احتل الأنف مكانة بارزة عبر التاريخ الإنساني، فقد حاول البدائيون استرضاء آلهتهم من خلال إشعال البخور ذي العطر، كما أن العطس من الأنف كان بعض القدماء يعتبرونه نذيرًا بكارثة صحية بينما اعتقد أرسطو وأتباعه من الإغريق أن العطس فأل خير.
وقد أدركت الثقافات القديمة القيمة الجمالية للأنف جميل المظهر، ويعود أقدم تسجيل لوظائف الأنف لما سجله الأطباء المصريون على ورق البردى عام 3000 ق. م. وفى حوالي عام 600 ق. م أتقن الجراح الهندى “سوشروتا” التعامل مع جراحة الأنف للتعامل مع الحالات التي لا تحصى من الأنوف المقطوعة آنذاك على أيدى العصابات المتوحشة من قطاع الطرق الذين كانوا يذلون ضحاياهم بالإضافة إلى سرقتهم. والمعروف أن بتر الأنف كان وسيلة العقاب الشائعة في تلك الأيام للأزواج غير المخلصين.
وطالما اعتمد قياس معيار الجمال وقوة الشخصية على حجم وشكل الأنف المرء، ففي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر – مثلًا – كان أشباه العلماء المعروفين بعلماء الفراسة يصفون البنية الأخلاقية وطبيعة الشخصية للأفراد بناء على شكل وحجم أنوفهم، وآذانهم، وغيرها من أعضاء الجسم المرئية.
ويلعب الأنف دورًا أساسيًا ليس في نظرة العالم لنا فحسب، بل وفى نظرتنا نحن للعالم؛ فأنوفنا هي ما يجعلنا نشم رائحة الورود، كما أنها تساعدنا على أن نستمتع بمذاق الأطعمة والمشروبات المفضلة لدينا بفضل الارتباط الوثيق بين حاسة الشم والتذوق.
ومع ذلك فقد يشم الأنف أيضًا رائحة المتاعب، حيث إن ما يشمه الأنف وما لا يشمه – بالإضافة إلى ما يخرج منه – قد يدلنا على المتاعب التي تحدث بداخل أجسامنا، بل إن شكل الأنف نفسه قد يمدنا بإشارات عن حالتنا الصحية.
احمرار الأنف
قد يربط الأطفال بين الأنف الأحمر والمهرج، إلا أن البالغين يدركون جيدًا أن احمرار الأنف دلالة عامة على السفعة الشمسية، أو الحساسية، أو نزلات البرد. وقد يكون احمرار الأنف دلالة على مرض الوردية الجلدي، وهو حالة احمرار غير طبيعي للجلد، وأحيانًا ما يكون احمرار الأنف دلالة تحذير على الإسراف في تعاطى الكحوليات، فالكحوليات تسبب تمدد الأوعية الدموية القريبة من سطح الجلد مما يعطى الجلد اللون الأحمر.
انتفاخ الأنف
يرى غالبية الناس أن الأنف الكبير، الأحمر، كروي الشكل دلالة على إدمان الكحوليات، وهذا الاعتقاد قد يكون صحيحًا إلا أن هناك عددًا لا بأس به ممن لا يتعاطون الكحوليات يعانون من تلك الحالة المعروفة باسم الأنف المطرقي، وهي حالة يكاد يقتصر حدوثها على الرجال فوق الأربعين. والأنف المنتفخ حالة حادة من مرض الوردية الجلدي رغم أنها أقل شيوعًا منه.
وعادة ما تصحب تلك الحالة دلائل أنفية أخرى مثل زيادة أو كثافة سُمك جلد الأنف. ونتيجة زيادة عدد الغدد الدهنية بالأنف لدى المصابين بهذه الحالة، تكون بشرتهم شمعية، ودهنية، وصفراء اللون.
ورغم أن الأنف المنتفخ حالة حميدة طبيًا إلا أن منظره القبيح قد يسبب حرجًا ومشكلات اجتماعية. قد تكون عمليات التجميل خيارًا متاحًا لمن يعاني من هذه الحالة إلا أنها قد ترتد مرة أخرى.
