يستعمل ملايين الأميركيين المضادات الحمضية لمكافحة الحرقة. ولكن استنادا إلى مزاولي الطب البديل، يرتكب جميعهم خطأ فادحا. وتقول باميلا سكاي جين، دكتورة في طب المعالجة الطبيعية، طبيبة أمراض عصبية في غريشام، أوريغون، لشرح وجهة نظرها: “إن أحد أسوأ الأمور التي ترتكبها في حق صحتك هي استعمال مضاد حمضي. ذلك أن تحليل البروتينات إلى حموض أمينية ليستعملها الجسد يحتاج إلى كمية كافية من حمض الهيدروكلوريك في المعدة.
“والمضادات الحمضية تعيق عملية الهضم الطبيعية هذه. كما تتداخل مع عملية الهضم في المعى الدقيق وفي الجهاز الهضمي بأكمله… باختصار، فإن المضاد الحمضي يدمر قدرتك على امتصاص المغذيات. ومن شأن ذلك أن يتلف صحتك”.
ولا يخفى على أحد سبب استعمال الناس للمضادات الحمضية. إنها الحرقة، وهي مؤلمة. ويطلق الأطباء على هذه المشكلة اسم الارتداد المعدي المريئي، وتطرأ حين يرتخي الصمام الموجود في أسفل المريء، وهو الأنبوب المؤدي إلى المعدة. وهذا ما يسمح لحمض المعدة بالارتداد أو التراجع عبر المريء، مسببا الحرقة المؤلمة.
فإن كنت مصابا بمرض الارتداد المعدي المريء، ربما كنت تعاني أيضا من أعراض كالتهاب الحلق، بحة الصوت، سعال دائم، أو صعوبة في البلع. وربما أحسست أيضا بأعراض هضمية كالغثيان، الانتفاخ، التجشؤ، وألم المعدة.
وبالرغم من أن مضادات الحمض تخفف قوة حمض المعدة، إلا أنها غير صحية ببساطة، كما يؤكد ريتشاد لي، دكتور في الطب، طبيب متقاعد في فورت كولينز، كولورادو. ويضيف: “إن استعمال المضادات الحمضية الموصوفة أو غير الموصوفة لشهور متواصلة هو ضرب من الجنون”.
ويستحسن عوضا عن ذلك اللجوء إلى وسائل طبيعية وآمنة لعلاج الحرقة، برأي د. لي. وهو يعتقد في الواقع بأن “سوء هضم الحمض” ينجم في حالات كثيرة عن عدم إفراز الجسم لكمية كافية من حمض المعدة لهضم الطعام بشكل سليم.
دليل العناية الطبية
بما أن الحرقة والارتداد المعدي المريئي يتجاوبان بصورة جيدة مع وسائل العلاج البيتية، فإن الأعراض ستزول على الأرجح بسرعة. أما إن لم تختف الأعراض في غضون أسبوع، وكان طبيبك البديل قد استبعد إصابتك بالحساسية تجاه أطعمة معينة أو غيرها من مسببات الحرقة المعتادة، عليك أن تعرض نفسك على طبيب تقليدي للتأكد بأنك لا تعاني من مشكلة خطيرة.
ويتوجب عليك في الواقع أن ترى طبيبا على الفور إن ترافقت الحرقة مع ألم في الصدر، يمتد خاصة إلى الفك أو العنق أو الذراع، أو مع أعراض أخرى، كالعرق البارد أو الغثيان أو شعور بعصر في الصدر، كما يشير جايمس بالتش، دكتور في الطب، طبيب في تروفي كلوب، تكساس. فربما كنت تعاني من نوبة قلبية، ولا حاجة عندها للمخاطرة، كما يشير.
