ما زلنا نرى الكثير من السيدات يذهبن بأنفسهن مباشرة إلى مراكز الأشعة للتصوير قبل أن يفحصها أي طبيب. إن هذا التصرف هو غير صحيح وقد ينتج عنه أخطاء بالتشخيص والعلاج. يجب على السيدة أولاً التوجه إلى الطبيب لكي يفحصها. إذا كان لدى الطبيب أية ملاحظات فهو يعطيها لطبيب الأشعة الذي بدوره يدقق بها وتصبح قراءته للصورة أفضل. الفحص السريري قد يبين انه بالحقيقة ليس هنالك علامات مرض أو قد يكون هناك التهاب بالثدي أو قد يكون هناك ورماً حميداً أو كيس ماء أو كيس دهن في الثدي في معظم الحالات.
في حالات الكشف المبكر قد يكون الورم الذي يتم اكتشافه من أنواع الأورام الخبيثة في أقل من 20 بالمئة من الحالات.
هل تجب الجراحة فوراً؟
عادة لا. فإذا كان هناك ورم يجب أولاً التأكد من نوعيته النسيجية قبل إجراء أية عمليات جراحية. إذا كان الورم حميداً فتكون السيدة اطمأنت أما إذا كان سرطانياً فيتوجب إجراء العلاج الضروري والصحيح.
إن العملية الجراحية الفورية والتشخيصية قد لا تكون كافية وتكون حدود الجراحة تحتوي على خلابا سرطانية فيتم تعرض المريضة للبنج العمومي أكثر من مرة. قد يتم خلالها الاستئصال الكامل للثدي بدون موافقة مستنيرة من المريضة.
ماذا يريد الطبيب أن يعرف عن المريضة عند اكتشاف ورم في ثديها؟
الخطوة الأولى: السيرة المرضية
● يسأل الطبيب عن كيفية اكتشاف الورم ومدة ملاحظته وهل كان ينمو بسرعة أو ببطء.
● يسأل عن السيرة الطبية الشخصية للمريضة وعن مواعيد العادة الشهرية وابتدائها وانتهائها ومواعيد الحمل والرضاعة.
● يسأل عن تناول حبوب منع الحمل أو عن تناول حبوب هرمونات بديلة بعد سن انقطاع الحيض.
● يسأل إذا كان هنالك حالات مماثلة عند أفراد أخرى من عائلتها أو أقربائها.
● يسأل عن أية عوارض مرضية عامة.
الخطوة الثانية: الفحص السريري
يتأكد الطبيب من وجود أية عوارض ومتغيرات مرضية ويحاول تحديد مواصفات الورم ومكانه وحجمه وعلاقته بباقي أقسام الثدي والجلد والقفص الصدري. الطبيب يتبع نفس طريقة فحص الثدي التي شرحناها سابقاً. الطبيب يفحص أماكن العقد وسائر أعضاء الجسم أيضاً.
الخطوة الثالثة: الفحوصات المخبرية والتصويرية
يطلب الطبيب صورة شعاعية للثدي (Mammography) أو صورة صوتية أو الاثنتين معا. الصورة الصوتية قد تبين إذا كان الورم يحتوي على سائل كيس حميد أو إذا كانت محتوياته صلبة، ويزيد المعلومات حول حدود الورم إذا كانت دائرية مالسة (مواصفات حميدة) أو متشعبة (مواصفات خبيثة). وقد يطلب الطبيب فحوصات دم وصور شعاعية للجسم بعد التشخيص.
الخطوة الرابعة: التشخيص النسيجي
يطلب فحصاً للتشخيص النسيجي (أو ما يسمى بالزرع حسب التعابير الشعبية) وهذا يعنى رشفة بالإبرة الرفيعة أو خزعة. يسمح التشخيص النسيجي بتحديد نوعية الورم وخصائصه.
الخطوة الخامسة: تحديد نسبة متلقيات الهرمونات والبروتينات HER2 وغيرها.
هل أخذ العينة أو الخزعة يسبب أمراض السرطان والتحول إلى سرطان؟
الجواب هو بالتأكيد لا. إن أخذ العينة أو الخزعة ضروري حتى يمكن إجراء العلاج الصحيح وهي لا تتسبب عادة بأية مشاكل إذا اخذت بطريقة صحيحة وجيدة ومبسترة. الضرر قد يحصل إذا تم تشريح الورم وتقطيعه داخل الثدي وهذا ما لا يفعله أي طبيب متمرن.
التسلسل السليم لتشخيص وعلاج أورام الثدي
أولاً: ما العمل عندما تحس السيدة بظهور أية عوارض في أحد ثدييها؟
عند ظهور أية علامات شك بأن هنالك أية تغيرات في الثدي أو ورم غير طبيعي: يجب استشارة الطبيب. يستحسن أن يكون الطبيب معروفاً بتدريبه وبخبرته مثل طبيبها النسائي أو طبيب العائلة أو طبيب جراح أو طبيب أورام تثق به.
ثانياً: ماذا تفعل السيدة عند إحساسها بشيء ما في الصدر (الثدي)؟
أكثر من 80% من هذه الحالات تكون ورماً حميداً ولا حاجة إلى الخوف، وإذا كان مرضاً خبيثاً فمن الممكن ان يكون في بداياته أو في أوائل مراحله ويمكن الشفاء التام منه.
ثالثاً: ماذا يفعل الطبيب عندما يكتشف ورماً في ثدي المرأة؟
قد ينصح فوراً بإجراء صورة شعاعية أو خزعة بالإبرة الرفيعة وقد ينصح أيضاً بسحب الماء إذا كان هنالك كيس. وهذا يتم معرفته ومتابعته عبر الصورة الصوتية المكملة للصورة الشعاعية. وقد يتم أخذ خزعة للفحوصات النسيجية حسب ما سوف نشرح في الفصول اللاحقة.
رابعاً: ماذا يفعل الطبيب بعد تشخيص ورم حميد؟
يعالجه اما باستئصاله أو بطمأنة المرأة ومراقبتها فقط.
