الشيخوخة حالة ذهنية في المقام الأول. لذلك، هل تستطيع أن تؤمن بداخلك أنك أصغر سناً؟
إن سيطرة المشاعر السلبية على الإنسان تؤدي به إلى الإصابة بأمراض القلب. وفي المتوسط، فإن المتفائلين يعيشون تسع سنوات أطول من المتشائمين.
ما الذي يحدث؟ هل يمكنك أن تبدو أكثر شباباً من خلال تفكيرك؟ هل إطارك الذهني له تأثير مباشر على سرعة تقدمك في العمر؟ الإجابة هي نعم. حديثاً فقط بدأت مهنة الطب تتقبل حقيقة أن العقل والجسم مرتبطان برباط لا ينفصم، والآن صار هناك فرع جديد تماماً من العمل مخصص لاستكشاف كيفية عمل الجسم والعقل معاً بالضبط. هذا العلم الجديد يُسمى “علم المناعة العصبي النفسي” psychoneuroimmunology، وهو لا يزال في مهده، ولكن من أهم الأشياء التي يمكن أن يؤكدها لنا هذا العلم هي أن التوتر يؤثر سلباً على الجهاز المناعي.
ومن بين الرواد في هذا المجال الطبيب الحائز على جائزة نوبل د. كانداس بيرت، الذي بذل مجهوداً كبيراً من أجل إثبات أن كل خلية في الجسم تتواصل مع الخلايا الأخرى من أجل العمل معاً كوحدة واحدة. لذلك، فإن أي تغيير في النشاط الخلوي في المخ، الذي تتسبب فيه المشاعر المختلفة، سيكون له تأثير مباشر على كل الخلايا الأخرى في الجسم.
إن العمليات التي تجري في هذا التواصل بين العقل والجسم معقدة للغاية. فالنواقل العصبية في المخ يمكن أن تتأثر بالمشاعر، وبالتالي فإنها تطلق ردود فعل بدنية في الأجزاء الأخرى من الجسم، بما في ذلك الأنظمة التي تقاوم الأمراض. والمرض، بالطبع، يؤثر في المشاعر والسلوكيات.
ومن المقبول من الناحية العلمية الآن أن توجهك الذهني وطريقة تفكيرك في مرضك يمكن أن يكون لها تأثير مباشر على نتيجة العلاج. وقد اقترحت إحدى الدراسات أن النساء المصابات بسرطان الثدي واللاتي تملكن “روح المقاومة” يتمتعن بمعدل بقاء أعلى من أولئك اللائي يستسلمن بدون مقاومة. وقد أوضحت دراسة أخرى أن مرض القلب يتطور أسرع في الرجال الذين يشعرون باليأس عنه في الذين لا يشعرون بذلك.
ماذا أيضاً يجعل توجه الإنسان الذهني يتسم بالصحة والشباب؟ من المهم أن تتخلص من إحساسك بالذنب. لقد أظهرت الأبحاث أن الناس الذين لديهم إحساس أقل بالذنب يكون احتمال ذهابهم إلى الطبيب أو إصابتهم بنزلات البرد والأنفلونزا أقل. وقد اكتشف العلماء أيضاً أن إحساس الإنسان بالذنب بعد تمتعه بأشياء مثل الجنس أو تناول الشيكولاتة يقلل من مستويات الأجسام المضادة التي تتوفر في الجهاز المناعي القوي.
لذلك، إذا أردت أن تقاوم وتؤخر الشيخوخة قدر الإمكان، فمن الضروري جداً أن تكوّن صورة ذهنية شابة عن نفسك. فعقلك يُشبه الصاروخ الذي يعمل بالبحث الحراري؛ فهو يتحرك ويعدّل اتجاهاته تلقائياً تجاه الأهداف التي تحددها له، سواء كانت هذه الأهداف سلبية أو إيجابية. وهكذا، إذا كنت ترى نفسك دائماً على أنك قد صرت كهلاً، أو زائد الوزن، أو لا تتمتع باللياقة، فهذا ما ستصبح عليه بالفعل. أما إذا نظرت لنفسك على أنك شاب ومليء بالطاقة، فإنك ستبدأ في التصرف على هذا النحو. قل لنفسك: “أريد أن أكون شخصاً يبدو أصغر عشر سنوات ولديه قدر هائل من الطاقة ورغبة شديدة في الاستمتاع بالحياة”. بعد ذلك، اسأل نفسك ما الأشياء التي سيقوم بها هذا الشخص؟ ما الطعام الذي سيتناوله، وكيف سيتعامل مع التوتر، وكيف سيبدأ يومه؟
إنك تريد الانفتاح على أفكار جديدة ومتحمس لتعلم أشياء جديدة. وهذا في حد ذاته يضمن أنك ستظل أصغر بيولوجياً من عمرك الحقيقي. التعلم يبقي عقلك نشطاً وشاباً. ولكن ليس من الضروري أن تحصل على درجة علمية (إذا لم تكن ترغب في ذلك). إن التعلم المستمر طوال الحياة يعني أن تحتفظ بفضولك للتعرف على الحياة. خذ دورة مسائية في مهارة كنت دوماً ترغب في تعلمها. جرب قضاء الإجازة التالية في مكان لم تعتد عليه من قبل. خذ إجازات وزر المعارض والمتاحف. وإذا كانت لديك قائمة طويلة بالأشياء التي اعتدت أن تستمتع بها في السابق ولكن لم تعد تستمتع بها الآن، مثل التدريبات الرياضية، والرسم، والذهاب إلى المسرح، فربما يكون ذلك دليلاً على أن توجهك العقلي يسير باتجاه الشيخوخة.
