التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

اضطرابات القلق والذعر

يمكن لها أن تحدث في أي وقت. فيبدأ خفقان القلب فجأة بالتسارع ويتورد الوجه ويعاني المصاب من صعوبة في التنفس. ويصاحب ذلك شعور بالغثيان وبفقدان السيطرة على النفس، حتى أن بعض الأشخاص يشعرون بأنهم يموتون. يعاني كل سنة آلاف الأميركيين من هذه الحالة. ويقصد الكثيرون مركز الطوارئ ظنا منهم بأنهم يمرون بنوبة قلبية.

بينما يتجاهل آخرون الأعراض، فلا يدركون بأنهم قد أصيبوا بنوبة ذعر. وتعرف نوبات الذعر على أنها فترات مفاجئة من الذعر الشديد تحفز ردات فعل فيزيائية لدى المصاب. وتشير الإحصاءات إلى أن 2 بالمئة من الأميركيين يصابون بنوبة مماثلة في حياتهم. وبينما كانت ترجع نوبات الذعر في الماضي إلى “الأعصاب” أو الضغط النفسي، يتعارف عليها اليوم على أنها حالة تسبب عجزا محتملا إلا أنها قابلة للعلاج.

معلومات مفيدة عن القلق

القلق مشكلة انفعالية منتشرة في كل مكان. لا يوجد شخص لم يشعر بالقلق في مرحلة معينة من حياته. يقول رولف: “هناك حدوث نسبته 100 بالمائة”. وعلى قدر ما هو القلق حتمي الحدوث بالنسبة لمعظمنا، فإن بعض الأناس يختبرونه بشدة يمكن أن تُضعف صحتهم على نحوٍ خطير. يشير رولف إلى المعلِّم الروحي المختص بإدارة الإجهاد روبرت إليوت في تعامله مع الغضب: “اعتاد أن يقول: “ما الداعي للغضب إذا كان القليل من النزق سيفي بالمطلوب؟” ويمكنك أن تقول الشيء ذاته عن القلق: “ما الداعي للرعب إذا كان القليل من التوتر سيفي بالمطلوب؟”

عندما يخرج القلق عن السيطرة ويصبح أكثر من مجرد “توتر قليل”، فبإمكانه أن يسبِّب أعراضاً موهنة من ضمنها التفكير الاستحواذي، والأرق، والصداع النصفي، ومشاكل معوية، ودوار، وغثيان، وضيق نَفَس، وخفقان في القلب. نوبات الذعر الكاملة مثل تلك التي كانت تنتاب غراسيلا هي الشكل الأقصى للقلق. وكما يمكنك أن ترى، فإن اختبار القلق بهذا الحد من الشدة يمكنه أن يضعف نوعية حياتك، وصحتك وحسن حالك.

يمكن للقلق المفرط على سبيل المثال أن يُضعف قدرتك على الشفاء. أظهرت دراسة حديثة بأن الأناس الذين يعانون من مرض المناعة الذاتية الجلدية، الصداف، والذي يتسبب بظهور صفائح حمراء حرشفية على الجلد، يستغرقون ضعف الوقت – أي تسعة عشر يوماً إضافياً – ليستجيبوا لعلاج الأشعة فوق البنفسجية إذا قلقوا كثيراً. وبالمقابل، وجدت دراسة أخرى بأن مرضى الصداف تتحسّن حالتهم على نحوٍ أسرع بكثير عندما يستمعون إلى أشرطة تأمُّل موجَّه خلال خضوعهم لعلاج الأشعة فوق البنفسجية.

ومشكلةٌ أخرى، وفقاً لرولف، هي أن القلق يمكن أن يكون مستحوِذاً جداً على الذهن بحيث إنّك تركِّز فقط على أعراض القلق ولكنك تضيِّع السبب الرئيس. إذا لم تعِ السبب وراء قلقك، فإن اتخاذ إجراء لتخفيفه سيصبح أمراً أكثر صعوبة. هناك بالطبع بضعة مصادر للقلق ليست لديك سيطرة عليها. إذاً، نعم، يمكن لكويكب بالفعل أن يرتطم بالأرض ويمحي الجنس البشري؛ ولكن القلق بشأن هذا الاحتمال سيجعلك بائساً فقط، وليس هناك مطلقاً ما تستطيع فعله حيال هذا الأمر.