خامساً: ماذا يفعل الطبيب إذا كان الورم خبيثاً؟
يبدأ بالفحوصات الإضافية ووضع خطة علاج بالتنسيق مع المريضة والتشاور مع زملائه الأطباء.
خلاصة التسلسل السليم لتشخيص وعلاج أورام الثدي
الفحص – الصورة – الخزعة – الجراحة – (+/- الكيميائي) – (+/- الشعاعي) – (+/- الهرموني) – (+/- العلاج المهدف).
أو: الفحص – الصورة – الخزعة – العلاج الكيميائي أو الهرموني (+/- العلاج المهدف) ما قبل الجراحة لتصغير الورم – الجراحة – الشعاعي – إكمال العلاج المهدف – العلاج الهرموني
أسئلة يحاول الطبيب الإجابة عنها عند التشخيص، ويستحسن للمريضة الواعية أن تعرفها
هذه الأسئلة تدور في ذهن كل طبيب عند معاينة سيدة لديها ورم في ثديها، نحن ننصح بأن تعرفها كل مريضة وتسأل طبيبها عنها حتى تتأكد بأنها سوف تحصل على علاج جيد ونوعي وحتى تشارك في صنع قرار العلاج الاصح والاسلم بالنسبة لها، وتختار نوع العملية الجراحية الأفضل والأنسب لها:
– ما هو حجم هذا الورم في الثدي؟
– هل هو موجود في أكثر من جزء في الثدي؟
– هل سطحه مدور، أو انه غير دائري ومتشعب؟
– وهل هو ثابت داخل الثدي أو انه متحرك تسهل ازالته جراحياً؟
– ما هي علاقة الورم بالجلد الذي يقع فوقه وهل وصلت الخلايا السرطانية إلى الجلد والتصق الورم به؟
– هل التصق الورم بالقفص الصدري من تحته؟
– ماذا اظهرت الصورة الشعاعية؟
– ماذا أظهرت الصورة الصوتية؟
– هل اظهرت الصورة ورماً أو اظهرت تكلسات فقط أو الاثنين معا؟
– هل هذه التكلسات هي صغيرة مجهرية (صغيرة ميكروسكوبية) متفاوتة الأحجام مجمعة مع بعضها البعض في بعض المناطق، أم انها تكلسات كبيرة الحجم منتظمة ومن النوع الحميد؟
– هل هناك تكلسات موجودة في مناطق أخرى في الثدي وتحتاج لأن يتم فحصها وربما استئصالها أيضاً؟
– هل ستحتاج الجراحة لمساعدة من طبيب الأشعة لإحاطة الورم الصغير أو التكلسات وتعليمها لكي تتم ازالتها بشكل كامل وبدون خطأ بالجراحة الجزئية؟
– هل سيقوم الطبيب بتصوير الجزء الذي سوف يستأصله (Specimen) التأكد بواسطة الصورة الشعاعية من إزالة جميع التكلسات؟
– كيف يستطيع التأكد من أن التكلسات أو الورم هو من نوع “ما قبل سرطان” أو “سرطان”؟
– هل سيتم إجراء فحص المتلقيات الهرمونية والبروتينية على الخزعة التي ينوي الطبيب أخذها أو أنه سيطلبها لاحقاً عند الجراحة العلاجية؟
– هل ستؤثر الخزعة على نوع العملية الجراحية لاحقا؟
– هل سيقوم الطبيب بتصوير صوتي للإبط وفحص خلايا العقد الليمفاوية هناك إذا كان مشكوك بها، قبل الجراحة؟
– كيف سيتم فحص عقد تحت الإبط وهل سوف يقوم بإجراء استئصال العقدة الأولى الحارسة سنتينل في حالة الكشف المبكر والورم الصغير؟
– هل سيستعمل الطبيب لتعليم العقدة الأولى التلوين الأزرق أو التصوير النووي مع التلوين الأزرق للبحث الأفضل عن العقدة الحارسة؟
– هل سوف يستعمل جرحاً واحداً أو جرحين للثدي وللإبط؟
– هل سيلزم جراحة جزئية أو جراحة كاملة؟
– هل سيكون شكل الثدي بعد الجراحة الجزئية مقبولا؟
– هل سيكون احتمال زائد لورم الذراع وما هي الخطة لتجنبها؟
– هل ينصحها الطبيب بعملية ترميم فورية أم لا؟
– هل ننصح الطبيب بالترميم الفوري ام بالترميم بعد سنة أو أكثر؟
– هل هناك احتمال كبير لإجراء علاج شعاعي ولذلك ينصح بالترميم المؤجل أو ترميم بواسطة مواصفات يتم تعبئتها لاحقاً expander؟
– هل هناك احتمال وضرورة للعلاج الكيميائي بدون تأخير قد يحصل بسبب طيلة مدة التحام جرح الترميم.
أنواع الخزعات لتشخيص سرطان الثدي
ما هي أنواع الخزعات التي قد يطلبها الطبيب المعالج؟
أولاً: خزعة بالإبرة الرفيعة (Fine Needle Aspiration) أو رشفة بالإبرة العرضية
كيف تتم الرشفة بالإبرة الرفيعة
يقوم بها الجراح الطبيب المتمرن أو طبيب الزرع المتمرن. يرتدي الطبيب القفازات المعقمة، ثم ينظف ويعقم الجلد الذي يقع الورم تحته، يضع البنج الموضعي إذا لزم حسب حجم الإبرة التي ينوي استعمالها، ثم يدخل الإبرة الرفيعة الخاصة في داخل الورم وهو يمسك حدوده بين يديه، يسحب السائل ويضعه على زجاجة خاصة ويرشها بدواء خاص، وكذلك يضع البعض منه في سائل فورمالين. قد يتم سحب السائل أو الخلايا بعدة شكات بالإبرة الرفيعة. بعدها يتم وضع شاش (Gauze) معقم فوق الجلد ويتم الكبس عليها لبعض الوقت حتى لا يحدث أي نـزيف. يقوم الطبيب بإرسال الزجاجات والسائل إلى المختبر لتحليلها.
