التصنيفات
الصحة العامة

مواجهة السرطان المتقدم | العناية والمساندة

يشكّل السرطان المتقدم مشكلة مخيفة جداً، ويُحتمل أن يكون أصعب مشكلةٍ واجهتها أنت وعائلتك على الإطلاق. إذا كان لديك وعائلتك مشاغل تتداخل مع حياتك وحياة عائلتك، أو كنت ترغب بالحصول على أعلى مستوى من الاتصال (مع الآخرين) والمواجهة للمرض، يتعيّن عليك أن تتحدث مع اختصاصي مجاز في مجال الصحة العقلية.

وكونك قادراً على التحدث مع خبير حول حالتك الفريدة قد يجلب لك قَدْراً كبيراً من الارتياح. كما أنك تستطيع الحصول على قائمة بالعاملين الاجتماعيين والعلماء النفسانيين والأطباء النفسانيين، والذين هم خبراء مجازون في مجال الصحة العقلية. ويمكنك الحصول على هذه القائمة من أخصائي الأورام الذي يعالجك أو من أي مستشفى كبير في منطقتك. إن جلسةً واحدةً تمضيها مع خبير مجاز في مجال الصحة العقلية، ستساعدك أنت وعائلتك على التركيز على القضايا الأهم في حياتك وحياة عائلتك. إن أخصائي الأورام الذي يعالجك سيكون سعيداً لمساعدتك على إيجاد الخبير المناسب لك.

مواجهة القلق والمجهول

إن معرفتك بأنك مصاب بالسرطان المتقدم سيجعلك تشعر بالضياع وبالخوف. إن هذا الشعور هو أمر طبيعي. ولا بد من وجود أسئلة تود طرحها، مثل:

• ماذا سيحدث لي؟

• هل قمت بكل ما بوسعي القيام به؟

• ما هي الخيارات الأخرى المتاحة لي؟

• هل سأموت؟

• ما هو مدى السيطرة التي أملكها على حياتي؟

• هل سيتم الأخذ برغباتي؟

• كم سألقى من الألم والمعاناة؟

• ماذا سيحدث لو شعرت أنني لا أستطيع احتمال المزيد من العلاج؟

• ما هي الأعباء التي ستترتب على عائلتي نتيجة لهذا؟

• هل ستستطيع عائلتي تحمّل هذا الوضع؟

• كيف سأتدبر أموري المالية؟

• كم سيتبقى لي من العمر وأنا أعاني؟

• ماذا سيحدث عندما أموت؟

تبدو لائحة المخاوف هذه مرعبة حتى لمجرد التفكير فيها ومن دون معاناتها. ولا يخفى أن القلق يصعّب عليك عملية التركيز. قد تشعر حتى بتوتر في عضلاتك وارتجاف وتَقَلْقُل. وتوجد أيضاً بعض علامات القلق الأخرى، منها الاضطراب وضيق النَّفَس وتسارع في ضربات القلب والتعرّق وجفاف في الفم والتذمر. ونشير هنا إلى أن القليل من الناس يصابون بكل هذه الأعراض. يوجد، لحسن الحظ، خبراء يستطيعون مساعدتك للتغلب على هذه المخاوف. وستجد، بالإضافة إلى طبيبك وممرضتك، أن هناك العاملين الاجتماعيين والعلماء النفسانيين والأطباء النفسانيين والناصحين الدينيين الذين تدربوا خصيصاً لمساعدتك على التحدث عن قلقك، والسيطرة على مخاوفك، واستخلاص العبَر من تجربتك. وتستطيع الاعتماد على هؤلاء في تقديم المساندة لعائلتك. يعرف طبيبك خبراء الصحة العقلية المحليين الموجودين في الحيّ الذي تقيم فيه.

سيرغب بعض أحبائك أن يلعب دوره في تقديم العناية إليك، وفي الاهتمام بأمورك المالية. ولعل شريكك أو ولدك أو من يعيلك سيود القيام بهذا الدور.

السيطرة على القلق

• إن مجرد التحدث عن مشاعرك سيساعدك أحياناً على التخلص من قلقك.

