استكشف العلماء دور الجذور الحرة في الشيخوخة والمرض، وكفاءة مضادات التأكسد في مكافحتهما معا. إن التضرر بالجذور الحرة مساهم رئيسي في أكثر أمراض الشيخوخة شيوعا، بما في ذلك السرطان والمرض القلبي والداء السكري وداء آلزهايمر وحتى التهاب المفاصل؛ كما أن المغذيات المضادة للتأكسد ذات فوائد وقائية من جميع هذه الأمراض.
إن التضرر بالجذور الحرة هو واحد فقط من عوامل عديدة تقود عملية التشيخ، وليس السبب الوحيد له. ومع ذلك، تبقى الوقاية من التضرر بالجذور الحرة حجر الزاوية في أي برنامج لاتقاء المرض ومكافحة عملية التشيخ.
ما هي الجذور الحرة؟
الجذر الحر Free radical مصطلح يدل على جزيء يحتوي على إلكترون مفرد (غير متزاوج) أو أكثر يدور حوله؛ وقد تكون الجذور الحرة صغيرة بشكل ذرة واحدة، أو كبيرة بشكل جزيئات أكثر تعقيدا. وفي حين توجد أنماط مختلفة من الجذور الحرة، هناك شيء مشترك بينها جميعا: يولد الإلكترون المفرد (غير المتزاوج) شحنة كهربية (كهربائية) غير متوازنة، وبذلك يسعى الجذر الحر إلى التصحيح بإيجاد إلكترون آخر لاستعادة توازنه.
وخلال بحث الجذور الحرة عن الإلكترونات، يمكن أن تسرق الإلكترونات من الجزيئات المستقرة التي يتصادف قربها منها؛ وقد يؤدي ذلك إلى بدء تفاعل تسلسلي في محاولة من الجزيء الجديد غير المستقر لتعويض الإلكترون الذي فقده وذلك بسرقته من جزيء مجاور وهكذا؛ يبدأ شلال من التخريب الجزيئي؛ وينتشر الضرر من خلية إلى خلية بطريقة مشابهة تماما لانتشار الصدأ في المعدن، ولكن بشكل أسرع.
ويمكن أن يرتبط الجذر الحر – بدلا من ذلك – بإلكترون من جزيء مجاور، ويحاول أن يشارك إلكترون مع مضيفه؛ وفي حالة الجزيء البيولوجي، مثل البروتين أو الإنزيم، قد تشوه إضافة الجذر الحر الجزيء المضيف بطريقة لا يعود معها يعمل أو يقوم بوظيفته بشكل صحيح.
وإذا أخذنا الضرر الناجم عن الجذور الحرة بعين الاعتبار، يكون من السهل النظر إلى الجذر الحر كنوع ما من الجرثوم الخطر أو العدو المتدخل؛ لكن الحقيقة هي أن الجذور الحرة منتوج ثانوي طبيعي ومحتوم للاستقلاب المعتمد على الأكسجين لدينا.
فعندما تنتج المتقدرات في كل خلية من خلايانا ATP، وهو جزيء الطاقة الخلوية التي تمد الحياة نفسها، تتولد أعداد كبيرة من الجذور الحرة؛ وحينما تلتهم كرياتنا البيضاء وتخرب الفيروسات أو الجراثيم، تتولد الجذور الحرة كجزء هام من عملية الدفاع. كما أنه عندما نتمرن، يغمر القلب والعضلات الأخرى بالجذور الحرة التي ينتجها تنفسنا الزائد واستعمال الطاقة لدينا. وتتولد الجذور الحرة أيضا عندما يقوم الكبد بإزالة السمية من المواد الكيميائية. وفي كل مرة نخرج من البيت ونشعر بدفء الشمس على جلودنا، يؤدي الإشعاع فوق البنفسجي إلى توليد الجذور الحرة في أجسامنا.
والخلاصة، تعد الجذور الحرة حصيلة طبيعية للحياة عند الأحياء التي تعتمد في طاقتها على الأكسجين. وقد لاحظ هانز سيلي Hans Selye كباحث في الإجهاد أن الغياب التام للإجهاد يعني الموت. وبالمثل، يدل الغياب الكامل لنشاط الجذور الحرة على نهاية الحياة؛ ولكن الجذور الحرة يمكن أن تؤدي في الوقت نفسه إلى خلل في بنية خلايانا ووظيفتها. ولكن، ولله الحمد، يمتلك الجسم جهازا رائعا يسمح له بالمحافظة على التوازن بين عمليات الأكسدة Oxidative processes التي تعطي الطاقة للحياة والآليات التي تحمي الخلايا من التضرر بالجذور الحرة.
تمثل مضادات التأكسد الدفاع الطبيعي في جسمك ضد الجذور الحرة، فهي تحمي نسجك وأعضاءك من الضرر التأكسدي بتنظيف الجذور الحرة قبل أن تتمكن من مهاجمة الخلايا غير المنيعة؛ فهذه المركبات الخاصة تضحي بنفسها من خلال التبرع بإلكترون لتثبيت الجذور الحرة. وبعد أن يتخلى مضاد التأكسد عن الإلكترون، يتحطم إلى مركب غير ضار (مثل الماء) أو يعاد شحنه بإلكترون جديد ويعود إلى عمله. ويحول هذا الجهاز دون حصول تأثير الدومينو Domino effect لسرقة الإلكترونات المتزايد أو المتتابع، كما ينقذ الخلايا والنسج المحيطة من الضرر.
الإجهاد التأكسدي يعجل عملية التشيخ
ما دام الجسم لديه إمداد كاف بالمغذيات المضادة للتأكسد، يبقى التضرر بالجذور الحرة في حده الأدنى؛ ولكن إذا كانت المدخرات من مضادات التأكسد غير كافية للتعامل مع مقدار نشاط الجذور الحرة المتولدة في الجسم، تبدأ تلك الجذور الحرة بمهاجمة الخلايا والنسج السليمة، وينزلق الجسم إلى حالة من الإجهاد التأكسدي Oxidative stress.