ماذا يفعل المختبر وطبيب الزرع النسيجي
يتم استلام الزجاجات المحفوظة وتلوينها بالمواد الكيميائية الخاصة، بعد ذلك يتم معاينة وفحص الخلايا الموجودة على الزجاجات لكي يعرف ما إذا هي خلايا حميدة أو خلايا سرطانية. يكون عند طبيب الزرع الخبرة الكافية لذلك وقد يحتاج إلى معلومات سريرية أو تصويرية عن الورم. تجدر الإشارة إلى أن هناك أطباء يختصون في دراسة نتائج الإبرة الرفيعة.
يجري أيضاً تحضير الخلايا التي تكون قد وضعت في سائل فورمالين وزرعها وفحصها لتثبيت التشخيص (Cell block) وربما لإجراء فحص متلقيات الهرمونات إذا أمكن وإذا كانت وإذا كانت أعدادها كافية وتم حفظها جيداً إذا كان المختبر مجهزاً لذلك.
ثانياً: خزعة بالإبرة العريضة (Core Biopsy)
هذه الطريقة تسمح للجراح أو لطبيب الأشعة المتمرن بأن يسحب خزعة سماكتها بضعة ملميترات وطولها قد يكون حوالي السنتمتر. هذه الخزعة تسمح لنا بفحصٍ أفضل وأكثر دقة للورم وتفرق جيدا بين الخلايا سرطانية أو الخلايا ما قبل السرطانية. تسمح هذه الطريقة أيضاً بأن يتم فحص الخلايا لوجود متلقيات للهرمونات وهير2 نيو (Estrogen and Progesteron Receptors and HER 2 neu) فيها. على المريضة ان تسال وان تستعلم ولا بأس بأن تعرف ما هي تجهيزات المختبر التي يتم تحويلها إليه، وإذا كان هنالك مراقبة لنوعية النتائج ومتلقيات الهرمونات فيه، وما هي خبرة المختبر وأطبائه في هذا المجال.
الفحوصات الإضافية والضرورية بعد التشخيص
أما ماذا يفعل الطبيب بعد التشخيص وما هي الفحوصات التي يجربها الطبيب قبل الجراحة، إضافة إلى الفحص السريري، فهناك حد أدنى من الفحوصات يجب إجراؤها ومعرفة نتائجها قبل البدء بالعلاج، وذلك لكي تساعد الطبيب على تحديد ما إذا كان من الأفضل الابتداء بالجراحة أو الابتداء بالعلاجات الهرمونية أو الكيميائية أولاً، وتحديد نوع الجراحة.
– صورة مغناطيسية للثديين: قد تكون ضرورية في بعض الحالات، وبالتأكيد ليس كلها. قد يكون هناك حاجة لمعلومات إضافية لرسم حدود الورم بطريقة أفضل من الماموغرافي والمافوق صوتية، والتأكد من عدم وجود تغيرات أخرى في أحد الثديين بالأخص عند السيدات الصغيرات جداً بالعمر وذوي القصة العائلية القوية.
– فحوصات دم للكرويات ولوظائف الكبد والعظم.
– فحص نووي للعظم.
– صورة صوتية للكبد.
– صورة عادية للصدر.
– صورة سكانر للصدر والبطن والحوض: إذا كان الورم كبيراً بالحجم أو سريع النمو أو كانت المريضة صغيرة جداً بالسن، أو هناك عوارض وشكوكا بالانتشار
– صورة سكانر للرأس أو للعمود الفقري: إذا كان هناك عوارض عصبية أو أوجاع.
– صورة نووية للنشاط الميتابوليكي الغلوكوزي FDG (التصوير المحوري البوزيتروني PET SCAN): إذا كان هناك شك في انتشار لم تثبته الفحوصات المذكورة أعلاه، فقد تكون PET SCAN ضرورية.
بعد إجراء هذه الفحوصات والتصوير، يكون التشخيص متكاملاً ويكون القرار بنوع العملية الجراحية وتوقيتها أنجح.
فإذا كانت النتائج سليمة والورم صغيراً ومحدودا عندئذ ينصح الطبيب بإجراء عملية فحص العقدة الأولى الحارسة واستئصال الورم فقط.
أما إذا كان الورم كبيراً بعض الشيء أو هناك عقداً ليمفاوية تحت الإبط فينصح الطبيب عندئذ بالعلاج الكيميائي والمهدف أو الهرموني أولاً والجراحة لاحقاً.
وأما إذا كان هناك انتشار بعيد في الجسم فيتم العلاج بمضادات الهرمونات أو بالعلاج الكيميائي أو العلاج المصوب من البداية.
قرار الخزعة (العيّنة)
متى يقرر الطبيب أنه يجب أن يكون هنالك فحص زرع؟
1- بناء على الفحص السريري قد يكون هناك شك لدى الطبيب إذا كان الورم ليس حميداً أي انه ليس دائرياً ومنتظماً أو أنه غير متجانس وجوانبه غير واضحة أو انه ملتصق بالجلد أو القفص الصدري. عندها يقرر الطبيب بوجوب أخذ عينة وفحصها.
2- قد يقرر ان يقوم بفحص الخزعة بناء على خصائص أخرى للورم في الصورة الشعاعية مثل وجود نقاط تكلس صغيرة غير منتظمة microcalcifications يشك بأنها قد تكون سرطانية.
3- قد يكون السبب أيضاً بأنه يريد ان يطمئن مئة بالمئة على ان الورم هو من النوع الحميد.
4- عندما لا تجزم الصورة الصوتية أن الكيس يحتوي على سائل فقط، يقرر الطبيب انه يجب أن يقوم بفحص الخزعة.
