الهيكل العظمي هو نسيج حي، تماما كالعضلات أو الجلد، يبلى ويعيد بناء نفسه على الدوام. إذ تقوم خلايا تدعى الخلايا الماصة للعظم بإذابة العظم القديم، مخلفة فراغات دقيقة في العظام. فتنتقل الخلايا البانية للعظم إلى تلك المناطق الفارغة، وتبني عظما جديدا.
وفي حالة ترقق العظم، وهو مرض يتطور على عشرات السنوات، تكون نسبة العظم الذائب أعلى من نسبة العظم المبني. بتعبير آخر، يضعف العظم. وتكون النتيجة التراكمية تراجيدية، خاصة بالنسبة إلى النساء الأميركيات.
إذ يتم سنويا تسجيل 1.5 مليون كسر ناجم عن التآكل العظمي لترقق العظم. والواقع أن 50 بالمئة من النساء البيض في الولايات المتحدة سيتعرضن للكسور الناتجة عن ترقق العظام في فترة ما من حياتهن، كما يقدر جون لي، دكتور في الطب، طبيب متقاعد في سيباستوبول، كاليفورنيا.
والمؤسف في الأمر فعلا أن ترقق العظم هو “مرض تسهل الوقاية منه أو تحسينه”، كما يؤكد دكتور لي، “وأعتقد أن السن ليس السبب الفعلي وراء المرض. بل سوء التغذية وقلة الرياضة ونقص البروجسترون هي العوامل الرئيسة”.
وإليك وسائل يوصي بها مزاولو الطب البديل لمواجهة هذه العوامل والحفاظ على متانة الهيكل العظمي.
دليل العناية الطبية
على كل امرأة تجاوزت الخامسة والثلاثين وكل رجل تجاوز الستين من العمر أن يعرضوا أنفسهم على أخصائي طبي لقياس كثافة عظامهم، ومعرفة حالة عظامهم، كما يقول جون لي، دكتور في الطب، طبيب متقاعد في سيباستوبول، كاليفورنيا.
وفي حال أظهر الفحص ضعفا في العظام يستلزم علاجا ضد ترقق العظم، عليك أن تكرر الفحص في السنة التالية لتعرف ما إذا كان العلاج يؤدي مفعوله.
كما ينصح د. لي النساء بقياس طولهن سنويا، بدءا من سن الثلاثين. ذلك أن “نقص الطول نتيجة لتدهور عظم العمود الفقري قد يكون إشارة إلى ترقق العظام”، كما يقول.
وأكثر العلاجات الطبية استعمالا لمكافحة ترقق العظم هي تركيبات الإستروجين والكالسيوم. إلا أن ألان غابي، دكتورا في الطب، طبيبا ذا توجه للطب الغذائي في سياتل، لا يعتقد بأن هذه العلاجات تؤدي أفضل النتائج بمفردها وأن استخدام الوسائل الطبيعية، كتلك المذكورة في هذا الموضوع، هو أكثر قدرة على إيقاف ترقق العظم أو ربما تحسين الحالة.
ويقول: “خلال مزاولتي للطب، أبدأ على الدوام تقريبا بعلاج ترقق العظم بالتعديلات والمكملات الغذائية”.
ولكنه يضيف أنه في حال أظهر فحص كثافة العظام بأن المريض يعاني أصلا من ترقق حاد في العظم أو أنه شديد العرضة للمرض، ربما كان من الضروري عندها استعمال دواء يحمي العظام، مكون من الإستروجين والبيفوسفونات. وتشتمل عوامل الخطر على إصابة أحد أفراد العائلة المقربين بترقق العظام، أن تكون قوقازيا، أن تكون نحيفا وقصير القامة، هذا فضلا عن عدم ممارسة الرياضة والتدخين والاستعمال المنتظم لمضادات الحموضة أو مدرات البول أو المنومات أو عقاقير الكورتيزون.
مكافحة ترقق العظم بالغذاء
إن أفضل مكان تبدأ فيه بمحاربة ترقق العظم هو مائدة العشاء – هذا من دون ذكر مائدتي الإفطار والغداء. وإليك كيفية ذلك.