يبدأ الإجهاد التأكسدي على المستوى الجزيئي والخلوي، حيث يؤدي نشاط الجذور الحرة إلى خلل في الأغشية الخلوية والـ د أن إي DNA والإنزيمات وفي تركيب البروتين ووظيفة المتقدرات؛ وسرعان ما يتقدم الضرر إلى المستوى البنيوي والوظيفي مسببا اضطرابا في الأوعية الدموية والخلايا العصبية والجلد والعضلات والأعضاء. وتقود الإصابات التراكمية في نهاية المطاف إلى شيخوخة مبكرة وأمراض مزمنة وتنكسية.
تعد الأغشية الخلوية – الغنية بالحموض الدهنية – هدفا مفضلا للجذور الحرة؛ وعندما يتضرر الغشاء الخلوي، يبدأ بمواجهة صعوبة في المحافظة على سلامة محتويات الخلية، وتتسرب السموم إلى داخل الخلية، بينما تتسرب المغذيات والماء إلى خارجها؛ وتصبح الخلية متجففة ومضعفة، وقد تموت. وقد يؤدي الإجهاد التأكسدي إلى تراكم الحطام الخلوي المسمى ليبوفوسين Lipofuscin، حيث يمكن أن تترافق رواسب الليبوفوسين أيضا بكل من التنكس البقعي Macular degeneration وداء آلزهايمر Alzheimer’s disease.
ويتلف الجذر الحر داخل الخلية البنية الدقيقة لجزيء الـ د أن إي، فسرقة الإلكترونات من الـ د أن إي DNA قد يولد بسرعة طفرات وعيوبا في النسخة الخلوية من تسلسل الـ د أن إي DNA sequence الذي يرشد الخلية إلى أسلوب التصرف. وقد تتوقف الخلية عن القيام بوظائفها على النحو الصحيح أو تموت أو تتحول إلى خلية تنمو بسرعة كبيرة (خلية سرطانية).
وعندما تسير الجذور الحرة في الدم، يمكنها أيضا أن تؤكسد الدهون (الكولستيرول) في الدم، فتجعل الكولستيرول أكثر لزوجة والتصاقا وأكثر ميلا إلى التراكم في الأوعية الدموية؛ ويزيد تضرر جدران الأوعية الدموية بالجذور الحرة خطر أمراض القلب والسكتة وداء آلزهايمر أكثر.
تهاجم الجذور الحرة بروتينات الجسم أيضا، فتمسخ (تشوه) الإنزيمات التي يحتاج إليها جسمك للقيام بالإصلاح الخلوي وصيانة الخلايا؛ كما يمكن أن تؤكسد الجذور الحرة البروتينات البنيوية في الجلد، مما يؤدي إلى التجاعيد ونصول اللون (تغير اللون) وسرطانات الجلد. وعندما يطلق للجذور الحرة العنان في النسيج الغضروفي الذي يبطن المفاصل، يمكن أن تؤدي إلى الألم المفصلي والفصال العظمي (التهاب العظم والمفصل) Osteoarthritis. كما يتهم الضرر التأكسدي في ظهور الساد (تكثف عدسة العين وغياب شفافيتها) المرتبط بالعمر Age-related cataract.
يعد الضرر الناجم عن الجذور الحرة مساهما رئيسيا في معظم الاضطرابات التنكسية والأمراض المرتبطة بالعمر.
من هم الذين يتعرضون لخطر الإجهاد التأكسدي؟
نحن جميعا عرضة للجذور الحرة، لكن بعض العوامل تزيد خطر الإجهاد التأكسدي؛ وتشتمل عوامل الخطر هذه على:
• القوت أو النظام الغذائي الفقير (بالمغذيات)
يكون الأشخاص الذين يقل مدخولهم من المغذيات المضادة للتأكسد في خطر مرتفع من الإجهاد التأكسدي؛ وبوجه عام، لا يحتوي النظام الغذائي المعاصر من الأطعمة المعالجة إلا على نسبة قليلة من مضادات التأكسد التي كانت تستهلك بشكل يومي من قبل أسلافنا.
• العمر
يزداد الضرر الناجم عن الجذور الحرة مع العمر، حيث تميل مدخرات الجسم من مضادات التأكسد إلى التراجع مع تقدمنا في العمر؛ ويصبح الجهاز الهضمي أقل كفاءة في استخلاص المغذيات المضادة للتأكسد وامتصاصها. كما أن التغيرات المبرمجة وراثيا في الوظيفة الخلوية تؤدي إلى بطء التصنيع الذاتي للمغذيات المضادة للتأكسد في الجسم.
• التمارين المكثفة
يكون الرياضيون في خطر مرتفع من الإجهاد التأكسدي بسبب الأعداد الكبيرة من الجذور الحرة المتولدة في العضلات والرئتين والقلب خلال التمارين الشاقة؛ كما أن أي شخص يمضي وقتا طويلا من الزمن خارج الظل يتعرض لعبء تأكسدي زائد نتيجة التعرض للإشعاع فوق البنفسجي في الشمس.
• التعرض للسموم
يزداد العبء التأكسدي عند الذين يتعرضون للملوثات البيئية، مثل الضباب الدخاني Smog ودخان السجائر ومبيدات الحشرات وغير ذلك من السموم الصناعية أو الزراعية؛ وقد أصبح التعرض الكثيف في مجتمعاتنا الصناعية – وللأسف – لهذه الملوثات البيئية في الهواء والطعام وموارد المياه سمة طبيعية.
• المرض
يكون نشاط الجذور الحرة عالي المستوى أيضا عند المصابين بأمراض مزمنة أو عدوى أو التهاب؛ ولا بد من المزيد من الوقاية للتقليل من تأثيرات الإجهاد التأكسدي خلال المرض.