التجعيد فوق الأنف
هل سبق أن رأيت شخصًا ذا تجاعيد على قصبة أنفه؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فإن هذه الحالة قد تكون علامة على الحساسية الشديدة للأنف، وهذه التجاعيد تنتج عما يسمى التحية الأنفية، حيث إن المصابين بالحساسية الشديدة – وخاصة من مر على إصابتهم بها عام كامل – غالبًا ما يحاولون التخفيف من الألم في أنوفهم بحكها باستمرار براحة اليد مما يؤدى إلى ظهور التجاعيد والثنيات على قصبة الأنف.
العطس من الشمس
جميعنا يعلم أن الأتربة، والقشور الدقيقة الهائمة، وحبوب اللقاح، والفلفل الأسود، والعطور مثيرات للعطس، ولكن ماذا عن الشمس؟ إذا كنت تعطس حينما تتعرض للشمس، فاعلم أنك لست وحدك، فهناك حوالي 25% من الناس يتعرضون لتلك الدلالة المعروفة بأسماء عدة منها: عطس الانعكاس الضوئي، وعطس الانعكاس الشمسي، وأخيرًا وليس آخرًا (متلازمة ACHOO). وعلى الرغم من أن السبب الحاسم لتلك الظاهرة لم يعرف بعد، إلا أنها قد تكون راجعة إلى انتقال دلالات الرؤية وعلامات الشم المنعكسة إلى العقل. وتجدر الإشارة إلى أن متلازمة ACHOO قد تم وصفها منذ عهد الإغريق إلا أنها لم تلعب دورًا في الأوساط العلمية لأنها شائعة جدًا وليس لها دلالة طبية، بل وعادة ما يتجاهلها من يعاني منها؛ لأن هذا الهيجان الأنفي يتوقف بنفس السرعة التي يبدأ بها.
عدم القدرة على العطس
على الرغم من أن العطس دلالة صحية على أن الأنف يقوم بدور فعال في تنظيف نفسه من الفضلات الأنفية والمواد المتطفلة، إلا أن عدم القدرة على العطس حينما تحس بالحاجة لذلك ليس بالشىء الذي يستهان به، فقد يكون دلالة على ورم بالمخ، وأحيانًا ما يجد من يستشفون من السكتة الدماغية صعوبة في العطس، الجدير بالذكر أن أحد الإخصائيين النفسيين بالهند وجد أن عدم القدرة على العطس علامة شائعة بين مرضى الفصام العقلي، والمصابين بالاكتئاب الشديد.
الشخير
قد يكون بإمكانك ألا تعير العطس من الشمس اهتمامًا، إلا أن هذه الرفاهية لا تتوفر مع الشخير، فقد لا تستطيع الاستغراق في النوم؛ لأن زوجك يبدو كمن يعزف سيمفونية عبر أنفه أثناء نومه، وتلك المقطوعة الموسيقية الأنفية قد تؤدى بمن ينام مع الشخص بالفراش إلى الجنون فلا يجد بدًا من الانتقال إلى أريكة حجرة المعيشة، أو أريكة المحلل النفسي، أو حتى أريكة مستشار الشئون الزوجية.
وقد يكون الشخير لدى البعض دلالة مزعجة ومحذرة من تعاطى الكحوليات خاصة قبل النوم، حيث يصدر تلك الأصوات المزعجة من الأنف، وقد يدل الشخير أيضًا على الإفراط في تناول الطعام؛ لذلك فإن زيادة الوزن والشخير في النوم متلازمان غالبًا.