وفي أحيانٍ أخرى، يمكن للقلق فعلياً أن يؤدِّي وظيفةً. إذا كان هناك خطر حقيقي، فإن التفكير بشأنه وكيف يمكنك أن تتجنبه أو تستجيب له، يمكن أن ينقذ حياتك. إن القلق انفعال مفيد طالما أنه يساعدك على القيام باختيارات أفضل للكيفية التي ستعيش بها. أما التفكير على نحوٍ استحواذي بشأن المشكلة نفسها عندما لا يأتيك ذلك بأية بصيرة إضافية ويجعلك أكثر بؤساً، فهو لا يؤدِّي أي هدف.

انخداع جهاز الإنذار البيولوجي

تبدأ نوبات الذعر عادة لدى الراشدين الشباب وقد تحدث خلال حياة المرء. وتبدأ النوبة عادة بشكل مفاجئ، لتبلغ ذروتها في غضون عشر دقائق وتدوم لنصف ساعة تقريبا. وتشتمل الأعراض على سرعة خفقان القلب وتعرق ورجفة وقصر في النفس. وقد يعاني المصاب أيضا من قشعريرة وومضات حارة وغثيان وتقلصات بطنية وألم في الصدر ودوار. كما أن الشعور بتضيق في الحلق أو مشاكل في الابتلاع هو أمر شائع.

وفي حال تكررت نوبات الذعر أو أثر الخوف من حصولها مجددا على نشاطاتك، تكون مصابا بحالة تدعى اضطراب الذعر. وتعتبر النساء أكثر عرضة للمرور بها من الرجال. والواقع أن الباحثين غير أكيدين من سبب نوبات الذعر. فمن شأن الوراثة أن يكون لها دور في هذه الحالة، أي أن احتمال تعرضك لها يتضاعف إن كان أحد أفراد العائلة المقربين سبق له أن أصيب بها.

ويعتقد كثير من الباحثين بأن استجابة الجسد الطبيعية تجاه الخطر والمتمثلة بالكر أو الفر قد تكون متورطة في هذه الحالة. فعلى سبيل المثال، إن هاجمك دبّ رمادي يستجيب الجسد تلقائيا. فيتسارع خفقان القلب والتنفس مع استعداد جسدك لمواجهة خطر يهدد حياتك. وكثير من الأعراض المشابهة ترافق نوبة الذعر. ولا وجود لمصدر توتر واضح بل ثمة ما يخدع جهاز الإنذار البيولوجي.

ومن شأن مشاكل صحية أخرى، كنوبات القلب الخطيرة أو فرط إفراز الغدة الدرقية أو التوقف عن تعاطي المخدرات، أن تسبب أعراضا شبيهة بنوبات الذعر. فإن عانيت من أعراض نوبة الذعر اقصد العناية الطبية.

خيارات العلاج

لحسن الحظ برهن علاج نوبات الذعر واضطراب الذعر عن فعالية كبيرة. فكثير من الناس يستعيدون نشاطاتهم اليومية بشكل طبيعي. وقد يشتمل العلاج على:

=  التربية: إن معرفة حقيقة التجربة التي مررت بها هي الخطوة الأولى نحو تعلّم كيفية التكيف معها. وسيزودك الطبيب بالمعلومات الضرورية ويعلمك تقنيات مكافحتها.

=  العقاقير: قد يصف الطبيب مضادا للاكتئاب، يعتبر فعالا عادة لتجنب أي نوبات مستقبلية. وفي بعض الحالات يوصف مهدّئ للأعصاب وحده أو مع عقاقير أخرى. وتتفاوت فعالية الدواء بين حالة وأخرى، كما تعتمد مدة العلاج على حدة الاضطراب ومدى تجاوب المريض له.

=  العلاج: خلال جلسات مع طبيب نفساني أو مستشار نفسي، يتم تعليم المريض مهارات لمكافحة الحالة إضافة إلى طريقة التكيف مع محفزات القلق. ولا يحتاج معظم الأشخاص إلى أكثر من 8 إلى 10 جلسات. أما العلاج النفساني الطويل المدى فلا ضرورة له عادة.

=  تقنيات الاسترخاء

نصائح طبية في علاج القلق ونوبات الذعر

● الاكتئاب، والإفراط في شرب الكحول، وداء السكر، ومرض الغدة الدرقية هي جميعاً من بين الحالات التي يمكن أن تسبِّب القلق ويجب أن تُستثنى و/أو تعالَج.

● إذا كان الغضب الواضح أو المستوى المنخفض من احترام النفس يشكِّلان جزءاً من أعراضك، فربما تعاني من اكتئاب ضمني وقد تستفيد من استشارة طبيب أو معالج نفسي.