قياس الإجهاد التأكسدي
هناك عدد من الاختبارات الطبية التي يمكن من خلالها تقييم مستوى الإجهاد التأكسدي و/أو الحالة التأكسدية لديك؛ ويمكننا أيضا قياس مستوى مضادات التأكسد المختلفة ونشاطها في الدم. كما نستطيع اختبار البول بحثا عن المستقلبات التي تدل على مقدار نشاط الجذور الحرة الجامحة. وهناك شواكل وراثية تقيم القدرة المتأصلة لدى الفرد على مكافحة الإجهاد التأكسدي. ونحن تستطيع حتى رؤية خلايا الدم تحت المجهر بحثا عن دليل على الخلل الغشائي أو غير ذلك من المؤشرات على الإجهاد التأكسدي.
إذا وجد لديك عامل أو أكثر من عوامل الخطر التي تجعلك في خطورة خاصة من الإجهاد التأكسدي، مثل التعرض الكثيف للملوثات أو السموم والاضطرابات الالتهابية المزمنة وأمراض المناعة الذاتية والأمراض الخطيرة كالسرطان، أو إذا كنت من محترفي الرياضة، فقد تحتاج إلى التفكير باختبارات الإجهاد التأكسدي بطريقة تضمن أن برنامج مضادات التأكسد لديك مكثف بما يكفي للتعامل مع الإجهاد التأكسدي الذي تقع تحت تأثيره. ولكن النظام العلاجي بالمغذيات المضادة للتأكسد المدرج لاحقا يؤمن حماية كافية من الإجهاد التأكسدي عند معظم الناس.
التقليل من التعرض للجذور الحرة
يعد الكثير من الجذور الحرة في الجسم – مثلما رأينا – منتوجات ثانوية للاستقلاب لا يمكن تجنبها؛ لكن بعض ما نتعرض له منها يخضع لسيطرتنا. ويمكن أن يساعد التقليل من تعرضنا لمصادر الجذور الحرة التي يمكن تجنبها على الحد من خطر الإجهاد التأكسدي؛ فمثلا:
• تجنب التعرض المكشوف للشمس، والذي يؤدي إلى تضرر الجلد بالجذور الحرة (مما يسبب سرطان الجلد والشيخوخة الباكرة).
• قلل من التعرض للمواد الكيميائية الزراعية بتناول الأطعمة العضوية وشرب ماء منقى؛ فهذا ينقص من عبء السموم على كبدك، ويقلل من تولد الجذور الحرة.
• يمكن أن يولد الالتهاب المزمن جذورا حرة؛ ولذلك، يساعد الحد من الالتهاب على إنقاص التضرر بالجذور الحرة في الجسم.
• تجنب تنفس الأبخرة المنطلقة من الدهان الزيتي والغازولين ومواد التنظيف الكيميائية والمواد الكيميائية الطيارة الأخرى، حيث تولد هذه المواد نشاطا للجذور الحرة في الرئتين والدماغ.
• استعمل المرش الرأسي المزيل للكلور للتقليل من مقدار الكلور الممتص عبر الجلد.
• اجعل بينك وبين أفران المكرويف مسافة عند تشغيلها لا تقل عن 90 سم.
• يحميك الجيل الجديد من شاشات الحواسيب المسطحة Flat-screen LCD computer monitors (ويحمي عينيك) من الأشعة الضارة.
وبذلك، يمكنك التقليل من الإجهاد التأكسدي نوعا ما من خلال إنقاص تعرضك لهذه الأشياء المحرضة للجذور الحرة. وهناك وسيلة أخرى لدينا للتقليل من الإجهاد التأكسدي وهي زيادة مقدار مضادات التأكسد المتوفرة في الجسم للتغلب على نشاط الجذور الحرة قبل أن تؤذي نسجا أخرى. وتساعد المكملات على ردم الفجوة بين حاجات الجسم من مضادات التأكسد ومقدار الإمداد المتوفر له.
الوقاية من الإجهاد التأكسدي
يعتمد جسمك على عدد من المركبات المختلفة المضادة للتأكسد لحماية خلاياه ونسجه المختلفة من المصادر العديدة لنشاط الجذور الحرة؛ فلكل مضاد تأكسد مصادره وتأثيراته ومسالكه وأهدافه المميزة، وهي تؤمن بعملها معا كفريق دفاعا شاملا.
ومن الطرق التي تعمل من خلالها مضادات التأكسد معا تفعيل أو تجديد بعضها البعض؛ فمثلا، يمكن أن يعطي جزيء الفيتامين E أحد إلكتروناته لتثبيت الجذر الحر، ثم يعيد جزيء الفيتامين C شحن جزيء الفيتامين E من خلال تزويده بإلكترون جديد؛ ويعاد شحن جزيء الفيتامين C بالغلوتاثيون المضاد للتأكسد antioxidant glutathione، وهكذا دواليك.
ويدعى هذا التبادل الإلكتروني من الناحية الكيميائية دورة الأكسدة والاختزال (الإرجاع) Redox cycle، لأنه يشتمل على توليفة من تفاعلات الاختزال والأكسدة. ويعد نظام الأكسدة والاختزال في الحماية والتجديد المتبادلين أحد الأسباب التي تجعلنا بحاجة إلى ضروب مختلفة من مضادات التأكسد للحصول على فريق دفاعي قوي منها.
مضادات التأكسد تحميك من الأمراض
لقد أظهرت الدراسات مرة بعد مرة أن الذين يتناولون الكثير من المغذيات المضادة للتأكسد، سواء من مصادر غذائية أو من المكملات، يقل لديهم خطر المرض القلبي والأنواع المختلفة للسرطان (بما في ذلك الثدي والبروستاتة والمثانة والمبيض وغير ذلك) والساد (تكثف عدسة العين) وشيخوخة الجلد.
مضادات التأكسد الأساسية
يصنع الكثير من مضادات التأكسد التي نحتاج إليها في خلايانا؛ لكن بعض مضادات التأكسد لا يمكن أن تصنع في الجسم، بل يجب الحصول عليها من مصدر خارجي، وهي تدعى المغذيات الأساسية Essential nutrients، وتشتمل على الفيتامين C والفيتامين E والبيتا – كاروتين Beta-carotene والسيلينيوم Selenium.
