علماء يدرسون تأثير العوامل البيئية السلبية على الأطفال
الرياض: «الشرق الأوسط»
طرحت دراسة سويدية في الآونة الأخيرة بحث العلاقة بين طول الطفل ومقدار النمو في
قدراته العقلية والذهنية، وترى أن النسبة في قصر طوله مقارنة بما هو طبيعي له في
سنه مؤشر على تدني أدائه في اختبارات الذكاء، الأمر الذي يرى الباحثون أن فيه لفتة
إلى التأثير السلبي لبعض العوامل البيئية في كل من مقدار طول الطفل ومعدل قدرات
الذكاء لديه. لكنهم لم يتمكنوا من تحديد هذه العوامل البيئية السلبية على وجه
الدقة، وإن كانوا يشيرون إلى أن الظروف المنزلية التي تضغط نفسياً على الطفل أحد
أهمها.
* نمو الطفل
* وعلى حد قول الدكتور سكوت مونتيغومري الباحث الرئيس في الدراسة من معهد
كارولينسكا بالسويد فإن الضغوط النفسية في الطفولة لها تأثير سلبي مهم في بطء نمو
طول الطفل، كما يحصل في حالات الطلاق أو التشاجر المتكرر بين الوالدين أمام أو
بملاحظة ذلك من قبل الأبناء.
وكما أن الضغوط النفسية تقلل من مقدار إفراز هرمون النمو المرتبط مباشرة بمقدار
النمو في طول الجسم، فإنها أيضاً تؤثر سلباً في نمو مناطق معينة من الدماغ معنية
بالدرجة الأولى بالذكاء بشكل عام، وبشكل خاص بقدرات التعلم والذاكرة. لكن الدكتور
مونتيغومري استدرك قائلاً: بالطبع فإن القصر في الطول بحد ذاته لا يعني البتة تدني
القدرات الذهنية لدى الأطفال، لأن طول الطفل في الأساس مرتبط بعوامل جينية يحددها
طول كل من الأم والأب. ولذا كانت الدقة في عبارة الباحثين عندما قالوا قصر طول
الطفل بما هو طبيعي له في سنه.
الدراسة التي نشرتها مجلة مدونات أمراض الطفولة في شهر يناير الماضي، شملت أكثر من
1400 طفل بريطاني من مواليد عام 1970، ووجد الباحثون أن قصر الطول في سن الخامسة من
العمر مرتبط بتدني مقدار الذكاء في سن العاشرة، بغض النظر عن الوزن حين الولادة أو
الدخل المادي لذويه. وهو ما علق عليه الدكتور مونتيغومري بأن الطفولة السعيدة ترفع
من مستوى ذكاء الإنسان ونمو طوله.
وبعيداً عن العوامل الوراثية أو أمراضها، فإن تأخر نمو طول الطفل مرتبط في الغالب
بأربعة أمور، فالإصابة بالأمراض المزمنة أو المعدية في الكلى أو الجهاز الهضمي أو
غيره من أعضاء الجسم، التي تؤثر في هضم وامتصاص الغذاء، أو عبر آليات أخرى متعددة.
ويلعب سوء التغذية إما بشكل مباشر أو بشكل مصاحب للأمراض المزمنة، دوراً أساسياً في
ظهور تأخر نمو طول الطفل. بيد أن دور العوامل النفسية بحد ذاته، أي دون تأثيره على
تناول الطعام أو تقبله، هو ما يزال يحيطه الغموض. وإن كانت كثير من الدراسات قد
لاحظت دوراً سلبياً جلياً له في تأخر نمو الطفل. ويرى البعض أنه مرتبط بشكل غير
مباشر مع دور الاضطرابات الهورمونية المؤثر بدرجة حيوية في إتمام تتابع مراحل نمو
طول الطفل.
وهناك ثلاثة هورمونات رئيسية في عملية نمو الطفل، هي هورمون النمو الذي تفرزه الغدة
النخامية في الرأس، والذي يتم إفرازه عبر تدفقات متتالية، تزداد أثناء نوم الطفل
بالليل تحديداً، والذي هو سر النصيحة الطبية بأن ينال الطفل الصغير قسطاً كافياً من
نوم الليل. أما هورمون الغدة الدرقية في مقدمة الرقبة فهو من أهم الهورمونات
اللازمة لنمو الدماغ والعظم بشكل خاص. كما أن هورمون الكورتيسول أو هورمون الضغط،
والذي تفرزه الغدة فوق الكلوية ضمن كميات معتدلة، فإنه هو ما يلزم أيضاً لإتمام
النمو، أي أن الإفراط في إفرازه وارتفاع نسبته في الدم قد يؤدي إلى تأخر النمو