اللحوم: 170.5 غراما في اليوم
يحتاج الجسم إلى ما بين 42.5 و57 غراما من البروتين يوميا، وهي الكمية الموجودة في حصة مقدارها 170.5 غراما من اللحم الأحمر أو الدجاج أو السمك. ويعتقد د. لي بأن تناول اللحم بكمية تفوق ذلك، يؤدي بالجسد إلى إنتاج “نفايات البروتين الحمضي” التي تعجز الكلى عن التخلص منها ما لم “تتسلح” بمعدن الكالسيوم.
من أين تحصل الكلى على الكالسيوم إذا للقيام بهذا العمل؟ إنها تستمده من أكبر مصدر للكالسيوم في الجسم – ألا وهو العظام. وهذا ما يؤدي لما يسميه الأطباء توازن الكالسيوم السلبي.
“وفي حالة ترقق العظام، ينقص الكالسيوم من العظام أسرع مما يزيد”، كما يشير د. لي. وهو يعتقد بأنه يمكن تجنب حدوث ذلك بعدم تناول أكثر من 170.5 غراما من اللحم يوميا.
الأطعمة الغنية بالكالسيوم: ليس الألبان(الحليب) بالضرورة
عليك أن تحرص على الإكثار من الأطعمة الغنية بالكالسيوم لكي تحافظ على توازن الكالسيوم في جسدك. ويمكنك تحقيق ذلك بتناول ثلاث إلى أربع حصص في اليوم من مستخرجات الألبان القليلة الدهون، كالجبن أو اللبن أو الخضار المحتوية على الكالسيوم، كالملفوف الصيني (bok choy) أو الكرنب (الملفوف) أو السبانخ. ولكن هل الحليب ضروري لمن يأكلون اللحوم ويرغبون بمكافحة ترقق العظم؟ يجيب د. لي بالنفي.
ويقول: “من الأهمية بمكان أن نتذكر بأن معظم سكان الأرض يعيشون في مناطق لا يستعمل فيها حليب الأبقار. ويتمتع هؤلاء الأشخاص بعظام أقوى ممن يعيشون في البلدان الصناعية الشمالية”.
أما برندا بيلي، خبيرة مجازة في الوخز بالإبر ومديرة المركز الصحي Menopause and PMS Options for Women على جزيرة بينبريدج، واشنطن، فهي غالبا ما تأمر مرضاها بترقق العظم بعدم الاعتماد على مستخرجات الألبان لاستمداد الكالسيوم لأن كثيرا من النساء يعجزن عن هضم اللاكتوز.
وتنصح مرضى ترقق العظم عوضا عن ذلك بالتركيز على الأطعمة المحتوية على المغذيات التي يحتاج إليها العظم، وهي لا تشتمل على الكالسيوم فحسب، بل وأيضا على الماغنيزيوم والنحاس والزنك والمانغانيز والسيليكا والبورون. وتشتمل هذه المأكولات على مستخرجات الصويا كالتوفو والتمبي، الخضار الورقية الخضراء الداكنة اللون، البركولي، أعشاب البحر، السلمون، السردين، البقول، واللوز.
هيدروكلوريد البيتان: تناوله مع الوجبات
مع التقدم في السن، يخف إنتاج المعدة لحمض الهيدروكلوريد لدى البعض، وهو الحمض الذي يحلل الأطعمة ليتمكن الجسد من امتصاص ما فيها من مغذيات. ويعني ذلك بأن أجسادهم تمتص كمية أقل من الكالسيوم وغيره من المغذيات، كالفيتامين ب12.
وغالبا ما يعمد مزاولو الطب البديل إلى قياس معدل حمض المعدة لدى مرضى ترقق العظم. وينصحون من ينخفض لديهم معدل هذا الحمض بتناول كبسولة واحدة (تحتوي على عشر حبيبات) إلى ثلاث (ذلك أن الأقراص يصعب هضمها كثيرا) من هيدروكلوريد البيتان مع القضمات القليلة الأولى من كل وجبة، كما يقول ألان غابي، دكتور في الطب، طبيب ذو توجه للطب الغذائي في سياتل.