• إن محاولة الاسترخاء عن طريق التنفس العميق واتخاذ أوضاع جسدية مسترخية هي أمر مفيد. إنها تأتي بنتائج جيدة إذا كنت تقوم بهذه التمرينات بطريقة منتظمة.

• دع مشاعر الحزن والإحباط تسيطر عليك، لكن من دون الشعور بالذنب بهذا الشأن. إن هذا الأمر هو مهم جداً.

• من الأهمية بمكان أن تختار الشخص المناسب للتحدث معه. يختار بعض الأشخاص الكاهن، أو أقرب الأصدقاء، بينما يختار آخرون فرداً من أفراد العائلة.

• يجد كثير من الأشخاص أن المساندة الروحية تساعدهم.

• إذا كان القلق الذي تشعر به يزعجك أنت، أو يزعج عائلتك، ويستمر لفترات طويلة من الوقت، فيصبح من المهم عندها أن تطلب إحالتك إلى أخصائي للصحة العقلية، والذي يكون متدرباً على العمل مع مرضى السرطان.

يستطيع الطبيب، إضافة إلى هذه الإجراءات، أن يصف لك أدوية لمكافحة القلق والاكتئاب. ويندر أن يشكل استخدام هذه الأدوية على المدى القصير أية أضرار، بل إن هذه الأدوية قد تكون ما تحتاج إليه لإعادة تنظيم حياتك.

إيجاد الأمل

يُعتبر الأمل جزءاً ضرورياً من الحياة اليومية. إن الأمل هو الذي يدفع الكثيرين منا للنهوض من السرير كل صباح، وهو الذي يجعلنا نمضي بأعمالنا كل يوم.

يمتلك المريض الآمال والأحلام بالرغم من إصابته بالسرطان المتقدم. ولا شك أن بعضها ربما قد تغير منذ أن علم المريض بإصابته بالسرطان. ويستطيع المريض أن يأمل بيومٍ خالٍ من الألم. ولربما سيمتلك الأمل بالقيام بأمر خاص مع فردٍ من أفراد العائلة. إن التكلم بصراحة يشكل أملاً يستطيع مرضى السرطان التشارك فيه. ويبقى أمل حقيقي لهؤلاء المرضى وهو أن يتخلّصوا من الآلام التي تسببها الأعراض وأن يتباطأ نمو السرطان.

مواجهة الألم والانزعاج

يسبب المرض عندما يصل إلى مرحلة متقدمة الكثير من الانـزعاج. وتُعتبر مواجهة هذه الأعراض تحدياً حقيقياً. ويسبب الألم الجسدي الاكتئاب للعقل أيضاً. إن العمل مع فريق العناية بصحتك، بهدف معالجة أعراضك الجسدية، هو أمر ضروري. يُذكر أن الأعراض الجسدية الحادة مثل الألم تجعل من المستحيل على المريض أن يستمتع بحياته. إن دمج المعالجة الطبية مع مهارات المواجهة تجعل المريض أقدر ما يكون على السيطرة على الأعراض الجسدية التي يشعر بها.

تسلية الذات

إن إبعاد شبح الألم عن عقلك هو فكرة جيدة. ويعرف الجميع أن التركيز على ألمك يزيد من درجة الإحساس بهذا الألم. وإذا ما شاهدتَ فيلماً سينمائياً شيقاً أثناء شعورك بالألم، فربما يجعلك هذا تنسى أمره لفترة من الوقت. وكذلك تخدم زيارات الأصدقاء والأقارب نفس هذا الهدف.

الحصول على المعلومات

تساعدك معرفة أسباب معاناتك للمشكلة، وما يمكنك عمله بشأنها، على التخفيف من الإجهاد الذي تشعر به. يتعيّن عليك أن لا تخاف من التساؤل عن سبب حدوث أمرٍ ما.

أخذ زمام المبادرة

إن فعل أي شيء، وأحياناً أي شيء فعلاً، تجاه مشكلةٍ ما سيجعلك تشعر وكأنك تأخذ زمام المبادرة. وإذا تأكدت مثلاً أن الدواء الجديد الذي تتناوله لمعالجة معدتك لا يساعدك، فبإمكانك أن تطلب تجربة دواء جديد.

