التصنيفات
صحة المرأة

اكتئاب الأم بعد الولادة | بكاء تقلب مزاج قلق

تمرّ معظم الأمهات الجديدات (ربما 90% منهن) بحالة من البكاء، وتقلّب المزاج، والقلق، والتعاسة، والنوم. عادةً، تدوم هذه الفترة لبضعة أيام أو أقل ثم تصبح من الماضي.

ولكنه من الطبيعي أن تظهر فترة الاكتئاب وتختفي خلال ستة أسابيع. بالنسبة إلى بعض الأمهات، يبدأ الاكتئاب عندما ينفطم الطفل عن الرضاعة (مرحلة أخرى من التغيرات الهورمونية الجذرية). إلا أن الهورمونات ليست كل القصة.

وتمرّ الأمهات اللواتي يتبنّين أطفالهن بحالة من الاكتئاب. والآن، بما أن المحققين بدأوا النظر في الأمر، نعلم أن معظم الآباء (الأقل بكاءً) يمرون بمرحلة من التعاسة، وقلة الثقة، والانعزال، والمزاجية. أتوقع أننا سنكتشف يوماً ما أن الأمهات بالتبني وحتى الآباء يعانون من تغيرات كيميائية وهورمونية مفاجئة كردّ فعل على وجود المولود الجديد ولكن لم يتم إثبات الأمر. ولكننا نعلم بوجود أسباب وجيهة للإصابة بالاكتئاب حتى في فترة إنجاب مولود جديد.

كل بداية جديدة هي نهاية للمرحلة السابقة. متى ولد الطفل، لن تكون الحياة كما في السابق. إنه لأمر رائع. ولا بأس للحزن على فقدان أسلوب الحياة الذي كنت تعيشينه قبلاً.

لا يمكنك ضبط وقتك كما كنت تفعلين في السابق. قد تفوتين التحديات والمكافآت في العمل. وقد تتوقفين عن ممارسة هواياتك لبعض الوقت. كذلك، ستتغير علاقتك الرومنسية مع زوجك. فلستما وحدكما بعد الآن.

أكان الحمل مريحاً أم لا، قد تحزن الأم على الشعور المميز بالألفة عندما كانت تحس بركلات طفلها. تصف عدة أمهات جديدات شعورهن بالفراغ الداخلي. يعتبر الحمل مرحلة من التطلع إلى اللحظة المنتظرة بتوق. والآن، أصبح التوقع من الماضي. كما أن الحمل يكسر حواجز الاكتئاب في المجتمع. اعتاد الأصدقاء الابتسام لك، وطلب التربيت على بطنك، والإطراء عليك. ربما كانوا يهرعون لمساعدتك. أما الآن، فطفلك هو مركز الانتباه ومع أنك قد تستفيدين أكثر الآن من التشجيع والمساعدة العملية، إلا أن هناك احتمال ضئيل لأن تحصلي عليهما.

قد تحزنين أيضاً على فقدان مظهرك المثالي؛ فقد تبدين وكأنك ما زلت حاملاً. عندما بلغ ابني الأصغر شهراً من العمر، حيّت مندوبة مبيعات زوجتي وسألتها عن موعد ولادة الطفل. (لا حاجة للقول إن البيع مرفوض!) كما أن ارتداء ملابس الأمومة بعد انتهاء الحمل ليس بالأمر الممتع. ولكن لا شيء آخر مريح عادةً.

والآن أضيفي إلى ذلك الحرمان من النوم! قد تكونين أكثر إرهاقاً من أي وقت مضى. متى يكون الشخص محروماً من النوم، فإنه معرّض لتقلبات انفعالية ولمشاعر غير وافية. هذا كافٍ بحدّ ذاته للتسبب بحالة اكتئاب (اسألي أي طبيب أطفال متمرس).

ومما يزيد الأمور سوءاً، أظهرت الأبحاث أن النساء المصابات باكتئاب ما بعد الولادة يحظينَ بأطفال يبكون أكثر من نظرائهم الأكثر سعادةً. لم يتم إثبات ما إذا كان بكاء الأطفال يزيد حزن الأمهات أم حزنهن يجعل الأطفال أقل سعادةً ولكن يبدو لي أن الأمرين صحيحان وأن البكاء قد يصبح حلقة مفرغة.

إنها ردة فعل حقيقية للحزن في فترة الشعور بإرهاق كبير (وضجيج متواصل) لدى شخص محروم بشكل دائم من النوم، ويعاني من تغيّرات هورمونية جذرية. إنه من الغريب أن يكون اكتئاب ما بعد الولادة ليس أكثر من مشكلة عابرة. ولكن في معظم الوقت، سرعان ما تحلّ هذه المشاعر الإيجابية الجياشة المصاحبة لهذه المرحلة من البدايات الجديدة محلّ الحزن.

في حال حصول اضطراب خلال الرحلة في الطائرة وسقطت أقنعة الأكسجين من السقف، ستحتاجين إلى وضع قناعك الخاص أولاً كي تتمكني من مساعدة أطفالك. إذا تدهورت حالتك النفسية، افعلي الأمر نفسه: غالباً ما يشكل الاعتناء بنفسك الخطوة الأولى لتتمكني من الاعتناء بطفلك بشكل أفضل. كذلك، إنه مبدأ جيد لإتباعه إنْ كنت تمضين أجمل أيام حياتك.

