الربو والميل إلى البدانة وحتى الإصابة بأمراض الأذن كلها حالات يمكنها الانتقال
إلى طفلك عبر الجينات أو المورثات ولكنك بالمقابل يمكنك أن تحرصي على سلامة طفلك
بمداومة العناية به والحفاظ على سلامته لتجنيبه وراثة كل تلك الأمراض. والحقيقة أن
ما يثير الدهشة هي أن الطفل يرث الكثير من المشكلات الصحية عن الأم مثل السكري
وأمراض أخرى قد تعد بسيطة نسبيا، لكنها في كل الأحوال تنقل إلى طفلها لتسبب له
أحيانا مشكلات صحية. ويرى الأطباء أن 80 في المئة من الحالات المرضية يرثها الطفل
عن طريق والديه.
بالطبع لا يمكن للأم التدخل في الجينات الوراثية للطفل لكن تاريخ الحالة الصحية
يمكن أن يصبح حافزا للام لكي تكون أكثر حرصا ورعاية لحياتها الصحية من خلال
الفحوصات الدقيقة وإستراتيجيات تخفيف الإصابة. وفيما يلي تسع حالات يرثها الأطفال
من أفراد الأسرة والأساليب التي يمكن استخدامها لحماية الأطفال. "أمراض الحساسية
والربو" الأكثر عرضة: الأطفال الذين أصيب آباؤهم أو أمهاتهم أو حتى أقاربهم بأمراض
مثل الربو أو بأي نوع من أمراض الحساسية تجاه أنواع معينة من المأكولات مثل زبدة
الفول السوداني «الفستق» أو الحيوانات الأليفة ذات الفراء أو تجاه غبار الطلع أو
عثة الغبار. فإذا كان أحد الوالدين مصابا بالربو الناجم عن الحساسية، فإن طفله
سيكون أكثر عرضة للإصابة بأمراض الربو من أي نوع آخر من أمراض الحساسية.
ويشار على إنه إذا كان أحد الوالدين يعاني من الربو أو أحد أمراض الحساسية فإن
خطورة إصابة الطفل بأحد هذه الأمراض تتزايد بنسبة تتراوح ما بين الثلاثين والخمسين
في المئة. وإذا كان الوالدان أصيبا بتلك الأمراض فإن احتمال إصابة الابن بها تصل
إلى 80 في المئة.
أفضل الدفاعات ووسائل الحرص: يتم التأكيد من حين لآخر حول أهمية الرضاعة الطبيعية
في الوقاية من أمراض الربو والطفح الجلدي نتيجة للحساسية. والحقيقة إذا كانت
الحساسية منتشرة بين أفراد الأسرة وتتجنبين إرضاع طفلك رضاعة طبيعية، فقد ترغبين في
استخدام حليب رضاعة الأطفال المعروف بإسم «هايبوأليرجيك إنفانت فورميلا» ويوصي
الأطباء أيضا بأهمية تجنب تناول الفول السوداني الذي يعد غذاء الحساسية الأكثر
خطورة خاصة أثناء فترة الرضاعة وحتى خلال فترة الحمل.
وتنصح الأكاديمية الأميركية لأمراض الأطفال حاليا الأطفال الذين كان أحد أفراد
أسرهم القريبين مصابا بأحد أمراض الحساسية بالامتناع عن شرب منتجات الحليب قبل
السنة الأولى وكذلك البيض قبل السنة الثانية والامتناع عن تناول المأكولات البحرية
وزبدة الفول السوداني قبل بلوغ سن الثالثة. كما يفضل أن تقوم الأم بعدم تعريض طفلها
لغبار الطلع أو لقشور فراء الحيوانات الأليفة في المنزل. تلك الإجراءات الوقائية
دون شك لها أكبر التأثير على وقاية الإبن من مخطر الحساسية والربو وحساسية الأنف
والجيوب الأنفية.
