التصنيفات
العيون

مشاكل العين | الدموع، جفاف، رعشة، بقع سابحة، ومضات، تخيل، حساسية، عمى ليلي، تغير ألوان | الأسباب والدلائل ج2

نكمل الجزء الثاني من دلائل مشاكل العين، ولمتابعة الجزء الأول اضغط هنا.

الدموع

نعلم جميعًا أن الدموع دلالة طبيعية على الانفعالات الشديدة لكل من الحزن والفرح، لكن القليل منا من يدرك أن الدموع قد تلعب دور مهدئات انفعالية، وملينات للعينين وأن التركيبة الكيميائية والبيولوجية للدموع تختلف باختلاف الدور الذي تؤديه، حيث اكتشف العلماء مؤخرًا أن الدموع الناتجة عن انفعال تحتوي على قدر أكبر من البروتين بالإضافة إلى هرمونات معينة تُفرز عند التعرض للضغوط مما يوجد بالدموع التي تغمر العين بشكل طبيعي.

وتتكون الدموع من ثلاث طبقات، حيث تتكون الطبقة الأولى منها من المخاط اللزج (الذي يساعد الدموع على الالتصاق بالعين لحماية القرنية)، والطبقة الثانية هي الطبقة المائية (التي ترطب العين وتغذيها)، أما الطبقة الثالثة فهي الطبقة الزيتية (التي تحبس الدموع على العين وتعمل على إبطاء تبخرها).

والدموع تغسل عيوننا وتنظفها باستمرار، كما تزيل الأتربة والنفايات التي قد تدمر القرنية الحساسة، بل إنها تستطيع أن تقتل البكتريا التي تدخل عيوننا. وجدير بالذكر أن مع كل طرفة عين توزع الجفون الدموع الزيتية والمطهرة على السطح الداخلي للعينين.

العين الدامعة

قد لا يكون تدفق الدموع بغزارة على الوجه لسبب مثير للبكاء ولا للضحك أيضًا. وكما أن الأنف الراشح قد يكون دليلًا على الحساسية، فكذلك العين الدامعة؛ لذا فإذا وجدت عينيك مليئتين بالدموع دون أن يغمرك شعور بالحزن أو السعادة؛ فهذا قد يعنى أن بيئتك مليئة بالرياح، أو الأتربة، أو حبوب اللقاح.

وأحيانًا ما تكون الدموع الغزيرة علامة على نقص فيتامين بي المعروف باسم (الريبوفلافين) المهم لصحة العينين والبشرة. وقد تكون العين الدامعة أيضًا علامة على مرض الوردية، وهو مرض يسبب احمرار العين والجلد، أو قد تدل العين الدامعة على حالة أكثر خطورة مثل: انسداد القناة الدمعية، أو البوليب الأنفي، أو مرض جريفز.

العين الجافة

عندما لا تفرز العين دموعًا كافية، أو عندما تحتوي الدموع على مواد كيميائية تجعلها تتبخر سريعًا، فإننا أمام عين جافة، وهو ما يؤثر عادة على كلتا العينين. وغالبًا ما يشكو المصابون بالعين الجافة من الإحساس بوجود رمل أو خشونة في عيونهم، وهي حالة شائعة خاصة مع التقدم في العمر، وأكثر شيوعًا بين النساء، حيث يقل إفراز أجسام النساء للدهون مع تقدمهن في العمر خاصة بعد انقطاع الطمث حيث يقل إفراز هرمون الإستروجين (هرمون الأنوثة). ومع نقص إفراز المادة الدهنية لا يتمكن غشاء الدموع من منع تسرب الطبقة المائية؛ فتتبخر الدموع بسرعة.

والمفارقة هنا هي أن العين المائية قد تكون دلالة على العين الجافة، فإذا لم تكن الدموع على درجة كافية من اللزوجة لتبقى في مكانها بالعين وترطبها، فسوف تنحدر خارج العين. والعين مزمنة الجفاف كالعين الدامعة قد تدل على عدم مناسبة البيئة المحيطة، فمن يعيشون في الأماكن الحارة، أو الجافة، أو العاصفة، أو بالقمم المرتفعة، أو بالمنازل مكيفة الهواء كثيرًا أكثر عرضة للإصابة بالعين الجافة.