الفيتامين C
الاسم الكيميائي للفيتامين C، أي حمض الأسكوربيك Ascorbic acid، فمشتق من كلمة Antiscorbutic (مضاد البثع) التي تعني “antiscurvy”.
يعطي الفيتامين C (يعرف أيضا باسم حمض الستريك Citric acid) طعما لاذعا بشكل مميز للأطعمة، ويستعمل على نطاق واسع كحافظ طبيعي للوقاية من أكسدة الأطعمة المحضرة مسبقا والمعلبة؛ وهو يوجد بشكل طبيعي في الفواكه والخضار، لاسيما الحمضيات والفواكه المدارية أو الاستوائية (الجوافة Guava، الكيوي Kiwi، البابايا Papaya، المنجة Mango) والبندورة (الطماطم) والفلفل والبطيخ.
يستعمل الفيتامين C في كامل الجسم للوظائف الخلوية والاستقلابية، مثل بناء العظام والغضاريف والجلد. كما يمارس دورا خاصا كمضاد تأكسد في الوقاية من تضرر الـ د أن إي DNA بالجذور الحرة. وبما أن الفيتامين C لا يختزن في الجسم، لذلك يستنفد أو ينضب بسرعة، ولا بد من تعويضه من خلال المدخول المنتظم له. ويبلغ المقدار الموصى به من الفيتامين C كمضاد تأكسد 2-4 غ (2000-4000 مغ) يوميا.
مفارقة الفيتامين C
يستعمل الكثير من الأطباء من ذوي التوجه الغذائي الفيتامين C بجرعات مرتفعة جدا لأهداف علاجية نوعية، مثل العدوى الفيروسية أو السرطان. كما يمكن إعطاء الفيتامين C فمويا بمقادير تصل حتى 10-20غ، أو أكثر من ذلك وصولا إلى 30-60غ عند تطبيقه وريديا، تحت إشراف مباشر من الطبيب.
ولكن الفيتامين C في هذه الحالة لا يستعمل كمضاد تأكسد لتنظيف الجذور الحرة، بل يعتقد أنه يعمل كطليعة تأكسد Pro-oxidant، فيخرب الجراثيم والفيروسات وحتى الخلايا السرطانية عبر أكسدتها. ويمكن أن تزيد الجرعات الكبيرة من الفيتامين C حمل الجذور الحرة فعليا في الجسم، مما يزيد حاجة الجسم من مضادات التأكسد الأخرى. ومع أن الفيتامين C بجرعات عالية (فموية أو وريدية) قد يكون معالجة فعالة جدا، لكن ينبغي ألا يعطى بهذه المقادير إلى من قبل طبيب مؤهل.
الفيتامين E
الفيتامين E هو فيتامين ذواب في الدهن، يمارس دورا خاصا في الوقاية من أكسدة الكولستيرول في الدم، وحماية أغشية الخلايا من الضرر الناجم عن الجذور الحرة؛ وهذا ما يجعل الفيتامين E ذا أهمية خاصة في الوقاية من أمراض القلب والسكتة، كما يعزز الوظيفة المناعية أيضا.
ولقد تبين في دراسات واسعة النطاق أن إعطاء الفيتامين E يقلل خطر أمراض القلب والنوبة القلبية، وينقص خطر سرطان البروستاتة والثدي والقولون، ويقي من ظهور داء آلزهايمر.
يختزن الفيتامين E في النسج الدهنية للجسم، بما في ذلك الجلد، ويساعد على حماية الجلد من الضرر الناجم عن الجذور الحرة والمحرض (المستحث) بالأشعة فوق البنفسجية؛ كما يساعد على حماية العينين من الضرر الناجم عن الجذور الحرة والذي يؤدي إلى الساد (تكثف عدسة العين أو الجسم البلوري).
توجد عائلتان من الفيتامين E، التوكوفيرولات Tocopherols والتوكوترينولات Tocotrienols؛ وتقسم كل عائلة إلى أربعة أشكال مختلفة على الأقل (ألفا وبيتا ودلتا وغاما). ومع أن معظم مكملات الفيتامين E (ومعظم الأبحاث السريرية حتى تاريخه) لا تستعمل إلا التوكوفيرول ألفا، لكن دراسات حديثة أكثر رأت أن مزيجا من التوكوفيرولات والتوكوترينولات تعطي وقاية أفضل بكثير ضد الضرر الناجم عن الجذور الحرة. كما تعد الأشكال الطبيعية أفضل من الأشكال التركيبية أو التصنيعية (التوكوفيريلات Tocopheryls). ويبلغ المقدار الموصى به من الفيتامين E كمضاد أكسدة 400-1200 وحدة دولية يوميا.
البيتا – كاروتين
البيتا – كاروتين Beta-carotene هو أحد أشباه الكاروتين Carotenoids، وهي عائلة كبيرة جدا من المغذيات المضادة للتأكسد التي أول ما اكتشفت في الجزر Carrots، ومن هنا جاء اسمها. كما أن من المصادر الجيدة للبيتا – كاروتين الفواكه والخضار الأخرى، لاسيما الصفراء أو البرتقالية منها كالبطاطا الحلوة والقرع والمنجة والبابايا Papaya، وكذلك الخضار ذات الأوراق الخضراء Leafy green vegetables.
يستعمل جسمك البيتا – كاروتين لتصنيع الفيتامين A، وهو فيتامين ذواب في الدهن؛ وفضلا عن أن الفيتامين A مضاد تأكسد قوي، فهو يساعد على حفظ صحة الشبكية ووظيفتها، ويرمم النسج، ويقاوم العدوى. وتكون مستويات البيتا – كاروتين والفيتامين A مرتفعة في الدم عند الأشخاص الذين يستهلكون الكثير من الأطعمة الغنية بالكاروتين، كما يقل لديهم خطر سرطان الرئة والقولون؛ ويشاهد هذا التأثير الوقائي عند كل من المدخنين وغير المدخنين.
