التصنيفات
الباطنية

أسباب مشاكل الأمعاء وإستراتيجيات العلاج

قال “أبقراط”، أبوالطب، إن كل الأمراض تبدأ من الأمعاء، ولقد مضى زمنٌ طويلٌ منذ عهد أبقراط، واكتشفنا أن كثيرًا من الأمراض جينية في الأصل، لكنَّ الجزء الذي لا يزال صحيحًا حتى اليوم في هذه المقولة، هو أنك لن تكون معافى ما لم تكن قناتك الهضمية سليمة، حتى لو كنت محظوظًا بما يكفي لترث مجموعة من الجينات الجيدة (جينوم)، وأعتقد أن العافية تعتمد على سلامة القناة الهضمية والكبد.

أسباب المشكلات المعوية والهضمية

– مشكلات الكبد، مثل كسل الكبد، أو الكبد الدهنية، أو اعتلال الكبد.

– مشكلات المرارة، مثل تعطل المرارة، أو حصوات المرارة التي كثيرًا ما تسبب الشعور بالغثيان، أو عسر الهضم بعد تناول الطعام، أو عدم ارتياح في يمين الجزء العلوي من المعدة، أو ألم يصل إلى الكتف اليمنى. وقد يعاني بعض الأفراد عسر الهضم، أو الإسهال المزمن، إذا استُئصلت المرارة، وكلها مشكلات قابلة للعلاج؛ حيث يمكن للمكملات المصنوعة من العصارة الصفراوية للثور، أو الإنزيمات الهاضمة، أن تُسكِّن هذه الأعراض.

– بعض الأدوية، مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، والأسبرين، والجرعات الكبيرة من المسكنات التي تُؤخذ عن طريق الفم، التي يمكن أن تسبب التقرحات، أو نزف المعدة والأمعاء الدقيقة، كما تبطئ المسكنات من حركة الانقباضات العضلية للأمعاء، وهو ما يتسبب في حدوث الإمساك في أغلب الأحيان. وقد تُقلل مضادات الحموضة، التي توقف إفراز الحمض في المعدة، من عمليتي الهضم وامتصاص العناصر الغذائية من الأمعاء، وتعمل هذه العقاقير على تقليل إفراز حمض الهيدروكلوريك الذي تفرزه المعدة، ورغم أنها ضرورية في بعض الأحيان لعلاج ارتجاع المريء الحاد، فقد تُحدث آثارًا جانبية خطيرة؛ فنقص إفراز حمض الهيدروكلوريك في المعدة يزيد من خطورة إصابة الأمعاء بالجراثيم الضارة؛ ذلك لأن حمض الهيدروكلوريك ضروري لقتل البكتيريا، والطفيليات، والفطريات، كما أن عدم إفراز حمض الهيدروكلوريك بصورة كافية قد يحُدُّ من قُدرة الجسم على هضم الأطعمة البروتينية، كما يُقلل من امتصاص المعادن مثل الكالسيوم، وهو ما يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام.

وقد تتسبب المضادات الحيوية في تلف الأمعاء؛ فهي لا تقتل البكتيريا الضارة فحسب، بل تقضي على كل البكتيريا النافعة أيضًا، وهي ضرورية لصحة الأمعاء والجهاز المناعي. ويمكن للمضادات الحيوية أن تؤدي إلى النمو المفرط للبكتيريا الانتهازية والفطريات الضارة، التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بتسرب الأمعاء. وقد تستغرق الأمعاء عدة شهور للتعافي من الآثار الناتجة عن الجرعات المتكررة أو الممتدة من المضادات الحيوية، ويمكن للجرعات السابقة من العلاج الكيميائي أو الإشعاعي أن تضر بالبطانة المعوية.

– النظام الغذائي السيئ الذي يفتقر إلى الخضراوات والفواكه، مع تناول الأطعمة المعالجة، التي تحتوي على المواد الحافظة، والسكر، والدهون المهدرجة، والإضافات الكيماوية، وتناول كمية كبيرة من السكر المكرر، والأطعمة السُّكرية، قد يُحدث ضررًا كبيرًا بالأمعاء، كما يؤدي إلى الإصابة بالعدوى الفطرية، (مثل الفطريات المبيضة)، والبكتيريا المعوية الضارة (فيما يُعرف باختلال التوازن البكتيري).

– قد تؤدي حساسية الطعام إلى الإصابة بمتلازمة القولون العصبي. ومن أنواع حساسية الطعام الأكثر شيوعًا، الحساسية من اللاكتوز (الموجود في منتجات الألبان)، والفراكتوز (وهو سكر الفاكهة)، والفروكتانز وغيرها من الأوليجو سكريدات (المعروفة بالفودمابات)، فإذا كنت تعاني حساسية لأي من هذه الكربوهيدرات، فستعاني الانتفاخ الشديد مع كثرة الغازات، وربما الإسهال.

– قد تتسبب حساسية الجلوتين في الإصابة بمرض الداء البطني؛ حيث تتضرر بطانة الأمعاء الدقيقة إلى الحد الذي يمنع امتصاص العناصر الغذائية والدهون، ورغم أن مرض حساسية الجلوتين قد لا يتسبب في الإصابة بالداء البطني، لكنه قد يُدمِّر الأمعاء بطرق أخرى، وهو ما قد يسبب أعراض القولون العصبي، أو الإمساك، أو الأمعاء المتسربة. كما يمكن أن يؤدي مرض حساسية القمح إلى التهاب الأمعاء، أو قد يزيد من الحالة السيئة للسليلات المعوية (البوليبات)، والتهاب القولون التقرُّحي، وداء كرون. ويعد الاختبار عن طريق الدم لمعرفة إذا ما كنت عرضة للإصابة بحساسية القمح، أو الداء البطني، وسيلةً جيدةً لفحص مستضدات الكريات البيضاء البشرية لاكتشاف إذا ما كنت تحمل الجينات المصاحبة للداء البطني. لكنَّ الاختبار الأفضل يتم عن طريق تجنبك الأطعمة التي تحتوي على الجلوتين في حميتك الغذائية لثلاثة أشهر، وملاحظة الفرق بالنسبة إلى الحالة الصحية لأمعائك؛ فربما لا تزال مصابًا بحساسية الجلوتين، حتى لو كانت نتيجة الاختبارين الجيني والسيرولوجي سلبية.

– وقد يؤدي نقص السوائل، لا سيما نقص الماء، إلى الإمساك، أو إلى تسمم الأمعاء. ويعد الجفاف المزمن سببًا شائعًا للمشكلات الخاصة بالأمعاء والهضم؛ فلو كنت تعاني مشكلات بالأمعاء، فعليك أن تشرب كثيرًا من السوائل المفيدة للصحة، كالماء، وشاي الأعشاب، وعصائر الخضراوات. وحاول أن تتناول عشرة أكواب يوميًّا من هذه الأنواع من السوائل لتعويض البدن بالسوائل.