إلا أن الشخير قد يكون شيئًا أكبر من مجرد مصدر للإزعاج، أو شيئًا ناتجًا عن سلوك يمكن تغييره، فقد يشير إلى عدد من الحالات المرضية التي يزداد خطورة بعضها على البعض الآخر، فقد يكون – ببساطة – دلالة على احتقان الأنف بسبب البرد أو الحساسية، كما قد يكون دلالة على انسداد الأنف الناتج عن انحراف غشائه (البناء الذي يقسم الأنف من الداخل إلى قسمين)، أو عن الحجم الكبير على غير العادة للقرينتين (الأبنية العظمية الأنفية المغطاة بالأغشية المخاطية، والتي تساعد على تدفئة وتنقية الهواء قبل دخوله الرئتين). والأخطر من ذلك أن الشخير قد يشير إلى كبر حجم لوزتى الزور، أو أشباه الغدد، أو اللسان، أو طول اللهاة (وهي الجزء المدلى خلف الحلق) كما قد يدل أيضًا على ورم – سواء كان سرطانيًا أم لا – يعيق تدفق الهواء عبر الأنف.
وقد يكون الشخير رسالة من الجسم بأن المصاب ربما يعاني من الحالة الحرجة والخطيرة للاختناق أثناء النوم، حيث قد يتوقف التنفس أو يصبح ضحلًا جدًا، وقد يحدث هذا التوقف للتنفس عدة مرات في الساعة مما يسبب هبوطًا حادًا للأكسجين لدرجة تؤدى بالجسم إلى حالة طبية حرجة، حيث تزيد سرعة خفقان القلب ويرتفع ضغط الدم بشدة، والأسوأ من ذلك أن التذبذب في مستويات الأكسجين قد يؤدى إلى التهاب في الشرايين وانسدادها، كما قد يؤدى الشخير أيضًا إلى تعرض المرء لنوبة قلبية أو سكتة دماغية.
يذكر أن حالة الاختناق أثناء النوم تنتقل بالوراثة أحيانًا، كما أنها أكثر شيوعًا بين الرجال عن النساء، والفئات الأكثر عرضة لهذه الحالة المرضية هم الأمريكيون من أصول أفريقية، وسكان جزر المحيط الهادي، والأمريكيون من أصول مكسيكية أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة من غيرهم من الأمريكيين من ذوي الأصول اللاتينية، فضلًا عن أن زيادة الوزن ووجود دهون حول الرقبة تجعل المرء أكثر عرضة للإصابة بها.
حقائق مهمة
• لا تقتصر خطورة الاختناق أثناء النوم على عدم قضاء وقت كافٍ من النوم، فمن يعانون من الاختناق أثناء النوم أكثر عرضة من غيرهم بنسبة 2: 7 أضعاف لحوادث السيارات، فضلًا عن أن الرجال منهم قد يجدون أن قدرتهم على المعاشرة الزوجية تتعرض لهبوط فجائي كبير.
• يعاني نصف البالغين الطبيعيين تقريبًا من الشخير من وقت لآخر، وتبلغ نسبة من يشخرون دائمًا 25%، والرجال أكثر شخيرًا من النساء.
دلالة تحذير
إذا كنت ممن يشخرون وقرر الأطباء ضرورة إجرائك عملية جراحية، فلابد أن تخبر الجراح وطبيب التخدير بهذه المعلومة؛ لأن الشخير عادة ما يدل على الاختناق أثناء النوم، والتخدير قد يمثل خطورة على من يعانون من هذه الحالة؛ لذلك لابد من أخذ الاحتياطات اللازمة.
الأنف شديد الرشح
إن حالة الرشح الشديد للأنف عادة ما تكون دلالة على البرد الطفيف أو الحساسية، إلا أن الأنف الراشح باستمرار قد يكون دلالة تحذيرية على تعاطى الكوكايين، أو الهيروين، أو غيرها من المخدرات.
أما إذا لم تكن من مدمني المخدرات، ولا تعاني من البرد أو الحساسية وكان هناك رشح لمادة مخاطية من أنفك باستمرار، فإن هذا قد يشير إلى حالات خطيرة كالأورام.