معالجة المشاكل واحدةً فواحدة

إذا ركّزت على جميع الأشياء التي تزعجك دفعةً واحدة فمن السهل أن ترهقك هذه المشاكل. إن معالجة المشاكل واحدة فواحدة تجعل من احتمالات تغلبك عليها أمراً وارداً.

التحدّث مع الآخرين

إن مجرد التحدث عن يأسك وإحباطك نتيجة الأعراض التي تشعر بها هو أمر مريح أحياناً. ويستطيع كثير من الناس أن يكونوا مستمعين جيدين من دون أن يصدروا أحكامهم على الأمور، ومن دون إعطاء نصائح.

تغيير طرق التعبير عن ذاتك

يجد بعض الناس أن التحدث مع الآخرين هو أمر صعب. وإذا كانت هذه هي الحال فباستطاعة المرء أن يلجأ إلى طرق أخرى للتعبير عن مشاعره، مثل الكتابة في دفتر مذكرات أو التصوير الزيتي أو حتى التأمل.

اكتشف حسّ الفكاهة

تُعتبر الفكاهة (المرح) وسيلةً حقيقيةً لمواجهة الأوقات الصعبة. ويوجد على الدوام شيء يستطيع تحسين مزاجك وتخفيف اكتئابك عندما تبدو الحياة مظلمة.

ممارسة التأمل

تستطيع تحويل انتباهك عن المشاعر والأفكار الكئيبة، عن طريق التركيز على المشاهد (الأفكار) المفرحة. ستمكنك هذه العطلات (الفكرية) القصيرة من الحصول على الراحة التي تحتاج إليها، سواءٌ الجسدية منها والعاطفية.

التخلّص من الكآبة

إن الشعور بالحزن وباليأس في بعض الأحيان هو أمر طبيعي يترافق مع المرض والتأثيرات الجانبية. ويوجد مجال للسعادة والفرح، حتى مع مرض السرطان المتقدم، ولذلك يتعيّن عليك أن تتجنّب الشعور باليأس الدائم. لأن الكآبة يمكن أن تكون مشكلة خطيرة جدًّا، من المهم أن تستعين بشخص مدربٍ من خبراء الصحة العقلية يستطيع أن يقيّم الشخص الذي يبدو مكتئباً بغض النظر عن السبب.

يصاب شخص واحد من بين أربعة مرضى بالسرطان بالاكتئاب. وترتفع هذه النسبة بين مرضى السرطان المتقدم. يُذكر أن كل أنواع الاكتئاب قابلةٌ للمعالجة. ونورد أدناه قائمة بأعراض الاكتئاب. ويتعيّن على أفراد العائلة والأصدقاء أن ينتبهوا جيداً لهذه الأعراض. ويستطيع الأقارب أو أصدقاء العائلة أن يشجعوا مريض السرطان على طلب مساعدة الطبيب.

تشتمل أعراض الاكتئاب السريري على:

• حالة مستمرة من الحزن أو “الفراغ”

• الشعور باليأس وبالعجز

• حالة من اللامبالاة أو من عدم الاستمتاع بشؤون الحياة اليومية

• امتلاك المريض لطاقة أقل، والشعور بالتعب، بالإضافة إلى “التباطؤ” أو التكاسل

• صعوبة في الاستسلام للنوم، الاستيقاظ الباكر، أو الاستغراق في النوم المفرط

• فقدان الشهية أو الإفراط بالأكل

• وجود صعوبة في التركيز أو في التذكر أو في اتخاذ القرارات

• الشعور بالذنب أو التفاهة أو العجز

• التذمر

• الاستسلام للبكاء مراراً

• الشعور المستمر بالآلام واليأس من دون سبب واضح

• سيطرة أفكار الموت أو الانتحار، ومحاولة قتل نفسك

ننصحك هنا أن تستشير خبيراً صحياً إذا ما لاحظتَ استمرار وجود خمسة أو ستة أعراض من تلك الواردة أعلاه.