– نقص الإنزيمات الهاضمة التي يفرزها البنكرياس؛ فقد يتلف البنكرياس من تراكم الدهون داخل أنسجته (وهو ما يعرف بالبنكرياس الدهني)، أو من زيادة نسبة الكحول أو السكر؛ وهما مشكلتان يمكن علاجهما عن طريق تناول كبسولات تحتوي على الإنزيمات الهاضمة في بداية الوجبات.

– قد يُصيب مرض المناعة الذاتية بطانة المعدة مسببًا بذلك عجزها عن امتصاص فيتامين ب ١٢ من الأمعاء الدقيقة، وهو ما يمكن اكتشافه عند انخفاض نسبة فيتامين ب ١٢ في الدم، كما يمكن لمرض المناعة الذاتية أن يصيب الأمعاء الدقيقة والغليظة مسببًا الإصابة بمرض كرون أو مرض التهاب القولون التقرحي.

– يمكن للضغط، والتوتر، أو تناول الوجبات على عجل (إضافةً إلى الأشخاص المزعجين!) أن يتسبب أيٌّ منها في الإصابة بعسر الهضم ومتلازمة القولون العصبي. وقد ترى تحسنًا كبيرًا، فيما لو حاولت أن تسترخي قبل أن تتناول طعامك، وأن تتروى قليلًا، وأن تمضغ طعامك بعناية.

المشكلات الأكثر شيوعًا والخاصة بالأمعاء:

– تراخي الانقباضات الخاصة بالجدار العضلي للمعدة والأمعاء؛ وهو ما يُدعى ب “كسل الأمعاء”؛ وعادةً ما يؤدي إلى الإصابة بالإمساك والانتفاخات. وقد يكون ذلك بسبب مرض السكر، أو استخدام العقاقير المليِّنة بشكل مفرط، ولمدة طويلة، أو أمراض الجهاز العصبي، أو اعوجاج النخاع الشوكي مع انقباضات الأعصاب.

– ارتجاع أحماض المعدة التي ترتد إلى داخل المريء مسببةً الشعور بحرقة المعدة.

– التهاب بطانة المعدة المعروف ب”التهاب المعدة” أو “التهاب الاثنا عشر”؛ وهو ما قد يؤدي إلى الإصابة بالقرح الهضمية، التي قد تنزف، أو تصاب بالتشقُّق.

– الأمعاء المتضخِّمة، وتصيب شخصًا من كل عشرة أشخاص تقريبًا (أي ١٠٪ من السكان). وتُسبب الأمعاء المتضخِّمة إمساكًا وانتفاخات مزمنة، وأحيانًا ما يُعرف هذا المرض باسم “تضخُّم القَولون”. وعادةً ما يشكو مَنْ ينتقل إليهم تضخم الأمعاء بالوراثة، من الإمساك في سن مبكرة، وربما يعجزون عن التبرز لعدة أيام إذا لم يتناولوا جرعات كبيرة من المليِّنات.

– الجيوب التي تصيب جدار القولون – وتعرف بالرتوج، وتتمثل خطورة هذه الرتوج في أنها كثيرًا ما تحتجز جزيئات صغيرة من الطعام؛ ما يصيبها بالالتهاب والعدوى.

– وقد تتخذ بعض الأنواع الضارة من الطفيليات والفطريات، (مثل المبيضات وغيرها من الفطريات، والديدان الشريطية، والديدان الأسطوانية، والأميبا، والمتبرعمة الكيسية، إلى غير ذلك) من الأمعاء ملاذًا لها. كما قد تسكن البكتيريا الإمراضية (كالملوية البوابية، والإشريكية القولونية، والمطثية العسيرة، إلى آخره) المعدة أو الأمعاء الدقيقة والأمعاء الغليظة، وتشيع هذه الحالة، التي يفوق فيها عدد البكتيريا الضارة البكتيريا النافعة في الأمعاء، وتعرف باختلال التوازن البكتيري.

– وعندما تلتهب الأمعاء، أو تصبح بطانتها رقيقة (الأغشية المخاطية)؛ يتسبب ذلك في شدة نفاذية بطانة الأمعاء، وتُعرف عندها بالأمعاء المتسربة، وإذا ازدادت حدة الالتهاب، فقد يصاب جدار الأمعاء بالتقرحات. وتزيد الأمعاء المتسربة من خطورة الإصابة بأمراض قصور المناعة كالالتهاب، وحساسية الطعام بأنواعها المختلفة.

– تدلِّي الأمعاء، حيث تتدلى من المعدة، وجوف الحوض، على مستوى منخفض جدًّا. ويحدث ذلك لضعف الأنسجة الضامة التي تُشكِّل دعامةً للأمعاء، ويصبح الوضع أسوأ إذا كان هناك إمساك مزمن وإنهاك لمدة طويلة خلال عملية التبرز. وستتفاقم الحالة إذا كانت المريضة تعاني ضعف قاع الحوض نتيجة تكرار الولادة أو صعوبة الولادة، وهو ما قد يسبب الإمساك أو سلس البراز. كما يسهم ضعف عضلات البطن في تدلي الأمعاء، بينما يمكن للتمرينات المنتظمة، كتمرينات قاع الحوض، أو تمرينات اليوجا، أو تمرينات البيلاتس، أن تساعد على تخفيف معاناة المريضة بدرجة كبيرة.

إستراتيجيات لعلاج اضطرابات الأمعاء بجميع أنواعها

حسِّن عاداتك الغذائية

عليك تناول المزيد من “المياه”، فشربُ المياه النقيَّة يُعد إحدى أهم الإستراتيجيات الخاصة بتحسين وظائف الأمعاء للجميع، وإن كانت تُهمل غالبًا. ولا أكاد أُحصي عدد مرضى الأمعاء الذين قابلتهم على مدار سنوات ممَّن يعانون الجفاف المزمن، وهو ما يجعل محتويات المعدة تقسو وتقل حركتها، ما يؤدي إلى تنامي البكتيريا الضَّارة، ويُفاقم التهاب بطانة الأمعاء؛ لذا أوصي بشرب لترين على الأقل من السوائل المفيدة (كالمياه النقية، أو المشروبات العشبية، أو عصائر الخضراوات)، في كل يوم.