وقد تكون العين الجافة رد فعل لبعض أنواع العلاج أو الأدوية التي لا تتطلب وصفة طبية كمضادات الحساسية، ومضادات الاكتئاب، ومضادات ارتفاع ضغط الدم. وقد تكون العين الجافة أيضًا المتحدث الرسمي باسم جسمك لتخبرك بأنك تفرط في القراءة، أو تعمل ساعات طويلة أمام الحاسوب. كلما زاد تركيز العين وتحديقها، قل طرفها؛ وبالتالي تقل ليونتها.

وعلى الرغم من أن العين الجافة لا تمثل دلالة خطر عادة، إلا أنها قد تكون دلالة على مرض جريفز أو غيره من الأمراض المرتبطة باضطراب إفراز الغدة الدرقية، مثلها مثل العين الدامعة. وقد تشير العين الجافة أيضًا إلى الاختلالات المناعية الخطرة مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، وداء الذئبة الاحمرارية SLE – وهو خلل مزمن شديد الخطورة يتميز بفساد والتهاب العديد من أعضاء الجسم.

إذا كنت تعاني من العين الجافة، والفم الجاف، والتهاب المفاصل؛ فإن هذه المجموعة من الدلائل تشير إشارة مباشرة إلى خلل مناعي آخر يسمى (متلازمة سيوجرين)، وهو خلل يؤدى بالجسم إلى مهاجمة الغدد التي تفرز المواد المرطبة. والنساء أولى ضحايا هذا الخلل حيث إن 90% من المصابين بهذه المتلازمة من النساء، ونهاية الأربعينات هو متوسط سن بداية الإصابة بها. وما لم يتم علاجها، فقد تؤدى متلازمة سيوجرين إلى تدمير هائل في القرنية كما تؤثر سلبًا على أعضاء الجسم الأخرى خاصة الفم، والقناة الهضمية، والجهاز التناسلي للمرأة.

إذا كنت تعاني من العين الجافة ولم يجد معك العلاج، وتطرف بعينيك كثيرًا، ولديك تقلصات أخرى لاإرادية في الوجه، وتجد صعوبة في الحفاظ على عينيك مفتوحتين حتى حينما لا تشعر بالملل أو التعب؛ فكل هذا دلائل على مرض عصبي نادر يعرف باسم (متلازمة ميج). إذا لاحظت أن ذقنك يندفع للأمام أثناء طرفك بعينيك، فهذه دلالة قاطعة على متلازمة ميج، والمعروفة أيضًا باسم (تقلصات نصف الوجه)، و(متلازمة بروجيل).

ومتلازمة ميج – التي تصيب الأفراد في منتصف العمر – تؤثر على النساء أكثر من الرجال، ولكن من سوء الحظ أن المصابين بتلك المتلازمة من القابلين للعلاج غالبًا ما يساء تشخيص حالاتهم على أنها اضطراب نفسي. ومتلازمة ميج مقلقة ومحيرة أكثر منها مضعفة ومضنية في أغلب الحالات، ومع ذلك فإن التقلصات في الحالات المتقدمة منها قد تسبب إغلاق الفم مما يجعل الكلام والأكل صعبًا جدًا على المصاب. وقد تشير هذه المتلازمة – في حالات نادرة – إلى ورم في المخ.

حقيقة مهمة

تستغرق طرفة العين ثلث ثانية في المتوسط، ويطرف الإنسان حوالي خمس عشرة مرة في الدقيقة الواحدة؛ أي طرفة واحدة كل أربع ثوان.

