لعلك لم تسترجعي قوامك الطبيعي بعد الإنجاب، أو ربما أنك كنت دائماً أكثر امتلاءً مما تفضلين. كيف يمكنك التخمين بأن حالتك الراهنة تمثل مشكلة حقيقية؟
قالت لي سيدة رائعة الجمال، ملفوفة القوام في أوائل العقد السادس من عمرها ذات مرة: “عزيزتي إيف، لا تنحفي زيادة عن اللازم، فهذه علامة على الشيخوخة”. ولقد كانت على حق!
لدي صديقات في أوائل العقد الثالث من أعمارهن يفخرن بقوامهن النحيف الذي يتراوح ما بين قياسي 8 و 10، ومع هذا يبدين أكبر من أعمارهن بعشر سنوات بوجوههن الذابلة. أعتقد أن القليل من المنحنيات بالجسم، والمزيد من الكيلوجرامات تضفي شكلاً جذاباً يستحق الإطراء، وهذا أمر ينطبق على الرجال أيضاً.
متى يصبح امتلاء الجسم بقدر بسيط أمراً غير مقبول؟ هذا أمر مرهون بوجهة نظرك الشخصية. فإذا لم تمثل بضعة كيلوجرامات زائدة مشكلة بالنسبة لك، فلا بأس. ولكن إذا مثلت لك تلك الكيلوجرامات القليلة مصدر إزعاج نظراً لرغبتك في التمتع بقوام أفضل، أو أنها تقوض من ثقتك بنفسك، أو تمنعك من ارتداء الملابس التي تريدها، يجب إذن أن تفعل شيئاً حيال الأمر. وإذا كنت تعاني مما يزيد على بضعة كيلوجرامات، تبدأ المشكلة، وعندما يزداد وزنك عن الوزن الطبيعي، تبدأ المشكلة في الاستفحال حقاً.
إن السمنة مرض عالمي. ففي المملكة المتحدة وحدها، قدر أن ثلثي الرجال ونصف النساء يعانون من زيادة الوزن، حيث يعاني واحد من بين خمسة أشخاص من السمنة؛ أي أنه يزيد على الوزن الطبيعي بمقدار 12.5 كجم (28 رطلاً).
والسمنة تجعل الحياة اليومية صعبة من جوانب شتى. فالشخص السمين يجد صعوبة في اللحاق بالحافلة، وصعوبة في اختيار ملابسه، ناهيك عن النظرات التي يراها في أعين الآخرين، ومشاكل النوم والخصوبة. فضلاً عن ذلك، فالسمنة هي أشيع أسباب التدهور الصحي، والإصابة بالأمراض القاتلة. فهي تؤدي إلى أمراض القلب، والسكر، والحصوات الصفراوية، وبعض أنواع السرطان. إن مجرد زيادة الوزن عن المعدل الطبيعي -أي بمقدار كيلوجرام واحد تقريباً- من شأنه زيادة ضغط الدم وإحداث مشاكل بالكوليسترول. وحتى تحلل الأسنان أكثر شيوعاً بين الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن.
إذا كنت في ريب من السبب وراء أهمية زيادة الوزن، فإليك بعض الحقائق ذات الصلة بالدهون للتفكير فيها:
وفقاً لمؤسسة القلب البريطانية، وجد أن أمراض القلب وأمراض الدورة الدموية في المملكة المتحدة هي أخطر أسباب الوفاة. وعلى الرغم من أن الأرقام أقل بقليل من العشرين عاماً الماضية، إلا أن السبب وراء هذا تحسن الخدمات الصحية، لا لأننا أصبحنا أصحاء! وهناك عوامل خطورة أخرى بطبيعة الحال، مثل التدخين، والصحة النفسية المتردية، والأمراض الوراثية، ولكن الحقيقة هي أن 30% من الوفيات الناجمة عن أمراض القلب التاجية ترتبط مباشرة بنظام أكل غير صحي. وتقدر منظمة الصحة العالمية أن ما بين 1 إلى 24% من حالات مرض القلب التاجي ناجمة عن قصور النشاط الأسبوعي عن ساعتين ونصف.