إذا كانت إفرازات الأنف كثيفة ومتغيرة اللون، فقد يكون هذا دلالة تحذيرية على التهاب الجيوب الأنفية، خاصة إذا كانت رائحة النفس كريهة، ومصحوبة بألم أو حمى. وقد تدل صعوبة التنفس وضعف حاسة الشم أيضًا على بوليب الأنف. ورغم أن بوليب الأنف ليس سرطانيًا في العادة، إلا أنه قد يعيق التنفس، وعلى الرغم من إمكانية إزالته جراحيًا إلا أنه يعاود الظهور خلال فترة قصيرة.
دلائل خطر
إذا انتابتك حالة من سيلان الأنف بعد إجراء جراحة بالرأس، فاستدع الطبيب فورًا؛ لأن هذا قد يكون دلالة على تمزق بالجمجمة.
حقيقة مهمة
العطس المفرط – رغم ندرته – يحدث بمعدل ألفى عطسة في اليوم. ويُعتقد أن هذه الحالة المرهقة ذات أصول نفسية، وتصيب صغار المراهقات تحديداً.
دلالة تحذير
قد يكون للمصابين ببوليب الأنف حساسية للأسبرين وغيره من العقاقير غير السيترويدية المضادة للالتهاب مثل إيبوبروفين (المعروف تجاريًا باسم أدفيل، وموترين)، ونابروكسين (المعروف تجاريًا باسم أليف) وينبغي على هؤلاء تجنب استخدام تلك العقاقير إلا تحت إشراف الطبيب نظرا للفعل المنعكس شديد الحساسية لهذه العقاقير.
الأنف الجاف
قد يكون الأنف الجاف بنفس درجة هياج الأنف الراشح، وعلى الرغم من أن هذه الحالة ليس بها ما يقلق إلا أنها قد تكون دلالة على متلازمة سيجورجين، وهي حالة نادرة الحدوث لكنها مرض مناعي خطير يعيق إفراز المادة المخاطية واللعاب. وإذا لم يتم علاج متلازمة سيجورجين – التي تصيب النساء بشكل أساسي – فقد تؤدى إلى مشكلات في العينين، والجهاز التناسلي، وغيرها من المشكلات العضوية.
وقد يدل الأنف الجاف أيضًا بصفة عامة على استخدام (أو الإسراف في) بعض أدوية الزكام، والربو وغيرهما من مشاكل الأنف، فهذه الأدوية تحتوي على مضادات الهستامين، والأدوية التي تُرش في الأنف، وموسعات الشعب الهوائية – لاسيما الذي يحتوي على الأتروبين المرخي للعضلات.
وإذا كان أنفك جافًا بشكل مزمن، ويابسًا جدًا، فربما أنك تعاني من حالة نادرة تسمى متلازمة الأنف الفارغ. وقد اكتشفت هذه المتلازمة أساسًا بين من خضعوا لجراحات كبرى في الجيوب الأنفية، أو غيرها من الجراحات الأنفية لأسباب طبية أو تجميلية، حيث يتم إزالة الكثير من القرينات بطريق الخطأ أثناء الجراحة؛ فيصبح الأنف خاليًا بالمعنى الحرفي للكلمة. وقد تتحطم القرينات أيضًا أثناء العلاج بالإشعاع أو نتيجة إصابة للأنف. ويعرب من يعانون من هذه المتلازمة عن شعورهم بالخوف من عدم قدرتهم على الحصول على ما يكفي من الهواء أثناء التنفس. والعجيب أنهم يحسون بأن أنوفهم خالية ومسدودة في وقت واحد.
دلالة صحية
قد يبدو المخاط الأنفي الجاف شيئًا محرجًا، إضافة إلى صعوبة التخلص منه – علانية على الأقل – لكن هذه الإفرازات الأنفية دليل على أن الأغشية المخاطية تقوم بدورها المتمثل في وجود مادة لزجه تساعد على إيقاف القاذورات والأتربة وعدم دخولها الرئتين.