وعليك أن تزيد من كمية الألياف التي تتناولها أيضًا؛ حيث يعاني كثير من الناس نقص الألياف؛ نظرًا إلى تناولهم السكريات المكررة والكربوهيدرات، مع كمية كبيرة من الأطعمة المعالَجَة. فمن دون الألياف، ستتوقف محتويات الأمعاء عن الحركة؛ ما يؤدي إلى حدوث التهاب ناتج عن تكوُّن نسبة كبيرة من مادة التُّكسين السامة، كما سيؤدي نقص الألياف إلى تقلُّص عضلات الأمعاء بدرجة كبيرة؛ وذلك لنقل البراز إلى المستقيم من أجل تحفيز حركة الأمعاء، وستزيد هذه التقلصات الشديدة من الضغط داخل الأمعاء، ما يؤدي إلى تقلص القولون وتكوُّن الجيوب في جدار الأمعاء (الرتوج).

تجنب تناول الكحوليات؛ لأنها تؤدي إلى التهاب جدار الأمعاء، وفي بعض الحالات تسبب نوعًا ما من التهاب القولون.

عليك تناول المزيد من الأطعمة النيئة، ويجب أن تُشكِّل الخضراوات النيئة والفواكه والمكسرات والحبوب ٤٠٪ من نظامك الغذائي. أما في حالة الإصابة الشديدة بفطر المبيضات، فقد يكون من الضروري أن تقلل كمية الفواكه بدرجة كبيرة، على أن تُكثر من كمية الخضراوات التي تتناولها.

وتحتوي الأطعمة النيئة على إنزيمات نشطة، ومضادات حيوية طبيعية، وفيتامينات فعَّالة لتحسين الهضم، ومحاربة الكائنات الدقيقة الضارة، والتخفيف من التهاب جدار الأمعاء. وإذا وجدت صعوبةً في هضم الفواكه والخضراوات النيئة، فيمكنك وضعها في الخلاط، أو مُحضِّر الطعام، لتحضير وصفات نيئة، لكنها لذيذة وسهلة الهضم.

يمكنك البدء أيضًا في تناول أطعمة مُخَمَّرة لزيادة عدد الكائنات الدقيقة المفيدة في أمعائك؛ ما يفيد الهضم والمناعة بشكل كبير.

وقد يصعب على البعض تغيير عاداتهم الغذائية بحيث يحتاجون إلى منظور جديد لمعالجة هذا الأمر؛ وهو ما حدث بالضبط مع “إريك”؛ ذلك الرجل الأعزب ذي الاثنين والخمسين عامًا، الذي أتاني يشكو زيادة مفرطة في الوزن، وانتفاخًا بالمعدة، وإرهاقًا، وآلامًا بالمفاصل، وعسرًا في الهضم. وعندما تفحصته كليًّا، وجدت أن مشكلته الوحيدة هي الكبد الدهنية. فقد كان “إريك” يمثل النموذج النمطي للرجل الأعزب، بالإضافة إلى وظيفته المرموقة في مجال المحاسبة؛ ما لم يدع له وقتًا كافيًا لاتباع نظام غذائي معقد. وقد بدا عليه الاستياء عندما علم أن عليه أن يتغير، فقد كان الأمر مربكًا بالنسبة إليه؛ فلطالما أمضى حياته متنعِّمًا بالأطعمة الجاهزة، والوجبات السريعة عالية الدهون والسكريات، ولم يكن يذهب إلى التسوق.

وبدأ “إريك”، بصعوبة شديدة، يذهب إلى محلات بيع الخضراوات، ومحلات الجزارة، والمتاجر ليبتاع الأطعمة التي تحتاج إليها كبده لمعالجة نفسه، ثم عاد إليَّ بعد ثمانية أسابيع؛ ليخبرني بسعادة كبيرة، بأنه بدأ يشعر بتحسن كبير، وأنه بدأ يفقد وزنه بسهولة، وأن مستويات الطاقة قد زادت لديه، كما صار عقله متيقظًا بشكل أكبر. لكنه اشتكى من اقتراب وقت الذروة السنوي في عمله، ومن ثم فلن يكون لديه ما يكفي من الوقت للتسوق وتحضير الطعام بنفسه. فاقترحت عليه تعيين مدبرة منزل لتتولى مسألة التسوق، على أن تأتي إلى منزله يومين في الأسبوع، وأن تُعد له طعامه، الذي يمكن حفظه في الثلاجة بطريقة صحية، لكن الفكرة لم تَرُقْهُ له في البداية؛ لأنها كانت مكلِّفة في رأيه، ولكن بعد أن حسبنا كُلفة تناوله الأطعمة الجاهزة باستمرار، تبيَّن له أنه سيوفر كثيرًا من المال والوقت إذا ما طبق هذه الفكرة؛ حيث سيكون بإمكانه أن يأخذ غذاءه إلى العمل من الطعام الذي أعدته الطاهية، وهكذا يمكنه أن يتحكم فيما يأكله، كما سيستمتع بتناوله الوجبات المنزلية. ويسرني أن أقول إن هذه الطريقة قد آتت أُكُلها بالنسبة إليه، وأنه ما زال يفقد وزنه، ويتحسن.

اعمل على تحسين عمليتي الهضم وامتصاص العناصر الغذائية من الطعام

بعض النصائح البسيطة التي لا يُكتَرثُ لها غالبًا:

– امضغ طعامك جيدًا.

– بادر إلى التحقق من مشكلات الأسنان والفكين.

– لا تُسرف في تناول الطعام عند الغضب أو التوتر.

– لا تُسرف في تناولك الطعام.

– اشرب كميات قليلة من السوائل في أثناء تناول الوجبات؛ لأنها ستخفف تركيز العصارة الهاضمة اللازمة لعملية الهضم.

حمض المعدة

تفرز بطانة المعدة إنزيمَيْ الببسين والرنين وحمض الهيدروكلوريك، وهي المواد التي توفر المقدار اللازم من الحمضية للإنزيمات الهاضمة.

وينتشر القُصور في حمض الهيدروكلوريك المعدي بين من تجاوزوا الستين من العمر، وقد يؤدي إلى ضعف عملية الهضم، إضافةً إلى العديد من أنواع النقص الغذائي، خاصةً نقص فيتامين ب ١٢. وفي هذه الحالات لا بد من زيادة حمضية المعدة في أثناء الوجبات، وهو ما يمكن فعله عن طريق تناول أقراص هيدروكلوريد البيتين. وتتراوح الجرعة المعتادة منها ما بين ٢٠٠ و٥٠٠ ملليجرامات، ويتم تناولها في أثناء الوجبات، وبمجرد أن يذوب القرص في المعدة، يتحوَّل ٢٥٪ من وزنه إلى حمض الهيدروكلوريك، كما يمكن زيادة حمض الهيدروكلوريك عن طريق تناول هيدروكلوريد حمض الجلوتاميك، وهو أقل فاعلية، ويستلزم جرعة تتراوح ما بين ٦٠٠ و١٨٠٠ ملليجرام في أثناء الوجبات.

