ما هو العلاج الأفضل للأرق؟ اطرح هذا السؤال عن معظم الأطباء، وستكشف أن لديهم إجابة جاهزة (ووصفة جاهزة): الحبوب المنومة. “يعتبر معظم الأطباء أن الحبوب المنومة هي العلاج الأكثر فاعلية للأرق – وهذا غير صحيح – ويتابعون وصفها بكثرة”، كما يقول غريغ جاكوبس، دكتور في الفلسفة، متخصص في مشاكل الأرق في مركز اضطرابات النوم Beth Deaconess Medical Center في بوسطن.
ويعتقد د. جاكوبس بأن الحبوب المنومة توصف بكثرة في غير محلها لأنها لا تعالج سبب الأرق كما يحتمل للمريض أن يدمن عليها، ومن شأنها في الواقع أن تسبب تفاقم الأرق.
“يمكن للحبوب المنومة أن تكون فعالة لعلاج الأرق القصير الأمد. ولكنها قد تفقد فاعليتها تدريجيا مع الاستعمال المنتظم، فضلا عن أنها تسبب كثيرا من التأثيرات الجانبية المحتملة تفوق بكثير فوائدها المتواضعة”، كما يشير.
والسبب الآخر الذي يدفع د. جاكوبس على الاعتقاد بأن الأطباء يصفون الحبوب المنومة بكثرة هو أن معظم الناس الذين يعانون من الأرق يمكنهم تخفيف مشاكل النوم أو التخلص منها من دون أدوية، باستعمال وسائل علاج طبيعية.
دليل العناية الطبية
من المستحسن استعمال وسائل العلاج غير الدوائية كعلاج أولي للأرق المزمن، كما يقول غريغ جاكوبس، دكتور في الفلسفة، متخصص في مشاكل الأرق في مركز اضطرابات النوم Beth Deaconess Medical Center في بوسطن.
ولكن في حال لم تنفع التقنيات غير الدوائية، عليك أن تتصل بمركز اضطرابات النوم الأقرب إليك وتحدد موعدا مع طبيب نفسي أو أخصائي في التقنيات السلوكية للأرق.
ونظرا لاقتناع د. جاكوبس بأن أغلب الأشخاص الذين يعانون من الأرق لديهم مشاكل جسدية أو عقلية خفية، فإنه يوصي بإجراء فحص طبي شامل لاستبعاد الأسباب المحتملة كانقطاع النفس أثناء النوم أو الاكتئاب.
استجابة الاسترخاء: يزيل الإجهاد النفسي
الإجهاد النفسي موجود في كل مكان، من ضغوطات الوقت إلى الضجيج والمشاكل العائلية، ومن فرط المعلومات إلى المشاكل المادية. ومن شأن فرط الإجهاد أن يمنع النوم يؤدي إلى الأرق.
ويقول د. جاكوبس: “إن المشاكل الحياتية المسببة للإجهاد النفسي هي من أكثر أسباب الأرق المزمن شيوعا”. ويمكنك تعلم تقنية لمساعدة العقل والجسم على التخلص من الآثار السلبية للتوتر، وهذا ما يدعى باستجابة الاسترخاء.
فقد أثبتت الأبحاث أن استجابة الاسترخاء تشكل علاجا فعالا للأرق، كما يشير د. جاكوبس. وللمساعدة على مكافحة الأرق، مارس الاسترخاء لمدة 10 إلى 20 دقيقة يوميا. حدد الوقت الأنسب إليك من النهار، وخصص هذا الوقت من كل يوم لإزالة الإجهاد من حياتك. وإليك كيفية ذلك.
1. اختر مكانا هادئا لا يزعجك فيه الضجيج أو الناس أو الحيوانات الأليفة. اجلس أو تمدد في وضعية مريحة وأغمض عينيك. وإن غفوت أثناء استجابة الاسترخاء، لا بأس في ذلك، ولكن اضبط منبها ليوقظك بعد 20 دقيقة في حال استغرقت في النوم، ولا تمارس التمرين قبل ساعة أو اثنتين من وقت النوم كي لا يصعب عليك النوم بعده.
