داء كرون Crohn’s disease هو مرض يصيب الأمعاء بالتهابات حادة، ويتعلق في أصله بالمناعة الذاتية، مثل التهاب القولون التقرحي.
ويمكن لداء كرون أن يؤثر في أي جزء من القناة الهضمية بدءًا من المريء حتى فتحة الشرج، لكنه عادة ما يصيب الجزء الأخير من الأمعاء الدقيقة (المعروف باسم المعى اللفائفي) حيث يتصل بالقولون، وهي المنطقة المعروفة باسم منطقة الصمام اللفائفي الأعوري. لذا أحيانًا ما يدعى بالالتهاب اللفائفي. وقد يكون داء كرون عميق الأثر، بحيث يصيب طبقات الأمعاء بأكملها، وأخيرًا تتسبب الندوب الناتجة عن الالتهاب في ضيق وانسداد الأنبوب المعوي (لمُعة).
وقد تتضمن أعراض داء كرون ألمًا بالبطن، وحمى، وأنيميا، ودمًا في البراز، وبرازًا سائلًا أو دموي اللون، وإسهالًا مزمنًا، ونقص الوزن، وشقوقًا في المنطقة الشرجية.
وفي حالة الإصابة بداء كرون، تكشف الأشعة المقطعية وأشعة الرنين عن وجود جدار معوي سميك، مليء بالندوب، وضيِّق. وستأتي نتيجة تحليل البراز إيجابية بوجود دم وصديد به، كما يجب عمل مزرعة براز لاكتشاف البكتيريا الضارة.
ولا بد من إجراء منظار للقولون لتقييم حدة المرض.
علاج داء كرون
لا بد من تعديل النظام الغذائي، الذي يشبه النظام الذي ناقشناه في حالة التهاب القولون التقرحي، طبقًا لحدة الأعراض، وقد يضعف امتصاص بطانة الأمعاء الدقيقة الملتهبة للعناصر الغذائية؛ لذلك عادة ما يستلزم الأمر نظامًا غذائيًّا غنيًّا بالبروتين والكربوهيدرات سهلة الامتصاص، ويُفضل تناول وجبات صغيرة وعلى عدة مرات. كما يجب تجنب الأطعمة التي تحتوي على الجلوتين ومنتجات الألبان بشكل تام؛ لأنها ستفاقم من حدة أعراض المرض بدرجة كبيرة.
وعندما تلتهب الأمعاء، لا تتمكن من تحمل الأطعمة الغنية بالألياف، وهنا يجب استخدام الخلاط لهرس الأنواع المختلفة من الأطعمة، كالفواكه والخضراوات. وتعد خلاطات فيتاميكس أو ثيرموميكس أدوات رائعة لهذا الغرض؛ حيث يمكنها صُنع الكثير من العصائر والحساء. وللحصول على وصفة العصير الأخضر.
اكتشف الباحثون البريطانيون أن ثلثي مرضى داء كرون، تتوطن البكتيريا في أمعائهم، وهي تشبه بصورة لافتة للنظر تلك البكتيريا المسببة لداء جون في الماشية، كما وجدوا هذه البكتيريا في لبن الأبقار المبستر، ووجدوا أنه يصعب القضاء عليها، وأنها تعيش في السماد، والتربة، والقنوات المائية. وهذا سبب وجيه آخر لتجنب منتجات الألبان في حالة الإصابة بداء كرون، ولعل أفضل الألبان التي يمكن تناولها هي حليب اللوز، والأرز، وجوز الهند.
وتعد مكملات البوتاسيوم والماغنيسيوم ضرورية بعد نوبات الإسهال.
وعليك أن تنتبه إلى أنه قد يحدث نقص في فيتامين ب١٢ عند الإصابة بالمعى اللفائفي، فمن المهم أن تُجري فحصًا للدم لتحديد مستوى فيتامين ب١٢. فإذا كان مستواه منخفضًا، فلا بد من تعاطي حقن فيتامين ب١٢ كل ٤ أو ٦ أسابيع.
وقد يحدث نقص في الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون أيضًا، ما يُقلل من قدرة الأمعاء على التعافي، ولهذا يجدر بالمريض أن يتناول مكملات الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون، وهي تحديدًا: فيتامين أ، د، هـ، ك. ويمكن تناول هذه المكملات منفردة، أو عن طريق تناول زيت كبد القد، وكبد الحمل، والعجل، والخضراوات الخضراء ذات اللون الداكن، والخضراوات برتقالية اللون.
وتعد السبانخ، والكرنب الأجعد، والكرنب، مصادر رائعة للحصول على مضادات الأكسدة اللازمة لعلاج التهاب الأمعاء، وإذا لم تستسغ مذاق زيت كبد القد، فإنه يمكنك التغلب على هذه المشكلة بسهولة عن طريق تناوله في شكل كبسولات؛ إذ يمكنك تناول كبسولتين فقط قبل الوجبات مباشرة.