كلما زاد وزنك، زادت خطورة تعرضك للأمراض. وزيادة الوزن بمقدار 10 كجم فقط من شأنها مضاعفة احتمالات إصابتك بأمراض القلب. وإنقاص وزنك ولو بمقدار 5 كجم أو 10% من الممكن أن يكون له أثر مفيد على مستويات الكوليسترول.
يلعب الوزن الزائد دوراً في زيادة ضغط الدم الأمر الذي قد يؤدي إلى تجلطات دموية، وسكتات دماغية، وأزمات قلبية. ويمكنك الحد من هذه المخاطر كلها بواسطة الحمية؛ مقادير أقل من الملح، والدهون، وزيادة كبيرة في مقادير الفواكه والخضراوات.
وعلى الرغم من أن العلاقات المحددة بين النظام غذائي والسرطان غير مفهومة كلياً، إلا أنهما يرتبطان بشكل أو بآخر. فقد اقترح تقرير أخير أن ما يقرب من 40% من أنواع السرطان لها ارتباط بالغذاء. فخطورة الإصابة بسرطان الثدي ذات صلة بنظام غذائي عالي الدهون أو زيادة الوزن بصفة عامة.
من المؤكد أن زيادة الوزن ليست بالأمر الممتع ولا بأسلوب الحياة الذكي، ومن الممكن أن تتسبب لك في مشاكل تتجاوز مشكلة المظهر بكثير.
إنني أدخن وأعرف أنه يجب علي الإقلاع، ولكن وزني زائد بالفعل. ولا أود أن يزداد وزني ثانية، وهو ما يحدث دائماً عندما أقلع عن التدخين. ماذا عليّ أن أفعل؟
كثير من الناس يكتشفون أن وزنهم يزيد بمقدار 5 كجم (10 أرطال) عندما يقلعون عن التدخين. ويعتقد أن النيكوتين يزيد بشكل ما من معدل الأيض. فعندما تقلع عن التدخين، ينخفض هذا المعدل، مما يعني أنك إن تناولت نفس الكمية من الطعام، فسيزداد وزنك. وعندما تقلع لأول مرة أيضاً، لا يمكنك أن تكف عن تناول الوجبات الخفيفة أكثر (عادة بدافع الملل). وتخف حدة هذه الظاهرة على مدار أشهر. ومن الطرق التي تساعدك على الحفاظ على وزنك زيادة مستويات نشاطك؛ كوسيلة للإلهاء ووسيلة لحرق الطاقة أيضاً! وفي نهاية الأمر، فإن فوائد الإقلاع عن التدخين تستحق العناء. ويمكنك أيضاً استشارة طبيبك بشأن العقاقير التي يمكنها مساعدتك على الإقلاع عن التدخين دون أن يزداد وزنك.
ماذا عن مستويات الكوليسترول؟
أولاً، الكوليسترول ليس ضاراً في مجمله، والواقع أن الجسم في حاجة إليه، ولكن المشكلة في أن الكوليسترول نوعان: كوليسترول البروتينات الدهنية عالية الكثافة هو النوع النافع، ولكن كوليسترول البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة (الكوليسترول الضار) هو الذي تود الإنقاص منه. تتسبب الدهون المتحولة (عندما تتصلب الزيوت السائلة بفعل الهدرجة في عمليات التصنيع)، والدهون المشبعة (الموجودة في اللحوم، والقشدة، والزبد، واللبن كامل الدسم، إلخ) في زيادة الكوليسترول الضار. وفي المقابل لذلك، فإن الألياف والخضراوات والدهون المتعددة والدهون أحادية التشبع (مثل زيت الزيتون، وزهرة الشمس، وزيوت الأسماك) لا تخفّض الكوليسترول الضار فحسب، بل وتزيد أيضاً من مستويات الكوليسترول النافع.