إلى نقص حجم الأجهزة المستقبليّة أكثر.
تصل إلكترودات سلكية، مثل النواظم، مولّد النبضات في مزيلات الرجفان المقوّمة للنظم التي يمكن غرسها بالقلب، ولكن يختلف موضع الاتصال ونمط الإلكترودات؛ وتستخدم مجموعة مشتركة من الأسلاك عادة؛ فبعض الأسلاك المدخلة عبر الأوردة باتجاه باطن القلب، تتحسّس ضربات قلبك؛ كما يمكن استعمالها للإنظام أيضا، مثل الناظمة العادية، حسب الحاجة؛ ويوجد داخل مزيلات الرجفان المقوّمة للنظم التي يمكن غرسها بطّارية ورقاقة ميكرويّة Microchip ودارات كهربائية متصلة.
يمكن ربط الأسلاك بظاهر القلب أحيانا، بما في ذلك وضع الرقعات على سطحه، وهي تعطي صدمة للقلب عند الضرورة.
لا تحتاج النماذج الحديثة إلى رقعات إلكترودية مثبّتة على ظاهر القلب، بل تستعمل إلكترودية تحت جلد الصدر قرب القلب؛ حيث توضع الإلكترودات التي تحدث الصدمة داخل القلب عادة؛ وتحدّد الاختبارات الدقيقة نموذج مزيل الرجفان المقوّم للنظم الداخلي النوعي وطريقة وضع الاتجاهات التي تعطي أفضل استجابة موثوقة.
يوازي إجراء الغرس إجراء وضع الناظمة، عدا أنّ الأطبّاء يقومون باختبارات إضافية للتأكّد من أن الجهاز يكشف اضطراب النظم البطيني ويعالجه؛ وتغادر المستشفى عادة في اليوم التالي لغرس الجهاز.
كيف تعمل مزيلات الرجفان المقوّمة للنظم التي يمكن غرسها
تراقب مزيلات الرجفان المقوّمة للنظم التي يمكن غرسها نظم قلبك على الدوام، وتستطيع الإنظام مثل الناظمة في حالات بطء سرعة القلب، كما تقوم بإنظام اضطرابات النظم السريعة بسرعة، وتؤمّن تقويما للنظم بتيار منخفض أو بإعطاء صدمة مزيلة للرجفان كبيرة؛ وعندما يحدث تسرّع القلب البطيني، يحاول الجهاز تحويل النظم بإنظام القلب من دون ألم، وذلك حسب نماذج الهبّات السريعة القصيرة التي قد برمجها اختصاصي الفيزيولوجيا الكهربائية.
إذا لم تنجح عدّة محاولات، أو ظهر نظم عشوائي للرجفان البطيني، يشحن مزيل الرجفان المقوّم للنظم الذي يمكن غرسه أوتوماتيكيا ويصدم القلب. ويشبه ذلك مزيل الرجفان الخارجي التقليدي، لكن الجهاز الداخلي ينطوي على خاصيّة جهوزيته الدائمة لإعطاء صدمة قليلة الطاقة عند الحاجة؛ وتعتمد المعالجة الكهربائية النوعية المستخدمة على النظم الحاصل وعلى أية نتائج للاختبارات الفيزيولوجية الكهربائية.
يسجّل مزيل الرجفان المقوّم للنظم الذي يمكن غرسه ويحفظ كلّ حدث وأية معالجة؛ فعندما تعود للتقييم، يستطيع طبيبك مراجعة هذه المعطيات من مبرمج الجهاز، وهو جهاز شبيه بالحاسوب أو الكمبيوتر متصل بقارئ شفرة الأنظمة توضع فوق مزيل الرجفان المقوّم للنظم الغروس؛ وتعمل إشارات خاصّة ترسل المعلومات وتتلقّاها مثل جهاز التحكّم عن بعد بالتلفزيون.
كيف تشعر؟
قد تكون الصدمات مفاجئة ومؤلمة، وقد توصف بأنّها «رفسة في الصدر»؛ لكن لا يدوم الانزعاج سوى جزء من الثانية ولا يؤدّي إلى ألم أو ضرر مديد؛ ويرتبط الألم عادة بالأعراض التي لديك قبل بدء المعالجة؛ فعندما تشعر بالدوخة، قد يكون ذلك مجرّد شعور مبهم بالصّدمة؛ وليس من المستغرب أن تشعر بالارتباك أو الذهول أو القلق بعد الصدمة مباشرة.