اختلاج أو رعشة العين

هل سبق لك أن جلست في إحدى الحافلات فبدأت عيناك في الاختلاج بشكل لاإرادي؟ ربما تخشى أن يعتقد غيرك من الركاب أنك تغمز إليهم، لكن لا تقلق فعلى الرغم من أنك تحس باختلاجات عينيك وتخاف منها إلا أن الآخرين غالبًا ما لا يلحظونها. الاحتمال الأكبر إن حدث لك ذلك أنك تعاني من حالة ارتجاف الجفن، وهي تقلصات غير ضارة إلا أنها مزعجة ومحيرة تصيب جفن العين وتتم بشكل لاإرادي.

واختلاجات العين – التي قد تؤثر على الجفن العلوي أو السفلى – لا تمثل في العادة شيئًا يثير القلق، فقد يؤدى التعب، والضغوط، وتناول الكثير من الكافيين إلى إثارة تلك الحالة، وكذلك كثرة النظر إلى شاشة الحاسوب والتليفزيون، أو أي مصدر ضوء متلألئ آخر. وتلك الاختلاجات لا تستغرق إلا ثوان قليلة، وقد تستمر لعدة أيام، وقد تأتى وتذهب.

وعلى الرغم من أن ارتجاف الجفن حالة حميدة في المعتاد، إلا أنها قد تكون علامة مبكرة على متلازمة ميج التي تتشابه معها كثيرًا، مع اختلاف أن حالة تشنج عضلات الجفن ينغلق فيها الجفنان بإحكام ولا يتقلصان. وغالبًا ما تكون العينان فيها مثارتين وحساستين جدًا للضوء، وعلى عكس الارتجاف العضلي، فإن عدم علاج تشنج عضلات الجفن قد يؤدى إلى إعاقة شديدة للرؤية.

دلالة توقف

تستخدم الكينا (على شكل فوار) منذ زمن طويل لإيقاف اختلاجات العين، أما إذا لم تكن تفضل مذاقها فإن الضغط الطفيف على موضوع الاختلاج قد يفيد ولو بشكل مؤقت على الأقل. وغالبًا ما يتوقف الاختلاج بعد ليلة من النوم الهادئ، أو عندما يقل التعرض للضغوط (ومن المثير أن الفوار قد يخفف أيضًا من التشنجات الليلية للساق والقدم).

العين سريعة الحركة

إذا رأيت شخصًا ذا عينين سريعتي الحركة، فستظنه على وشك ارتكاب أمر غير جيد، ومع ذلك فقد تكون عيناه سريعتا الحركة دليلاً على تخطر المقلة – وهي حالة ارتجاف لاإرادي لمقلة العين تصيب كلتا العينين في العادة، وقد تصيب إحدى العينين أو كلتيهما بالحركة للخلف وللأمام، أو أعلى وأسفل، أو – حتى – للدوران في حلقات، وقد تحدث هذه الحركة بصورة عرضية أو ثابتة تستغرق من دقائق قليلة وحتى عدة ساعات. والمصابون بتخطر المقلة قد لا يدركون إصابتهم إذا لم تؤثر على رؤيتهم أو ينبههم أحد لها.

وقد يكون تخطر المقلة دلالة على مرض جريفز، كما قد تدل أيضًا على اضطرابات الأذن الداخلية مثل (مرض مينيير Ménière’s Disease). وأخيرًا، أحيانًا ما يكون تخطر المقلة دلالة على حالات أكثر خطورة مثل السكتة الدماغية أو ورم المخ.

البقع السابحة

هل سبق لك أن لاحظت بقعًا أو حبيبات تسبح أمام عينيك؟ ربما اعتقدت في هذه الحالة أن بعينيك أتربة أو شيئًا أسوأ منها لكنك لا تستطيع أن تحس به، وإذا حاولت أن تدعك تلك البقع السابحة، فإنها تظل كما هي إن لم تصبح أسوأ؛ وذلك لأن ما تراه ليس أتربة ولا حبيبات في الهواء، بل غالبًا ما تكون “بقعًا سابحة”، أو تعتيمًا كما يعرف طبيًا.