حمض الهيدروكلوريك Hydrochloric acid: ربما كنت بحاجة إلى المزيد
تقول د. جين: “غالبا ما يعتقد الناس بأن الحرقة ناتجة عن زيادة حمض المعدة. وقد تكون الحقيقة عكس ذلك. إذ يصاب البعض بنقص في الحمض، خاصة بالنسبة إلى الأشخاص الذين تجاوزوا الخمسين من عمرهم، بما أن حمض المعدة ينخفض مع التقدم في السن”.
والواقع أن الانزعاج الناتج عن قلة الحمض شبيه تقريبا بالأعراض الناتجة عن كثرته، كما تضيف إليزابيث ليبسكي، خبيرة تغذية سريرية مجازة في كاواي، هاواي. فبما أن حمض المعدة هو الذي يباشر عملية الهضم، فإن قلته تعيق الهضم السليم، مسببة غثيانا وانتفاخا وتجشؤا وأعراضا أخرى للحرقة.
وينصح د. لي مرضى الحرقة بأن يجربوا استعمال مكمل يحتوي على حمض الهيدروكلوريك، مثل سائل Gas-X Extra Strength، قبل الوجبات مباشرة، وفقا للتعليمات على الوصفة. فإن كنت تعاني من نقص في حمض الهيدروكلوريك، ستشعر بالتحسن على الفور.
أما إن لم تكن معدتك بحاجة إليه، ستشعر بحرقة طفيفة (ولكنها غير خطرة)، يمكنك إيقافها على الفور بتناول كوب من الحليب أو سائل آخر محضر بخلط ¼ إلى ⅓ ملعقة صغيرة من كربونات الصودا في فنجان من الماء، كما يقترح د. لي.
عرق السوس Liquorice: مضاد حمضي طبيعي
إن استمرت الأعراض بعد استعمالك مكملا من حمض الهيدروكلوريك، من المحتمل جدا أن يكون أساس المشكلة عائدا إلى كثرة الحمض.
في هذه الحالة، تنصح ريتا إلكينز، خبيرة أعشاب في أوريم، يوتاه، باستعمال شكل من السوس يدعى deglycyrrhizinated licorice (أو المنزوع منه جوهر السوس)، وهو نوع قابل للمضغ من العشبة. فهذا الشكل يحمي بطانة المريء المعرضة للتلف في حالات الحرقة المزمنة. ويعتقد بأن هذا النوع من السوس هو أكثر فاعلية من السوس العادي وقد لا يسبب ارتفاعا في ضغط الدم، وهو تأثير جانبي محتمل للأشكال الأخرى للسوس.
وتقول إلكينز: “يمكن استعمال السوس أيضا للحماية من تكون بعض أنواع القروح الناتجة عن فرط الحمض”.
لاستعمال السوس لعلاج الحرقة، تناول قرصا واحدا أو قرصين للمضغ ثلاث مرات في اليوم على معدة خاوية، كما يوصي مارك ستانغلر، دكتور في طب المعالجة الطبيعية في سان دييغو.
الصبار: يوقف الأعراض بسرعة
يقول جايمس بالتش، دكتور في الطب، طبيب في تروفي كلوب، تكساس: “أنا أعاني من عسر هضم الحمض، ولكن فنجانا من هلام الصبار يوقف أعراض الحرقة على الفور تقريبا كلما عانيت منها”. إذ يساعد الهلام على حماية البطانة الرقيقة للمريء وشفائها، كما يشرح. ويقول أنه بإمكانك تخفيف الهلام أو استعماله كما هو، حسب ذوقك. ولكن احرص على التحقق من استعمال النوع المخصص للاستعمال الداخلي.
الدردار الزلق Slippery Elm: يشفي الأغشية المخاطية
“الدردار الزلق هي عشبة رائعة تساعد على تخفيف أعراض سوء هضم الحمض لأنها تشفي الأغشية المخاطية التي تهيجت أو جرحت بفعل ارتداد الحمض”، كما تؤكد د. جين. وهي توصي بتناول كبسولة واحدة من العشبة قبل كل وجبة مباشرة.