معالجة الاكتئاب

• الأدوية

• تعلّم مهارات حل المشاكل

• السعي للحصول على استشارات

يتفاجأ الأشخاص الذين تلقوا علاجاً للاكتئاب بمدى التحسن الذي يشعرون به. يُذكر أن الاكتئاب ومشاعر الحزن قد يصبحان طريقةَ حياة، لكن ذلك ليس أمراً حتمياً.

تخفيف الشعور بالوحدة

يسير الاكتئاب والشعور بالوحدة معاً في العادة. ويستطيع الاكتئاب أن يجعلك تشعر بالحاجة للابتعاد أكثر فأكثر عن الآخرين. ويلاحظ أن المرض ومتطلبات العلاج يتسببان أحياناً بشعورك بالوحدة. وينتهي مرضى السرطان ليكونوا منعزلين عن الآخرين، حتى ولو لم يرغبوا بذلك. ويحدث ذلك عادةً بسبب المشاكل الجسدية، فقدان وسائل الانتقال، أو حتى بسبب برامج العلاج.

يسيطر الشعور بالوحدة عليك أحياناً حتى ولو كنتَ وسط الأصدقاء وأفراد عائلتك الذين يحبونك. وقد تجد صعوبة كبرى في مشاركة الآخرين بمشاعرك المتعلقة بالسرطان. وقد ينـزعج الآخرون بسماع أخبار مرضك. وتبدو هنا هذه العزلة ضمن رفقة الآخرين أسوأ أحياناً من البقاء وحيداً بالفعل.

يحتاج مريض السرطان أحياناً إلى استئذان الآخرين للحديث عن نفسه بصراحة آخر. وإذا ما أقدم صديق أو قريب بترتيب زيارات أشخاص آخرين للمريض فسيكون ذلك أمراً مساعداً. إن قيامك ببعض الأعمال خارج البيت قد يخفف شعورك بالوحدة.

السيطرة على الشعور بالذنب

يشعر مريض السرطان، ودائرة الأشخاص المحيطين به، بالذنب عادةً. إذا ما كنتَ مريضاً بالسرطان فقد يسيطر عليك الشعور بالذنب لأنك مريض. وتبقى هذه المشاعر حتى بعد أن تعرف أنه لا ذنب لك فيما حصل. وإذا ما عرّفت الآخرين بانـزعاجك، وإذا ما أطلعتََ أحباءك على حاجتك لمساعدتهم فإن ذلك يزيد من شعورك بالذنب.

يتحول الشعور بالذنب ليصبح صراعاً يومياً بالنسبة للأشخاص الذين يقدمون الرعاية للمريض، وذلك عندما يشعر الأصحاء بالذنب لأنهم يتمتعون بصحة جيدة. ويشعر هؤلاء بالحزن عادة لأنهم لا يقدمون ما يكفي للشخص الذي يحبونه. وهم مع ذلك لا يستطيعون تقديم المزيد للمريض. وأحياناً يؤنبهم ضميرهم لأنهم يستاؤون مما يقومون به.

السيطرة على مشاعر الذنب

إن مجرد التحدث عن مشاعر الذنب يُعتبر أمراً مساعداً. ويساعد الحديث على تنقية الأجواء وإراحة ضمائر الجميع. ولا شك في أن التشارك في المشاعر يقرّبك أكثر من الآخرين.

يُذكر أن الخروج من هذا الوضع يساعد على تهدئة المشاعر، لأنك بذلك تعرّف الجميع على أنهم يقدمون أفضل ما يمكنهم تقديمه.

ويُعتبر التشارك بالعمل أمراً مهماً جداً بالنسبة للذين يعنون بالمريض. ويتعيّن إعطاء الأصدقاء والأقرباء الذين يريدون تقديم المساعدة مهمات محددة لتخفيف العبء عن الشخص الذي يقدم أكبر قدرٍ من العناية.

إذا ما استمرت مشاعر الذنب، فعندها يصبح من المهم أن تلتقي مع خبير مدرب للصحة العقلية.