وقد تبدو البقع السابحة كالحبيبات، أو خيوط العنكبوت، أو الشعيرات، أو كذرات ترابية، أو حشرات دقيقة التي تنزلق عبر مجال رؤيتك، إلا أنها ليست موجودة فعليًا على سطح العين وهذا هو السبب في عدم اختفائها حينما تدعك عينيك. إن تلك البقع هي مجموعات دقيقة من السائل الزجاجي – وهو سائل يشبه الجيلي داخل مقلة العين. والغالب أن يلاحظ المصاب تلك البقع السابحة حينما ينظر مباشرة لخلفية صلبة لألوان الضوء مثل حائط أبيض أو السماء الزرقاء الصافية. ولا تستمر تلك البقع عادة إلا ثوان أو دقائق قليلة، كما أنها تأتى وتذهب مع تغييرات وضع الرأس. وعلى الرغم من أنها عادة ما تكون دائمة إلا أن الكثيرين يتوقفون عن ملاحظتها بعد مدة قصيرة.

إذا كانت تلك البقع تضايقك، فاعلم أنك لست وحدك من يلاحظها، فجميعنا تقريبًا يرى تلك البقع من حين إلى حين، مع ذلك فإن قصار النظر ومن تعرضوا لجراحات بالعين أكثر رؤية لها. والبقع السابحة عادة ما تظهر لأول مرة أثناء المراهقة ثم تتزايد باستمرار مع التقدم في العمر؛ لأن السائل الزجاجي ينسحب من شبكية العينين مع تقدم العمر، حيث تنفصل ذرات صغيرة من المادة الهلامية وتطفو عبر مجال الرؤية.

وعادة ما تكون البقع السابحة من الدلائل المزعجة على تقدم العمر، إلا أنها أحيانًا ما تكون دلالة على مشكلة خطيرة خاصة إذا زادت رؤية المصاب لها أكثر من المعتاد، أو إذا صار يراها أكبر حجمًا، أو بدأ يلاحظها عندما نظره لخلفية فاتحة أو غامقة على السواء، أو يرى مجموعة منها في موضع واحد. كل ما سبق دلائل مبكرة على الإصابة بالمياه البيضاء، أو التهاب العينين، أو نزيفهما، أو غير ذلك من المشكلات الحادة للعينين. أما إذا كان هناك وابل فجائي من تلك البقع، فهذا قد يشير إلى شىء أكثر خطورة مثل تمزق الشبكية أو انفصالها. وانفصال الشبكية حالة مرضية طارئة تتطلب علاجًا فوريًا؛ لأنها قد تؤدى إلى العمى الدائم إن لم يتم علاجها أو أسىء تشخيصها.

دلائل خطر

إذا تعرضت رؤيتك لتغير مفاجئ – خاصة إذا رأيت الأشياء مضاعفة، أو صارت رؤيتك ضبابية – فلابد أن تستدعى الطبيب فورًا أو تتوجه لغرفة الطوارئ. أما إذا كنت قد تعرضت لإصابة حديثة برأسك أو بوجهك، فإن هذا قد يكون علامة على الارتجاج، وإن لم يكن الحال كذلك، فهذا التغيير قد يكون علامة على حالة خطيرة تتطلب رعاية طبية فورية.

الومضات

إذا كان قد سبق لك أن ارتطم رأسك بشىء، فمن المحتمل أنك رأيت لمعانًا، وومضات ضوء وهو ما يعرف طبيًا باسم شرر العين. وقد يُرى هذا الشرر سواء كانت العين مغمضة أو مفتوحة لكنه غالبًا ما يظهر في الرؤية المحيطية، ولا يستمر إلا لثوان قليلة. ويقول البعض إن تلك الومضات تشبه الشهب، ويصفها البعض الآخر بأنها “وابل من الومضات”.