● يمكن أن يكون العلاج النفسي وسيلة هامة لتهدئة القلق. يُرجَّح أن يكون جمع العلاج والأدوية أو العلاج واليوغا أكثر فعالية من استخدام كل طريقة بمفردها.

● رغم أن المسكِّنات في عائلة الفاليوم غالباً ما يتم وصفها لتهدئة القلق، إلا أنه بسبب التأثيرات الجانبية لها مثل النعاس والإدمان، يفضِّل معظم الخبراء عندما يضطرون لوصف أدوية، مضادات الاكتئاب مثل البروزاك أو الزولوفت.

● يمكن للتقارير الإخبارية وخاصة أخبار التلفاز أن تغذّي القلق. بدلاً من مشاهدة الأخبار لنصف ساعة في اليوم، مارس اليوغا عوضاً عن ذلك وانظر إن كنت تشعر بتحسّن.

● يقترح رولف تقليل استهلاك الطعام المعالَج، والأطعمة السريعة الجاهزة، والكيمياويات التي تزيد من تنشيط جهازك العصبي. وهو ينصح تحديداً بتقليل أو إلغاء استهلاك الكافيين، والسكر، والكحول، والنيكوتين. كما يفضِّل رولف الطعام المطهو جيداً على الطعام النيِّئ بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من القلق.

● يبدو أن الأحماض الدهنية أوميغا – 3 المتواجدة في بعض أسماك المياه العميقة وفي زيت بزر الكتان تخفِّض القلق.

● البابونج الألماني، وصبغة زهرة الآلام، وفيتامينات ب المكمِّلة، والمغنيزيوم هي جميعاً علاجات آمنة يبدو أنها تحتوي على خواص مضادة للقلق. كما ظهر أن المعالجة العطرية بروائح مثل الخزامى لها تأثير مهدِّئ.

● من التدابير الأخرى لمصارعة القلق هناك الوخز بالإبر والتمارين الهوائية المنتظمة.

● فكرة مفيدة: يشعر يعض الناس الذين هم قلقون أو مكتئبون بأنهم لا يستطيعون أن يأخذوا نَفَساً كاملاً. تعلِّم اليوغا بأن إحدى الطرق لتحسين الشهيق هي أن تركِّز على الزفير. حين تتعلّم أن تشغِّل العضلات البطنية لتضغط بلطف المزيد من الهواء إلى الخارج مع كل زفير، فستقدر على أخذ نَفَسٍ أعمق وأكثر إرضاءً

● فكرة مفيدة: إذا كانت لديك مشكلة في التنفس عبر الأنف بسبب احتقان أنفي، فجرِّب استعمال قِدر النِتي مرة أو مرتين في اليوم لغسل ممراتك الأنفية بماء مالح دافئ. ورغم أن الفكرة قد تبدو مثيرة للقلق في البداية، إلا أنّ هذه التقنية بمجرّد إتقانها تصبح سارّة ومهدِّئة.

وعلاوةً على إدراكك لنَفَسك، تُعلِّم اليوغا أيضاً إدراك أنماط التفكير. قد تكون مثلاً قادراً على تمييز أول وميض للقلق يمكنه أن يتحوّل إلى نوبة ذعر كاملة، وأن تكتشفه في وقتٍ مبكر بما يكفي بحيث تستطيع أن تتدخل بتقنية تنفس مُرخية. وتقنيةٌ أخرى مفيدة عند مداهمة ا

● فكرة مفيدة: يتخلّى بعض الناس عن التأمل قبل أن يمنحوه فرصة حقيقية لينجح لأنهم يعتقدون بأنهم لا يجيدونه. يقول رولف بأن المشكلة الأكبر تتمثَّل في ما يعتقده الناس بأن الهدف من التأمل هو إفراغ العقل. لديهم الانطباع بأن عقولهم يجب أن تصبح فارغة بطريقة ما وبأن قلقهم يجب أن يتم استبداله بذلك الفراغ. يقول رولف: “ولكن هذا لن يحدث أبداً. إنّ عملية التأمل هي عملية استبدال القلق والإلهاءات بتركيز مسترخٍ. ومن دون شك، فإن القلق والإلهاءات تتواجد في الوقت نفسه مع ذلك التركيز المسترخي”. ولكنه يقول بأن الشخص الذي يتأمل يكتسب على نحوٍ سريع نسبياً مسافةً بعيداً عن القلق والأفكار المشتّتة وسيسترخي حتى بعمق أكثر.