مواجهة القضايا العائلية

يغيّر السرطان المتقدم طريقة ترابط أفراد العائلة مع بعضهم بعضاً. إن العائلات التي تتمكن من حل مشاكلها بطريقة مناسبة تستطيع أن تبلي بلاءً حسناً مع سرطان الشخص الذي تحبه. أما العائلات التي تجد صعوبةً في حل هذه المشاكل فستلاقي صعوبة أكبر في التعاطي مع هذا المرض. ستجد أنه ربما كان من الأفضل أن تجتمع مع مَن تستشيره كي تعمل معه للتخطيط في عملية تقديم الدعم الأفضل وحل المشاكل المتوقعة قبل حدوثها.

يغيّر المرض طبيعة الأدوار القائمة ضمن العائلة. إن استجابة أفراد العائلة لمهماتهم الجديدة وتسلية الشخص المريض بالسرطان. تؤثران على عملية تكيّفهم مع واقع خسارتهم لذلك الشخص.

إن ملاحظة الشخص المريض للتغيرات الطارئة على أفراد عائلته تطلق لديه الحزن الذي يصاحب احتمال الخسارة. إن امرأة أقعدها المرض قد تشعر باليأس، من عدم كونها الزوجة والأم مثلما كانت سابقاً. تساعد في هذه الحالة عملية تفهم هذا الوضع الجديد، وخاصة إذا ما اقترنت مع إيجاد طرق لتهدئتها، وللبرهنة لها أن دورها ما زال مهماً بالنسبة إليها ولعائلتها.

التعايش مع مرض طويل الأمد

يضع المرض الذي يستمر أشهراً عديدة، أو حتى سنوات، ضغطاً كبيراً على العائلة. وإذا طالت مدة التعرض للضغوط فستزيد مخاطر تعرض العائلة للاضطرابات (الاكتئابات) العقلية (العصبية). يتعرّض أفراد العائلة حينها إلى تعب جسدي وعقلي أكبر. وإذا ما أُضيف التعب إلى القلق والخوف فستكون النتيجة وخيمةً. ويتعيّن عليك أن تجد طرقاً للحصول على المساندة من الأشخاص المؤهلين لذلك. وننصحك أيضاً أن تستمر بالاستفسار عن مدى قدرة الجميع على التحمل.

استمداد القوة من الأمور الروحية

يشيع طرح الأسئلة الروحية كلما حاول الشخص أن يفهم طبيعة مرضه، ودوره في الحياة. يصدق هذا الأمر ليس بالنسبة للشخص المصاب بالسرطان، بل للأشخاص العزيزين على قلوب أفراد الأسرة أيضاً.

نورد فيما يلي بعض الاقتراحات للأشخاص الذين يُحتمل أن يجدوا راحةً في المساندة الروحية:

• تأتي المساندة التي يتلقاها المريض من رجل دين في الوقت المناسب. ويستطيع هذا الرجل مساعدتك على الحصول على إجابات تثير الارتياح على الأسئلة الصعبة.

• إن ممارسة الشعائر الدينية تأتي بالطمأنينة للمريض.

• إن البحث عن معنى المعاناة قد يأتي بجواب روحي يثير الارتياح.

إن القوة الناتجة عن المساندة الروحية، بالإضافة إلى دعم جماعة من الناس الموجودين، قد لا تقدر بثمن بالنسبة لأفراد العائلة.

مواجهة الموت

يواجه أي مريضٍ مصاب بالسرطان المتقدم حقيقة أنه سيموت. يتعيّن على أفراد العائلة إدراك هذه الحقيقة بدورهم. وسيكون الموت هو مستقبل المريض المصاب بالسرطان، حتى ولو كان هذا المريض يُظهر بعض التحسن، ومهما بدا أنه بخير. ويعتبر الكثيرون أن التفكير بالموت هو أمر مرعب ومؤلم. لهذا من الطبيعي أن يعاني المرضى وعائلاتهم كثيراً قبل حدوث الموت، وخصوصاً كون المريض يواجه الموت وحده. ويلاحظ أحياناً أن الجميع يعتبر الموت نوعاً من الفرج، وذلك عند استمرار المرض لفترة طويلة

يرغب الكثيرون من مرضى السرطان البقاء في منازلهم حتى النهاية. ويُعتبر الموت أسهل في المنـزل وسط مساندة أفراد العائلة والفريق الطبي. ويضع الجميع نصب أعينهم مساعدة الشخص المصاب بالسرطان على الموت في منـزله محاطاً بالأشخاص الذين يحبونه، ومع وجود ألمٍ قليل، أو بدون الألم أبداً.