ومن الدلائل الشائعة الأخرى على متلازمة الأنف الفارغ قصر النفس وغير ذلك من صعوبات التنفس مثل: تبلد حاستي الشم والتذوق، وسوء رائحة الأنف، واضطرابات النوم، والاختناق أثناء النوم. وغالبًا ما تظهر هذه الدلائل بعد مرور سنوات على إجراء جراحة في القرينات أو تلفها.
حقيقة مهمة
أجرى أول بحث على حك الأنف بالأصابع عام 1991 في ويسكونسين، وقد اعترف أكثر من 90% ممن أجرى عليهم المسح بهذا السلوك. وكان أكثر الأماكن شيوعًا لممارسة هذا السلوك المكاتب والسيارات. وفى حين ذكر 22% من عينة البحث أنهم يمارسون هذا السلوك من مرتين إلى خمس مرات يوميًا، فقد أكد 1% منهم أنهم يمارسون هذا السلوك بصورة لاإرادية.
وفى دراسة مسحية حديثة مماثلة بالهند، أقر المفحوصون بأنهم عادة ما يمارسون هذا السلوك أربع مرات يوميًا، كما ثبت أن حوالي 8% من أفراد العينة كانوا يمارسونه بكثافة، ولأكثر من عشرين مرة يوميًا، وقد اعترف 17% من المبحوثين بأنهم لا يستطيعون الكف عن هذا السلوك.
الأنف كريه الرائحة
ليس الأنف مستقبِل الروائح دائمًا، بل أحيانًا ما يكون مصدرًا لرائحة كريهة. إذا كان أنفك كريه الرائحة فقد لا تلحظ هذا، لكن الآخرين سيلحظونه بالتأكيد.
وقد تكون الرائحة الكريهة للأنف دلالة على بخر الأنف، وهو مرض مزمن يضمر فيه البناء الأنفي. وقد يكون بخر الأنف نفسه دلالة تحذيرية مبكرة على متلازمة الأنف الفارغ، أو قد تمثل شكلًا أكثر خطورة لهذا المرض يطلق عليه التهاب الأنف الضامر الثنائي (وغالبًا ما يتم استخدام المصطلحات بشكل متبادل). وأيًا كان الاسم الذي يطلق على هذه الحالة، فإنها قد تدمر حياة المصاب، حيث إن الحرج الناتج عن هذه الرائحة قد يجعل المصاب يتجنب العلاقات الاجتماعية، أو يتجنبه الآخرون مما يسبب له اكتئابًا شديدًا.
مشكلات الشم
تمنحنا حاسة الشم الجمال في حياتنا بطرق لا تحصى، ومنها: الحدائق في الربيع، والعطور المثيرة، ورائحة خبز الكعك، وقد تثير فينا روائح معينة الذكريات وتعيدنا لأيام الطفولة.
والأكثر أهمية من ذلك هو أن قدرتنا على الشم أمر ضروري لحفاظنا على حياتنا، فحاسة الشم تنبهنا إلى كافة أنواع الخطر بدءًا بالأدخنة الضارة والأطعمة الفاسدة، إلى الحرائق؛ لذلك إذا فقدنا حاسة الشم فسيزداد خطر تعرضنا لشم الغازات السامة، وتناول الأطعمة السامة، أو التعرض للاحتراق.
دلالة تحذير
إن فقدان حاسة الشم يعرض المرء لمشاكل أكثر مما تتخيل؛ لأنه من المحتمل أن يفقد حاسة التذوق أيضًا، فثلثا الباحثين عن علاج لفقدان حاسة الشم يعانون أيضًا من فقدان حاسة التذوق.
فقدان حاسة الشم
هل تشعر بأن عطرك المفضل أو معطر ما بعد الحلاقة لم تعد رائحته كما اعتدتها؟ إن هذا الشعور يعتمد على سنك، فقد تكون هذه دلالة أخرى من الدلائل غير السارة على تقدم السن، فكما أن حاسة السمع، والرؤية، والذكريات تتضاءل تدريجيا كذلك الحال مع حاسة الشم.
