إن المعرفة الجيدة والايمان بالقدرة على الشفاء تزيد من قوة المريض على مواجهة المرض والتعايش معه. أما إذا كان المرض غير قابل للشفاء فإن المعرفة قد تساعد على التغلب على متاعبه.
مراحل المرض الأولى والمراحل المتقدمة: الشفاء والتعايش والمساندة
في عصر التطورات العلمية الحديثة والكشف المبكر، يجب أن يصبح عدد حالات المراحل المتقدمة قليلاً. المراحل المبكرة أصبح ممكناً شفاؤها، وأما المراحل المتقدمة فبامكاننا شفاء بعضها فقط، ولكننا نستطيع تأمين المساندة الجيدة لجميعها ونستطيع تخفيف آلام المريض وتخفيف أوجاعه وتخفيض نسبة جميع المتاعب التي قد تنتج عن السرطان. هذا هو ما نعنيه بمحاربة السرطان والشفاء منه أو التعايش معه.
مراحل التعايش مع الأورام والسرطان
أولاً: التعايش مع فترة الكشف المبكر: يجب على المرأة أن تتعايش مع فترة الكشف المبكر وتكون غير خائفة ويكون عندها الايمان بأنه حتى وأن تم اكتشاف ورم ما عندها، وحتى إذا كان خبيثاً، فهي قد تشفى منه.
ثانياً: التعايش مع نتائج الكشف المبكر: يجب التعايش مع الفترة التي تقع بين وقت اكتشاف الورم وبين موعد الذهاب إلى الطبيب، وبين فترة مراجعة الطبيب إلى فترة الذهاب إلى الصورة الشعاعية والصورة الفوق صوتية التي قد تثبت الشكوك بوجود ورم خبيث أو قد تنفيها.
ثالثاً: التعايش مع مرحلة التشخيص والفحوصات: فإذا ثبت وجود ورم ما في ثدييها، فيجب على السيدة العبور إلى المرحلة التالية أي مرحلة التشخيص بالإبرة الرفيعة (أو الخزعة بالإبرة الثخينة) والتعايش معها.
رابعاً: التعايش مع مراحل العلاج: التحضير للعملية الجراحية، ومن ثم بعدها مرحلة العلاج بالأشعة والعلاج بالأدوية الكيميائية، وبالأدوية الهرمونية، أو بالأدوية المضادة ضد البروتينات على سطح الخلايا.
كل هذه الفترات هي فترات تشخيصية وعلاجية يجب أن تعبرها المريضة وتتعايش معها حتى تصل إلى شاطئ الأمان والشفاء.
خامساً: العيش والتعايش مع مرحلة ما بعد العلاج: بعد ستة أشهر من انتهاء المريضة من علاجها نبدأ بتسميتها “survivor”. يجب على السيدة أن تتعلم كيف تتعايش وتتأقلم مع وضعها الصحي والنفسي والاجتماعي الجديد لكي تعود إلى حياتها الطبيعية، بعد أن تكون قد تأخرت اما صحّيا (جسديّاً أو نفسياً)، واما بالغياب عن عملها وواجباتها. وعلى السيدة أيضاً أن تأخذ الوقت الكافي للراحة والاستعداد النفسي لكي تكمل حياتها بسعادة واطمئنان وراحة بال. عندما تعبر السيدة جميع هذه الفترات والمراحل كلها، وعندما لا يكون عندها أية إشارات للمرض، فهي تصل إلى ما نسميه “مرحلة ما بعد علاج السرطان” و”مرحلة الشفاء من السرطان وتصبح السيدة “ناجية من السرطان”: Survivor””. هكذا نصبح نقول هذه السيدة “كانت مريضة بالسرطان” أو “كان عندها سرطان”. والأهم من ذلك، هو أن تشعر السيدة بذلك هي بذاتها وتحاول أن تعيش حياتها بشكل طبيعي.