متى تتلقّى الصدمة
عندما تتلقّى صدمة واحدة أو معالجة منظمة، تشعر بالعافية وتشفى مباشرة، كما قد تسجّل وتذكر ذلك للمشرف على تقديم الرعاية الصحية لك، مع أنّ ذلك غير إلزامي.
عندما يجري الاتصال معك، يمكن أن تسأل عن الأنشطة والأعراض قبل الصدمة وكيف حدث الشفاء؛ وإذا شعرت بأنك بصحة جيّدة، لكنك قلق قليلا، قد تحتاج فقط إلى الاتصال هاتفيا؛ ولذلك، حاول أن تكون لديك مفكّرة، لأن ذلك يتيح مجالا للمقارنة مع المعطيات التي تحصل عليها من المبرمج.
عندما تحدث المعالجة مرة واحدة أو أكثر أو عندما لا تشعر بالتحسّن، اطلب من شخص موجود بجوارك المساعدة؛ وقد تحتاج إلى الاتصال بالإسعاف؛ وحينما يحتاج الأمر إلى الإنعاش القلبي الرئوي CPR والأنشطة الأخرى المنقذة للحياة، يجب البدء بذلك فورا.
عملية الزرع
يشبه زرع مزيل الرجفان المقوّم للنظم الغروس ICD زرع الناظمة؛ ولكن خلال الإجراء، تنوّم لفترة وجيزة؛ ثمّ تعود بعد الزرع إلى منطقة المراقبة القلبية وتبقى هناك يوما أو يومين فقط في المستشفى.
وتشعر بعد الجراحة ببعض الألم فوق منطقة الشق الخاص بمزيل الرجفان المقوّم للنظم الذي يمكن غرسه؛ وقد تغتسل أو تستحم بعد 48 ساعة من الزرع؛ ومن المألوف بقاء الانزعاج عدّة أيّام؛ وبعد زوال التورّم، يمكن أن تلاحظ بقاء حدود الجهاز والاتجاهات أو تشعر بذلك.
المعوّقات أو القيود بعد الزرع
بعد أن يزول الانزعاج، يمكن أن تستأنف أنشطتك المعتادة. ويشتمل ذلك على التمارين الخفيفة والعمل البسيط والنشاط الجنسي.
في الأسابيع الأربعة الأولى:
• تجنّب الأنشطة أو التمارين العنيفة فوق مستوى كتفيك.
• تجنّب ألعاب الغولف والتنس والسباحة وركوب الدرّاجة والبولنغ.
• تجنّب رفع أيّ شيء يزن 5 باوندات (2 كلغ) أو أكثر.
• لا تمارس الألعاب الرياضية الاحتكاكية؛ فقد يتأذّى مزيل الرجفان المقوّم للنظم الذي يمكن غرسه ICD نتيجة التصادم في هذه الألعاب.
• راقب برامج التمارين الشاقّة؛ وللمساعدة على السلامة وتجنّب الصدمات غير المقصودة، يجب أن يقيّم الطبيب أية برامج جديدة؛ ويمكن أن تحتاج إلى اختبار الجهد على البساط المتحرّك قبل المغادرة.
الاحتياطات والسلامة
• احمل بطاقة تعريف بمزيل الرجفان المقوّم للنظم الذي يمكن غرسه ICD معك دائما؛ واعرف الشركة المصنّعة له.
• لا تؤثّر الأجهزة المنزلية، مثل أفران المايكرووايف، في وظيفة مزيل الرجفان المقوّم للنظم الذي يمكن غرسه ICD
• يمكن استعمال الأدوات المنزلية إذا كانت بحالة جيّدة ومتصلة بالأرض.
• يمكنك أن تمشي عبر أجهزة الأمن في المراكز التجارية والأبنية من دون خوف.