إن الإحساس برؤية أضواء وامضة يطلق عليه اسم فوتوبسيا (وهو عبارة عن تولد نور أو وميض بالعين بسبب تهيج خلايا الشبكية). وأحيانًا ما يصاب الطلبة والكتاب الذين يسهرون لأوقات متأخرة عندما لا يحصلون على قسط كاف من النوم أو بعدما يقضون الليل كله سهارى بهذا الإحساس. وبالإضافة إلى الارتطام الشديد للرأس، فقد يؤدى العطس أيضًا، أو الحك الشديد للعينين لرؤية ذلك الوابل من الومضات.

أما الومضات العرضية فهي أمر طبيعي وعادةً ما لا توجب القلق. وغالبية الومضات – مثل البقع السابحة – علامة طبيعية على التقدم في السن، ومع ذلك فإن الوميض الضوئي المستمر والمتكرر قد يدل على انخفاض ضغط الدم خاصة إذا كانت هذه الومضات تحدث مع وقوف المصاب بسرعة وبصورة مفاجئة، وقد يدل الوميض الضوئي أيضًا على احتمالية تعرض المصاب لصداع نصفي، والحق أن الومضات هي أكثر الدلائل المرئية شيوعًا – وتسمى “الهالة” – للصداع النصفي وشيك الحدوث. ويعود سبب تلك الومضات إلى تقلصات الأوعية الدموية بالمخ.

والعجيب أن بعض من يعانون من الصداع النصفي قد يرون هالات مرئية ولا يحسون بصداع (الصداع النصفي لا يتضمن دائمًا ألمًا بالرأس)، وإضافة إلى ما يسببه من ومضات بالعين فقد يسبب هذا النوع من الصداع النصفي – الذي يسمى أحيانًا بالصداع النصفي الدموي – اضطرابات مرئية أخرى بالإضافة إلى غثيان، واحتقان الأوعية الدموية الأنفية. ويصاب بعض من يعانون من الصداع النصفي العيني بالصداع النصفي في سنوات لاحقة.

دلائل خطر

قد تكون الزيادة في الومضات – الومضات المصحوبة بالبقع السابحة – علامة على تمزق الشبكية أو انفصالها، أو انفصال حاد في الجسم الزجاجي. وجميع هذه الحالات تتطلب رعاية طبية فورية، وهذه الومضات قد تستمر لعدة أشهر حتى عندما يتم علاج تلك الحالات.

دلالة تحذير

اكتشفت المؤسسة الشهيرة Nurses› Health Study – المعنية بصحة النساء – مؤخرًا أن النساء اللائي يعانين من الصداع النصفي المسبوق بهالة مرئية أكثر عرضة للنوبات القلبية والسكتات الدماغية، لكن الأبحاث لم تثبت هذه الحقيقة العلمية بعد بالنسبة للرجال.

تخيل الأشباح

إن رؤية البقع السابحة والومضات شىء مختلف عما سنطرحه هنا. ماذا لو بدأت ترى زهورًا خيالية، أو أسرابًا من الطيور، أو السناجب وهي تمرح، في حين أن تلك الأشياء لا وجود فعلى لها؟ لا تذهل، فالاحتمال أنك لم تجن، بل تحس بالدلائل التقليدية لـ (متلازمة شارل بونيه). وفى هذه الحالة يتعرض فيها الأصحاء عقليًا لرؤية الأشباح، وهي إحدى صور الهلاوس البصرية. لقد قال بعض المصابين بهذه المتلازمة إنهم رأوا تخيلات سارة كمجموعات من الأطفال، أو قطيع من الحيوانات، أو أنماط بصرية زاهية، أو حتى مناظر ريفية جميلة. وهذه التخيلات قد تستمر لثوان أو دقائق قليلة، كما أنها قد تتكرر بشكل دوري على مدار أشهر أو حتى سنوات.

ويزعم البعض أنهم لا يتمتعون بتلك التخيلات فحسب، بل ويغيرونها بحسب رغبتهم في حين يعتبرها آخرون مخجلة ومخيفة لدرجة قد تفقدهم عقولهم، ومن يعانون من متلازمة بونيه – على عكس المرضى العقليين – على دراية بأن تلك التخيلات ليست حقيقية، كما أن هذه التخيلات لديهم لا تصحبها أبدًا هلاوس سمعية – وهي الدلالة الشائعة في حالات المرض العقلي.