الإنسان نتاج أفكاره: فما يفكر فيه يصبح عليه.
الضحك كل يوم يمكن أن يعزز جهازك المناعي.
عندما ينغلق أحد أبواب السعادة، يُفتح آخر؛ ولكننا نظل ننظر لفترة طويلة إلى الباب الذي تم إغلاقه لدرجة أننا لا نرى الباب الجديد الذي انفتح أمامنا.
قم بعمل خيري عفوي وبدون ترتيب مسبق في يوم واحد على الأقل كل أسبوع.
أظهرت الدراسات أن عمل الخير يفيدك أكثر مما يفيد الطرف المتلقي له.
- تنازل عن مقعدك في الحافلة أو القطار لشخص آخر يبدو أكثر احتياجاً له منك.
- أمسك الباب لشخص آخر حتى يمر.
- اترك قائد السيارة المواجه لك في التقاطع يمر قبلك.
- زر جارك قعيد المنزل.
- ابتسم في وجه كل من تقابله.
سمعت أن المتفائلين يعيشون بصحة أطول من المتشائمين. المشكلة هي أن الكآبة جزء من طبيعتي. ما الذي يمكنني أن أفعله؟
طبقاً لما يقوله علماء النفس، فإن الأشخاص المتفائلين يميلون إلى تفسير المشاكل على أنها أحداث عابرة يمكن التحكم فيها ومتعلقة بموقف واحد. وعلى الجانب الآخر، فإن الأشخاص المتشائمين يعتقدون أن مشاكلهم ستلازمهم إلى الأبد، وأن هذه المشاكل ستقوّض كل شيء يفعلونه، وأنها خارج نطاق سيطرتهم. فإذا كنت تشعر بالكآبة بطبيعتك -وأنت لست وحدك في ذلك حيث تشير الإحصاءات إلى أن أعداد الناس الذين يتناولون مضادات الاكتئاب قد تضاعفت ثلاث مرات في العقد الأخير- فإن علماء النفس يعتقدون أنك تستطيع أن تغير من طبيعتك وتتعلم التفاؤل. وهناك طريقة مجربة لبناء التفاؤل تتطلب من الإنسان أن يعترف بالخواطر المتشائمة ثم يشتتها. وأساس تشتيت الأفكار المتشائمة التي تطرأ على ذهنك هو أن تعترف بها أولاً، ثم تتعامل معها كما لو كان شخص آخر هو الذي يقولها لك، مع تخيل أن هذا الشخص هو منافسك اللدود الذي يكرس كل حياته لجعلك تشعر بالتعاسة.
أنا رائع في التفكير في أنني أكثر شباباً، ولكن المشكلة هي أنني لا أحول الأفكار والنوايا الحسنة حول تغيير أسلوب حياتي إلى نمط أكثر شباباً إلى أفعال واقعية. ما الخطوة التالية التي يجب أن أخطوها؟
يتطلب الأمر ثلاثة أسابيع من التكرار حتى يصبح الإجراء الذي تقوم به عادة ويتم تشكيل مسارات عصبية لها في المخ. لذلك، جرب تغييراً واحداً في كل مرة والتزم به لمدة ثلاثة أسابيع قبل أن تنتقل إلى التغيير التالي. إن التوجهات الذهنية الإيجابية مهمة ولكنها لا تتوقف عند مرحلة التفكير فقط! ابدأ بشيء صغير، مثل الالتزام بتنظيف أسنانك بالخيط أو بتناول ثمرتين إضافيتين من الفاكهة يومياً.