كما تشتمل الأطعمة التي تحتوي على البيتا – كاروتين على ضروب مختلفة من أشباه الكاروتين الأخرى، بما في ذلك الكاروتينات ألفا وغاما ودلتا، فضلا عن الزيازانثين Zeaxanthin والكريبتوزانثين Cryptoxanthin والليكوبين Lycopene واللوتين Lutein؛ ومن بين جميع أشباه الكاروتين، يعد البيتا – كاروتين أقوى طليعة للفيتامين A على الإطلاق، وهو الكاروتين الذي أفرد للبحث كواق محتمل من السرطان. لكن الناس الذين يأكلون أطعمة غنية بالبيتا – كاروتين يستهلكون أيضا الكثير من أشباه الكاروتين الأخرى هذه أيضا. ويبدو أن مضادات التأكسد القوتية الأخرى هذه تمارس دورا هاما في الوقاية من السرطان.
عندما يؤخذ البيتا – كاروتين كمكمل غذائي أو قوتي، ينبغي أن يكون ذلك مع أشباه كاروتين ومضادات تأكسد أخرى؛ وتتجلى أهمية ذلك عند المدخنين؛ ويوصى في سياق الوقاية بمضادات التأكسد بمكمل يحتوي على مزيج من أشباه الكاروتين ويؤمن 5000-10000 وحدة دولية من البيتا – كاروتين.
كما يمكن أن يؤخذ الفيتامين A كمكمل، لكنه واحد من الفيتامينات القليلة ذات العتبة المنخفضة نوعا ما للتسمم؛ فالمقادير الزائدة أو المفرطة يمكن أن تؤدي مع الوقت إلى أعراض تشتمل على الصداع والدوخة وتساقط الشعر وتشوش الرؤية وجفاف الجلد أو تقشره؛ كما قد يسبب الفيتامين A بالجرعات العالية ضررا كبديا. ولذلك، يمكن أن يؤخذ الفيتامين A بأمان بمقادير تصل حتى 5000 وحدة دولية يوميا.
السيلينيوم
السيلينيوم Selenium معدن مضاد للتأكسد يحطم جذور البيروكسيد peroxide radicals الضارة إلى جزيئات ماء وأكسجين غير ضارة. وتظهر أدلة كثيرة أن السيلينيوم مغذ مضاد للسرطان قوي؛ ففي أولئك الذين لديهم مستويات منخفضة من السيلينيوم، يزداد خطر العديد من أنواع السرطان (بما في ذلك القولون والثدي والمبيض والبروستاتة والرئة). ولقد تبين أن إعطاء السيلينيوم ينقص وقوع سرطانات البروستاتة والرئة والقولون والجلد.
يختلف مقدار السيلينيوم في الأطعمة التي تأكلها اختلافا كبيرا حسب التربة التي نمت فيها؛ كما أن السيلينيوم في اللحم والأطعمة البحرية أيضا يرتبط بكميته في المصدر الطعامي للحيوان. وتبلغ الجرعة الموصى بها من مكمل السيلينيوم 200 مكغ يوميا، والشكل المفضل من السيلينيوم هو السيلينوميثيونين Selenomethionine المشتق من الخضار الصليبية Cruciferous vegetables مثل القنبيط Broccoli.
مضادات التأكسد التي يصنعها جسمك
فضلا عن مضادات التأكسد الأساسية المشتقة من المصادر الخارجية، تقوم خلايانا أيضا بتصنيع مضادات تأكسد هامة، وهي تشتمل على تميم الإنزيم Q10 والغلوتاثيون Glutathione وحمض ألفا – ليبويك Alpha-lipoic acid. ولكن، يمكن أن يبطؤ إنتاج الجسم لهذه المغذيات مع تقدمنا بالعمر، وذلك هو واحد من الكثير من التغيرات المبرمجة وراثيا في الوظيفة الخلوية والتي تساهم في الشيخوخة. ويمكننا التعويض عن النقص المرتبط بالعمر في مضادات التأكسد الخلوية بالمكملات التغذوية.
تميم الإنزيم Q10
يدعى تميم الإنزيم Q10 اليوبيكوينون Ubiquinone أيضا، وهو أغزر مضادات التأكسد الخلوية (اشتق اسم اليوبيكوينون من كلمة واسع الانتشار Ubiquitous التي تدل على “الوجود في كل مكان”). وبالإضافة إلى أن تميم الإنزيم Q10 مضاد تأكسد قوي بحد ذاته، فهو يساعد على إبقاء مستويات الفيتامينين C وE مرتفعة في الجسم.
يعد تميم الإنزيم Q10 هاما بشكل خاص في حماية النسج الدماغية والقلبية، وهي النسج العضوية التي تمتلك حاجات كبيرة جدا من الطاقة، وتتعرض لأعداد كبيرة من الجذور الحرة. عندما ينخفض الإنتاج الخلوي لتميم الإنزيم Q10 مع العمر، يتعرض القلب والدماغ بشكل متزايد للضرر الناجم عن الجذور الحرة.
يمكن أن يعيد تناول تميم الإنزيم Q10 كمتمم مستويات هذا المغذي في النسج التي نقص فيها إنتاجه الخلوي. وأظهرت الدراسات أن إضافة تميم الإنزيم Q10 تنقص الإجهاد التأكسدي، وتزيد المستويات الخلوية للفيتامينين C وE. وتتحقق وقاية أساسية جيدة من الضرر التأكسدي بجرعة 50-200 مغ يوميا؛ ويمكن أن يوصى بجرعة تصل حتى 400-600 مغ يوميا عند الذين لديهم مشاكل معينة، مثل أمراض القلب.
الغلوتاثيون
يتمتع الغلوتاثيون Glutathione GSH بدور نوعي في حماية الخلايا المناعية من الضرر الناجم عن الجذور الحرة؛ فكريات الدم البيضاء تقوم بجولة في مجرى الدم بحثا عن الدخلاء، مثل الجراثيم أو الفيروسات أو الخلايا السرطانية؛ وعندما تعثر على عامل ممرض Pathogen، تعطله بأكسدته، فتتحرر جذور حرة في هذه العملية، ويؤدي ذلك إلى إحداث تهديد لا يقتصر على النسج المحيطة وحسب، بل يتعداه إلى الكريات البيض نفسها.