ولكن لا تستعمل هذه المكملات ما لم يؤكد الطبيب انخفاض معدل حمض المعدة لديك، ولا تتناولها إلا تحت إشراف طبيبك. وإن عانيت من الحرقة، اخفض الجرعة. أيضا، إن كنت تستعمل الأسبيرين أو الإبوبروفين أو غيره من مضادات الالتهاب غير الستيروييدية، لا تأخذ هيدروكلوريد البيتان لأن مزجهما قد يضاعف خطر الإصابة بالقرحة.
خل التفاح: لتتخطى اختبار الحمض
من الطرق الأخرى لإبقاء معدل حمض المعدة مرتفعا كفاية للمساعدة على امتصاص المغذيات هو بشرب خل التفاح، كما تقترح بيلي. أضف ملعقة واحدة إلى 227 سم3 من الماء وتناوله عند بداية كل وجبة.
الكالسيوم: ولكن ليس بكثرة
نظرا لأهمية الكالسيوم لبناء عظام قوية، يوصي د. غابي بتناول مكملات من 600 إلى 1500 ملغ في اليوم.
أما إن تخطيت هذه الجرعة، فإن معدل الكالسيوم سيرتفع في جسدك لدرجة تعيق امتصاص الماغنيزيوم وبعض الآثار المعدنية، مؤدية إلى إضعاف العظام عوضا عن تقويتها.
ويقول د. غابي محذرا: “إن استعمال مكملات الكالسيوم وحدها، وخاصة بكميات كبيرة، قد لا يكون مفيدا ما لم يترافق بعدة مغذيات أخرى أيضا”.
الماغنيزيوم: أفضل أصدقاء الكالسيوم
تحتوي العظام على حوالى نصف كمية الماغنيزيوم الموجودة في الجسم، حيث يعمل مع الكالسيوم لبناء عظام أقوى مما يساعد على تجنب الكسور.
ويذكر د. غابي دراسة استعملت فيها نساء بعد بلوغهن سن انقطاع الحيض 500 ملغ من الكالسيوم و600 ملغ من الماغنيزيوم (إلى جانب مغذيات أخرى وعلاج بديل للهرمونات)، فازدادت لديهن كثافة العظم المعدنية بنسبة 11 بالمئة خلال سنة واحدة، بينما سجلت الدراسة ارتفاعا بنسبة 0.7 بالمئة فقط لدى النساء اللواتي اكتفين بالعلاج البديل للهرمونات بعد انقطاع الحيض.
ويقول د. غابي: “إن اخترت استعمال مكمل الكالسيوم لعلاج ترقق العظم، أنصحك بقوة بزيادة مأخوذك من الماغنيزيوم أيضا”.
أما بالنسبة إلى جرعة الماغنيزيوم، فينصح عادة بتناول كمية من الكالسيوم تعادل ضعف كمية الماغنيزيوم. والواقع أن معظم مكملات الكالسيوم والماغنيزيوم تحتوي على هذه النسبة. ولكن يرى د. غابي أنه ما من بحث علمي يحدد النسبة الأفضل.
الفيتامين د: عرض نفسك للشمس
يعتبر الفيتامين د ضروري لامتصاص الكالسيوم، ولكن معظم الناس لا يحصلون على كمية كافية منه في غذائهم. لذا تنصح بيلي بتناول 400 وحدة دولية من الفيتامين د يوميا.
وربما سمعت بأنك تستطيع الحصول على كثير من الفيتامين د بتعريض وجهك للشمس لبضع دقائق يوميا، ذلك أن الشمس تحول أحد الكيميائيات في الجلد إلى فيتامين د. والحقيقة، كما يقول د. لي، أنك بحاجة إلى ساعة كاملة من التعرض للشمس بكامل جسدك تقريبا لتحصل على حاجتك من الفيتامين د. وبما أن حمامات الشمس الطويلة غير مشكورة، يبقى المكمل أحد أبسط الطرق للحصول على كمية وافرة من الفيتامين د الذي يساعد على امتصاص الكالسيوم.