وتضاؤل القدرة على الشم معروف طبيا باسم ضعف الشم، أما الفقدان الكلى للحاسة فيسمى الخشم، ومما يزيد تعقيد المصطلحات أن ضعف الشم الناتج عن تقدم السن يعرف طبيًا باسم فقدان الشم الشيخوخي. ويولد المرء بحاسة الشم مكتملة تمامًا إلا أنها تزداد نشاطًا من بين سنوات المراهقة إلى سن الستين، ثم تبدأ في التضاؤل حتى نصل للثمانين حيث تقل حدة الشم وتصل إلى نصف ما كانت عليه في الثلاثين.
ليس من الغريب – إذن – أن فقدان حاسة الشم – مثل الأنف المزكوم – غالبًا ما يكون دلالة على انسداد الممرات الأنفية نتيجة البرد أو الحساسية أو التهاب الجيوب الأنفية أو البوليب المخاطي أو الأورام. لكنه قد يدل أيضًا على نقص الزنك (يستخدم الزنك أحيانًا للمساعدة على استعادة حاسة الشم). وفقدان الشم الناتج عن هذه الأسباب غالبًا ما يحدث تدريجيًا ويكون مؤقتًا في العادة، وبمجرد علاج السبب عادة ما تعود حاسة الشم من جديد.
والفقدان المفاجئ للشم بالنسبة لمن تزيد أعمارهم على الستين، فغالبًا ما يكون دلالة على إصابة الجزء العلوي من الجهاز التنفسي، لكنه قد يكون أيضًا دلالة شائعة على الإصابة في الرأس خاصة لدى الشباب. والواقع أن واحدًا من كل عشرة أفراد تعرضوا لإصابة بالرأس يعاني من فقدان دائم – للأسف – لحاسة الشم.
إذا لاحظت أن حاسة الشم لديك لم تعد بنفس قوتها السابقة، فربما يحذرك أنفك من أنك قد تعرضت لمواد كيميائية خطيرة أو سامة. ورغم أن فقدان الشم الناجم عن تلك العوامل قد يكون دائمًا، فإن العلاج الفوري قد يحافظ على هذه الحاسة.
إذا كنت قد أجريت مؤخرًا جراحة في أنفك، ولاحظت أن حاسة الشم تضعف لديك، فقد يكون هذا تحذيرًا لك من أن خطأ قد حدت أثناء إجراء العملية. وقد يكون هذا الضعف في الشم رد فعل للعلاج بالإشعاع أو العلاج الكيميائي، أو غيره من العقاقير الأخرى مثل مخفف الاحتقان، والأدوية المستخدمة لمرض زيادة إفرازات الغدة الدرقية، وبمناسبة الحديث عن العقاقير؛ فإن فقدان حاسة الشم – مثل الأنف شديد الرشح – قد ينتج عن تعاطى الكوكايين أو غيره من المخدرات. كما قد يكون فقدان حاسة الشم وسيلة الجسم للتحذير من الإسراف في التدخين، أو تعاطى الكحوليات.
وقد يكون فقدان حاسة الشم أيضًا دلالة تحذيرية على وجود نوع من الأورام بالمخ يسمى بالورم السحائي الميزابي الشمي. والشىء الجيد في هذه الحالة أن هذا الورم غير خبيث في العادة، بل ويمكن علاجه، أما الشىء السلبي فهو أن هذا الورم قد ينمو ويؤثر ليس على حاسة الشم فحسب، بل وعلى حاسة الإبصار أيضًا. وهذه الحالة أكثر شيوعًا بين النساء، كما أنها تصيب من تتراوح أعمارهم بين الأربعين والسبعين عامًا.
وقد يدل فقدان حاسة الشم أيضًا على عدد كبير من الأمراض الأخرى مثل: داء السكرى، وقصور الغدة الدرقية، والصرع، وتصلب الأنسجة المضاعف، وأمراض الرئة، بل والفصام النفسي.