هل يمكنك القيادة
رغم أنّ مزيل الرجفان المقوّم للنظم الذي يمكن غرسه ICD منقذ للحياة، لكنّه لا يحول دون فقد الوعي الذي قد يحدث في الرجفان البطيني؛ ولذلك، قد يوصيك الطبيب بعدم القيادة لمدّة 6 شهور.
ويجرى بعد ذلك تقييم الأحداث القلبية النوعية والنظم وتحمّل النظم والمعالجة؛ واستنادا إلى نظم قلبك، يمكن أن ينصحك الطبيب بعدم العودة إلى القيادة؛ وقد يستغرق مزيل الرجفان المقوّم للنظم الذي يمكن غرسه ICD نحو 15-5 ثانية لكشف النظم والشحن وإعطاء الصدمة؛ ونتيجة لذلك، تجعل بعض الأنشطة – مثل القيادة – كلّ شخص في خطر عندما تعاني من الرجفان البطيني.
المتابعة والاستبدال
ترتّب المواعيد في العيادات الخارجية كلّ 6-3 شهور، لا سيّما عند استبدال مزيل الرجفان المقوّم للنظم الذي يمكن غرسه ICD؛ ويحصل الفريق الطبّي خلال كلّ زيارة على معطيات سريعة عن الأحداث (الصدمات والمعالجة الإنظامية السريعة) وحالة البطّارية ومعلومات عن الناظمة من مبرمج مزيل الرجفان المقوّم للنظم الذي يمكن غرسه.
تدوم مزيلات الرجفان المقوّم للنظم الذي يمكن غرسها نحو 6-4 سنين؛ والنماذج الحديثة أصغر وتدوم أكثر من الأجهزة السابقة؛ وعندما يحين زمن الاستبدال، قد يرتّب الموعد في غضون بضعة أسابيع؛ وهذا لا يحتاج إلى التصرّف فورا، مع أنّه لا يوجد سبب للتأخير عادة؛ ويستمرّ مزيل الرجفان المقوّم للنظم الذي يمكن غرسه بالعمل بشكل سوي خلال هذه الفترة؛ ويجرى التحقّق من الاتجاهات الأصلية خلال الاستبدال، ثمّ يستبدل مزيل الرجفان المقوّم للنظم الذي يمكن غرسه (المولّد بالكامل). وقد يجرى ذلك في العيادة الخارجية عادة.
المعالجة الجراحية والمعالجة بالقساطير
لا تستجيب بعض اضطرابات النظم السريعة جيدا للأدوية، ولا يمكن معالجتها بمزيلات الرجفان الداخلية بشكل مناسب؛ فبعض المرضى مثلا يكونون مصابين برجفان أذيني يؤدّي إلى نبضان البطينين بسرعة فائقة رغم استعمال الأدوية. وقد تكون هذه السرعة مزعجة جدا أو حتى خطرة؛ ويعاني البعض الآخر من نظم سريعة ناشئة مباشرة من العقدة الأذينية البطينية.
يكون لدى بعض الأشخاص «جسر» شاذ (بالإضافة إلى العقدة الأذينية البطينية السوية) يصل الأذين بالبطينين كهربائيا، ويسمح ذلك بسير الدفعات الكهربائية من الأذين إلى البطين من دون المرور بالعقدة الأذينية البطينية؛ ويمكن أن تؤهّب هذه الحالة – التي تدعى متلازمة وولف باركنسون وايت Wolff-Parkinson-White Syndrome واختصارها WPW – لحدوث نظم قلبية سريعة جدا وخطرة.
إذا لم تؤثّر الأدوية في أي من هذه الحالات، هناك أساليب علاجية أخرى.
المعالجة الجراحية
يمكن قطع «الجسر» أو السبيل الإضافي في متلازمة WPW بمبضع الجرّاح؛ وقد بقيت الجراحة هي الحل في هذه الحالة لسنوات عديدة، لكن حلّت محلّها اليوم طرق القسطرة إلى حد كبير.
تنشأ بعض النظم، مثل التسرّع البطيني، من موضع معيّن في العضلة القلبية في بعض الحالات؛ فإذا أخفقت المعالجات الأخرى، يمكن أن يحول استئصال الموضع جراحيا من حدوث هذه النظم مرة أخرى؛ ويمكن أن يعالج التدبير الجراحي الذي يدعى إجراء «متاهة» الرجفان الأذيني في المرضى الذين لديهم أعراض هامة رغم المعالجة الدوائية.