ويعمل الغلوتاثيون كحارس لكريات الدم البيضاء، فيستعدل الجذور الحرة التي تتولد من الخلايا المناعية خلال قيامها بوظيفتها؛ كما يساعد الغلوتاثيون على إعادة دورة الفيتامينين C وE من خلال شلال الأكسدة والإرجاع Redox cascade. ويمثل الغلوتاثيون أيضا أهم مسلك لإزالة السمية في الكبد.
ويميل مستوى الغلوتاثيون في الخلايا، مثله مثل مضادات التأكسد الخلوية الأخرى، إلى الانخفاض مع تقدمنا بالعمر، كما يوجد نقص في مستويات الغلوتاثيون عند المصابين بالأمراض التنكسية مثل المرض القلبي وداء آلزهايمر وداء باركنسون.
ينطوي تناول الغلوتاثيون كمكمل على مشاكل، لأن الكثير من جزيئه يتحطم في الجهاز الهضمي قبل أن يمتص من الخلايا؛ لكن تناول المغذيات المضادة للتأكسد، مثل الفيتامين C وحمض ألفا – ليبويك، يساعد على زيادة تصنيع الغلوتاثيون في الخلايا.
كما يمكنك أن تساعد جسمك على إنتاج المزيد من الغلوتاثيون بإعطاء الحموض الأمينية التي تعمل كلبنات بناء له، حيث يتكون الغلوتاثيون من ثلاثة حموض أمينية مختلفة: الغلوتامين Glutamine والميثيونين Methionine والسيستئين Cysteine، وقد يكون السيستئين أقل هذه الحموض الثلاثة مدخولا؛ ويمكن الحصول عليه بشكل ن – أسيتيل سيستئين N-acetylcysteine (NAG)، وهو شكل يمتص جيدا. ويعد ن – أسيتيل سيستئين بحد ذاته مضاد تأكسد قويا، ويمكن أن يساعد على تعزيز إنتاج الغلوتاثيون في الخلايا. ويشكل مسحوق بروتين المصالة Whey protein powder مصدرا آخر للسيستئين الذي تبين أنه يعزز إنتاج الغلوتاثيون.
ولتعزيز إنتاج الغلوتاثيون، تناول 500 مغ من ن – أسيتيل سيستئين أو ملعقة إلى ملعقتين من بروتين المصالة الممزوج مع العصير أو الحليب يوميا.
حمض ألفا – ليبويك
يعد حمض ألفا – ليبويك Alpha-lipoic acid ALA لاعبا متعدد المهارات في فريق مضادات التأكسد، لاسيما وأنه ذواب في كل من الماء والدهن؛ ويعزز حمض ألفا – ليبويك إنتاج الطاقة في المتقدرات، ويحمي الأغشية المتقدرية من الضرر التأكسدي، ويقي الجسم من المعادن الثقيلة السامة مثل الكادميوم والأرسينيك (الزرنيخ) والرصاص. ويكون حمض ألفا – ليبويك واقيا بشكل خاص للخلايا الدماغية، حيث يحميها من الضرر التأكسدي، كما يقي الدماغ من تأثيرات نقص الأكسجين (كما في السكتة).
يمثل حمض ألفا – ليبويك في نظام مضادات التأكسد الدفاعي لاعبا مكملا للفريق، فهو يزيد مستوى الغلوتاثيون المتوفر للخلايا، ويساعد على إعادة دورة (تطوير) الفيتامينين C وE. كما يبدو أن حمض ألفا – ليبويك يضعف إذا كانت مستويات مضادات التأكسد الأخرى منخفضة. وتظهر الدراسات أن حمض ألفا – ليبويك يقي بشكل كامل من أعراض عوز الفيتامين E.
يتمتع حمض ألفا – ليبويك بقدرة استثنائية على تحسين استجابة الجسم للغلوكوز واستعماله، وهو يستخدم على نطاق واسع في أوروبا لمعالجة الداء السكري والوقاية من مضاعفاته؛ وتفيد تأثيرات حمض ألفا – ليبويك المضادة للتأكسد بشكل خاص في وقاية مرضى السكري من الضرر التأكسدي على مستوى الأعصاب والقلب، وهو يعطى بجرعة 300-1200 مغ يوميا في هذه الحالة.
تبلغ الجرعة الموصى بها من حمض ألفا – ليبويك كمضاد تأكسد 250-500 مغ يوميا، حيث تقسم الجرعة إلى 2-3 دفعات خلال اليوم.
مضادات التأكسد الخلوية والتعب
يولد إنتاج الطاقة عددا كبيرا من الجذور الحرة، كما أن الخلايا الدماغية تنتج وتستعمل من الطاقة أكثر من أي نمط خلوي آخر؛ فإذا وجد نقص في مضادات التأكسد في النسيج الدماغي، تتعرض الخلايا الدماغية للجذور الحرة بشدة.
لكن يبدو أن الدماغ يمتلك آلية وقائية تتحسس مدخرات مضادات التأكسد المتوفرة للتغلب على الجذور الحرة.
وبتعزيز مستويات مضادات التأكسد الخلوية (تميم الإنزيم Q10 وحمض ألفا – ليبويك والغلوتاثيون)، يمكن أن ترسل الإشارة إلى الدماغ بأنه من المأمون زيادة إنتاج الطاقة؛ ولقد وجدت أن التغذية المكثفة بمضادات التأكسد تؤدي إلى نتائج هائلة عند المرضى الذين يعانون من متلازمات التعب.
مضادات التأكسد التي لا تحتاج إلى تناولها
فضلا عن المغذيات المضادة للتأكسد، يعتمد دفاع الجسم ضد الجذور الحرة على عدة إنزيمات مضادة للتأكسد يصنعها الجسم. وتشتمل الإنزيمات الثلاثة المضادة للتأكسد الأكثر أهمية على ديسموتاز فوق الأكسيد Superoxide dismutase SOD والبيروكسيداز Peroxidase والكاتالاز Catalase.