وهناك طريقة أخرى تفيد في رفع حمضية المعدة في أثناء الوجبات، وذلك بشرب كوب من الماء، مضافة إليه ملعقتان كبيرتان من خل التفاح العضوي، أو تناول ملعقتين كبيرتين من هذا الخل في أثناء تناول الوجبة. ويرى البعض أن هذه الطريقة تُحسِّنُ بالفعل من كفاءة الهضم بالنسبة إليهم، كما تُقلِّل غازات البطن وانتفاخاته.

أما من يعانون نقصًا حادًّا في حمض الهيدروكلوريك في المعدة، (المعروف باللاهيدروكلورية)، فهم أكثر عرضة للإصابة بسرطان المعدة؛ لذا لا بد من أن تكون مضادات الأكسدة، مثل فيتامين سي، وفيتامين ه، وعنصر السلينيوم جزءًا من برنامجهم التكميلي اليومي.

الإنزيمات الهاضمة

إذا شعرت بعدم الارتياح بعد تناول الوجبة، فيجدر بك أن تجرب تناول المكملات التي تحتوي على الإنزيمات الهاضمة، التي يفرزها البنكرياس، ولا يمكن تحليل البروتينات، والدهون، والكربوهيدرات دونها، وكثيرًا ما يحدث قصورٌ يتراوح ما بين طفيف ومتوسط بالنسبة إلى هذه الإنزيمات البنكرياسية، خاصةً بين من تجاوزوا سن الستين، ويؤدي نقص هذه الإنزيمات إلى عسر تحليل البروتينات، والدهون، والكربوهيدرات، ما لا يسمح إلا بمرور الطعام المهضوم جزئيًّا إلى الأمعاء, وهو ما يقلل امتصاص الأمعاء للعناصر الغذائية المهمة، كما يسبب سوء التغذية بدرجة ما. وعلاوة على ذلك، سيتم امتصاص البروتينات المهضومة جزئيًّا عن طريق الأمعاء، وهو ما يُنهك الكبد، وربما تَسبَّب في الإصابة بالحساسية.

ولعل الطريقة المثلى لامتصاص جميع الإنزيمات الهاضمة، هي نوع من المستحضرات الطبية المتكاملة للبنكرياس، التي تُستَخلص من مصادر حيوانية. ويعرف هذا المستحضر باسم البنكرياتين، وتتراوح الجرعة منه ما بين ٢ و٤ جرامات مع كل وجبة. ومتى لم تَرُقْكَ فكرة تناول الإنزيمات البنكرياسية لحيوان ما، أو كنت شخصًا نباتيًّا، يمكنك أن تُجرِّب مستحضرًا طبيًّا للهضم يحتوي على إنزيمات مستخلصة من النبات، أو من فطر الأسبرجيلاس، وللحصول على الفاعلية القصوى لمكمل الإنزيمات الذي تُحدده، فلا بد من أن يحتوي على كل المجموعات الإنزيمية الأساسية التي تُعرف بهذه الأسماء: الأميلاز، والليباز، والبروتياز. وعليك أن تحتفظ بمكملات الإنزيمات في مكان بارد وجاف لضمان فاعليتها، وتتوافر هذه الإنزيمات في كبسولات، أو بودرة، أو شراب.

وتقل قدرة الجسم على إفراز الإنزيمات مع تقدمنا في العمر، وعندها يمكن لمكملات الإنزيمات أن تحسِّن حالة الهضم، والتغذية الصحية إلى حد بعيد، بالنسبة إلى من تجاوزوا الخمسين من العمر.

ويستطيع الجسم أن يستمد الإنزيمات من الطعام المتناول أيضًا. ولكن للأسف، فإن إنزيمات الطعام شديدة الحساسية للحرارة، بل يمكن للحرارة التي تتراوح في درجتها بين المنخفضة والمتوسطة أن تُفسد معظم الإنزيمات الخاصة بالطعام، وهذا أحد أسباب تشجيعي للمرضى على تناول المزيد من السلطات والفواكه غير المطبوخة؛ حيث ستُحسِّن إنزيماتها الفعَّالة من عملية الهضم لديك. ومن الأطعمة الغنية بالإنزيمات: الأناناس، والتفاح، والبابايا، والأفوكادو، والمانجو، والموز، كما تعتبر براعم النباتات أو الخضراوات مصدرًا غنيًّا بالإنزيمات الهاضمة.

احرص على وجود كمية من الكائنات الدقيقة المفيدة داخل أمعائك

قد تؤوي أمعاؤك كمًّا هائلًا من الكائنات الدقيقة الضارة كالفطريات (وأكثرها شيوعًا الفطريات المبيضة)، والبكتيريا، والفيروسات، والطفيليات. وتستخدم كلمة طفيليات لوصف مجموعة كبيرة من الكائنات التي تتنوع في تعقيدها بدءًا من الكائنات الدقيقة وحيدة الخلية، حتى الديدان التي قد يصل طولها عدة سنتيمترات أو أكثر. ومن الأمراض الشائعة التي تسبب الإصابة بالطفيليات, طفيل جيارديا لامبليا، والأميبا المتحولة المحللة للأنسجة، وداء خفيات الأبواغ، التي يصعب اكتشافها من خلال الطرق التقليدية لتحليل البراز وزراعته؛ ذلك لأنه عندما تُفحص عينة من البراز في المختبر بحثًا عن الطفيليات تكون العديد من الفطريات التي تم رصدها قد نفقت بالفعل، ومن ثم، فغالبًا ما يفشل تحليل مزرعة البراز في الكشف عن وجود الفطريات، حتى إن كانت الأمعاء مصابة بدرجة بالغة. ومن هنا، تقوم بعض المختبرات بفحص عينات جديدة من البراز الناتج عن درجة متوسطة من الإسهال، وذلك بعد إعطاء المريض بعض الملينات، وهو ما يزيد فرص اكتشاف الطفيليات. وتُعرف هذه النوعية من الاختبارات المتخصصة باسم “التحليل التشخيصي الشامل للبراز” ويُرمز له بالإنجليزية ب (CDSA) ويزيد فرص اكتشاف الطفيليات.