MSM: يحمي من الحمض
يعمل المكمل الغذائي MSM (أو ميثيلسولفونيلميثان methanesulfonylmethane) على تقوية بطانة المريء ويحميها من حمض المعدة، كما تقول تيريزا ريسبولي، دكتورة في الفلسفة، خبيرة تغذية وخبيرة وخز بالإبر مجازة في أغورا هيلز، كاليفورنيا. وهي تنصح بتناول كبسولة واحدة إلى ثلاثة مرتين في اليوم مع الوجبات طيلة وجود الأعراض.
12 خطوة لتجنب الحرقة
تعتبر العلاجات الطبيعية فعالة جدا في علاج الحرقة، غير أنه من الممكن غالبا الوقاية منها تماما بتجنب مسبباتها الأكثر شيوعا، كما يقول دايفيد س. يوتلي، دكتور في الطب، أستاذ سريري في مركز جامعة ستانفورد الطبي. وإليك 12 خطوة يوصي بها.
• تجنب الأطعمة الغنية بالدهون. فالدهن الغذائي يدفع الجسم إلى إنتاج هورمون يضعف صمام المريء، مما يتيح ارتداد الحمض في المريء.
• لا تتناول وجبات كبيرة. فالإكثار من الأكل يدفع الجسم على زيادة إنتاج الحمض. تناول عوضا عن ذلك 5 أو 6 وجبات صغيرة في اليوم.
• لا تأكل قبل وقت النوم. فالتمدد بعد الأكل يسهل ارتداد الحمض عبر المريء. ومن الأفضل بالتالي الأكل قبل 3 إلى 4 ساعات قبل الخلود إلى النوم، كما ينصح د. أوتلي.
• امتنع عن تناول القهوة والشاي – بالنوع المحتوي على الكافيين والنوع الخالي منه. فالكافيين ليس هو المسؤول عن زيادة حمض المعدة، بل مكون آخر غير معروف في هذه المشروبات.
• امتنع عن تناول المشروبات الغازية (خاصة الكولا) والفاكهة الحمضية والطماطم. فمن شأن هذه الأطعمة أن تدفع المعدة على زيادة إفراز الحمض.
• كن حذرا في ما يتعلق بالتوابل. فالأطعمة الحارة تعتبر من الأسباب الشائعة لفرط إفراز الحمض.
• امتنع عن أكل الشوكولاته. فالدهون وغيرها من مكونات الشوكولاته من شأنها أن تزيد كمية الحمض، مسببة حرقة مؤلمة.
• أرخ حزامك بعد الأكل. فمن شأن الملابس الضيقة، كالأحزمة والسراويل والجوارب، أن تسبب مزيدا من الضغط وتؤدي إلى تفاقم الحرقة.
• تجنب النعناع المجفف الناعم. فهذه العشبة الصحية عادة، والمستعملة غالبا في الشاي أو في حبوب المص بعد الأكل، ترخي صمام المريء.
• إن كنت تعاني من سوء هضم الحمض، فإن شرب الكحول مساء يضمن تقريبا إصابتك بنوبة حرقة ليلية.
• خفف من وزنك. بالرغم من صعوبة تخفيف الوزن، إلا أن الوزن الزائد بنسبة 10 إلى 20 بالمئة يجعلك عرضة للحرقة.
• أقلع عن التدخين. فالتدخين يضعف عضلات المريء، متيحا للحمض بالارتداد إليه.
النوم: الوضعية الصحيحة
أحيانا يكون أفضل العلاجات هو أبسطها.
يقول د. لي: “تذكر بأن معدتك موجودة في جانبك الأيسر. بالتالي فإن النوم على الجانب الأيسر أو على الظهر يساعد محتويات المعدة على الارتداد في المريء”. بالتالي، حين تقرر الاستغراق في النوم، نمدد على جانبك الأيمن، كما يقترح.