إن من يعاني من تخيلات الأشباح معرض لفقدان الرؤية أكثر من فقدان العقل. والحق أنه في أغلب الحالات تكون رؤية الأشباح دلالة على ضعف الرؤية أو غيرها من مشاكل العيون مثل المياه الزرقاء، والمياه البيضاء، والتآكل البقعي المرتبط بالتقدم في السن بصفة خاصة. ويعتبر التآكل البقعي المرتبط بالتقدم في السن (AMD) أحد أكثر الأمراض الشائعة، بل هو مرض تآكلي خطير في العين وهو السبب الرئيسي في فقدان الرؤية لدى الراشدين. وأكثر الفئات عرضة للإصابة به هم النساء، وذوو البشرة البيضاء، وذوو العيون الملونة، والمدخنون والبدناء، وتجدر الإشارة إلى أن (AMD) قد يكون وراثيًا.

أما في حالة حدوث رؤية الأشباح لدى الأفراد ذوي الرؤية الطبيعية فهذا قد يكون علامة على مرض الزهايمر، أو الشلل الرعاش، أو السكتة الدماغية، أو غيرها من الحالات العصبية، والمؤسف أن من يصاب برؤية الأشباح غالبًا ما يتردد في إخبار الطبيب لخوفه من أن يصنفه على أنه يعاني من مرض نفسي، أو عقلي، أو أنه مدمن مخدرات؛ وبالتالي لا يتلقى هؤلاء العلاج المطلوب الذي يساعدهم على حماية حاسة الإبصار أو علاج السبب الأساسي لحالتهم.

دلالة تحذير

إليك العلامات الدالة على التآكل البقعي المرتبط بالتقدم في السن:

● الرؤية الضبابية.
● ضعف الرؤية الليلية.
● ظهور الخطوط المستقيمة بشكل متموج أو ملتوية.
● ضعف مركز الإبصار أو وجود بقع بيضاء بمركز مجال الرؤية.
● صعوبة تمييز الوجوه.
● صعوبة التكيف مع الضوء الضعيف.
● زيادة صعوبة الرؤية من بعد.
● صعوبة تمييز الألوان أو حتى رؤية الألوان أقل وضوحًا.
● زيادة صعوبة القيام بأنشطة مليئة بالتفاصيل مثل الحياكة أو القراءة.
● رؤية الأشباح.

ورؤية الأشباح حالة شائعة بين من يعانون من ضعف الرؤية حيث تتراوح نسبتها بين 10%: 40%. ويُعتقد أن رؤية الأشباح حالة مشابهة لأشباح الأطراف (phantom limbs) – وهي إحساس مبتوري الذراع أو الساق بالعضو المبتور بعد عملية البتر – كما أنها قد تكون مشابهة لمحاولة العين الضعيفة تعويض فقدان الرؤية باستدعاء الصور الماضية. والجدير بالذكر أن تحسين إضاءة المنزل قد يساعد المصاب على التحرر من تلك التخيلات، والمثير هنا أن بعض من يعانون من تلف الرؤية لا يستطيعون أن “يروا” الأشباح حينما يصابون بالعمى الكلى.

دلالة تحذير

إذا لاحظت أن لديك صعوبة في رؤية الأشياء المجاورة لك، أو أنك تفقد الرؤية المحيطية، فهذا قد يكون تحذيرًا بالإصابة بالمياه الزرقاء، أو تلف الشبكية، أو حتى السكتة الدماغية.