مصادر المساندة

مساندة العناية بالمرضى

يتوجب على الأشخاص الذين يعتنون بشخص مصاب بالسرطان أن يعتنوا بأنفسهم أيضاً. تستوجب هذه العناية تخصيص وقت للقيام بالأشياء التي يستمتعون بها. وتستوجب هذه العناية بالإضافة إلى ذلك الحصول على مساعدة الآخرين.

مجموعات المساندة (الدعم)

تستطيع مجموعات المساندة أن تكون أداةً قوية بالنسبة للمرضى ولعائلاتهم. إن التحدث مع آخرين يعانون من نفس الأوضاع التي تعانيها له فائدة كبيرة في تخفيف المعاناة التي تسببها الوحدة. وتستطيع أن تتكلم أمام هذه المجموعات من دون الخوف من الانتقاد. وتستطيع هنا أن تحصل على أفكار مفيدة من رجال آخرين يكونون على استعداد لمد يد المساعدة إليك. تقدم الجمعية الأمريكية للسرطان برامج متعددة لجمعيات الدعم هذه، والتي يتواجد بعضها في منطقة سكنك.

خيارات العناية التخفيفية

تسمى العناية التي تهدف إلى تخفيف المعاناة عن المريض وتحسين نوعية حياته العناية التخفيفية. تتركز العناية هنا على المريض وعائلته بدلاً من التركيز على المرض. تعطى هذه العناية في المنـزل عادة. يُذكر أن بعض مراكز معالجة السرطان تمتلك فِرَقاً خاصةً بالعناية التخفيفية. يشتمل فريق العناية التخفيفية على خبراء تلقوا تدريباً إضافياً على السرطان والعناية المتخصصة. ويشتمل أفراد الفريق أيضاً على طبيب وقسيس وعامل اجتماعي وممرضات ومساعدي العناية الصحية المنـزلية ومعالجين فيزيائيين واختصاصي تغذية وصيدلي ومعالج تنفسي. يعمل فريق العناية التخفيفية هذا بالتعاون مع الطبيب الذي يعالج المريض، ويهدف إلى:

• رسم خطط العلاج

• السيطرة على الألم والأعراض الأخرى

• تقديم المساندة العاطفية

• تقديم المساعدة في قضايا نهاية الحياة

العناية المنزلية

تُعتبر العناية الصحية المنـزلية عناية صحية متخصصة تقدم في المنـزل. وإذا كنتَ بحاجة لمزيد من العناية، لكنك لست مضطراً للبقاء في المستشفى فقد تكون العناية المنـزلية مناسبة لك. تشتمل العناية المنـزلية على مجموعة واسعة من الخدمات الصحية والاجتماعية، والتي تقدّم للمصابين بالسرطان في منازلهم.

تقدم العديد من وكالات العناية الصحية المنـزلية العناية والمساندة للمرضى الذين يختارون البقاء في منازلهم. وتشتمل العناية المنـزلية في العادة على زيارات منتظمة يقوم بها خبراء العناية الصحية. وتبقى العائلة مسؤولة مع ذلك عن تقديم بعض تلك العناية، ولذلك يصبح من المهم جداً أن تتحدث مع فريق معالجة السرطان الذي يعالجك. ويتعيّن عليك أن تتفهم أنواع العناية التي ينبغي تقديمها، وكيفية تأثير هذه العناية على العائلة.