الفيتامين ك: حجر بناء أساسي
استنادا إلى د. غابي فإن “نقص الفيتامين ك هو واحد من العوامل المساهمة ترقق العظم، وتكميل الغذاء بالفيتامين ك قد يكون له دور أساسي في الوقاية من ضعف العظام أو حتى تقويتها في حال ترققها”. والحقيقة أن الفيتامين ك ضروري لإنتاج الكلس العظمي (osteocalcin)، وهو بروتين يؤدي دور أساس للكالسيوم لكي يبني العظام.
وأغنى المصادر الغذائية بهذا المغذي هي الخضار الورقية الخضراء الداكنة. ولكي تضمن حصولك على ما يكفي منه، قد ترغب بتكميل غذائك بجرعة تتراوح بين 150 إلى 500 مكغ من الفيتامين ك يوميا. والواقع أن بعض المكملات الغذائية المخصصة للوقاية من هشاشة العظام أو علاجها تحتوي على هذه الكمية من الفيتامين ك.وإلا، فيمكنك أخذه عبر مكمل منفصل.
المانغانيز: لأساس متين
المانغانيز هو مغذ أساسي آخر يساعد على بناء العظام، ونقص هذا المعدن “قد يكون واحدا من العوامل الهامة المرتبطة بمشكلة ترقق العظم الواسعة الانتشار حاليا”، برأي د. غابي.
هذا القصور الغذائي شديد الانتشار بين الأميركيين لأن تقنيات الزراعة وتعليب الأطعمة التي نستعملها تسلب المأكولات معدن المانغانيز كما أن المواد المضافة إلى الأطعمة تمنع امتصاصه، كما يشير د. غابي.
وتشتمل الأطعمة الغنية بالمانغانيز على الحنطة الكاملة والمكسرات والبذور والخضار الورقية. كما يصف د. غابي لمرضاه مكملات تؤمن 5 إلى 20 ملغ من هذا المعدن.
مكملات أخرى: ما تحتاج إليه
إضافة إلى الكالسيوم والماغنيزيوم والفيتامين ك والمانغانيز، يستعمل د. غابي الجرعات التالية للأشخاص الذين يرغبون بتجنب ترقق العظام أو المساعدة على شفائه بالمكملات الغذائية.
– الزنك: 10 إلى 30 ملغ
– النحاس: 1 إلى 2 ملغ
– البورون: 1 إلى 3 ملغ
– السيليكون: 1 إلى 2 ملغ
– السترونتيوم: 0.5 إلى 3 ملغ
– الفيتامين ب6: 5 إلى 50 ملغ
– حمض الفوليك: 400 إلى 5.000 مكغ
– الفيتامين ج: 100 إلى 1.000 ملغ
الأعشاب: شراب يبني العظام
بالنسبة إلى الأشخاص المستعدين لتحضير وتناول ثلاثة فناجين من الشاي يوميا، يوصي د. بيلي بتحضير شاي مكون من جزء من ذنب الخيل، جزء من المريمية (القصعين)، جزء من الفصفصة، جزء من الشوفان، وجزء من النعنع (لتحسين الطعم) في 227 سم3 من الماء. وتعتبر هذه الأعشاب الأربعة غنية بالمعادن المقوية للعظام، كما تقول.
ربّت على عظامك لتقويتها
“القرع يبني كتلة العظام”. هذا ما يؤكده ريتش ريغر، خبير تدليك مجاز في مورغانتاون، وست فيرجينيا.
وهو لا يتحدث هنا عن العزف على الطبول بل عن تقنية تدليك تدعى الطبطبة، وهي عبارة عن نقر خفيف على الجسم يعتقد خبراء التدليك بأنه يحاكي تنشيط بناء العظام من الرياضة. (استعمل هذه التقنية إلى جانب الرياضة وليس كبديل عنها) وإليك كيفية ذلك.
قرب أصابع يدك اليمنى معا بحيث يختفي الفراغ بينها، وذلك كما تفعل وأنت تسبح. اثن أصابعك بعد ذلك وقوس راحة يدك حتى تبدو كالفنجان. واستعمل الشكل نفسه مع اليد اليسرى.