وفى النهاية، قد يكون فقدان حاسة الشم دلالة مبكرة على اختلالات عصبية مثل مرض الزهايمر، أو الشلل الرعاش. ولسوء الحظ أن هاتين الحالتين غالبًا ما لا يتم اكتشافهما أو يساء تشخيصهما في المراحل المبكرة لهما. ومن هنا، فإن حاسة الشم قد تكون أداة تشخيصية مهمة للمساعدة على التفرقة بين هذه الاختلالات العصيبة وغيرها من الاختلالات الأخرى.
حقائق مهمة
• حاسة الشم أكثر الحواس حدة، فهي أكثر حدة من التذوق بأكثر من عشرة آلاف ضعف، وليس هذا فحسب، بل إن أكثر من 90% مما تستقبله حاسة التذوق يرجع فعليًا إلى حاسة الشم.
• تتمتع النساء بحاسة شم أقوى من الرجال بصفة عامة، وتكون هذه الحاسة في أعلى درجات نشاطها في فترة التبويض.
• يستطيع ذوو حاسة الشم السوية التمييز بين عشرة آلاف رائحة مختلفة.
دلالة تحذير
بما أن حاسة الشم عامل مهم لاستكشاف الخطر، فينبغي على كل من فقد هذه الحاسة أن يضع في كافة أرجاء منزله كاشفات الدخان والغاز الطبيعي. والتعرف على تاريخ صلاحية الأطعمة القابلة للفساد شىء مهم أيضًا لتجنب تناول الأطعمة الفاسدة. إن هذه الإجراءات مهمة للغاية خاصة بالنسبة لمن يعيشون وحدهم، وبالنسبة للمسنين.
دلائل خطر
يؤدى التدخين إلى فقدان حاسة الشم بالإضافة إلى فقدان الحياة، فبالإضافة إلى ما يتعرض له المدخن من مرض السرطان، وأمراض الرئة والقلب؛ قد يتسبب أيضًا في حرق منزله أو الاحتراق بداخله
الحساسية الشديدة للشم
هل تقطب وجهك وتبعد بأنفك لقدرتك على شم ما لا يستطيع غيرك شمه؟ كما كانت بطلة حكاية “الأميرة وحبة البازلاء” حساسة للغاية للمس، فهناك أيضًا بعض من الناس لديهم حساسية للغاية تجاه الروائح. والحساسية الشديدة للشم عادة ما تكون دلالة حميدة وإن كانت مزعجة. ورغم ذلك، فإذا كنت تعاني من هذه الحالة فإن الروائح الكريهة قد تجعلك تتقزز، لكن الروائح الجميلة تكون أقوى أيضًا، وعلى سبيل المثال فإن ذا الحساسية العالية للشم غالبًا ما يستطيع اكتشاف رائحة عطر أية امرأة بعد رحيلها من المكان بمدة.
وغالبًا ما يعتقد البعض أن الحساسية الشديدة للشم حالة سيكوسوماتية، أو عصابية، ومع ذلك لا تتسرعي في الذهاب إلى الطبيب النفسي فقد تكون دلالة على الحمل. وقد تدل الحساسية البالغة للشم على مرض أديسون – وهو خلل هرموني خطير ونادر يؤثر عكسيًا على الأغشية المخاطية.
حقيقة مهمة
يرى بعض العلماء أن رائحة الجسد المتعفن أسوأ الروائح قاطبة، ومن الفوائد التطبيقية لتلك الحقيقة أن وزارة الدفاع الأمريكية حاولت تطوير قنابل كريهة الرائحة ذات درجة أكبر من تلك الرائحة الكريهة.
الروائح الكريهة التي لا يشمها إلا المصاب فقط
هل شممت مؤخرًا رائحة فطيرة التفاح التي تعدها والدتك وكأنها رائحة البيتزا؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فعليك أن تنتبه إلى أنفك بدلًا من أن تلوم والدتك على طهيها، فربما أنك تعاني من ضعف الشم أو تشوهه، وهي حالة تشعر فيها برائحة مختلفة للأشياء أو تبدو لك رائحتها كرائحة البراز في حين لا يشمها الآخرون كذلك.