تعجز العائلة أحياناً عن الاستمرار بتقديم العناية للمريض في المنـزل. فقد لا يتوفر أفراد في العائلة يتمكنون من تقديم كل العناية اللازمة، أو قد تكون العناية معقدة جداً. إذا كانت هذه هي الحال فقد يشعر أفراد العائلة بالذنب، وخصوصاً إذا كانوا قد أعطوا وعداً بالاهتمام بمريضهم في المنـزل. يساعد الاعتراف بمدى الجهد الذي يبذله أفراد العائلة على التغلب على هذه المشاعر.

دار الرعاية (برامج العناية بالمرضى)

تمتلك دور الرعاية برنامجاً مصمماً لتقديم الرعاية المساندة في وقت اقتراب الحياة من نهايتها. إن الوقت المناسب لدور الرعاية هو عندما تفشل المعالجة التي تهدف إلى الشفاء من المرض. يُذكر أن معظم مرضى دور الرعاية لا يعيشون أكثر من ستة أشهر بعد دخولهم إليها، لكن بعضهم يعيش مدة أطول. ويشترك المريض والعائلة والطبيب في تقرير الوقت المناسب للانضمام إلى دار الرعاية. ويعتقد الكثير من الخبراء في هذا الحقل أنه يجري تحويل المرضى إلى دور العناية في وقتٍ متأخر جداً. وتستطيع دار الرعاية أن تقدم الكثير لك حتى مع استمرارك في تلقي العلاج الذي يكافح السرطان.

تنظر دار الرعاية إلى الموت باعتباره المرحلة الأخيرة من الحياة. وتهدف هذه الدور إلى معالجة أعراض المريض الجسدية والعاطفية. ويبقى الهدف الأكبر لهذه الدور أن تمضي الأيام الأخيرة المتبقية للمريض وهو متمتع بكرامته، وبالمستوى الرفيع في عيشه، بالإضافة إلى إحاطته بالأشخاص الذين يحبونه. وتشدد دور الرعاية على التمسك بالحياة، لكنها لا تسرّع الموت أو تؤجله. إن تركيز دور الرعاية هنا ينحصر في نوعية الحياة ذاتها، وليس على تمديدها.

تقدم دور الرعاية برامج رعاية تركّز على الأسرة. وتُشرك هذه البرامج المريض وعائلته في عملية اتخاذ القرارات. تتوفر خدمات دور الرعاية في البيوت عادةً، لكنك تستطيع الحصول على هذه الرعاية في المستشفى، أو في دار عناية متخصص. لا تتوافر هذه الخدمات في كل الأوقات بالرغم من توفرها أحياناً. يُذكر أن برامج العناية قد تتوافر أيضاً في بعض دور التمريض.

يستطيع المريض المشمول ببرنامج رعاية أن يستفيد عادةً من عناية وخبرة فريقٍ بكامله. ويشتمل الفريق على مدير طبي، ويكون من الأطباء عادة، وممرضة ومساعدة ممرضة وعامل اجتماعي وقسيس. ويستطيع طبيبك عادةً أن يلعب دوراً في عمل الفريق.

إن اتخاذ القرار بالبدء بالاستفادة من برامج الرعاية هو قرار صعب. ويعني هذا الأمر أنك تخليتَ عن أي علاج يهدف للشفاء. وتستطيع التحدث بصراحة مع طبيبك كي ينصحك ما إذا كان قرارك هذا هو الشيء المناسب لك. وتستطيع أن تسأل ما إذا كان طبيبك يوفر لك أي أمل بالشفاء، وإذا كان يستحيل توافر هذا الشفاء، هل يتوافر علاج يطيل حياتك، أو يخفف الأعراض التي تشعر بها؟

إذا لم يستطع طبيبك تأكيد وجود علاج يحقق لك هذه الأهداف، فسيتوجب عليك عندها أن تفكر بالاستفادة من برنامج الرعاية. يوجد احتمال كبير أن يستطيع برنامج الرعاية توفير فرصٍ للسيطرة على الأعراض التي تشعر بها، وأن يحافظ على مستوى جيد لحياتك. ويعتقد معظم خبراء العناية التخفيفية أن المرضى يتأخرون بالانضمام لبرامج الرعاية، وهكذا فهم لا يستفيدون منها بما فيه الكفاية.