استعمل رؤوس أصابعك وقاعدة كف يدك وربت بخفة شديدة على وركيك وأضلاعك و(مع يد واحدة في وقت واحد) ساعديك. فهذه المناطق الثلاث هي التي تضعف عموما مع ترقق العظام. كما يمكنك أن تطلب من شريكك أن ينقر على جسدك بأكمله، بما في ذلك العمود الفقري. استعمل هذه التقنية مرة أو مرتين في اليوم، لمدة 5 دقائق في كل مرة، كما يوصي ريغر.
الرياضة تبني العظام
لفهم أهمية الرياضة لعظام قوية، ما عليك سوى النظر إلى السماء. فحين يعيش رواد الفضاء لبضعة أسابيع في بيئة تفتقر إلى الجاذبية، يقل فيها الشد والدفع على العظام أو ينعدم، يفقدون من كتلة عظامهم، كما يقول جون لي، دكتور في الطب، طبيب متقاعد في سيباستوبول، كاليفورنيا. ولكن لو نظرت إلى كتلة العظام في اليد اليسرى للرامي في البايسبول سترى عظاما كبيرة وسميكة.
ويذكر د. لي دراسة أجريت على نساء بعد سن اليأس مارسن الرياضة بانتظام لمدة 22 شهرا، واللواتي ازدادت كثافة عظامهن في أجزاء من عمودهن الفقري بنسبة 6.1 بالمئة، بينما ضعفت عظام النساء اللواتي لم يمارسن الرياضة.
والواقع أن أي نوع تقريبا من الرياضة النشيطة يحافظ على العظام أو يساهم في بنائها. وينصح د. لي بالمشي أو ركوب الرياضة أو التنس أو رفع الأثقال.
ولبناء العظام بشكل أقصى، توصي د. بيلي بالرياضة المشتملة على تحمل الثقل، كالمشي أو الهرولة ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع. وهي تعتقد أن على كل امرأة أن تمرن ذراعيها وأعلى جسدها بالأثقال الخفيفة مرة أو مرتين في الأسبوع على الأقل.
دواء آمن قد يساعد على تقوية العظام الهشة
إن كنت امرأة تخطت سن اليأس وقد أثبت التشخيص إصابتك بترقق العظم، فربما أخبرك الطبيب بأن هرمون الإستروجين الذي ينتجه المبيضان هو الذي كان يحمي عظامك في سن الإباضة وأن عليك التفكير باستعمال دواء موصوف من الإستروجين الصناعي لإبطاء تقدم المرض.
“فهل ما يقوله الطبيب حقيقة واقعة أم أن ما تسمعينه هو مجرد اعتقاد علمي مشكوك بأمره تروجه شركات الدواء التي تبيع الإستروجين؟” كما يسأل جون لي، دكتور في الطب، طبيب متقاعد في سيباستوبول، كاليفورنيا.
“يبدأ ترقق العظم عادة لدى النساء في أواسط الثلاثينات من العمر، وغالبا قبل 15 سنة من انقطاع الحيض، ويضعف العظم بوتيرة تتراوح بين 1 إلى 1.5 بالمئة في السنة”، كما يشير د. لي.
ويضيف أنه في سن اليأس ترتفع هذه النسبة إلى ما بين 3 و5 بالمئة في السنة لحوالى خمس سنين، ثم تستقر إلى حوالى 1.5 بالمئة في السنة. فإن كان الإستروجين يمنع ترقق العظم، يسأل د. لي: “لم يبدأ ضعف العظام قبل 10 أو 15 سنة من انقطاع الحيض، حين يكون معدل الإستروجين ما زال طبيعيا؟”.
والجواب برأيه هو أن معدل هرمون البروجسترون (وهو الهرمون الثاني الذي ينتجه المبيضان لدى النساء في سن الإباضة) يبدأ بالتراجع في أواسط الثلاثينات من العمر.