وخلافا للمغذيات المضادة للتأكسد التي يستعدل الجذور الحرة من خلال منح الإلكترونات، تحطم الإنزيمات المضادة للتأكسد الجذور الحرة ببساطة إلى قطع، وتعيد تركيب مركبات غير ضارة منها؛ فديسموتاز فوق الأكسيد مثلا يحول جذور فوق الأكسيد الخطرة إلى جزيئات فوق أكسيد الهيدروجين، ثم تحول الأخيرة إلى ماء بالكاتالاز الإنزيمي.
وتبقى الإنزيمات نفسها من دون تبدل، وهي – خلافا للمغذيات المضادة للتأكسد – لا تحتاج إلى إعادة الشحن أو الاستبدال. وفي حين أن المغذيات المضادة للتأكسد يمكن أن تنضب بفعل الأعداد الكبيرة من الجذور الحرة، تستطيع الإنزيمات المضادة للتأكسد مواصلة تعطيل الجذور الحرة حسب الحاجة.
يمكن أن تبتاع ديسموتاز فوق الأكسيد بشكل مكمل غذائي، لكن جسمك ينبغي أن ينتج جميع مضادات التأكسد الإنزيمية حسب حاجته ما دمت تمده بالتمائم الإنزيمية Cofactors الضرورية، حيث يحتاج جسمك إلى بعض المعادن، بما في ذلك الزنك (التوتياء) والنحاس والمنغنيز والحديد، لتنظيم إنتاج الإنزيمات المضادة للتأكسد؛ فإذا كان لديك نقص في النحاس مثلا، يمكن أن يؤدي إلى نقص نشاط ديسموتاز فوق الأكسيد في خلاياك، مما يسبب ضررا تأكسديا؛ غير أن النحاس في الوقت نفسه يعد مركبا مؤكسدا يولد جذورا حرة ضارة؛ كما أن الحديد اللازم لتنشيط الإنزيمين المضادين للتأكسد “الكاتالاز Catalase والبروكسيداز Peroxidase” هو مؤكسد قوي أيضا.
وقد فطر الجسم على حفظ التوازن الدقيق بين الوظائف المحرضة للتأكسد Prooxidative functions ووسائل الدفاع المضادة للتأكسد Anti-oxidative defenses فيه؛ وهذا ما يبرر الأهمية الكبيرة لوجود برنامج متكامل ومتوازن من المكملات؛ فالنحاس والمنغنيز والزنك تعزز نشاط ديسموتاز فوق الأكسيد، في حين يحمي الفيتامين E والبيتا – كاروتين وحمض ألفا – ليبويك الجسم من الجذور الحرة المحرضة (المستحثة) بالنحاس. كما يحطم حمض ألفا – ليبويك الفائض من الحديد، مما يساعد على الوقاية من ميوله المؤكسدة.
هل تحصل على الحماية الكافية؟
يعطي الجدول اللاحق المقادير الموصى بها من أهم مضادات التأكسد وتمائم العوامل Cofactors المتعددة؛ وفي حين يوجد الكثير من هذه المغذيات في المستحضرات المتعددة الفيتامينات، لكن معظمها لا يحتوي على مقادير كافية للوقاية من الإجهاد التأكسدي. وعليك أن تكمل المستحضر المتعدد الفيتامينات بالمغذيات الفردية حسب الحاجة للحصول على المدخول اليومي الكامل وصولا إلى المستويات الموصى بها لاحقا.
برنامج الوقاية بمضادّات التأكسد | ||
مضادّ التأكسد الأساسي | الجرعة المقترحة | ملاحظات |
الفيتامين C | 2000-4000 مغ | يمكن الحصول على الفيتامين C بشكل أقراص أو مسحوق بلّوري يحلّ في الماء أو العصير؛ وقد يقي الشكل المدروء (المغلّف) من الانزعاج المعدي عند الذين لديهم تحسّس زائد للأطعمة الحمضيّة. |
الفيتامين E | 400-1200 وحدة دولية | اختر مزيجا طبيعيا (غير تركيبي) من التّوكوفيرولات والتّوكوترينولات. |
البيتا – كاروتين | 5000-10000 وحدة دولية | تناول مكمّلا من مزيج أشباه الكاروتين. |
السّيلينيوم | 200 مكغ | |
مضادّات التأكسد الخلويّة | ||
تميم الإنزيم Q10 | 50-200 مغ | أفضل ما يمتصّ تميم الإنزيم Q10 عندما يؤخذ مع الأطعمة أو المكمّلات التي تحتوي على الدهون (مثل الفيتامين E أو كبسولة زيت السمك). |
حمض ألفا – ليبويك | 250-500 مغ (وحتّى 1200 مغ عند المصابين بالدّاء السكّري أو هم في خطر منه) | تتعزّز كفاءة حمض ألفا – ليبويك بتقسيم الجرعة إلى جرعتين أو ثلاث خلال اليوم، أو بتناول مستحضر بطيء التحرّر. |
ن – أسيتيل سيستئين لتعزيز إنتاج الغلوتاثيون | 500 مغ | ويمكن بدلا منه تناول غرفة أو غرفتين من مسحوق بروتين المصالة. |
تمائم العوامل المضادّة للتأكسد | ||
الزّنك | 35 مغ | |
النحاس | 2 مغ | |
المنغنيز | 5 مغ | |
الحديد | حسب الحاجة فقط |
يميل الحديد إلى التراكم في أجسام الرجال والنساء غير الحائضات، مما يشكل تهديدا مؤكسدا ويساهم في المرض القلبي؛ ولا يحتاج معظم البالغين والنساء بعد سن اليأس إلى الحديد التكميلي، بل ينبغي أن يختاروا مستحضرات غذائية غير محتوية على الحديد.