2. ركز انتباهك على كل جزء من جسدك واشعر بالاسترخاء ينتشر فيها: قدميك، بطتي الساقين، فخذيك، صعودا إلى معدتك، صدرك، ظهرك، ومن ثم يديك، ذراعيك، زنديك، كتفيك، عنقك، فكك، خديك، عينيك، ورأسك. وقد تلاحظ دفئا، وخزا أو ثقلا أو تشعر تماما بالجزء الذي وصلت إليه من جسدك. “وبنهاية هذا التمرين، خذ بضع دقائق للتركيز على كيفية استرخاء جسدك بأكمله”، كما يقول د. جاكوبس.
3. للسيطرة على التنفس، ضع يدا على معدتك واليد الأخرى على صدرك. “إن كنت تتنفس من بطنك، لن تتحرك سوى يدك الموضوعة على معدتك”، كما يقول. “وحين تتنفس من بطنك، ستصبح وتيرة التنفس أبطأ وأعمق بشكل طبيعي”. والتنفس البطني العميق يساعد أكثر على الاسترخاء من تنفس الصدر السطحي، وفقا لدكتور جاكوبس.
4. إجعل عضلاتك مسترخية وتنفس بعمق. “وجه انتباهك الآن”، كما يأمر د. جاكوبس، “عن الأفكار اليومية التي تشغل ذهنك باستعمال أداة التركيز الذهنية المعتمدة على الحياد والتكرار”. وهو يوصي بكلمة مثل واحد، استرخ، سلام، أو ثقيل. ويقول: “من المفيد بالنسبة إلى كثيرين تكرار الكلمة بصمت مع كل زفير”.
ويمكنك التركيز أيضا على صورة بصرية من مكان ممتع يبعث على الاسترخاء، وفقا لرأي د. جاكوبس. تخيل مكانا لقضاء العطلة: شاطئا أو مرجا أخضر أو جبلا، أو مكانا في كتاب أو مجلة، أو تخيل بأنك تحلق على إحدى الغيوم.
ضوء الشمس: أنر ظلمة حياتك
يعمل ضوء الشمس على تنظيم الميلاتونين، وهو مادة كيميائية دماغية تضبط حرارة الجسم. وتولد إيقاعات الحرارة الطبيعية نوما طبيعيا، مما يعني أن قلة التعرض لضوء الشمس قد تسبب الأرق، برأي د. جاكوبس.
فإن كنت تعاني من مشاكل في الاستغراق بالنوم، أنت بحاجة للتعرض أكثر لضوء شمس الصباح، كما ينصح د. جاكوبس. افتح الستائر فورا عند النهوض من الفراش ثم تناول فطورك قرب نافذة معرضة لأشعة الشمس، وتجنب النظارات الداكنة صباحا وقم بنزهة على الأقدام في الصباح الباكر.
وإن كنت تستيقظ مبكرا جدا في الصباح، فأنت بحاجة برأيه إلى مزيد من ضوء الشمس في آخر النهار. تجنب بالتالي النظارات الداكنة في الأوقات المتأخرة من النهار وقم بنزهة على الأقدام في آخر فترة ما بعد الظهيرة، اجلس قرب نافذة معرضة لنور الشمس في الساعة التي تسبق الغروب واترك الستائر مفتوحة حتى حلول المساء.
الكربوهيدرات: أفضل الوجبات الخفيفة قبل النوم
إن تناول وجبة خفيفة غنية بالكربوهيدرات قبل وقت النوم مباشرة، كالخبز أو الباغيل أو البسكويت الهش يرفع معدل السيروتونين، وهو مادة كيميائية في الدماغ تساعد على النوم، كما يشير د. جاكوبس.