وقد يصعُب القضاء على الطفيليات المعوية بصورة تامة، كما أن العديد من المرضى يعانون عودة الطفيليات مرة أخرى، ولكن تبين لي أن هناك دواءً يُسمَّى نيكلوزاميد (ويُعرف تجاريًّا باسم يوميزان) يُعد أكثر العقاقير فاعلية في القضاء على الديدان الشريطية. وتنتمي مادة نيكلوزاميد إلى عائلة العقاقير المضادة للديدان، وتُستخدم في علاج عدوى الديدان، كالعدوى التي تسببها الديدان الشريطية المستعرضة، أو دودة السمك الشريطية، أو الدودة الشريطية القزمة، أو شريطية البقر، كما يمكن استخدام النيكلوزاميد للقضاء على الديدان الشريطية الأخرى، وذلك وفقًا لما يراه الطبيب، لكنها لن تُجدي نفعًا في حالة الإصابة بالديدان الأخرى (مثل الديدان الدبوسية، أو الديدان الأسطوانية). ويجب إعطاء المريض محلولًا ملحيًّا مُسهِّلًا (مثل كبريتات الصوديوم أو كبريتات الماغنيسيوم) بعد ساعتين من تناوله جرعة اليوميزان لضمان الإبادة السريعة والتامة للديدان؛ فدون عملية التطهير هذه، ستخرج هذه الطفيليات على هيئة قطع خلال أيام قليلة. وللأسف، فلم يعد هذا العقار متوافرًا في أستراليا، ومع ذلك، فبإمكان من يعانون مشكلات الديدان المعوية بصورة مزمنة أن يتواصلوا مع الشركة المُصَنِّعة للعقار في أستراليا، التي تدعى باير أستراليا، فقد يكون بإمكانها تقديم المساعدة.

وغالبًا ما تكون العقاقير المضادة للطفيليات أكثر فاعلية إذا تلتها عملية التطهير، التي يُلفظ فيها الكثير من الطفيليات النافقة مع البراز. ولتحقيق الأثر المطلوب للمُسهِّل، يمكنك أن تتناول ما بين ملعقتين وثلاث ملاعق صغيرة من ملح إبسوم (أو سلفات الماغنيسيوم) مع أربعة أكواب من الماء، أو عصير الفاكهة، وذلك بعد ساعتين من تناول العقار المضاد للطفيليات.

الحد من إصابة الأمعاء بالبكتيريا، والطفيليات، والفطريات الضارة:

– تجنب السكريات المكررة والكربوهيدرات؛ ذلك لكونها غذاء الكائنات الدقيقة الضارة.

– تجنب الأطعمة المحفوظة، خاصة اللحوم المحفوظة (كاللحوم المضافة للبيتزا، واللحم البقري المعلب، ونقانق الديفون، واللحم المقدد، والنقانق، واللحوم المدخنة، والأسماك المدخنة، وما إلى ذلك).

– تجنب الأطعمة المتعفنة كالفول السوداني المخزن، والبطاطس الخضراء، والفواكه المجففة التي يغلب عليها التعفن أو مرارة الطعم.

– تجنب الاستخدام المطول أو المتكرر للمضادات الحيوية، ومضادات الالتهاب، والعقاقير الستيرويدية بقدر الإمكان.

– تناول الكثير من الألياف في هيئة الخضراوات والفواكه النيئة، والحبوب الكاملة (إلا إذا كنت تعاني حساسية الجلوتين)، وكذلك البذور المطحونة، والبقول (خاصة العدس)، والذرة الحلوة النيئة أو نصف المطهوة؛ فستكون هذه الأطعمة كأنها “المكنسة” التي تعمل على تنظيف جدار القولون، مزيلةً طبقاتٍ من البراز الصلب أو المتيبس، تؤوي الكائنات الدقيقة الضارة، كما يمكنك أن تستخدم بانتظام مسحوق الألياف الخالي من الجلوتين مثل فايبرتون، وذلك لتطهير القولون.

– اتبع العادات الصحية الجيدة مثل: تعقيم مناشف المطبخ، والغسالات، وغسل اليدين بشكل دائم.

– استخدم المضادات الحيوية الطبيعية لتقليل الفطريات، والبكتيريا، والطفيليات المعوية. ومن الأطعمة والأعشاب والتوابل التي تعمل كمضادات حيوية طبيعية: عصير الكرنب، والثوم النيء أو المُخمر، والبصل، والكُرَّاث، والفجل، والحلبة، والزنجبيل، والفلفل الحار، وعصير الليمون، وخل التفاح العضوي، والكركم، وحبوب الخردل، وإكليل الجبل.

ويمكن للثوم أن يقتل البكتيريا والطفيليات والفطريات؛ حيث يمكن تقشير فصوص الثوم النيء وفرمها جيدًا، أو هرسها باستخدام هراسة الثوم، ثم خلطها جيدًا مع الطعام المطهو أو السلطات. ويصبح مذاقه ألذ مع بعض من زيت الزيتون المعصور على البارد، إضافة إلى خل التفاح، كما أن البصل والكراث لهما تأثير المضاد الحيوي في الأمعاء، وإن كنت لا تحتمل الثوم، فربما وجدت هذه الوصفات مجدية لك.

ويوصي بعض المعالجين بالطبيعة بشرب شاي أو مسحوق لحاء نبتة باو داركو لمحاربة عدوى الفطريات، بينما يوصي آخرون بالحمض الدُّهني ذي الذرات الثماني من الكربون، والمسمى حمض الكابريليك، وهو آمن ومفيد في الحالات المتوسطة.

ومن الأعشاب التقليدية المستخدمة في إبادة الديدان وطردها من الجسد، أغلفة ثمار شجرة الجوز الأسود، والبلُّوط، والقُرنفل، وعرق السوس، وكفُّ الذِّئب، والأفسنتين. وقد جُمِّعت كل هذه الأعشاب معًا في كبسولات إنتيستينال بارا كلينس.

كما يمكن تناول المُكَملات الغذائية من البكتيريا الحية (بروبيوتك) والزبادي اليوناني الخالي من السكر؛ وذلك للحفاظ على التوازن البيئي داخل الأمعاء، حيث تزداد فاعلية هذين المنتجين عند استخدامهما بعد المضاد الحيوي.

ومن يُكثرون من الترحال حول العالم، هم أكثر عرضة لخطر الإصابة بالأمراض المعدية، مثل التهاب الكبد الوبائي أ وب، وحالات العدوى المعوية؛ لذا يجدر بك أن توفر الحماية لكل من الكبد والمناعة، بحيث يمكنهما مكافحة هذه التحديات المتزايدة، حتى مع توافر التلقيح ضد الكثير من هذه الأمراض حاليًّا. ومن ثمَّ، عليك اتِّباع العادات الصحية السليمة مع الإكثار من غسيل اليدين، واحرص على تقشير، أو نزع قشرة الفاكهة قبل أكلها، ولْتَتَجنَّب تناول السلطات النيئة، إلا إذا كنت في فندق خمسة نجوم! وتأكد من أن طعامك مطبوخ على نحو جيد، ولا تشرب سوى المياه المعدنية (وتعد المياه المكربنة أكثر أمانًا)، أو الماء المغلي، كما يمكنك إضافة عدة نقاط من اليود والفضة الغروية إلى مياه الشُّرب لتقليل العدوى البكتيرية.