وعلى افتراض أنك أحضرت قطة أو كلبا إلى المنزل فمن الأفضل أن تقومي بذلك عندما يكون
طفلك تجاوز مرحلة الرضاعة. وقد اكتشفت الدراسات أن الأطفال الذين يتعرضون للكلاب
والقطط يصابون بأمراض الحساسية على نحو تدريجي ويصبح الطفل عرضة للإصابة لأن جهاز
المناعة لدى الطفل الرضيع أو لدى الطفل في مراحل حياته الأولى يكون أقل قدرة على
تعلم التصدي لأمراض الحساسية تلك.
وإذا كانت لديك شكوك بأن طفلك مصاب بأعراض الربو بما في ذلك السعال أو العطاس
المزمن، يفضل أن تراجعي الطبيب لأن العلاج المبكر هو الوسيلة المثالية لوقاية الطفل
من إحتمال أن تصبح الإصابة المرضية مزمنة.
ارتفاع ضغط الدم والكولسترول
الأطفال الأكثر عرضة للإصابة هم الأطفال الذين عانى والدهم أو والدتهم من أمراض
شكلت عناصر رئيسة في إصابتهم المستقبلية بأمراض القلب.فإذا كانت أم الطفل أو والده
يعانون من أمراض ضغط الدم أو ارتفاع الكولسترول فإن خطورة الإصابة تصل إلى 50%.
وإذا كان كلا الوالدين مصابا بتلك الحالة المرضية فإن خطورة وراثة المرض قد تصل إلى
الابن بنسبة 75 في المئة.
وحسب متخصص في علم المورثات فإن الطفل مرشح مستقبلا للإصابة بأزمات قلبية إذا كان
والده أو جده أصيب في الماضي بأزمات قلبية أو تم تشخيص حالة أحدهما بأنه مصاب بأحد
أمراض القلب قبل أن يصل سن الخامسة والخمسين.
– أفضل الدفاعات:
افحصي طفلك فحصا طبيا دقيقا: لقد كان الأطباء يعتقدون أن ارتفاع ضغط الدم وارتفاع
الكولسترول هو من الأمراض التي تصيب الإنسان عند الكبر، إلا أنهم الآن يعتقدون بأن
مثل تلك الظروف الصحية يمكن أن تبدأ في الطفولة.وهو ما يضاعف احتمال الإصابة بأمراض
القلب في سن متقدمة. ويوصى مثل هؤلاء الأطفال أن يتم إجراء فحوصات دورية لضغط الدم
لهم بعد سن الثالثة من أعمارهم وفي سن أكبر.
كما ينبغي أيضا قياس الكولسترول لديهم عند بلوغهم سن الخامسة خاصة إذا كانت نسبة
الكولسترول لدى أحد الوالدين قد وصلت لمستوى 240 أو أكثر أو إذا كانت شخصت حالة
الوالد أو الجد على أنها إصابة بمرض القلب. وتفترض الدراسات أن الرضاعة الطبيعية
تقلل من مخاطر إصابة الطفل بارتفاع الكولسترول. ولكن تأكدي بعد الولادة أن طفلك
يتناول غذاء متوازنا ويقوم بالانخراط في تدريبات يومية.
أمراض الأذن
الأطفال الأكثر عرضة للإصابة: في الوقت الذي لا تعرف بالضبط حقيقة أسباب الإصابة،
إلا أن الاعتقاد السائد هو أن ما بين 60 % و70 % من الإصابة ناجمة عن عوامل وراثية.
ومن المرجح أن ينقل الوالدان لأطفالهما أمراضا مثل قناة أستاخيو التي تجعل الطفل
عرضة للمعاناة من مشكلات في أذنه الوسطى. ويوصى الأطباء الأمهات بالعمل على إرضاع
أطفالهم رضاعة طبيعية على الأقل في الأشهر الثلاثة الأولى. كما ينبغي على الأم أن
تجعل منزلها محصنا من دخان السجائر.
كما يفضل أن يعطى الطفل حقنة ضد الإنفلونزا وعدم تعريضه للفيروسات بتشجيع طفلك لغسل
يديه من حين لآخر. وينبغي أن تعلم الأم أن أمراض الأذنين ليست معدية. ولكن على
الرغم من أنها ليست معدية فإن أمراض البرد قد تؤدي إلى الإصابة بها. ولحسن الحظ فإن
الأطفال يصبحون أقل تعرضا للإصابة بأمراض الأذن بعد سن السابعة من أعمارهم.