التفكير الإيجابي: غير أفكارك يتغير نمط نومك
يعتقد د. جاكوبس أن الأفكار السلبية من شأنها أن تمنع المرء من النوم. “”فحين تطرأ هذه الأفكار عند الخلود إلى الفراش أو عند استيقاظك في منتصف الليل، فإنها تملك مفعولا قويا يولد القلق والإحباط، ويؤدي إلى ليلة أخرى من الأرق”. وتشتمل هذه الأفكار المثيرة للاضطراب على عبارات مثل:
• لا أعتقد بأنني قادر على الاستغراق في النوم ثانية.
• لا أستطيع النوم من دون حبة منومة.
• يبدو بأنني سأمضي ليلة أخرى من الأرق.
• الأرق يزداد سوءا.
• أحتاج إلى مزيد من النوم.
ولو تعرفت على الأفكار السلبية واستبدلتها بأفكار أخرى إيجابية، ستكون أقل قلقا وشعورا بالإحباط حيال الأرق، كما يشير د. جاكوبس. “وبنتيجة ذلك ستسترخي وتحصل على قسط أوفر من النوم”.
اعمد في الصباح، كما يوصي د. جاكوبس، إلى “تدوين كل الأفكار السلبية التي تراودك في وقت النوم أو عند الاستيقاظ ليلا أو عند النهوض من السرير صباحا”. اكتب بعد ذلك فكرة إيجابية تحت تلك اللائحة. ومن الأفكار الإيجابية لمواجهة الأفكار السلبية المذكورة سابقا:
• أنا أعود إلى النوم دوما عاجلا أم آجلا.
• أنا بحاجة إلى النوم أقل مما اعتقدت.
• نومي يتحسن باستمرار.
• سيتحسن نومي مع استعمالي أفكار النوم الإيجابية عوضا عن أفكار النوم السلبية.
اكتب يوميا فكرة أو أكثر من أفكار النوم الإيجابية. “فبممارسة هذه الطريقة يوميا، ستبدأ بالتفكير بإيجابية وثقة أكبر حيال النوم، وستكسب مزيدا من السيطرة على نومك وسرعان ما ستبدأ بالنوم بشكل أفضل “، كما يرى د. جاكوبس.
اغناتيا أمارا IGNATIA AMARA: إن كنت عاجزا عن الإغفاء
يؤدي هذا العلاج مفعوله الأفضل لدى الأشخاص الذين يعانون من متاعب في الإغفاء ولديهم تاريخ قديم مع الحزن، كما يقول د. نينينغر.
ارسينيكوم البوم ARSENICUM ALBUM: إن كنت تستيقظ في منتصف الليل
إنه العلاج المناسب إن كنت تستيقظ في منتصف الليل وتشعر بالقلق أو بعدم الراحة وتستغرق وقتا طويلا لتنام من جديد، كما يحدد د. نينينغر.
جوزة القيء NUX VOMICA: إن كنت تستيقظ باكرا في الصباح
إن كنت تستيقظ باكرا في الصباح وتقلقك هموم العمل أو حوادث أخرى مسببة للإجهاد، وتعجز عن معاودة النوم، استعمل جوزة القيء Nux Vomica، كما يوصي د. نينينغر.
تجنب مأزق الحبوب المنومة
الحبوب المنومة هي أشبه بالكابوس.
خذ مثالا البنزوديازيبين (benzodiazepines)، أو BZs، وهي مهدئات توصف عادة للأرق. فاستنادا إلى غريغ جاكوبس، دكتور في الفلسفة، متخصص في مشاكل الأرق في مركز اضطرابات النوم Beth Deaconess Medical Center في بوسطن، يظل الأشخاص الذين يستعملونه يحتاجون إلى ما معدله 46 دقيقة تقريبا للاستغراق في النوم. ولكن بما أن الأدوية تخلف ثقلا على التفكير والذاكرة، فهي تجعل مرضى الأرق ينسون بأنهم مستيقظون ليلا.