إذا كنت أنت الشخص الوحيد بالمكان الذي يشم رائحة شىء؛ فهذه دلالة على تخيل الروائح الوهمية، وهي الحالة التي تختلف عن تخيل المناظر الوهمية، حيث إن الأخيرة غالبًا ما تتضمن مناظر جميلة. وعادة ما تكون هذه الروائح مقززة، حيث يصفها من يعانون منها بأنها رائحة كائنات متعفنة، أو براز، أو قىء لا مصدر واضح له.
وقد يكون تخيل الروائح الوهمية عند البعض دلالة على الفصام، أو غيره من الاضطرابات النفسية، ومن المحتمل في هذه الحالة أن يعاني المصاب من هلاوس بصرية وسمعية، أو قد يعاني أيضًا من دلائل نفسية أخرى.
وحالة تخيل الروائح الوهمية – مثل الحساسية الشديدة للشم – قد تكون دلالة طبيعية على الحمل لدى النساء، أما إذا لم تكوني حاملًا، فهذا العرض قد يدل على الصرع. ويقول بعض الناس إنهم يشمون رائحة هالة من العبير قبل تعرضهم لنوبة صرع. والمثير أن تشوه الشم – وتخيل الروائح الوهمية – قد تدلان على نوع محدد من الصرع لا يصحبه نوبات، فضلًا عن أنها قد تنذر بقرب الإصابة بالصداع النصفي.
وقد تدل اضطرابات الروائح هذه – كما هو متوقع – على تلف العصب الشمي الذي قد ينتج عن العديد من ذات الأشياء مثل: الالتهابات، وإصابات الرأس، والعمليات الجراحية، والتلوث البيئي، والعقاقير التي قد تؤدى إلى فقدان حاسة الشم.
إذا تم علاج المرض الأساسي، فإن اضطرابات الشم أو الهلوسة بنوعيها قد تتلاشى لكن هذا لن يحدث إلا بالكشف المبكر والتشخيص الدقيق للمرض.
دلائل خطر
قد تؤدى الاضطرابات الشديدة للروائح – كتلك التي تُظهر رائحة الطعام عفنة دائمًا – إلى إرباك حياة المصاب بشدة لدرجة قد تؤدى به إلى الاكتئاب الشديد. وقد أكد أحد الجراحين بمركز نبراسكا الجراحي الطبي أن حوالي نصف مرضاه ممن يعانون من اختلالات في حاسة الشم قد فكروا جديًا في الانتحار.
الخاتمة
يمكن لأطباء الرعاية الأولية – أسرة الأطباء، والأمراض الباطنة –أن يشخصوا ويعالجوا العديد من مشكلات الأنف بدءًا من البرد إلى الحساسية. ومع ذلك، فهناك الكثير من مشكلات الأنف ترتبط بأمراض أخرى تتطلب تدريبًا خاصًا ليتم تشخيصها وعلاجها؛ لذلك احرص على استدعاء الطبيب فورًا إذا تعرضت لألم أو نزيف شديد في أنفك.
من الأكثر معرفة عن الأنف؟ إذا كانت تعاني من مشكلة مرتبطة بالأنف، واحتجت للذهاب إلى أحد الإخصائيين، فعليك الذهاب إلى أحد هؤلاء:
● طبيب الأنف والأذن والحنجرة: وهو الطبيب المتخصص في تشخيص وعلاج مشكلات الأذن والأنف والحنجرة.
● إخصائي أمراض الأنف: وهو الطبيب المعتمد في طب الأنف والأذن والحنجرة، والمتلقي لتدريب إضافي في علاج أمراض الأنف والجيوب الأنفية.
● طبيب الحساسية/طبيب الأمراض المناعية: وهو الطبيب المعتمد في الطب الباطني، أو طب الأطفال والمتلقي لتدريب إضافي في علم المناعة والحساسية.
● المتخصص في أمراض النوم: وهو متخصص في الحقل الطبي، أو طبيب تلقى تدريبًا خاصًا في طب النوم واعتمدته الهيئة الأمريكية لطب النوم.