ويقول: “أعتقد بأن العامل الأهم في عملية ترقق العظام هو نقص البروجسترون الذي يسبب تراجعا في تكون عظام جديدة. بالتالي فإن زيادة البروجسترون من شأنها أن تضاعف من كتلة العظام ومن كثافتها بشكل فعال ويحتمل أن تساعد على تحسين الحالة”.
والواقع أن د. لي استعمل على فترة 10 سنوات كريم بروجسترون طبيعي، إلى جانب غذاء طبيعي ومكملات من الفيتامينات والمعادن وبرنامج رياضي لعلاج مئات من مرضى ترقق العظم بعد بلوغهن سن اليأس.
وفي دراسة إحصائية أجريت على 100 مريضة، وجد د. لي أن النساء اللواتي يعانين من أسوأ حالات ترقق العظم سجلن زيادة في كثافة العظم المعدنية بنسبة 23.4 بالمئة بعد ثلاث سنوات من العلاج – وهي زيادة ملحوظة. وبشكل عام، زادت كثافة العظم بنسبة 13 بالمئة تقريبا لدى المرضى المئة، استنادا إلى د. لي.
ويقول: “بعد تجاربي مع مريضة تلو الأخرى على مر 10 سنوات، لا أشك بأن البروجسترون الطبيعي المقترن مع برنامج غذائي، بعض المكملات من الفيتامينات والمعادن، وقليل من الرياضة البدنية، من شأنه أن يقوي العظم الهش لدى النساء بشكل فعال وآمن وغير مكلف”.
والسر برأيه يكمن في البروجسترون الطبيعي. فلو سألت معظم الأطباء عن البروجسترون سيخبرونك على الأرجح عن البروجسترون الاصطناعي الذي يحمل اسم بروجستين، بروجستوجين، وجيستاجين.
بيد أن “هذه العوامل لا توفر الطيف الكامل للنشاط البيولوجي للبروجسترون الطبيعي، وقد لا تكون آمنة مثله”، كما يرى د. لي. أما استعمال البروجسترون الطبيعي فهو بغاية السهولة.
للحؤول دون ترقق العظام أو حتى تحسينه، ينصح د. لي المرأة باستعمال كريم عيار 3 بالمئة من البروجسترون الطبيعي، ودهنه يوميا قبل النوم، 24 يوما في الشهر إن كان قد انقطع الطمث لديها، أو قبل أسبوعين من بدء الدورة الشهرية إن كانت ما تزال في سن الإباضة. ومن المستحسن دهنه في المناطق التي يتوهج فيها الجلد، كالوجه والعنق والصدر والثديين وتحت الإبطين وراحة اليدين، نظرا لوجود عدد أكبر من الأوعية الشعرية أقرب إلى سطح الجلد في هذه الأماكن، مما يزيد من الامتصاص.
بذلك تستعملين حوالى 10 إلى 15 غراما في الشهر. ولا تخشي التأثيرات الجانبية. إذ يؤكد د. لي عدم تسجيل أية آثار سامة للبروجسترون الطبيعي عند استعماله وفقا للجرعات الموصى بها.
وثمة نصيحتان أخيرتان. إذ يوصي د. لي بإجراء فحص لكثافة العظام المعدنية قبل البدء باستعمال البروجسترون وفحص آخر بعد مرور عام.
“وإن لم تستقر كتلة عظامك أو تزداد بعد سنة من استعمال البروجسترون واتباع غذاء صحي وممارسة الرياضة، عليك أن تبحثي مع طبيبك عن عوامل أخرى في حياتك من شأنها أن تسبب ضعفا في العظم، كالتدخين أو استعمال أدوية كالكورتيزون”، كما يقول.
أضف إلى أن النساء اللواتي تجاوزن سن اليأس ولديهن انخفاض بمعدل دهن الجسم قد يلزمهن البروجسترون الطبيعي ومكملات الإستروجين لحماية عظامهن. ويعتقد د. لي أن هؤلاء النساء قد لا ينتجن كمية كافية من الإسترون، وهو هرمون يحمي العظام تولده الدهون الموجودة في الجسم قبل سن اليأس وبعده.