ومن شأن هذه الأدوية أن تعيق الوظيفة الطبيعية للدماغ مسببة نوما خفيفا غير تام. كما أنها تسبب إدمانا يجعلك أقل فاعلية في إنجاز مهامك اليومية مما لو كنت لا تنام جيدا. ولزيادة الأرق سوءا، يعتاد الدماغ بسرعة على هذه العقاقير. وبعد 4 إلى 6 أسابيع من الاستعمال الليلي، تفقد مفعولها. “ولكن، ومما يثير العجب، يصف الأطباء الـ BZs روتينيّا لشهور أو حتى سنوات”، وفقا لما يقوله د. جاكوبس.
ويضيف بأن مستعملي الدواء على المدى البعيد الذين ينقطعون عنه قد يعانون من الأرق الارتدادي، الذي يعتبر أسوأ من المشكلة الأساسية ويدفع المرضى على العودة إلى استعمال الدواء من جديد. بتعبير آخر، فإن الـ BZS تسبب الإدمان.
ويقول د. جاكوبس: “ينتج هذا المأزق أساسا عن الاستعمال المزمن للأقراص المنومة الذي يدوم لسنوات ويسبب اعتمادا نفسيا وإحساسا بفقدان السيطرة”. ولا تعتبر الأنواع الأخرى من الحبوب المنومة، كمضادات الاكتئاب والمستحضرات غير الموصوفة، أفضل من غيرها.
ويقول د. جاكوب أنه بإمكانك النجاة من مأزق الحبوب المنومة بخفض مأخوذك من الدواء تدريجيا. ولكنه لا ينصح بالبدء بذلك حين تكون حياتك مزدحمة بالعمل أو كثيرة الإجهاد. كما ينصح أيضا بإخبار شخص آخر قريب منك (فضلا عن طبيبك) بأنك ترغب بتطبيق هذه التقنيات لتحصل على دعم من محيطك. وإليك كيفية النوم من دون دواء.
ابدأ أولا باستعمال العلاجات البيتية البديلة التي يقترحها د. جاكوب في هذا الفصل. بعد ذلك، اعمد في إحدى الليالي التي تتناول فيها الدواء إلى خفض الجرعة إلى النصف. وأفضل الأوقات هو ليلة عطلة الأسبوع لأن الضغوط تقل في اليوم التالي.
وحين تبدأ بالنوم بشكل أفضل في هذه الليلة المخفضة الجرعة، وهذا ما قد يحدث على الفور أو يستغرق بضعة أسابيع، اخفض الجرعة إلى النصف في ليلة أخرى من الليالي التي تأخذ فيها الدواء. وباعد بين الليلتين اللتين تخفف فيهما الجرعة، كما ينصح د. جاكوبس، “بحيث إن لم تأخذ قسطا وافيا من النوم، لن تعاني من قلة النوم لليلتين متواليتين”.
تابع هذه العملية ليلة بليلة إلى أن تتمكن من خفض الجرعة إلى النصف في جميع الليالي التي تستعمل فيها الدواء. “وتجنب بأي ثمن العودة للجرعة الأساسية”، كما يحذر.
تخلص بعد ذلك من نصف الجرعة المتبقي بالطريقة التدريجية نفسها، أولا في ليلة في الأسبوع، ومن ثم ليلتين، وهكذا دواليك، إلى أن تتوقف تماما عن استعمال المنوم. “وفي حال كنت تتعاطى عدة منومات، استعمل هذه الطريقة للانقطاع عن الدواء الأول، ومن ثم الثاني”، كما يشير.
وفي حال كنت تستعمل الدواء منذ وقت طويل، قد تحتاج إلى مساعدة طبيب نفسي سلوكي أو مركز لاضطرابات النوم لتخفيف كمية الأدوية، كما يوصي د. جاكوبس. ولكن يمكنك استعمال هذه التقنية بغض النظر عن مدة استعمالك للمنومات. ويقول: “إن اتبعت هذه النصائح لتخفيف اعتمادك على الدواء، يمكنك التخلص من إدمانك على الحبوب المنومة كما فعل كثير من مرضاي”.