إحصلي على ما تستطيعين من فترات النوم المتقطع. إن كنت ترضعين طفلك، قد تشعرين بالنعاس بُعَيدَ الإرضاع. نامي متى ينام طفلك. ما إنْ تصبح عملية الإرضاع راسخة جداً، قد تودين إرضاع طفلك من زجاجة الحليب (من حليب الثدي)، لتستريحي قليلاً والسماح للأب بالاستمتاع بإرضاع الطفل. إنْ كنت ترضعينه من زجاجة الحليب منذ البداية، فدعيه يشاركك في هذه المسؤولية عندما تستطيعين.

تناولي الطعام الصحي اللذيذ من إعداد شخص آخر! واحرصي على أن تحصلي على ما يكفي من أحماض أوميغا-3 الدهنية. إنّ المعدلات المنخفضة من هذه المادة المغذية تجعل فترة اكتئاب ما بعد الولادة أكثر سوءاً.

أخرجي من المنزل. يمكن أن تكون حتى الاستراحات القصيرة (خاصةً إنْ كان بإمكانكما تمضية بعض الوقت معاً) مريحة جداً خاصة إنْ خرجتِ. أو أخضعي نفسك لجلسة تدليك. إنه ليس إحساساً بالذنب، ولكنه علاج مدعوم بالثقافة العلمية.

من الواضح، أن الأمر يتطلب فريق عمل، فريق عمل مؤلف من زوجين، عائلة ممتدة، مجموعة ما أو حاضنة طفل مثل الدولا. يمكن أن تشكل المجموعة المشتركة على شبكة الإنترنت مصدراً آخر للدعم والحكمة.

حيثما تتوجهين لطلب المساعدة، لا تحتاجين إلى عائلة زوجك أو أي أحد آخر للمجيء وإصدار الأوامر. من جهة أخرى، إنك بحاجة للقليل من تقدير الغير والمساعدة الملموسة في الاعتناء بطفلك بشروطك وفي وقتك.

أتريدين شخصاً يساعد في تغيير المزيد من الحفاضات؟ ينضم إليك خلال قراءة كتب العناية بالطفل؟ يقوم بالغسيل؟ يتصل بطبيب الأطفال ليطرح عليه أسئلة؟ يهز طفلك لينام؟ يخرج ليبتاع بعض الحاجيات؟ اسألي.

لقد قمتِ للتو بأمر رائع في إنجاب حياة جديدة. من الطبيعي أن تكون عملية واضحة بالنسبة إلى الوالدين. ليس ضرورياً أن يكون الشعور رائعاً الآن بل يكفي أن يكون رائعاً في المستقبل. قد تشعرين أو لا تشعرين برغبة في الابتسام طيلة الوقت. ولكن خذي الوقت لتبتسمي لطفلك حتى لو لم تشعري بالرغبة في ذلك. قد يشعرك الابتسام بقليل من التحسن ويجعل طفلك يشعر بكثير من التحسن مما سيساعدك. وقد تحاولين الضحك إلى أن يصبح الأمر مضحكاً. جدياً، حاولي الضحك بصوت مرتفع إلى أن تشعري بوخز خفيف في عظام الفكين. إن واجهت صعوبة في الأمر، ثبتي زوجك بكلتا يديك وانظرا إلى عيني بعضكما البعض واضحكا. لن تتمكنا من التوقف.

تعتبر الكآبة أمراً طبيعياً في انفعالات الأمومة. أما اكتئاب ما بعد الوضع فهو أقل شيوعاً من الكآبة. ولكن إذا دامت هذه الأخيرة لأكثر من أسبوع أو اثنين، وإنْ عجزت عن النوم (لأنك لا تستطيعين النوم وليس لأن الطفل يأبى أن ينام)، وإنْ توقفت عن تناول الطعام وفقدت اهتمامك في الحياة أو شعرت باليأس أو فكرت بإيذاء نفسك أو الآخرين، فقد تكون هذه الحالة أكثر من مجرد اكتئاب ما بعد الوضع. استشيري الخبراء على الفور. إبدأي مع طبيب التوليد أو طبيب العائلة. ولا تدعي أحداً يحول دون ذلك. العلاج مهم وعادةً ما يكون سريعاً وفعالاً.

تختلف الأسابيع اللاحقة لولادة طفلك عن أي وقت آخر من حياتك. لذا، أكنت تشعرين بالسعادة أو بالاكتئاب أو تتمسكين بنمط معين، خذي نفساً عميقاً واستمتعي وطفلك معاً.

من الجيد أخذ إذن بالخروج من العمل وتفويض شخص آخر بالقيام بالأعمال المنزلية. ولكن ما هو أهم من ذلك هو أن شهر الطفل هو حالة ذهنية. يمكن أن تبدأ في المستشفى أو في المنزل. أحيطي عائلتك بالحنان. قدّروا بعضكم بعضاً. أعملوا واستريحوا كفريق. دلّلوا أنفسكم. ستنتهي تجربة إنجاب الطفل الرائعة قريباً. وستكون الأمور أكثر استقراراً مع أن الحياة لن تكون كما كانت عليه في السابق قبل ولادة طفلك.