تخضع السيدة خلال هذه المرحلة إلى فحوصات سريرية ومخبرية وشعاعية متفرقة ومتكررة للتأكد من شفائها وعدم رجوع المرض، وتختلف مدة وفترة الفحوصات بين مريضة وأخرى، إلى أن تصل السيدة إلى مرحلة الشفاء التام وهنا يأمل الأطباء أن تكون المريضة قد أصبحت مقتنعة أيضاً بأنها فعلاً شفيت. يساعد السيدة على التحلي بهذا الشعور والثقة به وبنفسها أن تكون عائلتها وأصدقاءها وخاصة زوجها إذا كانت متأهلة، وكذلك مجتمعها، يتعاملون معها على أنها شفيت وأنها سيدة طبيعية ولييست سيدة مريضة، حتى وأن كانت استمرت عندها بعض إشارات المرض القديم وبعض عوارض علاجه. أن هذه المرحلة نسميها مرحلة ما بعد الشفاء التام من السرطان: Survivorship and cure. وقد أصبح أعداد السيدات المريضات اللواتي وصلن إلى مرحلة “كان عندها سرطان” كبيرة جداً بفعل تطورات الجراحة والعلاج وأصبح الكثيرون منهن، مع المرضي الذين شفيوا من سرطانات أخرى، يشكلون قسما كبيراً من المجتمع، يعملون ويعلمون ويهتمون بعائلاتهم ويربون أطفالا وأجيالا جديدة كما ذكرنا في المقدمة، وعلى جميع الناس وخاصة مجتمعاتنا العربية والشرقية أن يتعاملوا معهم بشكل طبيعي ولا يحرموهم من أية حقوق اجتماعية ومدنية.
إن على كل سيدة مريضة التسلح بالمعرفة لمواجهة أورام وسرطانات الثدي، وهذه المعرفة هي ضرورية لها ولمحبيها الذين واللواتي يعيشون معها ويعبرون معها تلك المراحل الصعبة في حياتها.
السيدة كانت مريضة بسرطان الثدي: “كان عندها سرطان”
لا بأس بأن نقول ان “فلانة مريضة بالسرطان” أو “فلانة عندها سرطان”، ولكن يجب أن نضع جانباً عبارة “فلانة تموت من السرطان”. من الأفضل أن نقول “فلانة تعيش مع السرطان”، ومن المستحب أن ندخل في مصطلحاتنا وفي أحاديثنا اليومية “فلانة في طريقها إلى الشفاء من السرطان” و”فلانة شفيت من السرطان” و”فلانة كانت مريضة بالسرطان”. إننا نريد بهذه الجمل أن نعطي معاني إيجابية واقعية للحياة في مراحل المرض وعلاجه والشفاء منه. اننا بهذه التعابير نؤكد على رغبتنا بأن نعمل تجربة السرطان جزءاً من حياة الإنسان أكثر مما هي جزء من مماته. نريد أن نشجع المجتمع على النظرة الإيجابية مع التأكيد بأنه ما زالت أمامنا أشواط كبيرة لنقطعها ولنشفي كل الحالات.
نضيف بأن السيدات “اللواتي كان عندهن سرطان” لا يجوز أن يشعروا بالتفرقة وهن عندما تكون لديهن الثقة بالنفس والجرأة بأخبار من حولهم بأنهم مروا بمرحلة السرطان وعلاجه، يرتاحون نفسياً كثيراً بل ويتطوعون لمساندة المرضى الجدد. أما إذا كانت المريضة تتمتع بموقع اجتماعي وعلمي وأدبي خاص فهي تستطيع أن تساهم بنشر التوعية والتعليم والمساعدة بجمع التبرعات لمساعدة المرضى المحتاجين ولدعم الأبحاث.
إن هذه الوصفات تنطبق أيضاً على الرجال ولا بأس بأن نقول أن “فلان مريض بالسرطان” أو “فلانة عنده سرطان”، ولكن يجب أن نضع جانباً عبارة “فلان يموت من السرطان”. من الأفضل أن نقول “فلان يعيش مع السرطان”، ومن المستحب أن ندخل في مصطلحاتنا وفي أحاديثنا اليومية “فلان في طريقه إلى الشفاء من السرطان” و”فلان شفي من السرطان” و”فلان كان مريضاً بالسرطان” و”فلان كان عنده سرطان” و”فلان نجا من سرطان”!