قد تكون ذكريات الطهو مع الوالدين بعض أجمل ذكريات مرحلة الطفولة. والطهو بطريقة صحية للأطفال ومعهم لا يقتصر على تحقيق المكافأة قصيرة الأمد المتمثلة في تقديم أطعمة مغذية للأسرة تعاون الجميع في إعدادها، بل إن له منافع طويلة الأمد يمكن أن تحقق الصحة الجيدة طوال العمر.
انطلقي نحو المطبخ وخذي أطفالك معك! هذا تمرين جيد لتعريف أطفالك بأوعية المطبخ وأدواته، فضلاً عن أشكال، وروائح، وألوان الأطعمة المختلفة. لا تترددي في تعريفهم على كثير من النكهات المتنوعة بأن تخرجي لهم جميع الأعشاب والتوابل المفضلة لك (كالريحان، والقرفة، والكركم، والنعناع، والثوم، والزنجبيل، وما إلى ذلك). شجعيهم على المساعدة في الطهو وتذوق الأطعمة حتى يكونوا جميعاً مشاركين ومهتمين بإعداد وجبات وأكلات خفيفة لذيذة ومغذية.
ما أنواع الزيوت والدهون التي تطهين بها؟
الزيوت والدهون الأخرى الأكثر صلاحية للطهي هي تلك التي تتميز بتركيبة كيميائية ثابتة قوية لا تتغير عند التعرض لدرجة حرارة عالية. أما الزيوت التي لا تتميز بالثبات (مثل زيت زهرة دوار الشمس) فتصلح للاستعمال كما هي مع بعض الأطعمة، كمطيبات للسلطة وما شابه ذلك، ولكنها لا تصلح للطهو بأي حال.
زيوت ملائمة للطهو
• زيت الزيتون
• زيت بذر العنب
• الزبد
• زيت جوز الهند/زبد جوز الهند
• زبد الجية
زيوت غير ملائمة للطهو
• زيت زهرة دوار الشمس
• زيت السمسم
• زيت القرطم (العصفر)
• زيوت الجوز واللوز والبندق وغيرها من زيوت المكسرات
• زيت بذر الكتان
• زيت الذرة؛ نظراً لأن الذرة نفسها بها محتوى منخفض جداً من الزيت، فإنها تحتاج لدرجات حرارة عالية جداً ومذيبات سامة حتى تتم عملية استخلاص الزيت، ومن ثم يفضل عدم استعمال زيت الذرة نهائياً.
طرق الطهو
طريقة الطهو يمكن أن تجعل الوجبة رائعة أو سيئة. وضيق الوقت لا يجب أن يعني أن يكون الطعام الناتج رديئاً أو منخفض القيمة؛ بل في واقع الأمر، قد يؤدي ضيق وقت الطهو للحصول على طعام أفضل في قيمته. إن الوجبة التي تعدينها يمكن أن تكون صحية، وسريعة، ولذيذة إذا كنت تعرفين كيفية إعدادها بطرق تقلل الإزعاج وتمنع ضياع العناصر الغذائية. وبالطبع فإن الأطعمة النيئة تعطي أكثر العناصر الغذائية الكامنة بها مع أقل جهد يبذل في إعدادها، ومع عدم طهوها بالمرة. أما الأطعمة المدخنة، والمقددة، والمملحة المتبلة بإفراط، مثل البسطرمة والسجق، على نقيض ذلك تماماً؛ قليل من الناس هم من يقومون بتدخين الأطعمة وتتبيلها في المنزل، إلا أن شراء واستهلاك تلك الأطعمة من الخارج يجب أن يكون في أضيق الحدود نظراً لمحتواها المرتفع من المواد الحافظة والسموم الأخرى.
وبالإضافة إلى زيادة استهلاك أسرتك من الأطعمة النيئة، يمكنك الاستفادة من طرق الطهو التالية، المرتبة حسب درجة تفضيلها:
• الطهو بالبخار. هذه الطريقة تحافظ على المحتوى الغذائي للطعام، ولكي تحصلي على أقصى فائدة، استعملي الماء المتبقي من عملية الطهو بالبخار في وصفة طهو أخرى فيما بعد (لإعداد الصوص أو الحساء على سبيل المثال).