الاجتثاث(استئصال) بالقسطار Ablation therapy
تعدّ الطرق غير الجراحية بقسطار الاجتثاث «الخاص» هي المفضّلة، بحيث غالبا ما يمكن اللجوء إليها لمعالجة متلازمة WPW أو الرجفان الأذيني السريع أو تسرّع القلب الشديد الناجم عن العقدة الأذينية البطينية والأذين والبطينين.
يستطيع الاختصاصيّون، باستعمال دراسات فيزيولوجية كهربائية خاصة تحديد وضعية السبيل (المسار أو الطريق) الإضافي في المصابين بمتلازمة وولف باركنسون وايت (طريقة تدعى وضع الخريطة)؛ حيث يقوم الأطبّاء بإدخال قثطار خاص يوضع قريبا من السبيل، ثم يمرّرون عبره تواترات راديوية radiofrequency؛ فتسخن نهاية القثطار وتخرّب (تشكيل ندوب) المنطقة الصغيرة من القلب التي تحتوي على الجسر النسيجي الشاذ.
عندما تكون وظيفة العقدة الجيبية الأذينية شاذة، حيث تنقل دفعات كهربائية إلى البطينين بسرعة فائقة (كما هي الحال خلال الرجفان الأذيني السريع) أو بإبداء ضربات قلبية سريعة، يمكن تخريبها انتقائيا بالاجتثاث بالتردّدات اللاسلكية لإبطاء سرعة القلب.
لقد كانت إجراءات الاجتثاث بالقثطار فعّالة في تدبير هذه المشاكل المختارة؛ فاستنادا إلى سبب تسرّع القلب، يمكن أن تؤدّي هذه الإجراءات إلى إحصار القلب التام، مما يتطلّب وضع ناظمة؛ فللسيطرة على سرعة القلب في المصابين بالرجفان الأذيني السريع مثلا، يؤدّي الاجتثاث بالتردّدات اللاسلكية إلى إحصار القلب التام لدى أكثر من %90 من الحالات؛ ويعدّ النظم المنظم (الإنظامي) المنتظم تحسّنا كبيرا في سرعات القلب السريعة المترافقة بأعراض والتي حدثت سابقا؛ ولكن من النادر جدا أن يؤدّي اجتثاث الجسر في متلازمة وولف – باركنسون – وايت إلى إحصار القلب التام.
كما يمكن أن يؤدّي الاجتثاث بالقثطار Catheter Ablation إلى إزالة النسيج الأذيني أو البطيني الذي قد يكون مسؤولا عن اضطراب النظم؛ وتحدّد الاختبارات الكهربائية الفيزيولوجية ووضع الخرائط Mapping موقع النسيج الشاذ، والذي يجتثّ بعد ذلك بطاقة الترددات اللاسلكية؛ ويستطيع هذا الأسلوب معالجة تسرّع القلب الأذيني وتسرّع القلب البطيني والرفرفة الأذينية وتسرّع القلب بالعقدة الأذينية البطينية؛ وما يزال الاجتثاث الأذيني بالقثطار في المصابين بالرجفان الأذيني قيد الاستقصاء، وهو موضوع اهتمام ملحوظ للأبحاث.
إجراء ميز أو المتاهة Maze Procedure
هي جراحة لعلاج الرجفان الاذيني، وتنطوي على عمل شقوق جراحية (بواسطة مشرط أو مسبار بالبرد) على كل من الأذين الأيمن والأيسر للقلب لتشكيل ندوب تعمل على تعطيل مسار النبضات الكهربائية غير المنتظمة وتمنع حدوثها.
وقد سميت بالمتاهة لأن الشقوق أشبه بمتاهة الأطفال، فلا يوجد سوى مسار واحد يمكن أن تتخذه النبضات الكهربائية من عقدة جيبية أذينية SA node إلى عقدة أذينية بطينية AV node.
يتم تطبيق هذا الإجراء على المرضى الذين لا يستجيبون للعلاجات الأخرى.