هل هناك حالات تستدعى القيام بفحص الخزعة حتى لو لم يكن هنالك ورم في الثدي؟
نعم، وخاصة في حالات الكشف المبكر بطريقة الماموغرافي حين لا يكون هناك أي ورم ولكن نرى إشارات عدم تجانس أو تكلسات ميكروسكوبية صغيرة على الصورة. في هذه الحالات يجب تحويل المريضة إلى مركز أشعة متخصص لديه خبرة بوضع الإبرة تحت اضاءة الصورة الصوتية (Ultrasound-guided biopsy). ويمكنه بمساعدة الكمبيوتر توجيه الإبرة نحو التكلسات غير الطبيعية وتحددها للطبيب الجراح الذي يقوم بدوره بعملية استئصالها. في هذه الحالات، يجب ان يتم تصوير الخزعة بعد استئصالها حتى يتأكد الطبيب الجراح بأنه قد ازالها وأزال التكلسات بالكامل ولم يترك شيئاً مشكوكاً به في الثدي. في بعض الحالات المبكرة جداً قد يلزم ويمكن إزالة كافة التكلسات بواسطة ماكينة فراغية ميب MIBB أو ماموتوم وإرسالها للفحص النسيجي.
إجراء زرع وجراحة استئصال في وقت واحد، بدل شكة إبرة للتشخيص أولاً ثم الجراحة في وقت لاحق؟
إننا لا ننصح أبداً بأن تذهب المريضة إلى العملية الجراحية وتستيقظ فيما بعد لترى انه قد تمت إزالة ثديها، من دون موافقتها المسبقة ومن دون تحضيرها النفسي لذلك.
هل هناك حالات تستدعي التشخيص والعلاج الجراحي بوقت واحد
عادة نحن نشخص الوضع بشكة إبرة رفيعة أو شكة إبرة عريضة أولاً، ثم نقرر الجراحة بعدها بهدوء وتأنٍ. لكن في بعض الحالات فقط، قد ينصحك طبيبك بأن يزيل الورم بكامله للتشخيص إذا كان الورم صغيراً جداً، ويصعب أخذ خزعة منه أو أن المحاولة لم تكن ناجحة. عندئذ يقرر الطبيب أن تكون جراحة التشخيص بنفس الوقت جراحة علاجية. يكون على الطبيب هنا أن يعتمد على الفحص النسيحي المثلج والفوري، وأن يستأصل الورم بالكامل ويتأكد من عدم وجود خلايا سرطانية على حدود الاستئصال، وربما يحتاج لإجراء جراحة تحت الإبط (جراحة العقدة الحارسة).
وهنا نردد أنه لا داعي للخوف من الخزعة لأنه لا يتم تقطيع الورم داخل الجسم بل يتم ذلك خارج جسم الإنسان.
التشخيص النسيجي والعملية الجراحية
1 – أهمية التشخيص النسيجي قبل العملية الجراحية:
يجب اعتماد الفحوصات بالإبرة الرفيعة أو العريضة قبل إجراء أية عملية جراحية.
2 – إن اعتماد التشخيص والعملية الجراحية العلاجية في وقت واحد:
هي طريقة كانت متبعة في السابق، وإن البعض من المراكز والجراحين ما زالوا للأسف يستعملونها، ونحن لا ننصح بها حالياً الا في بعض الحالات الخاصة الضرورية.
3 – الطريقة الأفضل: التشخيص أولاً، ثم الجراحة ثانياً:
إن التشخيص ثم الجراحة على مرحلتين يسمح بالتشخيص الدقيق وشرح خيارات العلاج للمريضة. وهي أيضاً قد تسمح بتطبيق طرق جديدة للعلاج مثل الجراحة المحدودة للعقد الإبطية الحارسة أو إعطاء العلاج الكيميائي قبل الجراحة.
4 – متطلبات التشخيص والجراحة بوقت واحد، إذا ما كانت ضرورية:
استئصال جزء من الورم أو كله بعد تنويم المريضة والقيام بما يسمي مقطعاً مثلجاً جمدياً (Frozen Section) يعني فحص الجزء المستأصل من الورم. في هذه الأثناء ينتظر الطبيب الجراح عادة ما بين الربع ساعة أو الساعة حسب تجهيزات المستشفى. أما إذا كان مختبر الزرع بعيداً عن المستشفى الذي تتم فيه هذه العملية فقد تأخذ وقتاً أطول. على أساس نتيجة الزرع يقرر الطبيب الجراح اكمال العملية الجراحية. يجب أن يكون الجراح قد ناقش الوضع مع المريضة قبل الجراحة، أو مع عائلتها خلال الجراحة في حالات النتائج غير المتوقعة. بهذه الطريقة تدخل المريضة إلى العملية وهي ليست متأكدة من النتائج وقد لا تكون متأكدة من الجراحة الأفضل لها، وعادة لا ننصح بها ولا يجوز ان تحصل الا في الحالات غير العادية.
5 – التشخيص الفوري وعدم ضرورة الاستعجال
تذهب المريضة إلى طبيبها، عادة عند الطبيب النسائي أو طبيب العائلة أو طبيب عام أو قد تذهب إلى الجراح مباشرة بعد أن تشعر بورم في ثديها. قد يقول لها بعض الجراحين أو الأطباء ان هذا التكتل “مشكوك به” ويجب إجراء الجراحة فوراً. نكرر أن هذا لا يجوز، ويجب أن نضع خطة للتشخيص قبل أن نبدأ بالعلاج. يجب أن تعرف كل امرأة هذا الأمر لأن معرفة المريضة قد تخفف من احتمال وقوع الخطأ. أننا نشدد على هذه النقطة لأننا نريد ان تحصل كل مريضة، أينما كانت، على العلاج الأفضل والأنسب لها.
6 – الاستشارة الثانية أو الرأي الثاني قبل الجراحة:
أما بالنسبة لأخذ رأي ثانٍ قبل إجراء العملية الجراحية فهذا أصبح امراً عادياً في بلاد أميركا وأوروبا، حتى إن شركات التأمين تفرض عادة أكثر من رأي بالجراحة. تملك المرأة الحق بأن تحصل على أكثر من رأي وبإمكانها السؤال عن الأطباء ومهاراتهم وخبراتهم والتوصل إلى الثقة بأحدهم.