• القلي السريع مع التقليب. هذه الطريقة تستعمل قدراً ضئيلاً من الزيت أو الماء، إذ يتم طهو الخضر بسرعة وخفة، فتحافظ على عناصرها الغذائية وتبقى غضة مقرمشة.
• الخبز/التحميص. طريقة ممتازة لطهو كميات كبيرة، وهي تضفي مذاقاً لذيذاً على أطعمة كثيرة، ولكن تجنبي استخدام رقائق الألومنيوم (الفويل)، أو على الأقل لا تجعليها تلامس الطعام، لأن مادة الألومنيوم يمكن أن تنفد إلى الطعام أثناء الطهو.
• القلي في المقلاة/السوتيه. تعتمد نوعية الأطعمة التي تطهى بهذه الطريقة أساساً على نوع الزيت المستخدم، ومن الأفضل إجراؤها بكمية قليلة جداً من الزيت وعلى حرارة متوسطة.
• الشي في الفرن/الشي على الفحم. يجب شي الطعام بخفة ودون إفراط لمنع تلف واحتراق الطعام، والذي يمكن أن ينتج الشوارد الحرة في الطعام؛ لا تقدمي أي طعام محترق بشكل ملحوظ، ولا تكثري من شي الطعام على الفحم.
• السلق. رغم أن هذه طريقة طهو منخفضة الدهن، إلا أنه لا ينصح باستعمالها، فالخضراوات المسلوقة، على سبيل المثال، تفقد ما يصل إلى 70% من فيتاميناتها في ماء السلق؛ فإذا تحتم عليك اتباع هذه الطريقة، فاستعملي كمية قليلة جداً من الماء أو أعيدي استعمال ماء السلق لإعداد نوع من الحساء أو الصلصة.
• القلي المفرط (في الزيت الغزير). يحسن تجنبه تماماً، إذ إن الحرارة العالية تغير التركيب الكيميائي للزيوت، مما يجعلها ضارة بصحة من يأكلها؛ وكذلك فإن المحتوى الدهني المرتفع وزيادة الأطعمة المقلية في الزيت الغزير تسهم بدرجة ملحوظة في تزايد معدلات البدانة، وأمراض القلب والشرايين، وغير ذلك من مشكلات صحية.
تلميح: خصصي مطبخاً للصغار
لكي تجعلي أطفالك الأصغر سناً يهتمون بالطهو، خصصي لهم “مطبخاً” صغيراً في مكان ما بالمنزل، ولو في أحد أركان المطبخ الأصلي إذا توفرت المساحة. ليس بالضرورة أن يكون مطبخاً كاملاً؛ بل يكفي أن يحتوي على منضدة صغيرة وأوعية وطاسات بلاستيكية أو بعض أوعيتك وطاساتك القديمة.
ويمكنك أيضاً أن تحضري فاكهة وخضراوات من البلاستيك لأطفالك لكي يقوموا بطهوها وتقديمها. هذا سيشجعهم على التفكير في الطهو والطعام بشكل إيجابي وقد يجعلهم أكثر ميلاً للاستمتاع بالطهو في المستقبل.
استخدام الميكروويف: نعم أم لا؟
ثمة جدل مستمر حول أمان استخدام أفران الميكروويف. وتشتمل الحجج المؤيدة لاستخدام الميكروويف على مدى كون هذه الطريقة عملية وموفرة للوقت بشكل لا يمكن إنكاره، إلا أن الأبحاث المحدودة المتاحة حالياً عن هذا الموضوع تبدو معارضة لاستخدام الميكروويف. تأملي النتائج التالية:
• الطهو بالميكروويف يسبب فقد العناصر الغذائية بالطعام (وتحديداً، فيتامين ب12، ومضادات الأكسدة المختلفة)، ويعتقد أن أفران الميكروويف تدمر جزيئات الطعام أو تشوهها.