البروبيوتيك

تعني كلمة بروبيوتيك حرفيًّا بالإنجليزية تحسين الحياة، أما الآن فيستخدم هذا المصطلح لوصف الكائنات الحية الدقيقة الموجودة داخل الأمعاء، التي تؤثر إيجابيًّا في صحة الفرد. ولعل أشهر الكائنات المعوية الدقيقة، هي الملبنة المحمضة والملبنة المشقوقة، لكنَّ هناك الكثير من الأنواع الأخرى. وتؤوي أمعاء الإنسان البالغ نحو ثلاثة كيلوجرامات من البكتيريا، كما أن هناك عددًا من الخلايا البكتيرية أكثر كثيرًا من عدد خلايانا البشرية داخل أجسادنا وخارجها، وقد يبدو ذلك مرعبًا، لكنَّ هذه البكتيريا مهمة جدًّا لسلامة صحتنا، ولسلامة أداء الجهاز المناعي على وجه الخصوص. بالإضافة إلى أن كمية ضخمة من المادة الوراثية الموجودة في أجسادنا (التي يُرمز إليها بالإنجليزية ب DNA) إنما تأتي من الكائنات الدقيقة التي تعيش بداخل أجسامنا، وليس من خلايانا البشرية.

وهناك مركب مفيد وغني من البروبيوتيك يدعى فلوراتون (الذي ينتج ١٣.٦ مليار وحدة من السلالات البكتيرية الأكثر قوة)، وهو مُعَدٌّ بطريقة تجعل البكتيريا مجهزة للنمو في الأمعاء على وجه الخصوص.

ويشتمل الفلوراتون على: الشقاء المشقوقة، والشقاء الطفيلية، والشقاء الطويلة، والعقدية الحرية، والملبنة المحمضة، والملبنة المجبنة، والملبنة الخميرية، والملبنة اللعابية، والملبنة الروتيرية، والملبنة المجبنة الخميرية، والملبنة البلغارية، والملبنة المضادة للتخثر (دي دي إس ١).

وتعد الملبنات جزءًا من المجموعة البكتيرية الخاصة بحمض اللاكتيك، وهو ما يعني أن معظم السلالات البكتيرية تُحوِّل اللاكتوز وأنواع السكر الأخرى إلى حمض اللاكتيك، ومن ثم تخلق بيئة حمضية من شأنها منع نمو بعض البكتيريا الضارة، كما خلُصت إحدى الدراسات العلمية إلى احتمالية أن تكون لها تأثيرات مضادة للسرطان والأورام.

وقد تبيَّن أن البكتيريا الملبنة المجبنة سرعان ما تستوطن الأمعاء الدقيقة والغليظة، وتحميها من سموم التوكسين، وهي مفيدة في منع حدوث عدوى المسالك البولية المتكررة، وهي من أكثر السلالات فاعلية في موازنة الفلورا المهبلية أيضًا، كما أظهرت البكتيريا الملبنة المجبنة قدرتها على منع نمو الكائنات المسبِّبة للأمراض، كفطر المبيضة البيضاء، وبكتيريا الإشريكية القولونية، وقد أشار علماء الجراثيم إلى أن البكتيريا الملبنة المجبنة تُبدي خصائص مناعية هائلة، وأنها قد تساعد على منع تكوُّن الأورام. في حين أظهرت دراسات أخرى أن هذه البكتيريا تعزز تدمير الأجسام الغريبة، وغيرها من الأجسام الضارة بقدرة تصل إلى ثلاثة أضعاف النشاط المعتاد، ما يجعلها واحدة من أهم سلالات الملبنات.

والبكتيريا الشقاء هي: الشقاء الطويلة، والشقاء المشقوقة، والشقاء الطفيلية.

وتشتهر البكتيريا الشقاء على وجه التحديد بإنتاجها كميات كبيرة من المنتجات المشتقة التي تعمل حاجزًا لمنع البكتيريا الخطرة.

أما البكتيريا العقدية الحَرِّيَّة‎، فهي كائنٌ دقيق يُنتج عددًا من المواد التي تشبه المضاد الحيوي، التي تساعد الجسم في حربه المستمرة مع الميكروبات المسببة للأمراض.

وهناك ما يقارب ال٥٠٠ نوع من البكتيريا المعوية، ولا تزال هناك أنواع جديدة يتم اكتشافها. ويؤثر نوع البكتيريا الموجودة وكميتها في أمعائك في صحتك بشكل كبير؛ فللبكتيريا النافعة تأثيرٌ مضاد للالتهابات، بينما تفرز البكتيريا الضارة كمًّا كبيرًا من المواد الملهبة في الأمعاء. كما يسبب وجود كم كبير من البكتيريا الضارة في أمعائك ضغطًا شديدًا على جهازك المناعي، ويُزيد كمية الالتهابات، وتلف الأنسجة داخل الجسم.

ويُستخدم مصطلح اختلال التوازن البكتيري لوصف حالة عدم التوازن بين الكائنات الدقيقة بالأمعاء (أي وجود كم هائل من البكتيريا الضارة دون وجود كم كافٍ من البكتيريا النافعة).

العوامل التي تزيد من كمية البكتيريا الممرضة (أو البكتيريا المسببة للأمراض) في الأمعاء:

– الأنظمة الغذائية السيئة، وبخاصة الإفراط في السكريات، أو تناول الكحوليات، والحساسية للطعام على اختلاف أنواعها.

– التهابات الجهاز الهضمي الناتجة عن الأطعمة أو المياه الملوثة.

– الأدوية، وخاصة المضادات الحيوية، والمنشطات، ومضادات الالتهابات، ومضادات الحموضة.

وتُساعد المُكملات الغذائية المناسبة على استعادة التوازن البكتيري بالأمعاء، كما أن لها تأثيرًا ناجعًا في تقليل الالتهابات ودعم الجهاز المناعي. وتساعد كذلك على تعافي الأمعاء المتسربة (أي إصابة بطانة الأمعاء بقدر مفرط من النفاذية). وقد يكون تناول الزبادي مفيدًا، على أن يكون بلا نكهة، وأن يكون خاليًا من السكر، وإن لم يكن أفضل الوسائل للحصول على البروبيوتيك. فعليك تناول المُكملات الغذائية في شكل كبسولات أو مسحوق، لكي تحصل على القدر الكافي منها، والسلالات المناسبة من البكتيريا. وهناك طريقة رائعة لزيادة البكتيريا النافعة في الأمعاء أيضًا، وذلك بتناول الأطعمة المخمرة بصورة منتظمة، ويمكنك إعداد هذه الأطعمة في المنزل، أو شراؤها.