البدانة
الأطفال المرشحون مستقبلا للإصابة بالبدانة هم الذين يعاني والدهم أو أمهم أوكليهما
من البدانة. فإذا كان أحد الوالدين يعاني من زيادة مفرطة في الوزن فإن فرص إصابة
الطفل بالبدانة مستقبلا تصل إلى 40 في المئة أو إلى 70 في المئة إذا كان كلا
الوالدين بدينين.
وفي معظم الحالات يمكن أن يتغلب الطفل على المشكلة الوراثية ويتجنب البدانة عن طريق
تناول وجبات طعام متوازنة ويلتزم بإجراء تدريبات رياضية. ولذلك لا ينبغي أخذ مسألة
بدانة الطفل بسطحية وعدم اكتراث لأن البدانة تحمل معها مخاطر الإصابة بالسكري في
وقت مبكر كما الإصابة بأمراض القلب والربو وبعض الأمراض السرطانية.
– أفضل الدفاعات:
كوني المثال الأعلى لأطفالك، فأطفالك يتعلمون منك طرق تناول الطعام وعادات القيام
بتدريبات رياضية أو من أقرب الناس منهم. والحقيقة أن الأطباء لا يوصون بوضع جدول
غذاء متشدد للأطفال ولكن من المهم جدا أن يقلل الأطفال من تناول المشروبات الغازية
المليئة بالسكر وكذلك الوجبات السريعة وبدلا من ذلك يوصي الأطباء بتناول وجبات ذات
تنوع غذائي شامل مع تقليل الجلوس أمام التلفاز وأن تقتصر مشاهدة التلفاز على ساعتين
فقط في اليوم. وبدلا من ذلك يفضل جعل برامج الرشاقة من الجداول الرئيسة في حياة
أفراد الأسرة.
وبعد سن الثانية فإن مؤشر كتلة جسم الطفل ينبغي أن تحسب من قبل الطبيب بصورة دورية
وفي كل مرة تجري فيها زيارة عيادة الطبيب لمتابعة زيادة الوزن حتى يمكن اكتشاف
الحالة.
سرطان الجلد
الأطفال المرشحون للإصابة هم أولئك الذين أصيب أحد من أفراد أسرتهم بسرطان الجلد (
الميلانوما) وهو النوع من سرطان الجلد الذي يعد الأشد خطورة على الحياة البشرية.
وعلى سبيل المثال إذا كان أحد الوالدين أصيب بالمرض فإن احتمالات إصابة الطفل
بالمرض تتضاعف وترتفع إلى نسبة 3%.
ولكن خطورة الإصابة تتضاعف بنسبة تتراوح مابين الخمسة في المائة والثمانية في
المائة. كما أن المخاطر قد تكون أكبر إذا تم تشخيص وجود إصابة قبل بلوغ أحد
الوالدين سن الخمسين. ويلاحظ أن الإصابة بسرطان الخلية القاعدية هي من أكثر أنواع
سرطانات الجلد انتشارا لكنها في الوقت ذاته غير وراثية. ولكن أصحاب البشرة البيضاء
والشعر الأشقر والأحمر والعيون الفاتحة هو الأكثر عرضة للإصابة بسرطان البشرة مالم
يحيطوا بشرتهم بالرعاية ضد الإشعاعات الطبيعية الموجودة في أشعة الشمس.
أفضل الدفاعات: احمي طفلك من أشعة الشمس. وعلى الرغم من أن هذه الإصابة السرطانية
لا تحل بالإنسان إلى في مرحلة النضوج فإن 80 % من التلفيات السرطانية التي تؤذي
البشرة تحدث في الفترة السنية التي تسبق بلوغ سن الثامنة عشرة. ومن الضروري جدا
تغطية بشرة الطفل بمرهم من نوع SPF بعد بلوغه سن الخامسة عشرة أو أكبر في كل مرة
يخرج فيها الطفل للعب أو التجوال تحت أشعة الشمس
وخاصة إذا كانت الإصابة بسرطان البشرة شائعة في أفراد الأسرة. وتأكدي أيضا من أن
طفلك يرتدي قبعة ذات أطراف عريضة عندما يخرج إلى الشارع. وانصحي أطفالك أيضا بضرورة
اللعب في الظل إذا كانت الشمس مشعة كما في أشهر الصيف.