• تبين أن الأطعمة المطهوة بالميكروويف تكوّن مركبات جديدة، تسمى “مركبات متحللة إشعاعياً”؛ ولازالت آثارها على الجسم البشري غير معروفة بعد.
• تتسرب من أفران الميكروويف إشعاعات كهرومغناطيسية، وهي خطرة على الإنسان، لأنها تخل بالوظائف الطبيعية للجسم. ويمكن أن يصل الإشعاع المتسرب لمسافة ست أقدام من فرن الميكروويف.
• اكتشفت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين يأكلون باستمرار أطعمة مسخنة في الميكروويف يحدث لهم انخفاض في مستويات هيموجلوبين الدم، وارتفاع في مستويات الكوليسترول، وزيادة في عدد خلايا الدم البيضاء مقارنة بالأشخاص الذين يأكلون باستمرار أطعمة سخنت بطرق تقليدية.
وفي ممارستي كأخصائية في التغذية، أنصح عملائي بالتخلص من أفران الميكروويف وتعويد أنفسهم على وسائل أخرى للطهو والتسخين.
إعداد الوجبات
عندما يتعلق الأمر بتحسين تغذية عائلتك، هناك قاعدة شديدة الأهمية تقول: لا تقدمي نفس الأطعمة كل يوم. كثير من الناس لا يقدرون التنوع المتاح لخيارات الأطعمة الصحية حق قدره؛ وكذلك عدد الأطعمة الصحية التي يمكنهم جعل الأطفال يتناولونها. قومي بتنويع الوجبات الرئيسية والوجبات الخفيفة كل يوم لتتجنبي حدوث حساسية للطعام أو الملل، ولتحصلي على نطاق واسع من العناصر الغذائية.
• لا تسمحي لطفلك بإهمال وجبة الإفطار. فالإفطار الصحي يعد الجسم ليوم نشيط مثمر تقل فيه تقلبات مستويات سكر الدم وتزيد فيه مستويات الطاقة. والأطفال الذين يهملون وجبة الإفطار تقل طاقتهم أثناء اليوم، ويجدون صعوبة في التركيز في المدرسة، ويكونون عرضة للإفراط في الأكل عند تناولهم الوجبة التالية، وعرضة بالتالي لزيادة الوزن.
• استخدمي تغطيات وغموساً صحياً لإضفاء النكهة والتنوع والقيمة على الطعام اليومي. فألوانها وموادها جذابة، وعادة ما يحب الأطفال الغموس ودهانات الخبز والرزاز الذي يرش على الأطعمة.
• قدمي وجبتي الغداء والعشاء في أوقات محددة لتأسيس وترسيخ نظام جيد لتناول الطعام. أضيفي الأطعمة البروتينية والخضراوات إلى هاتين الوجبتين واستبدلي الحبوب الكاملة بجميع الحبوب البيضاء، مثل الأرز الأسمر، والدخن، أو المكرونة المصنوعة من القمح الكامل.
• تعتبر أطباق الخضر الجانبية إضافة رائعة لأي طبق أساسي. فأعطيها المزيد من الأهمية بأن تخصصي لها جزءاً أكبر من طبق الطعام أو بتقديمها في سلاطين خاصة يعجب الأطفال شكلها. اجعليها أكثر جاذبية بأن تنوعي طرق طهوها وتقديمها.
• تعتبر الوجبات الخفيفة الصحية مهمة لتحقيق الثبات لطاقة الأطفال وأمزجتهم طوال اليوم. وحسب سن طفلك، فإنه سيحتاج عادة إلى وجبتين خفيفتين يومياً فيما بين الوجبات الأساسية. ولكن إذا تسبب هذا في تقليل ما يأكله طفلك في الوجبات الأساسية، فقللي حجم الوجبات الخفيفة.
• وأخيراً، تذكري أن مساعدة طفلك على تناول الطعام بطريقة صحية لا تعني أن تلغي الأطباق الحلوة. ولكن حاولي أن تجعلي تلك الأطباق في نهاية الأسبوع أو في المناسبات الخاصة، وأن تقدمي الاختيارات الصحية منها كلما أمكن.