فوائد البروبيوتيك:

– هضم أنواع معينة من الألياف، والنشويات، والسكريات؛ حيثُ تُحوِّل البكتيريا النافعة الموجودة في القناة الهضمية هذه المواد إلى مصدر للطاقة، وإلى أنواع متعددة من الأحماض، ما يساعد على الحفاظ على سلامة جدار الأمعاء. ويُسمَّى الطعام الذي يناسب البكتيريا المفيدة باسم البريبيوتيك.

– إنتاج الفيتامينات وطرد سموم التوكسين؛ حيث تُنتج البكتيريا فيتامين ك، وتُحسِّن القدرة على امتصاص الأملاح المعدنية، كما تساعد على عملية التمثيل الغذائي، وإبطال أثر سموم التوكسين.

– السيطرة على البكتيريا الضارة؛ حيث تُفرز البكتيريا النافعة مادة تقتل الميكروبات الضارة، فالأمر أشبه بسباق يدور داخل القناة الهضمية لتوطُّنها، فكلما زاد عدد البكتيريا النافعة داخل القناة الهضمية، قلَّت المساحة المتاحة للبكتيريا الضارة.

– تحسين حالة بطانة الأمعاء. فمتلازمة الأمعاء المتسربة، أو فرط نفاذية بطانة الأمعاء، هي حالة بالغة الانتشار، وكثيرًا ما تصيب مرضى الحساسية وأمراض المناعة الذاتية.

– الوقاية من الحساسية؛ حيث تقوم البكتيريا النافعة بتعريف الجهاز المناعي بكيفية التمييز بين الميكروبات المسببة للأمراض والمستضدات (كالأطعمة)، وكيفية الاستجابة بالطريقة الملائمة، ما يساعد على منع الجهاز المناعي من المبالغة في استجابته للمواد النافعة مثل البروتينات، ومن ثم تقليل خطر الإصابة بالحساسية.

وقد أظهر عدد كبير من الأبحاث أن تحسين مزيج البكتيريا الموجود في أمعائك، يَحدُّ بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض الإكزيما، والربو، وحمى القش، والتهاب الجيوب الأنفية، وغيرها من الأمراض التي تتعلق بالحساسية.

– المساعدة على دعم الحركة المنتظمة للأمعاء والتقليل من حدوث الإمساك.

– دعم الخلايا المناعية الموجودة داخل القناة الهضمية؛ حيث يوجد من ٧٠٪ إلى ٨٠٪ تقريبًا من الخلايا المناعية للجسم داخل القناة الهضمية. وتؤدي البكتيريا النافعة دورًا محوريًّا في أداء الجهاز المناعي، كما تساعد الخلايا على إنتاج الأجسام المضادة للميكروبات المسببة للأمراض، وتعد البروبيوتيك مفيدة للخلايا التائية المنظمة، وهي خلايا الدم البيضاء التي تُنظِّم الجهاز المناعي، وتمنع حدوث الالتهابات الحادة.

– تقليل خطر الإصابة بحالات العدوى المهبلية، فمزيج النبيت الجرثومي الموجود في الأمعاء هو المسئول المباشر عن تحديد مزيج النبيت الجرثومي الموجود في المهبل، كما تُقلل البروبيوتيك خطر الإصابة بالعدوى البكتيرية في المهبل (التهاب المهبل الجرثومي).

– المساعدة على الحصول على الوزن الصحي للجسم؛ فقد اكتُشف مؤخرًا أن وجود كم كبير من البكتيريا النافعة بالأمعاء، من شأنه أن يُسهِّل عملية فُقدان الوزن مع عدم زيادته فيما بعد، بينما تزيد البكتيريا المعوية الضارة من خطر الإصابة بمتلازمة إكس، ومرض السكر من النوع الثاني.

الأدوية الطبيعية لعلاج الأمعاء

نبات الألوفيرا

يمكن لعصارة نبتة الألوفيرا أن تُخفِّف من آلام بطانة المعدة والأمعاء، وهي مفيدة لمرضى ارتجاع المريء، وقرح المعدة والاثنا عشر، كما أنها ذات تأثير قلوي يُمَكِّنُها من تخفيف أعراض فرط إفراز المعدة للأحماض، وارتجاع الحمض المَعِدي. ويمكن شرب عصارة الألوفيرا حسب الحاجة، وهي آمنة، وليست لها أية أضرار، ما لم تكن تعاني حساسية تجاهها. ولا يُشرب عصير الألوفيرا مع الوجبات؛ لأنك بحاجة إلى أن تكون مكونات معدتك حمضية، وذلك لضمان هضم الطعام على نحو جيد؛ لذا عليك تناول عصارة الألوفيرا بين الوجبات، أو عندما تنتابك أعراض ارتجاع المريء.

وعليك زراعة بعض أشجار الألوفيرا في حديقة منزلك، لتحصل عليها طازجة.

مضادات الحموضة

كثيرًا ما يستخدم مرضى فرط إفراز الحموضة المعدية، أو ارتجاع المريء، مضادات الحموضة؛ لذا عليهم تجنب استخدام مضادات الحموضة التي تحتوي على الألومنيوم لفترات طويلة. ومن مضادات الحموضة البسيطة، التي لا تسبب أية أضرار، بيكربونات الصوديوم والبوتاسيوم، وكربونات الماغنيسيوم، وهيدروكسيد الماغنيسيوم، وكربونات الكالسيوم، كما أنّ هناك عقارًا يجدر ذكره، وهو خالٍ من الألومنيوم، ويدعى أندروز تامز.

وأما عُصارة نبتة البرسيم الحجازي، والأقراص المصنوعة منها، فلهما تأثير قلوي يلطف من التهاب المعدة وارتجاع المريء.

الألياف

وإذا كنت تعاني الإمساك، فإن مسحوق ألياف “فايبرتون” هو الأكثر فاعلية، خاصةً إذا كانت معاناتك مع الإمساك مرتبطة بإصابتك بمتلازمة القولون العصبي، أو حساسية الجلوتين، أو رتوج الأمعاء، أو تقلصات القولون، أو استئصال المرارة.

ويحتوي مستحضر فايبرتون على:

مسحوق لحاء الدردار الأحمر، وألياف الصويا غير المعدلة وراثيًّا، ونُخَالة الأرز والنعناع الفلفلي، مخلوطة بمساحيق الزنجبيل، والشمندر الأحمر، والبروكلي، والخروب، والسبانخ، والطماطم، والستيفيا السكرية.

