التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

الاكتئاب الشتوي الموسمي: أبعد عنك كآبة الشتاء

لو كان عليّ أن أسأل مائة من مرضاي الذين تم اختيارهم عشوائيا عما يشعرون به بشكل عام أثناء ليالي الشتاء الطويلة المظلمة، فإن كثيرا منهم سيقولون: مكتئب قليلا. إنهم أقرب إلى الحقيقة أكثر مما يدركون ؛ لأن كثيرا من الناس يشعرون بالاكتئاب في هذا الوقت من العام. ولقد قام أبقراط بتسجيل هذه الظاهرة قديما منذ 430 سنة قبل الميلاد، وعلى الرغم من أنه لم يطلق على هذه الحالة أي اسم، إلا أننا نسميها الآن الاكتئاب الموسمي.

وسبب انتشار تلك الحالة ليس واضحا تماما. وتؤكد جمعية الاكتئاب الموسمي فى المملكة المتحدة إن حوالي مليون بريطاني يعانون اكتئاب الشتاء الحاد، بالإضافة إلى عشرة ملايين آخرين مصابين باكتئاب الشتاء من النوع المتوسط، والأرقام بالنسبة لأستراليا هي نفسها تقريبا. إنها أرقام كبيرة، وعلى الرغم من أنه لا يمكن التصديق عليها تماما، إلا أنه من المؤكد أن أناسا كثيرين فى كلتا الدولتين وآخرين فى مختلف أنحاء العالم يعانون الاكتئاب الموسمي أثناء الشتاء فقط , وليس فى أوقات أخرى من العام.

وعندما أشخص حالة أحد المرضى بأنها اكتئاب موسمي، فإنني أبحث عن دليل يثبت وجود نوبات الاكتئاب المرضى على مدى ثلاث سنوات متتالية على الأقل ؛ لأن ذلك هو نمط سلوك الشخص طوال هذه الفترة الزمنية بدلا من الفترات الفصلية المنعزلة، وهذا هو المهم. وعادة يشعر الشخص المصاب بهذا الاكتئاب بالإجهاد , وقلة الدافعية , وفقدان الوزن أحيانا، وتغير نمط وأسلوب النوم. ويقل شيوع فكرة الانتحار مع الاكتئاب الشتوي الموسمي عنها مع أنواع أمراض الاكتئاب الأخرى، ولكن يظل الخطر قائما إذا ساءت حالة الاكتئاب.

ويتفاوت العلاج ويتنوع. فقد يتم علاج الاكتئاب الإكلينيكي بطريقة تقليدية تعتمد على مضادات الاكتئاب، ويتم اختيار المضاد المناسب لكل حالة. ولقد حققت نجاحا عظيما في استخدام العلاج بالأعشاب الطبيعية مثل مشروب عشبة القديس جون، وعشب الهيوفاريقون (يمكن شراؤه بدون وصفة طبية، ولكن استشر الطبيب قبل استخدامه)، أو أن يتم العلاج عن طريق التعرض للضوء وهو أكثر بساطة ويناسب أغلب الناس , فهم يعتقدون أن الاكتئاب الشتوي الموسمي ينتج عن نقص ضوء النهار (وربما ضوء الشمس) الذي يقلل من إنتاج المخ للمادة الكيماوية سيروتونين. واستخدام الإضاءة لاستثارة الإفراز الطبيعي لمادة سيروتونين يبدو أنه يساعد بعض المرضى. ويتم استخدام الإضاءة على نطاق واسع في الدول الاسكندينافية , لأنهم لا يستمتعون بسطوع الشمس لفترات طويلة. ويكفي العلاج بهذه الطريقة لمدة أسبوعين لإحداث تحسن في الحالة.

إن الاكتئاب الشتوي الموسمي يفسد حياة الكثير من الناس، ولكن عدم الاعتراف بالإصابة يسبب البؤس بلا داع. ويندهش كثير من المرضى عندما أقترح عليهم العلاج باستخدام الضوء، ولكن هذا العلاج ناجح جدا، حاول أن تجربه، وسوف ترى النتيجة.

إن كآبة الشتاء يمكن أن تكون شديدة، وتسبب الوهن والضعف , لذا تجنب رهبة الشتاء باستخدام أقدم العلاجات المتاحة وهو الضوء.