إن هذا الموضوع في بلادنا مستحسن أيضاً، ولكن غالباً لا يتم تطبيقه بشكل صحيح ومفيد. فمثلاً الكثير من المرضى يزورون عدداً كبيراً من الأطباء قبل أن يقررن العلاج فيصبح عندهن بعض الضياع وعدم الثقة. يجب أن تكون المريضة قادرة على ان تثق بطبيبها، وعلى طبيبها ان يتقبل حريتها وحقها بالاستشارة الثانية. ولكن الأطباء أصبحوا أيضاً يعرفون أن المرضى يذهبون ويزورون أكثر من جراح ولهذا السبب قد تكون ردة فعل بعضهم باستعجال قرار الجراحة أو العلاج. أما بالنسبة للمريضة، فعليها أن تنتبه ولا تضيّع نفسها بين الآراء المتعددة.
لا بأس من أن تستفسر المريضة عن الأطباء المختصين وخبراتهم، تستطيع السؤال عن الطبيب قبل الذهاب إليه وتتجنب سلبيات الاستشارات المتعددة. أن اطمئنان المريضة إلى أنها سوف تحصل على علاج جيد وقبول الطبيب بمبدأ الاستشارة الثانية تقوي الثقة بين المريضة والطبيب.
هنا نشير إلى أن معظم أطباء الأورام أصبحوا يناقشون حالات مرضاهم بين بعضهم ومع سائر الاختصاصيين في اجتماعات دورية أسبوعية نسميها “مجالس الأورام: Tumor Boards” وبمكن أن تسأل المريضة طبيبها وتطلب منه مناقشة حالتها في مجلس الأورام في المستشفى الذي يعمل به أو المستشفى الجامعي القريب منه أو المتعاقد معه. أن هذا الأسلوب والنقاش الجماعي للحالات يؤمن للمريضة العلاج الأفضل ويؤمن لها الاطمئنان بأنها تحصل على استشارات متعددة في اجتماع مجلس الأورام ومن ثم على علاج أفضل.
الثقة بين المريضة وطبيبها وجراحها
الثقة بين المريضة وطبيبها مهمة جداً حتى يستطيع ان يشرح لها بكل تجرد وبكل معرفة وتصبح المريضة قادرة على اتخاذ القرار الواعي سوياً مع طبيبها. أما مبدأ الاستشارة الثانية فلا يجب أن تخشى المريضة من ان يزعل طبيبها، فالأطباء يتحلون برحابة الصدر ويريدون دائماً العلاج الأفضل لمرضاهم، والحل الصحيح هو بتعزيز الصراحة بينهم من البداية.
عندما يكون هناك معايير ومقاييس للجودة في المستشفى وتعرف المريضة انها سوف تحصل على العلاج الجيد، فهي سوف تثق أكثر بطبيبها. الثقة بالأطباء والجراحين في بلادنا ما زالت تتم عبر سمعة الأطباء وعبر الصديقات أو أخريات أجرين العملية أو العلاج عند هذا الطبيب أو ذاك. الأمور سوف تكون أفضل للمرضى وللأطباء إذا أصبحت الثقة تعتمد أكثر على التحويل من قبل الطبيب الخاص الذي تثق به، وكذلك عبر الثقة بالمستشفيات والمعرفة بأن لديها مجالس للأورام بأنها تراقب ذاتها وتراقب أطباءها وعندها معايير ومقاييس للجودة في التشخيص والعلاج وتحاسب جميع الأطباء العاملين فيها والمتعاقدين معها للتأكد من أنهم لا يخطئون وأنهم يطبقوا الطرق العصرية للتشخيص وللعلاج.
أسئلة عامة حول طرق التشخيص والعلاج
نأمل بهذه الأسئلة ان نزيد من الوعي الصحي عند كل إنسانة أو مريضة حتى تتمكن من ان تتفاهم مع طبيبها على أفضل علاج لها، ونستحسن ان يكون الطبيب والمختبر والمستشفى قادرينً على إجابتها:
1- هل يجب إجراء الشكة بالإبرة الرفيعة (FNA)؟ هل بهذه الشكة تستطيع ان تعرف أهم خصوصيات الورم بالزرع النسيجي وفحص الخلايا؟
2- هل المختبر أو المستشفى لديه الخبرة بالتشخيص فيها؟ وهل يستطيع أن يجري فحوصات متلقيات هرمونية وهير 2 على هذه الخزعة والخلايا المجمعة منها؟
3- هل يجب أن ننزع خزعة بإبرة عريضة (Core biopsy)؟ للتفريق الأفضل بين حالات السرطان المبتدىء وحالات ما قبل السرطان؟
4- هل حقا من الضرورة إزالة كل الورم لغرض التشخيص في البداية؟ وإذا تمت ازالته، هل يجب أن تخضع المريضة إلى عملية جراحية وبنج عام ثانٍ في وقت لاحق لإزالته؟ وهل سوف يتم التأكد من عدم وصول السرطان إلى حدود الاستئصال خلال العملية الجراحية؟
5- إذا كانت العملية ضرورية، فهل يجب فحص العقد تحت الإبط. وإذا كان الورم صغيراً فهل الطبيب متمرن والمستشفى مجهز حتى يجري فحصاً للعقدة الأولى الحارسة “سنتينل” Sentinel Lymph Node Biopsy؟
6- ما هي خيارات العملية الجراحية؟ هل هذا الخيار هو إزالة الورم فقط مع العلاج بالأشعة. وما هي خبرة الطبيب في ذلك؟ هل سيحصل تغيراً قليلاً أو كبيراً لشكل الثدي؟
7- يجب على المريضة ان تسأل الطبيب أيضاً إذا ما قد تستفيد من العلاج الكيميائي قبل العملية الجراحية. العلاج الكيميائي قد يسمح بتصغير الورم ومن ثم إجراء عملية جرائية جزئية وبسهولة أكثر والمحافظة الأفضل على الثدي وشكله.