جراحة مجازة الشريان التاجي Coronary bypass surgery
إذا تعاني من مرض شديد في الشريان التاجي بالاضافة إلى تسارع القلب البطيني، فقد يوصي طبيبك بإجراء هذه الجراحة للتحسين من تدفق الدم إلى القلب وللحد من وتيرة تسارع القلب البطيني.
مبدأ عملها هو بتجاوز المنطقة المصابة عن طريق وعاء دموي من القدم أو الذراع أو الصدر للسماح لتدفق الدم بحرية أكبر إلى القلب.
هل يجب معالجة كافة حالات الخفقان عند المرضى؟
غالبا ما يناقش اختصاصيو القلب والأطبّاء الآخرون كيفية التعامل مع المشاكل «البسيطة»؛ ويعدّ الخفقان (الشعور بعدم انتظام ضربات القلب نتيجة «النقر» أو «القرع» في الصدر) مثالا جيّدا على ذلك.
مع أنّ الخفقان قد يشير إلى مشكلة خطيرة في ضربات القلب أو يدلّ على عدم انتظام في العضلة القلبيّة أو الصمامات أو الشرايين الإكليلية، غير أنّ معظم حالات الخفقان التي لا تترافق مع أعراض أخرى – مثل الدوخة والغشي وضيق التنفّس والانزعاج الصدري – لا تشكّل أية مشكلة بالنسبة إلى صحتك العامة.
وما يزال الأطبّاء يستقصون الخفقان المترافق بأعراض (أو بعض أنماط الضربات الخارجية المتكرّرة والتي تلاحظ على مخطّط كهربائية القلب) بحثا عن الأنماط المختلفة لأمراض القلب غالبا؛ وهم يرغبون عادة في التأكّد من أنّ الخفقان ليس هو قمّة «جبل الجليد» (أي أنّ الخفقان يخفي وراءه مشاكل خطيرة في النظم).
وحتّى وإن لم توجد مشكلة خفية، قد يكون الخفقان مزعجا عندما يحدث كثيرا أو يبدو قويا، ويمكن أن يثير الكثير من القلق لدى بعض الأشخاص؛ ونتيجة لذلك، يبدو أنّه من المقبول معالجة بعض حالات الخفقان بالأدوية المضادة لاضطراب النظم التي يمكن أن تثبّطه، وتقلّل من الأعراض أو تزيلها.
يجب الموازنة بين عدد من العوامل لتحديد أفضل طريقة للتعامل مع هذه المشكلة.
يحاول الأطبّاء عادة اللجوء إلى المعالجة حتّى وإن كانت الأعراض خفيفة، أو كان من غير المحتمل تفاقمها، أو كان الدواء غير مثبت الفعالية؛ وقد كان المبرّر الذي يسوقونه «ليس من خطأ في المحاولة»؛ لكن، لقد أثارت المعلومات الجديدة حول احتمال حدوث تأثيرات جانبية أسئلة هامة بشأن هذا الأسلوب؛ وبناء على ذلك، فقد تكون المحاولة ضارة.
وتشتمل التوجيهات العامة للاستعمال على التعليمات التالية:
– لا تستعمل هذه الأدوية إذا كان اضطراب النظم القلبي حميدا (إذا لم يكن خطر حدوث مشاكل مستقبليّة مرتفعا) ولم يؤدّ إلى أعراض.
– حاول أن تتحمّل الخفقان لتجنّب خطر الأدوية، إذا أدّى اضطراب النظم القلبي إلى خفقان حميد.
– إذا لم تتحمّل الخفقان، استعمل الأدوية ذات الخطر المحتمل الأقل؛ ولحسن الحظ أنّ الأدوية ذات الخطر المنخفض – مثل حاصرات بيتا – غالبا ما تكون فعالة.
– إذا كان اضطراب النظم القلبي «هاما من حيث نتائجه المستقبليّة» (والذي يعني أنّه قد يوحي بمشاكل مستقبليّة) وخطورته (وجود خطر كبير لتفاقم الحالة مستقبلا)، استعمل أكثر الأدوية فعالية (أو مزيل الرجفان المقوّم للنظم الذي يمكن غرسه بدون خطر الرفض) اعتمادا على الاختبارات المناسبة.