الأطفال النباتيون
لازال بإمكان الأطفال النباتيين أن ينمو ليصيروا كباراً أصحاء، ولكن يجب أن تحرصي على حصولهم على كفايتهم من البروتين من مصادر نباتية مثل البقول، والمكسرات، والبذور، والبيض. ويمكن أيضاً أن تجربي الحبوب الكاملة الغنية بالبروتين مثل الدخن، والكينوا. البروتين مهم جداً للنمو، وتكوين العضلات، والعديد من وظائف الجسم؛ كما أنه مطلوب لموازنة سكر الدم وتثبيت الحالة المزاجية.
نصيحة من خبير: اطبخ معي!
ليس بالضرورة أن يكون الطهو مع الأطفال مقتصراً على صنع الفطائر والكعك. يمكنك أنت وأطفالك توحيد جهودكم لطهو أي طعام صحي تريدين أن يتناولوه، بدءاً من الكباب كثير العصارة، وصلصات المكرونة اللذيذة، وحتى أصناف البيتزا المصنوعة من الحبوب الكاملة، والسلطات متعددة الألوان. إنها تجربة ممتعة تربط بين أفراد العائلة، وتساعد في تسلية الأطفال، وتساعدك على إدخال أطباق جديدة يمكن أن يقاوم أطفالك تناولها في الوضع الطبيعي.
إن مهارة الطهو -التي كثيراً ما يتم إهمالها في هذه الأيام- تشكل جزءاً كبيراً من معرفة كيفية تناول طعام صحي. ويمكنك أيضاً معرفة الكثير جداً من المعلومات خلال جلسات الطهو، حول عملية الطهو، واتباع التعليمات، والكميات والمعايير المستخدمة، والأنواع المختلفة الكثيرة من الأطعمة المتاحة. ولكي تجعلي تجربة الطهو تجربة أكثر متعة وبهجة بالنسبة لجميع المشاركين فيها، عليك أن تسترخي ولا تقلقي بشأن إحداث الفوضى، وجربي النصائح التالية:
• جهزي جميع المقادير والأدوات اللازمة قبل الطهو حتى لا يفقد الأطفال اهتمامهم أثناء انتظار البدء. نبهي أطفالك لأهمية النظافة الشخصية والأمان في المطبخ، بما في ذلك التعامل مع الأشياء الخطرة -أو الابتعاد عنها- مثل السكاكين الحادة، وشفرات الخلاط، والمبشرة، وغلاية الشاي، والفرن.
• اجعلي جميع أطفالك يشاركوا لأقصى قدر ممكن، مع مراعاة أعمارهم بالطبع. أعطيهم فكرة مسبقة عن الخطوات التالية، وقسمي المهام بينهم: البحث عن الأشياء، والتقطيع، والخلط، والصب، وغير ذلك. اشرحي لهم كيفية استخدام المعدات؛ ثم دعيهم يقوموا بذلك بأنفسهم (تحت إشرافك)، ودعيهم يستخدموا أيديهم كذلك. الأطفال الأكبر سناً يمكنهم قراءة “وصفة الطعام” بصوت مسموع وقياس المقادير بأنفسهم.
• اشرحي للأطفال كل مكون من مكونات الطعام أثناء إضافتك له، واجذبي انتباههم إلى التجارب الحسية للطهو: مثل تحول البيضة من الحالة النيئة إلى المقلية، أو صوت الأزيز الصادر من قطعة لحم عند إلقائها في طاسة ساخنة، أو رائحة الريحان الطازج المنبعثة حينما يتم تقطيعه وتقليبه في الصلصة الساخنة.
• اجعلي أطفالك يساعدوا في تحضير المائدة، وتقديم الطعام المطهو حديثاً في أطباق جذابة، ثم ترتيب المطبخ بعد ذلك.
• شجعي أطفالك بالثناء على جهودهم وعلى جودة الطعام الذي أعدوه. تحدثي معهم عن هذا الطعام أثناء تناولكم إياه، مع التعليق على قوامه، ونكهته، ورائحته، ومظهره، وبالطبع، قيمته الغذائية!