8- ما هي الفحوصات العامة التي سوف يجريها الطبيب قبل العملية الجراحية ليتأكد من ضرورتها: هل هي فحوصات دم أو فحص نووي للعظم أو صورة صوتية للكبد أو صورة عادية للصدر؟ إذا كان الورم كبيراً هل تحتاج المريضة إلى صورة سكانر؟ هل تحتاج إلى صورة PET SCAN؟ هل تحتاج إلى صورة مغناطيسية؟
9- هل سيناقش الطبيب حالتها مع زملائه أطباء الاختصاصات المتعددة في “مجلس الأورام” أو في “وحدة الثدي” في مستشفاه؟
نتائج الخزعة
تبين الخزعة مواصفات للمرض النسيجية التي يعتمد عليها الطبيب لكي يحدد أسس علاج المريضة. سوف نعرض لهذه النتائج وذلك عن طريق الاجابة عن الأسئلة التي تراود ذهن الطبيب والمريضة والتي تساعد على تحديد نوع العلاج الجراحي والعلاجات الأخرى:
1- ما هي نتائج الخزعة أو الجراحة: بعد إجراء الخزعة أو العملية الجراحية، كم من الوقت على المريضة أن تنتظر لكي تحصل على النتيجة؟ هنالك مستشفيات عديدة تعطي النتيجة بعد أسبوع أو أسبوعين، خاصة إذا كان مركز الزرع النسيجي بعيدا عنها. ولكن بالإمكان الحصول عليها خلال يومين أو ثلاثة أيام فقط وهذا أفضل. ونشير هنا أنه وللأسف ما زالت هناك مناطق ودول افريقية وأسيوية ليس فيها مراكز باثولوجي زرع نسيجي أو هناك مركز واحد في عاصمتها مما يشكل نقصا كبيراً بالخدمات الطبية ويستدعي جهوداً لتأمين مختبرات وتدريب أطباء وتقنيين لتأمين التشخيص الضروري لعلاج سرطان الثدي والسرطانات الأخرى.
2- ما هو حجم الورم؟
3- ما هو نوع الورم؟
4- هل هو قابل للانتشار أكثر من غيره؟ ما هي درجته النسيجية؟
5- ما هي درجة وسرعة تكاثر هذا السرطان؟ وهل ينمو ببطء أم بطريقة وسطية أم بطريقة سريعة؟
6- هل ان السرطان محصور في الورم والجزء من الثدي الذي تمت ازالته، أم ان هناك خلايا سرطانية بعيدة عنه أو حتى قريبة من الجرح أو متصلة به؟
7- هل انتشرت الخلايا السرطانية إلى الأوعية اللمفية والأوعية الدموية الصغيرة داخل الثدي؟
8- ما هي نتائج فحوصات متلقيات الهرمونات؟ ما هي نتيجة فحص متلقيات الاستروجين وفحص متلقيات البروجسترون وما هي نسبتها؟ هل هي غير موجودة (سلبية) أو موجودة بنسبة قليلة أو وسطية أو عالية؟
9- ما هي نتيجة فحص بروتين هير 2 نيو CerbB2 (Her2/Neu) وهل هي زائدة أو غير زائدة؟ هل هي غير موجودة (0) أو موجودة بكمية قليلة (+1) أو بكمية عالية: (Over-Expressed) (+++3+)، أو وسطية (Equivocal ++2+:) تحتاج إلى فحص جيني بواسطة “فيش تست FISH Test لتحديد إذا ما كان عدد جينات هير 2 هو بالفعل زائدا ومضاعفا على الكرموزوم 17؟
10- هل وصل الورم إلى العقد اللمفاوية؟
11- كم عدد الغدد اللمفاوية التي تمت إزالتها وكم هو عدد العقد التي أصيبت بالخلايا السرطانية: صفر N0، من 1 – 3 (N1)، أو من 4 إلى 9 (N2)، أو 10 أو أكثر (N3)؟
12- هل هذه الغدد مصابة بدرجة ان غلاف العقد أصبح غير واضحاً وان الخلايا السرطانية أصبحت خارج الغلاف وحوله في محيطه الدهني؟
فحوصات المتلقيات التصنيف (Classification) الجديد لسرطان الثدي
يعتمد التصنيف الجديد على الفحص النسيجي الكامل مع فحوصات المتلقيات:
1- تحديد وجود خلايا ما قبل السرطان (in-situ)
2- تحديد وجود خلايا سرطان، إذا وجدت: Carcinoma
3- تحديد نوع السرطان: النوعين الأكثر حدوثاً هم سرطان قنوات الحليب Infiltrating Ductal Carcinoma أو سرطان غدد الحليب Infiltrating Lobular Carcinoma.
4- تحديد درجة وسرعة نمو الخلايا: من قليلة – بطيئة (Grade 1) أو عالية – سريعة (Grade 3)، أو درجة متوسطة (Grade 2).
5- يقوم طبيب المختبر بإجراء تلوينات مناعية نسيجية كيميائية نسميها Immuno Histo Chemical Stains/IHC)) لمعرفة ما إذا كان الورم يحتوي على متلقيات هرمونات نسائية استروجين Estrogen Receptors ومتلقيات بروجيستيرون Progesterone Receptors داخل نواة الخلية.
6- اذا كانت متلقيات الهرمونات موجودة فيتم تحديد غزارتها (Intensity) وكذلك نسبة عدد الخلايا التي تحتوي عليها (Percentage of cells positive).
7- يتم تحديد وجود ونسبة وجود متلقيات هير2/نيو/Human Epithelial Receptors HER2/Neu على سطح الخلايا السرطانية: 0، +، ++، أو +++، وإذا كانت زائدة (أنظر لاحقا) فهي قد تعني أن السرطان قد يتمتع بمواصفات نمو زائد.
8- لقد أصبحنا نعتبر أن الهرمونات إيجابية إذا كان هناك أكثر من 1% من الخلايا تحتوي على استروجين/بروجستيرون فان المريضة قد تستفيد من العلاج المضاد للهرمونات.