وتعد مشكلات مرضى داء كرون مع الهضم وامتصاص العناصر الغذائية من الطعام مُشكلات شائعة؛ الأمر الذي يمكن علاجه عن طريق تناول كبسولات الإنزيمات الهاضمة مع كل وجبة.
ولعلاج النوبات الحادة، يجب تناول العقاقير التي تتكون من المضادات الحيوية، ومضادات الالتهاب، (مثل سلفاسالازين، وأزولفيدين، وستيرويد)، ومضادات التقلصات.
وعند النوبات الحادة لأي من داء كرون، أو التهاب القولون التّقرُّّحي، غالبًا ما يتم إنقاذ حياة المريض من خلال حقن الوريد بالسوائل، والستيرويد، والتغذية الكاملة بالحقن (أي إمداد الجسم بالعناصر الغذائية عن طريق الوريد)، ونقل كميات محددة من خلايا الدم الحمراء. وإن لم تتم السيطرة على أمراض الالتهاب الحاد للأمعاء بشكل صحيح، فقد تحدث مضاعفات تتمثل في انسداد الأمعاء، أو نزيف حاد، أو تكوُّن الخراجات، أو الإصابة بالعدوى، أو الناسور، أو ثقب الأمعاء، أو أن يتفشى التضخم السمي، ليشمل القولون بأكمله (تضخم القولون السمي).
ويواجه مرضى داء كرون خطر الإصابة بسرطان الأمعاء الدقيقة، وفتحة الشرج، بدرجة أعلى قليلًا من غيرهم، ومن ثم فإنَّ الخبراء يوافقون بشكل عام على ضرورة إجراء منظار معوي، بصورة دورية، لمن يعانون التهاب القولون لفترة طويلة (أكثر من ٨ سنوات) سواء أكان ذلك الالتهاب ناتجًا عن إصابتهم بالتهاب القولون التقرحي، أم داء كرون؛ وذلك بحثًا عن أية علامات مبكرة للإصابة بالسرطان. وينصح معظم الخبراء بالتخلص من القولون (فيما يعرف بعملية استئصال القولون)، إذا ما وُجدت مجموعة من الآفات محتملة التَّسرطن.
ومن الضروري اتباع نظام غذائي خالٍ من الجلوتين، وذلك للحد من خطر تكوُّن الآفات محتملة التسرطن بالأمعاء. كما أنصح بأن يخلو هذا النظام من منتجات الألبان، أو أن يقتصر على القليل منها.
كما أنه من الضروري إمداد الجسم بمضادات الأكسدة، مثل السيلينيوم، وفيتامين ج، وفيتامين ه، وفيتامين د. وقد ثبت أن مضادات الأكسدة هذه تقي من أنواع عديدة من السرطان، ومن بينها سرطان الأمعاء.
وهناك مصدر آخر لمضادات الأكسدة أيضًا، وهو عصائر الخضراوات النيئة كالجزر، والشمندر الأحمر، والكرفس، والتفاح، والحمضيات، والزنجبيل، والسبانخ، والكرنب الأجعد، والكرنب، وأية أعشاب ورقية خضراء. ويمكنك إضافة ملعقة صغيرة من مسحوق جلوتامين للعصائر والمشروبات وتناولها مرتين يوميًّا. أما لو كان وقتك لا يسمح، فتناول المشروب لمرة واحدة في اليوم من شأنه أن يُحدث فرقًا كبيرًا؛ ذلك لأن الجلوتامين مكمل رائع لمن يعانون داء كرون، وهو لا يوفر الدعم اللازم لخلايا الأمعاء فحسب، بل يُعالج التهاب الأمعاء أيضًا.
ويمكنك إعداد عصير الخضراوات والفواكه النيئة طازجًا كل يوم باستخدام العصارة، أو أن تُعِد كمية تكفي لأسبوع، ثم تُجمدها في المبرد بعد إعداد العصير مباشرة. ويمكنك استخدام وعاء زجاجي متوافر لديك، وترك فراغ بمقدار ١ سنتيمتر عند فوهة الوعاء، لكي تسمح للسائل بالتمدد عند تجمُّده. وتحوي هذه العصائر كمية من العناصر الغذائية النباتية الفعالة والمضادة للسرطان.
وقد أخبرني بعض المرضى بأن تناولهم الموز الأخضر قد أفادهم كثيرًا في الحد من أعراض التهاب القولون التقرحي وداء كرون، وهو أمر جدير بأن يؤخذ بعين الاعتبار، وإن كنت غير متأكدة من الآلية التي يعمل بها ذلك.
وينبغي لمرضى التهاب الأمعاء أن يتناولوا مُكمّلات البروبيوتيك بانتظام، مثل البكتيريا المُلَبِّنَة الحَمِضَة وغيرها. كما يمكنهم استخدام الأطعمة المخمرة، لتعزيز البكتيريا النافعة في الأمعاء، وهو أمر جدير بالمحاولة.