الحساسية للضوء

إن الشمس تجعلنا جميعًا ننظر بجانب عيوننا، وتلك هي الظاهرة المعروفة طبيًا باسم “الخوف من الضوء”، أما إذا لاحظت أنك تستر عينيك، أو تحضر نظارتك الشمسية أكثر مما كنت تفعل من قبل، وأنك حساس للإضاءة الداخلية في المنزل، فإن خوفك من الضوء في هذه الحالة قد يكون إشارة لعدة حالات مرضية. والحساسية للضوء أكثر شيوعًا بين ذوي العيون الزرقاء ومن يعانون من الصداع النصفي.

وقد يشير الخوف من الضوء لعدد من اضطرابات العين مثل المياه البيضاء، وانفصال الشبكية، وخدوش القرنية، كما قد تكون رد فعل مضادًا لعقاقير مثل تتراسيكلين، ودوكسيسيكلين، وبيلادونا، بل والكينا. وقد يكون الخوف من الضوء دلالة على نقص فيتامين ب2. والحساسية للضوء قد تدل أيضًا على إدمان الكحوليات أو الكوكايين، أو تعاطى الأمفيتامينات أو غيرها من العقاقير.

وأحيانًا ما يدل الخوف من الضوء على بعض الحالات الخطيرة ولكنها قابلة للعلاج مثل الحصبة، وارتفاع ضغط الدم، ومرض جريفز، كما قد تدل أيضًا على الأمراض المهددة للحياة مثل الالتهاب السحائي، والتهاب المخ، والتسمم الغذائي بميكروب بوتيولينم، والسعار، والتسمم بالزئبق. ومع ذلك، فإنك تعاني من دلائل أكثر خطورة علاوة على الحساسية من الضوء إذا كان لديك أي من تلك الاضطرابات المميتة.

العمى الليلي

قد يتسلل العمى الليلي إلينا تدريجيًا، حيث تزيد معه صعوبة رؤيتنا للأشياء في الظلام. وعدم الرؤية الجيدة في الظلام – والمعروف طبيبًا باسم العشى الليلي – علامة أخرى من العلامات الطبيعية والمزعجة لتقدم السن.

والعمى الليلي علامة شائعة أيضًا على الإصابة بالمياه البيضاء كما أنه إحدى الدلائل التحذيرية المبكرة على نقص فيتامين أ (الريتينول) الذي قد يؤدى إلى جفاف شديد للقرنية وفساد الشبكية.

أما الشباب الذي يعاني من العمى الليلي، فإن هذا قد يكون الدلالة الأولى على إصابته بالحالة الوراثية المعروفة باسم التهاب الشبكية الصبغي – وهو مرض تحللي للشبكية والذي قد يؤدى إلى إتلاف شديد للرؤية في بعض الحالات.

تغير رؤية الألوان

إن رؤية الأشياء بألوان مختلفة لدى المدمنين وغيرهم ممن يتعاطون عقاقير مسببة للهلوسة شىء شائع، أما إذا لم تكن واقعًا تحت تأثير مخدر أو عقار فإن رؤيتك غير الطبيعية للأشياء بألوان غير لونها الحقيقي قد يكون علامة تحذيرية مبكرة على مرض العين الناتج عن الداء السكرى. كما يمكن للتذبذب الطفيف في مستويات السكر بالدم أن يؤدى سريعًا إلى تلك التغيرات بالرؤية. لكن، إذا كنت تعاني من مرض السكرى فإن هذه التشوهات في رؤية الألوان قد يصعب عليك رصد مستويات السكر بالدم باستخدام الشرائط الملونة لقياس السكر في البول؛ لذلك فهذا سبب آخر يدعو للتوقف عن تناول الحلوى.

دلالة تحذير

ليس من الغريب على الرياضيين الذين يعانون من داء السكرى أن يعانوا من تغيرات في رؤية الألوان الواضحة بعد ممارسة التمارين أو المباريات القوية، وهذا قد يكون دلالة تحذيرية مبكرة على مرض العين المصاحب لداء السكرى.