9- نتيجة هير2 تعتبر إيجابية إذا كانت زائدة عندما تكون نسبة الخلايا الإيجابية التلوين الكامل فوق 30% من الخلايا (+++)، أو أن النسبة أقل (++) ويكون فحص جين الهير2 HER2 gene الذي نسميه FISH test نسبته مضاعفة (بوزيتيف) عندئذ قد تستفيد المريضة من مضادات هير2 مثل تراستوزوماب أو لاباتينيب أو بيرتوزوماب أو تي دي أم وان وما قد يتم اكتشافه لاحقاً.
10- فحص بروتين كي أي 67 (Ki67) مؤشر النمو السريع إذا كان زائداً في عدد كبير من الخلايا. نتيجة هذا الفحص ما زالت غير مدوزنة بين المختبرات وما زال استعماله محدود إلا في بعض المختبرات والمستشفيات ذات الخبرة العالية به.
التصنيف الحديث الجزيئي لسرطان الثدي
بناء على أعلاه:
يتم تقسيم وتصنيف سرطان الثدي إلى الأنواع التالية:
1- لومينال أ: Luminal A: ER+, PR+, HER2-, Grade 1
2- لومينال ب: Luminal B: ER+ ,PR+ (<20%) or -, HER2-, Grade 3, Ki67 high (if reliable)
3- لومينال ب: Luminal B: ER+, PR+, HER2+
4- هير 2 زائد: HER2-overexpressive
5- ثلاثي السلبية و- أو بازال: Triple Negative Breast Cancer (TNBC) , and/or Basal-Like Breast Cancer (BLBC)
فحوصات إضافية جينية جزيئية حديثة مساعدة لقرارات العلاج الكيميائي أو الهرموني فقط بدون الكيميائي
فحوصات انكوتايب – دي- اكس: Oncotype Dx
تمت دراسات حديثة على مجموعة من 21 جينات النمو (proliferation genes) وجينات بروتينات هرمونية وتحديد أثرها على نمو الخلايا ونسبة رجوع المرض بعد العلاج وسميت فحص Recurrence Score-21 (انكوتايب دي اكس: Oncotype Dx).
نستطيع بواسطة انكوتايب دي اكس التكهن بنسبة خطورة عودة المرض حسب احتساب نسبة score:. فإذا كانت نسبة النقاط عالية (High Score: Abore 31) فتكون نسبة احتمال عودة المرض أعلى والاستفادة من العلاج الكيمائي معقولة ومضافة إلى الاستفادة من العلاج الهرموني ويستحسن استعماله. أما إذا كانت نسبة النقاط قليلة فيكون احتمال عودة المرض قليلة جداً ويعني العلاج الكيميائي لا يزيد أفادة ويمكن الاكتفاء بالعلاج الهرموني المضاد. اما إذا كانت النسبة متوسطة (Intermediate Score between 18-31) فيبقى للطبيب ان يدرس سائر المعطيات ليقرر ما كان يجب إعطاء الأدوية الكيمائية أو الاكتفاء بالعلاج الهرموني، أو ادخال المريضة في تجارب سريرية.
وهنا نشير إلى دراسة سريرية اكتملت في أميركا (TAILORx) نحن بانتظار نتائجها. يمكن طلب هذا الفحص عند المريضة ذات الورم الصغير وعدد العقد الليمفاوية المصابة من صفر إلى ثلاثة ويكون الورم يحتوي على متلقيات استروجين وبروجيستيرون (بوزتيف) ولا يحتوي على متلقيات هير 2 (نيغاتيف). عندما يريد الطبيب التأكد من أن المريضة يمكن معالجتها بالعلاج الهرموني فقط والاستغناء عن الكيميائي. ونشير أنه بالإمكان إجراء فحص انكوتايب دي اكس على نسيج بلوك الشمع، بعد إجراء الجراحة أو الخزعة.
فحوصات Mammaprint
هناك أيضاً مجموعة جديدة من سبعين جين (70Gene) تم اكتشافها وتحديدها في امستردام وتسمى (Amesterdam 70 gene Signature Score يتم من خلالها فحص مجموعات جينات gene microarray على الأنسجة الباثولوجية. وحسب تجمع الجينات يتم تحديد ما يسمى بأورام ذات احتمال روجعة قليلة أي “امضاء جيد”، ويمكن إعطاء هؤلاء المرضى علاجاً هرمونيا مضادا وبدون علاج كيمائي. اما إذا أعطت النتيجة ما نسميه امضاء سيء (Bad Signature) فتكون خطورة روجعة المرض عالية نسبياً ويتوجب إعطاء المريضة علاجاً كيمائياً. اما في الحالات الوسطية فما زلنا بحاجة إلى دراسات سريرية عيادية كلينيكيه لإعطاء جواب نهائي وأهمها في أوروبا دراسة Mindact التي تعتمد على Amsterdam 70-Gene Signature. أننا نأمل من هذه الدراسة (مع دراسة TAILORx) أن تظهر لنا بشكل اوضح من هن السيدات اللواتي يمكن عدم إعطائهن العلاج الكيمائي الوقائي والاعتماد فقط على العلاج الوقائي الهرموني.
نشير إلى أن فحص Amesterdam 70 gene يمكن إجراءه على نسج طازج ومفرز يتم أخذه وقت الجراحة أو الخزعة.
فحوصات اندوبريديكت Endopredict
هذه أيضاً مجموعة فحوصات جينية جديدة لـ 12 جين تعطي رقم score إذا كان عالياً تكون نسبة خطورة عودة المرض زائدة.
فحوصات PAM50
هذه أيضاً طريقة لتحديد نسبة خطورة عودة المرض يمكن اعتمادها في المختبرات الزرع بدل إرسال الخزعات إلى مختبر واحد.
كل هذه النقاط قد يعتمد عليها الطبيب ليقرر نوع العلاج وماذا يجب أن يفعل بعد العملية مثل إعطاء علاج كيميائي و/أو علاج مهدف أو العلاج الشعاعي أو علاج هرموني مضاد أو كلها مع بعضها أو بالتسلسل الواحدة تلو الأخرى، أو ان المريضة بحاجة إلى أن تدخل في بعض التجارب السريرية للأدوية الحديثة التي قد تستفيد منها هي وتفيد أيضاً السيدات اللواتي يصبن بهكذا ورم من بعدها.