تعزيز مضادات التأكسد في نظامك الغذائي
مع أنني أعتقد أن التكميل الغذائي ضروري للحصول على وقاية كافية بمضادات التأكسد، لكن ذلك لا يعني أن الأطعمة الغنية بمضادات التأكسد ليست هامة؛ فالفواكه والخضار الغنية بالفيتامينات والمعادن المضادة للتأكسد تحتوي أيضا على الكثير من أنواع المواد الكيميائية النباتية المضادة للتأكسد، بما في ذلك الفلافونويدات Flavonoids والكاتيكينات Catechins وأشباه الكاروتين Carotenoids. كما أن الأشخاص الذين يستهلكون الكثير من الفواكه والخضار تقل لديهم معدلات الأمراض كثيرا.
وما يزال العلماء يتعرفون إلى المواد الكيميائية النباتية المختلفة التي لا تحصى، ويكتشفون كيفية مساهمتها في الصحة، لكن يبدو أن هذه المواد الكيميائية الطبيعية جزء هام من الشبكة الدفاعية المضادة للتأكسد في الجسم. واليوم، تشتمل بعض المستحضرات المتعددة الفيتامينات على معقدات من المغذيات النباتية والخلاصات الطعامية في تركيبها، غير أن الجرعات تتفاوت كثيرا، ويمكن أن تكون قليلة تماما بسبب غياب المعايير الراسخة.
كما أننا لا نفهم تماما جميع الطرق التي تعمل فيها هذه المغذيات مع بعضها البعض بشكل تآزري. وفضلا عن تناول مكملات الفيتامينات، لا بد من أن تعزز نظامك الغذائي بضروب واسعة من الفواكه والخضار الطازجة لزيادة مدخولك من هذه المواد الكيميائية الطبيعية ضمن توليفاتها الطبيعية.
المواد الكيميائيّة النباتيّة المضادّة للتأكسد | الوظائف المعروفة | المصادر الطعاميّة |
طليعة الأنثوسيانيدين Proanthocyanidin، الرّيزفيراتول Resveratrol، البيسنوجينول Pycnogenol OPC |
تحمي النسج من الضرر الناجم عن الجذور الحرّة، لاسيّما القلب والجلد |
العنب، التوت |
الإندولات lndoles (l3 C and DIM) |
تقي من السرطان | اللفت، الكرنب، القنبيط |
الليكوبين Lycopene | يقي من السرطان، لاسيّما سرطان البروستاتة |
البندورة ومنتجاتها، الليمون الهندي (الكريب فروت) الأحمر، البطّيخ الأحمر |
اللوتيين Lutein، الزيازانثين Zeaxanthin |
يقيان من التنكّس البقعي Macular degeneration وسرطان الثدي |
السبانخ، الخضار ذات الأوراق الخضراء الداكنة (اللوتيين)؛ الذرة، الخوخ، المنجة، البرسيمون Persimmons (الزيازانثين) |
الكاتيكينات Catechins | تحمي الأغشية الخلوية، وتقي النسج من الأشعّة فوق البنفسجيّة والمواد الكيميائيّة المسرطنة | الشاي الأسود والأخضر |
حماية الجلد من الشيخوخة الباكرة
لقد أصبحت مضادات التأكسد آخر شيء في مستحضرات التجميل ومنتجات العناية بالجلد، ولسبب جيد؛ فالتغيرات في الجلد والتي تصاحب الشيخوخة (الخطوط، التجاعيد، البقع العمرية، سرطان الجلد) – مثلما تدرك – تتعجل بالتعرض للأشعة فوق البنفسجية؛ فعندما يسقط الإشعاع فوق البنفسجي على الجلد، تنتج أعداد كبيرة من الجذور الحرة في الجلد، وتبدأ سلسلة من التفاعل الضار بالنسج؛ فالجذور الحرة تبدل الـ د أن إي DNA في الخلايا الجلدية، مما يوفر الأساس لسرطانات الجلد مستقبلا. كما تخرب الجذور الحرة المادة الأساسية الكولاجينية (المطرس الكولاجيني) Collagen matrix التي تدعم الجلد. ويؤدي تضرر المطرس الكولاجيني إلى رخاوة الجلد وتخططه وزيادة تعرضه لشد الجاذبية.
ويمكن لاستهلاك المغذيات المضادة للتأكسد في القوت والمكملات أن يساعد على حماية خلايا جلدك من ضرر الشمس؛ كما يمكن لوضع بعض المغذيات المضادة للتأكسد على سطح الجلد مباشرة أن يكون ذا تأثيرات فائقة في الوقاية من علامات الشيخوخة في الجلد، بل وحتى إزالتها.
يعد الفيتامين E مغذيا قيما واقيا للجلد؛ لكن عندما يطبق مباشرة على سطح الجلد، يكون الشكل التوكوترينولي Tocotrienol form منه أفضل امتصاصا واستعمالا في الخلايا من الشكل التوكوفيرولي Tocopherol form. كما قد يساعد الاستعمال الموضعي لتميم الإنزيم Q10 والفيتامين C وحمض ألفا – ليبويك على إصلاح شيخوخة الجلد. وتروج الكثير من منتجات العناية بالجلد للمغذيات المضادة للتأكسد، لكن القليل منها لا يحتوي على أكثر من مقادير زهيدة؛ ولذلك، ابحث عن المنتجات التي تستعمل المغذيات المضادة للتأكسد بتراكيز تصل حتى 1-5%. وينبغي أن يستعمل الفيتامين C شكلا ذوابا في الدهن من الفيتامين (بالميتات الأسكوربيل Ascorbyl palmitate). كما أن المنتجات المحتوية على مزيج من مضادات التأكسد المختلفة قد تمنح وقاية أفضل باستثمار الخواص التآزرية لمضادات التأكسد المختلفة هذه. ومع أن الفيتامين C فعال جدا عندما يستعمل موضعيا، لكنه يتصف بعدم استقرار شديد.
إن حماية الجسم من الداخل والخارج من التأثيرات الضارة للأكسدة هي سياج هام ضد الشيخوخة والمرض؛ لكن الوقاية من الأمراض المرتبطة بالعمر تتطلب أسلوبا متعدد العوامل.