الأعشاب

إذ يُمكن لأعشاب خاتم الذهب، والخِطميَّة، وإكليلية المروج، وعرق السوس، والبابونج، والنعناع الفُلفُلي، والشمر، والأروروت، أن تُخفف من الالتهابات المعوية الخاصة بالقولون، والالتهابات متوسطة الحدة للأمعاء، كما يمكن للأعشاب الهضمية كالهندباء البرية، والشمر، والشبت، وبذور الينسون، والبقدونس، والزنجبيل، والنعناع البري أن تقلل التجشؤ وامتلاء المعدة بالغازات. ويمكن لمسحوق الدردار الأحمر تلطيف آثار الحموضة، وارتجاع المريء، وتهدئة اضطراب الأمعاء، وهي متوافرة في هيئة مسحوق، أو كبسولات، أو أقراص.

ومن التوابل التي تُقلل الانتفاخات: الكراوية، والهال، والكزبرة، والكمون، والقرنفل، والزنجبيل، والكركم. ويعتبر الكركم منشطًا للكبد، وتُقدر الجرعة المعتادة منه من ملعقة إلى ملعقتين صغيرتين يوميًّا، وتضاف إلى الطعام لإعطائه نكهة، أو تُخلط بالعصائر، وهو يمثل الجزء الأكبر من مسحوق الكاري.

خل التفاح

ويعد خل التفاح مفيدًا لمن يعانون عسر الهضم الناتج عن قلة إفراز أحماض المعدة في أثناء الوجبات. ويستخدم عن طريق تخفيف ما بين ملعقة وملعقتين كبيرتين منه، بكمية مساوية من الماء، وتناوله في أثناء الوجبات، لكن عليك أن تختار النوع العضوي منه ذا اللون القاتم، والناتج عن احتوائه على البروبيوتيك، كما يفيد في تقليل البكتيريا الضارة داخل الأمعاء.

الجلوتامين

الجلوتامين هو حمض أميني يوفر الغذاء للخلايا المبطنة للأمعاء، ودونه تَضمُر هذه الخلايا، كما يساعد الجلوتامين على حماية بطانة القناة الهضمية (المعروفة باسم الغشاء المخاطي) والحفاظ عليها. ويقوم النشاط الأيضي والمناعي العادي للأمعاء على وجود كميات متناسبة من الجلوتامين.

وقد يكون الجلوتامين مفيدًا جدًّا في تخفيف حدة الأمراض التالية:

– الأمعاء المتسربة
– أمراض المناعة الذاتية التي تصيب الأمعاء، مثل التهاب القولون التقرحي ومرض كرون
– التهابات المعدة
– ارتجاع المريء
– قرح الجهاز الهضمي

ويمنع الجلوتامين ضمور العضلات في الحالات الحرجة، وتكون مستويات الجلوتين منخفضة بشكل غير طبيعي لدى الكثيرين من مرضى السرطان؛ إذ يعمل الجلوتين على حماية الكبد من السُّمية الناشئة عن العلاج الكيماوي، والباراسيتامول (أسيتامينوفين)، ومن إصابة الكبد بالالتهابات الحادة، كما يُستخدم لحماية بطانة الأمعاء من التلف الذي يسببه كل من العلاج الكيماوي أو الإشعاعي. ويُمكن أن يزيد كذلك من فاعلية العقاقير الكيماوية التي يتناولها مرضى السرطان، ويُقلل آثارها الجانبية, فاستشر طبيبك قبل أن تستخدم الجلوتامين، فيما لو كنت تتعاطى علاجًا للسرطان.

وكثيرًا ما يعاني مرضى الإيدز في مراحله المتقدمة (وهو مرض ناتج عن الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة، الذي يُرمز له بالإنجليزية ب HIV) نقصًا حادًّا في الجلوتامين؛ ما يؤدي إلى فُقدان العضلات. ويمكن للجلوتامين أن يساعد مرضى الإيدز في زيادة الوزن، إذا تم مزجه بمضادات الأكسدة.

وعادة ما يتوافر الجلوتامين دون إضافات، في مستحضر إل جلوتامين، على هيئة مسحوق، أو كبسولات، أو أقراص. وبالنسبة إلى المسحوق فيمكنك تعاطي جرعات كبيرة منه، إضافة لكونه سريع الامتصاص. ويمكنك تناول الجلوتامين مع الأطعمة والمشروبات الباردة أو المحفوظة في درجة حرارة الغرفة، لكن يجب ألا تتم إضافته إلى المشروبات الساخنة؛ لأن الحرارة تُفْسِد الجلوتامين.

وبالنسبة إلى الأطفال ذوي الثماني سنوات أو أقل، لا يقدم إليهم الجلوتامين دون إذن الطبيب.

وبالنسبة إلى الأطفال من ٨ – ١٦ عامًا، تتراوح الجرعة الآمنة بين ٥٠٠ – ١٠٠٠ مجم، ومن مرة إلى ثلاث مرات يوميًّا.

وبالنسبة إلى البالغين، تتراوح الجرعة الفعَّالة لهم من ٢٥٠٠ إلى ٥٠٠٠ مجم، ومن مرة إلى مرتين يوميًّا.

وقد يَصِفُ مُقدِّم الرعاية الطبية جرعات أعلى من تلك، وبالنسبة إلى البعض، فقد تُجْدِي جرعات أقل من ذلك بكثير، وتُقدَّر بما يقارب ال١٠٠٠ ملجم يوميًّا.

والأصحاء لا يحتاجون إلى تناول الجلوتامين، أما من يعانون عسر الهضم، أو من يتعاطون مضادات الحموضة لمدة طويلة، فعليهم أن يتناولوا الجلوتامين؛ لأن أجسادهم لا تمتص الأحماض الأمينية على نحو فعال. وتتراوح الجرعة العادية من الجلوتامين من ٥ إلى ١٠ جرامات يوميًّا، بينما تتراوح الجرعات التكميلية من ٥ إلى ١٥ جرامًا يوميًّا، وتُقسم على عدة جرعات منفصلة.

ويُمكن تناول الجلوتامين مذابًا في الماء، أو العصائر، أو اللبن غير المحلى، دون المشروبات الساخنة. حيث تفسد الحرارة الحمض الأميني، كما أن مكملات الجلوتامين يجب حفظها في مكان جاف.

وعلى مرضى الكُلَى ألا يتناولوا الجلوتامين، وكذلك مرضى متلازمة راي (وهي مرض نادر، يصيب الأطفال، وقد يكونُ مُمِيتًا، ويرتبط بتناول الأسبرين بشكل عام).