السكري
الأطفال الأكثر عرضة للإصابة هم أولئك الذين يعاني والدهم من الإصابة بالسكري من
النوع الأول وهو النوع الذي يعتمد فيه المريض على تناول الأنسولين اعتمادا جوهريا
في حياته اليومية.ويشار إلى أن كل طفل من أصل 17 طفلا أصيب أهلهم بالمرض مرشح
للإصابة بالسكري في مرحلة ما من حياته.
ولكن إذا ولد طفل وكانت والدته مصابة بالنوع الأول وهي في سن الخامسة والعشرين، فإن
فرص إصابته هي واحد من خمسة وعشرين. ولكن تتراجع مخاطر إصابته بالمرض إلى واحد في
كل مائة. ولكن إذا كان الوالدان مصابان بالنوع الأول فإن المخاطر تتزايد لتصبح واحد
في كل أربعة. والحقيقة فإن النوع الثاني من الإصابة (الذي يتصل بالوزن) يمتلك
مكونات جينية أقوى.
فإذا كان أحد الوالدين مصابا بالنوع الثاني فإن احتمال إصابة الطفل هي واحد من
سبعة. ويحتمل كثيرا أن يصاب الطفل بالسكري إذا كان بدينا وفي الوقت نفسه كان أحد
والديه مصابا بالنوع الثاني. والحقيقة فإن أعداد الأطفال الذين يصابون بالسكري في
هذه الأيام مرتفعة ارتفاعا خطيرا. بسبب البدانة عند الأطفال في عصرنا والتي تتخذ
بعدا خطيرا يكاد يصبح أشبه بالوباء.
– أفضل الدفاعات:
تفترض بعض الأبحاث الاستمرار في الرضاعة الطبيعية حتى سن الشهر السادس على أقل
تقدير، وهو ما يقلل من احتمالات الإصابة اللاحقة بالنوع الأولي من السكري ولو بنسبة
بسيطة. ولكن وضع إستراتيجيات وقائية هي العلاج الأقوى للوقاية من الإصابة بالنوع
الثاني.
ومن هنا عليك التأكد من أن طفلك يمارس تدريبات بدنية ويتناول أغذية متوازنة غنية
بالفاكهة والخضروات والخبز الأسمر وزيوت الخضار الجيدة مثل زيت الزيتون والكانولا.
وينصح بعض الخبراء بضرورة الحد من تناول البطاطا والخبز الأبيض لأن المأكولات التي
تحتوي مواد نشائية تعرض الأطفال للخطر أيضا. ويوصي الأطباء بضرورة إجراء فحوصات دم
لمعرفة ما إذا كان الطفل مصابا بالنوع الثاني من السكري حتى في سن العاشرة من عمره
خاصة بالنسبة للأطفال البدينين أو الذين ينحدرون من أسر أصيب أحد أفرادها بالسكري.
ضعف النظر
الأطفال المرشحين أكثر للإصابة هو الذين ينتمون لعائلات يعاني أفرادها من ضعف
البصر. وإذا كان كلا الوالدين يرتديان النظارات الطبية في الطفولة فإن فرصة ارتداء
أبناءهم للنظارات تتزايد. كما تتضاعف احتمالات إصابة الطفل بكسل في العين إذا كان
أحد الوالدين مصابا بهذه الحالة في فترة مبكرة من حياته.
أفضل علاج:
تأكد من فحص عيني طفلك جيدا خلال الفترة الأولى من حياته. ولذلك فإن التقييم الذي
يقوم به طبيب الأطفال مهم بالنسبة لمعرفة وضع البصر لدى طفلك خاصة في المراحل
المبكرة من حياته لأهمية ذلك في توفير علاج مبكر لطفلك خاصة إذا بدأت الإصابة قبل
بلوغ الطفل سن الثالثة. وينبغي البدء باجراء فحوصات شاملة للطفل في المرحلة السابقة
للمدرسة
محمد نبيل إسبارطلي