أما إذا بدأت ترى الأشياء باللون الأصفر، فإنك قد تكون مصابًا بنوع من الخلل في رؤية الألوان يسمى الرؤية الصفراء، والرؤية الصفراء قد تكون دلالة تحذيرية على أنك تعانى من داء الصفرة أو اليرقان الناتج عن مرض خطير بالكبد، إن رؤية اللون الأصفر أو الهالات المضيئة أو كليهما معًا حول الأشياء أثناء تعاطى الديجتالس (نوع من العقاقير شائعة الاستخدام لعلاج أنواع معينة من مرض القلب)، قد يكون دلالة تحذيرية على أنك تعانى من تسمم الديجتالس – وهو حالة مرضية حرجة قد تؤدى إلى قصور وظيفي بالقلب، ثم إلى اضطراب في نبضات القلب، ثم إلى الوفاة.

إذا بدأ الزوج في رؤية الأشياء باللون الأزرق، فإن هذا ليس ناتجًا بالضرورة عن حالة اكتئاب يمر بها، بل قد يكون علامة على أنه يسرف في المتعة. إن رؤية صبغة زرقاء على الأشياء – وغالبًا ما تكون مصحوبة بحساسية للضوء – أحد أكثر الآثار الجانبية شيوعًا للعقاقير المنشطة والتي تستخدم لعلاج الاختلال الوظيفي الانتصابي.

دلالة تحذير

إذا كنت تتعاطى عقاقير لعلاج الاختلال الوظيفي الانتصابي وشعرت فجأة بأنك لا تستطيع أن ترى بإحدى عينيك أو بكليهما، فتوقف عن تعاطى تلك العقاقير، واستدعِ الطبيب فورًا؛ لأن هذا قد يكون علامة على القلة الدموية الموضعية غير الشريانية بالعصب البصري (NAION) – وهي حالة قد تؤدى إلى العمى. لذلك؛ يُنصح الرجال الذين يعانون من أمراض الشبكية أو غيرها من أمراض العينين أن يتجنبوا تلك العقاقير تمامًا.

الخاتمة

إن دلائل العين التي تناولناها في هذا الموضوع إما أن تتطلب رعاية طبية أو لا؛ لذلك إذا كانت لديك أية شكوك، فينبغي أن تذهب لطبيب العيون بأسرع ما تستطيع، أما إذا كنت تعاني من دلائل تتضمن الألم، أو تغيرات مفاجئة في الرؤية (وبخاصة الغثيان والتقيؤ)، أو ترى ومضات ضوء مستمرة؛ فينبغي عليك أن تذهب للطبيب فورًا.

والمؤكد أن حرصك على الفحص الطبي المنتظم لعينيك – سواء كنت تعاني من دلائل العين أم لا – سيساعدك ليس على الحفاظ على سلامة إبصارك فحسب، بل سيساعدك أيضًا على اكتشاف الدلائل الأولى على العديد من المشكلات الطبية الأخرى. وغنى عن القول إن الفحوصات الدورية للعين المنتظمة مهمة جدًا خاصة إذا كنت تعاني من داء السكرى. والقائمة التالية تتضمن إخصائي العيون الذين يشخصون أو يعالجون العين ومشكلات الإبصار أو يشخصونها ويعالجونها معًا:

● طبيب العيون: هو الطبيب المختص بتشخيص وعلاج أمراض العيون واضطراباتها.

● إخصائي قياسات بصرية: ليس طبيبًا، بل متخصص في قياس قوة الإبصار، ومُدرب متخصص في علاج حالات الإبصار باستخدام النظارات، والعدسات اللاصقة، الأدوات المساعدة لضعاف البصر، وعلاج الإبصار. وإخصائي القياسات البصرية يستطيع فحص حالات المياه الزرقاء، والمياه البيضاء، والتحلل البقعي، كما يستطيع أن يصف العلاج لبعض أمراض العيون.

● فني البصريات: هو أيضًا ليس طبيبًا، بل فني بصريات متخصص في صنع وتعديل النظارات وغيرها من الوسائل البصرية الأخرى التي يوصى بها طبيب العيون أو إخصائي القياسات البصرية.