فحص العقد تحت الإبط
تكتسب العقد اللمفاوية التي تقع تحت الإبط أهمية كبرى في تحديد مرحلة المرض وخطورة انتشاره في أماكن أخرى من الجسم وهي تساعد على تحديد ضرورة ونوعية العلاجات التي تتبع الجراحة. تقع هذه العقد اما في الجزء الأعلى القريب من الإبط، أو في مستويات ثلاث تحت الإبط (Axillary Lymph Nodes Level I, Level II, and Level III)، أو في داخل القفص الصدري وتسمى عقد الثدي الداخلية (Internal Mammary Chain)، أو فوق عظمة الترقوة في أسفل الرقبة (Supraclavicular Lymph nodes).
كيف يمكن تحديد الانتشار في عقد الإبط
يعتبر فحص واستئصال عقد تحت الإبط جزءاً من علاج سرطان الثدي بالإضافة إلى انه يعطي المعلومات الضرورية حول مرحلة المرض بغرض تحديد العلاجات التالية بعد الجراحة.
يتم التحقق من وجود أو عدم وجود الانتشار بطريقة الفحص السريري أو الفحوصات التصويرية، أو بعد الاستئصال:
1- فحص الإبط بالفحص السريري
2- الانتباه لمنطقة تحت الإبط على صورة الماموغرافي والصورة الصوتية أو الصور المحورية الطبقية إذا كانت قد اخذت، أو الصورة المغناطيسية.
3- تبقى شكة الرشفة بالإبرة الرفيعة في حال وجود عقدة مشكوك بأمرها أو عملية استئصال العقد وفحصها النسيجي أهم طريقة للتأكد من أنها تحوي على خلايا سرطانية أم لا. لهذا ما زلنا ننصح بعملية جراحية لاستئصال أما العقدة الحارسة الأولى واما كل العقد تحت الإبط، هذه المعلومة ما زالت ضرورية جداً لتحديد أنواع العلاجات الوقائية التي تتبع العملية الجراحية من علاج كيميائي وهرموني وشعاعي.
للخلاصة، بالإمكان التأكد ما إذا كان هنالك انتشار تحت الإبط أما بالرشفة بالإبرة الرفيعة (FNA) أو عن طريق فحص العقدة الحارسة الأولى -سنتنيل Sentinel lymph node biopsy))، أو بطريقة جراحة استئصال كامل لعقد تحت الإبط (Axillary Lymph Node Dissection).
خزعة العقدة الأولى الحارسة
الطريقة الحديثة للجراحة الجزئية لدراسة عقد تحت الإبط هي خزعة العقدة الحارسة الأولى -سنتنيل Sentinel lymph node biopsy)) التي يتم استعمالها إذا كان الورم صغيراً وليس هناك عقد ليمفاوية على الفحص السريري والصورة الصوتية، هي تتم عبر شك إبرة بدواء ملون ودواء مشع حول الورم أو حول الحلمة، ثم نرى كيف ان المادة الملونة والمادة المشعة تذهبان إلى أول عقدة لمفاوية بعد الورم. يتم عندئذ استئصال هذه العقدة وارسالها للفحص النسيجي. إذا كانت هذه الغدة الأولى خالية من السرطان فعادة تكون باقي الغدد خالية منه أيضاً ولا يتوجب استئصال عقد أخرى وتنتهي العملية الجراحية هنا. أما إذا كانت هذه العقدة الأولى تحتوي على انتشار للسرطان فقد يتوجب عندئذ تكملة العملية واستئصال جميع العدد تحت الإبط لمعرفة ما إذا كان فيها انتشار أم لا. ولكن، هناك دراسة جديدة لكلية الجراحين الأميركية ACOSOG-Z0011 أثبتت أنه لا فرق بالنتائج النهائية بين تكملة الاستئصال أو الاكتفاء بخزعة العقدة الحارسة في حال كانت هناك عقدة واحدة مصابة أو اثنتين فقط، والمريضة تخضع للاستئصال الجزئي للثدي وللعلاج الشعاعي. هكذا يمكن الاكتفاء بخزعة العقدة الحارسة في هذه الحالات حتى ولو كانت مصابة. إن الاستغناء عن استئصال كامل العقد اللمفاوية قد يكون تم تعويضه بإعطاء المريضة علاجاً شعاعياً يشمل أسفل تحت الإبط. لقد ظهرت حديثاً نتائج دراسة أماروس الأوروبية AMAROS وبينت أنه في حالة وجود عقدة حارسة واحدة مصابة فيمكن اللجوء إلى العلاج الشعاعي لمنطقة تحت الإبط، فهذه الطريقة ثبتت أنها تعطي نفس نتائج استئصال كامل العقد ولكن بمضاعفات أقل خاصة تورم ذراع أقل.
وبالطبع، يمكن الاستناد إلى هذه المعلومات فقط إذا كان الطبيب الجراح والمركز لديهم الخبرة الكافية والمعترف بها لفحص العقدة الحارسة الأولى.
استئصال عقد تحت الإبط في حالات “الورم ما قبل السرطاني”
أما إذا كان الورم من النوع الذي نسميه Pre Cancer يعنى “Carcinoma in situ” فعادة تكون الخلايا الخبيثة محصورة في قنوات الحليب أو غدده ولا تنتشر إلى عقد تحت الإبط فلا ننصح باستئصال العقد في هذه الحالات، إلا إذا كانت هناك بعض العلامات الفارقة مثل التوغل الميكروسكوبـي ودرجات الخبث العالية في نتيجة الباثولوجيا النسيجية أو أن حجم الورم كان كبيراً، أو أن المريضة تخضع لاستئصال كامل لا يسمح بالعودة إلى العقدة الحارسة في حال الحاجة إليها لاحقاً إذا ما تم اكتشاف خلايا سرطان ميكروسكوبـي غازي على الفحص النسيجي النهائي.